كلمة العدد الوظيفة الأكمل

كلمة العدد الوظيفة الأكمل

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.

الظلم قبيح، الصدق حسن، الكذب قبيح، يجب على الأفراد الابتعاد عن كل ما يضر ويسئ للمجتمع هذه وغيرها تعتبر مبادئ ينطلق منها العاقل في حياته كلّها ويعالج بها قضاياه المختلفة، وهذه المبادئ ليس لها مكان خاص أو زمان معيَّن بل هي موجودة في كل موطن وجد فيه عاقلٌ، وكذا كلّ شيء ارتبط بهذه المبادئ فهو غير محدود بزمان أو مكان. وهذا سرّ من أسرار خلود ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) فهي ثورة مرتبطة بالمبادئ والقيم الحقّة وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، فقائدها معصوم لا يخطئ وتشخيصه هو تشخيص إلهيّ، وأهداف ثورته مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحقّ تعالى فاكتسبت بقاءها وانتشارها -مؤثرةً- من ذلك رغم ما جرى عليها من محاولات نكراء لتحريفها على مختلف الأصعدة فملئت كتب التاريخ والحديث بالأكاذيب والتضليل والزيادات وتعمّد الإنقاص والانتقاص لهذه الثورة المباركة، لكن الحق تعالى واعدٌ بالنصر {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(1).

بعد هذه المقدمة: نقول ثورة بهذه العظمة واقعة موقع العناية من العزيز الجبار كيف ينبغي لنا أن نتعامل معها؟ وكيف لنا أن نتعامل مع قائدها؟

لا يقال: إنّ مسؤوليتنا تجاهها هو أن نبقيها حيّة في نفوس المؤمنين.

لأنّـا سـنقول: إنّ هـذه ليسـت وظيفـتنا لأن هذه الوظيفة قد تكفّل بها الله عزّ وجلّ حيث جعل الملازمة بين الإيمان والحرارة فمن كان مؤمناً بالله تعالى معتقداً بالإسلام -أي بالنبي والأئمة (عليهم السلام) وما جاء عنهم- فإنه يحترق حسرة لما جرى على أبي عبدالله الحسين فعن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: «إنّ لولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً، ثم قال الإمام الصادق: بأبي قتيل كل عبرة، قيل وما قتيل كل عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى»(2).

الوظيفة الأكمل تجاه قضية الامام الحسين (عليه السلام)؟

إذاً الوظيفة الأكمل في الواقع هي وظيفة عظيمة جداً، وهي منصبة على عاتق الجميع بلا استثناء من الرجال والنّساء والصغار والكبار وهي تكمن في أمرين، أوّلهما: التعريف بالإيمان وحقيقته وممارسته حقيقة، وثانيهما: التعريف بالثورة الحسينية ابتداءً من أهدافها مروراً بما جرى فيها وانتهاء بالاستفادة منها.

فلابد من أن يكون المنتمي إلى الإمام الحسين أن يحمل إيماناً رصيناً والتزاماً به في كل حياته وهذه المسؤولية على العالِم وعلى الأبوين والإخوان والأصدقاء وكل أفراد المجتمع فتنشأ الضرورة الشديدة للتواصي بالحق ابتداء من تعلم أحكام الدين والعقيدة والدفع لذلك وانتهاء بممارستها في السلوك العملي، فمِن التعليم إلى التطبيق يحتاج الفرد منا -صغيراً كان أم كبيراً- إلى أن يتعلّم علوم الدين بقدر طاقته ويطبقها أولاً في حياته ثم يشجّع بقية المؤمنين على ذلك.

ولابد أيضاً من تعريف الأمم بالحسين وثورته المباركة بالعَبرة والعِبرة.

فلذا لابد من ترسيخ هذين المفهومين في حياة الأمم فمَن عرف الإسلام وعرف تطبيقاً عملياً للإسلام متمثلاً في الإمام الحسين (عليه السلام) وطبّق ذلك في حياته فإنه يكون مؤمناً بحق مستحقاً لأعلى درجات الجنة {كَلا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}(3).

وعليه فمَن آمن بالصلاة وتساهل في أدائها فهو ليس منتميا للحسين...

وكذا من تساهل في تعلّم الدين وأحكامه...

وكذا من لم يبالِ في تعلّمه لمفاهيم الإسلام ولم يهتم بمن يأخذ عنه هذه المفاهيم بأن أكثر من مطالعة كتب الضلال والعلمنة وما شاكل من كتب الانحراف الفكري...

وكذا من أطلق لنفسه العنان في ممارسة ما يشتهي من سلوكيات ويلبس ما يشاء بدون لحاظ الضوابط الدينية والإيمانية لذلك...

وكذا من تعمّد توهين القائمين على الدين وحماته...

وكذا من يسيء في ممارسته للشعائر الحسينية فيستغلها ليأخذ منها الوجاهة والسمعة بين الناس...

وغيرهم ممن لا يعيرون قلوبهم لصوت الحسين إلا كما يشاؤون، فهؤلاء ليسوا حسينيين ولا ينتمون إلى الحسين وعملهم وإن كثر فهو هباءٌ منثور كالهشيم تذروه الرياح أي أنه لا قيمة له عند الله عزّ وجلّ، بل قد يكون وبالاً عليهم يوم القيامة ذلك لأنهم لم يعملوا بما قام لأجله الإمام الحسين (عليه السلام) وهو الدين.

 

* الهوامش:

(1) سورة محمد47 :7.

(2) جامع أحاديث الشيعة ج12 باب83 ح217.

(3) سورة المطففين83 :18.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا