بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي منّ علينا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وأولاده المعصومين ورزقنا البراءة من أعدائهم إلى قيام يوم الدين، وأفضل الصلوات والتحيات على سيد الخلق أجمعين أبي القاسم محمد (صلَّى الله عليه وآله).
نتحدّث في هذا البحث عن واقعتين مهمتين دوّى صوتهما في العالم الإسلامي، وبينهما ارتباط وثيق ومهم جداً واعتاد المسلمون من الشيعة الإمامية على الاهتمام بهما لأنهما من تعظيم شعائر الله ألا وهما (الغدير وعاشوراء).
تعلمـون أن أمـر الخـلافة الإلهـية والقـيادة الربانية مجعول الباري
تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}(1)، {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ}(2)، {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(3).
فأمر الخلافة والقيادة والوصاية للأنبياء ليس أمرها بالاختيار والشورى أو من مختارات النبي فيختار من يشاء، لذا فإن الباري تعالى يخبر نبيّه بأمر وصّيه والخليفة كما هو كذلك في جميع الأنبياء وبالأخص في خاتم الأنبياء محمد (صلَّى الله عليه وآله)؛ لأن النبوة تختم به ولا بد من استمرار أمر الخلافة في الأرض، وقد كانت قيادة الأمّة الإسلامية من شؤون النبي (صلَّى الله عليه وآله) ما دام حيا ولا يمكن للشريعة الخالدة أن تهمل أمر القيادة العليا للأمّة بعد النبي خصوصاً أنه (صلَّى الله عليه وآله) كان يعلم بما سيحدث بعده كما ذكرت الآية {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ}(4)، ولا يمكن أن يوكل هذا الأمر المهم إلى الأهواء والرغبات أو إلى الاجتهادات الشخصية على اختلاف الآراء والاجتهادات والميولات فحيث ينتهي الأمر إلى الاختلاف والتشتت، بالأخص أن أخطاراً عظيمة من الخارج والداخل كانت تحيط بالأمّة الإسلامية، ولذا نطقت الآية بذلك وشددت اللهجة، فكان النبي (صلَّى الله عليه وآله) يدرك خطورة الموقف من بعده، فكان يؤكد على حديث الثقلين وذكر الخلفاء الاثني عشر من بعده كما ذكر ذلك عدد من علماء السنة في كتبهم(5).
بعضها صريحة باسمائهم (عليه السلام) وبعضها كما في كتاب البخاري وصحيح مسلم ومستند أحمد(6).
عن جابر بن سمره قال: «سمعت النبي: (صلَّى الله عليه وآله) يكون اثنا عشر أميراً، ثم تكلم فخفي علي ما قال، فسألت أبي: ما الذي قال؟ فقال: قال: كلّهم من قريش»(7).
وذكر ذلك في عدّة مواطن في سنة 10هـ. منها في 7 ذو الحجة بمكة، يوم عرفه، يوم النحر بمنى، أيام التشريق بمنى، يوم النفر 12 ذو الحجة(8)، يوم الغدير، عند معركة مؤته، وعند رحيله من الدنيا.
ولذا جاءت الآية شديدة اللهجة في يوم الغدير : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}(9)، سياقها يبيّن مدى أهمية الأمر وخطورة الموقف الذي ألقي على عاتق الرسول (صلَّى الله عليه وآله)، والذي يعتبر مساوياً للرسالة والأهمية والموجب ليأس الكفار وأعداء الإسلام كما نطقت الآية الكريمة ونزلت من بعدها: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}(10).
فقال (صلَّى الله عليه وآله): «الله أكبر الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي»(11).
وفي ذيل تفسير آية البلاغ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}، «أن علياً مولى المؤمنين»(12)، من هنا يلزم على الباحث عن الحقيقة أن يدرس القضية الخطيرة في تلك الظروف في ضوء منهج علمي يعتمد على دراسة ظروف عصر الرسالة والأيام الأخيرة من حياة الرسول (صلَّى الله عليه وآله) وتقيمها بشكل معقول، فإن حماية الأمّة من الحوادث المشؤمة والحيلولة دون حدوث ظاهرة مطالبة كل فريق بالزعامة لنفسه، ويعقب ذلك التنازع على مسألة الخلافة والزعامة، لم تكن ولم تتحقق إلا بالتعيين والتنصيص على القائد كفوء للأمّة المتّصف بصفات الخلافة الإلهية كما قال (صلَّى الله عليه وآله): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي».
وإطاعته على الناس واجبة {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (13)، إذا لم يكن في الأمر معصوماً(14) لا يجب إطاعته.
ولذا خطب النبي (صلَّى الله عليه وآله) خطبة ذات يوم بعد صلاة الصبح في آخر حياته الكريمة في المدنية قال (صلَّى الله عليه وآله): «إني راحل بينكم ولا أخاف على أمتي من الفقر بل أخاف عليهم من سوء التدبير وقبح التبذير وقلّة الاعتبار وكثرة الاغترار».
وهذا ما حصل واقعاً من انحراف السلطات الأموية والعباسية بدءا بالسقيفة، وتهيئة أرضية عاشوراء من يوم السقيفة ثم قتل العترة الهادية الطاهرة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع، وأحكام تُبْتدع، يخالفُ فيها كتاب الله ويتولى عليها رجالاً على غير دين الله، فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسُنْ المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا الضغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطانُ على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى»(15).
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «سوء التدبير سببت التدمير، ومن ساء تدبيره تعجّل تدميره».
فلنراجع كلمات الإمام أمير المؤمنين وتظلّمه في نهج البلاغة، فكل منصفٍ عاقل بعيد عن كل هوى وعصبية يعلم مقام أمير المؤمنين ومنزلته وصدقه وفضله فإنه يرى أنه أحق بهذا الأمر، ولذا كان يقول لهم: «أنا أحق بهذا الأمر منكم وأنتم أولى بالناس بالبيعة مني، أنا أولى برسول الله حياً وميتاً وأنا وصيه ووزيره ومستودع سره وعلمه وأنا الصّديق الأكبر والفاروق الأعظم... فعلامه تنازعونا هذا الأمر إنصفونا أن كنتم تخافون الله من أنفسكم، وإلا فبؤوا بالظلم والعدوان وأنتم تعلمون»، «أنكم تعلمون أن محلى محل القطب من الرحى».
لو أن أحداً يشك في دلالة الغدير وأنها لا تدل على الولاية بمعنى الوصية والوزارة يكفيه مراجعة كلماته في نهج لا أظن لمنصف يبقى له أدنى تأمل أوشك.
فالانحراف عن قطب الرحى يترتب عليه أثار سلبية والالتفاف حوله له آثارا إيجابية ترجع إلى الإسلام والأمّة الإسلامية جميعا؛ لذا تقول الصديقة الشهيدة في خطبتها: «والإمامة أمانٌ من الفرقة».
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أيّتها الأمّة المتحيرة بعد نبيها، أما أنكم لو قدمتّم من قدَّم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الولاية والوارثة حيث جعلها الله ما عال ولي الله(16). ولا طاش سهم من فرائض الله ولا اختلف اثنان في حكم الله ولا تنازعت الأمّة في شيء من أمر الله إلا علم ذلك عندنا من كتاب الله فذوقوا وبال ما قدمت أيديكم وما الله بظلام للعبيد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون»(17).
لذا كان يذكّر الرسول (صلَّى الله عليه وآله) بالكتاب والعترة.
وقال (عليه السلام): «...ولو أن الأمّة منذ قبض الرسول (صلَّى الله عليه وآله) اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم»(18).
يقول شاعر القرن ابن أبي قريعة 3 هـ المتوفى سنة 367 هـ:
يا من يُسائل دائبا
عن كل معضلة سخيفة
لا تكشفنَّ مغطّى
فلربما كشفت جيفه
إلى أن يقول:
وأريتكم أن الحسين
أُصيب في يوم السقيفة
ولأيِّ حال لُحدّت
بالليل فاطمة الشريفة
من السقيفة تهيئت الظروف والأرضية للأمومين ومن ثم للعباسيين وتسلّطهم على رقاب المسلمين، معاوية صلى الأربعاء بدلاً عن الجمعة، جعلهم لا يفرّقون بين الناقة والجمل فكان معاوية يحارب علياً بهؤلاء البسطاء. ومنها حصل التغيير للأحاديث الواردة في أمير المؤمنين بل وصل الأمر إلى جعل أحاديث مضادّة لها(19)، سَنّ السبّ على المنابر وخطب الجمعة وكَتب إلى ولاته تهيئة الأرض لسلطان ولده يزيد (لعنه الله). فالأمّة انحرفت فكرياً وعقائدياً ومعاوية كبس عليهم التفكير وخلق لهم حالة الجبر. وإلا كيف تتصور أناس يصلّون ويصومون ويعرفون مَن هو أمير المؤمنين والحسن والحسين كيف جاءوا لحرب ريحانة رسول الله وسبي نسائه وساب ونهب أموال آل الرسول.
ولم يكتفي معاوية بسب أمير المؤمنين وإظهار الحقد عليه وعلى أصحابه بل حتى على النبي (صلَّى الله عليه وآله). معاوية في أيام سلطانه لم يصلّي على النبي أربعين جمعة وعندما سمع المؤمنون يذكرون اسم الرسول بالشهادة انتفع قائلا "لله أبوك يا بن عبدالله، لقد كنت عالي الهمة ما رضيت لنفسك إلا أن يقرن اسمك باسم رب العالمين". وسخّر الوعاظ لانحراف الناس وميل قلوبهم عن أهل البيت بل عمدوا إلى تربية الناشئة وزرع البغض لعلي وأولاده في قلوبهم.
استعمال العنف والقتل والتشريد مع القمع وقد وصف الإمام الباقر (عليه السلام) وقال: «وقُتلتْ شيعتنا بكل بلدة، وقُطّعتْ الأيدي والأرجل على الظِّنة من يذكر بحبّنا والانقطاع إلينا... سُجن أو نهب ماله أو هدمت داره»(20)، وهذه جريمة كبرى ذات أبعاد اجتماعية واسعة وسياسة خطيرة تنتهي إلى تصفية الإسلام ومحوه من على وجه الأرض، لولا ثورة أبيّ الظيم سيد الشهداء سبط رسول الله الأعظم الحافظ لدين جده من الضياع والدماء أعلن حكمته، «هيهات منا الذلة»، «إن كان دين محمد...».
الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء:
فقام سيد الشهداء وانطلق من مسؤليته تجاه الشريعة الغرّاء والأمّةَ الإسلامية بصفته وريث النبوة، فالإمام الحسين (عليه السلام) بثورته ضد الظلم والاستهتار أريق دمه الزكي لأجل أحياء دين الله القويم، وايقاظ هذه الأمّة وخلاصها من الضياع، لهذا أيها الأحبة الكرام من هذا علِمنا ما هو الارتباط بين الغدير وكربلاء، وأنه يجب علينا أحيائهما والاحتفال بهما، إحيائهما أحياء لذكر محمد وآل محمد (صلَّى الله عليه وآله).
قال الإمام الصادق (عليه السلام): «رحم الله من أحيا أمرنا»(21).
وقالت عقيلة الهاشميين: «والله لا تمحو ذكرنا»(22).
فأنتم يا شيعة أمير المؤمنين والحسن والحسين عليكم بإحياء ذكر أهل البيت، خلقكم الله لهذا الأمر كما أخبر الرسول (صلَّى الله عليه وآله) لسيدة النساء (عليها السلام) بقضية الحسين (عليه السلام)، فبكت بكاءً شديداً فقال (صلَّى الله عليه وآله) لها: «في زمان يكون ذلك خال منك ومني. قالت: فمن الباكي عليه؟، فقال (صلَّى الله عليه وآله): يا فاطمة! أن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في كل سنة فإذا كان يوم القيامة تشفعي أنتِ للنساء وأنا أشفع للرجال، يا فاطمة! كل عين باكية في يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين، فإنها ضاحكة مستبشرة».
فأحداث عاشوراء مادّة غزيرة للتفكير والتثقيف والتغيير هذه المادّة تتضمن القيّم المؤثرة والفاعلة في حياة الإنسان كما تتضمن سنن الله في الصراع بين الحق والباطل والتوحيد والشرك فإنها تكشف عن استقرار الحق وزهوق الباطل، وأحداث يوم عاشوراء ترفع هذ الشعار ويظهر كلٌّ من الحق والباطل على حقيقته، وكلّ من يحتفل بذكرى الغدير وعاشوراء يعيش هذا المعنى، ولذا يقال: كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء؛ لأن عاشوراء فضحت ما يخفيه معسكر النفاق من الزيف الباطل والهوى والاستهتار وحب الذات والاستغراق في شهوات الدنيا والتهالك على حطامها وتسفر عن معسكر التوحيد المليء بالقيم والفضائل والأخلاق الكريمة والتسامي عن مغريات الدنيا ونكران الذات والترفّع عنها والإقبال على الله تعالى.
كل واحد منا يشعر أن عاشوراء جزء من كيانه وعمقه التاريخي، وجزء من حاضره وواقعة المعاصر الذي يعيشه في الصراع بين حزب الله النجباء وحزب الشيطان، والذي يبرز على وسائل الإعلام في ساحات المواجهة والصراع العبور واشكال مختلفة، وجمهورنا بحاجة ملحّة إلى هذه الثقافة وعاشوراء غنىٌ بهذه الثقافية وغنىٌ بآفاق جديدة للتفكير والتأمل، وخطباء المنبر الحسيني والشعراء والرواديد مسؤولون عن اكتشاف هذه الآفاق.
وانشداد المؤمنين بحادثة الطف معنى هو الودّ الذي جعله الله في قلوب المؤمنين للحسين (عليه السلام): «إن للحسين حراره في قلوب المؤمنين» وودّ الصالحين الذي غرسه الله في قلوب المؤمنين لا يستطيع أحد أن ينتزعه، وانشداد المؤمنين ليوم عاشوراء هو تعبير عن هذا الود للحسين، مهمّا كلّف الأمر وحاول الطغاة على طول التاريخ أن ينزعوا هذا الحب والود من قلوب آل الرسول، ومنع الناس عن زيارة قبورهم لم يزيدهم إلا خسارا فقد اشتد الود والارتباط بالحسين (عليه السلام) حتى قدّموا أعناقهم ولا زال الصراع مستمراً على مدى الأزمان، ولذا أيها الأحبة علينا أن نظهِر مظاهر عاشوراء بأحسن وجه.
مع أن الشيعة عاشوا أشد القهر والتشريد والتنكيل كان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يؤكّدون على إقامة العزاء على الحسين، ونيل الثواب العظيم لمن يبكى على الحسين وأن كل جزع مكروه إلا على الحسين، وكل عين باكية يوم القيامة إلا عيون منها عين بكت على مصيبة الحسين(23) لماذا لا نكتفي بذكر المحاضرات الدينية من دون إنشاد شعر وبكاء ونحيب ولطم وخروج بأعلام ولبس السواد؟ نقول هناك عدد من العوامل المؤثرة في بلورة تغيير السلوك بعض الأحيان لا تكون مؤثرة بقراءة موضوع من كتاب أو استماع محاضرة.
العامل الأول المعرفة والثاني الأحاسيس والعواطف والرغبة والدافع في أعماق الإنسان التي تبعث الإنسان وتدفعه، وهذه تسمى بالعشق والودّ والحب وقد أكّد الأئمة (عليهم السلام) على هذا الدافع.
قد جربتم مشاعركم وقد قرأتم عن قضايا كثيرة ومنها عن عاشوراء لعلك تتأثر بينك وبين نفسك ولكن كم مدى تأثيره في الأعماق عندما تحضر المجالس الحسينية أو تسمع الشعراء ينشدون شعراً في مصاب الحسين أو الرادود الحسيني عندما ينعى على مسامع الشباب كم يتأثر منهم فيجهشون بالبكاء، ولذا يعبّر بعض الأعاظم بقوله: كلّ ما لدينا من عاشوراء (المحرم وصفر)؛ لذا أطلب من أخوة الإيمان شعراء وخدام الحسين والرواديد الحسينيون -أدام الله عزّهم- أن ينشدوا في أهل البيت (عليهم السلام) ويصبّوا في هذا القالب؛ لأن قضية الحسين (عليه السلام) هي الأساس والأصل وعن طريقها نتعرف على مظلومي العالم والمستضعفين، وليدخل ذلك في الجزع على مصاب الحسين ولذا حادثة عاشوراء حادثة عظيمة في الثواب نهضت بالأمم، ولها دور كبير في التاريخ الإسلامي فهي التي غيرّت مسيرة التاريخ الإسلامي وهي التي زودت الإنسان إلى يوم القيامة دروسَ التحرّك والنهضة وهي المقومة والاستقامة والشهادة، يقول بعض الأعلام: نحن وإن قدّمنا حسينا بين العظماء فإنا لا نقّدم فيها عظيما فحسب، وإنما نقدّم فيه عظيماً دونه كل عظيم، فلم تكن ذكراه ذكرى رجل، بل ذكرى الإنسانية الخالدة، ولم تكن أخباره أخبار بطل، بل خبر البطولة الفذة.
يقول بعض الأعاظم: "إقامة العزاء على الحسين من اللطم والبكاء والنحيب، وما وردت من الروايات الكثيرة في ذلك لأجل حفظ الحقائق وعدم اندراسها، وأهم من ذلك لأجل اجتماع المؤمنين تحت راية واحدة والكل ينادي ياحسين...".
نسأل الله أن ينتصر المظلومين من كل ظلم وجور.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك اللهم العن العصابة التي شايعت وبايعت وتابعت على قتله اللهم العنهم جميعا.
والحمدلله رب العالمين.
* الهوامش:
(1) سورة البقرة: 30.
(2) سورة ص: 26.
(3) البقرة: 124.
(4) آل عمران:.144.
(5) ينابيع الموده ب 76 – 441 – 486.
(6) ط خ/ 9 729ح 2034 ب 1148، صحيح مسلم كتاب الامارة باب الخامس تبع لقريش 4/482، مستند أحمد 1/389.
(7) بحار الأنوار 36: 234.
(8) السيرة النبويّة 3: 116.
(9) المائدة:.67
(10) المائدة: 3.
(11) المناقب للخوارزمي 135، شواهد التنزيل للحسكاني 1/200.
(12) بل ورد في تفسير فتح2/88، والسيوطي 3/117.
(13) النساء: 59.
(14) بحثنا في الآية المباركة في كتابنا الآيات الباهرة في مناقب العترة الطاهرة.
(15) نهج البلاغة من كلام له في تمجيد الله.
(16) أي ما مال عن الحق.
(17) فروع الكافي 7/78.
(18) البحار 89/41.
(19) الكامل في التاريخ 3/202، أنساب الأشراف للبلاذري ج/ق4 ص243ح648، النصائح الكافية 100.
(20) الطبقات الكبرة لابن سعد 5: 95 (بتصرف).
(21) المحاسن ج1 : 19.
(22) بحار الأنوار 45: 135.
(23) راجع بحار الأنوار 44 ب 34 باب ثواب البكاء على الحسين (عليه السلام) 278.
0 التعليق
ارسال التعليق