القرآن كلام الله الخالد، وهو حبله المتين، وسببه الأمين، وهو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، فيه ربيع القلب وينابيع العلم، وما للقلب جلاءٌ غيره(1). وقد تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه وصيانته من جميع النواحي، كالتحريف والتلف والضياع، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(2).
ومن منن الله عز وجل الكبرى وآلائه الجمة التي أسبغها على المسلمين الشيعة، أن حباهم للمساهمة في تحقيق هذا التعهد الإلهي بحفظ القرآن الكريم. فعلى الرغم من كثرة السهام المسمومة التي رشقت مستهدفةً المسلمين الشيعة على مر التاريخ، إلا أنهم قد حازوا على قصب السبق في شتى الميادين والمجالات، وبصماتهم قد لمعت في كبريات القضايا المصيرية، ابتغاءً لمرضاة الله سبحانه وتعالى ورفعةِ الإسلام وعزةِ المسلمين. ومن أقدس هذه القضايا وأهمها على الإطلاق، المساهمة الفاعلة في حفظ القرآن الكريم.
أول من جمع القرآن الكريم:
جاء في بعض أحاديث جمع القرآن من طرق أهل السنة أن أول من جمع القرآن هو الخليفة الأول أبو بكر الصديق(3)، حيث إن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بقراء القرآن، وقد سأل أبو بكر زيدَ بن ثابت النظر في ذلك، فأبى حتى استعان عليه بعمر، ففعل(4). وجاء في بعض آخر من الأحاديث أن أول من جمع القرآن هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فقد سأل عمر عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، وأمر بجمع القرآن فجُمِع، فكان أول من جمعه في المصحف(5). وجاء في بعض آخر من الأحاديث أيضاً أن أول من جمع القرآن هو الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حيث إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينيةَ وأذربيجانَ مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام، فنسخوها في المصاحف.(6)
ويلاحظ على أحاديث جمع القرآن التي وردت من طرق أهل السنة أنها متناقضة، فلا يمكن الاعتماد على شيء منها(7)، علماً بأن هذه الروايات معارضة بروايات أخر ـ وردت من طرق أهل السنة ـ دلت على أن القرآن كان قد جُمع وكُتب على عهد رسول الله(ص)، حيث روى قتادة: قال: (سألتُ أنس بن مالك: مَنْ جمع القرآن على عهد النبي؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد)(8). مضافاً إلى أن هذه الروايات معارضة بالكتاب، فإن كثيراً من آيات الكتاب الكريم دالةٌ على أن سور القرآن كانت متميزةً في الخارج بعضها عن بعض، وأن النبي(ص) قد تحدى الكفار والمشركين على الإتيان بمثل القرآن، وبعشر سور مثله مفتريات، وبسورة من مثله، ومعنى هذا أن سور القرآن كانت في متناول أيديهم.(9)
نعم، قال الحارث المحاسبي:(المشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد، على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات)(10). علماً بأن من جاء بفكرة توحيد المصاحف على عهد عثمان هو حذيفة بن اليمان(11)، وهو أحد الأركان الأربعة من أصحاب أمير المؤمنين(12)، سكن الكوفة، ومات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين(ع) بأربعين يوماً(13). ولم ينتقد عثمان أحد من المسلمين على عمله هذا؛ وذلك لأن الاختلاف في القراءة كان يؤدي إلى الاختلاف بين المسلمين وتمزيق صفوفهم، بل كان يؤدي إلى تكفير بعضهم بعضاً، ولكن الأمر الذي انتقد عليه هو إحراقه لبقية المصاحف حتى سمي بحَرَّاق المصاحف.(14)
وفي صدد تفنيد الهدف المعلن الذي دعا الخلفاء الثلاثة لجمع القرآن، قال الكاتب أحمد حسين يعقوب في كتابه مساحة للحوار: (ثم إن السبب المعلن الذي دعا الخلفاء الثلاثة لجمع القرآن الكريم هو خشيتهم من أن يقتل حفظة القرآن، وبالتالي يضيع القرآن، وبضياعه يضيع الدين. كيف يحتاط الخلفاء الثلاثة لحفظ القرآن ويخشون ضياعه إن لم يكتب، ولا يحتاط النبي ولا يخشى ضياعه وهو الأعلم والأبعد نظراً منهم؟ فهل هم أحرص على القرآن وعلى الدين من النبي؟)(15)، وقال أيضاً: (كانت عند علي بن أبي طالب نسخة مكتوبة من هذا القرآن، وإن المئات من الصحابة كانت لديهم نسخ مكتوبة ومجموعة من القرآن الكريم، وكل ما في الأمر أنه لما بدأت الفتوحات صارت شعوب البلدان المفتوحة تسأل عن هذا القرآن، فكتب قادة الجيوش لأبي بكر بوصفه الخليفة، فتبنى أبو بكر بمساعدة أركان دولته عملية استنساخ عدد من نسخ القرآن المكتوبة والمجموعة، وأرسلها إلى قادة جيشه. وتكررت العملية مع عمر عندما تولى الخلافة، وتكررت مع عثمان عندما آلت إليه الخلافة، ولا خلاف في أن عثمان بن عفان قد منع قراءات القرآن المعتمدة وحصرها في قراءة واحدة ارتضاها شخصياً، وصارت هي القراءة الرسمية المعتمدة من دولة الخلافة)(16)، وقال مير محمدي في كتابه بحوث في تاريخ القرآن: (أما بالنسبة لما ورد من أن الجمع كان في زمن أبي بكر، فالظاهر أن مقصودهم هو أن أبا بكر قد أمر زيداً أن يستنسخ مصحفاً له من تلك الصحف المكتوبة على عهد النبي(ص)، والمجموعة في مكان واحد، وقد أشار إلى هذا أبو شامة حيث قال في المقام: وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي(ص)، لا من مجرد الحفظ).(17)
رأي علماء الشيعة في جمع القرآن الكريم:
أما علماء الشيعة فقد قالوا بأن أول من جمع القرآن الكريم وكتبه هو الإمام علي بن أبي طالب(ع)، وقد وافقهم في ذلك بعض علماء أهل السنة، قال ابن سعد في الطبقات الكبرى:(أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب بن عون عن محمد قال علي: آليت بيمين أن لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة حتى أجمع القرآن. قال: فزعموا أنه كتبه على تنزيله، قال محمد: فلو أصيب ذلك الكتاب كان فيه علم)(18)، وقال العلامة أبو المؤيد أخطب خوارزم في المناقب: (أنبأني أبو العلاء الحسن بن أحمد... (إلى أن قال): عن علي بن رباح أنه قال: جمع القرآن على عهد رسول الله(ص) علي بن أبي طالب)(19)، وقال ابن الأثير في أسد الغابة: (وهو ـ أبو بكر ـ أول من جمع القرآن، وقيل علي بن أبي طالب أول من جمعه)(20)، وقال: قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: (اتفق الكل على أنه ـ أي علي بن أبي طالب ـ كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله(ص)، ولم يكن غيره يحفظه، ثم هو أول من جمعه، نقلوا كلهم أنه تأخر عن بيعة أبي بكر، فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من أنه تأخر مخالفةً للبيعة، بل يقولون تشاغل بجمع القرآن، فهذا يدل على أنه أول من جمع القرآن، لأنه لو كان مجموعاً في حياة رسول الله(ص) لما احتاج أن يتشاغل بجمعه بعد وفاته)(21)، وقال ابن جزي الكلبي: (كان القرآن على عهد رسول الله(ص) مفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي جمعه علي ابن أبي طالب على ترتيب نزوله)(22)، وقال ابن حجر: (وقد ورد أن علياً جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي(ص). أخرجه ابن أبي داود)(23)، وقال العلامة المحدث الشيخ علي بن برهان الدين الشافعي في السيرة الحلبية:) وهو ـ أي علي بن أبي طالب(رض) ـ أول من جمع القرآن وسماه مصحفاً)(24).
وأما علماء الشيعة، فبعد اتفاقهم على أن الإمام علي بن أبي طالب(ع) هو أول من جمع القرآن وكتبه، إلا أنهم اختلفوا في توقيت ذلك تبعاً لاختلاف الأخبار، فبعضهم ذهب إلى أن القرآن قد جمع في حياة النبي(ص)، بينما البعض الآخر ذهب إلى أن الجمع قد حصل بعد وفاته(ص) مباشرةً وبأمر منه.
