حجية ظواهر القرآن عند صاحب الحدائق (القسم الثاني)

حجية ظواهر القرآن عند صاحب الحدائق (القسم الثاني)

الدلالات اللفظية تنقسم من جهة مدلولاتها إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون مدلول الدلالة اللفظية واضحا، وبحيث يحصل العلم لدى السامع بأنه هو المراد، ولا يكون لديه احتمال بأن المراد معنى آخر، فهذه الدلالة الصريحة هي المعبر عنها بالنص في المراد ولا شبهة في أنها حجة بحجية القطع والعلم.

الثاني:  أن تكون للدلالـة اللفظـية أكثر من معنى محتمل ولا تنصرف عند إطلاقها إلى معنى معين من تلك المعاني، فيكون المدلول مجمل وغير متعين ولا شك في عدم حجية هذه الدلالة سواء كانت المعاني المحتملة متكافئة على مستوى الاحتمال أو كان بعضها أرجح لا بمستوى تعين المعنى فيه بالانصراف العرفي واللغوي إليه حين إطلاق الدلالة.

الثالث: أن تكون للدلالة اللفظية أكثر من معنى محتمل ويكون أحد المعاني المحتملة هو المتعين من تلك المعاني إلا أن تعينه لا يصل لمستوى القطع بل يظلُّ احتمال الخلاف وارداً، وإنما كان منشأ تعينه الانصراف العرفي والاعتبارات العقلائية. فتكون هذه الدلالة ظاهرة في ذلك المعنى(1).

ولا خلاف في حجية الظهور في الجملة، لأن المفروض كونه معتبراً عند أهل اللسان في محاوراتهم المقصود بها التفهيم، ومن المعلوم بديهة أن طريقة محاورات الشارع في تفهيم مقاصده للمخاطبين لم يكن طريقاً مخترعاً مغايراً لطريق محاورات أهل اللسان في تفهيم مقاصدهم.

وإنما وقع الخلاف والإشكال في موضعين:

أحدهما: جواز العمل بظواهر الكتاب.

والثاني: أن العمل بالظاهر مطلقاً في حق غير المخاطب بها قام الدليل عليه بالخصوص بحيث لا يحتاج إلى إثبات انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية، أم لا(2).

ويظهر من صاحب الحدائق أنه يوجد اختلاف ثالث وهو أن نفس الظهور بما أنه من أقسام الظن فهو ليس بحجة عند بعض الأخباريين، فلا بد من تحقق العلم والوثوق بمضمون النص حتى يكون حجة في استنباط الأحكام الشرعية(3).

وقام بعرض بعض النماذج من الأدلة التي استدل بها هؤلاء الأخباريون على دعواهم، وسعى لردها وبيان عدم دلالتها على ما يدعون.

دليل عدم حجية الظهور

الأول: ما دل على التثليث في الأحكام الشرعية كقولهم (عليهم السلام): «حلال بيِّن وحرام بيِّن وشبهات بين ذلك»(4).

الثاني: ما دل من الآيات الكريمة على عدم ترتيب الأثر على الظن، كقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}(5)، وكذا الآيات الدالة على عدم القول في أحكام الله بغير علم كقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}(6).

الثالث: ما دل من الروايات على تحريم الإفتاء بغير علم، مثل صحيحة أبي عبيدة عن جعفر (عليه السلام) قال: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه»(7)، وكذا مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «إياك وخصلتين فيهما هلك من هلك، إياك أن تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم»(8)، وكذلك جملة من الأحاديث الأخرى(9).

مناقشة صاحب الحدائق

ناقش عدم الأخذ بالظهور الظني من الكتاب والسنة واثبت أن الأدلة السابقة لا تدل على المدعى، ويمكن أن نقرب مناقشة صاحب الحدائق بالنحو التالي:

أما ما دل من الأحاديث على تثليث الأحكام الشرعية فإن المراد من الحلال البيِّن أو الحرام البيِّن لا يخلو من أحد معنيين:

الأول: المراد من العلم بالحلية وبالحرمة العلم الأعم من اليقين والظن البالغ درجة الوثوق والاطمئنان.

الثاني: العلم بالحلية وبالحرمة بمعنى العلم بقيام الحجة والدليل على الحلية وعلى الحرمة، وإن كانت دلالة دليل الحلية ودليل الحرمة لا تصل إلى درجة العلم الوجداني بل يكفي وصولها إلى مرتبة الظن الخاص.

والمعنى الأصح هو الثاني، فمع العلم بقيام الدليل من الكتاب أو السنة اللذين جعلهما الشارع مناطاً لأحكامه فالاستناد إليهما في الحلية والحرمة استناد إليه على العلم واليقين، فحلال بيِّن من الشارع وحرام بيِّن من الشارع يكون مع العلم بقيام الدليل من الكتاب أو السنة على الحلية أو الحرمة، وإن كانت دلالة الدليل على الحلية أو الحرمة بنحو الظن الخاص.

وبذلك يظهر عدم دلالة أحاديث التثليث على عدم حجية الظهور.

وأما الآيات الناهية عن العمل بالظن  فإن الظاهر منها جعل الظن مناطا للعمل وليس الأمر كذلك في العمل بظواهر الكتاب والسنة، وذلك لعلمنا بدليلة الآيات والسنة على الأحكام، فالعمل بالمعنى الظاهر لهما إلا ما قامت القرينة على خلافه عمل بأمر الله تعالى، وذلك لأننا مأمورون بالعمل بالكتاب والسنة والأخذ بما فيهما فنأخذ بدلالاتها الظنية بالظن الغالب، وقيام الاحتمال الضعيف لا يقدح في ذلك، إذ لا قول إلا وللقائل فيه مجال، ولا دليل إلا وهو قابل للاحتمال، وأما حمل العلم على العلم بالحكم الواقعي على نحو اليقين فهو بعيد غاية البعد، بل متعذر(10).

وأما الأخبار المانعة عن القول بلا علم وعلى عدم العمل بالظن في الأحكام فإن الظاهر منها المنع من القولِ بلا علم، والعملِ بالظن في صورة كون القول والظن مستنداً إلى الأخذ بالرأي والهوى، والقياس والاستحسان ونحو ذلك مما خرج عن دليلي الكتاب والسنة، كما عليه العامة، وتشير إلى ذلك جملة من الأخبار نستعرض بعضاً منها:

1- ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا، إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها، وأعيتهم السنة أن يعوها -إلى أن قال- فعارَضُوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا»(11).

فإن الرواية جعلت ما يأخذونه من الرأي في مقابل الأخذ بالأحاديث، وأن أخذهم بالرأي سبب لعدم أخذهم بالسنن ولضلالهم، فيفهم من فحوى الحديث الأمر بالأخذ بالأحاديث والسنن والنهي عن الأخذ بالرأي. فانسجم الأخذ بالظن مع الأخذ بالرأي.

2- رواية حبيب عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «ما أحد أحب إلي منكم، إن الناس سلكوا سبلا شتى، منهم من أخذ بهواه، ومنهم من أخذ برأيه، وإنكم أخذتم بأمر له أصل»(12).

والأخذ بالأمر الذي له أصل هو الأخذ بأحاديثهم وهو مأمور به، وهو مقابل الأخذ بالرأي والهوى وهو منهي عنه، فالنهي عن العمل بالظن ينسجم مع الرأي والهوى.

3- روي عن الإمام الصادق  (عليه السلام) أنه قال: «من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال»(13).

وما يأخذ من أفواه الرجال الذي يكون مقابل الأخذ بالكتاب والسنة فهو الأخذ بالرأي، ولا يكون الرأي ثابتا لصاحبه إلا مع تحقق الظن لديه.

4- رواية الثمالي عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال:«إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلم لنا سلِم، ومن اهتدى بنا هدي، ومن دان بالقياس والرأي هلك..الخ»(14).

5- رواية يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تزاوروا فإن في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكرا لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم»(15).

والأخذ بظواهر الأحاديث أخذ بالأحاديث عرفاً.

6- وما روي في الصحيح عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال ضمن رواية: «إنما هلك من كان قبلكم بالقياس»(16).

فإن القياس يفيد الظن لكن مع ذلك فهو يوجب الهلاك بصورة مطلقة.

7- في رسالة الإمام الصادق (عليه السلام) إلى أصحابه التي يرويها الكليني بأسانيد ثلاثة أنه قال: «أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقائيس قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهلا لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقائيس أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصهم به ووضعه عندهم كرامة من الله أكرمهم بها وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم -وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم- أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه وإلى جميع سبل الحق وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقائيسهم حتى دخلهم الشيطان»(17).

فكل هذه الروايات ترشد إلى أن الظن المنهي عن الأخذ به هو الظن نتيجة للقياس والأهواء وأمثالهما، ولم ترد رواية دالة على النهي عن العمل بالمعاني الظاهر للأحاديث التي ينصرف إليها الذهن، بل الروايات ترشد إلى الأخذ بالأحاديث والأخذ بظواهر الأحاديث أخذ بالأحاديث عرفاً.

رأي الأمين الإسترآبادي

ممن اختار عدم حجية مطلق الدلالة الظنية من الأخباريين المحدث الأمين الإسترآبادي في كتابه الفوائد المدنية(18)، ونرى هنا صاحب الحدائق يفتح نقاشاً معه ويقف في صف المجتهدين في قبول حجية الظهور مما يدل على أنه غير متعصب لفئة ولا لمجموعة، وإنما يعمل على وفق ما يقوده الدليل الشرعي بحسب اعتقاده.

وقام المحقق البحراني بتقصي كلام الإسترآبادي وحيث رآه سقيما بادر للرد عليه(19)، فنستعرض أولاً لزوايا كلام الأمين الإسترآبادي ثم نستعرض نكات رد صاحب الحدائق عليه.

عقد الإسترآبادي كلامه في المقام في محورين:

الأول: في إثبات أن الدلالات التي يعتمد عليها في الأحكام الشرعية من الأدلة اللفظية دلالات قطعية.

الثاني: أن الاختلاف الواقع بين علمائنا ليس نتيجة لعدم قطعية دلالات الأحاديث.

المحور الأول: ادعى فيه أن الدلالات التي يعتمد عليها في الأحكام الشرعية من الأدلة اللفظية دلالات قطعية من غير أن يحتاج إلى التمسك بالدلالات الظنية لأنها غير حجة، كما أن أكثر الروايات الواصلة إلينا -على ما يدعيه- دلالاتها قطعية، ولذا قام بطرح كلام لمستشكل عليه ثم أجاب عليه ضمن الفصل الذي عقده للإجابة على الإشكالات المتوجة على مسلكه، قال في مقام بيان الإشكال وجوابه:

إنه لا مفرّ للأخباريين عن العمل بالظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى أو بنفيها، وذلك لأن الحديث ولو كان صحيحا باصطلاحهم وهو المقطوع بوروده عن أهل الذكر (عليهم السلام) قد يحتمل التقية، وقد يكون دلالته ظنية، وعلى التقديرين لا يحصل القطع.

وجوابه أن يقال: أكثر أحاديثنا المدونة في كتبنا صارت دلالتها قطعية بمعونة القرائن الحالية أو المقالية وأنواع القرائن كثيرة، من جملتها: أن الحكيم في مقام البيان والتفهيم لا يتكلم بكلام يريد به خلاف ظاهره، لا سيما من اجتمعت فيه نهاية الحكمة مع العصمة.

ومن جملتها: تعاضد الأخبار بعضها بعضا.

ومن جملتها: خصوصيات أجزاء بعض الأحاديث.

ومن جملتها: قرينة السؤال والجواب، والدلالة التي لم تصر قطعية بمعونة القرائن لا توجب الحكم عندهم وإنما توجب التوقف.

وأما احتمال التقية فغير قادح فيما حققناه لما سبق: من أنه يكفي أحد القطعين(20)، ومن أن مناط العمل القطع بأن الحكم ورد عنهم (عليهم السلام) لا الظن بأنه حكم الله في الواقع(21).

فبالقرائن اللفظية أو الحالية المتصلة أو المنفصلة التي من جملتها الأربع التي عددها حاول الإسترآبادي إثبات قطعية دلالات غالب الأحاديث، وأما احتمال صدور الحديث على وجه التقية وإن كان ثابتاً في بعض الموارد غير أنه لا ينافي قطعية الدلالة، إذ أن المناط في إثبات الحكم -عنده- إنما هو قطعية الدلالة التي علم بصدورها من المعصوم (عليه السلام)، سواء احتمل صدورها على وجه التقية أم لم يُحتمل ذلك، نعم إذا علم صدروها على وجه التقية فلا يصح الإفتاء على ضوء دلالتها. 

مناقشة صاحب الحدائق

يفيد صاحب الحدائق بأن الأحاديث التي وصلت إلينا على الغالب لا تعلو عن مراتب الظهور إلى مرتبة اليقين وذلك لعدة أمور:

الأول: ما أشار إليه بقوله: «أن دلالة الألفاظ ظنية، وقيام الاحتمالات وشيوع المجازات، بل غلبتها على الحقائق مما لا ينكره الممارس الحاذق»(22) أي أن الدلالات اللفظية التي جاءت في الروايات لها وجوه متعددة من المعاني وكل منها محتمل وإن اختلفت نسبت الاحتمال، لتباعدنا عن زمن الخطاب بعقود، وهذا بسبب ضيق الخناق في نفس الدلالات اللفظية، وذلك لما نراه من تعدد استعمالات لفظية محددة لإيصال معاني مختلفة، مضافاً لما فيها من كثرة استعمال المجازات والكنايات، وبعض القرائن الواصلة إلينا لا تحقق لنا القطع في المعنى المراد غالبا، ولذا مع فرض الفصل الزمني لعقود بين وقوع الدلالات اللفظية وبين الاستفادة منها فإن نفس الدلالات تقتضي أن تكون دلالتها على المعنى دلالة ظنية لا تصل إلى درجة اليقين، وإن تفاوتت درجة الظن بحسب القرائن التي تصل إلينا التي تساعد في تقوية احتمال إرادة معنى معين، وقد تصل إلينا قرائن قوية توجب إيصال إدراك معنى معين إلى مرحلة اليقين، لكنها موارد قليلة جداً بالنسبة إلى بقية الأحكام.

نعم من يكون معاصراً للأئمة (عليهم السلام) والذي لم ينفصل زماناً عن إلقاء الأحاديث ويكون هو المخاطب بها عادة ما يكون وافقاً على قرائن للخطاب حالية أو لفظية توجب له اليقين للمعنى المراد منها، ولذا قال صاحب الحدائق:

«نعم لا ريب أن الدلالة بالنسبة إلى من خوطب بتلك الأحكام في تلك الأيام كانت قطعية لظهور القرائن الحالية والمقالية لهم، إلا أنها خفيت علينا في هذا الزمان بأمور عديدة أوجبت لنا الإشكال والداء العضال»(23).

الثاني: في أحاديث الأئمة (عليهم السلام) خصوصية توجب تعدد الوجوه غير خصوصية ما تقتضيه الدلالات اللفظية مع البعد الزمني، وهي أن الأئمة (عليهم السلام) قد يجعلون كلامهم ينصرف إلى وجوه متعددة وذلك لحكمة ترجع بالنفع لأتباعهم، ومنها عدم إرادة التصريح بالمراد في كلامهم لما تقتضيه المصلحة من المحافظة على الشيعة إذ كانت ظروف الأئمة (عليهم السلام) والشيعة ظروف تقية في كثير من الأحيان، وقد دلت مجموع من الروايات على أن كلامهم يمكن أن يُحمل على معانٍ كثيرة، منها ما يلي:

1-  ما رواه محمد بن الحسن الصفار بسند صحيح عن محمد بن علي الأحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «أنتم أفقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا، إن كلامنا لينصرف على سبعين وجها»(24).

2- رواية داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إن الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب»(25).

3- رواية إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجهاً لنا من جميعها المخرج»(26).

4- ما رواه الصفار عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنا لنتكلم بالكلمة بها سبعون وجها لنا من كلها المخرج»(27).

5- ما رواه بسند صحيح إلى حمران بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إني أتكلم على سبعين وجهاً لي من كلها المخرج»(28)، وبنفس ألفاظ هذه الرواية يرويها مجموعة من الرواة عن الإمام الصادق (عليه السلام)(29).

6- وبسند له إلى عبد الأعلى بن أعين قال: «دخلت أنا وعلي بن حنظلة على أبي عبد الله (عليه السلام)، فسأله علي بن حنظلة عن مسألة، فأجاب فيها، فقال رجل: فإن كان كذا وكذا؟ فأجابه فيها بوجه آخر، قال: وإن كان كذا وكذا؟ فأجابه بوجه آخر، حتى أجابه فيها بأربعة وجوه، فالتفت إلى علي بن حنظلة، قال: يا أبا محمد قد أحكمناه، فسمعه أبو عبد الله، فقال: لا تقل هكذا يا أبا الحسن، فإنك رجل ورع إن من الأشياء أشياء ضيقة وليس تجري إلا على وجه واحد، منها وقت الجمعة، ليس لوقتها إلا واحد حين تزول الشمس، ومن الأشياء أشياء موسعة تجري على وجوه كثيرة، وهذا منها، والله إن له عندي سبعين وجها»(30).

7- وبسند له إلى علي ابن أبي حمزة، قال: «دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله (عليه السلام)، فبينا نحن قعود إذ تكلم أبو عبد الله (عليه السلام) بحرف، فقلت أنا في نفسي: هذا مما أحمله إلى الشيعة، هذا والله حديث لم أسمع مثله قط. قال: فنظر في وجهي ثم قال: إني لأتكلم بالحرف الواحد لي فيه سبعون وجها إن شئت أخذت كذا وان شئت أخذت كذا»(31).

ونرى صاحب الحدائق يعلق على الروايتين الأخيرتين ما مفاده: أن ابن أبي حمزة في الرواية الأخيرة أسر في نفسه أنه ينقل ما فهمه من كلام الإمام (عليه السلام) إلى الشيعة، ولكن يلتفت إليه الإمام (عليه السلام) ويقول له أنك «ما عرفت»، وقول علي بن حنظلة في رواية عبد الأعلى: إنه قد أحكم المسألة بسبب ما اعتقده من إدراكه وفهمه لوجوه إجابات الإمام (عليه السلام) وأجابه الإمام بأنه لم يُحكم بقوله: «ومن الأشياء أشياء موسعة تجري على وجوه كثيرة، وهذا منها» فما عرفه علي بن حنظلة بعض الوجوه وأن للإمام (عليه السلام) في المورد سبعين وجهاً. كيف يصح ما ذكره الإسترآبادي من أن دلالات غالب الأحاديث على الأحكام دلالات قطعية لمن يقرأها من المحدثين؟(32)

لكن يحتمل أن كثرة الوجوه المشار إليها في راوية عبد الأعلى إنما أراد بها الإمام (عليه السلام) كثرة فروع وشقوق المسألة في ذلك المورد وعليه لا تصلح أن تكون هذه الرواية شاهداً لما يريده صاحب الحدائق.

الثالث: من العوامل المساعدة للتوصل للمعنى المراد من الكلام في المحاورات على وجه اليقين هو كون الكلام الدائر فيها على نسق واحد في مستوى التفهيم، وهذا العامل مفقود في كثير من أحاديث الأئمة (عليهم السلام)، فأحاديثهم وإن امتازت بأنفاس الطاهرين غير أنها في مستوى التفهيم ليست على نسق واحد في كثير من الموارد، وذلك لما دل من أن الأئمة (عليهم السلام) يكلمون الناس على قدر عقولهم، إذ أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: «إنا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم»(33).

وأما القرائن التي ذكرها الإسترآبادي فإنها لا توجب القطع في أغلب الأحاديث ولا تخرجها عن دائرة الظهور، وقال صاحب الحدائق في رده: «إن القرائن التي ذكرها لا يكاد يُشم منها رائحة ما ادعاه»(34) من أن أكثر دلالات أحاديثنا دلالات قطعية.

وأما المحور الثاني لكلام الأمين الإسترآبادي فيصب في إثبات أن منشأ الاختلاف الذي وقع بين علمائنا ابتداء من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ومروراً بالعلماء المتقدمين والمتأخرين ووصولاً لمن عاصرهم إنما كان لأسباب خارجة عن ما تقتضيه دلالات الأدلة اللفظية، فلا يلزم من ثبوت الاختلاف بين علمائنا كون غالب دلالات الأدلة اللفظية ظنية، إذ أن إدراك تلك الدلالات ليست من أسباب الاختلاف، بل سبب الاختلاف أحد أمرين:

الأول: إن بعض الأحاديث التي وصلت لمن عمل بها إنما وردت من باب التقية ولم يتضح له أنها من باب التقية، بينما وصلت أحاديث أخرى تختلف في مضمونها عنها، فوقع الاختلاف، وهذا الاختلاف الذي وقع بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) من الرواة، وهم قدماء الأخباريين.

الثاني: العمل على وفق الاستنباطات الظنية التي لم يدل عليها الكتاب ولا السنة، وعدَّد أمثلة من علمائنا المتقدمين والمتأخرين عملوا بذلك -على ما يدعيه-، فوقع الاختلاف بين علمائنا.

قال في بيان القسمين من الاختلاف: الاختلاف في الفتاوى قسمان:

أحدهما: أن يكون سببه اختلاف ما بلغهم من الروايات، ومن المعلوم أن هذا النوع من الاختلاف لا يؤدي إلى تناقض، لابتناء أحد القولين على ما ورد من باب التقية -كما حققه رئيس الطائفة (قدّس سرّه)- والاختلافات الواقعة بين قدمائنا الأخباريين وأصحاب الأئمة (عليهم السلام) من هذا القبيل، كما تقدم نقله عن رئيس الطائفة (قدّس سرّه).

وثانيهما: أن يكون سببه غير ذلك من الاستنباطات الظنية. ومن المعلوم: أنه لم يرد إذن من الله تعالى في ذلك، بل تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بأن المفتي المخطئ ضامن ويلحقه وزر من عمل بفتياه وقال الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(35).

ومن المعلوم أن كل حكم تحتاج إليه الأمة قد أنزله الله في كتابه لكن لا تبلغه عقول الرجال، وقد بينه النبي (صلّى الله عليه وآله) لأمته وبينه أمير المؤمنين (عليه السلام) كذلك، ومن المعلوم أنه لا اختلاف فيما أنزل الله تعالى كما مر بيانه سابقا، فكل من اختلف في الفتوى ولم يكن سببه ابتناء أحد قوليه على حديث وارد من باب التقية يكون حاكما بغير ما أنزل الله.

وأقول: يمكن أن يقال: الجماعة التي وقع منهم القسم الثاني من الاختلاف -وهم جماعة قليلة نشئوا في زمن الغيبة الكبرى، أولهم: الأقدمان ابن الجنيد وابن أبي عقيل فيما أظن، ثم بعدهما نسج على منوالهما الشيخ المفيد ثم ابن إدريس الحلي، ثم العلامة الحلي، ثم من وافقه من المتأخرين-معذورون من جهة غفلتهم عن أن سلوك طريقة الاستنباطات الظنية مناقض لما هو من ضروريات مذهبنا من أنه (صلّى الله عليه وآله) بعدما جاء في كل واقعة تحتاج إليها الأمة إلى يوم القيامة بحكم وخطاب قطعي وقد أودع كل ما جاء به عند الأئمة (عليهم السلام)أمر الناس بسؤالهم في كل ما لا يعلمون(36) والرد إليهم والتمسك بكلامهم (عليهم السلام)(37)، وهم (عليهم السلام) مهَّدوا أصولاً لرجوع الشيعة إليها، لا سيما في زمن الغيبة الكبرى.

وكلامه هذا يعني بأن الاختلاف بين الأخبارية منحصر في القسم الأول، وإنما هو نتيجة لاختلاف الروايات لا اختلاف الاستظهارات، وأما الاختلاف بين المجتهدين مضافا إلى اختلاف الروايات فإنه بسبب اعتمادهم الاستنباطات الظنية التي ليست من الكتاب ولا من السنة وعدم انحصار الأدلة عندهم بالكتاب والسنة، وهذا الكلام  منه -على ظاهره- في غاية الغرابة، إذ كيف يخفى على مجتهد أن كثيراً من الاختلاف الواقع بين العلماء -سواء كانوا أصوليين أو أخباريين- منشؤه الاختلاف في فهم الأحاديث.

مناقشة صاحب الحدائق له

وتدور مناقشة صاحب الحدائق له حول هذا المحور في ثلاث جهات:

الجهة الأولى: في المنشأ الغالب للاختلاف بين الأخباريين

في بعض الأحكام بطبيعة الحال، فإن صاحب الحدائق ونظراً لتتبعه أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين -ويقف على ذلك كل من راجع كتابه الحدائق- يرى أن دعوى انحصار اختلاف الأخباريين بسبب اختلاف الأحاديث وكون اختلاف الاستظهار بينهم ليس منشئاً للاختلاف الواقع بينهم دعوى على خلاف الوجدان وكما هي دعوى انحصار منشأ اختلاف المجتهدين بالاستنباطات الظنية الخارجة عن الكتاب والسنة، بل أن غالب الاختلافات وقعت بسبب اختلاف استظهار المراد من الروايات سواء بين الأخبارية أو بين المجتهدين، قال:

«إن حصر خلاف الأخباريين فيما ذكره أمر يكذبه العيان ودعوى عريّة من البرهان، فإنه لا يخفى على من تتبع كلام الأخباريين من المتقدمين ما وقع لهم من الاختلاف في فهم معاني الأخبار، وتعيّن ما هو المراد منها في ذلك المضمار، وجُلّ الاختلافات الواقعة بين علمائنا الأبرار مجتهدهم وأخباريّهم إنما نشأت من اختلاف الأنظار في مبادئ الإدراك لتلك الأحكام، وتفاوت الأفهام المفاضة من الملك العلام، فإن منها كالبرق الخاطف، ومنها كالسكن الواقف، وبينهما مراتب لا يخفى على الفطن العارف»(38)

ثم صاحب الحدائق قام باستعراض نماذج من الاختلافات الواقعة بين بعض الأخباريين نتيجة لاختلاف استظهار الأحاديث تُثبت عدم صحة مدعى الأمين الإسترآبادي(39)، نوضح أكثرها بالنحو التالي:

الأول: أخبار التثنية الواردة في الوضوء مثل رواية صفوان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الوضوء مثنى مثنى»(40)، وراية زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «الوضوء مثنى مثنى، فمن زاد لم يؤجر عليه»(41)، ومرسلة أبي جعفر الأحول عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «فرض الله الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) للناس اثنتين اثنتين»(42) اختلف الأصحاب في المراد منها، فحملها ثقة الإسلام الكليني على من لم تقنعه المرة لغسله(43)، والشيخ الصدوق حمل بعضها على تجديد الوضوء(44) وحمل الرواية الأخيرة على الغسلتين وإن رأى أنها تنفيهما(45)، والشيخ حمل تلك الأخبار على استحباب التثنية(46) كما هو المشهور بين الأصحاب، والمحدث الكاشاني حمل أخبار الوحدة على الغسلة، والتثنية على الغرفة(47)، فلو كانت دلالة تلك الأخبار قطعية في المراد لما وقع هذا الاختلاف.

الثاني: مسألة ارث ولد ولد الميت إذا اجتمع مع أب الميت فذهب الشيخ الصدوق إلى أن ابن الابن لا يرث مع وجود الأبوين أو أحدهما، استناداً لما فهمه من صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، وصحيحة سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن (عليه السلام)قال: «بنات الابنة يقمن مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات ولا وراث غيرهن، وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ولد ولا وارث غيرهن»(48).

وقال الشيخ الصدوق: «فإذا ترك الرجل أبوين، وابن ابن وابن ابنة، فالمال للأبوين للأم الثلث، وللأب الثلثان، لأن ولد الولد إنما يقومون مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد، ولا وارث غيره، والوارث هو الأب والأم»(49).

بينما فهم الفضل بن شاذان من قوله «ولا وارث غيرهن» عدم وجود الولد الذي تقرب به ولد الولد(50)، وكذلك فهم ذلك الشيخ الطوسي في التهذيبين وذكر شاهداً على صحة فهمه في رده على الشيخ الصدوق، قال: «فأما ما ذكره بعض أصحابنا من أن ولد الولد لا يرث مع الأبوين، واحتجاجه في ذلك بخبري سعد بن أبي خلف، وعبد الرحمن بن الحجاج، في قوله: «إن ابن الابن يقوم مقام الابن إذا لم يكن للميت ولد ولا وارث غيره»، قال: ولا وارث غيره إنما هما الوالدان لا غير فغلط، لأن قوله (عليه السلام): «ولا وارث غيره» المراد بذلك إذا لم يكن للميت الابن الذي يتقرب ابن الابن به، أو البنت التي تتقرب بنت البنت بها، ولا وارث له غيره من الأولاد للصلب، والذي يكشف عما ذكرناه ما رواه محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن صفوان عن خزيمة ابن يقطين عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن، قال: وابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت»(51).

الثالث: في مسألة ميراث الزوجة اختلفوا في المراد من صحيحة أبي بصير، قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن امرأة ماتت وتركت زوجها ولا وارث لها غيره؟ قال: إذا لم يكن غيره فالمال له، والمرأة لها الربع وما بقي فللإمام»(52).

هل أن المراد ما بقي للإمام (عليه السلام) حال حضوره أو حتى مع غيبته، فذهب الشيخ الصدوق إلى أن ذلك حال حضوره خاصة، ولذا عقب على الرواية السابقة بقوله: «هذا في حال ظهور الإمام (عليه السلام) فأما في حال غيبته فمتى مات الرجل وترك امرأة ولا وارث له غيرها فالمال لها»(53).

واستشهد على ما ذهب إليه بصحيحة أبان بن عثمان الدالة على أن المال يكون للزوجة(54)، وذهب الشيخ إلى أن المراد من صحيحة أبي بصير هو أن الزوجة لا يُرد عليها لأنها ليست من قرابة الزوج، وما دل على أن المال لها فلأنها من أقرباء الزوج(55).

وذهب الفيض الكاشاني إلى أن المراد من أن «للمرأة الربع وما بقي فللإمام» مطلق سواء حضر الإمام أم كان غائباً، فيما إذا لم تكن قريبة للزوج، وما دل على أن المال لها إنما كان بحكم الإمام الحاضر فهو هبة منه إليها(56).

الرابع: فهم الشيخ الصدوق من رواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني  (عليه السلام): «لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شيء يناجي به ربه عز وجل»(57) جواز الدعاء باللغة الفارسية في الصلاة، بينما فهم منها صاحب الحدائق وجماعة من الأخبارية ممن عاصرهم، أن المراد من قوله «بكل شيء يناجي به ربه عز وجل» ليس هو صفة اللغة التي يدعو العبد بها ربه، بل المراد كل الكلمات التي تكون متعلقة بالدعاء لا بأس بذكرها في الصلاة سواء كانت من المطالب الدينية أو الدنيوية ولا تفسد الصلاة بها، كما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال:«ما كلم العبد به ربه في الصلاة فليس بكلام»(58)، وليس في العموم نظر إلى صفة اللغة، ويؤيد ذلك انصراف فعل التكلم في الروايات إلى التكلم باللغة العربية(59).

الخامس: جاء في عدة روايات منها الصحيحة قوله (عليه السلام): «لا رضاع بعد فطام»(60) فهم الشيخ الكليني والشيخ الصدوق منها: أن المرتضع الذي ليس ابن المرضعة إذا شرب لبن المرضعة بعد أن يُفطم، فإن ذلك الرضاع لا يُحرم التناكح، بيمنا الذي فهمه ابن بكير أن المراد ولد المرضعة إذا أتم له حولين فإن الرضاع لا ينشر الحرمة لمن شرب من لبنه بعد ذلك(61)، وذهب أبو الصلاح وابن زهرة إلى اشتراط كون الابن الراضع والمرتضع من لبنه ينقص سن كل منهما عن الحولين(62) وعد ابن حمزة من شروط التحريم كون الصبي المرتضع دون السنتين، وأن تكون المرضعة في مدة السنتين من وقت الولادة(63)، وكل ذلك بسبب الاختلاف في تفسير «لا رضاع بعد فطام».

السادس: ما جاء في رواية بريد بن معاوية من أنه قال: «إن رجلا مات وأوصى إلي والى آخر أو إلى رجلين، فقال: أحدهما خذ نصف ما ترك، وأعطني النصف مما ترك، فأبى عليه الآخر، فسألوا أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك، فقال: ذلك له»(64).

اختلف في المراد من قوله: «ذلك له» فالشيخ الصدوق يرى أن المراد هو جواز القسمة لتعلق اسم الإشارة بالقسمة، وبناء على ذلك فإنها تعارض مكتوبة محمد بن الحسن الصفار حيث كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي (عليها السلام): «رجل أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والأخر بالنصف؟ فوقع  (عليه السلام): لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان على حسب ما أمرهما إن شاء الله». قال: وهذا التوقيع عندي بخطه (عليه السلام)(65).

ولذا عقب الصدوق على رواية بريد بن معاوية بقوله: «لست بهذا الحديث بل أفتي بما عندي بخط الحسن بن علي (عليها السلام)»(66).

وأما الشيخ الطوسي فيرى بأن اسم الإشارة يتعلق بإباء الآخر وامتناعه عن القسمة، وعلى ذلك لا تنافي بين الخبرين، قال الشيخ مناقشاً الشيخ الصدوق لتعقيبه على رواية بريد بن معاوية: «ذكر أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه(رحمه الله): أن هذا الخبر لا أعمل عليه، ولا أفتي به، وإنما أعمل على الخبر الأول، ظنا منه أنهما متنافيان، وليس الأمر على ما ظن، لأن قوله (عليه السلام): «ذلك له» ليس في صريحه أن ذلك للطالب الذي طلب الاستبداد بنصف التركة، وليس يمتنع أن يكون المراد بقوله: «ذلك له» يعني الذي أبى على صاحبه الانقياد إلى ما يريده، فيكون تلخيص الكلام أن له أن يأبى عليه ولا يجيب مسألته وعلى هذا الوجه لا تنافي بينهما على حال»(67).

واستصوب الفيض الكاشاني دلالة رواية بريد على المنع كالمكتوبة(68).

السابع: اختلفوا في معنى التغني بالقرآن الذي جاء في رواية للنبي (صلّى الله عليه وآله) حيث قال:«ليس منا من لم يتغن بالقرآن»(69)، ففسره الشيخ الصدوق بالاستغناء به(70)، وذهب أكثر العلماء -على نقل الطبرسي(71)- إلى أن المراد تحسين الصوت وممن ذهب إلى ذلك المحدث الكاشاني في تفسيره(72).

الثامن: اختلفوا في معنى تفسير القرآن بالرأي التي نهت عنه جملة من الروايات(73)، فذهب الأمين الإسترآبادي إلى أن المعنى هو تفسير القرآن بغير كلام المعصوم، فلذا منع من الاستدلال بالظواهر القرآنية على الأحكام من غير ورود تفسيرها من أهل العصمة (عليهم السلام)(74)، بينما ذهب الفيض الكاشاني إلى أن المراد من التفسير بالرأي أحد معنيين:

الأول: أن يتأول المفسر القرآن ويفسره على وفق رأيه وميل طبعه وهواه حتى يحتج على تصحيح غرضه ومدعاه ولو لم يكن له ذلك الرأي لم يفسر القرآن بذلك التفسير.

الثاني: أن يتسارع المفسر إلى التفسير بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن(75).

وقام المحدث الكاشاني بالرد على الإسترآبادي وعرض به في جملة من مصنفاته منها الأصول الأصلية(76) وتفسيره الصافي، قال في تفسيره: «إن من زعم أن لا معنى للقرآن إلا ما يترجمه ظاهر التفسير فهو مخبر عن حد نفسه، وهو مصيب في الأخبار عن نفسه، ولكن مخطئ في الحكم برد الخلق كافة إلى درجته التي هي حده ومقامه بل القرآن والأخبار والآثار تدل على أن في معاني القرآن -لأرباب الفهم- متسعا بالغاً ومجالاً رحباً...»(77)

وبهذه الشواهد يتضح بأن دعوى أن الاختلاف الواقع بين الأخباريين خارجة عن الاختلاف في الفهم، وإنما هي لاختلاف الروايات دعوى في غاية السقوط على أن الشواهد لا تحصر بما قدمناه، من هنا قال صاحب الحدائق في رده دعوى الإسترآبادي: «فادعاء توافق الأفهام عند الأخباريين خاصّة من بين الأنام أمر يكذبه العيان، ويشهد ببطلانه الإنس والجان، وبذلك يظهر لك ما في دعواه بقطعيّة دلالة الأخبار بمعونة القرائن التي ذكرها»(78)

الجهة الثانية: اعتماد المجتهدين الاستنباطات الظنية

ما ادعاه من كون المجتهدين يعملون بالاستنباطات الظنية وهي ليست بحجة، أجابه صاحب الحدائق بمفاد ما يلي:

أولاً: إنما الاختلاف في الاصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح، وذلك أن الاختلاف في نوع فهم أدلة الكتاب والسنة على الغالب بين الأصوليين والأخباريين يرجع في حقيقته إلى الاختلاف في التسمية، ولذا فإنهم جميعا يشتركون في كثير من الأدلة التي يستدلون بها على الأحكام، كما يتفقون كثيراً في الأحكام المستفادة من تلك الأدلة غير أن الأخباريين يسمونه استدلالا قطعيا والأصوليين يسمونه استدلالا ظنياً ولكنه حجة، قال: «قد يدّعي أن ما يفهمه(79) وكذا من حذا حذوه يُسمى علماً لا ظناً، وسائر المجتهدين يطلقون عليه الظنّ، فإنّا نرى الأخباريين والمجتهدين مشتركين في استفادة جملة من الأحكام من الكتاب والسنة، ولكن أحدهما يدّعي كون ما فهمه واستفاده معلوماً محققاً، ويسميه علماً، والآخر يسمّيه ظنّاً. وحينئذ فقصارى غلط المجتهدين في التسمية خاصة، وهو لا يوجب قدحاً ولا تشنيعاً»(80).

فاستناد المجتهدين في فتواهم إلى ما استظهروه من الكتاب والسنة كاستناد المحدثين في فتواهم إلى الكتاب والسنة، غاية الأمر أن المجتهدين يطلقون عليه استظهارا ظنيا لكنه حجة أو استنباط صحيح، والمحدثين لا يطلقون عليه ذلك.

ثانياً: إن الاستنباطات الظنية التي يعتمدها المجتهدون إنما منشئها يرجع إلى السنة، وأن اختلافهم في تأسيس مباني الاستنباطات يرجع إلى مدى اختلافهم في فهم السنة كما هو اختلافهم في بناء الاستدلال، وإذا كان المنشأ يرجع إلى فهم السنة فلا معنى للطعن على المجتهدين بأنهم عملوا باستنباطات تختلف عن الكتاب والسنة، فكيف يصح ما يدعيه من أن هذه الاستنباطات لم يأذن الله فيها، قال صاحب الحدائق في رده: «وهذه الاستنباطات الظنيّة التي يكررها في غير مقام ويشنّع بها على سائر العلماء الأعلام ليست إلا عبارة عمّا ذكرنا من النظر في الدليل بما رزقوه من العقول والأفهام، والعمل بما فهموه من ذلك الدليل من نقض وإبرام»(81).

وبما أن صاحب الحدائق يرى انحصار الدليل الشرعي بالكتاب والسنة، فإنه يوافق الإسترآبادي في خصوص اعتماد المجتهدين في استنباطاتهم على غير الكتاب والسنة(82).

وعلى كل حال فكما أن المجتهدين يختلفون في الاستنباط لاختلافهم في استظهار الأحاديث والآيات فكذلك المحدثين يختلفون في الفتوى لاختلافهم في فهم الأحاديث والآيات، وليس الاستنباط المستند إلى الاستظهار من الكتاب والسنة الذي قامت عليه الحجة شيئا يختلف عن فهم الأحاديث، فكما أن اختلاف فهم المحدثين لبعض الآيات والروايات يوجب اختلافهم في الفتوى، فكذلك استظهارات المجتهدين إذا اختلفت في بعض الموارد أوجبت اختلافهم في الفتوى، فلا صحة للقول بأن اختلاف المجتهدين يختلف عن اختلاف المحدثين حيث يستند اختلاف المجتهدين إلى استنباطاتهم الظنية إذا كان استنباطا من الكتاب والسنة.

الجهة الثالثة دليل حرمة الاستنباطات الظنية

في ما ذكر الأمين من أدلة على حرمة الاستنباطات من كون المفتي بالاستنباطات يلحقه وزر من عمل بفتواه وأنه هو المقصود في جملة من الروايات(83) الدالة على حرمة الإفتاء بغير علم، ومنها صحيحة أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه»(84).

ومن أن قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(85) يشمل المفتي بالاستنباطات، فأجابه بالنسبة إلى الروايات أن المراد من الإفتاء بغير علم ليس هو الإفتاء مع عدم العلم الوجداني للحكم الواقعي بل هو الإفتاء مع عدم مراعاة القواعد الشرعية في استنباط تلك الفتوى، قال: «فأما ما ذكره من الأخبار الدالة على أن المفتي ضامن ويلحقه وزر من عمل بفتياه فالظاهر حمله على من تجاوز الأوامر الشرعية وتعدي الحدود المقرة المرعية؛ إما بعدم إعطاء الوسع حقه من التتبع فيما يضاف إلى ذلك الدليل من مقيّد، أو مخصص، أو ناسخ، أو نحو ذلك مما يدخل في هذا القبيل، أو بأخذ الأحكام بطريق الرأي والقياس المنهي عنه في الأخبار، أو البناء على بعض القواعد الأصولية والضوابط الخارجة عن أدلة الكتاب والسنة، وإلا فمن أخذ الأحكام من الكتاب بعد بذل الجهد في الفحص والتتبع لما يتعلّق بها، وأداه فهمه إلى شيء منها كيف يكون مؤاخذاً لو فرض قصور فهمه ونقصان ذهنه عن معرفة الحكم الواقعي، وقد أتى بما أُمر به وامتثل ما رسم له؟»(86).

وأما الآية التي استشهد بها الأمين في المقام فإنها فلا تدل على أن من أخذ بظواهر الكتاب والسنة فإنه حكم بغير ما أنزل الله تعالى، بل المعنى كما في بعض التفاسير هو أن من يحكم بغير ما أنزل الله وهو عالم بحكم الله أو بطريقه ومع ذلك لم يحكم بحكم الله بل أخفاه وحكم بحكم آخر(87)، ويؤيد هذا التفسير أن مورد الآية هم اليهود الذين عندهم حكم الله ويعرفونه ومع ذلك لم يحكموا بحكم الله لبعض المصالح الشخصية، واحتمل صاحب الحدائق أن المراد من (ومن لم يحكم بما أنزل الله) من لم يستند في حكم ما أفتى به أو في حكم ما حكم به إلى ما أنزل الله من آية أو سنة فلا تشمل من استظهر الحكم من الكتاب والسنة، لأن حكمه يستند إلى الكتاب والسنة، نعم من استند في حكمه إلى القياس أو إلى الآراء فتشمله الآية الكريمة(88).

 

* الهوامش:

 (1) معجم الأصول للشيخ صنقور، ص723- 724.

(2) فرائد الأصول، ج1، ص55.

(3) الدرر النجفية، ج1، ص317.

(4) الكافي، ج1، باب اختلاف الحديث، ص68؛ من لا يحضره الفقيه، ج3، باب الاتفاق على العدلين في الحكومة، ص10؛ وج4 منه، باب دية جوارح الإنسان ومفاصله، ص75.

(5) سورة يونس، آية 36.

(6) سورة الإسراء، آية 36.

(7) الكافي، ج1، باب النهي عن القول بغير علم، ص42، ح3؛ وفي ج7 منه، باب أخذ الأجرة والرشا على الحكم، ص409، ح2؛ وسائل الشيعة، ج27، باب عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم، ص20، ح1.

(8) الكافي، ج1، ص42، ح2، الخصال للصدوق، ص52، ح66، تحف العقول، ص369.

(9) وسائل الشيعة، ج27، ص20- 31، الباب الرابع من أبواب صفات القاضي.

(10) انظر الدرر النجفية، ج1، ص322- 323.

(11) بحار الأنوار، ج2، ص84.

(12) المحاسن، ج1، ص165؛ وسائل الشيعة، ج27، ص50؛ الفصول المهمة في أصول الأئمة، ج1، ص554.

(13) الكافي، ج1، في خطبة الكتاب، ص7؛ تصحيح اعتقادات الشيعة، ص72؛ روضة الواعظين، ص22؛ الحاشية على أصول الكافي، ص38؛ شرح أصول الكافي، ج1، ص52.

(14) كمال الدين وتمام النعمة، ص324؛ بحار الأنوار، ج2، ص303.

(15) الكافي، ج2، باب تذاكر الأخوان، ص186، ح2؛ وسائل الشيعة، ج16، باب استحباب تذاكر فضل الأئمة، ص346، ح3.

(16) الكافي، ج1، باب البدع والرأي والمقائيس، ص57، ح15؛ بصائر الدرجات، ص167، وص170.

(17) روضة الكافي، ص6؛ بحار الأنوار، ج75، ص214.

(18) الفوائد المدنية، للمحدث الإسترآبادي، ص314-317.

(19) الدرر النجفية، ج2، ص10.

(20) إما القطع بأنه حكم الله في الواقع، أو القطع بورود الحكم عن الأئمة عليهم السلام وإن لم يستلزم القطع بكونه حكم الله في الواقع، وتقدم منه في تحرير ما اختاره في العمل بالأخبار قوله: صريح كلام رئيس الطائفة (قدّس سرّه) أنه لا يجوز العمل بخبر لا يوجب القطع بما هو حكم الله في الواقع أو حكم ورد عنهم (عليهم السلام) ويجوز العمل بخبر يوجب القطع بورود الحكم عنهم (عليهم السلام) وإن لم يوجب القطع بما هو حكم الله في الواقع. الفوائد المدينة، ص145.

(21) الفوائد المدينة، ص314-315.

(22) الدرر النجفية، ج2، ص11، ذكر عبارة قريبة منها مع شرح أكثر في ج1، ص318.

(23) الدرر النجفية، ج2، ص10.

(24) بصائر الدرجات، ص349، ح6؛ الاختصاص للمفيد، ص288؛ بحار الأنوار، ج2، ص199.

(25) معاني الأخبار للصدوق، في الباب الذي عقده لسبب تسمية كتابه بمعاني الأخبار، ص1، ح1؛ وسائل الشيعة، ج27، ص117، ح27؛ الفصول المهمة في أصول الأئمة، ج1، ص573، ح2؛ بحار الأنوار، ج2، ص184.

(26) معاني الأخبار، ص2، ح3؛ بحار الأنوار، ج2، ص184؛ مستدرك سفينة البحار، ج7، ص172.

(27) بصائر الدرجات، ص349؛ الاختصاص، ص288؛ بحار الأنوار، ج2، ص198، ح53.

(28) بصائر الدرجات، ص349، ح5، 9، وص350، ح14.

(29) بصائر الدرجات، ص348، ح1، وص349، ح7_ 8، 10_ 13، 15؛ الاختصاص، ص287؛ مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج3، ص373؛ بحار الأنوار، ج47، ص31؛ الأنوار البهية، ص152.

(30) بصائر الدرجات، ص347، ح2؛ الاختصاص، ص288؛ بحار الأنوار، ج2، ص197، ح50.

(31) بصائر الدرجات، ص349؛ بحار الأنوار، ج2، ص198.

(32) أنظر الدرر النجفية، ج2، ص11- 14.

(33) المحاسن، ج1، ص195، ح17؛ الكافي، ج1، ص23، ح15، وج8، ص268، ح394؛ أمالي الصدوق، ص504؛ تحف العقول، ص37؛ مختصر بصائر الدرجات، ص154.

(34) الدرر النجفية، ج2، ص10.

(35) المائدة، آية 44.

(36) الكافي، ج1، ص210- 212، ح1-9، باب أن أهل الذكر الذين أمر الله...الخلق بسؤالهم على الأئمة (عليهم السلام).

(37) الكافي، ج1، ص68، ح10، باب اختلاف الحديث؛ عوالي اللآلي، ج4، ص133- 135، ح230- 231.

(38) الدرر النجفية، ج2، ص14.

(39) الدرر النجفية، ج2، ص14- 22.

(40) تهذيب الأحكام، ج1، باب صفة الوضوء، ص80، ح58؛ الاستبصار، ج1، باب عدد مرات الوضوء، ص70، ح6.

(41) تهذيب الأحكام، ج1، باب صفة الوضوء، ص81، ح60 الاستبصار، ج1، باب عدد مرات الوضوء، ص70، ح7.

(42) من لا يحضره الفقيه، ج1، باب صفة وضوء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ص38، ح77.

(43) الكافي، ج3، باب صفة الوضوء، ص27، تعقيباً على ح9.

(44) من لا يحضره الفقيه، ج1، باب صفة وضوء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ص39، تعقيباً على ح80.

(45) من لا يحضره الفقيه، ج1، ص38.

(46) تهذيب الأحكام، ج1، باب صفة الوضوء، ص80، تعقيبا على ح58، ح59؛ الاستبصار، ج1، باب عدد مرات الوضوء، تعقيباً على ح14، وح15.

(47) الوافي، ج6، ص417، وص320- 321.

(48) الكافي، ج7، ص88، ح1، وح4؛ من لا يحضره الفقيه، ج4، باب ميراث ولو الولد، ص268،ح5618.

(49) من لا يحضره الفقيه، ج4، باب ميراث الأبوين مع الولد، ص269، وقريب من العبارة في المقنع، ص490، وفي الهداية، ص330- 331.

(50) نقل قوله الكليني في الكافي، ج7، ص88، ورد عليه الصدوق في من لا يحضره الفقيه، ج4، ص270.

(51) التهذيب، ج9، ص316- 317؛ الاستبصار، ج4، ص168.

(52) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص262، ح5612؛ تهذيب الأحكام، ج9، ص295، ح15؛

(53) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص262.

(54) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص263، ح5613.

(55) تهذيب الأحكام، ج9، ص295.

(56) الوافي، ج25، ص772.

(57) من لا يحضره الفقيه، ج1، ص317؛ وسائل الشيعة، ج6، ص289، ح2.

(58) دعائم الإسلام، للقاضي المغربي، ج1، ص172؛ مستدرك الوسائل، ج5، ص418؛ جامع أحاديث الشيعة، ج5، ص512.

(59) الحدائق الناضرة، ج8، ص371- 372؛ الدرر النجفية، ج2، ص18.

(60) كتاب النوادر لأحمد بن عيسى الأشعري، ص26، ح17؛ الكافي، ج5، باب أنه لا رضاع بعد فطام، ص443، ح1- 5؛ دعائم الإسلام للقاضي المغربي، ج2، ص241؛ من لا يحضره الفقيه، ج3، ص376.

(61) حكى قول ابن بكير الشيخ في التهذيب، ج7، باب ما يحرم من النكاح من الرضاع، ص318، تعقيبا على ح19، وفي الاستبصار، ج3، ص198، باب مقدار ما يحرم بالرضاع، تعقيبا على ح19.

(62) الكافي في الفقه للحلبي، ص285؛ غنية النزوع لابن زهرة، ص335

(63) الوسيلة، ص301؛ مختلف الشيعة، ج7، ص14.

(64) الكافي، ج7، ص47، ح2؛ الاستبصار، ج4، ص118، ح2؛ تهذيب الأحكام، ج9، ص185، ح4.

(65) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص203، ح5471؛ الكافي، ج7، ص46، ح1؛ تهذيب الأحكام، ج9، ص185، ح3. الاستبصار، ج4، ص118، ح1

(66) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص203.

(67) تهذيب الأحكام، ج9، ص185- 186؛ الاستبصار، ج4، ص118، أقول لا يبعد أن الشيخ إنما حمل رواية بريد على المكتوبة لكون المكتوبة أكثر ظهوراً، وهذا لا يمنع من التنافي في الظهورين وإنما رفع اليد عن ظاهر رواية بريد حملا للظاهر على الأظهر.

(68) الوافي، ج24، ص172.

(69) معاني الأخبار، ص279؛ المجازات النبوية للرضي 234؛ أمالي السيد المرتضى، ج1، ص24- 25؛ شرح أصول الكافي للمازندراني، ج11، ص29؛ مستدرك الوسائل، ج4، ص273- 274.

(70) معاني الأخبار، ص279.

(71) تفسير مجمع البيان، ج1، ص46.

(72) التفسير الصافي، ج1، ص72.

(73) تفسير العياشي، ج1، ص17- 18.

(74) الفوائد المدنية، ص356.

(75) تفسير الصافي، ج1، ص36- 37.

(76) الأصول الأصيلة، ص36- 44.

(77) تفسير الصافي، ج1، ص35- 36.

(78) الدرر النجفية، ج2، ص23.

(79) يعني الأمين الإسترآبادي.

(80) الدرر النجفية، ج2، ص25- 26؛ ونظر ج1، ص320- 321.

(81) الدرر النجفية، ج2، ص25.

(82) الدرر النجفية، ج2، ص26.

(83) الكافي،ج1، باب النهي عن القول بغير علم، ص42-43؛ دعائم الإسلام، ج1، ص96- 97؛ عيون أخبار الإمام الرضا  (عليه السلام) ج1، ص51؛ التهذيب، ج6، ص223.

(84) الكافي، ج1، ص42، وج7، ص409.

(85) سورة المائدة، آية: 44.

(86) الدرر النجفية، ج2، ص26.

(87) تفسير التبيان، ج3، ص534؛ تفسير مجمع البيان، ج3، ص342؛ تفسير الميزان، ج5، ص343-344.

(88) الدرر النجفية، ج2، ص26- 27.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا