قبل ما يزيد عن 1400 عام أريق دم سبط الرسول| في أرض كربلاء، وتأثر الكون كلّه من تلك الدماء، وصار دماً يجري على خيوط الظلام ليبْدلها نوراً، وعلى الخذلان ليبدله عنفواناً.
دمٌ جرى على الأرض ليميّز الحق من الضلال ويهدي من العمى، ويحيي نفوس الضائعين، ويُلهب مشاعر الوالهين، ويوجد في قلوب العارفين حرارة لا تجد لها برداً حتى يوم الدين.
وكلّ من استنار بنوره وعَشِقه لا يجد من نفسه إلا أن يسطّر كلمات في الحسين وثورته، فتتسارع الأقلام لتصرف حبرها في هذا المجال على أمل أن تأخذ من دمه حبراً لها لتستمرّ مسيرة العطاء بوهج دمه الطاهر، فلا عجب إن لم تقف الكتابات والمؤلّفات حول الحسين× وثورته مسلّطة الضوء على مختلف جنبات الثورة المباركة.
إلا أنّه مع ذلك كلّه فلا زال أمام الكتّاب الوسع في الكتابة حول الإمام وثورته فالحديث حوله حديث لا ينفك عن الحديث عن الإسلام.
أمّا ما يخصّه فهو الإمام المعصوم الذي لا بد من قراءة سلوكه وأقواله قراءة دقيقة فاحصة عن المعاني الراقية التي يمكننا استثمارها في حياتنا في مواجهة ظلم النفس وظلم الآخرين، واستلال القيم التي انطلق منها× ودافع عنها.
تعالَ أيُّها الكاتب لتكتب حول المنهج الإصلاحي الذي سار عليه الحسين×، ولتكتب كيف تحدّث الرسول| عن سبطه الحسين× مع تحليله، ولتكتب حول علاقته مع أبيه وأمه وأخيه وأخته بجمع الروايات والأخبار منتجا من ذلك كلّه المفاهيم الاجتماعية العميقة، ولتكتب حول ما كتبه المخالفون والملحدون عنه وعن ثورته التي ملأ صداها الأرجاء وبيان كيف أنّ الحق يُذعن له أصحاب العقول الناضجة لنبحث عن سبب نضجهم وتشجيع العقل الناضج في العالم كلّه للاطلاع على فكر الحسين× وثورته المباركة.
أما ما يخص ثورته المباركة فمجالها لا ينتهي ففي كل خطوة خطاها الحسين× نحو كربلاء يوجد بإزائها درس وعِبرة ولو كتب فيها لأمكن أن ننتج المجلّدات الضخمة، فمن الجيد أن يُكتب في مجال التأصيل القرآني لهذه الثورة الخالدة، وكذا في تحديد المصادر التي يمكن اعتمادها في البحث حول هذه الثورة وبيان الطرق الصحيحة لمعالجة الروايات التاريخية وضوابط قبولها من عدمه بطرح الثورة الحسينية وما جرى فيها مثالاً على ذلك، وهذا لا يقف عند بعض الأحداث التي صارت مثاراً للجدل بل يتعدّاها إلى الأحداث التي وقعد بعد المقتل الشريف وحتى رجوع السبايا إلى المدينة وما جرى بعد ذلك كي لا تبتذل هذه الثورة العظيمة في بعض الأحداث وكأنّ الثورة كانت لها ولم تكن للإسلام ولإصلاح الأمّة على مر العصور.
تعالَ أيُّها الكاتب لتبحث عن يزيد ودولته وكيف سيطر على الناس وأعماهم، كيف نشأت دولته كمثال لنشوء الظلم وانتشاره بين الناس، وهذا يفتح باباً آخر للبحث حول نظام الحكم الإلهي والبشري والنماذج المختلفة التي صار لها وجود في عالم الدنيا وبيان الحق فيها والأصلح لكل الشعوب وعلاج ما فيها من إشكاليات فهل الحكم بالتنصيب الإلهي أم بالانتخاب البشري أم بالتوريث أم بغيرها؟! والمرأة لها حضور ودور بارز في كربلاء قبل وأثناء وبعد عاشوراء ومن حقّ الأمّة الإسلاميّة معرفتهم لاستفادة الدروس منهنّ.
أما ما يخصّ ذكراه، فالشعائر عنوان لا يُغفل في الكتابة فيه ببيان ضوابطه وحدوده، والكتابة في طرق تبليغ ثورته إلى كل العالم بلا استثناء لأحد مهما كان ما يَدين به، ولا بد من الكتابة حول ما يثار من شبهات وردّها كي لا يفسح المجال أمام المضلِّلين والمشوِّهين لهذه الثورة الإلهية.
ناهيك عن الأبحاث العقائدية والفقهية التي يمكن استفادتها وبحثها.
فأين مدادك أيُّها الكاتب! خذ حبراً من دم الحسين× وسطّر عمق ثورته وانشرها لتحقيق أهدافه.
0 التعليق
ارسال التعليق