رغم أن أعظم تفسير في الأوساط العلمية قائم على أساس نظرية تفسير القرآن بالقرآن بالدرجة الأولى ألا وهو تفسير الميزان إلا أن هذه النظرية لازالت غامضة من جوانب عدة، ولم يتصد السيد العلامة الطباطبائي في كتبه لبيان تفاصيل هذه النظرية، واكتفى بالإشارات المختصرة مع الأدلة المقتضبة، من هنا حاول بعض العلماء التصدي لبيان هذه النظرية لما لها من أهمية كبرى في طريقة فهم القرآن الكريم، وممن تصدى لهذه العملية الشاقة والتي تمثل واحدة من أهم المسائل الحوزوية، هو سماحة الأستاذ العلامة السيد كمال الحيدري.
يعتبر السيد كمال من أبرز الأساتذة المهتمين بعلوم القرآن والمعارف العقلية الإلهية في الحوزة العلمية، من هنا جاء هذا الحوار ليضع بعض اللمسات على نظرية تفسير القرآن بالقرآن مع سماحة السيد (حفظه الله).
سماحة السيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
* سماحة السيد بداية ما المقصود من نظرية تفسير القرآن بالقرآن، ومن هو المؤسس لهذه النظرية؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
بدأت عناية المسلمين بتفسير القرآن الكريم والكشف عن معانيه وأسراره من أول نزوله على النبي (ص) واستمرت هذه العناية إلى يومنا هذا وستبقى مستمرة ما دام القرآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، غير أن معالجة المسلمين للكشف عن معاني القرآن لم تجر على نمط واحد ولم تكن على مستوى واحد من الفهم والإدراك.
فالمحدِّثون - مثلا - قد اقتصروا على التفسير بالرواية عن السلف من الصحابة والتابعين، فساروا وجدَّوا في السير حيث ما يسير بهم المأثور ووقفوا فيما لم يؤثر فيه شيء ولم يظهر المعنى ظهورا لا يحتاج إلى البحث أخدا بقوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا}.
وأما المتكلمون فقد دعتهم الأقوال المذهبية على اختلافها أن يسيروا في التفسير بما يوافق مذاهبهم واتجاهاتهم الكلامية بأخذ ما وافق وتأويل ما خالف على حسب ما يجوزه ويرتضيه قول المذهب.
وأما الفلاسفة فقد عرض لهم ما عرض للمتكلمين من المفسّرين من الوقوع في ورطة التطبيق وتأويل الآيات المخالفة بظاهرها للمسلمات في فنون الفلسفة بالمعنى الأعم أعني: الرياضيات والطبيعيات والإلهيات والحكمة العلمية.
وأما المتصوِّفة فإنهم لاشتغالهم بالسير في باطن الخلقة واعتنائهم بشان الآيات الأنفسية دون عالم الظاهر وآياته الآفاقية اقتصروا في بحثهم على التأويل ورفضوا التنزيل فاستلزم ذلك اجتراء الناس على التأويل وتلفيق جمل شعرية والاستدلال من كل شيء على كل شيء حتى آل الأمر إلى تفسير الآيات بحساب الجمل ورد الكلمات على الزبر والبينات والحروف النورانية والظلمانية إلى غير ذلك.
وهناك مسلك جديد معاصر في التفسير يقوم على أساس تفسير جميع المعارف الدينية من خلال العلوم الطبيعية المبتنية على الحس والتجربة والعلوم الإجتماعية.
وأنت بالتأمل في جميع هذه المسالك والمناهج المنقولة في التفسير تجد أن جميعها مشتركة في نقص وبئس النقص وهو تحميل ما أنتجته الأبحاث العلمية أوالفلسفية من خارج مداليل الآيات.(سيأتي الحديث عن التفسير بالمأثور)
نظرية تفسير القرآن بالقرآن:
حاول جملة من أعلام المفسّرين من الفريقين كالطبري والرازي والطبرسي والطوسي والطباطبائي أن ينتهجوا طريقا آخر غير ما سلكه الآخرون. حيث اعتمدوا القرآن نفسه لتفسير القرآن، وذلك لما ورد عن النبي (ص) : «أن القرآن يفسِّر بعضُه بعضا، ويصدِّق بعضُه بعضا، وينطق بعضُه ببعض».
ولتوضيخ النظرية أكثر نضرب هذا المثال الذي يطبق فيه المعصوم(ع) هذه الطريقة التي هي في الواقع مستفادة منه (ع) : إن عمر بن الخطاب اُتي بامرأة وضعت لستة أشهر فهم برجمها، فبلغ ذلك عليا فقال: ليس عليها رجم فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه يسأله، فقال علي (ع) : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} فستة أشهر حمله، وحولان كاملان تمام الرضاعة، لا حد عليها ولا رجم. قال فخلى عنها.
* ما هي أهم أدلة القائلين بهذه النظرية؟
هناك عدة أدلة ذكرها أصحاب هذه النظرية نشير إلى واحد منها، وهو مقتبس من نفس القرآن الكريم.
وهذا الدليل يحتاج إلى عدة مقدمات لكي نصل فيه إلى نتيجة واضحة:
1- أن القرآن الكريم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه معجزة النبي الخالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
2- أنه لا يوجد في مضامين القرآن الكريم أي اختلاف أصلا، لقوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}.
3- أن آياته متشابه، والتشابه هو توافق أشياء مختلفة واتحادها في بعض الأوصاف والكيفيات، وقد وصف الله سبحانه القرآن بهذا الوصف حيث قال: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} والمراد كون آيات الكتاب ذات نسق واحد من حيث جزالة النظم وإتقان الأسلوب، وبيان الحقائق والحكم، والهداية إلى صريح الحق، كما تدل عليه القيود المأخوذة في الآية وهذا غير التشابه الذي في قبال المحكم، فإنه صفة بعض آيات الكتاب، وهذا وصف جميع الكتاب، وقوله مثاني جمع مثنية بمعنى المعطوف، لانعطاف بعض آياته على بعض ورجوعه إليه بتبيين بعضها وتفسير بعضها لبعض من غير اختلاف فيها بحيث يدفع بعضه بعضا ويناقضه.
النتيجة: وكتاب له هذه الخصوصيات لا يمكن إلا أن يكون مفسّرا لنفسه ومبينا لمعارفه دون حاجة إلى الغير، إذ لو احتاج إلى الغير للزم أن لا يكون التدبر فيه موصلا إلى أن هذا الكتاب منه تعالى، وهذا خلاف ما دل عليه قوله: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} ولزم أن لا يكون القرآن أحسن الحديث يهدي به الله من يشاء من عباده إلا بمعونة الغير، والمفروض أنه هو الدليل على صحة نبوة النبي الأكرم (ص).
* أشرتم في بداية الكلام إلى مسألة التفسير بالمأثور، فما هو دور الحديث في التفسير وفقا لهذه النظرية؟
بعد أن اتضح أن الطريق إلى فهم القرآن غير مسدود، وأن البيان الإلهي والذكر الحكيم بنفسه هو الطريق الهادي إلى نفسه، أي أنه لا يحتاج في تبيين مقاصده إلى غيره، يأتي هذا التساؤل: ما هو دور الحديث في فهم القرآن الكريم؟
تقدم أن الآيات التي تدعوا الناس عامة من كافر ومؤمن ممن شاهد عصر النزول أو غاب عنه إلى تعقل القرآن، وتأمله والتدبر فيه، وخاصة قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} تدل دلالة واضحة على أن المعارف القرآنية يمكن أن ينالها الباحث بالتدبر والبحث، ويرتفع به ما يتراءى من اختلاف بين الآيات، والآية في مقام التحدي ولا معنى لإرجاع فهم معاني الآيات – والمقام هذا المقام- إلى بيان النبي فإن ما بينه(ص) :
إما أن يكون معنى يوافق ظاهر الكلام، فهو مما يؤدي إليه اللفظ ولو بعد التدبر والتأمل والبحث.
وإما أن يكون معنى لا يوافق الظاهر، ولا أن الكلام يؤدي إليه فهو مما لا يلائم التحدي ولا تتم به الحجة وهو ظاهر.
نعم تفاصيل الأحكام مما لا سبيل إلى تلقيه من غير بيان النبي (ص)، كما أرجعها القرآن الكريم إليه في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وما في معناه من الآيات، وكذا تفاصيل القصص والمعاد مثلا.
ومن هنا يظهر أن شأن النبي (ص) في هذا المقام هو شأن التعليم فحسب، والتعليم إنما هو هداية المعلم الخبير ذهن المتعلم وإرشاده إلى ما يصعب عليه العلم به والحصول عليه، لا ما يمتنع فهمه من غير تعليم، فإنما التعليم تسهيل للطريق وتقريب للمقصد لا إيجاد الطريق وخلق المقصد، والمعلم في تعليمه إنما يروم ترتيب المطالب العلمية ونضدها على نحو يستسهله ذهن المتعلم ويأنس به، فلا يقع في جهد الترتيب وكد التنظيم فيتلف العمر وموهبة القوة أو يشرف على الغلط في المعرفة.
وهذا هو الذي يدل عليه أمثال قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فالنبي إنما يعلم الناس ويبين لهم ما يدلهم عليه القرآن بنفسه ويبينه الله سبحانه بكلامه، ويمكن للناس الحصول عليه بالأخرة، لا أنه (ص) يبين لهم معاني لا طريق إلى فهمها من كلام الله تعالى، فإن ذلك لا ينطبق البتة على مثل قوله تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وقوله تعالى: {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} وهذا ما أكدت عليه الروايات الكثيرة الواردة عن أئمة أهل البيت (ع).
عن الإمام أبي عبدالله الصادق (ع) قال: «إن الله أنزل في القرآن تبيان كل شيء حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد إليه إلا بيّنه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول: (لو كان هذا أنزل في القرآن) إلا وقد أنزل الله فيه».
هذا مضافا إلى الأخبار المتواترة عنه (ص) المتضمنة لوصيته بالتمسك بالقرآن والأخذ به، وعرض الروايات المنقولة عنه على كتاب الله، فإنه لا يستقيم معناها إلا مع كون جميع ما نقل عن النبي (ص) مما يمكن استفادته من الكتاب، ولو توقف ذلك على بيان النبي (ص) كان من الدور الباطل وهو ظاهر.(الميزان ج3/84)
* تضمن كلامكم فيما يرتبط بدور الحديث في التفسير ما يرتبط بالنبي الأكرم (ص) فماذا عن أهل البيت (ع) ؟
يقوم أهل البيت (ع) مقام النبي الأكرم (ص)، وهذا ما دلت عليه الروايات المتواترة، ومن أشهرها حديث الثقلين.
* لعل البعض يشكل على هذه النظرية باستلزامها الاستغناء عن المعصوم عليه في تفسير القرآن؟
إننا وإن كنا نعتقد أنه يمكن الاستمداد بالقرآن لفهم القرآن، لأن القرآن يفسّر بعضه بعضا، إلا أن الكلام في أنه هل يمكن ذلك لكل أحد من غير توجيه وهداية من بيانات الرسول الأعظم وأئمة أهل البيت (ع) ؟
هنا يأتي حديث الثقلين وغيره لإثبات أنه لولا هداية وبيان هؤلاء (ع) للمنهج الذي ينبغي اتخاذه لاستخراج معارف القرآن الكريم لما أمكن ذلك، عن أبي لبيد البحراني قال: «جاء رجل إلى الإمام الباقر (ع) بمكة فسأله عن مسائل فأجابه فيها، ثم قال له الرجل: أنت الذي تزعم أنه ليس شيء في كتاب الله إلا معروف؟ قال: ليس هكذا قلت، ولكن ليس شيء من كتاب الله إلا عليه دليل ناطق عن الله في كتابه مما لا يعلمه الناس».
أما غيرهم فحيث لم يحيطوا بجميع ما ورد في القرآن من العام والخاص والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه فإنه لا يمكنهم أن يقوموا بهذا الدور إلا بنحو جزئي غير كامل، خصوصا إذا علمنا أن للقرآن منهجه الخاص في بيان معارفه ومقاصده.
* من الواضح النهي الشديد عن تحميل الآراء الكلامية والفلسفية العقلية على الآيات القرآنية، بل لا يعد ذلك تفسيرا، فهل يعني ذلك عدم وجود أي دور للعقل والبراهين الفلسفية في فهم القرآن الكريم؟
إن الحياة الإنسانية قائمة على أساس الإدراك والفكر، ولازم ذلك أن الفكر كلما كان أصح وأتم كانت الحياة أقوم. وقد دعا القرآن الكريم إلى الفكر الصحيح وترويج طريق العلم في آيات كثيرة وبطرق واساليب متنوعة كقوله تعالى {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} ولم يعين في الكتاب العزيز هذا الفكر الصحيح القيم الذي يندب إليه إلا أنه أحال فيه إلى ما يعرفه الناس بحسب عقولهم الفطرية وإدراكهم المركوز في نفوسهم.
وليس القرآن خارج دائرة ما يمكن من خلال العقل والبرهان فهمه وإدراكه، ولكن قد يسأل سائل: أليس من الحق أن نعلن خشيتنا من أتؤدي خلفية القواعد الفلسفية التي يحملها المفسّر إلى إسقاط هذه الرؤى الفلسفية على النص القرآني وتوجيهه بما ينسجم معها؟
الجواب: إنها خشية مشروعة وقد تحدثنا سابقا عن هذا المحذور وقلنا أن جملة من الاتجاهات الفلسفية والكلامية والعرفانية والحسية التجريبية حاولت حمل أصولها و رؤاها على التفسير، وذكرنا أن هذا النمط من المسير الذي تسلكه هذه الاتجاهات من تحميل معطيات العقل والمكاشفة أو حصائل العلوم المعاصرة على القرآن ليس تفسيرا بل هو تطبيق، فمثلا لو كانت عندك قضية عن المبدأ سبحانه أو المعاد أو عن النبوة والإمامة، فإن وجهت السؤال إلى العقل وأجاب عنه من خلال قواعده التي أسسها في الفلسفة، ثم انصرفت تلقاء القرآن تجمع الشواهد من الآيات تؤيد بها ما ذهب إليه العقل، فإن المجيب هنا هو العقل، وهكذا بعكس ما لو اتجهنا بالسؤال إلى القرآن مباشرة، فعندئذ نكون بين يدي القرآن، نحن نسأل والقرآن يجيب.
غاية ما هناك أن أجوبة القرآن تنطوي في كثير من الأحيان على احتمالات متعددة، فنحتاج إلى مرشد وهاد وموجه يحث بنا الخطى صوب مسار بعينه، هنا يأتي دور العقل كمصباح، فهو لا يوجد طريقا، بل يرشد إلى الطريق، فلوا كان عند الإنسان طريق لكن ليس لديه نور يستضيء به فلا يستطيع أن يمشي في ذلك الطريق وينتفع به.
إذن نحن أمام طريقين: أن نتجه إلى العقل أو إلى القرآن، في الطريق الأول نسأل العقل أولا، ثم نطبق عليه الآيات، أما في الطريق الثاني، فنسأل القرآن أولا، لكن بهداية من العقل وبتوجيه منه، والمنهجية ذاتها تنطبق على دور النقل، لذا قال الطباطبائي: (ففرق بين أن يقول الباحث عن معنى أية من الآيات: ماذا يقول القرآن؟ أو يقول: ماذا يجب أن نحمل عليه الآية؟ فإن القول الأول يوجب أن ينسى كل أمر نظري عند البحث وأن يتّكئ على ما ليس بنظري، والثاني يوجب وضع النظريات في المسالة وتسليمها وبناء البحث عليها).
الحاصل: إن هناك فرقا بين التحميل والتوظيف، فلكي نفهم القرآن نحتاج إلى مجموعة من القواعد والمعطيات، فلو صح التمثيل تجد نفسك عندما تريد أن تفهم اللغة العربية مدفوعا لدراسة النحو والصرف والبيان ونحو ذلك، فأنت تدرس هذه المقدمات لكي تفهم الكلام العربي الذي يمثله النص القرآني وأحاديث النبي وأهل البيت (ع)، فمن دون أن تكون لك معرفة باللغة ودراية بأصولها وقواعدها لا يمكنك أن تفهم القرآن من حيثيته اللغوية.
وكذلك الحال من حيث المحتوى فلكي يفهم الإنسان جواب القرآن ونظرياته و رؤاه لابد أن يكون مزودا بمجموعة من القواعد والمعطيات التي هي بمنزلة النور وبمثابة المصباح الذي يضيء إلى السبيل إلى الفهم.
لكن حيث أن العقل البشري قد يصيب وقد يخطئ وهذه البراهين التي انتهى إليها قد تصيب الواقع وقد تخطؤه فينبغي للإنسان أن يرجع إلى الظواهر العامة الموجودة في القرآن تؤيد أو تخالف ما انتهى إليه من نتائج عقلية.
0 التعليق
ارسال التعليق