حبس الديون وأثرها الاجتماعي... عرضٌ وتحليلٌ

حبس الديون وأثرها الاجتماعي...  عرضٌ وتحليلٌ

المقدِّمة

خلق اللهa الإنسان في مجموعات، وأودع فيه الفطرة التي تميل إلى الاجتماع، والتآلف فقالa: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..} (الحجرات: 13)، والاختلاف موجود في بني البشر، ففيهم الغني والفقير، وفيهم القويّ والضعيف، ولهذا أنزل الله سبحانه وتعالى الشريعة الإسلامية لتنظيم حياة البشر؛ لكي لا يظلم القويّ منهم الضعيف، ولا يطغى غنيّ على فقير.

ومن ترشّحات هذا الاختلاف أنّه كانت الحاجة متبادلة بين بني البشر على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.. ومن هذه الحاجات ما نحن بصدد التعرّض إليه وهي عمليّة الاستدانة من بعضهم البعض لقضاء حوائجهم، والتوسيع على أنفسهم، وعيالهم وما إن تتوفّر السيولة الماليّة تراهم يسدّدون ما عليهم تجاه الآخرين.

وبما أنّ الإسلام لم يترك شاردة ولا واردة إلا وقد بيّن الحكم الإلهي فيها كان (الدَّيْن) واحداً من هذه العناوين التي سلَّط الإسلام الضوء عليها وبيّن كيفيّة التعاطي معها كي لا يتجاوز بها أحد على آخر. 

في هذا البحث نسعى إلى أن نسلِّط الضوء على هذه المسألة، التي يبتلي بها الكثير من النَّاس في كلِّ زمان، بحيثُ ترى بعض الأشخاص يعيش فقيراً لا لأنّه لا يملك المال؛ بل هو مالك للمال ولكنّه موزّع في ذمم الآخرين بسبب كثرة ما يستدينون منه، ولو أرجعت إليه أمواله لكان من الأغنياء!

ومن هنا نسأل كيف يتحقَّق الدَّيْن في الذّمة، وما هي الأمور التي تضمن للدائن عدم ضياع حقِّه؟

كما سنتطرَّق إلى الطُّرق العملية، والعلاجات التي من خلالها يستطيع الدائن استنقاذ حقِّه في حالة مماطلة المدين، أو جحوده.

وسنعمد بقدر الوسع -إن شاء الله تعالى- إلى جمع قدر ممَّا ذكر متفرِّقاً في الكتب الفقهيّة -غير ما ورد ذكره في كتاب الدَّيْن في الكتب الفقهيّة- ممَّا يتعلَّق بالدَّيْن وجمعها تحت عناوين في موضع واحد ليسهل مراجتها عند الحاجة، ولبيان مقدار تأثير الدَّيْن على الكثير من المسائل على أصعدة مختلفة.

الفصل الأوَّل: مقدِّمات تمهيديّة

تعريف المصطلحات، وأهميَّة مراعات الحقوق الماليَّة، وخطورة حبس الحق في الروايات. 

المبحث الأوَّل: تعريف المصطلحات

     قبل الشروع في الموضوع لا بدَّ من توضيح بعض المصطلحات، والكلمات المفتاحية؛ لكي يتَّضح ما يُراد إيصاله للقارئ العزيز، وهي كالتالي:

الحبس:

1. في المعنى اللغوي:

تعدَّدت التعريفات اللغوية لكلمة الحبس؛ فقد ذكر بن فارس في معجم مقاييس اللغة، أنَّ الحبس يأتي بمعنى وقف الشَّيء وعدم الاستفادة من منافعه، كحبس الفرس في سبيل الله[1].

وعن الصاحبُ ابن عبّاد قال في المحيط: "الحَبْس أن تَحْبِسَ شَيْئاً عنْ وجْهِهِ.

والحِبْسُ: حِجَارَةٌ يُحْبَسُ بها الماءُ للسَّقْيِ، واحْتَبَسْتُ الشَّيْءَ: اخْتَصَصْتُه لِنَفْسِي،  الحُبْسَةُ في اللِّسان: عُقْلَةٌ تَمْنَعُ من البَيانِ"[2].

وعلى هذا فإنَّ الحبس يكون بمعنى وقف الشيء وعدم استفادة المالك منه.

2. في المعنى الاصطلاحي:

وأمَّا التعريف الاصطلاحي فهو يأتي تارةً مرادفاً لكلمة السجن، أي: إذا حبَس فلانٌ فلاناً إذ سجنهُ، وتارة أخرى يأتي بمعنى حبس الشيء أي توقيف الاستفادة منه، وتوقيف المنفعة منه[3]

يتَّضح من التعريفين المتقدِّمين أنَّ بين التعريف اللغوي، والاصطلاحي اشتراك فكلاهما يدلُّ على المنع، والإمساك، والوقف، واختصاص الشيء بالحابس-اسم فاعل-. 

الدَّيْن: 

في المعنى اللغوي:

إنَّ للدَّيْن معنيان -أيضاً- أحدهما في اللغة، والآخر في الاصطلاح، أمَّا المعنى اللغوي فقد ذكر الخليل في كتاب العين: أنَّ الديْن جمع ديون، وكلُّ شيء غير حاضرٍ فهو دَيْن[4].

وفي لسان العرب عرّفه ابن منظور: "واحد الديون، معروف. وكلّ شيء غير حاضر دين، والجمع أدين مثل أعين وديون. ودنت الرجل: أقرضته فهو مدين ومديون"[5].

في المعنى الاصطلاحي:

وأمَّا في الاصطلاح فهو كما ذكره صاحب كلمة التقوى: "الدين هو مال تشتغل به ذمة إنسان لإنسان آخر، لأحد الأسباب التي توجب ذلك، كاقتراض مال يبقى عوضه في ذمة المقترض. ويطلق الدَّيْن أيضاً على ما تشتغل به ذمة الإنسان من الأموال والحقوق لجهة عامة أو جهة خاصة"[6].

وعرِّف أيضاً بأنَّه: "هو المال الكلِّي الثَّابت في ذمَّة شخصٍ لآخر بسببٍ من الأسباب، ويقال لمن اشتغلت ذمَّته به (المديون) و(المدين) وللآخر (الدائن) و(الغريم)"[7]

فيتفق التعريف اللغوي مع التعريف الاصطلاحي في أنّ كليهما قد اعتبر الدَّيْن شيئاً في ذمة آخر، غير أنَّ اللغوي أعمُّ حيث عرفه ابن منظور: "بأنّه كلّ شيء غير حاضر"، والتعريف الاصطلاحي-الفقهي- مخصَّص بالمال؛ ولذا فإنَّ الكلام في هذا البحث سيكون -إن شاء الله- حول حبس الديون المالية على وجه الخصوص. 

الفرق بين القرض والدين:

ولا بدَّ من التفريق في المقام بين القرض والدّين، ونقول بأنَّ بينهما عموم وخصوص مطلق وهذا ما يستفاد من كلماتهم كما في الفروق لأبي هلال العسكري: "أنَّ القرض أكثر ما يستعمل في العين، والورق، وهو أن تأخذ من مال الرجل درهماً لترد عليه بدله درهماً، فيبقى ديناً عليك إلى أن ترده، فكلُّ قرضٍ دين، وليس كل دينٍ قرضاً؛ وذلك أنَّ أثمان ما يشترى بالنسء ديون وليست بقروض، فالقرض يكون بجنس ما اقترض، وليس كذلك الدين"[8].

وسنأتي في الفصل الثاني ببيان أركان الدَّيْن وأقسامه وكيفية تحققه في ذمّة المكلّف، فانتظر.

المبحث الثَّاني: أهميَّة رعاية الحقوق المالية 

وخطورة حبس الحقوق عموماً والدين خصوصاً في روايات أهل البيتi.

لقد أولت الشريعة الإسلامية المقدَّسة أهميَّة كبرى لحفظ، ورعاية الحقوق المالية وغيرها على جميع الأصعدة، سواءً الحقوق بين الأفراد أم بين الفرد والمجتمع، أم بين الزَّوج وزوجته، والأب وابنه. 

ولبيان أهميَّة مراعاة الحقوق المالية فقد ذكر الإمام السجاد(سلام الله عليه) في رسالة الحقوق: "وأمَّا حقُّ الغريم المطالب لك: فإن كنتَ موسراً أوفيته وكفيته وأغنيته، ولم تردده وتمطله؛ فإنَّ رسول اللهe قال: مطَلُ الغنيّ ظلمٌ، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول وطلبت إليه طلباً جميلاً، ورددته عن نفسك رداً لطيفاً، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته، فإنَّ ذلك لؤم، ولا قوة إلاّ بالله"[9].

فإنَّ الإمام يحثُّ على لزومِ مراعاة حقِّ الغريم وهو صاحب المال، فمن كان قادراً على سداد دينه فلا بدَّ من عدم المماطلة في ذلك، ومن لم يكن قادراً كان لزاماً عليه مراعاة مقام الغريم من التَّفضل عليه بالدَّين والطلب منه بلين القول كي يمهله ويصبر عليه فيكفيه مخافة ذهاب أمواله.

ولا بدَّ من الإشارة إلى ما ذُكر في القرآن الكريم في آية المداينة وهي أطول آية في القرآن الكريم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى‌ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ولْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ ولا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ ولْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ولْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ولا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ‌..} (البقرة:282)، ولقد بيَّنت الآية الشريفة الطريقة المثلى لحفظ الحقِّ، ولكي لا ينشب النزاع بين الأطراف ولا تضيع الحقوق، وسنتعرَّض في الفصل الثَّالث إلى بعض الآثار التي يخلفها حبس الحقوق المالية إن شاء الله تعالى. 

خطورة حبس الدُّيون:

وهذه بعض من الرِّوايات التي تتكلَّم عن الدَّيْن، وتذكر عقاب من حبس حقَّ النَّاس ولم يؤدِّه مع قدرته على الأداء:

ممَّا ورد في رجحان ترك الدَّيْن والتحذير منه عن أبي عبد اللهg، عن آبائهi، عن عليg قال: >إياكم والدَّين فإنّه مذلَّة بالنَّهار ومهمة بالليل، وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة<.[10]

وممَّا ورد في عاقبة حابس الدَّيْن مع قدرته على الأداء ما عن أبي عبد الله الصادقg قال: >أيَّما مؤمن حبس مؤمناً عن ماله وهو محتاج إليه لم يذق والله من طعام الجنة ولا يشرب من الرحيق المختوم<.[11]

وكذا عنه gقال: >إنّ من حبس حقّ المؤمن أقامه الله مائة عام على رجله حتى يسيل منه عرقه أودية[أو دمه]، ثمَّ ينادى مناد من عند الله جلّ جلاله: هذا الظالم الذي حبس عن الله حقَّه، قال: فيوبخ أربعين عاماً، ثمَّ يؤمر به إلى نار جهنَّم<[12].

ويعلِّق العلامة المجلسيS على هذه الرِّواية بالتَّالي:-"والمراد بحقِّ المؤمن الديون والحقوق اللازمة أو الأعمِّ منها وممَّا يلزمه أداؤه من جهة الإيمان على سياق سائر الأخبار (خمسمائة عام) أي: مقدارها من أعوام الدنيا (أودية) في بعض النسخ أو دمه فالتَّرديد من الراوي، وقيل أو للتقسيم؛ أي: إن كان ظلمه قليلاً يسيل عرقه وإن كان كثيراًّ يسيل دمه، والموبّخ المؤمنون أو الملائكة أو الأنبياء والأوصياءiأو الأعم، وفيه دلالة على أنَّ حقَّ المؤمن حقُّ اللهaلكمال قربه منه أو لأمره تعالى به"[13].

وعن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفرg يقول: >من حبس مال امرئ مسلم وهو قادر على أن يعطيه إياه مخافة إن خرج ذلك الحقُّ من يده أن يفتقر كان اللهa أقدر على أن يفقره منه على أن يفني نفسه بحبسه ذلك الحقّ<[14].

وعن أبي جعفرg قال: >كلُّ ذنب يكفّره القتل في سبيل اللهa إلا الدَّيْن لا كفارة له إلا أداؤه أو يقضي صاحبه-وليه- أو يعفو الذي له الحق<.[15]

وسيأتي الكلام مفصَّلاً في الفصل الثالث من البحث عن الآثار المترتبة على حبس الديون-إن شاء الله تعالى-.

الفصل الثَّاني: حبس الدُّيون من المنظور الفقهي

لا يخلو كلّ مفصل من مفاصل الحياة من حكمٍ شرعي، فيستحيل أن لا يكون في الفقه حصَّة لبيان ما في الديون من أحكامٍ؛ لتنظيم التعاملات بين النَّاس، فما هو الحكم الشرعي للتعامل بالدّين؟ 

ذكر الفقهاء عند التعرض لكتاب الدَّيْن والقرض: "أنَّه يُكره الدَّيْن مع القدرة، ولو استدان، وجبت نية القضاء، والإقراض أفضل من الصَّدقة"[16].

ويقول السيد كاظم الحائريB في التعليق على هذا الحكم: "لعلَّنا لا نشكّ في كراهته مع القدرة في الحالات الاعتياديّة وذلك ـ على الأقلّ ـ لكونه خلاف عزّ المؤمن ووقاره، ولو شككنا في ذلك، فلا أقلَّ من أنّنا لا نشكّ في أنّ مقتضى الاحتياط الاستحبابيّ تركه" [17]

وقد ذهب البعض إلى الكراهة الشديدة مع عدم الحاجة إلى الاستدانة[18]، وهناك قول بالتحريم لغير الواجب من الحج وغيره من الواجبات[19].

المبحث الأوَّل: أركان الدَّيْن، وأقسامه 

أركان الدَّيْن:

وقبل الولوج في تفاصيل الدَّيْن وما له من آثار لا بدَّ من بيان كيفية تحقِّق الدَّيْن في الذِّمة، لكي نميِّز ونشخِّص هل هذا من موارد الدَّيْن أم لا، نذكر في هذا المبحث أنواع الدُّيون التي يمكن أن تتعلَّق بذمَّة الشخص، فينبغي معرفتها والاجتناب عنها قدر الإمكان، فقد ذُكر في الكتب الفقهيَّة التالي:-

إنَّ للدَّين ثلاثة أركان يتقوّم بها هي الدائن والمدين ونفس الدَّيْن؛ نوضّحها بالمثال التالي: (استدان زيدٌ مئة دينارٍ من خالد). 

الركن الأوَّل: الدائن (صاحب الدين وهو خالد في المثال). 

الركن الثَّاني: المدين (من قام بأخذ الدَّيْن من الأوَّل وهو زيد في المثال). 

الركن الثَّالث: الدَّيْن (الشيء الذي أخذه الثاني من الأول وهو المائة دينار في المثال).

أقسام الدَّيْن:

وأمَّا الديون فتقسّم بأكثر من لحاظ قد ذُكر في الكتب الفقهية كالرسائل العملية للفقهاء، فلنا أنّ نقسّم الدين بعدّة لحاظات لا على نحو الحصر وقد تتداخل بعض هذه الأقسام في بعض المصاديق: 

اللحاظ الأوَّل: الوقت سعةً وضيقاً

1. دَيْنٌ حال: حان وقت تسليمه.

2. دَيْنٌ مؤجَّل: لم يحن وقت تسليمه.

اللحاظ الثاني: الاختيار وعدمه

1. دَيْنٌ اختياري: باختيار المدين، وإرادته. 

2. دَيْنٌ قهري: خارج عن اختيار المدين وإرادته. 

اللحاظ الثالث: شرعيته ووضعيّته

1. دَيْنٌ شرعي: ما حددته الشريعة الإسلامية في منظومتها. 

2. دَيْنٌ وضعي: ما تضعه الأنظمة والدول على المواطنين.

اللحاظ الرابع: شرعيّته وعرفيّته

1. دين شرعي: هو ما جعله الشارع في ذمّة المكلّف كالخمس والزكاة والكفارات وغيرها.

2. دين عرفي: وهو ما يستدينه الناس من بعضهم البعض أفراداً أو جماعات أو مؤسسات.

اللحاظ الخامس: الحكم الشرعي 

1. حرام: إذا كان الدَّيْن مع عدم نية الأداء. 

2. مكروه: أصل الدين- بإجماع الفقهاء-.

3. مستحب: إذا توقَّف قضاء حوائج المؤمنين عليها الاستدانه، مع إمكان الأداء في وقته بسهولة وسرعة.

4. مباح: للتوسعة على العيال، مع إمكان الأداء في وقته بسهولة، وسرعة، مع عدم وجود ما يوسع عليهم بدون الدَّين[20].

اللحاظ السَّادس: جهة الدين

1. شخصية: التي تكون بين طرفين، الدائن والمدين.

2. عامَّة: كالديون الحكوميَّة، التي تنشأ من التصرف في المال العام مثلاً، فالشخص يكون فيها مديونٌ لجهة حكوميَّة. 

ونحن-إن شاء الله تعالى-  سنركِّز الحديث في هذا البحث على بعض اللحاظات عن الدَّيْن كلحاظ كونه اختيارياً، أو قهرياً؛  لأنَّ الدَّيْن يتحقَّق في الذمة بإحدى كيفيتين،  إمَّا اختيارية، وإمَّا اضطرارية قهرية،  ففي المبحث التالي سنتحدث عن بعض المصاديق التي يبتلي بها  بعض المؤمنين في مسائل الدَّين. 

المبحث الثَّاني: كيف يتحقَّق الدَّيْن في الذِّمة 

وبعد أن تعرَّفنا على أنواع الديون بصورة إجمالية في المبحث السابق، نتعرَّف في هذا المبحث عن كيفية تحقق الدَّيْن، وتعلّقه في ذمَّة المدين، وبالرجوع إلى الكتب الفقهية تجد أنَّ هناك طريقتين لتعلُّق الدَّيْن في الذمَّة: 

الأول: الدَّيْن الاختياري

وهو المعبّر عنه بالدين العرفي في بعض الكتب الفقهية[21] وهو ما يكون طرفاه هما الديّان وليس الحاكم الشرعي، ولذا فتكون مقدّماته بيد المكلف، حيثُ يتعلَّق به الذِّمة اختياراً، كأن يستدين زيدٌ من عمروٍ مائة دينار، على أن يُعيدها بعد سنة مثلاً، فتتعلَّق به الأحكام الشرعية. 

ولهذا القسم أمثلة كثيرة، آتي ببعضها لِيتَّضح المقصود: 

أن تأخذ مبلغاً من المال، من عند شخصٍ آخر لإكمال قسط المنزل على أن تردَّه إليه بعد سنةٍ، فيتعلَّق المبلغ المالي بذمتك إلى أن ترجعه، فيجب عليك إرجاعه إذا حلّ أجله بلا مماطلة.. وإذا سدَّدته استثنيته من أرباح السنة فلا يتعلَّق به الخمس وغيرها من الأحكام.

وهذا مثال واضح على تحقُّق الديّن، وتعلُّق المال في الذمة، غير أنَّ هناك بعض الأمثلةِ التي قد تغيب عن ذهن المكلَّف، سيتكفل هذا المبحث لتوضيحها-إن شاء الله تعالى-. 

* المهر: فمن يتزوَّج قد لا يدفع المهر دفعة واحدة للزوجة، فيبقى ما لم يدفعه من المهر ديناً في ذمَّته لزوجته.

* النفقة الزوجية: فعند التقصير من الزوج وعدم توفيرها إلى الزوجة فإنّه دين يدخل في الذمّة فلا تسقط بأيِّ حالٍ، إلا إذا أبرأته عنها، ومن هنا ذكر السيد السيستانيB: "إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسب اللائق بشأنه وحاله،  وإذا لم يكن متمكِّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والكفارات ونحوها بمقدار حاجته في الإنفاق عليها، وإذا لم يتيسَّر له ذلك تبقى نفقتها ديناً عليه، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاستيهاب والسؤال، وهل تجب عليه الاستدانة لها إذا أمكنه ذلك من دون حرج ومشقة وعلم بالتمكن من الوفاء فيما بعد؟ الظاهر ذلك، أي أنّه يجب عليه الاستدانة"[22].

* التصرُّف في مال الطفل بما لا شأن له فيه: كأن يأخذ الأب، أو الأم من مال الطفل التي يحصل عليها -الطفل- كالهدايا مثلاً، ليشتري له سيارة، أو أثاثاً للمنزل، وما شابه ذلك، ممَّا لا يدخل في مصلحة الطفل، فهذا ديْنٌ يتعلَّق في الذمة ويجب إرجاعه للطفل. 

* أُجرة العامل: كأن تأتي بعاملٍ لِإنجاز عمل ما، مثل صباغة البيت، فلا تعطيه أجرته، أو تعطيه ناقصة عن القيمة المتفق عليها بلا رضا منه، فيبقى المبلغ الباقي ديناً في ذمَّتك يجب عليك إبراؤها منه. 

وغيرها.

الثَّاني: الدَّيْن القهري

وهو ما يعبَّر عنه بالدَّيْن الشرعي[23] حيث إنَّ الشارع هو الذي أوجبه في ذمّة المكلَّف ولذا فهو ما لا يكون المكلَّف له دخل في مقدِّماته، بل يحصل قهراً من دون إرادة، ما في:

الزكاة:

وهي أحد الأركان التي بني عليها الإسلام، وهي في حصَّة من أشياء مخصوصة ذكرتها الكتب الفقهية، تتعلَّق في ذمة المكلف إلى أن يُخرجها بأقسامها من زكاة الأموال والأبدان والأنعام.

الخمس: 

وهو في أصله من الفرائض المؤكَّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم، وهو نسبة تتعلق ببعض الأموال، يجب إخراجها، ودفعها إلى مستحقيها.

وإن لم يخرجها تبقى في ذمَّته لا تسقط حتى بعد موته، فيجب تسديدها إلى مستحقِّيها من التركة قبل تقسيمها ووجوب إخراجها مقدَّم على وجوب الحج، وهذا ما عليه كلماتهم كما ورد في قول السيد السيستانيB: "إذا وجب عليه الحجّ وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرها من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها ولم يجز له تأخيرها لأجل السفر إلى الحجّ. ولو كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطوف من المال الذي تعلَّق به الخمس أو نحوه من الحقوق لم يصحّا على الأحوط لزوماً".[24]

* ما يدخل في ذمَّة المكلف من قيم المتلفات كالضَّمانات التي لا يكون مختاراً فيها: كأن يُتلف أموال الغير بلا قصد ولا اختيار، فهو ضامن لها قهراً.

مثل: 

حوادث السير، بأن يصدم سيارة الغير ولو من غير قصد، فهو مدين لصاحب السيارة في إصلاح سيارته.

أكل طعام الغير، كأن يغصب شخصٌ طعام شخصٍ آخر ويطعمه غير مالك الطعام، على أنَّه ماله-مال الغاصب- كما إذا قدمه إليه بعنوان الضيافة مثلاً. 

ففي هذه الصورة يقول السيد السيستانيB: "ضمن كلاهما، أي الغاصب والآكل"[25] على فرض علم الآكل بالحال.

جناية الحيوان، كما إذا كان عند الشخص حيوان من شأنه إتلاف الأشياء، مثل زرع الغير، فيضمن صاحب الحيوان جنايته إذا كان بتقصيرٍ منه[26].

التفريط في الأمانة، فلو استأمنك شخصٌ ماله، وفرَّطتَ فيه فإنَّك تضمنه، ويكون ديناً في ذمَّتك. 

ولهذا النوع من الديون القهريَّة أمثلة كثيرة في حياتنا اليوميَّة. 

ويجب بعد تعلُّق الدَّيْن بالذمّة التخلُّص منه، وإبراء الذمَّة، كما أنَّ المكلَّف بحاجة إلى بعض الحلول كي يحافظ على أمواله من التلف والضَّياع بسبب استدانة الآخرين منه، وهذا ما سنشير إليه في المباحث المقبلة إن شاء الله. 

الفصل الثَّالث: آثار حبس الدُّيون، وبعض الحلول لاستنقاذ الدَّيْن 

المبحث الأوَّل: آثار حبس الدُّيون

ولحبس الديون آثار خطيرة جداً، على المستوى الدنيوي، والأخروي، وعلى المستوى الفردي، والاجتماعي، نتحدَّث في هذا المبحث عن بعض الآثار التي تترتَّب على حبس الدُّيون، سواء كانت دنيوية أم أخرويّة مزيداً على ما تقدَّم ذكره سابقاً[27].

المطلب الأوَّل: الآثار الأخروية

من خلال النَّظر في الرِّوايات الشريفة في هذا الإطار نجدها تركّز على عدد من العناوين التي من شأنها أن تكون رادعة لمن يطّلع عليها ليتحرّز عن الاستدانة من الآخرين بلا حاجة إلى الدين، نذكر بعض العناوين مع الاكتفاء برواية واحدة لكلِّ عنوان:

1. تعيير الملائكة: فعن أبي جعفرg قال: >إنّ الله تبارك وتعالى يبعث يوم القيامة ناساً من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة (أي قدرها)، معهم ملائكة يعيِّرونهم تعييراً شديداً،  يقولون:  هؤلاء الذين منعوا  خيراً قليلاً من خير كثير،  هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حقَّ الله في أموالهم<.[28]

2. الذُّل والتَّوبيخ في النَّار: قال أبو عبد الله الصادقg: >ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه اللهa يوم القيامة بقاع قرقر، وسلَّط عليه شجاعاً أقرع يريده وهو يحيد عنه، فإذا رأى أنَّه لا مخلَص له منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل،  ثمَّ يصير طوقاً في عنقه وذلك قول اللهa: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، وما من ذي مال إبل أو غنم أو بقر يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر يطأه كلّ ذات ظلف بظلفها وينهشه كلّ ذات ناب بنابها، وما من ذي مال نخل أو كرْم أو زرع يمنع زكاتها إلا طوّقه الله ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيمة<[29].

وعنهg قال: >إنّ من حبس حقَّ المؤمن أقامه الله مائة عام على رجله حتى يسيل من عرقه أودية، ثمَّ ينادى مناد من عند الله جلّ جلاله: هذا الظالم الذي حبس عن الله حقَّه، قال: فيوبَّخ أربعين عاماً، ثمَّ يؤمر به إلى نار جهنَّم<[30]، وعنهg قال: >أيَّما مؤمن حبس مؤمناً عن مالِه وهو يحتاج إليه لم يذق والله من طعام الجنَّة، ولا يشرب من الرَّحيق المختوم<. وعن رسول اللهe: >من يمطل على ذي حقٍّ حقَّه وهو يقدر على أداء حقِّه فعليه كلّ يوم خطيئة عشار<[31].

كلّ شيء يكفَّر إلا الدَّين: عن أبي جعفرg قال: >كلّ ذنب يكفِّره القتلُ في سبيل اللهa إلا الدَّيْن لا كفارة له إلا أداؤه، أو يقضي صاحبه[32] أو يعفو الذي له الحق<[33].

ولا يخفى أنَّ حبس الحقوق يعتبر من الكبائر، ويذكر بعنوان حبس الحقوق المالية من غير عسر، وهي-الكبائر- التي توعَّد الله مرتكبها بالنَّار في الآخرة ويفقد عدالته التي لا ترجع إلا بالتوبة[34].

المطلب الثَّاني: الآثار الدُّنيويَّة 

لا شكّ أنّ الدَّيْن له آثاره الإيجابية على الفرد والمجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة من التوسعة على الفرد والعيال وقضاء حوائجهم وما إلى ذلك، وكذا له آثاره السلبيّة أيضاً، وهذا ما سنشير إليه في هذا المطلب، ويمكننا أن نقسمها إلى قسمين:

ـ الآثار التي تصيب الفرد.

ـ الآثار التي تصيب المجتمع. 

القسم الأوَّل: الآثار التي تصيب الفرد عادة، نذكر منها

أ. حقّ الناس يسبب الإنفاق في الباطل: والإنفاق في الباطل يسبب تضاعف السيئات.

فعن أبي عبد اللهg قال: >من منع حقاً لله عزّ وجلّ أنفق في باطل مثليه<[35].

ب. عدم إعانة اللهa له: عن الحسن ابن علي بن رباط قال: سمعت أبا عبد اللهg  قول: >من كان عليه دين فينوي قضاءه كان معه من الله a حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته، فإن قصرت نيَّته عن الأداء قصراً عنه من المعونة بقدر ما قصر من نيَّته< [36].

ج. الحبس: عن أبي عبد الله g قال: >كان أمير المؤمنين(صلوات الله عليه)، يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه، ثمَّ: يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص فإنْ أبي باعه فيقسم -يعني ماله-<[37].

د. قطع المعونة للمحتاج: لو تحوَّلت الاستدانة إلى حالة عامة أو كثيرة فإنّها تؤدّي إلى حرمان المحتاج إلى الدين من الحصول عليه، لتمنّع أصحاب الأموال حفاظاً على أموالهم. وهذا ما قد يتذرّع به المحتاج إلى ارتكاب بعض الجرائم كالسرقة وغيرها في سبيل تحصيل المال.

القسم الثاني: الآثار التي أن تصيب المجتمع عادة 

أ. انعدام الثقة بين أفراد المجتمع: هذا يسلب المجتمع الطمأنينة، والثقة التي هي من أركان استمرار المجتمعات، والحياة الطيِّبة، فعندما يبتلي شخص بتأخير دينه، أو إنكاره، وحبسه؛ فلا يديّن المحتاج فتنتشر الفاقة في أرجاء المجتمع. 

ب. تفكك المجتمع: وهذا الأثر مترشّح عن السابق فعندما تنعدم الثقة بين أفراد المجتمع، لا شكَّ ولا ريب في أنَّ هذا التفكك يكون سبباً مهمَّاً من أسباب تفكُّكه. 

ج. انتشار الحقد والعداء بين الأفراد: لأنَّ رقعة المطالبين ستتسع من كونها بين طرفين-الدائن والمدين- إلى أولادهم، وأقربائهم، فلا أبناء الدائن سيتعاملون مع أبناء المدين، ولا العكس. 

د. انتشار الحاجة والفاقة في المجتمع: فعند عدم تسديد الديون إلى أهلها يحتاج صاحب الدَّيْن إلى أن ينفق على عياله، فتراه فقيراً ولكنّه يملك ما عند الأغنياء، لكن أمواله في يد غيره! 

هـ. انتشار الحقد، بين أهل المدين والدائن. 

و. ضياع الحقوق: فمن لم يسدِّد دينه ومات، فالدين ينتقل إلى الورثة فيجب عليهم تسديد دين أبيهم؛ ولكن قد يهملون السداد أو يتناسون الدَّيْن فيضيع، وقد يجحدونه فيضيع. 

تنبيه: عنوان ردّ المظالم

وهنا مسألة لا بدَّ من بيانها في هذا البحث، وهي ما إذا كان في ذمَّة الشخص دينٌ متشخّص في المقدار ولكن لا يَعلم لمن، أو نسيَّ أنَّه لمن، أو لا يستطيع إيصاله لصاحبه، ويريد أن يتخلَّص من دينه -الذي في ذمته- فهل توجد طريقة للتخلُّص من الدَّيْن أم لا؟ 

الجواب: نعم. يوجد عندنا حكم في الشريعة الإسلامية بعنوان (ردُّ المظالم).

فقد سُئل السيد السيستانيB عن تعريف ردّ المظالم، فقال: "المراد بردّ المظالم الحقوق الماليّة المتعلّقة بالذمّة مع عدم معرفة أصحاب الحقّ، أو عدم تيسير الوصول إليهم، فيتصدّق الإنسان بنفس المبلغ"[38]

المبحث الثَّاني: بعض الحلول الشَّرعية لاستنقاذ الدُّيون

لقد بيّنت الشريعة الإسلامية السمحاء خطورة حبس الدَّيْن، وما له من آثار كبيرة على حياة الفرد والمجتمع؛ ومن هنا كانت بعض التشريعات والقوانين التي يستطيع من خلالها الدائن استنقاذ حقِّه من المدين سيَّما إذا كان المدين يماطل وينكر الدين، فهذه مجموعة من الحلول التي يمكن اللجوء إليها لاستنقاذ الأموال وحفظها من التَّلف والضَّياع ومنها ما يكون قبل وقوع الدين ومنها ما يكون بعده، نذكر منها:

1 ـ كتابة الدَّيْن:

 لا بدَّ أن يكون الدين مدوّناً بدقّة في وثيقة توثّق بها الدين فلا ينكر أحد الطرفين أصل الدين ولا إنكار تفاصيله، ومن منافع هذه الوثيقة أنّه عند المنازعة يمكن عرضها أمام القاضي -مثلاً- للاحتجاج بها شريطة أن يراعى فيها ما ينبغي في التدوين من الوضوح، ووجود طرف ثالث هو الكاتب لا أحدهما وغيرها. 

وهذا ما جاء في الآية المعروفة بآية المداينة، فقد روي في الخبر: أَنَّ فِي البقرة خمس مائة حكم، وفي هذه الآية خمسة عشر حكماً، وهو قولهa: {يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ولْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كٰاتِبٌ بِالْعَدْلِ  ولاٰ يَأْبَ كٰاتِبٌ  أَنْ يَكْتُبَ  كَمٰا عَلَّمَهُ اللّٰهُ..}. 

ثلاثة أحكام في {فَلْيَكْتُبْ}، أربعة أحكام {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} خمسة أحكام، وهو إقراره إذا أملاه.{وَ لْيَتَّقِ اللّٰهَ رَبَّهُ ولاٰ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً}، ولا يخونه ستة أحكام {فَإِنْ كٰانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاٰ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُو}َ  أي لا يحسن أن يمل {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} يعني ولي المال سبعة أحكام، {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ} ثمانية أحكام، {فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأَتٰانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدٰاهُمٰا فَتُذَكِّرَ إِحْدٰاهُمَا الْأُخْرىٰ}  يعني أن تنسى إحداهما فتذكر الأخرى تسعة أحكام، {وَلاٰ يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا} عشرة أحكام.

{وَلاٰ تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلىٰ أَجَلِهِ} أي لا تضجروا أن تكتبوه صغير السن أو كبيراً أحد عشر حكماً، {ذٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّٰهِ وأَقْوَمُ لِلشَّهٰادَةِ وأَدْنىٰ أَلاّٰ تَرْتٰابُوا} أي لا تشكوا {إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً حٰاضِرَةً تُدِيرُونَهٰا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَلاّٰ تَكْتُبُوهٰا} اثنا عشر حكماً، {وَأَشْهِدُوا إِذٰا تَبٰايَعْتُمْ} ثلاثة عشر حكماً، {وَلاٰ يُضَارَّ كٰاتِبٌ ولاٰ شَهِيدٌ} أربعة عشر حكماً، {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} خمسة عشر حكماً[39].

وكتابة الدَّيْن من الأمور التي أولتها الشريعة الإسلامية أهمية كبيرة، وعدم كتابة الدَّيْن تسبب عدم استجابة الدعاء، كما عن أبي عبد اللهg قال: >أربعة لا تستجاب لهم دعوة: أحدهم رجل كان له مال فأدانه بغير بيِّنة. فيقال له: ألم آمرك بالشهادة<[40].

فهذه الآية وضعت خطَّة واضحة، ومفصَّلة من لدن عليم حكيم كخطوة احترازية لضمان استنقاذ الديّن، ويوجد كلام جميل، ومفيد في تفسير هذه الآية لمن أحبَّ أن يراجع[41] 

تنبيه: 

ولا بدَّ من الإشارة إلى بعض الأمور الخاطئة التي يفعلها بعض النَّاس في كتابة الدُّيون:

عدم كتابة الدَّيْن في وثيقة معتمدة ذات اعتبار شرعي وقانوني، فعند كتابة الدَّيْن في ورقة أو دفتر لا يحمل أي اعتبار فإنّ واحداً من المستندات المثبتة للدَّيْن قد سقط وحينئذٍ تتلكأ المطالبة بدينك عند الحاكم الشرعي فضلاً عن القاضي الوضعي.

عدم تحديد الأجل للدين {إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى}. وهذا ما يجعل من سداد الدَّيْن مفتوحاً بلا حدّ مما يهيئ أرضية خصبة للمماطلة في سداد الدَّيْن.

عدم الالتزام بالكتابة من طرف ثالث غيرهما يتصف بالعدل على عقد الدَّيْن، {لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كٰاتِبٌ بِالْعَدْلِ} ولو كتب أحدهما فإنّ ما يكتبه قد يكون عرضة لتنكّر الآخر لا سيّما مع وجود بعض العبارات حمّالة الأوجه. كما أنّه من الجائز أن يتعمّد الكاتب منهما استخدام بعض المفردات التي تحرف الحقَّ عن أهله.

عدم الإشهاد على عقد الدّين بشاهدين عادلين. رجلان أو رجل وامرأتان. 

2 ـ المقاصَّة: 

وتعني أن يأخذ صاحب الحقِّ حقَّه من أموال الغريم -اسم مفعول- مباشرة إن كان قادراً على ذلك، أو أن يبيع شيئاً من أمواله ويأخذ حقَّه. 

وللمقاصة شروط: 

الأوَّل: أن يكون أصلُ الحقِّ المالي ثابتاً شرعاً.

الثَّاني: أن يطالب صاحب الحقّ بحقِّه من الغريم ويجحد الغريم ذلك أو يماطل في الأداء، فلا تجوز المقاصَّة قبل المطالبة والجحود. 

الثَّالث: أن لا يكون المال الذي يقتصُّ صاحب الحقِّ منه، حقاً لطرف آخر، إلا أن يكون وليَّه، أو كيله. 

الرَّابع: أن تكون المقاصَّة قبل أن يرفع صاحب الحقِّ أمره إلى القضاء، أمَّا إذا لجأ إلى القضاء وأصدرت المحكمة حكمها في القضية فلا تجوز المقاصَّة حینئذٍ.

الخامس: أن لا يكون المال المقتصّ منه مشترك، إلا بأذن الشريك[42].

3 ـ الضَّامن: 

وهو تعهد بمال ثابت في ذمَّة شخص لآخر. 

ويمكن للدائن أن يرجع على الضامن لاستنقاذ حقه إذا جحد المدين، بلا حاجة إلى الرجوع إلى المدين، "وهو عقد يحتاج إلى إيجاب من الضامن بلفظ دال عرفاً ولو بقرينة على التعهد المزبور، مثل: ضمنت أو تعهدت لك الدَّيْن الذي لك على فلان  ونحوه  ذلك، وقبول من المضمون له بما دلَّ على الرِّضا بذلك، ولا يعتبر فيه رضا المضمون عنه"[43].

مثال توضيحي: زيدٌ أخذ من عند خالد مائة دينارٍ ديناً مؤجلاً إلى سنة، يقوم خالد بكتابة عقد ضمان من طرف ثالث، بحيث إن انتهت المدَّة -سنة في المثال- يقوم الطَّرف الثالث بدفع الدَّيْن عن زيد. 

ويعتبر في الضَّمان أمور، ينبغي التعرُّف عليها لكي تحفظ دينك، ولا يضيع حقك، والأمور هي:

الأول: الإيجاب والقبول، الإيجاب من الضامن والقبول من المضمون له بلفظ أو فعل دال -ولو بضميمة القرائن- على تعهد الأول بالمال، ورضا الثاني بذلك.

الثاني: البلوغ، والعقل، والقصد، والاختيار، وعدم السَّفَه[44]، وعدم التفليس[45] أيضاً في خصوص المضمون له، وأمَّا في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدَّيْن صحَّ[46].

٤ ـ الإحالة: 

وهي تحويل المديون ما في ذمَّته إلى ذمَّة غيره، وهي متقوِّمة بأشخاص ثلاثة: المحيل وهو المديون، والمحتال وهو الدائن، والمحال عليه، ولها شروط خاصة، وهي: 

الأوَّل: الإيجاب من (المحيل)، والقبول من (الحائل والمحال عليه).

الثاني: أن يكون الدَّيْن ثابتاً في ذمَّة المحيل[47]

والفرق بين الضَّمان والحوالة: أنَّ الضَّمان لم يحتج إلى العلم بما في ذمَّته ولا رضا المضمون عنه، والحوالة لا بدَّ من العلم بما في ذمَّته ورضا المحيل والمحتال والمحال عليه. ويوجد فروق أخرى لا يهمُّنا التَّعرُّف عليها في هذا البحث؛ لأنَّنا سنرَّكز على الطرق العملية لستنقاذ الديّن. 

٥ـ بيع الدَّين: 

وهو بأن يبيع المدين دينه على آخر، فيطالب مشتري الدَّيْن به. 

وبيع الدَّيْن له صورتان إحداهما جائزة, والأخرى ممنوعة وغير جائزة.

الصورة الأولى: بيع الدَّيْن بمال خارجي، كأن يبيع الدائن دينه على المدين، أو على شخص آخر، وهي الجائزة. 

الصورة الثانية: بيع الدَّيْن بدَّيْنٍ، وهو أن يكون المبيع والثمن كلاهما ديْناً في الذمة قبل بيع أحدهما بالآخر. وهي الممنوعة[48].

٦ـ الكفيل:

الكفالة وهي: التعهُّد لشخصٍ بإحضار شخص آخر له حقّ عليه عند طلبه ذلك، ويسمى المتعهِّد (كفيلاً)، وصاحب الحق (مكفولاً له)، ومن عليه الحق (مكفولاً)[49]، والكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلا بالإقالة، أو بجعل الخيار له، فيجب فيه الإيجاب من المتعهد (الكفيل)، والقبول من صاحب الحق(المكفول له)، ويكفي فيه جلبه مرة واحدة ولو بجمعه معه في موضع[50].

فيمكن للدائن أن يرجع على الكفيل بالمبلغ إذا لم يُحضر المدين (المكفول).

ويشترط في الكفيل، والمكفول له، والمكفول أمور: 

الأول: البلوغ، فأي لا يصح من الصبي. 

الثاني: العقل، فأي لا يصح من المجنون. 

الثالث: الاختيار، فأي لا تصح من المضطر، أو المكره. 

الرابع: قدرة الكفيل على إحضار المكفول، فلو لم يتمكن الكفيل من إحضار المكفول، أو تسديد دينه، تنتفي الكفالة. 

الخامس: رضا الكفيل والمكفول له. 

7ـ الرَّهن: 

وهو اسم لجعل المال وثيقة في دَيْن إذا تعذّر استيفاؤه ممن عليه، استوفى من ثمن الرهن[51].

ويقال للعين: (الرهن، والمرهون)، ولدافعها: (الراهن)، ولآخذها: (المرتهن).

وللرهن شروط تعتبر في الراهن، والمرتهن:

البلوغ: فلا يصح الرهن من الطفل. 

العقل: وبها يخرج الرهن إذا قام به المجنون. 

القصد: فلو لم يقصد الرهن، بل أتى به على نحو المزاح والهزل لم ينعقد الرهن.

والاختيار: فلا يقع الرهن من المجبَر.

عدم كون الراهن سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس: لأنَّه لا يحسن التصرّف في المعاملات المالية. والمحجور: لا يستطيع أن يتصرف في أمواله. 

8ـ التَّقاضي:

إذا لم يقدر الدائن على استنقاذ حقّهِ يمكنه أن يرفع أمره إلى الحاكم ليتقاضى عنده بشأن الدين ويستعين بالشهود ووثيقة الدين المكتوبة. 

هذه ثمان طرق لاستنقاذ الديون وحفظها من التلف والضياع، وقد ذكرتُ معها شروطها لكي تقع على وجهها الصحيح، وتؤثّر أثرها المرجو. 

المبحث الثَّالث: إمهال المدين عند الحاجة

والكلام الذي تقدَّم ليس عن من يكون محتاجاً للاستدانة، لأنَّ من يأخذ الدَّيْن على أقسام، فالبعض يأخذ الدَّيْن لفقره؛ فهو محتاج للمال لينفق على نفسه، وعياله، والبعض ليس محتاجاً للدين لحاجة عقلائية بل ليوسع على نفسه في أمورٍ غير ضرورية في الحياة، ومنهم من يعتاد الاستدانة من الآخرين، ومنهم من يروق له جمع المال عن طريق الديون فيستدين ولا ينوي الإرجاع.

فالقسم الأوَّل: ينبغي مراعاته وإنظاره.

أمَّا القسم الثَّاني: فيستحسن الاجتناب عن إدانته من رأس، ولقد رسم لنا أهل البيت‌i طريقاً للتعامل في مثل هذه الحالات.

فمن الأمور التي يحثُّ عليها الإسلام في القرآن الكريم هي: إمهال المدين إلى حين تيسَّر أموره المالية فيقول تعالى: ﴿وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 280)؛ ولكن في الوقت نفسه لا ينبغي للمدين أن يستغلَّ هذه الرُّخصة للمماطلة وتأخير دفع الدَّيْن إلى صاحبه، فعن الإمام الصادق‌g: أنّه قال: >إنّ الله a يحبُّ إنظار المعسر، ومن كان غريمه معسراً فعليه أن ينظره إلى ميسرة،  إن كان أنفق ما أخذ في طاعة الله،  وإن كان أنفق ذلك في معصية الله، فليس عليه أن ينظره إلى ميسرة، وليس هو من أهل الآية التي قال اللهa: ﴿فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ﴾<[52].

عن أبي جعفرg قال: >يبعث يوم القيامة قوم تحت ظل العرش وجوههم من نور، ورياشهم من نور جلوس على كراسي من نور.

 قال: فتشرف لهم الخلائق فيقولون: هؤلاء الأنبياء! فينادى مناد من تحت العرش: أن ليس هؤلاء بأنبياء.

 قال: فيقولون: هؤلاء شهداء! فينادى مناد من تحت العرش: أن ليس هؤلاء شهداء ولكن هؤلاء قوم كانوا ييسّرون على المؤمنين، وينظرون المعسر حتى ييسر<[53].

عن أبي تمامة قال: قلت لأبي جعفر الثانيg: >إنّي أريد أن ألزم مكة أو المدينة وعليّ دين فما تقول؟ فقال: ارجع فأدِّه إلى مؤدي دينك وانظر أن تلقي الله تعالى وليس عليك دين، إنَّ المؤمن لا يخون<[54].

الخاتمة

وفي الختام أعرض لكم أهمَّ النتائج المتوصَّل إليها في البحث، وبعض التوصيات التي أرجو أن تكون ذات فائدة للقارئ العزيز: 

* شدَّد الدَّيْن الإسلامي على رعاية وحفظ الحقوق بشكل عام والدُّيون بشكلٍ خاص.

* الحكم الشَّرعي الأوَّلي للدَّيْن هو الكراهة، وقد يكون حراماً إذا لم ينوي المدين إرجاعه.

* يتعلَّق الدَّيْن في الذِّمة على نحوين: إمَّا بالاختیار كما في نفقة الزَّوجة، وإمَّا بالقهر كما لو أتلفت مال الغير بدون قصد.

* يُقسم الدَّيْن بعدَّة لحاظات، منها الشرعي، والوضعي، الشخصي، الاختياري، القهري.

* الديّن حقٌّ لا يسقط عن ذمَّة المدين إلا بالإسقاط، أو التسديد، والله يغفر جميع الذنوب إلا الديّن.

* لحبس الدَّيْن آثار عديدة على المستوى الفردي، والاجتماعي والنفسي، ومن هذه الآثار تفكك المجتمع، وانحسار الثقة فيه. 

* يوجد عندنا حلول، وعلاجات عملية لاستنقاذ الديّن، منها: الرهن، والضمان، والكفيل، والمقاصة.

* ينبغي على الدائن إنظار المدين المعسر إلى حين إيساره، فهذا فيه أجر عظيم من الله‌a. 

التوصيات

* إنّ الدَّيْن كما في بعض الروايات يعتبر همّاً وذلّاً، فغير المحتاج للدين لا ينبغي أن يقحم نفسه في هذا الذلِّ، والهمِّ. 

* ينبغي للمؤمنين أن يتعاونوا فيما بينهم، فيقرضوا المحتاج منهم، ويسامحوه في ما يعطوه، ولهم الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى. 

* ينبغي مراعات حقوق الآخرين لاسيَّما المالية،لكي لاتنتشرالأمراض النفسية في المجتمع مثل: عدم الثقة في الآخرين،والخوف من إسداء المعروف لأن لايضيع الحقّ.


[1]  انظر، معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، ج2، ص128، باب الحاء والباء والسين.

[2] المحيط في اللغة، الصاحب بن عباد، ج1، ص202، باب الحاء والباء والسين.

[3] انظر: الخلاصة في أحكام السجن في الفقه الإسلامي، الشحود، علي بن نايف، ص4. 

[4] العين، الخليل الفراهيدي، ج8، ص72، باب الدال والياء والنون.

[5] لسان العرب، ابن منظور، ج13، ص168، باب الدال والياء والنون.

[6] كلمة التقوى، الشيخ محمَّد أمين زين الدين، ج6، ص5، كتاب الدين.

[7] وسيلة النجاة، الأصفهاني، أبو الحسن الموسوي، ج2، ص169.

[8] الفروق في اللغة، العسكري، أبو هلال أحسن بن عبد الله، ج1، ص165.

[9] الأمالي، الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، ص455. 

[10] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج9، ص95.

[11] ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ابن بابويه القمي، محمد علي، ج1، ص240.

[12] المصدر السابق.

[13] مرآة العقول في شرح أخبار الرسول، المجلسي، الشيخ محمد باقر بن محمد تقي، ج11، ص25. 

[14] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج9، ص606.

[15] المصدر السابق، ص94.

[16] منهاج الصالحين، الطباطبائي، السيد محسن الحكيم، تعليقة السيد كاظم الحائري، ج1، ص285.

[17] منهاج الصالحين، الطباطبائي، السيد محسن الحكيم، تعليقة السيد كاظم الحائري، ج1، ص285.

[18] كما في تذكرة الفقهاء، للعلامة الحلي ج13، ص7، حيث قال: "تكره الاستدانة كراهةً شديدة مع عدم الحاجة" مع الحاجة تخف الكراهة كما ذكر في موضع آخر من التذكرة ج2، ص2.

[19] على ما نسب إلى الحلي: عدم جواز الاستدانة لغير الواجب من الحج وغيره من الواجبات. انظر فقه الصادق، السيد محمد صادق الروحاني، ج20، ص10.

[20] انظر، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، الأردبيلي، أحمد المقدس، ج9، ص51.

[21] منهاج الصالحين للسيد أبو القاسم، الخوئي، كتاب الخمس م1231.

[22] منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي الحسيني، ج3، ص128، م 429.

[23] منهاج الصالحين، الخوئي، السيد أبو القاسم، كتاب الخمس م1231

[24] المسائل المنتخبة، السيستاني، السيد علي الحسيني، كتاب الحج، م525.

[25] منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي الحسيني، ج2، ص249.

[26] المصدر نفسه، 248.

[27] في المبحث الثاني من الفصل الأول.

[28] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج3، ص506.

[29] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج3، ص506. قاع قرقر: الأرض المستوية. ويحيد أي يتنفّر. والقضم: كسر الشيء بأطراف الأسنان. المراد بالريعة ههنا أصل أرضه التي فيها الكرم والنحل والزراعة الواجبة فيها الزكاة. أي: يصير الأرض طوقاً في عنقه إلى يوم القيامة بان يحشر وفى عنقه الأرض وعلى أي حال فالعذاب واقع يقينا للأخبار الدالة المتواترة وإن كانت الكيفية غير معلومة. كما في الشرح.

[30] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، 53، ص97.

[31] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج5، ص94.

[32] أي وليُّه أو وارثه أو الإمام أو المتبرع.

[33] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج5، ص94.

[34] منهاج الصالحين الخوئي، السيد أو القاسم، م29.

[35] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج5، ص94.

[36] المصدر السابق، ص59.

[37] المصدر السابق.

[38] راجع موقع مكتب سماحة السيد علي الحسيني السيستاني، تحت عنوان: ردّ المظالم.

[39] البرهان في تفسير القرآن، التوبلاني البحراني، السيد هاشم، ج1، ص561.

[40] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج2، ص511. أي: الإشهاد على الدَّيْن بفتح الدال كما في آية المداينة.

[41] تفسير الأمثل، الشيرازي، الشيخ ناصر مكارم، في تفسير هذه الآية. 

[42] انظر، تحرير الوسيلة، الخميني، السيد روح الله الموسوي، ج2، ص436، الفصل الثاني في المقاصَّة.

[43] تحرير الوسيلة، الخميني، السيد روح الله الموسوي، ج2، ص25.

[44] السفه هو: أن لا يحسن التصرف في الأمور المالية.

[45] الفلَس: والمفلِّس هو: الذي يمنع عليه التصرف في ماله من قبل الحاكم الشرعي لقصور ماله عن دينه.

[46] منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي الحسيني، ج2، ص310، كتاب الضمان.

[47] المسائل المنتخبة، السيستاني، السيد علي الحسيني، م880-881. 

[48] انظر، كلمة التقوى، زين الدين، الشيخ محمد أمين، ج6، ص8، م11و12.

[49] منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي الحسيني، ج2، ص322.

[50] انظر: كلمة التقوى، زين الدين، الشيخ محمد أمين، ج6، ص69، م36و37.

[51] المبسوط في فقه الإمامية، الطوسي، أبو جعفر محمد ابن الحسن ابن علي، ج2، ص196.

[52] بحار الأنوار، المجلسي، ج100، ص153.

[53] ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، الصدوق، الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن بابوبه القمي، ص145. 

[54] الكافي في الأصول والفروع، الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب، ج5، ص94.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا