منقذنا(عج) دراسات توضيحية من خلال الآيات القرآنية

منقذنا(عج) دراسات توضيحية من خلال الآيات القرآنية

قال الله تعالى في كتابه الكريم: {بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(1). حينما نعرض هذه الآية المباركة على الروايات المتعددة الواردة في تفسير {بَقِيَّةُ اللّهِ} سنرى أن المراد بها هو وجود الإمام المهدي(عج) ومن هذه الروايات ما نقل عن الإمام الباقر(ع) في كتاب إكمال الدين: «أوّل ما ينطق به القائم(عج) حين يخرج هذه الآية «بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» ثمَّ يقول: أنا بقية الله وحجّته وخليفته عليكم، فلا يسلِّم عليه مسلم إلاّ قال السلام عليك يا بقية الله في أرضه»(2). وقد جاء في تفسير الأمثل: إنَّ آيات القرآن الكريم بالرغم من نزولها في موارد خاصّة، إلاّ أنَّها تحتلُّ مفاهيم جامعة وكُلِّية، بحيث يمكن أن تكون مصداقا في العصور والقرون التالية وتنطبق على مجال أوسع أيضاً.

صحيح أنَّ المخاطبين في الآية المتقدمة هم قوم شعيب، والمراد من {بَقِيَّةُ اللّهِ} هو الربح ورأس المال الحلال أو الثواب الإلهي، إلاّ أنَّ كل موجود نافع باق من قبل الله للبشرية، ويكون أساس سعادتها وخيرها يعد {بَقِيَّةُ اللّهِ} أيضاً. فجميع أنبياء الله ورسله المكرمين هم {بَقِيَّةُ اللّهِ} وجميع القادة الحقّ الذين يبقون بعد الجهاد المرير في وجه الأعداء فوجودهم في الأمّة يُعدُّ {بَقِيَّةُ اللّهِ} وكذلك الجنود المقاتلون إذا عادوا إلى ذويهم من ميدان القتال بعد انتصارهم على الأعداء فهم {بَقِيَّةُ اللّهِ}، ومن هنا فإنَّ «المهدي الموعود»(عج) آخر إمام وأعظم قائد ثوري بعد النبيّ(ص) من أجلى مصاديق {بَقِيَّةُ اللّهِ} وهو أجدر من سواه بهذا اللقب، خاصّة أنه الوحيد الذي بقي بعد الأنبياء والأئمة(ع)(3).

المستقبل للإسلام

وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(4). تزف هذه الآية المباركة البُشرى للمسلمين باستيعاب الإسلام العالم بأسره، وعدم الفلاح لأعداء الإسلام في محاولاتهم الخبيثة بوجه الإسلام أبداً. والمقصود من الهدى -كما جاء في الآية الكريمة- هو الدلائل الواضحة. والبراهين الجلية التي وجدت في الدين الإسلامي.

وأمّا المراد من دين الحق، فهو هذا الدين الذي أُصوله حقَّةٌ وفروعه حقّةٌ أيضاً، وكلّ ما فيه من تأريخ وبراهين ونتائج حقّ، ولا شك أن الدين الذي محتواه حقٌّ، ودلائله وبراهينه حقّة، وتأريخه حق جلي، لا بدّ أن يظهر على جميع الأديان. وبمرور الزمان وتقدم العلم وسهولة الارتباطات، فإنَّ الواقع سيكشف وجهه ويطلعه من وراء سُدُلِ الإعلام المضلل، وستزول كلُّ العقبات والموانع والسدود التي وضعت في طريق انتشار الإسلام.

وهكذا فإنَّ دين الحق سيستوعب كلَّ مكان، ولا يحول بينه وبين تقدمه شيء أبداً، لأنَّ الحركات المضادة للإسلام حركات مخالفة لسير التأريخ وسنن الخلق.

آية جاء الحق...وقيام المهدي(عج)

قال الله تعالى: {جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}(5). تفسير هذه الآية كما في بعض الروايات بقيام دولة المهدي(عج) فالإمام الباقر(ع) يبين أنَّّ مفهوم الكلام الإلهي هو: «إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل»(6). وفي رواية أخرى نقرأ أنَّه حينما ولد المهدي(عج) كان مكتوباً على عضده قوله تعالى: {جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.

إنَّ مفهوم هذه الأحاديث لا يحصر المعنى الواسع للآية بهذا المصداق، بل إنَّ ثورة المهدي(عج) ونهضته هي مِن أوضح المصاديق حيث تكون نتيجتها الانتصار النهائي للحق على الباطل في كل العالم. وبالنسبة للرسول(ص) نقرأ أنَّهُ(ص) دخل في يوم فتح مكّة، المسجد الحرام وحطم (360) صنماً كانت لقبائل العرب، وكانت موضوعة حول فناء الكعبة، وكان(ص) يحطمها الواحد تلو الآخر بعصاه، وهو يقول:  {جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.

وخلاصة القول: إنَّّ حقيقة انتصار الحق وانهزام الباطل هي تعبير عن قانون عام يجري في مختلف العصور، وانتصار الرسول(ص) على الشرك والأصنام، ونهضة المهدي(عج) الموعودة وانتصاره على الظالمين في العالم، هُما مِن أوضح المصاديق لهذا القانون العام. وهذا القانون يبعث الأمل في نفوس أهل الحق، ويعطيهم القوة على مُواجهة مشاكل الطريق في عملهم ومسيرهم الإسلامي. من هنا يمكننا أن نستفيد من الآية المباركة أعلاه: حتمية انتصار الحق وهزيمة الباطل، فهي تعتبر أصلاً تاماً، وأساساً مهماً، وسنة إلهية خالدة تزرع الأمل في قلوب أنصار الحق، هذا الأصل هو أنّ عاقبة الحق الانتصار، وعاقبة الباطل الاندحار، وأنَّ للباطل صولة وبرق ورعد، وله كر وفر، إلاّ أن عمره قصير، وفي النهاية يكون مآلُه السقوط والزوال. الباطل كما يقول القرآن: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}(7).

ومثل هذا كما في الرسالة الإلهية فهي كالغيث الممطر من السماء على الأرض فتستقبلها الأودية ليروي الزرع والضرع، ويجعل الأرض مخضرة، ويزيل شوائب الحياة «الزبد» ولكن الإنسان -للأسف- بدل أن يهتم بالماء نجده يهتم بهذا الزبد الطافح عليه، ألا يدلُّ ذلك على قصر النظر؟! فليس النفع في الزبد ولكن النفع في الماء، والزبد هو الشيء الظاهر، والإنسان لا يبحث غالباً عن الظاهر، وهو عادةً يحبُّ المظاهر، فالزبد يمثل متع الحياة الدنيا وليست الحياة الدنيا بأفضل من الزبد، بل هي والزبد سواء. لهذا فإنَّ سبب كون متع الحياة كالزبد، لكونها تشغل الإنسان بالظاهر كالزبد، وتدعه ينسى هدفية الحياة  ويتصور أن هدفية الحياة هو ما يحصل من هذه المتع. إذاً فمتع الحياة مثل الزبد، وهذا هو الباطل، أما الحق فعادة ما يغفل عنه، ذلك لأنَّ الحق ليس الذي يستهويك، إنّما الحق هو الذي يكمن خلف المباهج، فلا تغرنك المباهج بل ابحث خلفها عن الحقيقة الناصعة.

ويتلخص لنا مما سبق: أن الزبد يتلاشى ويضيع هدراً، قال الراغب في مفرداته: جُفاءً: وهو ما يرمي به الوادي أو القِدرُ من الغثاء إلى جوانبه يقال: أجفأت القِدرُ زبدَها: ألقتْهُ إجفاءً، وأجفأت الأرض: صارت كالجفاء في ذهاب خيرها(8).

وإذا زال الزبد بقي الجوهر، والباطل لا يستطيع أن يغطي الحق أبَدَ الآبدين، فالباطل سريع الزوال، لأنه ضدُّ الطبيعة، وهو لا يمتلك مؤهلات الوجود ليستمر. والدليل عليه كامن في بطنه، حيث أنَّهُ لا يتفق مع القوانين العامّة للوجود، وليس لهُ رصيدٌ من الواقعية والحقيقة. وإنَّ الباطل شيء مصنوع ومزوَّر وأجوف، ليست له جذور، والأشياء التي لها صفات كهذه -عادةً- لا يمكنها البقاء طويلا. أما الحق فله أبعاد وجذور مُتناسقة مع قوانين الخلق والوجود، ومثلُه ينبغي أن يبقى. وأنصار الحق يعتمدون سلاح الإيمان، مَنطقهم الوفاء بالعهد، وصدق الكلام، والتضحية، وهم مستعدون أن يضحوا بأنفسهم والاستشهاد في سبيل الله، قلوبهم مُنورة بنور المعرفة، لا يخافون أحداً سوى الله، ولايعتمدون إلاّ عليه، وهذا هو سر انتصارهم.

سيحكم الصالحون الأرض، ويجعلونها تنعم وتسعد بالعدل الإلهي:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ}(9). لأنَّ الإنسان مسؤول عن تصرفاته بجميع أشكالها وأنواعها، فقد منّ الله على الصالحين المؤمنين إلى جانب ثوابهم في الآخرة بوراثة الأرض كمكافأة دنيوية لهم بعدما قاموا بتصفية أنفسهم من رواسب العقد والعقائد الفاسدة، وإيقاظها من غفلتها، فكانوا بحق أهلاً -من خلال استعدادهم- لتلقي هذه الحقيقة وهي وراثة الصالحين الأرض جميعاً.

وهنا قد يسأل قارئي الكريم، وهو كيف يتم ذلك للصالحين فقط؟ فنقول: لأنَّ الحياة مبنية على أساس الصلاح، وليس على أساس الفساد، فلو كان الكون فاسداً لتحطم وزال. ثمَّ قد يسأل عزيزي القارئ: ما هي علاقة هذا الأمر بحديثنا في قوله: {عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}؟ كما تعلمون أن الإنسان الصالح هو الذي يسير وفق سنن الله، ولا بدَّ أن يسير منسجماً مع مسيرة الكون، ولا بدّ أن يلتقيها في يومٍ من الأيام، أما الإنسان الفاسد الذي لا يسير وفق سننه، فإنه من الطبيعي أن يفترق عن مسيرة الكون، وتكون بينهما هوة تتسع مع الزمن، والذي يسير وفق برامج الحقّ لا بدّ أن يلتقي مع الكون، أما الذي يسير وفق أهوائه فإنه سوف يكون إمّا وبالاً على الكون فينشر فيه فساداً، أو يكون الكون وبالاً عليه فيهلكه أو يدمره.

إن سنن الله في الكون تُطبَّق شئنا أم أبينا، وإنَّ من يسير وفقها لا بدّ أن يلتقي معها، بينما الذي يسير ضدها لا بدّ أن ينتهي، وعنوان هذه السنن هو الصلاح، وقد بني الكون على الصلاح، والصالحون من عباد الله هم الذين يرثون الأرض، لأنَّهم يطبقون سنن الله فيها.

وقد ورد في الآية الكريمة ذكر الزبور والذكر، فلماذا خصَّهما الربُّ بالذكر، أوليست هذه سنة إلهية نوهت بها رسالات الله جميعاً؟ بلى، ولذلك احتمل بعض المفسرين أن يكون الذكر هنا هو القرآن بينما المراد من الزبور هو كل كتاب هبط قبله، من كتب الأنبياء السابقين(10). فقد أنقذ الله(سبحانه وتعالى) بني إسرائيل، ذلك القوم المستضعف من سلطة فرعون، وعلى يد النبيِّ موسى(ع) وأورثهم أرض الظالمين. كما أعطى لداوود حكماً وهيَّأَ أسباب القدرة، فكان من المناسب أن يذكرهما، بأن وراثة كل الأرض تكون للصالحين من خلال منظارين اثنين:

الأوّل: لكي يكون ما تحقق فعلاً على عهدنا شاهداً على ما يتحقق في المستقبل جرياً على نهج القرآن العظيم في الارتقاء بالقارئ من الحقائق المشهودة الحاضرة إلى الغيب الأوسع مدى.

الثاني: وليعلم كل مؤمن بأن الله سوف يورث الأرض للصالحين من عباده كما فعل في عهد داود وموسى، فيكون ذلك أملاً يبعثه إلى المزيد من النشاط، وبصيرة كونية لمعرفة حركة الكائنات التي تنتهي إلى وراثة الأرض جميعاً.

هكذا نستوحي من الآية فكرتين:

1- عندما يهيئ العباد المؤمنون الذين يعبدون الله بحق، هذه المؤهلات والأرضيات لأنفسهم، فإنَّ الله سبحانه يساعدهم ويعينهم ليمرغوا أنوف المستكبرين في التراب، ويقطعوا أيديهم الملوثة، فلا يحكمون أرضهم بعدُ، بل تكون للمستضعفين، فيرثونها، وبناءً على ذلك، فإنَّ مجرد كونهم مستضعفين لا يدل على الانتصار على الأعداء وحكم الأرض، بل إنَّ الإيمان لازم من جهة، واكتساب المؤهلات من جهة أُخرى، وما دام المستضعفون لم يُحيوا هذين الأصلين فسوف لا يصلون إلى وراثة الأرض وحكمها.

2. تأكيداً لما تقدم فإن الآية التالية تقول: {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ}.

حيث أن ظاهرها هو أنّ {هَذَا}إشارة إلى الوعد الذي أُعطي للعباد الصالحين في الآية السابقة في شأن الحكومة في الأرض.

وبتعبير آخر: إن الأرض بأكملها سوف تسعد بحكومة عادلة إلهية، وهذه هي التي نجدها فيما يسمى بـ «مزامير داوود» والذي هو اليوم جزء من كتب العهد القديم -يلاحظ التعبير الذي ورد في الآية آنفة الذكر- نفسه أو ما يشبهه في عدة مواضع، وهذا يوحي بأنه بالرغم من وجود تحريف في هذه الكتب. فقد بقي لنا الكثير من حقائق الوحي ووصايا الأنبياء، ومنها هذا القسم مصوناً من تلاعب الأيدي به، فإننا نقرأ في بعضها ما ترجمته: «إنَّ الصالحين سيرثون الأرض وسيسكنون فيها إلى الأبد»(11). وجاء في جملة أُخرى من نفس المزمور: «إنَّ الله يعلم أيام الصالحين، وسيكون ميراثهم أبديّاً»(12).

نلاحظ هنا بصورة جيدة أن عنوان «الصالحين» الذي جاء في القرآن الكريم، ورد بنفس هذا التعبير في مزامير داود. إنَّ هذا التعبير دليل على عموم حكومة الصالحين. لذلك جاءت النصوص الإسلامية عن الرسول(ص) تترا وتبشر بأنَّه لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل البيت(ع) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئت ظلماً وجورا. وجاء في حديث مأثور عن الإمام الباقر(ع) في تفسير هذه الآية «هم أصحاب المهدي في آخر الزمان»(13).

وهنا قد يتبادر إلى ذهن قارئي النبيه هذا السؤال: لماذا تخلفنا وتقدم غير المؤمنين من الصنف الكافر، هل هم صالحون فعلاً؟ لا شك ولا ريب أن الصلاح مطية التقدم، ذلك لأنه يعني التوافق بين عمل الإنسان وسنن الخلائق، ونتساءل: إذاً لماذا أصبح الكافر متقدماً علينا؟ هل يشم منهم الصلاح حتى وصلوا بسببه إلى ما هم فيه من تقدم ورقي. نعم، إنهم قد اكتشفوا بعض سنن الله وعملوا بها مثل: السعي، النظام، التخطيط، العطاء، فتقدموا علينا. إلا أن الكفرة لا يملكون خلفية عقائدية صحيحة وبالتالي لا يملكون إطاراً سليماً لنشاطهم، ولم يهتدوا إلى الصراط القويم، فكانوا كمن يجد السير على غير الطريق الصحيح فتراه يركض، ويملك من العزيمة على السير، ووسائل التحرك ما يساعده على الوصول إلى الهدف، إلا أنه أضلَّ الطريقَ فلا يغنيه السعي والنظام والتخطيط والعطاء شيئاً.

