توطئة
قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾(2).
في زمن الثّقافات المتعدّدة، والأدبيّات المتنوِّعة - التي انفتحت بعمق على بعضها البعض في زمن المحرِّكات الإلكترونيّة والشبكة العنكبوتيّة من دون حدود وضوابط تحكم حركتها المتنامية والتي يحمل بعضها اتجاهًا ينأى بالمسلم عن جذور أصالته وعقيدته ومرتكزاتها التي يجب أنْ يعضّ عليهما بالنواجذ - تبرز أهمية القراءة الواعية التي يحثّ عليها الإسلام الحنيف من أجل قاعدة راسخة من تخوم الأرض حتى عنان السماء.
ولقد مضى الأوائل نحو ذلك المحراب القرآنيّ يقتفون أثره، فنالت الأمّة بذلك وسامًا تغبطها عليها باقي الأمم، وهو وسام (أمّة الإسلام أمّة اقرأ) إلا أنّ الاحتكاك الثّقافيّ، والتّبادل الحضاريّ على مرّ الزّمن لربما قد أثّرا بشكل ملحوظ على بعض شرائح وفئات المجتمع، فنحى بهم نحو منظومة تلك الثّقافات التّغريبيّة، ومن هنا وحرصًا على نقاء الثّقافة الإسلاميّة، وبقاء قِيَمِها حاضرة ماثلة في وعي (أمّة اقرأ) جاء شعار (اقرأ إسلامك...)؛
1. رَفْدًا لأهداف نداء القرآن الخالد.
2. وإمعانًا في تجذير تعاليم ومبادئ ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾؛ وذلك للأخذ بيد الجميع نحو أفق سامٍ، ورحاب ترفل فيه النّفس المسلمة بالانشداد نحو موروثها المضيئ كسابق عهدها بل وأكثر.
من أهداف الشِّعار
من ضمن سياق ما يسعى إلى تحقيقه المجلسُ الإسلاميّ العلمائيّ على أرض الواقع من خلال ما يؤمن به من رؤية تتمحور حول قاعدة (كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته)، والتي تقوم أسسها على إستراتيجيّة بناء أمّة قويّة تقف شامخة رابضة في مواقعها لا تزعزعها رياح التّغريب العاتية، ولا معاول الهدم؛ وذلك لتحقيق الأهداف السّامية الرّامية إلى:
1. التّشجيع على القراءة، والحثّ على المطالعة.
2. بناء القراءة الهادفة.
3. فرز الكتاب الهادف من الهادم.
4. إرشاد النّاس إلى الكِتاب المفيد.
5. تهذيب الثّقافة المتداولة نحو الإسلام.
6. توعية الآباء لمتابعة ما يقرأ أبناؤهم.
وصولاً إلى:
7. المحافظة على الهويّة الإسلاميّة للأمّة من الطّمس والتّشويه.
8. تنمية الوعي الإسلاميّ الشّامل للمجتمع.
9. صياغة الشّخصيّة الإسلاميّة الرّساليّة الهادفة المؤهلة لحمل الرّسالة ونشرها.
اقرأ إسلامك(3)
اقرأ إسلامك شعار المجلس لهذا العام، ولماذا أُضيف الإسلام لك فقيل (إسلامك) ولم يُقل اقرأ الإسلام؟ لأنّك اتخذت الإسلام خياراً يحدد لك خياراتك في الحياة، ويرسم لك الطريق، وربطت به مصيرك هنا، ومصيرك في الآخرة. وهو إسلامك قبل أن تختاره علناً لأنه خيار فطرتك التي لا خيار لها غيره.
ولماذا قراءة الإسلام؟ لأنه رسالة الله التي لا غنى لأحد عنها، ولأن هذه الرسالة هي المخرجة للعقول والقلوب والأوضاع والإرادات من الظلمات إلى النور، ولا سبيل للخروج من كلّ هذه الظلمات غير لإسلام.
وهذه بعض كلمات قصار تأتي في إطار الشعار المذكور "اقرأ إسلامك":
1. كيف نحترم الإسلام ونحن لا نعرفه؟! وكيف نعرفه ونحن لا نقرأه؟! وكيف يقرأه من لم يعدّ نفسه الإعداد القويّ الشامل لقراءته؟!
2. لتكون قراءتنا للإسلام أصدق وأعمق علينا أن نقرأه بالعقل والقلب والخبرة الواسعة والموضوعية معاً.
3. كلما تقدم بك مستواك فهماً وعلماً ورشداً وخبرة وتجربة حياة أوسع وأعمق، أمكن لك أن تأخذ من قراءتك للإسلام صورة له هي أصدق وأشع وأكمل، وفي كل مرة تكبر فيها ستكبر الصورة.
4. لو قرأنا الإسلام كل العمر وبكفاءات عالية فصحيح أننا سنتوفر منه على الكثير، ولكنّه لا يُساوي شيئا مما يثرى به الإسلام من كنوز.
5. ربما قرأ الإسلام من يعاديه ليحاربه ويحرّفه أكثر ممن يرضاه ويبلّغه، وفي ذلك تضييع للإسلام، وتغييب لحقائقه، فعلينا أن نقرأ الإسلام كثيرا لنُصْدِق حفظه وتبليغه.
6. لا يُقرأ الإسلام من أقلام معادية، ولا متزيّدة محابية، وإنما يقرأ من مصادره، ومن أقلام علمية نزيهة عالمة به، عارفة بهداه، أمينة عليه، حريصة على أن لا تزيد فيه ولا تنقص منه.
7. اقرأ من الإسلام جديداً تستطيعه بالمحاولة، ليأخذ بمستواك إلى جديد فوقه لم تَكن تستطيعه، ولا تبق عندما تجاوزته، ولا تقفز إلى ما لا تطال رغم الجدّ والمحاولة.
8. يُقرأ الإسلام في كتب الصادقين، وفي الكون والحياة، ولكل من ذلك أهميته.
9. يقرأ العارفون الجادّون الإسلام بما هو الدليل الصادق على الحياة، وليصوغوا أنفسهم وحياتهم، وحياة النّاس على ضوئه.
10. يوم أن تتوقف القراءة العلميَّة الجادّة للإسلام يكون قد بدأ يومُ انقراضه الحقيقي في حياة الناس، وتحوّله إلى شيء من الخرافات، والأفكار البائسة السقيمة.
11. قس إيمانك بالإسلام قبل أن تقرأه بعمق، وقسه بعد أن تقرأ الإسلام كذلك، فستجد أن إيمانك قد تعاظم، وسيزيد احترامك لنفسك والحياة، ويشتد أملك في المستقبل، وتتخلص من معضلات فكرية ونفسية كثيرة. نعم هكذا تفعل قراءة الإسلام.
12. على كل مسلم أن يقرأ في الحقل العلمي النافع الذي تخصص فيه للنهوض بمستواه ومستوى الأمة، أمّا قراءة الإسلام فحاجة الجميع ومسؤولية الجميع.
* الهوامش:
(1) موقع المجلس الإسلامي العلمائي،"شعار المجلس"، شعار المجلس 1430 هـ، مقتطفات من "تعريف بشعار اقرأ إسلامك".
(2) سورة العلق: 1-5.
(3) سماحة العلامة الشيخ عيسى أحمد قاسم، خطبة الجمعة (356) 17 صفر 1430هـ 13 فبراير 2009م.
0 التعليق
ارسال التعليق