المقدِّمة
بسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيمِ، اللهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد..
لقد منَّ اللهُ تعالى على البشرية جمعاء وعلى المسلمين بالخصوص برجالٍ أرسلهم وبعثهم لهداية الناس وتعليمهم، وإرشادهم لما فيه صلاحهم وعاقبتهم الحسنة، وجعلهم سبحانه ميزان طاعته ومعصيته، >فمن أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله<، وهم أئمَّة أهل البيتi.
وهذا ما يوجبُ على المؤمن الباحث عن سعادته الدُّنيويَّة والأخرويَّة أن يدرس ويطالع ويتأمَّل بعمقٍ في حياة هؤلاء الطَّاهرين؛ فلا تكفي المعرفة الإجماليَّة السَّطحيَّة، ولا تؤدِّي إلى الغاية المرجوَّة والهدف المنشود بالصُّورة المطلوبة.
نعم، يحتاج المؤمنُ أوَّلاً إلى قراءة سيرة هؤلاء ولو بالشكل التَّقليديّ البسيط، وهو موجود في كتب السِّيرة، ثمَّ يتعمَّق أكثر في معرفة الأهداف والغايات الَّتي جاء بها المعصومونi، وذلك بالرُّجوع إلى الكتب التَّحليليَّة المعمَّقة، أو حضور الدُّروس والمحاضرات للمتخصِّصين في هذا الجانب، حتى يصل إلى معرفة واضحة بيِّنة بمنزلة الإمامة، وشؤونها، وأهدافها الإلهيَّة، ويكون محصَّنا من الشُّبهات الَّتي كانت ولا زالت تُطرح لتشكيك المؤمنين في الإمامة وفي أئمَّتهم، أو عصمتهم، بل وتشويه صورة الأئمَّة‌i من خلال تسطيح التَّعامل معهم كرجال إلهيِّين مميَّزين.
وفي هذه المقالة نتعرَّض -إن شاء الله- بشكلٍ مختصر إلى الجانب العلميّ في حياة الإمام أبو جعفر محمَّد الباقرg، مع بعض التَّحليل، لفتح الآفاق للولوج أكثر في معرفة هذا الإمام العظيمÊ.
والكلام يتضمَّن مباحث أربعة:
المبحث الأوَّل: الولادة الطَّاهرة والمهمَّة الإلهيَّة
نعتقد بأنَّ الله سبحانه لا يخلق أحداً في زمان ما إلَّا وفق الخطَّة الإلهيّة للبشريَّة ولما فيه المصلحة، خصوصاً بالنِّسبة للأنبياء والأئمَّةi، وهذا ما نلحظه بوضوح في البشارات الإلهيَّة للأنبياء قبل بعثتهم، كما في إبراهيم وموسىh وغيرهما من الأنبياء، وجاء على لسان عيسىg: {.. وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ..}(الصَّف:6).
فكلُّ نبيٍّ كانت له وظيفة معيَّنة ولأمَّة معيَّنة محدَّدة سلفاً، فيدَّخره اللهُ تعالى لتلك الأمَّة، وهذا ما ينطبق تماماً على الأئمَّة الاثني عشرi المبشَّرين من قبل النَّبيّe، ويُجمعُ المسلمون بالبشارة بالإمام الثَّاني عشر وهو الإمام المهديّg.
وهنا عدَّة أمور:
الأمر الأوَّل: البشارة النَّبويَّة بالإمام الباقرg
وقد وردت روايات مهمَّة في التَّبشير بمجيئ الإمام الباقرg، وكان جابر بن عبد الله الأنصاريّ صاحب رسول اللهe قد حمل هذه المهمَّة في انتظار هذا الإمام، نذكر بعض الرِّوايات حول ذلك:
١. الكلينيّ في الكافي: عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهg قال: >إنَّ جابر بن عبد الله الأنصاريّ كان آخرُ من بقي من أصحاب رسول اللهe، وكان رجلاً منقطعاً إلينا أهل البيت، وكان يقعد في مسجد رسول اللهe وهو معتجر بعمامة سوداء، وكان: ينادي: "يا باقر العلم، يا باقر العلم"، فكان أهلُ المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر، ولكنِّي سمعت رسول اللهe يقول: إنَّك ستدرك رجلاً منِّي اسمه اسمي، وشمائله شمائلي، يبقرُ العلم بقراً، فذاك الَّذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردَّد ذاتَ يومٍ في بعض طرق المدينة إذ مرَّ بطريق في ذاك الطَّريق كتاب فيه محمَّد بن عليٍّg، فلمَّا نظر إليه قال: يا غلام أقبل، فأقبل، ثمَّ قال له: أدبر فأدبر، ثمَّ قال: شمائل رسول اللهe والَّذي نفسي بيده، يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمَّد بن عليّ بن الحسين، فأقبل عليه يقبِّل رأسَه ويقول: بأبي أنت وأمِّي، أبوك رسول اللهe يقرئك السلام ويقول ذلك<.
قال: >فرجع محمَّد بن علي بن الحسين إلى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر، فقال له: يا بُنيّ، وقد فعلها جابر، قال: نعم، قال: الزم بيتك يا بُنيّ، فكان جابر يأتيه طرفيّ النَّهار، وكان أهلُ المدينة يقولون: واعجباه لجابر، يأتي هذا الغلام طرفيّ النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول اللهe، فلم يلبث أن مضى عليّ بن الحسينh، فكان محمَّد بن عليّg يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول اللهe قال: فجلسg يحدِّثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحداً أجرأُ من هذا، فلمَّا رأى ما يقولون حدثهم عن رسول اللهe فقال أهل المدينة: ما رأينا أحداً قطُّ أكذب من هذا يحدِّثنا عمَّن لم يره، فلمَّا رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله<، قال: >فصدَّقوه، وكان جابر بن عبد الله يأتيه فيتعلَّم منه<.
قد يفهم من بشارة النَّبيّe لجابر بالخصوص هو لكي يكون وسيلة لتعريف النَّاس بمنزلة هذا الإمام المعصومg، ويكون حجَّة على ذلك، ولكن نرى أنَّ النَّاس كانوا يتَّهمون الإمامَ بالكذب على الله وعلى رسولهe، ممَّا اضطره للحديث عن جابر، مع أنَّ جابر ممَّا نقله عن النَّبيّe أنَّ هذه الإمام يسمَّى بباقر العلم، فكان من المفترض للمؤمن قبول شهادة رسول اللهe في حقِّ هذا الإمام، فتكذيب الإمامg هو تكذيب لرسولe.
٢. في إرشاد الشَّيخ المفيد: عن الإمام الباقرg أنَّه قال: >دخلتُ على جابر بن عبد اللهN فسلَمت عليه، فردَّ عليَّ السلام، ثمَّ قال لي: من أنت؟ -وذلك بعد ما كُفَّ بصرُه- فقلت: محمَّد بن عليِّ بن الحسين، فقال: يا بني ادنُ مني، فدنوتُ منه، فقبَّل يديَّ ثمَّ أهوى إلى رجليَّ يقبِّلُها، فتنحَّيت عنه، ثمَّ قال لي: إنَّ رسول اللهe يقرئك السَّلام، فقلت: وعلى رسول الله السَّلام ورحمة الله وبركاته، وكيف ذلك يا جابر؟ فقال: كنتُ معَه ذاتَ يومٍ فقال لي: يا جابر، لعلَّك أن تبقى حتى تلقى رجلاً من ولدي يقال له محمَّد بن عليِّ بن الحسين، يهبُ اللهُ له النُّور والحكمة، فأقرئه مني السَّلام<. وعن جابر بن عبد الله في حديث مجرَّد أنَّه قال: قال لي رسول اللهe: >يوشك أن تبقى حتَّى تلقى وَلَداً لي من الحسين يقال له: محمَّد يبقرُ علمَ الدِّين بقراً، فإذا لقيته فاقرئه مني السَّلام<.
٣. في كفاية الأثر: عن أبي هريرة قال: كنت عند النَّبيّe وأبو بكر وعمر والفضل بن العبَّاس وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود -إلى أن يقول في تعداد الأئمَّة-: «ويخرج من صلب عليّ[أي زينِ العابدين] ولدٌ اسمُه اسمي وأشبه النَّاس بي، يبقرُ العلم بقراً، وينطق بالحقِّ، ويأمر بالصَّواب».
٤. في علل الشَّرائع عن جابر الجعفيّ: ولقد حدَّثني جابر بن عبد الله الأنصاريّ أنَّه سمع رسول اللهe يقول: «يا جابر، إنَّك ستبقى حتَى تلقى ولدي محمَّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، المعروف في التَّوراة بباقر، فإذا لقيته فاقرأه مني السَّلام<. وغيرها من الرِّوايات المبشِّرة..
ونلاحظ في هذه الرِّوايات التَّركيز على وصف الإمام بالعلم والحكمة، وتلقيبه بالباقر من قبل النَّبيّe، بل هو المعروف في التَّوراة بهذا اللَّقب، وهذا ما يدلُّ على أمرٍ مهم، ووظيفة خطيرة سيقوم بها هذا الإمامg.
الأمر الثَّاني: وصفهg بالعلم قبل ولادته
فقد وُصِفَ الإمام الباقرg بالباقر والعلم: >يبقرُ العلم بقْراً<، و>يهبُ اللهُ له النُّور والحكمة<، >يبقرُ علمَ الدِّين بقراً<، قبل ولادته -كما تقدَّم- وهذا التركيز يدلُّ على أنَّ هذا الإمام ستكون له مهمَّة عظيمة ترتبط بالعلم، ونشره، وإعادة الحقيقة الضائعة عن الدِّين بعد تضييعها من قبل الأمَّة، وهذا العلم هو (نور إلهيّ) و(حكمة) من الله تعالى.
وفي كلام جابر الجعفيّ في سبب تسميته بالباقر يقول: "لأنَّه بقر العلم بقراً؛ أي شقَّه شقَّاً، وأظهرَه إظهارا".
ويقول المولى المازندرانيّ في شرحه على الكافي: "قوله (يا باقر العلم)؛ أي يا واسع العلم، وفاتحه ومُظهره، من بقره إذا شقَّه، ووسَّعه، وكشفه، وقد كانت مدارس العلوم النَّبويَّة والأحكام الشَّرعيَّة مندرسة بعد عليٍّg إلى زمان محمَّد بن عليٍّh، وقد عمَّرها بإذن الله تعالى".
وهذا ما قام به الإمامg أحسن قيام، وقد اعترف ابن حجر بذلك في صواعقه، حيث يقول: "أبو جعفر محمَّد الباقر، سُمِّيَ بذلك من بقر الأرض أي شقِّها، وأثار مخبَّئاتها ومكامنها، فكذلك هو أظهر من مخبَّئات كنوز المعارف، وحقائق الأحكام والحكم واللَّطائف، ما لا يخفى إلَّا على منطمس البصيرة أو فاسد الطَّويَّة السَّريرة، ومن ثمَّ قيل فيه: هو باقر العلم، وجامعه، وشاهر علمه، وعمرت أوقاته بطاعة الله، وله من الرُّسوخ في مقامات العارفين ما تكلُّ عنه ألسنةُ الواصفين، وله كلماتٌ كثيرةٌ في السُّلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة".
فنستنتج أنَّ ما قام به الإمامg من نشر العلم، كان بتسديد من الله تعالى، وتكليف منه سبحانه، وأنَّ هذه الوظيفة الإلهية تابعة لمشروع النُّبوَّة، وفي سياقها، لا تخالفها أبداً، بل إنَّ ما سيقوم به الإمام وما سيقوله وينقله إنَّما هو من المنبع الصَّافي الزُّلال الَّذي لا شكَّ ولا ريب فيه.
الأمر الثَّالث: حديثه متَّصل برسول اللهe
وقد طلب جابر من الإمام الباقرg أن يذكر له سند الحديث إذا حدَّثه بشيءٍ، يقول جابر: قلت لأبي جعفر محمَّد بن علي الباقرh: إذا حدَّثتني بحديثٍ فأسنده لي، فقال‌g: >حدَّثني أبي، عن جدِّي، عن رسول اللهe، عن جبرئيلg، عن اللهa، وكلُّ ما أحدِّثك بهذا الإسناد<. وقال: >يا جابر لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدُّنيا وما فيها< .
وورد عن الصَّادقg أنَّه قال: >حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدِّي، وحديث جدِّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنينg، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللهe، وحديث رسول الله قول اللهa<. فكلُّ ما عندهمi هو من عند رسول اللهe ومن عند الله تعالى.
الأمر الرَّابع: مصدر علمهمi
ويحتمل جداً أنَّ المقصود من كون حديثهg هو حديث جدِّهe وحديث الله تعالى ليس بمعنى أنَّ نفسَ الألفاظ بعينها قد وردت عن اللهِ تعالى، بل أصلُ العلْمِ والمعنى والمطلَب هو منه سبحانه، كمن يقول بأنَّ علمي كلَّه من أُستاذي، وكلَّما أقوله فهو علمه وحديثه. وإن كان كثيرٌ منها وربما الأكثر وارد لفظاً أيضاً: كما فيما روي من نقل وصيَّة عن النَّبيّe نصّاً ثمَّ يقول عليّg: >علَّمني رسول اللهe هذه الوصيَّة، وقال لي: علَّمَنِيها جبرئيلg<.
ونحن نعلم أنَّهمi لديهم الجفر ومصحف فاطمة، وصحف من أمير المؤمنين‌g، إضافة إلى أنَّ كلَّ واحدٍ منهمi ينقل علمه إلى من بعده، وقد روى الكُلينيّ هذه الرِّواية المهمَّة الَّتي تبيِّن مصادر علم الأئمَّةi بإسناده إلى أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله‌g فقلت له: جعلت فداك إنِّي أسألك عن مسألة، ههنا أحد يسمع كلامي؟ قال: فرفع أبو عبد اللهg ستراً بينه وبين بيت آخر فأطَّلع فيه ثمَ قال: >يا أبا محمَّد سل عمَّا بدا لك<، قال: قلت: جعلت فداك، إنَّ شيعتك يتحدَّثون أنَّ رسول اللهe علَّم عليّاًg باباً يفتح له منه ألف باب؟ قال: فقال: >يا أبا محمَّد، علَّم رسول اللهe عليّاًg ألف باب، يفتح من كلِّ باب ألف باب<، قال: قلت: هذا والله العلم قال: فنكت ساعة في الأرض ثمَّ قال: >إنَّه لعلمٌ وما هو بذاك<. قال: ثمَّ قال: >يا أبا محمَّد، وإنَّ عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟< قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟ قال: >صحيفةٌ طولُها سبعون ذراعاً بذراعِ رسول اللهe وإملائه من فلق فِيهِ وخطِّ عليٍّ بيمينه، فيها كلُّ حلال وحرام، وكلّ شيء يحتاج الناس إليه، حتى الأرش في الخدش<، وضرب بيده إليَّ فقال: >تأذن لي يا أبا محمَّد؟<، قال: قلت: جعلت فداك إنَّما أنا لك فاصنع ما شئت، قال: فغمزني بيده وقال: >حتى أرش هذا< -كأنَّه مغضب- قال: قلت: هذا والله العلم، قال إنَّه لعلمٌ وليس بذاك. ثمَّ سكت ساعة، ثمَّ قال: >وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟< قال قلت: وما الجفر؟ قال: >وعاء من أدم فيه علم النَّبيين والوصيِّين، وعلم العلماء الَّذين مضوا من بني إسرائيل<، قال قلت: إنَّ هذا هو العلم، قال: >إنَّه لعلم، وليس بذاك<. ثمَّ سكت ساعة، ثمَّ قال: >وإن عندنا لمصحف فاطمةj وما يدريهم ما مصحف فاطمةj؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمةj؟ قال: >مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرَّات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد<، قال: قلت: هذا والله العلم قال: >إنَّه لعلم وما هو بذاك<. ثمَّ سكت ساعة، ثمَّ قال: >إنَّ عندنا علم ما كان، وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم السَّاعة< قال: قلت: جعلت فداك هذا والله هو العلم، قال: >إنَّه لعلم، وليس بذاك<. قلت: جعلت فداك فأيَّ شيء العلم؟ قال: >ما يحدث باللَّيل والنَّهار، الأمر من بعد الأمر، والشَّيء بعد الشَّيء، إلى يوم القيامة<.
الأمر الخامس: الإمامg هو الامتداد الطَّبيعيّ للنُّبوَّة
فما عند الإمامg إنمَّا هو من عند الله تعالى، وعن طريق النَّبيّe، فكانg بعلمه يمثِّل رسول الله تعالى حقَّ التَّمثيل، وهوg الامتداد الطبيعيّ لمشروع النُّبوَّة، وهذا واضح ممَّا مرَّ، وهذا هو الأساس الَّذي كان ينبغي أن يتعامل به الناس مع الإمام‌g، وقد ورد أنَّ الباقرg كان "يُدعَى: الشَّبيه؛ لأنَّه كان يشبهُ رسولَ اللهe".
وهذا المعنى حاول الإمامg ترسيخه في أذهان الناس بمواقفه وسيرته وإرشاداته، فقد روي عن حكيم بن أسد، قال: لقيتُ أبا جعفر محمَّد بن عليِّ الباقرg وبيده عصاً يضرب بها الصَّخر، فينبع منه الماء، فقلت: يا بن رسول الله ما هذا؟ قال: «نبعةٌ من عصا موسىg الَّتي يتعجَّبون منها». يعني نحن مثل الأنبياءi بل أفضل.
وفي الرِّواية عن الإمام الصَّادقg أنَّه قال: >نزل أبو جعفرg بوادٍ، فضرب خباءه، ثمَّ خرج يمشي حتى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد اللهa عندها، ثمَّ تكلَّم بكلامٍ لم أسمع بمثله، ثمَّ قال: أيَّتها النَّخلة، أطعمينا ممَّا جعل الله (جل ذكره) فيك، فتساقط منها رطب أحمر وأصفر، فأكل، وأكل معه أبو أُميَّة الأنصاريّ، فقال: يا أبا أُميَّة، هذه الآية فينا، كالآية في مريم: إذ هزَّت إليها بالنَّخلة فتساقط عليها رطباً جنيّاً<.
وفي رواية أخرى عن أبي بصير (وكان ضريراً) قال: دخلت على أبي جعفرg فقلت له: أنتم ورثة رسول اللهe؟ قال: «نعم»، قلت: رسول اللهe وارث الأنبياء، علم كما علموا؟ قال لي: >نعم<، قلت: فأنتم تقدرون على أن تُحيوا الموتى وتُبرؤا الأكمه والأبرص؟ قال: >نعم، بإذن الله<، ثمَّ قال لي: >ادنُ منِّي يا أبا محمَّد<، فدنوتُ منه، فمسح على وجهي، وعلى عيني، فأبصرتُ الشَّمسَ، والسَّماء، والأرض، والبيوت، وكلَّ شيء في البلد، ثمَّ قال لي: >أتحبُّ أن تكون هكذا ولك ما للنَّاس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنتَ ولك الجنَّة خالصاً؟» قلتُ: أعود كما كنتُ، فمسح على عيني فعدت كما كنتُ، قال: فحدَّثت ابن أبي عمير بهذا، فقال: "أشهدُ أنَّ هذا حقٌّ كما أنَّ النَّهار حق".
ويعلم من هذه المواقف أنَّ الأئمَّةi حينما يفعِّلون ولايتهم التَّكوينيَّة ويجرون المعجزات على أيديهم فإنَّما ذلك لأجل إثبات اتِّصالهم بالسَّماء، وامتدادهم لمنهج الأنبياء والرُّسل، ولهذا لا تجري هذه المعجزات إلَّا في موارد الحاجة.
المبحث الثَّاني: تصدِّي الإمام الباقرg لنشر العلم
إنَّ تصدي الإمام الباقرg لنشر علم النُّبوَّة والإمامة كان من باب الوظيفة الإلهيَّة الخاصَّة الَّتي أُعطيت للإمامg، فهو يختلف عن غيره من العلماء، فإذا كان طلبُ العلمِ ونشره مستحَبّاً أو واجباً كفائيّاً على عامّة النَّاس فإنَّ هذه الوظيفة كانت واجباً عينيّا ومهمَّة خاصَّة منوطة بالإمامg، ولهذا فإنَّ التَّعامل مع الإمامg في هذه الجهة تختلف تماماً عن تعاملنا مع بقيَّة العلماء، فهو الإمام العالم المعصوم الواجب الطَّاعة بشكل مطلق.
ونُجمل الحديث عن هذا الجانب في أمرين:
الأمر الأوَّل: التصدِّي المبكِّر للإمامg
يُفهم من مجموعةٍ من الرِّوايات أنَّ الإمام تصدَّى للجانب العلميّ ونشره وهو صبيٌّ صغير، يعني كان ذلك في حياة أبيه زين العابدينg، فقد تقدَّم عن جابر أنَّه كان يأتيه، ففي رواية الكلينيّ عن الصَّادقg: >وكان أهلُ المدينة يقولون: واعجباه لجابر، يأتي هذا الغلام طرفيّ النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول اللهe<. وفي رواية الصَّدوق أنَّ جابر كان يقول: "أشهدُ بالله إنَّك قد أوتيت الحكم صبيّا". فيفهم أنَّ اشتهار الإمامg بالعلم -ولو لفئة خاصَّة، وبشكلٍ محدود للظُّروف الخاصَّة آنذاك- كان منذ الصِّبا.
وممَّا يؤيِّد ذلك ما رواه ابن شهر آشوب في مناقبه أنَّه "سأل رجلٌ ابنَ عمر عن مسألة فلم يدر بما يجيبه، فقال: اذهب إلى ذلك الغلام فسله وأعلمني بما يجيبك، وأشار به إلى محمَّد بن عليّ الباقرg، فأتاه فسأله فأجابه، فرجع إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر: إنَّهم أهلُ بيتٍ مفهَّمون".
وقد "مات عبد الله بن عمر سنة أربع وسبعين ابن أربع وثمانون سنة"، بينما وُلد الإمام الباقرg سنة سبعة وخمسين، فيكون سِنُّه حين وفاة ابن عمر لا يزيد عن سبعة عشر عاماً.
واستمرَّ به الحال إلى نهاية عمرِه المباركg، حتَّى ملأ الدُّنيا علماً في مجالات شتَّى، يختصرها الشَّيخ المفيد بقوله: "ولم يظهر عن أحدٍ من وِلد الحسن والحسينh من علم الدِّين، والآثار، والسُّنة، وعلم القرآن، والسِّيرة، وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفرg، وروى عنه معالم الدِّين بقايا الصَّحابة، ووجوه التَّابعين، ورؤساء فقهاء المسلمين، وصار بالفضل به علماً لأهله تضرب به الأمثال، وتسير بوصفه الآثار والأشعار.. قد روى أبو جعفر‌g أخبار المبتدأ وأخبار الأنبياء، وكتب عنه النّاس المغازي، وأثروا عنه السُّنن، واعتمدوا عليه في مناسك الحجِّ الَّتي رواها عن رسول اللهe، وكتبوا عنه تفسير القرآن، وروت عنه الخاصَّة والعامَّة الأخبار، وناظر من كان يردُ عليه من أهل الآراء، وحفظ عنه النَّاس كثيراً من علم الكلام".
وفي مواسم الحجِّ كان الإمامg يستثمر حضور المسلمين لنشر علم أهل البيت‌i كما يفهم من مجموعة من الرُّوايات، فكان الناس يتهافتون على الإمامg ليسألوه عن مشكلاتهم، فقد ورد عن حبابة الوالبيّة (وهي ممَّن روى عن الإمامg كما ذكره الطَّوسيّ) قالت: 
"رأيتُ رجلاً بمكة، أصيلا بالملتزم، أو بين الباب والحجر، على صعدة من الأرض، وقد حزم وسطه على المئزر بعمامة خزًّ، والغزالة تخال على ذلك الجبال كالعمايم على قمم الرِّجال، وقد صاعد كفَّه، وطرفه نحو السماء ويدعو، فلمَّا انثال النَّاس عليه يستفتونه عن المعضلات، ويستفتحون أبواب المشكلات، فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة، ثمَّ نهض يريد رحلَه، ومناد ينادي بصوت صهل: ألَّا إنَّ هذا النُّور الأبلج المسرج، والنسيم الأَرِج، والحقّ المرج، وآخرون يقولون: من هذا؟ فقيل: الباقر، علَم العِلم، الناطق عن الفهم، محمَّد بن عليًّ بن الحسين بن علي بن أبي طالبi". وفي رواية أبي بصير: "ألّا إنَّ هذا باقر علم الرُّسل، وهذا مبين السُّبل، وهذا خير من وشج في أصلاب أصحاب السَّفينة، هذا ابن فاطمة الغرَّاء، العذراء الزَّهراء، هذا بقية الله في أرضه، هذا ناموس الدَّهر، هذا ابن محمَّد وخديجة وعليًّ وفاطمة، هذا منار الدِّين القائمة".
الأمر الثَّاني: تربيتُه للعلماء
من الأمور الَّتي خطَّط لها الإمام الباقرg ضمن المشروع الإلهي لنشر العلم المحمَّدي، وتبيان أحكام الله تعالى الَّتي ضُيِّعت أنَّه عمل على تربية مجموعة من العلماء والفقهاء في تخصُّصات مختلفة، كان لها الدَّور البارز في حفظ آثار النُّبوَّة والإمامة، ولا زال الشِّيعة يغترفون من نمير ذلك العلم، وكتبُ الحديث تشهد على ذلك، نذكر نماذج من هؤلاء الفقهاء العلماء:
1. محمَّد بن مسلم: 
وهو من أبرز تلامذة الإمام الباقر والصادقh، قال عنه النجاشيّ: "وجه أصحابنا بالكوفة، فقيه، ورع، صحب أبا جعفر وأبا عبد اللهh، وروى عنهما، وكان من أوثق النَّاس، له كتاب يسمَّى الأربع مِائة مسألة في أبواب الحلال والحرام".
وعن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: "أقام محمَّد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفرg يسأله، ثمَّ كان يدخل على جعفر بن محمَّد يسأله، قال ابن أحمد: فسمعتُ عبد الرَّحمن بن الحجاج، وحماد بن عثمان يقولان: ما كان أحدٌ من الشِّيعة أفقهُ من محمَّد بن مسلم".
وعن محمَّد بن مسلم، قال: "ما شجر في رأيي شيء قطّ إلَّا سألتُ عنه أبا جعفرg، حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث، وسألت أبا عبد اللهg عن ستَّة عشر ألف حديث".
٢. زرارة بن أعين:
ولعلَّه أفقه أصحاب الإمامين الباقر والصادقh، وردت فيه حقِّه روايات كثيرة جداً، وروى روايات كثيرة يعرفها أهل الفقه، وعن الصادقg أنَّه قال: >رحِمَ اللهُ زرارة بن أعين، لولا زرارة لاندرست آثار النُّبوَّة أحاديث أبيg<.
في حديث الصادقg لأحدهم حيث سأله عن اختلاف الحديث وأجاب الإمام‌g بوجود من يكذب عليهم، ثمَّ قال له: >فإذا أردت بحديثنا فعليكَ بهذا الجالس<، وأومى بيده إلى رجل من أصحابه، فسألتُ أصحابَنا عنه فقالوا: زرارة بن أعين.
٣. بريد العجليّ:
قال العلَّامة الحلِّيّ في الخلاصة: "روي أنَّه من حواريّ الباقر والصَّادقh وروى عنهما، ومات في حياة أبي عبد اللهg، وهو وجه من وجوه أصحابنا، ثقة فقيه، له محلٌّ عند الأئمَّةi، قال أبو عمرو الكشيّ: إنَّه ممَّن اتَّفقت العصابةُ على تصديقِه، وممَّن انقادوا له بالفقه".
ومن الرِّوايات العظيمة الواردة في حقِّهم ما ورد عن إمامنا الصَّادقg أنَّه قال: >بشِّر المخبتين بالجنَّة؛ بريد بن معاوية العجليّ، وأبو بصير بن ليث البختريّ المراديّ، ومحمَّد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء، أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النُّبوَّة واندرست<. وعنهg: >إنَّ أصحاب أبي كانوا زيناً أحياءاً وأمواتاً، أعني زرارة ومحمَّد بن مسلم، ومنهم ليث المراديّ وبريد العجليّ، وهؤلاء القوَّامون بالقسط، وهؤلاء السَّابقون السَّابقون، أولئك المقربون<. وبمضمونهما روايات أخرى.
وهؤلاء كلُّهم من أصحاب الإمام الباقر والصَّادقh، فأوَّل من ربَّاهم وعلَّمهم هو إمامنا الباقرg، وأصبحوا من مروِّجي مذهب أهل البيتi، والحاملين لرسالة الإمامة.
٤. جابر بن يزيد الجعفيّ
وقد وردت أحاديث كثيرة تدلُّ على أنَّه روى مجموعة كبيرة جداً من الأحاديث عن الإمام الباقرg، والظَّاهر أنَّها من الأسرار؛ فليست هي في خصوص الحلال والحرام، فقد روى الكلينيّ والكشيّ عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: "حدثني أبو جعفرg بسبعين ألف حديث لم أحدِّث بها أحداً قطُّ، ولا أحدِّثُ بها أحداً أبدا". 
وقال الحرُّ العامليّ في الفوائد الطُّوسيَّة: "وذكر علماء الرِّجال أنَّ أبان بن تغلب روى عن الباقرg ثلاثين ألف حديث.. وأنَّ محمَّد بن مسلم روى عنه أيضاً ثلاثين ألف حديث، وأنَّ جابر بن يزيد الجعفيّ روى عن الباقرg سبعين ألف حديث، كان مأموراً بإظهارها، وسبعين ألف حديث كان مأموراً بكتمانها".
وقال في الوسائل: "والظَّاهر أنَّه ما روى أحد -بطريق المشافهة- عن الأئمَّةi أكثر ممَّا روى جابر ، فيكون عظيم المنزلة عندهم لقولهمi «اعرفوا منازل الرَّجال منَّا على قدر رواياتهم عنَّا»".
وهذه الأحاديث كلُّها عن النَّبيّe كما تقدَّم، بل في صحيح مسلم التَّصريح بذلك حيث روى عن جابر الجعفيّ قوله: "عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عن النَّبي(صلى الله عليه[وآله] وسلم) كلُّها". 
ولكن لكونه شيعيّاً رفضوا رواياته؛ فقد روى مسلم قبل هذا الحديث عن أبي غسان محمَّد بن عمرو الرازي قال: "سمعتُ جريراً يقول: لقيتُ جابر بن يزيد الجُعفيّ فلم أكتب عنه؛ كان يؤمن بالرَّجعة، (حدَّثنا) الحسن الحلوانيّ، حدَّثنا يحيى بن آدم، حدَّثنا مسعر، قال حدَّثنا جابر بن يزيد قبل أن يحدث ما حدث، (وحدَّثني) سلمة بن شبيب، حدَّثنا الحميديّ، حدَّثنا سفيان، قال: كان النَّاس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر، فلمَّا أظهر ما أظهر اتَّهمه النَّاس في حديثه، وترَكَهُ بعضُ الناس، فقيل له: وما أظهر؟ قال: الإيمان بالرَّجعة"، ثمّ روى مسلم بعد هذا الحديث عن سفيان قال: "سمعت جابراً يحدِّث بنحوٍ من ثلاثين ألف حديث، ما استحلُّ أن أذكرَ منها شيئاً، وإنَّ لي كذا وكذا".
٥. مجموعة أخرى من العلماء
وهناك مجموعة مع هؤلاء لهم منزلة خاصَّة أيضاً، كما ورد عن الإمام الكاظمg في ذكر حواريّ النَّبيّe والأئمَّةi يوم القيامة أنَّه قال: >ثمَّ ينادي المنادي أين حواريِّ محمَّد بن علي وحواريِّ جعفر بن محمَّد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامريّ، وزرارة بن أعين، وبريد بن معاوية العجليّ، ومحمَّد بن مسلم، وأبو بصير ليث بن البختريّ المراديّ، وعبدُ الله بن أبي يعفور، وعامر بن عبد الله بن جداعة، وحجر بن زائدة، وحمران بن أعين<.
وقال ابن شهر آشوب: "اجتمعت العصابة أنَّ أفقه الأوَّلِين ستة؛ وهم أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهh وهم: زرارة بن أعين، ومعروف بن الخربوذ المكِّيّ، وأبو بصير الأسديّ، والفُضيل بن يسار، ومحمّد بن مسلم الطَّائفيّ، وبريد بن معاوية العجليّ".
وذكر الشَّيخ الطُّوسيّ في كتابه الرِّجال الَّذي أعدَّ لذكر أصحاب الأئمَّةi الَّذين روَوا عنهم ما يقارب أربع مِائة وخمسة وستون رجلاً وامرأتان، وهو عدد كبير جداً نسبة إلى ذلك الزَّمان الَّذي لم يكن فيه العلم منتشراً بالقدر الكبير، وكذلك ظروف التَّقيَّة الَّتي عاشاها الإمامg، ممَّا يعني أنَّهg أسَّس لحركةٍ عمليَّةٍ واسعة ومنظَّمة وورَّثها لابنه الإمام الصَّادقg.
المبحث الثَّالث: تعاملُ النَّاس مع الإمامg وما جاء به من العلم
بعدَ ثبوتِ المنزلة العلميَّة للإمام الباقرg وتثبيتها من قِبَلِ الوحي والنُّبوَّة قبل ولادته‌g، وتبشير النَّبيّe للنَّاس بهذا الإمامg العالِم، وما قام به جابر من إيصال رسالة النَّبيّe إلى الإمام وإلى النَّاس، كان من الطبيعيِّ جداً أن تكون للإمام‌g المنزلة في قلوب المسلمين من جهتين:
إنَّه مبشَّرٌ به من قِبَل نبيِّهمe، وإنَّ وصفه بالباقر وإنَّه يبقر العلمَ والدِّين إنَّما هو من اللهِ تعالى، وهذا من الغيب الإلهيّ، والإخبار به هو كإخبار الأنبياء بالنَّبيّ اللَّاحق لهم، ممَّا يعني أنَّ له وظيفة إلهيَّة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: ما أثبته الإمامg على أرض الواقع أنَّه باقر للعلم والحكمة، وأنَّه قد أثبت صدق دعوى النُّبوَّة بذلك. 
ولكنَّ النَّاس في تعاملها مع الإمامg ومع هذه الحقيقة على صنفين أشرنا إليهما في طيِّات ما مرَّ:
الصِّنف الأوَّل: مُتجاهِلوا مقامَ الإمامg
وهم غالبيَّة المسلمين -للأسف- الَّذين لم يعطوا الإمامg المنزلة الَّتي تليق بمقامه العلميّ حتى لو افترضنا أنَّه ليس بمعصوم، فكيف مع العصمة وما بشَّر به النَّبيّe -كما تقدَّم-، فقد مرَّت الرِّواية: «فجلسg يحدِّثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهلُ المدينة: ما رأينا أحداً أجرأُ من هذا، فلمَّا رأى ما يقولون حدثهم عن رسول اللهe فقال أهلُ المدينة: ما رأينا أحداً قطُّ أكذب من هذا يحدِّثنا عمَّن لم يره، فلمَّا رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله".
فالتعبير بأهلِ المدينة يظهر منه أنَّ الغالبيَّة هكذا تعاملوا مع الإمامg، واتهموه -والعياذ بالله- بالكذب!! مع أنَّهم -بلا شكٍّ- سمعوا ما نقله جابرُ الأنصاريّ عن النَّبيّe في حقِّهg! ولا يمكن لرسول الله تعالى أن يبشر بشخص ويمدحه هذا المدح، ويصفه بهذا الوصف العظيم ثمَّ يصدر منه الخطأ أو الهفوة فضلاً عن الكذب، ولكن تأبى بعض النفوس من قبول الحقِّ وإن كان واضحاً؛ لأنَّ اعترافهم به، يعني وجوب تقديم صاحب الحقِّ على غيره.
وهناك أسباب كثيرة لهذا الإعراض، فجدٌّه أميرُ المؤمنينg كان أعظم منه علماً، وأكبر منه منزلة، ولم يعطوه منزلته الَّتي يستحق.
نعم، هناك كثيرٌ من علماءِ العامَّة قد تتلمذوا على يدِ الإمامg، واعترفوا له بمقامه العلميّ؛ حيث عجزوا عن مجاراة علمه، وإن لم يعترفوا بمقام عصمته وإمامته الإلهيَّة الواضحة.
الصِّنف الثَّاني: العارفون بمقام الإمامg
وهناك صنف من النَّاس أعطَوا الإمام حقَّه الَّذي أعطاه الله تعالى، واعترفوا بإمامته الإلهيَّة، وتابعوه، وجعلوه هاديّاً لهم في دينهم ودنياهم، وهم القلَّة من المؤمنين الَّذين وُفِّقوا للتسليم بمقام هذا الإمام العظيم، ومنهم جابر الأنصاريّ، حيث إنَّهN مع كبر سِّنِّه، وكونه من صحابة النَّبيّe إلَّا أنَّه كان يتعلَّم من الإمام ويعرف له منزلته، وقد مرَّ في الرِّواية أنَّه: >كان جابر بن عبد الله يأتيه فيتعلَّم منه<. وفي رواية العِلَل: "ثمَّ كان جابرُ يأتيه فيجلس بين يديه فيعلِّمه، وربَّما غلط جابر فيما يحدِّث به عن رسول اللهe، فيردُّ عليه، ويذكِّره، فيقبل ذلك منه، ويرجع إلى قوله، وكان يقول: يا باقر، يا باقر، يا باقر، أشهدُ بالله إنَّك قد أوتيت الحكم صبيّا".
ومن النَّماذج جابر الجعفيّ؛ حيث روى المفيد أنَّه "كان جابرُ بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمَّدٍ بن عليّh شيئا قال: حدَّثني وصيُّ الأوصياء، ووارث علم الأنبياء، محمَّد بن عليِّ بن الحسينi".
وقد التفَّ حول الإمام كوكبة من العلماء الكبار، والفقهاء العظام -كما مرَّ- فكانوا هم حلقة الوصل بينه وبين المؤمنين؛ فقد ساهموا في حفظِ الرِّوايات والأحكام الشَّرعية، 
المبحث الرَّابع: هيبة الإمامة والولاية التَّكوينيَّة
العلم يضفي على العالم هيبة في النُّفوس، يقول الأميرg في خطبة الوسيلة: >ومن عُـرِفَ بالحكمة لحظته العيونُ بالوَقار والهيبة<، فكيف إذا كان العلم والحكمة أخذ من المنبع الصَّافي للنُّبوَّة، وكيف اقترن معه مقام العصمة والإمامة؟! وهذا ما يمكن أن يلحظه أيُّ مطالع لسيرة الأئمَّةi، ومنهم إمامنا الباقرg، فهناك من تأخذه حالة غير طبييعيَّة بمجرد جلوسه أمام الإمامg، وكذلك نلحظ تسليم العلماء -حتى المخالِفين- لقول الإمام في كثيرٍ من المسائل دون نقاش أو نقاشهم يكون قصيراً، وسريعاً ما يذعنون، ويمكن تفسير ذلك بما يمتلكه المعصوم من هيبة العصمة أو تأثير ولايته التَّكوينيَّة على النُّفوس، ولنعطِ بعض النماذج لهاتين الحالتين:
أوَّلاً: الهيبة والعظمة
رُوِي عن عبد الله بن عطاء المكِّيّ قال: "ما رأيتُ العلماء عند أحدٍ قطُّ أصغرَ منهم عند أبي جعفر محمَّد بن عليِّ بن الحسينi، ولقد رأيتُ الحكمَ بن عتيبة -مع جلالته في القوم- بين يديه كأنَّه صبيٌّ بين يدي معلِّمه".
فالتعبير بـ "كأنَّه صبيٌّ بين يدي معلِّمه" يشير إلى التواضع القهريّ أمام عظمة الإمام‌g، بحيث لا تشفع له مكانته العلميّة في أن يكون ندّاً للإمام في علمه وعظمته.
وعن أبي حمزة الثُّماليّ قال: لمَّا كانت السَّنة الَّتي حجَّ فيها أبو جعفر محمَّد بن عليِّg، ولقيه هشام بن عبد الملك أقبل النَّاس ينثالون عليه، فقال عكرمة: من هذا؟ عليه سيماء زهرة العلم لأجزينَّه، فلمَّا مَثُلَ بين يديه ارتعدت فرائصه، وأُسقط في يدِ أبي جعفر، وقال: يا ابن رسول الله، لقد جلستُ مجالسَ كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره فما أدركني ما أدركني آنفا؟ فقال له أبو جعفرg: >ويلك يا عبيد أهل الشَّام؛ إنَّك بين يدي بيوت أذنَ اللهُ أنْ ترفع ويذكر فيها اسمُه<.
نجد هنا أنَّ عكرمة بمجرَّد مثولِه بين يدي الإمامg -رغم عدم معرفته به سابقاً- ترتعد فرائصه، وجواب الإمامg في تفسير هذه الحالة يشير إلى ارتباط المسألة بأنَّك في بيتٍ مقدَّسٍ! مع أنَّ الرِّواية تذكر انثيال الناس عليه، يعني أنَّ الإمامg كان في المسجد مثلاً أو مكان مفتوح ولم يكن في بيت معيَّن، والنَّتيجة أنَّ الإمام المعصوم أين ما كان وأينما حلَّ فذلك المكان يكتسب القدسيَّة والهيبة.
ونظير ذلك حصل بين أبي حنيفة مع الإمام الصَّادقg حينما دخل عليه بوجود المنصور العبَّاسيّ، فقد رُوِي عن الحسن بن زياد: "سمعت أبا حنيفة، وقد سُئل من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمَّد، لما أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال: يا أبا حنيفة، إنَّ النَّاس قد فتنوا بجعفر بن محمَّد، فهيِّئ له من مسائلك الشِّداد، فهيَّأتُ له أربعينَ مسألة، ثمَّ بعث إليَّ أبو جعفر وهو بالحيرة، فأتيته، فدخلتُ عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلمَّا بصرتُ بهِ دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر..". فهيبة الإمامة أعظم من هيبة الملك والسلطنة.
ثانياً: تسليم الفقهاء لقول الإمامg
ولا نقصد بذلك ضرورة الأخذ برأي الإمام، وإنَّما المقصود هو الانقطاع عن الجواب، حتَّى في المسائل الَّتي تبدو سهلة، أو أنَّ جواب الإمامg لم يكن مفصَّلا، أو لا يكونُ مع الدَّليل الواضح.
وهنا مجموعة من النَّماذج:
١. المفيد وغيره قال: روى العلماء، أنَّ عمرو بن عبيد وفد على محمَّد بن عليّ بن الحسينi ليمتحنه بالسُّؤال، فقال له: جعلتُ فداك، ما معنى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..}(الأنبياء: 30)، ما هذا الرتق والفتق؟ فقال له أبو جعفرg: >كانت السَّماء رتْقاً لا تنزل القطر، وكانت الأرض رتقا لا تخرج النبات، [ففتق الله السَّماء بالقطر، وفتق الأرض بالنبات]<، فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضاً، ومضى! ثمَّ عاد إليه فقال له: أخبرني جعلت فداك، عن قوله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}(طه:81)، ما غضبُ اللهِ تعالى؟ فقال أبو جعفر‌g: >غضبُ اللهِ عقابُه يا عمرو، من ظنَّ أنَّ اللهَ يغيِّرُه شيء فقد كفر<.
فنلحظ هنا أنَّ عمرو بن عبيد جاء لامتحان الإمامg، وجواب الإمام عن السُّؤال الأوَّل لم يكن مفصَّلاً، ومع ذلك تقول الرِّواية بأنَّ عمرو (انقطع.. ولم يجد اعتراضاً)، ويبدو في جواب السُّؤال الثاني كذلك، والمسألة تتعلَّق بالتَّجسيم.
ونظير السُّؤال الأوَّل الَّذي طرحه عمرو هنا قد طرحه أحدُ علماء أهل الشَّام جاء خصِّيصاً لسؤال الإمامg عن بعض المسائل، والرِّواية طويلة، جاء فيها: عن محمَّد بن عطيَّة قال: 
جاء رجلٌ إلى أبي جعفرg من أهل الشَّام من علمائهم فقال: يا أبا جعفر، جئتُ أسألك عن مسألة قد أعيْت عليَّ أن أجدَ أحداً يفسِّرها، وقد سألتُ عنها ثلاثةَ أصنافٍ من النَّاس، فقال كلُّ صنفٍ منهم شيئاً غير الَّذي قال الصِّنف الآخر، فقال له أبو جعفر‌g: ما ذاك؟ قال: فإنِّي أسألك عن أوَّل ما خَلَق اللهُ من خلقه؟ فإنَّ بعض من سألته قال: القدَر، وقال بعضهم: القلم، وقال بعضهم: الروح.. وبعد جواب الإمامg قال الشامي: 
يا أبا جعفر قول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..}؟، فقال له أبو جعفرg: >فلعلَّك تزعم أنَّهما كانتا رتقا ملتزقتَين ملتصقتَين، ففتقت إحداهما من الأخرى؟< فقال: نعم، فقال أبو جعفرg: >استغفِر ربَّك، فإنَّ قول اللهa: {كَانَتَا رَتْقًا}، يقول: كانت السَّماء رتقاً لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت الحبّ، فلمَّا خلق الله تبارك وتعالى الخلقَ وبثَّ فيها من كلِّ دابَّة فتق السَّماء بالمطر، والأرض بنبات الحبّ<، فقال الشَّامي: أشهد أنَّك من ولد الأنبياء وأنَّ علمك علمهم.
ونلحظ هنا أنَّ الشَّامي قصدَ الإمامg بالخصوص من أرض الشَّام لمسألةٍ حار فيها، وفي جوابه شهد للإمامg بأنَّه من ولد الأنبياء، وظاهره ربط ذلك بالنبوُّة والإمامة الإلهيَّة. 
٢. في إرشاد المفيد: عن قيس بن الرَّبيع قال: سألت أبا إسحاق عن المسح؟ فقال: أدركتُ الناس يمسحون حتى لقيتُ رجلاً من بني هاشم لم أر مثله قط، محمَّد بن عليِّ بن الحسين، فسألته عن المسح على الخفَّين فنهاني عنه، وقال: >لم يكن أمير المؤمنين عليg يمسح، وكان يقول: سبقَ الكتابُ المسح على الخفَّين<. قال أبو إسحاق: فما مسحت منذ نهاني عنه. قال قيس بن الرَّبيع: وما مسحت أنا منذ سمعت أبا إسحاق.
نرى هنا أنَّ الإمام لم يستدلَّ إلَّا بنقلِه عن أمير المؤمنينg، وقوله: >سبق الكتابُ..<، وهذا المقدار ربما لم يكن بذلك الخفاء على العلماء، ولكن أبا إسحاق أذعنَ للإمامg مباشرة، وهو تابعيٌ، قد أدرك زمان أمير المؤمنينg، فكان في زمان الباقرg مسِّنّاً.
٣. في الكافي: عن أبي الرَّبيع قال: حججنا مع أبي جعفرg في السَّنة الَّتي كان حجَّ فيها هشام بن عبد الملك، وكان معه نافعُ مولى عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، فنظر نافع إلى أبي جعفرg في ركن البيت، وقد اجتمع عليه النَّاس فقال نافع: يا أمير المؤمنين من هذا الَّذي قد تداكّ عليه الناس؟ فقال: هذا نبيُّ أهلِ الكوفة، هذا محمَّد بن علي، فقال: أشهد لآتينه فلأسألنَّه عن مسائل لا يجيبني فيها إلَّا نبيٌ أو ابن نبيٍّ أو وصيُّ نبيٍّ، قال: فاذهب إليه وسله لعلَّك تخجله، فجاء نافع حتى اتَّكأ على الناس، ثمَّ أشرف على أبي جعفرg فقال: يا محمَّد بن علي إنِّي قرأتُ التَّوراة، والإنجيل، والزَّبور، والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها، وقد جئتُ أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلَّا نبيٌّ أو وصيُّ نبيٍّ أو ابنُ نبيٍّ، قال: فرفع أبو جعفرg رأسه فقال: >سل عمَّا بدا لك..<"، إلى أن قال بعد أن أجابه عن مسائله: 
فولَّى(نافع) من عنده وهو يقول: أنت والله أعلم النَّاس حقّاً حقّاً، فأتى هشاماً فقال له: ما صنعت؟ قال: دعني من كلامك، هذا واللهُ أعلم النَّاس حقّاً حقّاً، وهو ابن رسول اللهe حقّا، ويحقُّ لأصحابه أن يتَّخذوه نبيّاً.
فانظر إلى قول نافع (هو ابن رسول اللهe حقّاً)، فإنَّه ليس المراد القرب النَّسبيّ بين الإمامg وبين النَّبيّe، بل القرب المعنويّ المرتبط بكون الرسول نبيّاً من الأنبياء، وقوله: (يحقُّ لأصحابه أن يتخذوه نبيا) شهادة على كون ما عند الإمامg من علم إنَّما هو من علوم النَّبيين.
وهذه الظاهرة؛ وهي تسليم الفقهاء والعلماء لكلام الأئمةi تحتاج إلى دراسة وتحليل أكثر لا يسعه هذه المختصر، ثمَّ إنَّ الحديث عن الجانب العلميّ للإمامg يحتاج لمزيد بحث وتحليل، وما هذه المقالة إلَّا إلفات نظر إلى هذا الجانب.
نسأل الله تعالى أن يثبِّتنا على ولاية أهل بيت النُّبوَّة والإمامة، والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وآلِه الطَّيبين الطَّاهرين.
 

[1] الاعتجار هو أن يلفَّ العمامة على رأسه ويردَّ طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه.

[2] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص470.

[3] الإرشاد، المفيد، ج2، ص158.

[4] كفاية الأثر، الخزَّاز القمِّيّ (م400هـ)، ص81. 

[5] علل الشَّرائع، الصَّدوق، ج1، ص233-234.

[6] علل الشَّرائع، الصَّدوق، ج1، ص233-234.

[7] شرح أصول الكافي، المولى المازندرانيّ، ج7، ص241.

[8] الصَّواعق المحرقة، ابن حجر الهيتميّ، ص201.

[9] الأماليّ، المفيد، ص42.

[10] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص53.

[11] دعائم الإسلام، القاضي النُّعمان المغربيّ، ج2، ص346.

[12] يريد الإمامg أن يغمز أبا بصير ليمثِّل له مقدار الخدش، فاستأذنه لذلك بأبي وأمِّي.

[13] وليس معنى مصحف فاطمة أنَّه قرآن آخر كما يصوره بعض المغرضين، بل يختلف عنه من حيث المضمون والغاية منه، وقد أورد الكلينيّ بعد هذا الحديث مباشرة ما يفسِّر معنى مصحف فاطمة، فعن حمَّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللهg يقول: >تظهرالزَّنادقةفي سنة ثمان وعشرين ومائة؛وذلك أنَّ ينظرتُ في مصحف فاطمة‌j<، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: >إنَّ اللهَ تعالى لمَّاقبض نبيَّهe دخل على فاطمةj من وفاته من الحزن مالايعلمه إلَّا الله!، فأرسل اللهُ إليها ملكاً يسلِّي غمَّهاويحدِّثها، فشكت ذلك إلى أميرالمؤمنينg فقال: إذا أحسستِ بذلك، وسمعت الصَّوت قولي لي، فأعلمته بذلك، فجعل أميرالمؤمنينg يكتب كلَّماسمع، حتَّى أثبتَ من ذلك مصحفاً< قال: ثمَّ قال: >أماإنَّه ليسفيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم مايكون<.

[14] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص239-240.

[15] دلائل الإمامة، ابن جرير الطَّبريّ (الشِّيعيّ)، ص216، مناقب آل أبي طالبi، ابن شهر آشوب، ج3، ص339. 

[16] دلائل الإمامة، ابن جرير الطَّبريّ (الشِّيعيّ)، ص220.

[17] المصدر نفسه، ص222، والخرائج والجرائح، قطب الدِّين الرَّاونديّ، ج2، ص593.

[18] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص470.

[19] مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج3، ص329، وعنه في بحار الأنوار، المجلسيّ، ج46، ص289.

[20] المعجم الكبير، الطَّبرانيّ، ج12، ص200.

[21] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص469.

[22] الإرشاد، المفيد، ج2، ص157 و163.

[23] رجال الطُّوسيّ، ص151.

[24] مناقب آل أبي طالبi، ابن شهر آشوب، ج3، ص317.

[25] رجال النَّجاشيّ، ص324.

[26] اختيار معرفة الرِّجال (رجال الكشيّ)، الطُّوسيّ، ج1، ص391.

[27] المصدر نفسه، ص368.

[28]اختيار معرفة الرِّجال (رجال الكشيّ)، الطُّوسيّ، ص348 والاختصاص، المفيد، ص66.

[29]اختيار معرفة الرِّجال (رجال الكشيّ)، الطُّوسيّ، ج1، ص347.

[30] خلاصة الأقوال، العلَّامة الحلِّيّ، ص82.

[31] اختيار معرفة الرِّجال (رجال الكشيّ)، الطُّوسيّ، ج1، ص398.

[32] المصدر نفسه، ج1، ص399.

[33]اختيار معرفة الرِّجال (رجال الكشيّ)، الطُّوسيّ، ج2، ص442، والكافي، الكلينيّ، ج8، ص157.

[34] الفوائد الطُّوسيَّة، الحرُّ العامليّ، ص262، وانظر ترجمته في اختيار معرف الرِّجال، ج2، ص463 وما بعدها.

[35] وسائل الشِّيعة، الحرُّ العامليّ، ج30، ص329، (الفائدة الثَّانية عشرة).

[36] صحيح مسلم، ج1، ص15.

[37] المصدر نفسه، ج1، ص15ـ 16.

[38] اختيار معرفة الرِّجال(رجال الكشيّ)، الطُّوسيّ، ج1، ص45.

[39] مناقب آل أبي طالبi، ابن شهر آشوب، ج3، ص340.

[40] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص470.

[41]الكافي، الكلينيّ، ج1، ص470.

[42] علل الشَّرائع، الصَّدوق، ج1، ص233-234.

[43] الإرشاد، المفيد، ج2، ص160ـ161، ومن نماذج ذلك ما رواه الصَّدوق في الأماليّ، ص180: عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: سمعتُ وصيَّ الأوصياء ووارث علم الأنبياء أبا جعفر محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يقول: حدَّثني سيِّد العابدين عليّ بن الحسين، عن سيِّد الشُّهداء الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن سيِّد الأوصياء أميرُ المؤمنين عليّ ابن أبي طالبq، قال: قال رسول اللهe: >ستدفن بضعةمنِّي بخراسان، ما زارهامكروب إلَّا نفَّس اللهُ كربته، ولامذنب إلَّا غفراللهُ ذنوبه<".

[44] الكافي، الكلينيّ، ج8، ص23.

[45] الإرشاد، المفيد، ج2، ص160.

[46] مناقب آل أبي طالبi، ابن شهر آشوب، ج3، ص317.

[47] مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج3، ص378.

[48] وهو كبير المعتزِلة وأوائل من أسَّسوا هذا المذهب، انظر: سير أعلام النبلاء، الذَّهبيّ، ج6، ص104.

[49] الإرشاد، المفيد، ج2، ص165، والاحتجاج، الطَّبرسيّ، ج2، ص62، وكشف الغمَّة في معرفة الأئمَّة، الإربليّ، ج2، ص338.

[50] الكافي، الكلينيّ، ج8، ص94-95.

[51] الإرشاد، المفيد، ج2، ص160ـ161.

[52] انظر في ترجمته: الطَّبقات الكُبرى، ابن سعد، ج6، ص313-314.

[53] الكافي، الكلينيّ، ج8، ص120-122.