سلطة القاضي في تقدير العقوبات التعزيريّة

سلطة القاضي في تقدير العقوبات التعزيريّة

تكلم الكاتب سلطة القاضي في تقدير العقوبات التعزيريّة، وكان كلامه في أربعة مباحث، المبحث الأوّل في بحوث تمهيدية، وبحث فيه المعني اللغويّ والاصطلاحي للتعزير، والفرق بين التعزير والتأديب من جهة، والفرق بين التعزير والحدّ من جهة أخرى.

والمبحث الثاني بحث فيه عن أدلّة مشروعية التعزير ووجوبه.

المبحث الثالث كان عن موجبات التعزير، وبحث فيه عن تعزير التأديب والتربيّة، وعن التعزير على الذنوب والمعاصي وأنّ فيه اتجاهان؛ اختصاصه بالكبائر، أو شموله للكبائر والصغائر.

وأمّا المبحث الرابع كان في متولّي التعزير، وبحث فيه السلطة في تقدير العقوبة، وجهات تفويض الحاكم من تعيين زمان التعزير وتحديد مقدار العقوبة، وتجويز العفو، وتغيير العقوبة، ثمّ بحث ضوابط تقدير القاضي من جهة أقلّ التعزير وأكثره، وتوخّي الغابة منه، ومراعاة ظروف المعزَّر، وأنواع العقوبات، وشروط القاضي نفسه. ثمّ بحث نكتة تفويض التعزير للقاضي.

مقدمة:

جاء الإسلام من أجل إرساء قواعد العدل، وتثبيت أسس الحقّ، وتدعيم أركان الخير، وإنصاف الناس حقوقهم، وبثّ روح الألفة بينهم، ونبذ روح الفرقة عنهم. وإنَّ غايةً من أسمى غاياته أن يعمّ الأمنُ والسلامُ والطمأنينةُ ربوعَ المجتمع؛ كلُّ ذلك ليحقّق الإنسان هدف خلقته، ويجسّد مفهوم عبوديّته لله)، وليترقّى في سُلّم الكمالات المعنويّة والسلوكيّة، ويحقق مقام القرب الإلهيّ.

وبلوغ ذلك كما أنّه يحتاج إلى توفيقٍ إلهيٍّ، وعنايةٍ ربانيّةٍ، يحتاج أيضاً إلى هدايات السماء عبر بعث الأنبياء والأوصياءi، ووضع قانون ينظّم حياة الإنسان، ويضبط نزاعاته.

وأهمّ ضمانة لتطبيق القانون في المجتمعات هي فرض الجزاءات، والعقوبات العاجلة أو الآجلة لمن تخلّف عن الالتزام بها، والعاجلة هي الدنيويّة والآجلة هي الأخرويّة.

وإنَّ الحدود والتعزيرات هي عقوبات دنيويّة شُرّعت كضمانة من الضمانات التي وضعها الشارع المقدّس للحدّ من الجريمة ومخالفة القوانين الإسلامية.

والفرق بين الموعظة والنصيحة من جهة، وبين القانون من جهة أخرى، هو خلوّ الأولَين ممّا يسمى بـ(ضمانة التنفيذ)، ووجودها في الثاني، وهو أمر عقلائيّ تجده سائداً اليوم في كلّ القوانين الجزائيّة الوضعيّة في كلّ دول العالم.

فالحدود والتعزيرات وسيلة لا غاية، فهي وسيلة رادعة للجاني أو الآخرين، ولهذا جُعلت علنيّة لكي تؤدّي مؤدّاها في الردع، نعم قد تلغى في بعض الحالات، كما لو لم تؤثّر أثرها، أو امتنع المجرم عن الإجرام وتاب، ولم يؤدِّ العفو عنه إغراءَ الآخرين.

وهذه المقالة تبحث في جزئيةٍ مهمةٍ لم تنل حظّها من البحث والتحقيق في بحث (التعزيرات) ألا وهي (السلطة الممنوحة للقاضي في تقدير العقوبة، أدلّتها وضوابطها)، فما هي الأدلّة على تولّي القاضي لهذه السلطة؟ وهل هي ولاية مطلقة أم وفق ضوابط معيَّنة حددها الشارع؟

هذه الأسئلة وغيرها هي ما تحاول هذه المقالة الإجابة عليها، حيث لم يفرد بحث يجيب على سؤال هذه المقالة الأساس في حدود دائرة أبحاثنا الفقهية في المدرسة الإمامية.

المبحث الأوّل: بحوث تمهيديّة

النقطة الأولى: تعريف التعزير

لغةً:

مصدره: عزّر، من العَزر، وهو إمّا بمعنى النّصرة والتعظيم، ومنه قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} ([1])، وإمّا بمعنى التأديب، ومنه سمّي الضرب دون الحدّ تعزيراً([2])، وعرّفه بعضهم بـ: الرد والمنع([3]).

يقول الراغب في مفرداته: "التعزير النّصرة مع التعظيم، قال {وَتُعَزِّرُوهُ‌...} {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ}، والتعزير ضرب دون الحدّ. وذلك يرجع إلى الأوّل فإنّ ذلك تأديب والتأديب نصرة ما. لكنّ الأوّل نصرة بقمع ما يضرّه عنه، والثاني نصرة بقمعه عمّا يضرّه. فمن قمعته عمّا يضرّه فقد نصرته. وعلى هذا الوجه قالe: >انصر أخاك ظالماً ومظلوماً، قال: انصره مظلوماً فكيف انصره ظالماً؟ فقال: كفّه عن الظّلم<([4]).

وقال الجوهريّ في صحاحه: "التعزير: التعظيم والتوقير. والتعزير أيضاً: التأديب، ومنه سمّي الضرب دون الحدّ تعزيرا"([5]).

وقال الجزيريّ: "التعزير مصدر عزّر وهو الرّد والمنع، منه قوله تعالى{وَتُعَزِّرُوهُ} أي: تدفعوا العدوّ عنه، وتمنعوه"([6]).

خلاصة المعنى اللغوي:

يقول المحقّق المصطفويّ: "والتحقيق أنّ الأصل الواحد في المادّة هو الذبّ مع التقويّة ... وأمّا النّصر والتوفيق والإعانة والمنع والردّ والردع والنزع والمشايعة والتوقير والتعظيم والتأديب، فكلّ واحد منها من لوازم الأصل باختلاف الموارد، وقد يراد به التجوّز ... وأمّا التعزير والتأديب، فإنّه من أظهر مصاديق التقوية والذبّ عن النّفس، حيث يذبّ عنه سوء العمل ويهذّبه ويهديه إلى الكمال ويربّيه باقتضاء المقام ويمنعه عن الرجوع وتكرار العمل‌"([7]).

اصطلاحاً:

قال الشيخ الطوسيO: "وكلّ من أتى معصية لا يجب بها الحدّ فإنّه يعزر، مثل من سرق نصاباً من غير حرز، أو أقلّ من نصاب من حرز، أو وطئ أجنبيّة فيما دون الفرج، أو قبّلها، أو شتم إنساناً، أو ضربه، فإنّ الإمام يعزره ... ويكون التعزير بما دون الحدّ"([8]).

وقال أبو الصلاح الحلبيّ: "التعزير تأديب، تعبّد الله سبحانه به لتردع المعزَّر وغيره من المكلّفين، وهو مستحقّ للإخلال بكلّ واجب وإيثار كلّ قبيح لم يرد الشرع بتوظيف الحدّ عليه"([9]).

وقال العلّامة: "التعزير يكون بالضرب أو الحبس أو التوبيخ أو بما يراه الإمام وليس فيه قطع شيء منه ولا جرحه"([10]).

وقال المحقق في الشرائع: "كلّ ما له عقوبة مقدّرة سمّي حدّاً وما ليس كذلك سمّي تعزيراً"([11]).

وقال الشهيد الثاني في المسالك: "والتعزير لغة التأديب، وشرعاً عقوبة أو إهانة لا تقدير لها بأصل الشرع غالباً"([12]).

وقال صاحب الجواهر: "قلت قد يستفاد التعميم مما دلّ على >أنّ لكلّ شيء حدّاً ولمن تجاوز الحدّ حدّ<([13]) بناء على أنّ المراد من الحدّ فيه التعزير الفعلي. مضافاً إلى إمكان استفادته أيضاً من استقراء النصوص"([14]).

وقال الخرقيّ: "التعزير هو العقوبة المشروعة على جناية لا حدّ فيها... والأصل في التعزير المنع ومنه التعزير بمعنى النصرة"([15]).

وقال الجزيريّ: "أمّا التعزير فهو التأديب بما يراه الحاكم زاجراً لمن يفعل فعلاً محرّماً عن العودة إلى هذا الفعل، فكلّ من أتى فعلاً محرماً لا حدّ فيه ولا قصاص ولا كفّارة فإنّ على الحاكم أن يعزّره بما يراه زاجراً له عن العودة من ضرب أو سجن أو توبيخ"([16]).

خلاصة التعاريف الاصطلاحية:

خلاصة ما يمكن استفادته من كلمات الفقهاء وما يتّفقون عليه من قيود في تعريف التعزير هو: عقوبة غير مقدّرة (كمّاً أو كيفاً) شرعاً، لردع المعزَّر أو غيره.

فيمكن تعريفه تعريفاً جامعاً: هو عقوبة شرعيّة غير مقدَّرة فوُّض أمرها إلى نظر القاضي ليعيِّن مقدارها بحسب ما يراه من المصلحة في كلِّ ما يثبت فيه التعزير.

النقطة الثانية: الفرق بين التأديب والتعزير

من خلال الوقوف على مفهومي التأديب والتعزير وموارد استعمالهما يمكن إبراز أربع فروق بينهما، نذكرها تباعاً:

الأوّل: إنّ التأديب غالباً يختصّ بالأفعال التي لا تتصف بالجريمة، كالأفعال الصادرة من الأطفال والمجانين، بخلاف التعزير فإنّه يختصّ بالأفعال التي تتصف بالجريمة، كأفعال المكلّفين، وعليه يكون التأديب أعمّ من التعزير.

الثاني: التعزير يختصّ بالأحكام الصادرة من الحاكم بحقّ الخاطئ، وأمّا التأديب فيطلق على العقوبات الصادرة من غير الحاكم، كالوالد والمعلّم والزوج والسيّد وغيرهم.

الثالث: ثبوت الضمان في التأدب مطلقاً، سواء أسرف فيه أم لا، وفي التعزير يوجد خلاف بين الفقهاء.

الرابع: إنّ التعزير يثبت على المكلّف وغير المكلّف، والتأديب يختصّ بغير المكلّف([17]).

النقطة الثالثة: الفوارق بين التعزير والحدود

يفترق التعزير عن الحدّ في وجوه عشرة:

الأوّل: في عدم التقدير في طرف القلّة، ولكنّه مقدّر في طرف الكثرة بما لا يبلغ الحدّ. وجوّزه كثير من العامّة؛ لأنّ عُمر جلد رجلاً زوّر كتاباً عليه، ونقش خاتماً مثل خاتمه، مائةً، فشفع فيه قوم، فقال: أذكرني الطعن وكنت ناسياً، فجلده مائة أخرى، ثمَّ جلده بعد ذلك مائة أخرى.

الثاني: استواء الحرّ والعبد فيه.

الثالث: كونه على وفق الجنايات في العِظم والصغر، بخلاف الحدّ فإنّه يكفي فيه مسمّى الفعل، فلا فرق في القطع بين سرقة ربع دينار وقنطار، وشارب قطرة من الخمر وجرّة، مع عظم اختلاف مفاسدهما.

الرابع: إنّه تابع للمفسدة وإن لم تكن معصية، كتأديب الصبيان، والبهائم، والمجانين، استصلاحاً لهم. وبعض الأصحاب يطلق على هذا: التأديب.

الخامس: إذا كانت المعصية حقيرة لا تستحق من التعزير إلا الحقير، وكان لا أثر له البتة، فقد قيل: لا يعزر؛ لعدم الفائدة بالقليل، وعدم إباحة الكثير.

السادس: سقوطه بالتوبة، وفي بعض الحدود خلاف والظاهر أنّه إنّما يسقط بالتوبة قبل قيام البينة.

السابع: دخول التخيير فيه بحسب أنواع التعزير، ولا تخيير في الحدود إلّا في المحاربة.

الثامن: اختلافه بحسب الفاعل والمفعول والجناية، والحدود لا تختلف بحسبها.

التاسع: لو اختلفت الإهانات في البلدان، روعي في كلّ بلد عادته.

العاشر: إنّه يتنوع إلى: كونه على حقّ الله تعالى، كالكذب، وعلى حقّ العبد محضاً كالشتم، وعلى حقّهما، كالجناية على صلحاء الموتى بالشتم. ولا يمكن أن يكون الحدّ تارة لحقّ الله، وتارة لحقّ الآدمي، بل الكلّ حقّ الله تعالى، إلّا القذف على خلاف فيه ([18]).

المبحث الثاني: أدلّة مشروعيّة التعزير بل وجوبه

ذهب الفقهاء إلى جواز التعزير ومشروعيته إجماعاً([19])، لدلالة قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً}([20]) بناء على شمول الفاحشة لموجبات التعزير أيضاً كما يظهر من بعضهم([21])، بل ويدلّ على ذلك الأدلّة الأربعة، ولذا يقول الشهيد الثاني بعد تعريف الحدّ والتعزير: "والأصل فيهما الكتاب والسنة والإجماع، وتفاصيله في الآيات والأخبار كثيرة لكثرة أفراده"([22]).

مضافاً إلى النّصوص الأخرى المشتملة على أنَّ للحاكم التعزير بما يراه كمّاً وكيفاً، وغيرها من الموارد التي يظهر منها المفروغيّة عن أصل جواز التعزير عند الشارع، بل صريح جماعة منهم وظاهر آخرين وجوب إقامته على الحاكم، مع بسط اليد وتوفّر الشرائط إجماعاً، والتي منها مطالبة من له الحقّ في حقوق الناس.

 أدلّة وجوب التعزير:

يجب التعزير فيما يسوغ فيه إجماعاً، يقول العلاّمة الحلّيّ: "التعزير فيما يسوغ فيه التعزير واجب"([23]). وقال المحقق النراقي بعد إثبات ولاية إجراء الحدود والتعزيرات للفقهاء زمن الغيبة: "وهل ذلك لهم على سبيل الوجوب أو الجواز؟ الظاهر من القائلين بثبوت الولاية لهم الأوّل"([24]).

ومن الأدلّة على ذلك أيضاً:

١- أدلّة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وذلك بتقريب أنَّ كلَّ قانون حتى يكون مفعّلاً لا بدّ من أنّ تكون هناك عوامل مؤيّدة وداعمة له، وإنَّ غايةً من غايات تشريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الضمانة لإقامة أحكام الله وحدوده.

٢- الروايات العامّة لعقوبات المخالفة: كما ورد في معتبرة داوود بن فرقد عن الإمام الصادقg: >قال: إنّ اللّه قد جعل لكلّ شيء حدّاً و جعل لمن تعدّى ذلك الحدّ حدّاً<([25])، وكذا خبر عمرو بن قيس عن الإمام الصادقg حين خاطبه: >يا عمرو بن قيس أشعرت أنّ الله أرسل رسولاً، وأنزل عليه كتاباً، وأنزل في الكتاب كلّ ما يحتاج إليه، و جعل له دليلاً يدلّ عليه، وجعل لكلّ شيء حدّاً، و لمن جاوز الحدّ حدّاً؟- إلى أن قال قلت: و كيف جعل لمن جاوز الحدّ حدّاً؟ قال: إنّ اللّه حدّ في الأموال ألّا تؤخذ إلّا من حلّها، فمن أخذها من غير حلّها قطعت يده حدّاً لمجاوزة الحدّ، وإنّ اللّه لا ينكح النّكاح إلا من حلّه ومن فعل غير ذلك إن كان عزباً حدّ، وإن كان محصناً رجم لمجاوزته الحدّ<([26]).

٣- استقراء النصوص الخاصّة في الباب: يمكن الاستفادة من مجموع موارد روايات إقامة التعزير والأمر به -كجزئيات كثيرة- حكماً كلّيّاً هو: وجوب التعزير، ومن هذه الروايات: ما عن طلحة بن زيد عن الإمام الصادقg: >إنَّ أمير المؤمنينg أُتي برجل عبث بذكره فضرب يده حتّى احمرّت ثمّ زوّجه من بيت المال<([27])، وعن هشام بن سالم عن الإمام الصادقg: >أنّ أمير المؤمنينg رأى قاصّاً في المسجد فضربه بالدّرّة وطرده<([28])، وعن محمّد بن مسلم يقول: سألت أبا جعفرg: عن الرّجل يأتي المرأة وهي حائض؟ قالg: >يجب عليه في استقبال الحيض دينار وفي استدباره نصف دينار. قال: قلت جعلت فداك يجب عليه شيء من الحدّ؟ قال: نعم خمس وعشرون سوطاً؛ ربع حدّ الزاني، لأنّه أتى سفاحاً<([29])، وعن إسحاق بن عمّار عن الإمام الباقرg: «أنّ عليّاًg كان يعزّر في الهجاء»([30]).

المبحث الثالث: موجبات التعزير

أسباب التعزير على نحوين:

الأوّل: تعزير التأديب والتربية

كتأديب الوالد لولده، وتأديب الزوج لزوجته، وتأديب السيّد لعبده، وتأديب المعلّم لتلاميذه، وهذا له شروطه وحدوده([31]).

الثاني: التعزير على الذنوب والمعاصي

والمراد به ما تعلّق بحقّ لله تعالى محضاً، كارتكاب الكبيرة، أو ترك الواجبات، أو إيجاد ضرر عامّ للمجتمع، ويكون أمر استيفائه، أو العفو عنه بالأمر الإلهيّ، ولمن له الولاية.

فكلّ من فعل محرّماً أو ترك واجباّ فللحاكم تعزيره على حسب ما يراه من المصلحة([32])، يقول الشيخ الطوسيO: "التعزير إلى الإمام بلا خلاف، إلا أنّه إذا علم أنّه لا يردعه إلا التعزير لم يجز له تركه، وإن علم أنّ غيره يقوم مقامه من الكلام والتعنيف كان له أن يعدل إليه، ويجوز له تعزيره([33]).

وهذا هو المشهور، بل ادّعي عدم الخلاف فيه([34])، فاتفق الفقهاء على أنّ ترك الواجب، أو فعل الحرام معصية يجب فيها التعزير إذا لم يكن فيها حدّ مقدّر، سواء كان الفعل المحرّم محرّماً ذاتاً أو لأجل ما يؤدّي إليه من المفسدة"([35]).  

نعم وقع الخلاف بينهم في اختصاص التعزير بالكبائر خاصّة أو يشمل غيرها من الذنوب على اتجاهين:

الاتجاه الأول: عدم اختصاصه بالكبائر

ذهب إليه بعض الإماميّة، وعليه اتّفاق جمهور فقهاء المذاهب ([36])، واستدلّ عليه بوجوه:

منها: إطلاق أدلّة التعزير والنهي عن المنكر الشاملة للصغائر والكبائر. ([37])

ومنها: إطلاق بعض أخبار التعزير خاصّة، حيث ورد فيها كلمة الذنب مثل: "على قدر ما يرى الوالي من ذنب الرجل وقوة بدنه"([38]) ، فيفهم منه أنّ ملاك التعزير إنّما هو الذنب. ([39])

ومنها: أنّ التعزير إنّما شرّع لردع كلّ عاص مهما كان نوع المعصية كي لا يتجرأ العصاة على ارتكاب المحارم، وهذا لا ينحصر بمعصية دون أخرى([40])؛ إذ هو مفاد الأخبار الواردة في أنّ الله تعالى جعل لكلّ شيء حدّاً، ولمن تعدّى ذلك الحدّ حدّاً([41]).

إذ المراد بحدود الأشياء هي أحكام اللهa من الحلال والحرام، فمن تعدّى تلك الحدود وفعل حراماً أو ترك واجباً فقد جعل عليه حدّاً، بناءً على أنّ المراد بالحدّ فيها مطلق العقوبة والتعزير الفعليّ لكي يشمل التعزير الاصطلاحيّ([42])، لا العقوبات المقدّرة شرعاً، إلاّ أنّ ذلك محلّ إشكال وترديد([43]).

وهذه بعض كلمات أصحاب هذا القول:

قال الحلبيّ: "وهو التعزير مستحق للإخلال بكلّ واجب، وإيثار كلّ قبيح لم يردع الشرع بتوظيف الحدّ عليه فمن ذلك أن يخل ببعض الواجبات العقليّة كردّ الوديعة وقضاء الدين، أو الفرائض الشرعيّة كالصلاة والزكاة والصوم والحجّ إلى غير ذلك من الواجبات والفرائض المبتدئة والمسببة والمشترطة. فيلزم سلطان الإسلام تأديبه بما يردعه وغيره عن الإخلال بالواجب ويحمله وسواه على فعله"([44]).

وقال المحقّق الحلّيّ: "كلّ من فعل محرّماً أو ترك واجباً فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحدّ"([45]).

وذكر العلامة الحلي والشهيد وغيرهما نحوه([46]).

الاتجاه الثاني: اختصاصه بالكبائر دون الصغائر

ذهب إليه جماعة أخرى من فقهاء الإماميّة ([47])، واستدلّوا عليه بقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً}([48])، بتقريب: أنّ الصغائر مكفّرة مع الاجتناب عن الكبائر بصريح هذه الآية، فلا يتعلّق بها عقوبة([49]).

بينما ذهب الشهيد الثاني إلى أنّ الأولى جعل سبب التعزير أمراً واحداً، وهو ارتكاب المحرّم الذي لم ينصب الشارع له حدّاً مخصوصاً([50]).

المبحث الرابع: من يتولّى التعزير؟

لا خلاف([51]) في أنّ إقامة التعزير بيد الإمام المعصومg، أو من نصّبه، وناب عنه بالنيابة الخاصّة في زمان حضور الإمامg وأمّا في زمن الغيبة فالمشهور([52]) أنّ إجراء الحدود والتعزيرات بيد نائبه العامّ الفقيه الجامع للشرائط، وهو المعبّر عنه بالنائب العامّ للإمام المعصومg.

قال الشهيد الأوّل: "الحدود والتعزيرات إلى الإمام ونائبه ولو عموماً، فيجوز حال الغيبة للفقيه الموصوف بما يأتي في القضاء إقامتها مع المكنة، ويجب على العامّة تقويته ومنع المتغلّب عليه مع الإمكان"([53]).

وقال الشيخ كاشف الغطاء: "الحدود والتعزيزات بأقسامها مرجعها إلى الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ، فيجوز للمجتهد في زمان الغيبة إقامتها"([54]).

ونسبه المحقّق النراقيّ إلى أكثر المتأخّرين([55])، ثمّ إنّه بعد نقل القواعد والروايات الدالّة على ذلك قال: "ثمّ ما ذكر وإن اختصّ بالحدود ولكن يتعدّى إلى التعزيزات بالإجماع المركّب، مضافاً إلى أنّ الظاهر أيضاً دخول التعزيزات في الحدود"([56]). وبه صرّح غير واحد من الفقهاء أيضاً([57]).

وقال صاحب العروة الوثقى: "وأمّا الحدود فلا إشكال في كون إجرائها من وظيفة الحاكم الشرعيّ، وكذا التعزيرات"([58]).

وقال السيّد الشاهروديّO: "وأمّا التعزيرات فسلطة الحاكم فيها أوسع؛ حيث إنّ له الاختيار في تحديد مقدار العقوبة كمّاً، أو كمّاً وكيفاً، كما هو المستفاد من ملاحظة مجموعة من الروايات في موارد مختلفة"([59]).

ويقول الشيخ السبحانيّ: "إنّ المشهور بين فقهاء الإمامية أنّ إجراء الحدود ليس من خصائص الإمام المعصوم فقط، بل هو أيضاً من خصائص الإمام العادل، كالفقيه الجامع للشرائط، فقد ذهب المشاهير من فقهاء الإمامية إلى أنّه يجوز للفقهاء العارفين بالأحكام الشرعية إقامة الحدود في حال غيبة الإمامg كما يجب لهم الحكم بين الناس ويجب على الناس مساعدتهم على ذلك، ولم ينقل الخلاف إلاّ عن ثلاثة: ابن زهرة وابن إدريس وسلاّر، وفي الجواهر أنّه لم يتحقّق خلافهم"([60]).

وقد اتفق الفقهاء أنَّ ذاك هو الأصل إلّا أنّ الشارع قد خوّل بعض الأفراد في إقامته في موارد خاصة كـ: المولى والأب والمعلّم والزوج.

البحث الأول: السلطة في تقدير العقوبة للحاكم أو القاضي؟

من المسائل التي تحتاج إلى تنقيحٍ أكثر([61]) في كتاب التعزيرات هي حيثيّة: أنَّ السلطة في تقدير العقوبة التعزيرية -التي هي نحو ولاية- هل هي بيد القاضي أم بيد الحاكم؟

هذا البحث يأتي بناءً على عدم اجتماعهما وعدم القول بلزوم كون القاضي مجتهداً وإلّا اجتمع فيه العنوانان فلا يأتي البحث، ونلاحظ أنّ روايات هذا الباب تارةً تذكر عنوان الحاكم وهي الأكثر، وأخرى القاضي، وقبل البحث في كون الولاية لأيِّهما، لا بدّ من أن نسأل هل هناك فرق بين التعبيرين في الروايات (الحاكم والقاضي) بحيث يكون لهذا الفرق أثراً هنا في بحثنا؟

يمكن القول إنّ المراد منهما واحد، والشواهد من الكتاب والسنة متعددة.

ولكن لو بنينا على كونهما عنوانين مختلفين يأتي البحث: أيُّهما بيده الولاية في التعزير؟

من خلال النظر في روايات الباب لا يمكن الإصرار على أنَّ المتولي هو خصوص الحاكم كما ذهب إليه بعض الأعلام، بل القول بأنّ للقاضي ولاية وسلطة في ذلك ليس مجازفةً.

والدليل على ذلك أنّ إجراء الحدود والتعزيرات لا ينفكّ عن القضاء، بل هو من أهمّ وظائف القاضي سواء أكان في حقّ الله أم في حقوق الناس، إذ المرجع في هذه المسائل هو القاضي خصوصاً فيما يرجع إلى ارتكاب الكبائر والإخلال بالأمن الاجتماعيّ والأخلاقيّ والسرقة والخيانة وغيرها.

ومما يؤيِّد ذلك ما رواه الصدوق عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللهg: >مَن يقيم الحدود؟ السلطان أو القاضي؟ فقال: إقامة الحدود إلى من إليه الحكم<([62])، والمراد من الحكم، هو القضاء، وإن كان ظاهرها في الحدّ إلا أنّه يطلق على الأعمّ، وإن أبيت فالملاك فيهما واحد.

وسند هذه الرواية وإن كان قابلاً للمناقشة ولكنّها منجبرة بعمل الأصحاب.

نعم هناك فسحة للبحث في: سعة ولاية القاضي وضيقها، وكونها له بعنوانه أم لكونه حاكماً؟ أو مع افتراض كونه مجازاً من الحاكم؟

وقد ذهب سماحة السيّد الهاشميO إلى أنَّ الولاية للحاكم مطلقاً دون القاضي حيث يقول: "أصل تقدير التعزير وإجراء الحدود كلّ ذلك إلى الحاكم بمعنى الوليّ لا القاضي؛ لأنّ الوارد في ألسنة الروايات في الحدود والتعزيرات عنوان الوالي والإمام، أو رسول اللّه‌e وأمير المؤمنينgونحو ذلك، بل جاء في صحيح حمّاد المعروف >على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوّة بدنهومنه يعرف أنّه ليس للقاضي حتى لو كان مجتهداً أن يقدّر التعزيرات ابتداءً، إلاّ إذا فُوّض إليه ذلك من قِبل وليّ الأمر زائداً على حيثية القضاء"([63]).

ويمكن المناقشة في ذلك بأمور:

١- إنَّ تعبير الروايات بـ(الحاكم) لا يُقصد به الحاكم الشرعيّ أو الوليّ كما هو المنصرف اليوم، لأنَّ هذا المعنى مستحدث، ولم يكن هذا هو المراد منه في عصر النص.

٢- إنَّ تعبير (الإمام) في روايات هذا الباب لا يراد بها دائماً الإمام المعصومg، بل يمكن القول من خلال التتبع أنّه يراد منها من بيده زمام الحكم والأمور، والشواهد على ذلك كثيرة منها:

* ما ورد عن أمير المؤمنينg: >على الإمام أن يعلّم أهل ولايته حدود الإسلام والإيمان<([64]).

* وما ورد عن الإمام الصادقg: >إنّ الإمام يقضي عن المؤمنين الديون ما خلا مهور النساء<([65]).

* وما ورد عن الإمام الرضاg: >المغرم إذا تديّن أو استدان في حقٍّ أُجّل سنة، فإن اتسع وإلاّ قضى عنه الإمام من بيت المال<[66]).

٣- نلاحظ أنَّ كثيراً من الروايات تبيّن أنّ إجراء الحدود كان بيد القضاة لا الولاة أو الحكّام بالمعنى الثاني، ومن هذه الروايات:

* ما رواه الأصبغ بن نباتة عن عليّg >قال: وقضى أمير المؤمنينg أنّ ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين<([67]).

* ما رواه عليّ بن عقبة، عن أبيه عقبة بن خالد قال: >قال لي أبو عبد اللهg: لو رأيت غيلان بن جامع... إلى أن قال: يا غيلان تجمع بين المرء وزوجه؟ قال: نعم، قلت: وتفرق بين المرء وزوجه؟ قال: نعم، قلت: وتقتل؟ قال: نعم، قلت: وتضرب الحدود؟ قال: نعم، قلت: وتحكم في أموال اليتامى؟ قال: نعم، قلت: وبقضاء من تقضي؟ قال: بقضاء عمر وبقضاء ابن مسعود وبقضاء ابن عباس وأقضي من قضاء أمير المؤمنين بالشيء...<([68]).

* وما رواه الشيخ عن داود بن فرقد قال: >حدّثني رجل عن سعيد بن أبي الخضيب البجليّ قال: كنت مع ابن أبي ليلى مزاملة حتّى جئنا إلى المدينة فبينما نحن في مسجد رسول اللّهe إذ دخل جعفر بن محمّدg فقلت لابن أبي ليلى: تقوم بنا إليه؟ قال: وما نصنع عنده؟ فقلت: نسائله ونحدثه، فقال: قم، فقمنا إليه فسألني عن نفسي وأهلي، ثم قالg: مَن هذا معك؟ فقلت: ابن أبي ليلى قاضي المسلمين. فقال: أنت ابن أبي ليلى قاضي المسلمين؟ فقال: نعم. فقالg: تأخذ مال هذا فتعطيه هذا وتقتل وتفرّق بين المرء وزوجه ولا تخاف في ذلك أحداً؟ قال: نعم<([69]).

* ما رواه الشيخ عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّg أنّه كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حدّ ولا غيره حتّى وليّت بنو أُمية فأجازوا بالبينات ([70]).

وما نلاحظه من هذه الطائفة من الروايات أنَّها تدلّ على أنَّ إجراء الحدود -والتعزيرات- كان بيد القضاة يوم صدور هذه المرويّات، على أنّه قد روي أنّ من استخلفه سلطان ظالم على قوم وجعل إليه إقامة‌ الحدود، جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال ([71]).

ويظهر من بعض رسائل الإمام الخمينيS أنّه يرى أنَّ التقدير لا بدّ من أن يكون بيد الفقيه لا القاضي أيّاً كان، فيقول: "في هذا الظرف الذي لا يتمتع الأكثريّة الساحقة من المتصدّين لأمر القضاء بالصلاحيات الشرعيّة اللازمة للقضاء وقد سمح لهم بممارسته بسبب الضرورة، فليس لهم حقّ تعيين حدود التعزير دون إجازة الفقيه الجامع للشرائط. فعلى هذا يجب تعيين هيئة مؤلفة من سماحتك، وحجة الإسلام السيّد الأردبيلي وشخصين آخرين من فقهاء مجلس صيانة الدستور المحترمين ينتخبهم المجلس المذكور لتعيين حدود التعزيرات ويجاز القضاة بالعمل في هذا الإطار ولا يحقّ لهم التخطّي عنه، وبالطبع فهذا أمر مؤقت واضطراريّ حتى يتم تعيين قضاة جامعين للشرائط إن شاء الله"([72]).

البحث الثاني: جهات تفويض الحاكم في تقدير العقوبة

إنَّ الشارع أعطى للحاكم الاختيار في تقدير عقوبة التعزير في بعض جهاتها، والتي يمكن تصيّدها من روايات هذا الباب عموماً، ومن أهمّ هذه الجهات:

١. تعيين زمان التعزير:

وردت روايات في باب الشهادة بالباطل جُعل للحاكم فيها الأمر في تعيين وقت إقامة التعزير، من هذه الروايات موثقة سماعة عن الإمام الصادق×: >شهود الزور يجلدون حدّاً، وليس له وقت، ذلك للإمام...<([73])، وبهذا المضمون أيضاً وردت رواية عن عبدالله بن سنان الحديث الثاني في الباب نفسه.

٢. تحديد مقدار العقوبة:

القدر المتيقن من تفويض الحاكم في التعزيرات هو تقديره لكمّيّة ومقدار التعزير، والمستند في ذلك عدة روايات أهمّها صحيحة حماد بن عثمان عن الإمام الصادقg حين يسأله السائل عن مقدار التعزير فيقول له الإمام: >دون الحد<، فلم يقنع وسأل مجدداً عن المقدار بالدقّة فيجيبه الإمامg: >على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوّة بدنه<([74]).

٣. تجويز العفو للحاكم([75]):

جاءت الآيات والروايات بمضامين مختلفة تبني على أنَّ للإمام والحاكم الغضّ والعفو عن بعض المخطئين، وبعض هذه الأدلة يعطي الحاكم الحريّة المطلقة([76]) وبعضها يجعله من مقتضيات منصب الحاكم([77])، وبعضها يجعل العفو من حقوق الرعية([78]).

٤. تغيير العقوبة المقرّرة:

من خلال مجموع روايات هذا الباب يمكن القول بأنَّ للقاضي أن يعاقب بعقوبة واحدة أو أكثر، وله أن يخفّف العقوبة ويشدّدها وإن كانت العقوبة ذات حدّين، وله أن يوقف تنفيذ العقوبة إن رأى في ذلك ما يكفي تأديب الجانبي وردعه وإصلاحه.

وفي هذا يقول السيّد السبزواري في مهذبه: "لو رأی الحاکم الشرعيّ المصلحة في تبديل التعزير إلی عقوبة أخری من حبس أو نحوه هل يجوز ذلك أم لا؟ وجهان: من إطلاق دليل ولايته علی ذلك، فيجوز. ومن الجمود علی ما وصل إلينا من السنّة المقدّسة، فلا يجوز التعدي عنها. هذا إذا کان التبديل مساوياً في الانزجار معه وإلّا فالأمر أشکل"([79]).

البحث الثالث: ضوابط تفويض القاضي في تقدير العقوبة التعزيريّة:

قد يتوَّهم البعض أنَّ معنى تفويض ([80]) الحاكم أو القاضي في تقدير العقوبة التعزيرية أنَّ له الحرّيَّة المطلقة في تقديرها ولو بحسب ذوقه وهواه، ومن غير ضوابط ولا قيود.

إلّا أنَّه توهّمٌ خاطئ؛ إذ إنَّ الشارع قد جعل ضوابط -وإن لم يصرِّح بها بعنوانها- تقنّن عمليّة التقدير وتؤطِّرها، وأنَّ على القاضي أن يختار ما يُناسب حال الجريمة؛ من حيث المُجرِم، وظروفه، والزمان، والمكان، ومراعاة المصلحة العامّة وغيرها من الضوابط والقيود، ولهذا فإنَّ كل فردٍ من أفراد التعزير مختلفٌ عن غيره باختلاف مورده وأسبابه ومقدماته، وقد ذكر ذلك الشيخ المكارم بقوله: "وما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أنّ المراد من تخيير القاضي في انتخاب كمّيّة وكيفيّة التعزير، لا يعنى أنّه يتبع ميوله الشخصيّة في ذلك، بل المراد في التخيير هو فسح المجال‌ للقاضي لكي يأخذ بنظر الاعتبار مناسبات  (الجرم) و (الجريمة) من كلّ الجهات، فالقاضي وإن كان ظاهراً مخيرٌ في تعيين التعزير إلّا أنّه في الحقيقة ليس مخيراً، لأنّه يُعيّن لكلّ جرم مقداراً من العقوبة يتناسب مع ذلك الجرم"([81])، وسنذكر هنا بعض تلك الضوابط:

 الضابطة الأولى: أقلّ التعزير وأكثره

سلطة القاضي في تقدير العقوبة محدّدة بين الحدّ الأعلى والحدّ الأدنى المُحدّدَين، فلم يُترك للقاضي التحديد مطلقاً، بل حدّد نطاق العقوبات التعزيريّة بالحدّ الأعلى، يقول الشيخ المكارم "هناك كلام طويل بين الفقهاء في مقدار التعزيرات التي يُخيّر فيها القاضي، ولكنّهم متّفقون على‌ أنّ التعزير لا بدّ من أن يكون أقلَّ من الحدِّ وإن اختلفوا في الحدِّ الذي لا بدّ من أن يكون التعزير أقلَّ منه، وهل هو حدُّ الزنا، أم أقلّ الحدود، أم أنّه يتناسب مع الذنب المرتكب؟"([82]).

فواضح أنَّ الفقهاء قد اتفقوا على أنّ التعزير لا يجوز إلا بما (دون الحدّ) وهو ما صرّحت به عدّة روايات، منها: صحيحة حماد أنّ التعزير لا بدّ من أن يكون أقلّ من الحدّ مطلقاً، فقد روي عن أبي عبد اللهg >قال: قلت له كم التعزير؟ فقال: دون الحدّ، قال: قلت: دون ثمانين؟ قال: لا، ولكن دون أربعين، فانها حد المملوك، قلت: وكم ذاك؟ قال: على قدر ما يراه الوالي من ذنب الرجل وقوة بدنه<([83]).

ولكنّهم قد اختلفوا في تفسير معنى (دون الحدّ) الوارد في الصحيحة:

التفسير الأول: أي: (دون حدّ الزنا)، فيكون أكثر مستويات التعزير هو تسعة وتسعون سوطاً، ويمكن استظهار ذلك من روايات ضرب الرجلين أو المرأتين أو الرجل والمرأة المجتمعَين في لحاف واحد تسعة وتسعين سوطاً.

إلاّ أنّ التمسّك بهذه الروايات يتوقّف على حملها على التعزير، إمّا باستظهار أنّ استثناء ضرب واحد كان لأجل التخلّص من الوصول إلى الحدّ، إذاً فهذا تعزير يتخيّر الحاكم في تحديده، وليس من المعيّن الضرب تسعة وتسعين كي يكون حدّا، وإمّا بقرينة الإجماع على عدم تعيّن التسعة والتسعين كما يدّعى، وإمّا بقرينة رواية الضرب ثلاثين سوطاً كما قيل: إنّ مقتضى الجمع بينها وبين روايات التسعة والتسعين هو تخيير الحاكم من الثلاثين إلى التسعة والتسعين.

إلّا أنّ ذلك الاستظهار لا شاهد له، وهذا الجمع تبرّعيّ بحت.

ولو تمّ شيء من هذا القبيل فهذه الروايات لا تدلّ على قضية كلّية وهي: إنّ التعزير مطلقاً أقلّ من حدّ الزنا، وإنّما تدلّ على ذلك في خصوص مسألة النوم في لحاف واحد.

التفسير الثاني: أي: (دون الخمسة والسبعين سوطا)؛ لما يقال في حدّ القيادة من أنّه خمسة وسبعون سوطا.

التفسير الثالث: أي: (دون الأربعين) كما هو صريح ذيل رواية حماد بن عثمان، ولكن قد عرفت أنّ ذيل رواية حماد محمول على التقيّة.

التفسير الرابع: أي: (دون الخمسين)؛ لأنّ حدّ العبد في الزنا خمسون ([84]).

والأصل في التعزير ألّا يبلغ القتل، وهو مختار الإمامية مطلقاً ([85]).

وكذا الشافعيّ وأبو حنفية وبعض الحنابلة ([86])، واستدّل عليه -مضافاً إلى اشتراطهم في التعزير ألّا يبلغ مقدار الحدّ في طرف الكثرة- بالكتاب والسنة:

أمّا الكتاب فقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}([87]).

وأمّا السنّة فقول النبيe: >لا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة<([88]).

ويقول الدكتور وهبة الزحيليّ: "في نظر علماء المالكية فإنّ يد الإمام في تعيين مقدار (التعزير) (لا الحدود) مفتوحة، فيعمل وفقاً لما يراه صلاحاً وأيّ مقدار تكون العقوبة التعزيرية بما تحقّق المصلحة وبشرط يكون أقلّ من الحدّ.

وفي نظر الفقهاء فإنّ إجراء التعزير (في مورد ما لم يكن هناك حقّ للغير) فلا يجب على السلطان، يعني إذا رأى السلطان في المصلحة في العفو عنه فيحقّ له ذلك كما هو رأي علماء الأحناف، لأنّ النبيّ الأكرمe قال: «اصْفَحُوا عن أخطاءِ الكِبارِ» (إلّا في مسألة الحدود) وفي هذا الصدد يقول علماء الأحناف: إنّ العفو عن الذنوب التي أقلّ من الحدّ، تكون بيد الإمام (السلطان)"([89]).

الضابطة الثانية: توخِّي الغاية من تشريع العقوبة عند تقديرها

والمقصود بها أنَّ الشارع جعل ضابطةً لتحديد مقدار التعزير لا ينبغي تجاوزها، وهي (مناسبة العقوبة للجريمة)، أي على غرار البحث الأصوليّ (مناسبات الحكم والموضوع) من حيثيّة التناسب بين حكم القاضي وجرم المعزَّر؛ وذلك توّخياً لتحقيق الغاية من تشريع هذه العقوبة، وما القاضي إلا مشخِّصاً ومقدِّراً لما يحقّق المصلحة في ذلك، لا أنَّه يحكم بهواه ورغبته وبما يخطر في ذهنه.

ومن الواضح من خلال الروايات وكلمات الفقهاء أنّ العقوبة التعزيريّة يفترض أن تُقرر وفق القاعدة وهي حجم المقدمات التي تمّ الإقدام عليها على المستوى الجرميّ، فإنَّ اجتهاد القاضي في تقدير العقوبة يرجع للأخذ بعين الاعتبار طبيعة الفاعل والمفعول فيه وذات الفعل أو القول وما أشبه ذلك.

وهكذا فإنّ الهدف من التعزير هو ردع الجاني وتأديبه فيكفي منه ما تؤمن عاقبته غالباً، وحينئذٍ فينبغي ألّا تكون العقوبة مهلكة بل يكفي منها ما يحقّق الغرض، ولذا لا يجوز في التعزير القتل والقطع، وإن خالف في ذلك بعض فقهاء الجمهور فأجازوا عقوبة القتل تعزيراً إذا اقتضت المصلحة العامّة، أو توقّف زوال فساد المجرم عليه كقتل الجاسوس والداعي إلى البدعة.

الضابطة الثالثة: مراعاة ظروف التخفيف والتشديد عند التقدير

المراد بهذه الضابطة أنّ على القاضي أن يقدِّر العقوبة بعد أن يراعي حال المعاقَب وهذا ما يعرف الآن بـ(الظروف المتعلقة بالجريمة تخفيفاً وتشديداً)، فهل كان الفاعل مؤمناً متديِّناً أو أنّه كان بذيئاً؟ وهل فعلها مصرّاً أو لا؟ وهل تكررت منه أو كانت أوّل مرة؟ وهكذا.

وليس ثمةّ خطر في بسط يد القاضي لتعيين العقوبة المناسبة، لأنّ التساهل في بعض الجرائم قد يصلح الجاني أكثر ممّا يفسده، بخلاف الجرائم الخطيرة التي جعلت الشريعة المقدّسة لها حدوداً معينة -كالقصاص والدية- ولم تترك للقاضي فيها أي خيار سوى التنفيذ.

الضابطة الرابعة: ضمن ما حدده الشارع من أنواع العقوبات

جعل الشارع للقاضي تقدير مقدار العقوبة، ولم يجعل له غير ذلك، وقد تدخل الشارع في العقوبات فعين أنواعها، أي ‏عين أنواع العقوبات التي يعاقب بها، فصار القاضي مقيداً بهذه العقوبات، أي أنّ تعيين الشارع أنواع العقوبات ‏قد قيّد القاضي بها، فلا يحلّ له أن يعاقب بغيرها، وله أن يختار منها ما يراه زاجراً. وعليه فإنّه يجب على الحاكم ‏حين يوقع عقوبة التعزير أن يتقيد بالأحكام الشرعية، فلا يعاقب إلاّ بالعقوبات التي جاء الشارع بها، وأنواع العقوبات التعزيريّة:

١. ما يتعلّق بالجاه كالتوبيخ، والتشهير، والعزل عن المنصب.

٢. ما يتعلّق بتقييد الإرادة كالحبس والنفي.

٣. ما يتعلّق بالأموال كالإتلاف والغرامة ومنع التصرف.

٤. ما يتعلّق بالأبدان كالقيد والجلد والقتل.

٥. ما يتعلّق بالأبدان والأموال كجلد السارق من غير حرز مع إضعاف الغُرْم عليه.

والتعزير يكون بحسب المصلحة، وعلى قدر الجريمة، ولكلّ شخص تعزير يؤدّبه ويردعه.

وقد نُهي ‏عن الحرق بالنار، فالعقوبة بالحرق بالنار لا تجوز، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة: >وإنّ النار لا يعذِّب بها إلا الله<([90])، وروى البخاري عن عكرمة أنّ النبيّeقال: >لا تعذِّبوا بعذاب الله< يعني الحرق بالنار. وروى ‏أبو داود في سننه عن ابن مسعود عن النبيّe أّنه قال:>إنّه لا ينبغي أن يعذّب بالنّار إلا ربّ النار<([91]).

الضابطة الخامسة: شروط القاضي المتصدّي

إنَّ هناك جهة لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار في مسألة التفويض للقاضي أو الحاكم، ويمكن أن نجعلها ضابطاً من الضوابط المهمّة، ومانعاً من أهمّ الموانع في عدم خروج التقدير عن المستوى المطلوب، وهي أنَّ من بيده التقدير قد اشترط فيه شروط صعبة وشديدة، وإنَّ تلك الشروط والصفات الواجب توافر القاضي عليها، والتي من أهمّها العلم والورع والتقوى والعدالة، وهي إحدى الضمانات المهمّة لعدم الظلم والجور والإجحاف في تطبيق ذلك، نعم نحن لا نقول بعصمتهم المطلقة عن الخطأ والانحراف، لكنّنا نعتقد أنّها تشكّل ضمانة إلى حدٍّ كبيرٍ من عدم الانحراف.

البحث الرابع: لماذا ترك الشارع التعزير بلا تقدير؟ وفوَّضه للقاضي؟

إشكال:

لماذا ترك الشارع التعزير بلا تقدير منه، وكيف يشّرع أموراً غير مقدّرة أو غير معيّنة خلافاً لما هو المتداول في القوانين الوضعية؟

الجواب:

إنَّ تقنين عمليّة التقدير لا يجعلها غير معيّنة مطلقاً، فالضوابط الآنفة تعني أنَّ العملية ليست جزافيّة، وهذا ما نلاحظه في القوانين الوضعية أيضاً في بعض الحالات، فقد يعاقب القانون المجرم -مثلاً- بالحبس من عشرة أيّام إلى شهرين، وكذا في العقوبات الماليّة حيث يفوّض إلى الحاكم أمر تعيينها.

هذا وإنَّ الغاية من تشريع التعزير كما أسلفنا هو الردع والتأديب، وهذا ما لا يتحقّق مع إلزام القاضي بعقوبة معيّنة لكلّ الحالات والصور، بل إنَّ هذا ما قد يجعل العقوبة غير عادلة في كثير من الأحوال، لاختلاف الجرائم وأحوال المجرمين وظروفهم، فما قد يصلح مجرماً معيّناً بعقوبة معيّنة قد يكون مفسداً لمجرم آخر، وما قد يردع شخصاً بعينه قد لا يردع غيره، ولذا وضع الشارع عقوبات متعدّدة ومختلفة للجرائم بحيث تتدرّج العقوبة فيها بحسب نوع الجريمة من أحقر الأمور إلى أخطرها، وترك الأمر في ذلك للقاضي يحدّد ما يتناسب منها مع نوع الجرم والمجرم وظروف الجريمة بما يراه كفيلاً بالردع والتأديب والإصلاح.

وإنَّ مما يميِّز التعزير عن غيره من العقوبات -كالحدود والقصاص- أمران:

١. في الحدود والقصاص ليس للحاكم أن يعفو فيهما عن الجاني، بينما يمكنه ذلك في التعزير.

٢. في الحدود والقصاص يُنظر إلى الجريمة ولا اعتبار فيهما لشخصيّة المجرم، أمّا التعزير فيلحظ فيه بالإضافة إلى الجريمة شخصيّة المجرم.

الخاتمة

خلصت في هذه المقالة إلى جملة من النتائج أختمها بها:

* العقوبة التعزيريّة لها مميزات تجعلها متميّزة عن غيرها من العقوبات الشرعيّة كالحدود والقصاص، فلا يصحّ التداخل بينها وبين غيرها على مستوى الأحكام والتطبيق.

* أهمّ خصيصة للتعزير أنّها من الأصل غير مقدرة، وأنّ قدره في خمس صورٍ منصوصة لا غير.

* تقدير التعزير كعقوبة مفوّض للإمام أو من ينيبه نيابة خاصة أو نيابة عامّة.

* وقع الخلاف في أنّ التفويض للقاضي أو منصبه، أو خاص بالإمام ونوابه فقط.

* من أهمّ نتائج هذه المقالة هي إبرازها ضوابط تقدير العقوبة التعزيريّة من خلال مجمل ظواهر روايات الباب، فهي وإنْ كانت عقوبة غير مقدَّرة، ولكنّها في ذات الوقت مضبوطة بضوابط.

* من أهمّ الضوابط في تقدير التعزير هي توخّي الغاية من تشريع العقوبة عند تقديرها وضابطه تحقيق الغرض وعدمه.

* من ضوابط تقدير العقوبة التعزيريّة مراعاة ظروف التخفيف والتشديد عند تقديرها.

* ليس هناك حدّ أدنى للعقوبات التعزيريّة بل للإمام الخيار في تحديد أقلّه.

والحمد لله ربّ العالمين.

([1]) سورة: 9.

([2]) لسان العرب، ابن منظور، ج1، ص184.

([3]) النهاية، ابن الأثير ج3، ص228، مجمع البحرين، الطريحي، ج2، ص1207.

([4]) مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص333.

([5]) الصحاح، الجوهري، ج2، ص744.

([6])الفقه على مذاهب الأربعة، الجزيريّ، ج5، ص397.

([7]) التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج8، ص108.

([8]) المبسوط في فقه الإماميّة، ج8، ص69.

([9]) الكافي في الفقه، ص426.

([10])تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة، ج2، ص227.

([11]) شرائع الإسلام، ج١، ص344.

([12]) مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج2، ص 423

([13]) وسائل الشيعة، ج 18، الباب ٢ من أبواب مقدّمات الحدود، ح1، ٢، ٣، ٥.

([14]) جواهر الكلام، ج4، ص254.

([15])المغني، لابن قدامة، ج10، ص342، م7374.

([16])الفقه على المذاهب الأربعة ومذهب أهل البيتi، الجزيري، ج5، ص589.

([17]) انظر: الروضة البهيّة، ج9، ص145.

([18]) القواعد والفوائد، ج2: ص142-144، الفروق (القرّافي)، ج٤، ص177. حاشية ابن عابدين، ج6، ص74.

([19]) جواهر الكلام، ج41، ص448، مباني تكملة المنهاج، ج1، ص337، دراسات في ولاية الفقيه، ج2، ص306.

([20]) النساء: 15-16.

([21]) مباني تكملة المنهاج، ج1، ص120.

([22]) مسالك الأفهام، ج14، ص325، وقريب منه جداً ما قاله صاحب الرياض [رياض المسائل، ج2، ص459].

([23]) التحرير، ج5، ص349.

([24]) عوائد الأيّام، ص554.

([25]) وسائل الشيعة، ج18، الباب ٢ من أبواب مقدّمات الحدود، ح1.

([26]) وسائل الشيعة، ج18، الباب ٢ من أبواب مقدّمات الحدود، ح3.

([27]) وسائل الشيعة، ج18، الباب٣ من أبواب نكاح البهائم، ح1.

([28]) وسائل الشيعة، ج18، الباب ٤ من أبواب بقيّة الحدود، ح1.

([29]) وسائل الشيعة: ج18، الباب ١٣ من أبواب بقيّة الحدود، ح1.

([30]) وسائل الشيعة، ج18، الباب ١٩ من أبواب حدّ القذف، ح6.

([31]) راجع: جواهر الكلام، ج21، ص388.

([32]) المبسوط، ج5، ص413. الغنية، ص435. السرائر ج3، ص534-535. جامع الخلاف والوفاق، ص597. مهذّب الأحكام، ج 28، ص35.

([33]) الخلاف، ج5، ص497، م13.

([34]) مباني تكملة المنهاج، ج1، ص337، قال: " من فعل محرماً أو ترك واجباً إلهياّ عالماّ عامداّ عزّره الحاكم حسب ما يراه من المصلحة على المشهور شهرة عظيمة، بل لا خلاف في الجملة".

([35]) المبسوط (الطوسيّ)، ج8، ص69. غنية النزوع، ص435. السرائر ج3، ص535. شرائع الإسلام، ج4، ص168. قواعد الأحكام، ج3، ص548. جواهر الكلام، 41، ص448. مباني تكملة منهاج الصالحين: ج1، ص337. تبصرة الحكّام: ج2، ص283، 366. معين الحكّام، ص189. كشّاف القناع، ج4، ص75. الأحكام السلطانية ( الماوردي )، 10ص.

([36]) المبسوط (الطوسيّ)، ج8، ص69. غنية النزوع، ص435. السرائر، ج3، ص535. شرائع الإسلام، ج4، ص168. قواعد الأحكام، ج٣، ص548. جواهر الكلام، ج41، ص448. مباني تكملة منهاج الصالحين، ج1، ص337. تبصرة الحكّام، ج2، ص283، 366. معين الحكّام، ص189. كشّاف القناع، ج4، ص75. الأحكام السلطانية (الماورديّ)، ص10.

([37]) مهذب الأحكام ( السبزواريّ)، ج28، ص35.

([38]) دراسات في ولاية الفقيه، ج2، ص308.

([39]) وسائل الشيعة، ج28، ص229، الباب 6 من أبواب حدّ المسكر، ح6.

([40]) التعزير في الفقه الإسلاميّ، ص48.

([41]) وسائل الشيعة، ج28، ص14-15، الباب 2 من أبواب مقدّمات الحدود وأحكامها، ح1، 2، 3.

([42]) كشف اللثام، ج10، ص544. الرياض، ج13، ص543. جامع المدارك، ج7، ص98. الدرّ المنضود، ج2، ص297، قال: "لا دليل لنا تطمئن إليه النفس في الحكم بوجوب التعزير في كلّ معصية بل وفي خصوص الكبائر منها".

([43]) كشف اللثام، ج 10، ص544. الرياض، ج13، ص543.

([44]) الكافي في الفقه، ص416-417.

([45]) الشرائع، ج4، ص168.

([46]) القواعد، ج3، ص548. اللمعة، ص259، قال: "يعزّر كلّ من ترك واجباّ أو فعل محرّماً بما يراه الحاكم". المفاتيح، ج2، ص106.

([47]) جواهر الكلام، ج41، ص448. جامع المدارك، ج7، ص121. تحرير الوسيلة، ج2، ص477. تكملة منهاج الصالحين، ج1، ص342.

([48]) النساء: 31.

([49]) جواهر الكلام، ج41، ص448. الدر المنضود، ج2، ص294.

([50]) المسالك، ج14، ص327.

([51]) جواهر الكلام، ج41، ص448.

([52]) عوائد الأيام، ج3، ص553.

([53]) الدروس، ج2، ص47-48.

([54]) كشف الغطاء، ج4، ص430.

([55]) عوائد الأيام: ص553.

([56]) عوائد الأيّام، ص553.

([57]) القواعد والفوائد، ج1، ص405.

([58]) العروة الوثقى، ج6، ص729، م37.

([59]) مجلة فقه أهل البيتi، السنة الرابعة 1420هـ، العدد 15، ص37.

([60]) رسائل فقهية، ج5، ص541.

([61]) ولم ألاحظ توقّف الفقهاء عندها بالتفصيل والبحث إلا سيّدنا الهاشميّŸ كما سيأتي.

([62]) وسائل الشيعة، ج 18، الباب27 من أبواب مقدمات الحدود، ح١.

([63]) مجلة فقه أهل البيتi، السنة الرابعة 1420هـ، العدد 15: ص37.

([64]) عيون الحكم والمواعظ للّيثيّ، ص328.

([65]) وسائل الشيعة، ج 13، الباب 9 من أبواب الدين والقرض، ح4.

([66]) الكافي، ج1، ص407.

([67]) وسائل الشيعة، ج 18، الباب10 من أبواب صفات القاضي، ح1.

([68]) تهذيب الأحكام، ج6، ص221، برقم 521، وللحديث صلة جديرة بالمطالعة.

([69]) الكافي، ج7، ص408.

([70]) وسائل الشيعة، ج 18، الباب 28 من أبواب كيفيّة الحكم، ح1.

([71]) النهاية (الطوسي)، ص٣٠١ ، والسرائر، ص١٦١.

([72]) صحيفة الإمام (الترجمة العربيّة)، ج19، ص367. الرسالة مؤرخة 28 آبان 1364هـ.ش.

([73]) وسائل الشيعة، ج18، الباب 15 من أبواب الشهادات، ص224.

([74]) وسائل الشيعة ج18، الباب 10 من أبواب بقية الحدود، ح3، ص584.

([75]) كتب في هذا العنوان سماحة السيّد الهاشميّŸ في مقالة علميّة في مجلّة فقه أهل البيتq، العدد 15: ص37.

([76]) الأعراف: 199،  المائدة: 13، وفي السنن الكبرى للبيهقي، ج8، ص271.

([77]) نهج البلاغة، خ53، الكافي، ج7، ح4، ص252.

([78]) الخصال للصدوق، ج2، ص567.

([79]) مهذّب الأحكام في بيان الحلال والحرام، ج28، ص59.

([80]) وقد عبّر الشيخ مغنيةŸ عن التعزير بأنّه عقوبة مفوضة، يقول: "ويسمى التعزير عقوبة مفوضة؛ لأنّها قد فوضت إلى نظر الحاكم". [فقه الإمام الصادقg، ج6، ص245]

([81]) نفحات القرآن، ج10، ص175.

([82])نفحات القرآن، ج10، ص175.

([83]) وسائل الشيعة، ج18، الباب 10 من أبواب بقية الحدود، ح3.

([84]) مجلّة فقه أهل البيتi، العدد 41، ص33.

([85]) الموجز في السجن والنفي، ص230. مهذّب الأحكام، ج28، ص144. التعزير في الفقه الإسلاميّ، ص133.

([86]) مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، ج6، ص164. أحكام القرآن (الجصّاص)، ج1، ص61. المهذّب (الشيرازيّ)، ج2، ص268. الأحكام السلطانيّة (الماورديّ)، ص212-213. كشّاف القناع، ج4، ص74-76.

([87]) سورة الأنعام: 151.

([88]) صحيح مسلم، ج5، ص106، سنن أبي داود، ج2، ص327.

([89]) انظر: الفقه الإسلاميّ وأدلّته، ج 7، ص5601-5603.

([90]) مسند أحمد، ج2، ص307، فتح الباري، ج6، ص184، ح3016.

([91]) مصنّف ابن أبي شيبة، ج7، ص658، ح 3.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا