آيةٌ من آيات الله.. وما أدراك ما آيات الله! ثم ما أدراك ما آيات الله!!
ألا يتساءل أحدٌ عن فعل الأمر هذا ( نَبِّئْ ) أهو ظاهرٌ في الوجوب أم لا؟! ومن هو المخاطَب به؟ وهل أنه على لسان (إياكِ أعني واسمعي يا جارة)؟ وإذا كان كذلك فما هو تكليف الأمة تجاه هذا الأمر؟! وما هو تكليف علمائها ودعاتها؟! تساؤلٌ ليس إلا..
تلك آيةٌ من ذلك الكتاب الذي يشيد حرفه حصوناً للأمة، ويقودها إلى حيث السلامة والنجاة، وهل السلامة إلا أن تقول للناس بوجدانك ونبضك ولحظات عيونك أن الله هو الغفور الرحيم، هو الرحمن، هو الغفار، هو الحبيب، وهو القريب، وهو التواب، وهو المجيب.. أن تُشعِر الناس بحب الله لهم، وعطفه عليهم، وأنه أحنى عليهم من الأم الرؤوم.
ذاك هو الشق الأول من سبيل الوصول، وأما الشق الثاني فهو الخوف في قوله تعالى ( وَأَنَّ عَذَابِيْ هُوَ الْعَذَابُ الألِيْمُ ) تلك هي طريقة السماء، فكن بشيراً، وكن نذيراً، ليسير الناس على جادة الخوف والرجاء فهي جادة الوصول.
(ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه، من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يرخص لهم في معاصي الله).
ليس صحيحاً أن نبني علاقتنا مع ربنا على أساس الحسابات العقلية الجافة فقط، فكتابه كتاب عقل، وهداية، ونور، وشوق، وقرب، وسعي، ووصول.. ففيه وفي آياته مسرحٌ للقلوب التي تذوب ولها حينما تسمع ربها يتكلم عن نفسه وعن رحمته فلا تبرح تنظر إلى كل ما يشُدُّها إليه من كلمات وحروف آياته، كقوله )أَنَاْ ( بما لها من نور يخلع لبَّ العاقلين، فهي ليست كأي أنا، فتلك مهلكات، وهذه هي عين النجاة.
في الآية المباركة مَنٌّ عظيمٌ من قِبَلِ الله على عباده حيث أضافهم إليه، إلى يائه في قوله ( عِبَادِيْ )، فهل ينتظر المحب والمشتاق أكثر من ذلك ليتوجه إلى محبوبه ويدعوه ويناجيه؟!
لنقل للناس بأن الله (يقبل اليسير) بدل أن نصدهم عن دعائه ومناجاته بتلك التهويلات وأنه سبحانه لا يستجيب إلا بشروط ليس لها إلا أهل الله، نعم (لا يقبل الله عز وجل دعاءَ قلبٍ لاهٍ) ولكن أي لهوٍ يجتمع مع افتقار الإنسان في حاجة ملحَّة من حاجات حياته وأمور معاشه التي تأسر فكره، لتكن حاجتك صغيرة، وليكن انقطاعك بحسبك، فالله لا يَرُدُّ عباده وهو الذي يقبل اليسير ويعفو عن الكثير.
يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعفُ عني الكثير، إنك أنت الرحيم الغفور.
0 التعليق
ارسال التعليق