جاء في كتاب مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي: (عن السدي قال: قال ابن عباس: أول من أسلم علي قبل الناس بسبع سنين، وكان أول من جمع القرآن)(25)، وقال الشيخ الصدوق: (إن القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على محمد(ص) هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس)(26)، وقال علم الهدى السيد المرتضى:(كان القرآن على عهده(ص) مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن. واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، حتى عين جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبي(ص) ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي(ص) عدة ختمات. وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث).(27)
وقال الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي:(وأما الروايات عن أهل البيت(ع) في أن علياً أول من جمع القرآن على ترتيب النزول، ففوق حد الإحصاء)(28)، وأورد السيد نعمة الله الجزائري في كتابه نور البراهين أنه روي أن أمير المؤمنين(ع) لما جمع القرآن بعد وفاة النبي(ص)، شده بردائه وأتى به إلى المسجد إلى أبي بكر وأصحابه، وأخبرهم أن هذا القرآن كما أنزل، وأن النبي(ص) أمره بجمعه، فقال الأعرابي: لا حاجة بنا إليه، عندنا مثله، فحمله(ع) وقال: لن يراه أحد حتى يظهر ولدي المهدي، فيحمل الناس على تلاوته والعمل بأحكامه، ولما تخلف الأعرابي أرسل إلى أمير المؤمنين(ع) حيلةً منه على إحراقه، كما أحرق قرآن ابن مسعود، فلم يرضَ(ع))(29)، وقال الميرزا محمد المشهدي في تفسير كنز الدقائق: (فقد كان ـ الإمام علي(ع) ـ أول من جمع القرآن وعلى هامشه الكثير من تفسير مجمله وتبيين معضله، كان(ع) قد شرح أسباب النزول، وبين مواقعه وتواريخه، والأفراد أو الجماعات الذين نزلت فيهم الآيات، كما كان قد أشار إلى مواقع عموم الآيات من خصوصها ومطلقها ومقيداتها وناسخها ومنسوخها ومجملها ومبينها، بل وجميع ما يحتاج إليه المراجع عند فهم الآيات، كل ذلك على الهامش، تتميماً للفائدة)(30)، وقال الشيخ محمد هادي معرفة في كتابه تلخيص التمهيد: (أول من تصدى لجمع القرآن بعد وفاة النبي(ص) مباشرةً وبوصية منه هو علي بن أبي طالب(ع)، قعد في بيته مشتغلاً بجمع القرآن وترتيبه على ما نزل، مع شروح وتفاسير لمواضع مبهمة من الآيات، وبيان أسباب النزول ومواقع النزول بتفصيل حتى أكمله على هذا النمط البديع)(31)، وقال السيد عبد الحسين شرف الدين: (كان القرآن مجموعاً أيام النبي(ص) على ما هو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره وكلماته وحروفه بلا زيادة ولا نقصان).(32)
وقال السيد الخوئي في كتابه (البيان في تفسير القرآن) مستدلاً على جمع القرآن بروايات الثقلين: (إن أخبار الثقلين المتظافرة تدلنا على أن القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله(ص))(33)، وقال في موضع آخر: (وقد أطلق لفظ الكتاب على القرآن في كثير من آياته الكريمة، وفي قول النبي(ص):(إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي)، وفي هذا دلالة على أنه كان مكتوباً مجموعاً؛ لأنه لا يصح إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور، بل ولا على ما كتب في اللحاف والعسب والأكتاف، فإن لفظ الكتاب ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي، ولا يطلق على المكتوب إذا كان مجزءاً غير مجتمع، فضلاً عما إذا لم يكتب، وكان محفوظاً في الصدور)(34)، وقال أيضاً: (إن المتصفح لأحوال الصحابة وأحوال النبي(ص) يحصل له علم اليقين بأن القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله(ص)، وأن عدد الجامعين له لا يستهان به)(35)، وقال السيد محمد باقر الحكيم في كتابه علوم القرآن: (وهذه العناصر الخمسة ـ أهمية القرآن الكريم، والخطر في تعرضه للتحريف بدون التدوين، وإدراك النبي(ص) لهذا الخطر، ووجود إمكانات التدوين، وحرص النبي(ص) على القرآن والإخلاص له ـ هي التي تكون اليقين بأن القرآن الكريم قد تم جمعه وتدوينه في زمن الرسول(ص)؛ لأن أهمية القرآن الذاتية مع وجود الخطر عليه والشعور بهذا الخطر، وتوفر أدوات التدوين والكتابة، ثم الإخلاص للقرآن، حين تجتمع لا يبقى مجال للشك بتدوين القرآن في عهد رسول الله(ص) وكتابته في زمانه).(36)
ويقول أبو محمد الخاقاني في كتابه مع الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب: (من البعيد جداً أن يمضي رسول الله من هذه الدنيا ثم لا يأمر بجمع ما نزل عليه من سور وآيات يريد أن يتحدى بها الكافرين عامةً، ويريد أن يجعلها نبراساً لأمته، ومرجعاً لمن أراد أن يرجع لأصول الدين وفروعه، وقوله(ص): (إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله و..) يدل على أن كتاب الله كان مجموعاً ومهيئاً للرجوع له، وهذا قول عمر في ذلك الحين: (يكفينا كتاب الله، ما فرط الله فيه من شيء)، فإن هذه قرائن صحيحة تدل على أنه كان مجموعاً وجاهزاً للرجوع والاستفادة منه في المهمات والأزمات. وإذا ثبت أنه جمع فليس هناك جامع له إلا علي بن أبي طالب؛ لأنه هو الشخص الوحيد من كتاب الوحي الذي كان طوع أمر الرسول وحاضراً عنده في سفره وحضره، وهو الذي لازمه ملازمة الظل من أول بعثته، أي من أول نزول الوحي إلى ساعة وفاته).(37)
أقول: طريق الجمع بين الأخبار والأقوال التي تتفق على أن الإمام علي بن أبي طالب(ع) هو أول من جمع القرآن ـ على الرغم من اختلافها في التوقيت ـ هو أنه من المحتمل أن الإمام(ع) قد جمع القرآن مرتين، الأولى كانت في عهد الرسول(ص)، حيث إنه كتبه بإملاء من الرسول(ص)، وجمعه في مصحف واحد كنص قرآني، من دون شرح وتفسير للمواضع المبهمة من الآيات، ومن دون بيان أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والخاص والعام، أما الجمع الثاني فقد كان جمعاً تفسيرياً إضافةً إلى النص القرآني، فقد كان على هامشه الكثير من تفسير المجمل وتبيين المعضل، وشرح أسباب النزول، وبيان المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، والأفراد والجماعات التي نزلت فيهم الآيات، وجميع ما يحتاج إليه الناس.
ويؤيد ذلك جملة من النصوص ـ إضافةً لما تقدم ـ منها ما أورده الكليني في الكافي في رواية عن الإمام الصادق(ع) حيث قال:(إذا قام القائم(ع) قرأ كتاب الله عز وجل على حده، وأخرج المصحف الذي كتبه علي(ع) وقال: أخرجه علي(ع) إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد(ص)، وقد جمعته بين اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا)(38)، فيظهر من هذه الرواية بأن المصحف الذي أخرجه علي(ع) إلى الناس هو غير المصحف الذي عندهم، أي أن هناك مصحفاً آخر، وأيضاً ما ذكره ابن شهرآشوب في مناقبه، حيث قال: (وفي أخبار أهل البيت(ع): أنه(ع) آلا على نفسه أن لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه، فانقطع عنهم مدةً إلى أن جمعه، ثم خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاع الألبة. فقالوا: لأمرٍ ما جاء أبو الحسن، فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم، ثم قال: إن رسول الله(ص) قال: (إني مخلفٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي). وهذا الكتاب وأنا العترة. فقام إليه الثاني وقال له: إن يكن عندك قرآنٌ فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل(ع) الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة).
وفي خبر طويل عن الإمام الصادق(ع): أنه حمله وولى راجعاً نحو حجرته وهو يقول: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(39).
وخلاصة القول إن الإمام علي بن أبي طالب(ع) هو أول من جمع القرآن الكريم، سواء كان ذلك في حياة الرسول(ص) أم بعد مماته، والإمام علي(ع) هو من ينتسب المسلمون الشيعة له، فقد قال الشهرستاني في الملل والنحل: (الشيعة هم الذين شايعوا علياً وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصايةً)(40)، وأخرج ابن عدي عن ابن عباس أنه قال: (لما نزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} قال النبي(ص) لعلي : هم أنت وشيعتك).(41)
أول من أشار بضرورة اجتماع المسلمين على القراءة المتواترة:
ذكرنا فيما سبق بأن حذيفة بن اليمان هو من جاء بفكرة توحيد المصاحف في عهد عثمان بن عفان، حيث إن الخلاف بين المسلمين أخذ مأخذه بسبب الاختلاف في قراءتهم للقرآن الكريم، وهو ما سوغ للبعض أن يكفر البعض الآخر بسبب هذا الاختلاف، فبادر(رض) لنزع فتيل الفرقة بين المسلمين، وطرح فكرة توحيد القراءة على ضوء القراءة المتواترة(42). وهذا الصحابي الجليل هو حذيفة بن اليمان القطعي العبسي أبو عبد الله حليف بني عبد الأشهل، الذي توفي بالمدائن في الخامس من صفر سنة 36 بعد بيعة أمير المؤمنين علي(ع) بأربعين يوماً، وكانت بيعته لخمسٍ بقين من ذي الحجة سنة 35، (واليمان) نسبة إلى اليمن، وقياس النسبة فيه يَمَنِيٌّ، ولكنهم قالوا :يماني، ويمان بحذف ياء النسبة على خلاف القياس، وكأنهم في يمان جعلوا الألف عوضاً عن ياء النسبة المحذوفة، وربما قالوا يمني على القياس، وقد اتفق الكل على أنه يكنى أبا عبد الله، شهد حذيفة أحداً هو وأبوه حسل أو حسيل بن جابر بن اليمان، وقتل أباه يومئذ المسلمون خطأً، يحسبونه العدو، وحذيفة يصيح بهم فلم يفقهوا قوله حتى قتل، فلما رأى حذيفة أن أباه قد قتل استغفر للمسلمين فقال: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فبلغ ذلك رسول الله(ص) فزاده عنده خيراً(43).
كان له من الأولاد سعد أو سعيد وصفوان(44).وروى الكشي في ترجمة سلمان الفارسي عن جبرئيل بن أحمد الفارياني البرناني حدثني الحسين بن خرذاذ حدثني ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة عن أبي جعفر(ع) عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب(ع) قال: (ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون، منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة رحمة الله عليهم، وكان علي(ع) يقول : (وأنا إمامهم، وهم الذين صلوا على فاطمة-ع-).
وقال أيضاً في ترجمة عبد الله بن مسعود : سئل الفضل بن شاذان عن ابن مسعود وحذيفة، فقال : لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود؛ لأن حذيفة كان زكياً وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم. وقال أيضاً: إن من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين(ع) حذيفة، وعد معه جماعة(45)، وجاء في رجال بحر العلوم: (وجلالة حذيفة وشجاعته وعلمه ونجدته وتمسكه بأمير المؤمنين(ع) ظاهرة بينة وهو من كبار الصحابة)(46)، وقال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: (إن جلالة حذيفة وولاءه لأمير المؤمنين(ع) واضحة ومشهورة).(47)
وقال المسعودي في مروج الذهب : (واستشهد في هذا اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان، وقد كان حذيفة عليلاً بالكوفة في سنة ست وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي(ع) فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة، فوُضِعَ على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وعلى آله. ثم قال: أيها الناس إن الناس قد بايعوا علي بن أبي طالب فعليكم بتقوى الله وانصروا علياً وآزروه، فوالله إنه لعلى الحق آخراً وأولاً، وإنه لخير من مضى بعد نبيكم ومن بقي إلى يوم القيامة، ثم أطبق يمينه على يساره، ثم قال : اللهم اشهد أني قد بايعت علياً. وقال: الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم، وقال لابنيه صفوان وسعد: احملاني وكونا معه، فستكون له حروب كثيرة يهلك فيها خلق من الناس فاجتهدا أن تستشهدا معه، فإنه والله على الحق ومن خالفه على الباطل، ومات بعد هذا بسبعة أيام وقيل: بأربعين يوماً).(48)
وجاء في شرح نهج البلاغة: (قال حذيفة بن اليمان لو قسمت فضيلة علي(ع) بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم)(49). وقال أيضاً: (روى قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي، عن ربيعة بن مالك السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان فقلت: يا أبا عبد الله، إن الناس يتحدثون عن علي بن أبي طالب ومناقبه، فيقول لهم أهل البصرة: إنكم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل، فهل أنت محدثي بحديث عنه أذكره للناس؟ فقال يا ربيعة، وما الذي تسألني عن علي؟ وما الذي أحدثك عنه؟ والذي نفس حذيفة بيده لو وضع جميع أعمال أمة محمد(ص) في كفة الميزان منذ بعث الله تعالى محمداً إلى يوم الناس هذا، ووضع عمل واحد من أعمال علي في الكفة الأخرى لرجح على أعمالهم كلها، فقال ربيعة: هذا المدح الذي لا يقام له ولا يقعد ولا يحمل، إني لأظنه إسرافاً يا أبا عبد الله! فقال حذيفة: يا لكع، وكيف لا يحمل؟! وأين كان المسلمون يوم الخندق؟ وقد عبر إليهم عمرو وأصحابه فملكهم الهلع والجزع، ودعا إلى المبارزة فأحجموا عنه حتى برز إليه علي فقتله! والذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجراً من أعمال أمة محمد(ص) إلى هذا اليوم وإلى أن تقوم القيامة).(50)
فتلخص مما ذكر أن ولاءه وتشيعه لأمير المؤمنين(ع) ورجوعه إليه ظاهر، وهو من الأركان الأربعة، ومن جملة الذين صلوا على فاطمة الزهراء(ع).
أول من أملى القرآن الكريم:
حينما أراد عثمان بن عفان تنفيذ فكرة توحيد المصاحف التي اقترحها حذيفة ابن اليمان، ندب نفراً يخصونه، وهم أربعة: زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبدالله بن الزبير، وعبد الرحمن بن الحارث.(51) وكان هؤلاء الأربعة هم النواة الأولية التي انعقدت بهم لجنة توحيد المصاحف، وقد كانت تعوزهم الكفاءة، فلذا اضطروا للاستعانة بآخرين، وكان أبرز من استعانوا به هو أبي بن كعب(52)، فأصبح رئيساً لهذه اللجنة، وقد جمعوا القرآن من مصحفه، فكان هو يملي عليهم ويكتب الآخرون.(53) قال السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية: (أبي بن كعب: أبو المنذر، سيد القراء، وكاتب الوحي عقبي بدري، فقيه قار، أول من كتب للنبي(ص) من الأنصار، وهو من فضلاء الصحابة ومن أعيانهم. وروى الجمهور عن النبي(ص): أنه قال:(أقرؤكم أبَيُّ). وكفى دليلاً على فضله وجلالته قوله(ص):(إن الله أمرني أن أقرأ عليك)، وقوله(ص):(ليهنئك العلم أبا المنذر). مات في زمن عمر، فقال عمر يوم مات:(مات اليوم سيد المسلمين)، ذكره أبو الحسين في (الإيضاح) عند ذكر الدرجات، فيمن له درجة العلم بالكتاب وذكره العلامة، وابن داود في القسم الأول من كتابيهما، وهو من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر تقدمه وجلوسه في مجلس رسول الله(ص)، قال له: (يا أبا بكر، لا تجحد حقاً جعله الله لغيرك، ولا تكن أول من عصى رسول الله(ص) في وصيه وصفيه، وأول من صدف عن أمره، اردد الحق إلى أهله تسلم، ولا تتماد في غيك فتندم، وبادر بالأمانة يخف وزرك، ولا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقى وبال عملك، فعن قليل تفارق ما أنت فيه، وتصير إلى ربك، فيسألك عما جنيت، وما ربك بظلام للعبيد).
وفي مناقب ابن شهرآشوب: (أنه لما قال له النبي(ص): إن الله أمرني أن أقرأ عليك، قال أبَي: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، وقد ذُكِرْتُ هناك؟ قال: نعم، باسمك ونسبك، فأرعد أبَيُّ، فالتزمه رسول الله(ص) حتى سكن). وقال: (قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا، هو خيرٌ مما يجمعون).(54) وقال كاشف الغطاء: (وكان (رحمه الله تعالى) من المخلصين الموالين لأهل البيت -ع-).(55) وجاء في معجم رجال الحديث:( قال الشيخ: أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، من أصحاب رسول الله(ص)، يكنى أبا المنذر، شهد العقبة مع السبعين، وكان يكتب الوحي، آخى رسول الله(ص) بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، شهد بدراً والعقبة الثانية، وبايع رسول الله(ص). وذكره البرقي وقال: (عربي مدني من بني الخزرج). وعدّه في آخر رجاله من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر. وذكره ـ كذلك ـ الصدوق في الخصال في أبواب الاثني عشر.(56) وروى الشيخ الكليني عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: (أما نحن فنقرأ على قراءة أبَي).(57)
أول من نقط القرآن نقط إعراب:
أبو الأسود الدؤلي هو أول من نقط القرآن نقط إعراب، وذلك بأن توضع نقاط على الحروف تميز حركة إعرابها، كما هو شأن حركات الإعراب في الوقت الحاضر.(58) وأورد ابن حجر في الإصابة: (قال أبو علي القالي: حدثنا أبو إسحاق الزجاج، حدثنا أبو العباس المبرد قال: أول من وضع العربية ونقط المصحف أبو الأسود، وقد سئل أبو الأسود عمن نهج له الطريق، فقال: تلقيته من علي بن أبي طالب(ع)).(59) وبعضهم ادعى أن أول من نقط القرآن هو يحيى بن يعمر الآتي ذكره، لعدم تفريقه بين نقط الإعراب ونقط الإعجام.