هؤلاء الكفرة حققوا جزءاً من الشرط الثاني دون الشرط الأوّل والأهم لوارثة الأرض وهو عبادة الله، فلذلك لن يكونوا المبشرين بوراثة الأرض، لأنهم ليسوا عباد الله الصالحين، بلى إنّهم يملكون من الصلاح نسبة يجزيهم الله بتقدمهم المحدود والموقت في الدنيا، وعندنا -نحن المسلمين- نسبة من الفساد نتخلف بسببها في الدنيا. إذاً لا بدّ من تطبيق كلّ الدين حتى نكون صالحين، وكلّ الدين هو الذي يجعلنا نتعايش مع سنن الكون ونبشر بوراثة الأرض بقدر تسخيرها في سبيل الله.

وأخيراً: إن ما يهمني الإشارة إليه في خاتمة هذا البحث المتواضع أن منهجنا في هذه الدراسة السالفة يعتمد على البُعد العلمي للموضوع من خلال القرآن الكريم والأحاديث الشريفة لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم أفضل الصلاة والسلام، فإن هذه –الدراسة- تعتبر من أوضح الأفكار والرؤى التي تنتسب إلى الحق ونهجه القويم، وهي الفكرة العقائدية الربانية المقدسة التي زرعتها الشرائع السماوية المتعاقبة في حقل الذهن البشري من خلال المسيرة التكاملية للأنبياء والرسل والأوصياء، وهي فكرة المنقذ الذي سيمدُّ يدَه التي باركتَها قدرةُ السماء لتنتشل البشرية من الأودية السحيقة للظلم والجور إلى مرابع القسط والعدل الإلهي، والتي ستحقق الأحلام والآمال التي بذل الأنبياء والمصلحون دماءهم زهيدة في سبيل تحقيقها، ساعين بذلك لجذب الدنيا من بؤر الظلم والفساد والعبودية إلى آفاق الحرية والعيش الرغيد.

وبما أن أهمية الدفاع عن هذه العقيدة تنبع من حيث ارتباطها بمبدأ العقيدة الإسلامية التي عبر عنها النبيّ الأكرم(ص) في قوله: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»(14).

حتى ذلك اليوم الذي تنقشع فيه كافة السحب والغيوم فيضيء هذا العالم المظلم بنور طلعته البهية. وما أقرب هذا اليوم «أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ».

والحمد لله رب العالمين.

 

* الهوامش:

 (1) سورة هود، الآية: 86.

(2) نقلا عن تفسير الصافي.

(3) تفسير الأمثل ج7 ص28، بتصرف.

(4) سورة الصف، الآية: 9.

(5) سورة الإسراء، الآية: 81.

(6) نور الثقلين، ج3، ص212 و 213.

(7) سورة الرعد، الآية: 17.

(8) مفردات ألفاظ القرآن، ص92.

(9) سورة الأنبياء، الآيتان: 105 و 106.

(10) نقل هذا الاحتمال في تفسير مجمع البيان، وتفسير الفخر الرازي عن عدة من المفسرين.

(11) الجملة 29 في المزمور.

(12) الجملة 18 من نفس المزمور أعلاه، طبعاً هناك نصوص كثيرة نقلت في  تفسير (الأمثل) في هذا الحقل راجع ج10 ص178، ونقلت هذه الجمل من الترجمة الفارسية لكتب العهد القديم، الذي ترجم في عام 1878 تحت إشراف الكنيسة المعروفة بـ مجمع البيان البريطانية المقدسة.

(13) تفسير مجمع البيان، في ذيل الآية.

(14) أصول الكافي، ج1، ص376، الباب الأول، ج1.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا