قـراءتنا

قـراءتنا

في نفس ابن آدم كِبرٌ دفين، يعشعش في نفسه وروحه فلا يتركه يتأقلم أو يتربى في مدرسة العقل والوحي، حين يستثيره شعوره بالغنى، وعدم الحاجة، وإذا لم يتنبه الإنسان إلى هذا الداء فإنَّ نعم الله عليه لا تزيده إلاّ طغياناً، ممّا يؤدي به إلى الانسلاخ من عبودية الله، ويرفض الاعتراف بأحكامه، ويصمّ أذنيه عن ندائه، ولا يراعي حقاً ولا عدلاً، وهذا يعني الهلاك بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وأمّا إذا تذكر الإنسان، وعرف أنه بذاته جاهل فقير مسكين مستكين، وأنّ الله هو الذي علّم بالقلم، وأنه حينما يقرأ فإنّ الله الأكرم، أهل الحمد والكبرياء وليس هذا المتعلّم الذي يطغى بعلمه.

إن الحقيقة بكلها -وكما يعلم قارئي الكريم- تقول: لا الإنسان ولا أي مخلوق آخر قادر على أن يستغني، بل كلّ الموجودات الممكنة بحاجة إلى لطف الله ونِعَمِه، وإذا انقطع فيضه سبحانه عنها لحظة واحدة، ففي هذه اللحظة بالذات تفنى بأجمعها، غير أنّ الإنسان يحسّ خطأً أحياناً أنّه مستغن غير محتاج. من هنا سيكون مدار بحثنا المتواضع هو توضيح الآيات القرآنية المباركة لتكون مناراً لنا في قراءة الإسلام، سائلاً العلي القدير التوفيق والتسديد.

قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (1).

وقبل الخوض المتواضع في هذه الآيات المباركة أود التذكير بالحقيقة التالية وهي: أن القرآن العظيم هو أحسن وأفضــل مُعرّفٍ لأوصــافه الكريمـــة. وما في حديث العترة الطاهرة من وصفه مُستندٌ إليهِ هو نفسه، والانتفاع به معهودٌ به إلى نظيره، أي: الثقل الأصغر الذي هو القرآن الناطق، فالقرآن الكريم هو هُم(ع)، فما فارق أهلُ البيت(ع) القرآنَ العظيم في مرحلةٍ من مراحل الكمال، ولا يُفارقهم القرآن الكريم في مقامٍ من مقامات الوجود، فما من كمالٍ في القرآن تفتقدُهُ العِترةُ الطاهرةُ، ولا من كمالٍ فيها لا يحتويه القرآنُ الكريم، فهذان الثقلان الثقيلان لا يفترقان أبداً بنصِّ الحديث المتواتر عن النبيّ الأكرم(ص)، ومطمحُ النظر فعلاً هو رسالةُ القرآن الكريم، أي: الشيءُ الذي يصطفي الإنســـان الكامــل بتلقِّيه لأسمــى منزلةٍ، حيث تلقيه لأكمل الرسالات ألا وهي هذا الإسلامُ الإلهي الأصيل: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (2).

وعوداً على الآيات المباركة المتقدمة، نقول: قال أغلب المفسرين أو جميعهم، هي أوّل ما نزل على رسول الله، بالرغم من أن فاتحة الكتاب هي سورة الحمد، إلاّ أنها كانت فاتحة الكتاب حسب ما قدر الله لها أن تكون في صورته النهائية، بينما كانت الآيات الخمس الأوائل في سورة العلق فاتحة التنزيل، ومن المعروف -لدى قارئي الكريم- أن هناك فرقاً بين ما أُنزل في ليلة القدر حين أُنزل الكتابُ كلُّه وبين ما نَزَلَ منجماً خلال ثلاث وعشرين عاماً من دعوة الرسول(ص).

من هنا جاء في الحديث: عن الإمام الصادق(ع): «أوّل ما نزل على رسول الله {بسم الله الرحمن الرحيم، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وآخره {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}»(3).

ويتلخص لنا ممّا تقدم: أن بداية الفصل الجديد في تأريخ البشرية، يبدأ من نزول الآيات الخمس الأوائل في سورة العلق، حيث أضحت الإنسانية مشمولة بأعظم الألطاف الإلهية وبأكمل الأديان وخاتمها، واستمرّ نزول الوحي حتى اكتمل التشريع الإلهي بمصداق قوله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (4). الإسلام هنا بمعناه اللغوي الذي استخدمه القرآن الكريم في سائر الآيات، وهو التسليم لله ولمناهجه وأنه دين الله الذي ارتضاه لنا ويتجسد في تقوى الله، واتِّباع مناهجه، وفي طاعة رسول الله وأولي الأمر من بعده الذين يشكلون الامتداد الشرعي لخط الله والرسول، والمهم في الأمر أنّ الآيات من سورة العلق نزلت على نبيٍّ أُمي لم يتعلم القراءة والكتابة وفي بيئة اجتماعية تسودها الأُمية والجهل لتتحدث أوّل ما تتحدث عن العلم وعن القلم مباشرة بعد ذكر نعمة الخلق، هذه الآيات تتحدث في الواقع أولاً عن تكامل جسم الإنسان من موجود تافه هو (العلقة) ثمّ عن تكامل (روحه) بواسطة التعليم والتعلم خاصة عن طريق القلم.

عند نزول هذه الآيات المباركة كان النبيّ محمّد(ص) يقلب وجهه في السماء ينتظر ساعة الانطلاق الكبير، كان يعلم أنه رسول الله ولكن متى يتنزل عليه الوحي ليأمره بأن يصدع بالحق؟ هذا الذي كان يبحث عنه بشوقٍ كبير، كانت الكعبة تستصرخه لينقذها من الصخور الصماء التي نُصبت من حولها وعُبدت من دون الله جهاراً، وكانت تستنجد به لأنها حُوّلت من بيت الله الذي وضعه للناس جميعاً، إلى عاصمة مستكبري قريش، يفرضون باسمها على الجزيرة سيادتهم الظالمة، وكانت الإنسانية المعذبة في أرجاء الجزيرة تنتظره بفارغ الصبر، فهنا البنات يقتلن بغير ذنبٍ، وهناك يقتل الأولاد أيضاً، والحقوق تنتهك، والزنا يتفشى، والفقر والمسكنة والتخلف كل ذلك أصبح سمة المجتمع أينما نظرت، وأمّا الثقافة فقد أصبحت في خدمة الطغاة والمترفين، على أنها كانت ركاماً من الأساطير والخرافات، ووسيلة لإثارة النعرات العشائرية، والعصبيات التافهة، والمفاخر الكاذبة، وأداةً لتكريس الأحقاد والضغائن، والعلاقات الاقتصادية أصبحت مجموعة أغلال وقيود على نشاط الإنسان على أنها كانت قائمة على أساس الظلم والقهر والطبقية المقيتة. وكانت الأوضاع خارج الجزيرة ليست بأحسن أبداً، حيث جرف التحريف والنفاق أتباع موسى وعيسى(ع) إلى أبعد حدود الضلال، وكانت الثقافة ربانية إلى هذا الإنسان الغارق في أوحال الجهل والتخلف والانحطاط إلى أبعد الحدود، وبعث الله أعظم ملائكته وهو جبرائيل(ع) ليكون أوّل لقاء بين الرسول(ص) وجبرئيل(ع) المطوق بالنور، أو كما يعبر عنه بطاووس الملائكة، نعم فقد هبط الأمين جبرئيل، وحمل معه نوراً يتألق سناه عبر الزمن.

وإليك -قارئي الكريم- بعض ما جاء عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة مع التوضيح:

أوّلاً: قوله(ع): «وأشهد أنّ محمّداً عبدهُ ورسولهُ» طبعاً ما أن يفرغ الإمام(ع) من الشهادة الخالصة الحقّة حتى يردفها بمتممتها التي تتمثل بالشهادة بالنبوة، نعم فهو عبد الله قبل أن يكون رسوله، فليس من مجال لبلوغ مقام النبوة دون العبودية، وفي هذا رد على أولئك الذين قد يبالغون في مقام الرسول ليبلغوا به درجة الألوهية، آنذاك يصف رسالة ووظيفة النبيّ(ص) فيقول: «أَرسَلَهُ بِالدِّينِ المَشهُور وَالعَلَمِ المَأثُورِ (5)، والكِتَابِ المَسطُورِ، وَالنُّورِ السَّاطِعِ (6)وَالضِّياءِ اللامِعِ وَالأَمرِ الصَّادعِ» (7).

والواقع هنالك عدة تفاسير بشأن هذه العبارات الست العميقة المعاني والأمور التي تشير إليها، منها أنّ المراد بالدين المشهور هو الإسلام الحنيف والعلم المأثور المعجزات والكتاب المسطور القرآن الكريم والنور الساطع علوم النبيّ(ص) والضياء اللامع سنته(ص)، والأمر الصادع بقرينة الآية {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} (8)؛ أي: ترك التقية وإظهار التوحيد في مقابل الطغاة الكفرة وإنذارهم بكل وضوح، وعدم الخشية منهم. كما يحتمل أن يكون المراد بالضياء اللامع والنور الساطع تبيين القرآن الكريم، فالقرآن مصدر إشعاع أفكار المجتمعات الإنسانية. ثمّ يخوض الإمام(ع) في الهدف النهائي لرسالة النبي(ص) والقرآن والمعجزات والقوانين والأحكام الشرعية، فيوضح أهداف النبيّ(ص) في ثلاث محاور:

1. إزالة الشبهات بالأدلة والبراهين.

2. استقطاب الخصوم من خلال إرشادها بالآيات البيِّنات.

3. تحذيرهم من العقاب الأليم إنْ هم تمادوا في غيّهم وعصيانهم «إزاحةً(9) للشُّبهَاتِ، وَاحتِجَاجاً بالبيَناتِ، وَتَحذيراً بِالآياتِ، وَتَخويفاً بِالمَثلاتِ»(10).

يمكن أن يكون المراد من قوله «إزاحةً للشُّبهَاتِ» الحقائق التي تعززها البراهين والأدلة الربانية والتي لا تدع مجالاً لشك أو شبهة. و«وَاحتِجَاجاً بالبيِّناتِ» المعجزات الحسية بالنسبة لأُولئك الذين لا يسلِّمون إلا للاستدلالات العقلية والتي من شأنها سوقهم نحو الإيمان واليقين، والمراد من قوله(ع): «وَتَحذيراً بِالآياتِ» هو الوعيد بالعذاب الأُخروي، «وَتَخويفاً بِالمَثلاتِ» هو الوعيد بالعذاب الدنيوي كما ورد ذلك في بعض الآيات القرآنية كقوله سبحانه وتعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ} (11).

فيا للعجب من هذا الإنسان حيث يفضل ارتكاب السيئات على الحسنات، لأن الحسنة لا تعجبه فيتمنى العذاب، ولكنهم في الحقيقة نسوا ما حلَّ بمن قبلهم كقوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب الرس.... وغيرهم. ومن البديهي لا تتضح عظمة رسالة النبيّ(ص) وسمو الخدمات التي أسداها إلى البشرية وحلاوة الإيمان التي حملها الدين الحنيف ما لم تكن هناك صورة واضحة عن الأوضاع السائدة لدى الأقوام السابقة التي سبقت عصر الرسالة وانبثاق الدعوة الإسلامية، لهذا أشار أمير المؤمنين(ع) إلى الفتن التي كانت تعصف بالأمة آنذاك بحيث تصدعت عرى الدين وتزعزعت أعمدة الإيمان، حيث غُيِّبت المعارف الدينية الحقّة إثر فتن الشياطين ووساوس عبدة الأهواء، حتى عمت الفوضى في أوساط الأمة وتصاعدت بينهم حدة الفرقة والاختلاف: «والناس في فِتَنٍ انجذمَ (12)فيها حبلُ الدِّين، وتزعزعت (13)سواري (14)اليقين، واختلف النجر (15)، وتشتت الأمر، وضاق المخرج، وعمي المصدر».

والأنكى من ذلك وفي ظل هذه الظروف لم يكن هناك من سبيل للخروج من المأزق ولا من كهف يُؤوى إليه، نعم هكذا كانت الأوضاع التي عاشتها الأمة في العصر الجاهلي، حيث الفوضى والقبائح والرذائل، وعبارة «حَبلُ الدِّين» التي وردت بصيغة المفرد إشارة إلى وحدة الدين الحق ووحدة المصدر الذي تستقي منه كافة أصول وتعاليم الأنبياء، وإنْ شهدت هذه الأصول والتعاليم بعض الفوارق التي تفرزها طبيعة تقادم الزمان، وهذا ما يجوِّزه القرآن الكريم على لسان المؤمنين الصادقين بقوله «لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ» (16). ومن هنا عكس الإمام(ع) عظمة مقام النبي(ص) وسمو منزلته حيث تتضح شدة نوره وعمق خطفه للأبصار كلما كان الظلام دامساً والعتمة شديدة، الأمر الذي يكشف عن عظمة خدمات نبي الإسلام(ص) لتفعيل دينه المنقذ في المجتمع، وانتشاله من ذلك الوضع المؤسف، وطبعه بهذه الصفات العالية.

وقال أمير المؤمنين(ع) في خطبة أخرى، وهي تشير إلى عظمة جهود النبي(ص) التي استطاعت أنْ تنهض بذلك المجتمع الجاهلي المنحط وتجعله مجتمعاً راقياً متطوراً: «فبالغ(ص) في النصيحة، ومضى على الطريقة، ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة» (17).

نعم بهذا الأسلوب الروحي الذي يستند إلى الوحي السماوي حتى نفذت نصائحه وإرشاداته(ص) إلى القلوب، فقد دعا أولئك الناس الذين أصيبوا بالجهل والخرافة والحيرة والضلال إلى العلم والمعرفة، فلما نزل عليه جبرئيل عرّفه الله بصدقه فلما نودي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} قرأ(ص): بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم. والسؤال الذي يمكن أن يثار هو: ما الذي نستفيده من دلالات في قوله تعالى: {اقرأ} وهي الكلمة الأولى من الوحي؟ (18).

لعل الوحي كان يفتتح على البشرية عهد القراءة باعتبارها ظاهرة ملازمة للإنسان بعد عهد النبي(ص) وفعلا وبالرغم من وجود ظاهرة الكتابة منذ مئات السنين قبل الإسلام إلاّ أنها انتشرت بالإسلام بصورة مطردة حتى أصبحت اليوم سمة الإنسان الظاهرة. والقراءة أشد وضوحاً من الاستماع، لأنها تفرض التفاعل بين الإنسان والنص الذي يُتلى عليه أكثر من مجرد الاستماع إليه، وربما سمي لذلك كتابُ ربنا  بالقرآن.

ولكن القراءة ليست مطلوبة بصفةٍ مطلقة، وإنّما مشروطة بالتي تكون باسم الله، لهذا بدأت دعوة النبيّ(ص) بهذا الذكر المبارك، أي: اقرأ يا محمّد باسم ربك، وهنا قد يقول النبيه: لماذا قيدت القراءة باسم الرب؟ فيكون الجواب على هذا الاستفهام: أن اسم الله تبارك وتعالى يحدد الهدف من القراءة، فلا يكون من أجل التعالي على الناس، وخدمة الطغاة وتضليل السذّج من الناس، بل تكون من أجل تزكية النفس، وخدمة الناس وهدايتهم.

وحين يكون العلم -ووسيلته القراءة- باسم الله ترى الملوك صافين على أبواب العلماء، والناس ملتفون حولهم، وهم يقودونهم في معاركهم ضد الطغاة المستكبرين، حتى إحقاق الحق والنصر، وهذا جلي لكل متتبع، حيث عرف أن علماء الدين في كل مكان هم الذين حرروا بلاد الإسلام من الاستعمار، لأن ثقافتهم كانت ثقافة إسلامية خالصة تنطلق في كلّ مرافق حياتهم مقرونة بذكر الله واسمه الكريم.

ويلاحظ هنا قبل كلّ شيء التركيز على مسألة الربوبية، وكما يعلم قارئي الكريم أنّ «الربّ» يعني «المالك المصلح» أي الشخص الذي يملك شيئاً، ويتعهد إصلاحه وتربيته أيضاً، ولإثبات ربوبية الله جاء ذكر الخلقة، خلقة الكون، إن أفضلَ دليل على ربوبيتِه خالقيتُه، فالذي يُدبّر العالم هو خالقه، وهذا في الحقيقة ردّ على المشركين الذين قبلوا خالقية الله، وأوكلوا الربوبية والتدبير إلى الأوثان، ثمّ إنّ ربوبية الله وتدبيره لنظام الكون أفضل دليل على إثبات ذاته المقدسة.

ثمّ اختارت الآية التالية «الإنسان» باعتباره أهم مظاهر الخالقية وقالت: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}. لقد خلق الله الإنسان من علقةٍ، والتي تعني في الأصل الالتصاق بشيء، ولذلك سمي الدم المنعقد المتلاصق، والنطفة بعد أن تطوي المراحل الجنينية الأُولى تتحول إلى قطعة دمٍ جامدٍ يعلق، وهي مع تفاهتها الظاهرية تعتبر مبدأ الإنسان، أي: أن الله(سبحانه وتعالى) خلقه من قبل من ماءٍ مهين وتافه، ثمّ أكرمه حتى فضلّه على كثيرٍ ممّا خلق تفضيلاً. نعم، أيّةُ نقلةٍ عظيمة كانت بين حالته كعلقة ودم، وبينه كإنسان يمشي سوياً على قدميه؟ إن من يعرف قليلاً عن خلقة الإنسان وما أودع الله في جسده وروحه من آياتِ عظمته لا بد أن ينبهر بتلك النقلة العظيمة، ولكن نقلةً عظيمةً أخرى تنتظره الآن، هذه المرّة لا بد أن تتم هذه النقلة بعزيمة من عنده ورحمة من ربه، ولعله لذلك جاءت هذه الآية لتذكرنا بأصل خلقة الإنسان، ومن شك في قدرته على أن يسمو إلى درجاتٍ عاليةٍ فلينظر إلى نعمة الله كيف خلقه من علقة، إنه قادرٌ على أن يبعثه خلقاً آخر بالعلم والهدى.

فلنفكر في أبعاد القراءة، كيف علّم الله الإنسان الكتابة فأخذ ينقل تجاربه من جيل لآخر، ومن أمة لأُخرى، وتراكمت التجارب حتى أضحت اليوم سبيلاً متدفقاً لا تكاد قنواتها العلمية على سعتها تقدر على استيعابها، أرأيت لو لم يعلّم الإنسان الكتابة هل كان إلاّ مثل فصيل من القردة أو ما ماثلها.

سبحانك يا ربنا، إنك ترى الناس على صنفين: فمنهم لك من الشاكرين على نعمك، ومنهم لازالوا على كفرهم بنعمك، بل كلما زادت نعمك عليهم ازدادوا كفراً بها وطغياناً، فمن أجل ألَّا يصبح العلم سبباً للطغيان وأداة للظلم والفساد، يذكرنا الرب بأنه أنّى تقدم البشر في آفاق العلم فعليه أن يشكر ربه، ويعترف بأن الله هو الأكرم، كما قال الله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}، وهذه الآية في الواقع جواب على قول الرسول(ص)لجبرائيل: ما أنا بقارئ، وهذه الآية تقول: إنك قادر على القراءة بكرم الرب وفضله ومنّه.

وهنا ملاحظة: وهي أنّ هذه الآية نزلت على نبيّ أُمي لم يتعلم القراءة والكتابة، وبتعبير أوضح: أن المراد من كون النبيّ(ص) أمياً كما هو الأشهر بين المؤرخين، أنه(ص) لم يدرس، ولم يكتب شيئاً، وفي بيئة اجتماعية تسودها -كما سبق- الأُمية والجهل، حيث هي الحالة السائدة آنذاك، وإلاّ فإن عدد العارفين بالكتابة والقراءة في المحيط الحجازي -في ذلك الوقت- قليلاً جداً، وكانوا معروفين بأعيانهم وأشخاصهم، فقد كان عددهم في مكّة من الرجال لا يتجاوز السبعة عشر شخصاً، ومن النساء امرأة واحدة (19)، ومن المسلّم أن النبي(ص) لو كان قد تعلم القراءة والكتابة -في مثل هذه البيئة- لدى أستاذ لشاع ذلك وصار أمراً معروفاً للجميع، وعلى فرض أننا لم نقبل بنبوته، ولكن كيف يمكنه(ص) أن ينفي -في كتابه- بصراحةٍ هذا الموضوع؟ ألا يعترض عليه الناس ويقولون: إنَّ دراستك وتعلّمك للقراءة والكتابة أمر مسلّم معروف لنا، فكيف تنفي ذلك؟ إنّ هذه قرينة واضحة على أُميّة النبيّ. وعلى كل حال، فإنّ وجود هذه الصفة في النبيّ(ص) كان تأكيداً على نبوته حتى ينتفي أي احتمال في ارتباطه إلاّ بالله وبعالم ما وراء الطبيعة في صعيد دعوته. هذا بالنسبة إلى فترة ما قبل النبوة، وأمّا بعد البعثة فلم ينقل أحد المؤرخين أنه تلقى القراءة أو الكتابة من أحد، وعلى هذا بقي(ص) على أمُيّته حتى نهاية عمره.

ولكن من الخطأ الكبير أن تتصور أنّ عدم التعلم عند أحد يعني عدم المعرفة بالكتابة والقراءة، والذين فسّروا «الأمّية» بعدم المعرفة بالكتابة والقراءة كأنهم لم يلتفتوا إلى هذا التفاوت. ولا مانع أبداً من أن النبيّ(ص) كان عارفاً بالقراءة والكتابة بتعليم الله، ومن دون أن يتتلمذ على يد أحدٍ من البشر لأنّ مثل هذه المعرفة هي بلا شك من الكمالات الإنسانية، ومكملة لمقام النبوة، ويشهد بذلك ما ورد في الأحاديث المروية عن أهل البيت(ع) (20)، ولكنه لأجل أن لا يبقى أي مجال لأدنى تشكيك في دعوته لم يكن(ص) يستفيد من هذه المقدرة، فكان من الكمال في حركته في عدم القراءة والكتابة، إذ يمكن أن يوجد عالم قدير وفيلسوف مطلع، فيدعي النبوة ويظهر كتاباً عنده على أنه من السماء، ففي مثل هذه الظروف قد تثار الشكوك والاحتمالات أو الوساوس في أن هذا الكتاب -أو هذا الدين- هو من عنده لا من السماء، إلاّ أننا إذا رأينا إنساناً ينهض من بين أُمة متخلفة، ولم يتعلم على يد أي أستاذ، ولم يقرأ كتاباً ولم يكتب ورقةً، فيأتي بكتاب عظيم عظمة عالم الوجود، بمحتوى عال جداً، فهنا يمكن معرفة أن هذا الكتاب ليس من نسج فكره وعقله، بل هو وحي السماء وتعليم إلهي، ويدرك هذا بصورة جيدة، نعم فقد أتى(ص) بكتاب يتحدى به جميع البشر أن يأتوا بمثله، فيعجز جميعهم عن الإتيان بما طلب، وهذا دليل على أن قوة النبيّ(ص) يستمدها من قوة الخالق غير المحدودة، وأن كتابه(ص) من وحي السماء ألقاه الله إليه ليقطع السبيل أمام حجج المتذرعين بالأباطيل الواهية.

{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} بهذه الآية المباركة وبالآية التي سبقتها ذكرتنا بأن الله هو الأكرم، فأيّ صفةٍ حميدةٍ هي منه فهو الجواد الذي أعطى الإنسان موهبة القلم، وهو الأعلى الذي لا يتسامى أحد في مدارج العلم والكمال إلاّ به، حيث أن تكامل روح الإنسان بواسطة التعليم والتعلم -خاصّة عن طريق الكرم والجود الإلهي- يتم بالقلم. حين نزلت هذه الآيات لم تكن بيئة الحجاز وحدها بل كان العالم المتحضر في ذلك العصر أيضاً لا يعير أهمية تذكر للقلم، أمّا اليوم فإنّنا نعلم أنّ القلم محور كلّ الحضارات والعلوم، وكل تقدم في أي مجال من المجالات، ونعلم تفوق «مداد العلماء» على «دماء الشهداء»؛ لأنّ هذا المداد هو الذي يكون الأساس القويم لدماء الشهداء والسند المتين له، ولا نكون مغالين إذا قلنا أنّ مصير المجتمعات البشرية مرتبط بما تفرزه الأقلام. إصلاح المجتمعات البشرية يبدأ من الأقلام الملتزمة المؤمنة، وفساد المجتمعات أيضاً ينطلق من الأقلام المسمومة (21).

ولأهمية القلم يقسم القرآن به وبما يفرزه، أي بآلة الكتابة وبمحصولها من العلم: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (22)، كم هو قسم عجيب؟ قد يتصور البعض أن القسم هنا يتعلق ظاهراً بمواضيع صغيرة، أي بقطعة من القصب أو شيء يشبه ذلك، وبقليل من مادة سوداء، ثمّ السطور التي تكتب وتخط على صفحة صغيرة من الورق، إلاّ أننا حينما نتأمل قليلاً فيه نجده مصدراً لجميع الحضارات الإنسانية في العالم أجمع، إنّ تطور وتكامل العلوم والوعي والأفكار وتطور المدارس الدينية والفكرية، وبلورة الكثير من المفاهيم الحياتية، كان بفضل ما كُتب من العلوم والمعارف الإنسانية في الحقول المختلفة، ممّا كان له الأثر الكبير في يقظة الأُمم وهداية الإنسان وكان ذلك بواسطة القلم، باعتباره وسيلة لنقل العلم وتثبيته بالكتابة، والعلم قيمة اعتمدها الوحي، فيكون القسم بالقلم كوسيلةٍ للعلم كاشفاً عن عظمته لأنه يرفعه إلى مرتبة سائر الحقائق التي أقسم الله بها في القرآن، وإذا كان الإنسان يستمد قوةً لحديثه بالقسم والمقسم به فإنّ كلام ربنا يعطي ما يحلف به قيمةً وشأناًً، فنحن إذن نعرف عظمة القلم لأن ربنا أقسم به.

قُسمت حياة البشرية إلى عصرين اثنين:

الأوّل: عصر التأريخ.

الثاني: عصر ما قبل التأريخ.

وعصر التأريخ يبدأ منذ أن اخترع الإنسان وسيلة لكي يدون بها قصة حياته وأحداثها على الصفحات، وبتعبير آخر، يبدأ منذ استعمال الإنسان للقلم والكتابة والقراءة، فكان صاحب قدرة على أن يكتب بالقلم ويدون بواسطته تراثاً للأجيال القادمة ما توصَّل إليه {وَمَا يَسْطُرُونَ} تخليداً لماضيه (23)، من هنا نعرف الدور العظيم للقلم في حياة الإنسان. فلا شك ولا ريب أنّ من أهمّ معالم التطور والتقدم في الحياة البشرية -كما أشرنا سابقاً- هو ظهور الخط وما ثبَّتَه القلمُ على الصحائف المختلفة كالورق والأحجار إذ أنّ هذا الحدث أدى إلى فصل عصر التأريخ عن عصر ما قبل التأريخ.

إنّ ما يثبته القلم على صفحات الورق هو الذي يحدد طبيعة الانتصار أو الانتكاسة لمجتمع ما من المجتمعات الإنسانية، وبالتالي فإنّ ما يسطره القلم يحدد مصير البشر في مرحلة ما أو مكان ما، فالقلم هو الحافظ للعلوم، المدون للأفكار، الحارس لها، وحلقة الاتصال الفكري بين العلماء، والقناة الرابطة بين الماضي والحاضر، والحاضر والمستقبل، بل حتى موضوع ارتباط الأرض بالسماء قد حصل هو الآخر عن طريق اللوح والقلم أيضاً، فالقلم يربط بين البشر المتباعدين من الناحية الزمانية والمكانية، وهو مرآة تعكس صور المفكرين على طول التأريخ في كلّ الدنيا وتجمعها في مكتبة كبيرة.

والقلم: حافظ للأسرار، مؤتمن على ما يستودع، وخازن للعلم، وجامع للتجارب عبر القرون والأعصار المختلفة، وإذا كان القرآن قد أقسم به فلهذا السبب، لأنّ القسم غالباً لا يكون إلاّ بأمر عظيم وذي قيمة وشأن، ومن الطبيعي عندئذ أن يكون القلم وسيلة لـ {وَمَا يَسْطُرُونَ} من الكتابة، ونلاحظ القسم بكليهما لقد أقسم القرآن الكريم بالوسيلة وكذلك بحصاد تلك الوسيلة {وَمَا يَسْطُرُونَ}.

وجاء في بعض الروايات، كما عن الإمام الصادق(ع): «إنّ أوّل ما خلق الله القلم». وجاء هذا المعنى أيضاً في كتب أهل السنة في خبر معروف (24)، وجاء في رواية أُخرى: «أوّل ما خلق الله تعالى جوهرة» (25)، وورد في بعض الأخبار أيضاً: «إنّ أوّل ما خلق الله العقل» (26).

ويمكن ملاحظة طبيعة الارتباط الخاص بين كل من الجوهرة والقلم والعقل الذي يوضح مفهوم كونهم أوّل ما خلق الله سبحانه من الوجود.

جاء في نهاية الحديث الذي نقلناه عن الإمام الصادق(ع) إنّ الله تعالى قال للقلم بعد خلقه إياه: أكتب، وأنّه كتب ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة. وبالرغم من أن المقصود من القلم في هذه الرواية هو قلم التقدير والقضاء، إلاّ أن جميع ما هو موجود من أفكار وعلوم وتراث، وما توصل إليه العقل البشري على طول التأريخ، وما هو مثبت من مبادﺉ ورسالات وتعاليم وأحكام، يؤكد على دور القلم في الحياة الإنسانية ومصير البشرية.

إنّ قادة الإسلام العظام لم يكتفوا بحفظ الأحاديث والروايات والعلوم والمعارف الإلهية في ذاكرتهم بل كانوا يؤكدون على كتابتها، لتبقى محفوظة لأجيال المستقبل(27)، وقال بعض العلماء: البيان بيانان: بيان اللسان، وبيان البنان، وبيان اللسان تدرسه الأعوام، وبيان الأقلام باق على مرّ الأيام (28)، وقالوا أيضاً: إنّ قوام أُمور الدين والدنيا بشيئين: القلم والسيف، والسيف تحت القلم (29). وقد نظم بعض الشعراء هذا المعنى بقوله:

كذا قضى الله للأقلام مذ بريت

  أنّ السيوف لها مذ أرهفت خدم

 

 

إنّ هذا التعبير إشارة بديعة إلى بري القلم بواسطة السكين، وجعل الشفرة الحادّة بخدمة القلم منذ البداية(30)، ويقول شاعر آخر، في هذا الصدد ومن وحي الآيات مورد البحث:

إذا أقسم الأبطال يوماً بسيفهم

  وعدّوه ممّا يجلب المجد والكرم

 

كفى قلم الكتّاب فخراً ورفعة

  مدى الدهر إنّ الله أقسم بالقلم(31)

 

 

وقال رسول الله(ص): «ثلاثة تخرق الحجب، وتنتهي إلى ما بين يدي الله: صرير أقلام العلماء، ووطﺊ أقدام المجاهدين، وصوت مغازل المحصنات»(32).

وهكذا نستوحي من هذا القسم القرآني دور القلم في منح المؤمنين الكرامة والعزة وفتح آفاق العلم، وأنّ علينا أن نملك ناصية القلم إذا أردنا امتلاك ناصية الحياة. ومن الطبيعي أن كل ما قيل في هذا الشأن، يتعلق بالأقلام التي تلتزم جانب الحقّ والعدل، وتهدي إلى صراط مستقيم، باعتبار أنّ موقع القلم هو خدمة الدين والعلم، لا تضليل الناس أو استعبادهم، كما هو ديدن الأقلام المأجورة والمسمومة والمضلة، فإنها تعتبر أعظم بلاء وأكبر خطر على المجتمعات الإنسانية، لهذا يلزم علينا تفعيل الدور الحقيقي للقلم، وهو تنظيم حياة الإنسان الشخصية الإيمانية، والاجتماعية، والتجارية والسياسية والأخلاقية، و... و.... وغيرها، هذا يقتضي منا أن نقرأ الإسلام في جميع عناوينه الواسعة(33) من خلال ما كُتب وسُطر في ذلك.

والله ولي التوفيق.

 

 * الهوامش:

(1) سورة العلق الآية من 1 إلى 5.

(2) سورة آل عمران، الآية 19.

(3) نور الثقلين ج 5 ص 609.

(4) سورة المائدة، الآية 3.

(5) (المأثور) من مادة (أثر) بمعنى العلامة الباقية من الشيء ولذلك يطلق على العلوم المتبقية من الماضين (علم المأثور).

(6) (الساطع) من مادة (سطوع) بمعنى الانتشار، فالنور الساطع هو النور الواسع المنتشر كما ورد بمعنى المرتفع.

(7) (صادع) من مادة (صدع) بمعنى الشق في الجسم الصلب والمحكم ثمّ أطلق على كلّ شيء قاطع.

(8) سورة الحجر، الآية 94، ومعنى الصدع الجهر بالحق.

(9) (إزاحة) من مادة (زيح) على وزن زيد بمعنى الإبعاد والإقصاء.

(10) (مثلات) جمع (مثلة) على وزن عضلة بمعنى البلاء والمصاب الذي يحل بالإنسان فيصبح مثالاً وعبرة لللآخرين (مفردات الراغب).

(11) سورة الرعد، الآية 6، والمراد من (المثلاتُ) العقوبات ومفردها مثلة.

(12) (انجَذَمَ) من مادة (الانجذام) بمعنى انقطع وانفصل، ومن هنا يطلق إسم الجذام على ذلك المرض الذي يصيب الجسم فيؤدي إلى انفصال الأعضاء.

(13) (تَزَعزعت) من مادة (زعزع) بمعنى تحركت واضطربت، فيقال على سبيل المثال: زعزع الريح الشجرة.

(14) السّواري: جمع سارية، وهي العَمُود والدِّعامة.

(15) (النَّجر) بفتح النون وسكون الجيم، على وزن فجر الأصل، كما يعني الاصلاح والشكل والهيئة ومنه اطلق اسم النجار، وقد وردت هذه المفردة في العبارة بالمعنى الأول.

(16) سورة البقرة، الآية 285.

(17) نهج البلاغة، الخطبة 95.

(18) لا شك في احتياج البشر للاتصال بمعدن القوة، وينبوع الغنى، وهو الله(سبحانه وتعالى) الذي يهدينا إلى نعمة الرسالة، ويتصل الحديث عن الرسالة بالجو العام لسورة الشورى التي تُبين جوانب عن النظام السياسي في المجتمع المسلم، لأنّ الشورى -كما يعرف قارئي الكريم- متممة للنظام السياسي للأمة، ومحور هذا النظام بل وأساس الأمة هو الوحي الذي يضفي على المجتمع المسلم صبغة الله. وما كان لإنسان أن يكلمه الله إلاّ بطرق ثلاثة:

أ. يكلمه وحياً مباشرة بدون واسطة، بأن يلقي في قلبه ما يشاء، أو كما في اللغة وموارد استخدام الكلمة أنّه قذف الحقيقة في القلب قذفاً.

ب. أو يكلمه من وراء حجاب، كما كلّم الله نبيّه موسى بن عمران(ع) تكليماً، ولكن دون أن يرى شيئاً.

ج. أو يرسل ملكاً رسولاً كجبرئيل فيوحي بإذن الله مايشاء الله سبحانه، أي: لا بد أن يكون الوحي حسبما أمر الله، وفي الوقت الذي يأذن الله.

(19) فتوح البلدان، للبلاذري، طبعة مصر، ص459.

(20) كما في تفسير البرهان للعلامة البحراني في المجلد الخامس، ص373 ذيل آيات سورة الجمعة.

(21) بتصرف في تفسير الأمثل ج20 ص252.

(22) سورة القلم، الآية 1.

(23) يقول بعض المفسرين: أنّ كلمة (القًلم) هنا يقصد بها: القلم الذي تخط به ملائكة الله العظام الوحي السماوي، أو الذي تكتب به صفحة أعمال البشر، ولكن من الواضح أنّ للآية مفهوماً واسعا، وهذه الآراء تبين مصاديقها.

كما أنّ لجملة (مايسطُرون) مفهوماً واسعاً أيضاً، إذ تشمل جميع ما يكتب في طريق الهداية والتكامل الفكري والأخلاقي والعلمي للبشر، ولا ينحصر بالوحي السماوي أو صحائف أعمال البشر.

وهنا ملاحظة وهي: أنّ البعض اعتبر (مَا) في (مَا يسطرون) مصدرية، واعتبرها بعض آخر بأنها موصولة، والمعنى الثاني -كما يذهب إليه تفسير الأمثل- أنسب، والتقدير هكذا: (ما يسطرونه) كما اعتبرها البعض أيضاً بمعنى: اللوح أو القرطاس الذي يكتب عليه، وفي التقدير (ما يسطرون عليه) كما اعتبر البعض (مَا) هنا إشارة لذوي العقول والأشخاص الذين يكتبون هذه السطور، إلاّ أن المعنى الذي ذكرناه في المتن أنسب من الجميع حسب الظاهر.

(24) تفسير الفخر الرازي، ج3، ص78.

(25) ن م.

(26) ن م.

(27) وسائل الشيعة، ج18، ص56، حديث 14، 16، 17، 18، 19، 20.

(28) تفسير مجمع البيان، ج10، ص332.

(29) ن م.

(30) ن م.

(31) تفسير روح البيان، ج10، ص102.

(32) الشهاب في الحكم والآداب، ص22.

(33) استقينا الكثير من المطالب المهمة من التفاسير القرآنية المباركة، لا سيما من تفسير الأمثل بتصرفات واسعة.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا