بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآله المعصومين، السلام على من نفسي له الفداء، السلام على من عسكره في يوم الاثنين نهبا، السلام على المهموم حتى قضى، والعطشان حتى مضى، السلام على سيد الشهداء، المقتول بكربلاء، السلام على من صدح بقول الحق، وجهر بكلمة الصدق، وصدّق بالفعل النطق، حيث قال (عليه السلام): «وَأَنّي لَمْ أَخْرُجْ أشِراً، وَلا بَطِراً، وَلا مُفْسِداً، وَلا ظالِماً، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي (صلَّى الله عليه وآله)»(1).
مقدمة
يمكن أن تُطرح النهضة الحسينة على طاولة البحث من عدة جوانب، خصوصاً فيما يتعلق بطريقة إحيائها، وقد تشعبت الرؤى في هذا المضمار، حتى وصلت إلى حد التناقض، وذلك من الأمور البديهية، والمتوقعة؛ مع ملاحظة اختلاف وتضادّ المشارب الفكرية التي يرجع إليها المتحدّثون في هذا المجال، فمنها ما يرجع إلى الجهل، ومنها ما يرجع إلى العلم، ومنها ما يكون خليطاً من ذلك، ومنها ما ينبع من الاختصاص، ومنها ما يفتقد ذلك، منها ما ينتمي إلى بيئة الإسلام، ومنها ما يبتعد عن هذه البيئة، ومنها ما يؤول إلى محيط مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، ومنها ما لا يكون كذلك.
ومن أهم تلك الجدليات المطروحة تحت هذا العنوان -أعني عنوان: (إحياء عاشوراء)-: ما يُعرف بمسألة: (تسييس الشعائر الحسينية)، وقد تنوعت الأفكار المتداولة ضمن هذا العنوان، بين مؤيد، ومعارض، وبين مفصّل، ومتوقّف، وقد انتشرت -في الفترة الأخيرة، عبر وسائل التواصل المتنوعة- دعوات صريحة، مفادها يتلخّص في المطالبة بعدم تسييس الشعائر الحسينية، وحصرها في الجانب الديني، والتوعوي، والتبليغي، دون أن تمس الواقع السياسي العام، وقد طُرحت هذه الفكرة العامة بشكل ضبابي موهم، وتحت مبرّرات عدّة، سوف نتعرّض إليها -إن شاء الله تعالى- بالميسور، ولحساسية الموضوع -ولما يترتب عليه من آثار مهمة- أتناوله في ثلاث نقاط أساسية:
الأولى: حول التفريق بين معاني التسييس المختلفة.
الثانية: في بيان ميزان المناقشة للمعاني المطروحة.
الثالثة: في مناقشة المعاني المطروحة، وتحديد المرفوض والمقبول منها حسب رؤية العلماء.
النقطة الأولى: معنى التسييس
إن المتابع لدوران هذا المصطلح على الألسن في استعمالات الساحة الفكرية، يلاحظ أنه من الألفاظ المشتركة، بمعنى أنه يُستخدم بمعان متعددة، تختلف نتيجة الحكم عليه باختلافها، ويمكن إرجاع الاختلاف التفصيلي بين المعاني المطروحة إلى أحد معانٍ ثلاثة، ترجع إلى معنى السياسة المقصودة من كلمة (التسييس): فـ(التسييس) من: (التفعيل)، وهذا الباب -كما هو معلوم- يأتي لإفادة معنى التعدية، وهو المعنى المقصود حسب ظاهر الاستعمال، فـ(سيَّسه) أي: جعله مسيَّساً، أي: ذا سياسة، وهنا يأتي هذا السؤال: الذي يمارس الشعائر الحسينية، المفروض هنا أنه يسيّسها، أي: يجعلها ذات سياسة، أي: لها علاقة بالسياسة بنحو من الأنحاء، ولكن: أي سياسة هذه التي ينسب صاحبُ الشعائر الشعائرَ إليها بممارسته المكيَّفة لها بنحو خاص؟!
يمكن تصوّر هذه السياسة على أنحاء ثلاثة:
الأول: ما يمكن أن نسميه بالسياسة الأرضية.
الثاني: ما نطلق عليه بالسياسة الربانية، أو الإلهية.
الثالث: ما نصطلح عليه بالسياسة الاجتهادية.
فما المقصود من هذه المصطلحات الثلاثة؟!
نعني بالسياسة الأرضية: ما يمارَس على الساحة السياسية العامة، بحيث يكون نتيجةً للمذهب النفعي، والذي يرى الأولوية للانتفاع، دون أن يكون هذا الانتفاع مضبوطاً، أو محكوماً للقيم الدينية، والإنسانية، فممارس هذا النوع من السياسة، يحاول أن يتكسّب المصالح لنفسه، أو لحزبه، أو لطائفته، دون أن يعير أي اهتمام إلى المبادئ، والقيم، والأخلاق، فهي سياسة تنشأ عن جذور فكرية مادية، نفعية فقط.
أما السياسة الإلهية: فهي على الجهة المقابلة للسياسة الأرضية، فهي السياسة التي تحاول أن تتحكم في الواقع العام، ولكن عن شرعية دينية من حيث المبدأ، وجماهيرية من حيث التفعيل، وتصبو إلى تطبيق القيم، والمبادئ، ونشر مفاهيم العدل، والإنسانية، وحفظ الحقوق، وغير ذلك، وربما كان تعريفها بالمثال أولى، وأشد وضوحاً، ولذلك نقول: نعني بالسياسة الإلهية: سياسة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وسياسة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وسياسة المعصومين (عليهم السلام).
وأما السياسة الاجتهادية: فالمقصود بها: تلك السياسة التي تكون جذورها راجعة إلى فكر صحيح واحد، وعقائد حقة متوافقة لدى الأطراف المتنازعة، إلا أن الاختلاف بين أصحابها يكون في التفاصيل، وفي التطبيق، وفي تشخيص الموضوعات الخارجية، وإن كانوا يرجعون إلى مذهب فكري واحد، أو رؤية عقائدية واحدة، تتمثل في الإسلام، أو التشيع إلى أهل البيت (عليهم السلام)، أو في الفكر الثوري الجهادي مثلاً، إذا ما ضيقنا الدائرة أكثر فأكثر.
إذا عرفنا ذلك نأتي لنسأل: ما هو المقصود من دعوات عدم التسييس للشعائر الحسينية؟
إنه وفقاً لما تقدم من معانٍ مختلفة للسياسة، فإن عدم التسييس حسب هذه الدعوات يكون المقصود منه -بالتطبيق- أحد معانٍ ثلاثة:
الأول: الدعوة إلى عدم التسييس الأرضي:
وهو: إبعاد الشعائر الحسينية عن مستنقع السياسات الأرضية، وعدم تلويثها بالرؤية الانتفاعية، أو استغلال قنواتها في بث المفاهيم المغلوطة، أو نشر المفاهيم غير الأصيلة، وذلك بإسقاط ما استوردناه من معانٍ دخيلة مصنوعة في الثقافة الغربية، على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، ومن ذلك مثلاً: محاولة البعض -عن قصد أو غير قصد- أن يمازج بين الثورة الحسينية المقدسة، وبين بعض المفاهيم التي ينادى بها اليوم بحسابات سياسية معينة، فيصور الحسين (عليه السلام) مثلاً أنه قُتل من أجل (الديمقراطية)! أو أنه كان (عليه السلام) يقاتل من أجل التأسيس إلى الحرية بنفس قياساتها الغربية، وإلى غير ذلك من محاولات.
الثاني: الدعوة إلى عدم التسييس الإلهي:
وتعني: عدم جعل الشعائر الحسينية قنوات لبث الفكر السياسي المبدئي العام، والابتعاد عن إقحام هذه الشعائر في الصراعات السياسية القائمة بين الحق والباطل، وقصرها على الجنبة العاطفية، والمأساوية، وربما: التبليغية الدينية العامة، التي لا تتدخل في توجيه حاجات الشأن العام.
وهو طرح الكثير من الأنظمة الوضعية التي لا تتمتع بالشرعية، وكذلك بعض المحسوبين على المذهب، ممن يعارض نفس الفكرة والمبدأ، ولكن تحت مبررات تختلف كليّاً عن المبررات الحقيقية للطرح الوضعي كما لا يخفى.
الثالث: الدعوة إلى عدم التسييس الاجتهادي:
والمقصود من ذلك هو: عدم النزول بالشعيرة الحسينية -كشعيرة دينية، مقدسة، معصومة- إلى أرضية الخلافات التفصيلية الدائرة في الساحة العامة بين المؤمنين، بحيث تُحَوَّر هذه الشعائر بطريقة يكون فيها كل طرف داعياً إلى ما يؤمن به من منهج تفصيليٍّ خاص في طريقة إدارة الشأن العام، فيتلازم ذلك مع ضرب الآراء الأخرى بأساليب متعددة، ربما ابتعد الكثير منها عن الحكمة، والاتزان.
فتتحول الشعائر الحسينية حينئذ إلى أدوات للدعوة إلى صالح الأشخاص، والفئات، والأحزاب، والمناهج، ولكن: لا بالطريقة القائمة في التسييس الأرضي، والتي لا تعير المبادئ أية أهمية، بل لأن أصحاب المنهج الفلاني مثلا يرونه هو المنهج الحق، وأتباع الشخصية الفلانية يرونها هي الشخصية المعبرة عن الإسلام الأصيل، وأنصار الحزب الكذائي يعتقدون بأنه هو الحزب المؤدي إلى علو الإسلام، وهكذا، فهو خلاف في طول المبادئ المتفق عليها بين المختلفين، بحيث يُسحب الخلاف التفصيلي -أو المنهجي الموجود بين أبناء الخط الفكري الواحد- إلى الشعائر الحسينية، فينتصر من خلالها كل واحد لفكرته، ولما يؤمن به، مما يراه حقّاً.
النقطة الثانية: ميزان المناقشة
بعد اتضاح المعاني المتقدمة في دعوات عدم التسييس، نأتي لمناقشة كل معنىً على حدة، من أجل تبين الحق فيه وفق الدليل، وحتى نتمكن من ذلك، لا بد أولاً من المرور على الهدف من الثورة الحسينية المقدسة كمقدمة موضوعية؛ ذلك لأن التمكن من التحديد الدقيق لهدف هذه الثورة، يعني التمكن من قياس مدى توافق الدعوات السابقة مع منطلقات الثورة الحسينية، فما انسجم منها مع هدف الحسين (عليه السلام) من الخروج، كان مطلوباً، وما أدى منها إلى التضارب مع هدف ثورة الحسين (عليه السلام)، كان مرفوضاً بلا شك، فالسؤال هنا: ما كان هدف سيد الشهداء (عليه السلام) من ثورته المباركة؟
والجواب: ذُكرت أهداف كثيرة:
منها -مثلا-: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كما جاء عنه (عليه السلام) صريحاً: «أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر»(2).
ومنها: مناوأة الخلافة المزيفة، واستهداف الإطاحة بها، كما ورد في قوله (عليه السلام) لمروان (لعنه الله): «نحن أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ويزيد فاسق، شارب الخمر، وقاتل النفس المحرمة، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون، أينا أحق بالخلافة والبيعة»(3).
ومنها: مبايعة أهل الكوفة له، وتوفر العدة الكافية -حسب الظاهر- للقيام والنهوض، وفي ذلك ورد عنه (عليه السلام): «لئنْ أُقْتَلَ وَاللهِ بِمَكان كَذا، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أُستُحَلَّ بِمَكَّةَ، وَهذِهِ كُتُبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَرُسُلُهُمْ، وَقَدْ وَجَبَ عَليَّ إِجابَتُهُمْ، وَقامَ لَهُمُ الْعُذْرُ عَليّ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ»(4).
ومنها: الدفاع عن النفس، وقد تجلى ذلك في قوله (عليه السلام): «ألا إنّ الدّعي ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السّلَّة والذّلَّة، وهيهات منّا الذّلة»(5)، وقد قالها (عليه السلام) في يوم عاشوراء، أمام جموع الأعداء، وكذلك قال في رجزه (عليه السلام): «أحمي عيالات أبي»(6).
وغير ذلك من أهداف تتداخل في منطلقاتها، غير أننا من الممكن أن نجمعها جميعا في قوله (عليه السلام) العام والواضح: «وَأَنّي لَمْ أَخْرُجْ أشِراً، وَلا بَطِراً، وَلا مُفْسِداً، وَلا ظالِماً، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَر، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأبي عَليِّ بْنِ أَبي طالِب (عليه السلام)، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين»(7).
وفي شرح هذا الهدف العام، لنعم ما أفاد سماحة آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني في تفسيره لهذه الوصية، والتي أدلى بها الإمام (عليه السلام) إلى أخيه محمد، المعروف بابن الحنفية، حيث قال (حفظه الله): "وفي وصيته هذه (عليه السلام) دقائق، ولطائف، نشير إلى بعضها: منها: أن مبدأ الوجود هو الحق، ومعاد الوجود إلى الحق، والوسط بين المبدأ والمنتهى -وهو صراط الله المستقيم، الذي جاء به عبده ورسوله- هو الحق، فلا مناص للإنسان إلا من قبول الحق، فإن قبل فالله أولى بالحق، وإن رد فيقضي الله عليه بالحق.
فقد أفاد بهذا البيان أن مسيره (عليه السلام) من الحق، للحق، إلى الحق، وأن ما يصدر ممن غلب هواه على عقله: إما من الشهوة التي حاصلها الأشر، والبطر، وإما من الغضب الذي غايته الإفساد، والظلم، والأمة التي وصفها الله سبحانه بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} تتبدل بهاتين الآفتين إلى شر الأمم، فلا بد من الخروج لطلب الإصلاح، ولا إصلاح إلا بقول وعمل، والقول هو: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بنطاقهما الواسع لكل ما عرفه وأنكره العقل، والوحي، والعمل هو: سيرة أشرف الأنبياء، وسيد الأوصياء، صلوات الله عليهما"(8).
النتيجة:
إذاً: كان للإمام الحسين (عليه السلام) هدف عام، حاكم على جملة من الأهداف الفرعية، وهذا ما يفسر عدم رجوعه عن قرار القيام، رغم انكشاف تساقط بعض الأهداف الفرعية المعلنة، مثل الاستجابة إلى رسائل أهل الكوفة، ويتمثل هذا الهدف العام في: الإصلاح على الطريقة الإلهية المعصومة، الإصلاح بالطرح القرآني، وبالفهم المعصوم، والذي تكون آلته متمثلةً في: الأمر بالمعروف، المعروف برؤية الوحي، والمعروف في السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الدين، وفي الأخلاق، وفي الأمن، وفي الاجتماع، وفي كل ما يمتّ إلى الإنسان بصلة، فرداً كان أم مجتمعاً، وفي: النهي عن المنكر، المنكر برؤية الوحي كذلك، وفي جميع المجالات الإنسانية بلا استثناء.
إذاً: نستطيع أن نصف نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) أنّها كانت حركة سياسية شاملة، استهدفت الإصلاح السياسي على الطريقة الإلهية، والذي يبدأ من إصلاح وتقويم المفاهيم، على خُطى المبادئ، والقيم، برؤية الوحي المعصوم.
النقطة الثالثة: المناقشة
ومن هنا نستطيع محاكمة ومناقشة ما ذُكر من دعوات لرفض تسييس الشعائر الحسينية، ولنبدأ بالمعنى الأول:
(التسييس الأرضي): من الواضح أن هذا النوع من التسييس ينطلق من مبادئ متناقضة -كل التناقض- مع مبادئ الثورة الحسينية كما تبين، فإذا كانت الثورة الحسينية ثورة نابعة من السياسة الإلهية الشاملة، فإن تسييس شعائرها وفق منظومة الرؤية المادية الأرضية، يعني تجنٍّ كبير على أهداف هذه الثورة، ويعني تضييقاً لها، وتعديّاً على مفاهيمها المعصومة السامية، وبهذا: فإننا لا يمكن لنا إلا أن نقف في صفّ هذه الدعوة، التي ترفض تسييس الشعائر بهذا المعنى؛ وذلك حفظاً لهذه الشعائر، وصوناً لمنطلقاتها من هذا المنزلق والتشويه الخطير جداً.
(التسييس الإلهي): ومن الواضح أيضاً أن هذا النوع من السياسة، هو النوع الذي جاهد من أجله الإمام الحسين (عليه السلام)، ومحاولة تفريغ الشعائر الحسينية من هذا المعنى من المناهج السياسية، إنما نتيجته هي النظر إلى هذه الثورة المباركة بعين عوراء، أو المشي مع مبادئها بطريقة عرجاء؛ حيث لا يُتصور أن يكون الغرض النهائي من الثورة الحسينية متمثلاً في تثبيت دعائم هذا النوع من السياسة من جهة -كما تبين من النقطة الثانية-، ثم نقوم من جهة أخرى بتغييب -ليس جزءاً من الثورة، بل- هدف الثورة نفسه، والذي ينعكس بشكل وبآخر على جميع تفاصيل وجزئيات هذه الثورة!
وبهذا يثبت أن هذه الدعوة غير منطقية بتاتاً، فلا مناص من تسييس الشعائر بهذا المعنى، وإلا عادت شعائر جوفاء، بلا غاية واضحة، وبلا هدف سامٍ، بل إن إطلاق مصطلح التسييس على هذا النوع من السياسة فيه من التسامح ما لا يخفى، حيث إن نفس الشعائر الحسينية التي تُعتبر علائم على هذه الثورة، لا يمكن أن تكون شعائر -فتُحفظ علاميتها هذه- إلا إذا عكست أهداف هذه الثورة، فهي بذاتها ذات سياسة إلهية، ومع تفريغها من هذا المحتوى ينبغي أن نتوقف عن تسميتها (شعائر حسينية)؛ لأنها ستفقد ما يقوم ذاتها حينئذ.
نعم، لا بد من الإشارة إلى ما أفاده بعض العلماء، حيث قال سماحة آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله) في جوابه على بعض الاعتراضات التي سيقت في نفس مجال الحديث، فدعا بعضها إلى تفريغ الشعائر تماما عن متعلقات السياسة، ودعا بعضها الآخر إلى التعامل مع هذه الشعائر كأداة متمحضة في علاج الجزئيات مما يتحرك في الشأن العام، قال: "إن المعصوم عدل القرآن، فهو القرآن الناطق، ومن هنا فإن المعصوم حاله حال القرآن، وحال الوحي، وحال الشريعة، إن عزلت الشعائر عن الواقع التطبيقي فهو كعزل القرآن عن الواقع البيئي الحياتي، فإذا لم يكن للشعائر الحسينية أي أداء لواقعنا المعاشي، وعزلت تماماً -كما في القول الأوَّل- فسوف تكون الحياة معزولة عن الدين، وكأنما الدين شيء، والدنيا شيء آخر.
ونفس هذا الجواب أيضاً نقوله على الاعتراض الثاني، وهو أنَّ إخلاء الشعائر الحسينية عن مضمونها الأصلي -فتصبح بحثاً عن الشجون-، فهذا أيضاً عزل للوحي عن الواقع المعاشي، ولكن بصورة شعار، وهو أن نعالج الشؤون المعاصرة، ونغفل حينئذٍ عن رؤى وأنوار الوحي، التي نستمدها من القرآن الناطق، والقرآن المجسم، الذي هو سيد الشهداء (عليه السلام).
إذاً الطريقة الوسط هي الطريقة المألوفة والمعهودة منذ القديم، أنه يستمد من الوحي بشكل مفاد عام، قالب عميق، كبروي، وأيضاً ينقح الموضوع كصغرى، وكواقع تطبيقي؛ ليستمد الحلول مع رعاية ودراسة الواقع الموضوعي من الوحي.
إذاً هو نوع من المواكبة، ولكن لمنهل ونمير العين الوحيانية لسيرة المعصوم، ومن ثم تطبق على واقع علاجنا"(9).
فلكي يُحفظ الهدف العام من ثورة الحسين (عليه السلام) في شعائر هذه الثورة نقول: لا تفريغ، ولا استغراق، لا تفريغ حتى عن مثل التوعية السياسية، ولا استغراق حتى إلى أدق التفاصيل؛ بحيث تكون صبغة الطرح بعيدة عن النَّفَس المعصوم لتلك التوعية، فينبغي أن يكون الطرح السياسي الإلهي المتداول في هذه الشعائر مستمداً من النصوص المعصومة، بما يتلاءم مع قامة الوحي، والعصمة، وهو فهم عميق، لا يمكن أن يكون بمعزل عن فهم الفقهاء العدول، الأمناء على هذه الثورة المقدسة، فلا بد من الموازنة الدقيقة، لكي لا يطغى جانب على جانب، فتبرز بذلك هذه الثورة على غير ما هي عليه في الواقع من عصمة، وسمو.
وقبل أن أنتقل إلى مناقشة الدعوة الثالثة، دعوني أتوقف قليلاً عند جزئية مهمة لها نحو ارتباط بالدعوة الثانية؛ ذلك من أجل التنبيه على دقة هذه الجزئية، واستثارة الشعور بحساسيتها، وهي جزئية تتعلق بالمبررات التي تدعو أصحاب هذه الدعوة إلى إطلاقها، فالسؤال: لماذا قد يأتي أحدهم ليرفض تسييس الشعائر الحسينية بهذا المعنى، رغم وضوح بطلان هذه الدعوة؟ ما هي المبررات لذلك؟!
الحقيقة أن مطلقي هذه الدعوة ليسوا على مذهب فكري واحد، فنستطيع أن نقسمهم إلى مذهبين:
الأول: من لا يهمه الحفاظ على هذه الثورة؛ لأنه لا ينتمي إليها أصلاً، ومبرر إطلاقه هذه الدعوة هو أنه يرى هذه الثورة عدوًا له، لما تشكله من خطر وتهديد لوجوده غير الشرعي، ويكمن هذا الخطر فيما يتم طرحه من مبادئ، وقيم، ومفاهيم حسينية، يراها تتناقض مع ما يريده، وبالتالي: فإن النتيجة ستكون هي رفض التسييس بهذا المعنى؛ لأنه تسييس حق، يتحقق به غرض الثورة الحسينية، فيهدد الوجودات الباطلة.
وغالباً ما يكون رفض التسييس بهذا المعنى لدى هذا الصنف مبنيّاً على مغالطة شنيعة، تخلط بين المعنى الأول للتسييس، وبين المعنى الثاني، فيقول: ترفّعوا عن تسييس الشعائر؛ حفاظا على قدسيتها!
أما الثاني: فهو قسم ينتمي إلى الحسين (عليه السلام)، ولكنه يرفض هذا النوع من التسييس رجوعاً إلى ذوق عام معين مستحكم فيه، له جذوره الفقهية، والشرعية، والاجتماعية، فيرى أن الحديث عن المفاهيم السياسية في الشعائر الحسينية هو زجّ لها في غير موضعها، وكثيراً ما يظهر تأثر بعض أصحاب هذه الفكرة بمغالطات الطغاة، حين يصورون هذا النوع من الطرح بأنّه نيل من قدسية الشعائر، وإن كان الكثير منهم ليس كذلك، حيث يراه ديناً، ورؤية شرعية، وهو محترم في رأيه بلا شك، ولكن عليه أن يحل ما تقدم من إشكال على هذه الرؤية، ليتمكن من إدخالها في حيز الإقناع.
ثم لا بد من التنويه أيضاً على أمر في غاية الأهمية، حيث ارتفعت في بعض الظروف الخاصة دعوات من فقهاء، وعلماء، مفادها: إبعاد الشعائر الحسينية عما أسموه بالتوتر الأمني، والذي قد يحصل عبر الإصرار على الجهر بالحقّ بطرق هي أقرب إلى الشخصنة، من دون الاكتفاء بطريقة الطرح العمومي، فتطرح عند بعض العلماء هنا مسألة صون الشعائر عن الاستهداف الظالم المباشر عبر هذه الاستفزازات المكلفة، والتي تعطي الطغاة مبررا جاهزًا لمنع هذه الشعائر من الأساس، فيكون الأمر هنا من باب دفع الأفسد بالفاسد، وتقديم الأهم على المهم، وهي حجة بعض الحريصين على هذه الشعائر المقدسة من علماء كبار، لهم فهمهم المتخصص المحترم.
وهذا الصنف -كما هو واضح- لا يرفض أصل التسييس الإلهي مطلقاً حتى يكون مندرجاً تحت أصحاب الدعوة الثانية، بل يرفض منه ما يتسبب في استهداف أصل الشعائر في ظروف خاصة، بحيث يكون الخيار بين أمرين في بعض الظروف الأمنية الصعبة: إما شعائر بلا تسييس بالمعنى المذكور، وإما تنتهي الشعائر مطلقاً، فنختار الأول على الثاني حتى تنتهي الظروف القاهرة على ذلك.
كما لا يخفى أيضاً أنّه لا وجود في هذا الطرح للدعوة إلى التنازل عن الطرح السياسي الإلهي، المتمثل في مواجهة الظلم، وفضح الطغاة، وإعلان البراءة منهم، وغير ذلك من مفاهيم التوعية السياسية الضرورية، بل إن هذا الطرح يصر على هذا النوع من التوعية إصراراً شديداً، وغاية ما في الأمر أنه يدعو إلى الدقة في ممارستها، بحيث لا تنقلب إلى أداة تنقض الغرض، فتأتي على هذه الشعائر من قاعها، فيعيش بذلك المؤمنون ضيقاً لم يكن له موجب، والعقل يقول: إن الحفاظ على الموجود دون تنازل عن جوهره، أولى من إضافة المؤكّدات عليه، مع التسبب في خسرانه كله، فنحن هنا نتكلم عن ضرورة التمسك بإعلان العنوان، والجهر به، مع التخلي عن تطبيق المصداق، ليس دائماً، بل من أجل ملاحظة ظروف موضوعية معينة، محددة بزمان خاص، ولا تنازل في ذلك عن أي مبدأ أبداً.
وقد يختلط الأمر على كثيرين، فيقومون بالنظر إلى هذه الدعوة بعين الريبة، والشك، وكأنّ مطلقيها رجال قد خرجوا من مستنقعات علمانية، أو نشؤوا في رفاه القصور، واعتادوا على أعتاب السلاطين! والله المستعان على ما يصفون.
وتقييم هذه الفكرة وتوضيحها يحتاج إلى بسط، والبت فيه بيد الفقهاء الأمناء العدول، وقد قال في ذلك سماحة القائد الفقيه البصير، آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله): "الإصلاح السياسي واحد من أبعاد الإصلاح المطلوبة لثورة كربلاء، وللإسلام، والإسلام في كل يوم ينادينا، ويوجب علينا أن نرفع صوتنا بالمطالبة بالإصلاح في ذكرى عاشوراء، وفي فوران دم عاشوراء، وفي مآسي يوم عاشوراء، ما يجعل هذا النداء لاهباً، وما يجعله أكثر انطلاقاً، مع ذلك علينا أن لا ننقل حالة التوتر الأمني إلى أجواء الموسم، فرق بين التوعية السياسية، والمطالبة بالإصلاح السياسي، والإصرار في الكلمة على العدل، وعلى المطالب السياسية التي يصلح بها الوضع، فرق بين هذا كله، وبين نقل حالة التوتر الأمني، والمواجهات الحادة الساخنة إلى موسم عاشوراء، وأجواء عاشوراء، أقول هذا ملتفتاً إلى أكثر من بعد، وأكثر من حيثية، ولا أريد التفصيل"(10).
من هنا أنتقل إلى الدعوة الثالثة: (التسييس الاجتهادي): ففي المساحات التي يُسمح فيها فقهياً ومنطقياً بالاختلاف السياسي بين أبناء الخط الواحد، هل يصحّ أن تُسحب هذه الاختلافات لساحة الشعائر الحسينية، فتُجَيَّر لصالح هذا الاختلاف؟!
في ذلك يقول سماحة آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله): "نقول: نعم لتسييس الشعائر، وفي نفس الوقت: لا لتسييس الشعائر، بمعنى أن نجعل الشعائر أو القرآن أو الوحي المجندة والمسيسة إلى سياسات أشخاص، أو فئات، فتكون قالبا بيد اتجاهات، فإنّه مهما تكون الفئات البشرية المعاصرة، ليست هي بأفق المعصوم، أو بأفق الوحي، فسوف تكون لها خصائصها الشخصانية المحدودة التي تتناولها، أو تتجاذبها النزعات الذاتية، والنفسانية، والتي ليست لها سعة بسعة الخلوص عن الذاتيات، وعن الأنانيات، والعرقيات، والقوميات، والفئويات، إلى رحاب خلوص وخلاص، إلى رحاب النظرة التوحيدية الخلوصية الإخلاصية الواسعة الأفق بحسب آفاق الخلقة الإلهية جمعاء. فإن لون الحسين (عليه السلام) لونه التوحيد، والشعائر لونها لون الدين كله، ولجميع البشر والفئات.
أمَّا إذا أريد أن تجير الشعائر الحسينية إلى سياسات ضيقة، وقزمة، بقامة الفئات، والجماعات، والأشخاص، ومن ثمَّ توظيفها لآفاقهم، ومآربهم المحدودة بحدودهم، وأغراضهم المؤقتة بنزعاتهم الذاتية، فسوف تلوث الشعائر الحسينية بتلوث الأنانية الفئوية، لأن هذا نوع من البرثنة لها -الشعائر- في حضيض ذاتيات وأنانيات وفئويات ضيقة، فإن الشعائر الحسينية وسيعة بوسع الدين، ووسيعة بوسع البشرية، وبوسع كل الفئات والجماعات، فإذا كانت هذه الشعائر المقدسة تتخذ لأجل جعلها سلاحًا يتخذه بعض الفئات لتمرير أهداف ونظرات محدودة لهم، فلا لتسييس الشعائر الحسينية بسياسات جزئية وضيقة.
نعم، الدين يعالج الكلي والجزئي، الوسيع والضيق، ولكن حصره في الأفق الضيق فهذا غير صحيح إطلاقاً، فإذا كان التسييس بهذا المعنى فنقول: لا لتسييس هذه الشعائر المقدسة.
ولكن من جهة أخرى نقول: نعم لتسييس الشعائر، إذا كانت بسياسات إلهية واسعة الأفق بسعة المبادئ، وبشفافية خالصة من كدورة العصبيات، وتمصلح الفئات، بسياسة يكون مركزها المعصوم، وبرنامج مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وبرنامج الثقلين، فإن المشروع الكبير الذي لدى الثقلين أضخم من مشروع الفئات، أو مشروع القومية الخاصة، والفئة الخاصة، فإن مشروع أهل البيت (عليهم السلام) يمتلك برمجة للفئات، وبرمجة للقوميات، بل لكل الجماعات، ولكن في ضمن المشروع الكبير، والضخم لسعادة كل المؤمنين، وكل المسلمين، وكل البشرية، بل لكل الموجودات التي تنفتح على مشروع الإمام المهدي (عليه السلام)، وينفتح على مشروع وأنوار أهل البيت (عليهم السلام) في أصقاع الأرض. فبهذا المعنى نقول: نعم لهذا التسييس الذي يسعى لإرساء العدالة، والعقل، والتعقل، والرقي العقلي، والروحي، والمعنوي في سائر الأرجاء ضمن شعار أهل البيت (عليهم السلام)"(11).
وقد أثبتت التجربة المتكررة، أنه كثيراً ما يتسبب هذا النوع من التسييس بالفتنة، وتمزيق الصف، فيُستغل في بث وتعزيز مفاهيم تتنافى مع الدين عملياً، ومع الأطروحة الإلهية، فتكون وسيلة لتصفية الحسابات، والنيل من الآخر المخالف، الذي قد أختلف معه في بعض الجزئيات المتعلقة بالساحة السياسية، وتكون أداة لنصرة فكرة على فكرة أخرى في غير المبادئ، بل في الساحة التي من الممكن أن يتحرك فيها حق الاجتهاد، إذا جاء وفق الضوابط، ومن أهل الاجتهاد، فأنتج خلافاً سياسياً أو اجتماعياً ضمن الحدود المسموح بها دينياً، وعقلائياً، وذلك يتلازم مع تقزيم الفكر الحسيني في اجتهاد يقصر صاحبه عن درجات العصمة.
ويمكن القول بأن هذا هو المقصود مما تناقلته بعض وسائل الإعلام، عن دعوات المراجع العظام في النجف الأشرف إلى ضرورة عدم تسييس الشعائر الحسينية في بعض المناسبات، كمناسبة زيارة الأربعين، ومناسبة رحيل الرسول الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، وغيرها.
وما ذُكر ينسحب أيضاً إلى المجالات الأخرى التي من الممكن أن تُطرح في الشعائر الحسينية على هذا النحو الضيق، كالمجال الفقهي، والمجال الاجتماعي، وغير ذلك من المجالات التي تشكل ساحات خصبة للصراعات التي تكون بين أفهام، وقراءات، واجتهادات، قد تخطئ، وقد تصيب.
نعم، لا بد من التفريق بين الدعوة إلى فصل الشعائر الحسينية عن ذلك لمحذور التقزيم، وبين نفس الاعتقاد الذي يحمله كل طرف من رؤية قابلة للنقاش حسب الفرض، فالإبعاد لا يعني عدم الحق في الاجتهاد ما دام وفق الضوابط.
كما أن الحديث هنا لا يشمل ضروريات المذهب، أو المسلمات، بل حتى المشهورات بين أعلام الطائفة، والمذهب، فإنه لا ريب في ضرورة طرح هذه المسلمات، رغم وجود من يخالفها؛ بياناً للحق، فليس من الصحيح التخلي عن بعض المسلمات الفكرية، والسياسية المبدئية، أو التنازل عن بعض جوهريات الإحياء، فقط من أجل عين بعض المشككين في حقانيتها، فإن ذلك يعدً محاربة إلى هذه الشعائر، التي طالما حافظ عليها فقهاؤنا الأعلام ببذل كل غال، ونفيس، حيث تلقوها يداً عن يد، متصلةً بأهل بيت العصمة (عليهم السلام)، ولا عين أكرم من عين المعصوم.
وفي النتيجة: فإن حفظ أهداف الثورة مسؤولية الجميع، وليس هو بالأمر السهل الذي يُترك البت فيه إلى أي أحد، وهذه أبحاث دقيقة تحتاج إلى قول عالم، فقيه، يكون قوله حجة مبرئة للذمة، فإن أمر الحسين (عليه السلام) صعب مستصعب، يهلك فيه الهالكون، وينجو فيه قليل من الناجين، فينبغي فيه التمسك بالنهج الذي خطه الحسين (عليه السلام) نفسه، بعيدًا عن الأهواء، وبعيدا عن الاجتهادات الانفعالية غير الحجة، من أجل حفظ أهداف الحسين (عليه السلام)، وحفظ ما أُطل من أجله دمه المقدس الطاهر.
***
* الهوامش:
(1) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج44، ص329، تحقيق محمد باقر البهبودي، ط2، س 1983م، ن مؤسسة الوفاء.
(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج44، ص329، تحقيق محمد باقر البهبودي، ط2، س 1983م، ن مؤسسة الوفاء.
(3) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج44، ص325، تحقيق محمد باقر البهبودي، ط2، س 1983م، ن مؤسسة الوفاء.
(4) موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام)، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام)، ص389، ط3، س 1995م، ن دار المعروف للطباعة والنشر.
(5) لواعج الأشجان، السيد محسن الأمين، ص131، ن منشورات مكتبة بصيرتي.
(6) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج45، ص49، تحقيق محمد باقر البهبودي، ط2، س 1983م، ن مؤسسة الوفاء.
(7) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج44، ص329، تحقيق محمد باقر البهبودي، ط2، س 1983م، ن مؤسسة الوفاء.
(8) مقدمة في أصول الدين، آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني، ص359.
(9) الموقع الإلكتروني لمكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند، المقالات، متفرقات، أسرار زيارة الأربعين، الحلقة التاسعة.
(10) جريدة الوسط، العدد 3364، محليات، الأربعاء، 23 نوفمبر، 2011م، الموافق: 27 ذي الحجة، 1432هـ.
(11) الموقع الإلكتروني لمكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند، المقالات، متفرقات، أسرار زيارة الأربعين، الحلقة التاسعة.
0 التعليق
ارسال التعليق