مما لا شك فيه ولا ريب أن أهل البيت(ع) يمثّلون عدل القرآن الكريم، وأحد الثقلين الَّذَيْن أشار إليهما الرسول الأعظم(ص)، فمما روي عن الصادق(ع) عن آبائه(ع): قال رسول الله(ص): «إنّي مخلفٌ فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين ـ وضم بين سبابتيه ـ، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال: يارسول الله، ومن عترتك؟ قال: علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة»(1).
وهناك رواياتٌ أخرى كثيرةٌ تحمل هذا المعنى، بل إن بعضها يشير إلى جميع أسماء الأئمة تصريحاً، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل جرى ذكرهم في القرآن الكريم أيضاً، وإن لم تسمّ أسماؤهم، وهذه الإشكالية وهي أنه كيف تدّعون أن الأئمة هم الإمام علي(ع) والإمام الحسن والإمام الحسين وتسعة من ذريّة الحسين(ع) والحال أن القرآن لم يصرّح بأسمائهم؟ والجواب أن الإمام الباقر(ع) قد انبرى وأجاب عن هذا الإشكال، ونصّ جواب الإمام الباقر(ع) سيكون من ضمن نقاط هذا البحث إن شاء الله.
وما هذه الإشكالية وغيرها إلاّ محاولة لإقصاء أهل البيت(ع) عن مواطنهم التي وطّنهم الله فيها، ويأبى الله إلاّ أن يكونوا مساراً وعلماً يلهج بذكرهم القرآن الكريم ليل نهار.
وسوف يكون البحث في عدّة نقاط:
الأولى: دفع إشكالية عدم ذكر أسماء الأئمة في القرآن الكريم:
وهذه الإشكالية ـ وهي عدم التصريح بأسماء الأئمة من أهل البيت(ع) في القرآن الكريم ـ قد انبرى الإمام الباقر «صلوات الله عليه» لردّها وللإجابة عنها، فقد روى أبو بصير: سألت أبا عبد الله(ع) عن قول الله عزّوجل: {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}(2). فقال: «نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين(ع)، فقلت له: إنّ الناس يقولون: فما له لم يسمّ عليّاً وأهل بيته(ع) في كتاب الله عزّ وجلّ؟ فقال: قولوا لهم: إنّ رسول الله(ص) نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول الله(ص) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم، حتى كان رسول الله(ص) هو الذي فسر لهم، ونزل الحجّ فلم يقل لهم طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله(ص) فسّر لهم ذلك لهم، ونزلت {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}(3) ونزلت في علي والحسن والحسين»(4).
النقطة الثانية: آيات مشتركة بين أصحاب الكساء وبين بقية الأئمة (ع):
هناك آياتٌ قرآنيةٌ ورد تفسيرها في أصحاب الكساء تارةً، وورد تفسيرها في الأئمة عموماً تارةً أخرى، وليس في هذا أي مشكلة إذا كان بقية الأئمة يمثّلون المصداق المراد، كما يمثّلها أصحاب الكساء.
الآية الأولى: الآية الآنفة الذكر والتي تتحدث عن طاعة الله والرسول، وأولي الأمر، ففي النقطة الأولى أشارت الرواية عن الباقر(ع) أنها نزلت في علي والحسن والحسين(ع)، وهناك روايةٌ أخرى تشير إلى أن المقصود من الآية في قوله أولي الأمر هم الأئمة، فعن الصادق(ع) هكذا موجود في الرواية.
في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، وأولوا الأمر هم الأئمة من أهل البيت(ع)(5). ورواية أخرى عن ابن أبي يعفور: دخلت على أبي عبد الله(ع) وعنده نفرٌ من أصحابه في حديث طويل يرويه إلى أن قال: فقال لي: «يا ابن أبي يعفور، إن الله عزّوجل هو الآمر بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر الذين هم أوصياء رسوله. يا ابن أبي يعفور، فنحن حجج الله في عباده، وشهداؤه على خلقه، وأمناؤه في أرضه، وخزانه على علمه، والدّاعون إلى سبيله، والعاملون بذلك، فمن أطاعنا أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله»(6).
وجاء في تفسير الكاشف ـ للشيخ محمد جواد مغنية ـ ما نصّه: «وقال الشيعة الإمامية: إن الله سبحانه عطف بالواو طاعة أولي الأمر على طاعة الرسول بدون قيد، والعطف بالواو يقتضي الجمع والمشاركة في الحكم، ومعنى هذا أن إطاعة أولي الأمر هي إطاعة الرسول، وأن أمرهم هو أمره... وليس من شك أن هذه المرتبة السامية لا تكون إلاّ لمن اتصف بما يؤهله لهذا(7) الطاعة، ولا شيء يؤهله لها إلاّ العصمة عن الخطأ والمعصية، فهي وحدها التي تجعل طاعته وطاعة الرسول سواء، وقد اعترف الرازي بفكرة العصمة صراحةً، وقال: إن أولي الأمر الذين تجب إطاعتهم لابد أن يكونوا معصومين، والرازي كما هو معروف من كبار علماء السنة فلاسفتهم ومفسريهم، والخلاف بينهم ـ أي بين الشيعة وبين السنة ـ في التطبيق وتعيين المعصوم، فالسنة يقولون: العصمة للأمة، وفسّروا الأمّة بأهل الحل والعقد، وقال كثير منهم: يكفي بعض أهل الحل والعقد... وقال الشيعة: إن المراد بأولي الأمر أهل البيت، وهم المعصومون والمطهرون من الرجس والدّنس،...، وقد ثبت النص كتاباً وسنةً على عصمة أهل البيت(ع)، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(8).
الآية الثانية: آية التطهير {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(9)، وهذه الآية أيضاً جاءت الروايات تشير إلى أصحاب الكساء تارةً، وتشير إلى الأئمة عموماً تارةً أخرى.
فعن أبو سعيد الخدري عن أم سلمة: «لما نزلت هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} دعا رسول الله(ص) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً، فقال لهم: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيراً. قالت أم سلمة: الست منهم؟ قال: أنت إلى خير»(10).
وعن شهر بن حوشب عن أم سلمة: «إنّ النبي(ص) جلّل على علي وحسن وحسين وفاطمة كساءً ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي، اللهم أذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيراً. فقالت أم سلمة: وأنا منهم؟ قال: إنك إلى خير»(11).
وغيرها من الروايات التي كثرت في هذا المعنى والتي فسّرت أهل البيت في علي(ع) والإمام الحسن والإمام الحسين(ع) وفاطمة(ع).
ولكن هذا لا يعني أن أهل بيت النبي(ع) عند هذا الحد، بل إن الروايات كثرت أيضاً في أن أهل البيت(ع) يشملهم بقيّة الأئمة الطاهرين، وهم الأئمة التسعة من ذريّة الحسين(ع) ودلّت على هذا المعنى روايات كثيرة من طرق الشيعة والسنة بل إن بعضها صرّحت بذلك، فقد جاء في تفسير الصافي ـ للملا محسن الفيض الكاشاني ـ ما نصه: «وفي الإكمال عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافه عثمان: «أيها الناس أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فجمعني ـ أي رسول الله ـ وفاطمة وابني حسناً وحسيناً (ع) وألقى علينا كساه، وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي يؤلمني ما يؤلمهم ويخرجني ما يخرجهم فأذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيراً، فقالت أم سلمة: وأنا يا رسول الله؟ فقال: أنت ـ أو إنّكِ ـ (12). على خير، إنما أنزلت فيّ وفي أخي وفي ابنتي وفي ابنيَّ وفي تسعة من ولد ابني الحسين(ع) خاصّة، ليس معنا أحدٌ غيرنا، فقالوا كلهم: نشهد أن أم سلمة حدّثتنا بذلك أم سلمة(رض)»(13) (14).
وهنا نجد أنّ هذه الرواية تصرّح بأن أهل البيت(ع) شاملة لجميع الأئمة الاثني عشر الأطهار، وهناك روايات كثيرة من الطريقين الخاصة والعامة تشير إلى هذا المعنى بألسن مختلفة جميعها يصب في إثبات إمامتهم ووجوب طاعتهم، حتّى أنه في بعض الروايات ذكرت أسماؤهم جميعاً، فعن جابر بن يزيد الجعفي: «سمعت جابر بن عبدالله الأنصاري يقول: لما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد(ص) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} قلت: يا رسول الله، عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال(ص) هم خلفائي يا جابر، وأئمة المسلمين من بعدي، أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بـ«الباقر» وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميّي وكنيّي، حجة الله في أرضه، وبقيته في عباده، ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان»(15).
وفي تفسير الصافي الرواية عن جابر أيضاً بما يقرب من النص جدّاً، ويزيد عليه ما نصه: قال جابر: «فقلت له يارسول الله، فهل لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال: إي والله والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب، يا جابر، هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله»(16).
وفي تفسير ولاة الأمر وآية {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ...} فقد ذكر الملا محسن الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ما نصه: «وفي العلل عنه عن أمير المؤمنين(ع): لا طاعة لمن عصى الله وإنما الطاعة لله ولرسوله لولاة الأمر، إنما أمر الله بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصيته، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} أيها المأمورون {فِي شَيْءٍ} من أمور الدين {فَرُدُّوهُ} فارجعوا فيه {إِلَى اللهِ} وإلى محكم كتابه، {وَالرَّسُولِ} بالسؤال عنه في زمانه وبالأخذ بسنته والمراجعة إلى من أمر بالمراجعة إليه بعده فإنها ردّ إليه»(17).
وفي الاحتجاج عن الحسين بن علي(ع) في خطبته: «وأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله وطاعة رسوله مقرونة»(18).
وجاء في تفسير الصافي في آية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ ـ يعرضون ـ عَنكَ صُدُوداً} القمي ـ أي تفسير القمي ـ: هم أعداء آل محمد صلوات الله عليهم جرت فيهم الآية.(19)
وجاء في الكافي عن الباقر(ع) أيضاً في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} نقلاً عما جاء في الكافي عن الباقر(ع) يقولون لأئمة الضلال والدّعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.(20)
وجاء في الكافي عن الباقر(ع) في تفسير: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً}(21)،أم لهم نصيب من الملك يعني: الإمامة والخلافة، قال: «ونحن الناس الذين عنى الله، والنقير النقطة التي في وسط النواة»(22).
وفي آية {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ} في الكافي والعياش وغيرهما عنهم(ع) في عدّة روايات: «نحن المحسودون الذين قال الله على ما آتانا الله من الإمامة وفي المجمع عن الباقر(ع): المراد بالناس النبي(ص)»(23).
وجاء في تفسير آية {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}(24). في الكافي وغيره في عدّة روايات أن الخطاب إلى الأئمة(ع)، أمر كل منهم أن يؤدي إلى الإمام الذي بعده ويوصي إليه ثم هي جارية في ساير الأمانات.(25) وفيه ـ في الكافي ـ والعياش عن الباقر(ع): إيّانا عنى أن يؤدي الإمام الذي بعده العلم والكتب والسلاح.(26)
ثالثاً: آيات نزلت في حق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع):
لقد كثرت الآيات التي نزلت في حقّ أمير المؤمنين(ع)، وهنا أتعرّض لذكر بعضها تأكيداً على عظمة هذه الشخصيّة التي يتباهى بها القرآن الكريم.
روى الخوارزمي عن جابر قال: كنا عند النبي(ص) فأقبل علي بن أبي طالب، فقال رسول الله: قد أتاكم أخي. ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال: والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم قال: إنّه أوّلكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعيّة، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزيّة، قال: وفي ذلك الوقت نزلت فيه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}(27). وكان أصحاب النبي(ص) إذا أقبل علي قالوا: قد جاء خير البريّة.(28)
وأخرج الطبري في تفسير قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} بإسناده عن أبي الجارود عن محمد بن علي قال: قال النبي(ص): أنت يا علي وشيعتك.(29)
ومن الآيات التي نزلت في حق أمير المؤمنين(ع) هي آية إكمال الدين، فقد تضافرت السنة وروى الفريقان أن قوله سبحانه: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}.(30) نزلت في غدير خم عندما نصّب النبي(ص) عليّاً إماماً للأمة وولياً للمؤمنين.(31)
وهناك آية أخرى وردت في حق أمير المؤمنين(ع) وأشير إليها في روايات كثيرة، وفي البرهان وغاية المرام عن الصدوق بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر(ع) في قول الله عزّوجل. {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ}(32) قال: إن رهطاً من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا، فأتوا النبي(ص) فقالوا: يا نبي الله، إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيّك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}(33)، قال رسول الله(ص): قوموا وأتوا المسجد، فإذا سائلٌ خارجٌ فقال(ص): يا سائل هل أعطاك أحدٌ شيئاً؟ قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي. قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعاً، فكبّر النبي(ص) وكبّر أهل المسجد. فقال النبي(ص): علي وليّكم بعدي. قالوا: رضينا بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبعلي بن أبي طالب وليّاً، فأنزل الله عزّوجل: {وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، الحديث.(34)
وآية أختم بها ما نزل في حق أمير المؤمنين(ع) وهي آية {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}(35). فقد روى ابن شيرويه الديلمي في كتاب (الفردوس) في قافية الواو بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي(ص): {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} عن ولاية علي بن أبي طالب.(36)
ونقله ابن حجر عن الديلمي، وقال: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} أي عن ولاية علي وأهل البيت؛ لأنّ الله أمر نبيّه(ص) أن يعرف الخلق أنّه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجراً إلاّ المودّة في القربى، والمعنى أنّهم يسألون هل والوهم حق الموالاة كما أوصاهم النبي(ص) أم أضاعوها؟ أو حملوها فتكون عليهم المطالبة والتبعة؟(37)
رابعاً: آيات وردت في حق الإمام الحجة المنتظر(عج) عن الإمام علي(ع) في قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}(38) هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزّهم ويذل عدوّهم.(39)
وجاء عنه (الإمام الصادق(ع)) في معنى قوله عزّوجل: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}(40)، نزلت في القائم وأصحابه.(41)
وجاء عنه (الإمام الباقر(ع)) في قوله عزّوجل: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهقَ البَاطِلُ}(42)، إذا قام القائم(ع) ذهبت دولة الباطل.(43)
* الهوامش:
(1)كمال الدين: 244، عن محمد بن عمارة عن أبيه: معاني الأخبار: 91/5 عن محمد بن عمارة. نقلاً عن كتاب أهل البيت للريشهري ص52.
(2)سورة النساء، الآية: 59.
(3)سورة النساء، الآية: 59.
(4)الكافي: 1/286، شواهد التنزيل 10/191/203، تفسير العياشي: 1/249/169، أكدهما عن أبي بصير عن الباقر(ع) نقلاً عن كتاب أهل البيت (ع) ص143.
(5)ينابيع المودة 1/341/2، المناقب لابن شهرآشوب: 3/15.
(6)الزهد للحسين بن سعيد: 104/286. وراجع الكافي: 1/185 باب فرض طاعة الأئمة
(ع)، بحار الأنوار: 23/283. باب وجوب طاعتهم وأنّهم أولوا الأمر، إحقاق الحق: 3/424 و: 14/348. نقلاً عن كتاب أهل البيت للريشهري ص143-144.
(7)هكذا في المصدر، ولعل الأصح «لهذه».
(8)التفسير الكاشف للشيخ محمد جواد مغنية ج2 ص359-360.
(9)سورة الأحزاب، الآية: 33.
(10)تفسير الطبري 12/ الجزء 22/7 نقلاً عن كتاب أهل البيت(ع) في الكتاب والسنة للريشهري ص28.
(11)مسند ابن حنبل: 10/197/26659، سنن الترمذي 5/699/3871 وفيه «أنا معهم يا رسول الله؟»، مسند أبي يعلى: 6/290/6985، تاريخ دمشق (ترجمة الإمام الحسين(ع): 12/88)، تاريخ دمشق (ترجمة الإمام الحسن(ع): 65/188): وفي الثلاثة الأخيرة. عامتي بدل..... نقلاً عن كتاب أهل البيت(ع) للريشهري ص30.
(12)هكذا، وبدت والظاهر أن الترديد من الراوي.
(13)هكذا أيضاً وجدت.
(14)تفسير الصافي للملا محسن الفيض الكاشاني كتاب مخطوط ص433.
(15)كمال الدين: 253/3، المناقب لابن شهر آشوب: 1/282، تأويل الآيات الظاهرة: 141، كفاية الأثر: 53 نقلاً عن كتاب أهل البيت (ع) في الكتاب والسنة للريشهري ص87.
(16)تفسير الصافي ص124.
(17)تفسير الصافي ص124.
(18)نفس المصدر ص124.
(19)نفس المصدر ص124.
(20)نفس المصدر ص123.
(21)سورة النساء، الآية: 53.
(22)تفسير الصافي ص123.
(23)تفسير الصافي ص123.
(24)سورة النساء، الآية: 53.
(25)تفسير الصافي ص123.
(26)نفس المصدر.
(27)سورة البقرة، الآية: 177.
(28)المناقب للخوارزمي: 111 برقم 120 نقلاً عن مفاهيم القرآن الكريم للشيخ السبحاني ج10 ص238.
(29)تفسير الطبري 30/146 نقلاً عن مفاهيم القرآن للشيخ السبحاني ج10 ص238.
(30)سورة المائدة، الآية: 3.
(31)مفاهيم القرآن للشيخ السبحاني ج10 ص169، المطبعة اعتماد قم الناشر: مؤسسة الإمام الصادق(ع).
(32)سورة المائدة، الآية: 55.
(33)سورة المائدة، الآية: 55.
(34)تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي ج6 ص17.
(35)سورة الصافات،الآية: 24.
(36)شواهد التنزيل: 2/106. نقلاً عن مفاهيم القرآن للشيخ السبحاني ج10 ص253.
(37)الصواعق المحرقة: 149. نقلاً عن مفاهيم القرآن للشيخ السبحاني ج10 ص253.
(38)سورة القصص، الآية: 5.
(39)الغيبة للطوسي: 184/143 عن محمد بن الحسن عن أبيه عن جدّه نقلاً عن كتاب أهل البيت (ع) في الكتاب والسنة للريشهري ص53.
(40)سورةالنور، الآية: 55.
(41)الغيبة للنعماني: 340/35 عن أبي بصير، تأويل الآيات الظاهرة: 365 وفيه «عنى به ظهور القائم»، ينابيع المودّة: 3/245/32 عن الباقر والصادق(ع)، وذكره أيضاً في: ج 31 عن إسحاق بن عبد الله عن السجاد(ع) نقلاً عن كتاب أهل البيت (ع) في الكتاب والسنة للريشهري ص507.
(42)سورة الإسراء، الآية: 81.
(43)الكافي: 8/287/432 عن أبي حمزة: نقلاً عن كتاب أهل البيت (ع) في الكتاب والسنة للريشهري ص506.
0 التعليق
ارسال التعليق