و أبو الأسود الدؤلي، اسمه ظالم بن عمرو، أو ظالم بن ظالم، أو عمرو بن ظالم، هو قاضي البصرة ثقة ابتكر النحو، واستظهر بعض مدحه في الأخبار بحيث يمكن عد حديثه حسناً، وعن يحيى بن البطريق أنه من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام، ومن شيعة أمير المؤمنين علي(ع).(60) وقال السيد الخوئي: (عدّه الشيخ (تارةً) من أصحاب علي(ع)، قائلاً:(ظالم بن ظالم، وقيل ظالم بن عمرو، يكنى أبا الأسود الدؤلي). و(أخرى) من أصحاب الحسن(ع)، قائلاً:(ظالم بن عمرو ويقال: ظالم بن ظالم، يكنى أبا الأسود الدؤلي). (ثالثةً) من أصحاب الحسين(ع)، قائلاً:(ظالم بن عمرو، ويكنى أبا الأسود الدؤلي). و(رابعةً) في أصحاب السجاد(ع)، وقال مثل ما قال أخيراً.(61) وردَّ أبو الأسود الدؤلي على من لامه لحب أهل البيت(ع) قائلاً:
أمفندي في حب آل محمد
حجرٌ بفيك فدع ملامك أو زد
من لم يكن بحبالهم متمسكاً
فليعترف بولاء من لا يرشد
وقال أبو الأسود ـ يرد على بني قشير الذين عابوا عليه ولاءه للإمام أمير المؤمنين(ع) وأهل بيته ـ :
أحب محمداً حباً شديـ
ـداً وعباساً وحمزة والوصيا
وجعفراً إن جعفراً خير شهيـ
ـد في الجنان مهاجريا
هوى أعطيته منذ استدارت
رحى الإسلام لم يعدل سويا
يقول الأرذلون بنو قشير
طوال الدهر لا تنسى عليا
فقلت لهم: وكيف يكون
تركي من الأعمال ما يقضي عليا
بنو عم النبي وأقربوه
أحب الناس كلهم إليا(62)
وقال ابن سعد: (أبو الأسود الدؤلي، واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان... وكان شاعراً متشيعاً، وكان ثقةً في حديثه).(63) وقال الواقدي: (أسلم في حياة النبي(ص)). وقال غيره:(قاتل أبو الأسود يوم الجمل مع علي بن أبي طالب، وكان من وجوه الشيعة، ومن أكملهم عقلاً ورأياً. وقد أمره علي(رض) بوضع شيء في النحو لما سمع اللحن. قال: فأراه أبو الأسود ما وضع، فقال علي: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، فمن ثم سمي النحو نحواً).(64)
أول من نقط القرآن نقط إعجام:
يحيى بن يعمر ـ تلميذ أبي الأسود الدؤلي ـ هو أول من نقط القرآن نقط إعجام(65)، وهو وضع النقط المعروفة على الحروف، وذلك للتمييز بين الحروف المتشابهة بالشكل كالباء والتاء والثاء، وهو يحيى بن يعمر العدواني الوشقي المضري البصري التابعي، توفي قبل المائة وقيل بعدها سنة 120، ويقول في معجم الأدباء إن وفاته سنة 129، ويقول إنه لقي عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر وروى عنه قتادة السدوسي وجماعة، ولد بالبصرة ومنشؤه خراسان، والعدواني نسبة إلى عدوان قيس بن غيلان بن مضر، وكان عداده في بني ليث بن كنانة أحد قراء البصرة، وعنه أخذ عبد الله بن إسحاق القراءة، كان إمام القراء بالبصرة، عالماً بالقرآن فقيهاً نحوياً لغوياً.(66)
وله مناظرة لطيفة في الحسنين(ع) مع الحجاج ابن يوسف أمير الكوفة، أوردها الكراجكي في كتابه كنز الفرائد، خبر يحيى بن يعمر مع الحجاج بوجه مبسوط فقال: (قال الشعبي كنت بواسط وكان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع الحجاج فخطب خطبةً بليغةً فلما انصرفت جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالساً مستوفزاً قال: يا شعبي هذا يوم أضحى وقد أردت أن أضحي فيه برجل من أهل العراق، وأحببت أن تسمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به، فقلت: أيها الأمير، أَوَ تَرَى أن تستن بسنة رسول الله(ص) وتضحي بما أمر أن يُضحى به وتفعل مثل فعله وتدع ما أردت أن تفعله في هذا اليوم العظيم إلى غيره، فقال: يا شعبي إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على الله وعلى رسوله وإدخال الشبهة في الإسلام، قلت: أفيرى الأمير أن يعفيني من ذلك؟ قال: لا بد منه. ثم أمر بنطع فبسط، وبالسياف فأحضر، وقال: أحضروا الشيخ فأتوا به، فإذا هو يحيى بن يعمر، فاغتممت غماً شديداً وقلت في نفسي وأي شيء يقوله يحيى مما يوجب قتله؟ فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم العراق؟ قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء العراق. قال فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله؟ قال ما أنا زاعم ذلك بل قائله بحق. قال: وبأي حق قلته؟ قال: بكتاب الله عز وجل.
فنظر إليَّ الحجاج وقال: اسمع ما يقول، فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله(ص)؟! فجعلت أفكر في ذلك فلم أجد في القرآن شيئاً يدل على ذلك. وفكر الحجاج ملياً ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل:{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَة اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، وأن رسول الله(ص) خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين؟ قال الشعبي: فكأنما أهدى إلى قلبي سروراً. وقلت في نفسي قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظاً للقرآن، فقال له يحيى: والله إنها لحجة من ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتج لما قلت، فاصفر وجه الحجاج وأطرق ملياً ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال له: إن أنت جئت من كتاب الله عز وجل بغيرها في ذلك فلك عشرة آلاف درهم، وإن لم تأت بها فأنا في حل من دمك، قال نعم.
قال الشعبي فغمني قوله وقلت: أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته، لئلا يقال إنه قد علم ما قد جهله هو. فقال يحيى للحجاج: قول الله عز وجل{وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} من عنى بذلك؟ قال الحجاج: إبراهيم(ع). قال: فداود وسليمان من ذريته؟ قال: نعم. قال يحيى: ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته؟ فقرأ الحجاج:{وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى}. قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ولا أب له؟ قال: من قبل أمه مريم. قال يحيى: فمن أقرب، مريم من إبراهيم أم فاطمة من محمد(ص)؟ وعيسى من إبراهيم أم الحسن والحسين من رسول الله(ص)؟ قال الشعبي: فكأنما ألقمه حجراً. فقال: أطلقوه قبَّحه الله وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم، لا بارك الله له فيها، ثم أقبل علي فقال: قد كان رأيك صواباً ولكنا أبيناه، ودعا بجزور، فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه، وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ولم يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجماً).(67)
وقال ابن خلكان: (كان تابعياً عالماً بالقرآن والنجوم وكان شيعياً من الشيعة الأول، يتشيع تشيعاً حسناً، يقول بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لأحد من الصحابة (رضي الله تعالى عنهم)).(68) وجاء في شذرات الذهب: (وكان يفضل أهل البيت من غير تنقيص لغيرهم).(69)
أول من نوق التشكيل و الحركات الإعرابية:
الخليل بن أحمد الفراهيدي هو أول من وضع التشديد والهمز والإشمام والروم، وهو أول من ضبط الحركات الإعرابية على الشكل الحاضر(70) ـ علماً بأن أول من تنوق في كتابة المصحف وتجويد خطه هو خالد بن أبي الهياج صاحب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع) ـ(71)، والفراهيدي هو الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم أبو عبد الرحمن، وقيل أبو الصفا الفراهيدي ويقال الفرهودي اليحمدي العتكي الأزدي، ويقال الباهلي البصري النحوي العروضي. وُلد بالبصرة سنة 100، قاله ابن خلكان، وقال أيضاً: وقيل إنه عاش 74 سنة.(72) والفراهيدي بالدال المهملة في كل ما عثرنا عليه وشذ صاحب لب اللباب فيما حكي عنه في هامش اللباب نسبةً إلى فراهيد بطن من الأزد. وفي معجم الأدباء هو فراهيد بن مالك بن فهم بن عبد الله بن مالك بن مضر الأزدي. وعن الأصمعي سألت الخليل بن أحمد ممن هو فقال: من أزد عمان من فراهيد. قلت: وما فراهيد؟ قال: جرو الأسد بلغة عمان.(73)
وأورد السيد محسن الأمين في أعيانه: في الخلاصة الخليل بن أحمد أفضل الناس في الأدب وقوله حجة فيه، واخترع علم العروض، وفضله أشهر من أن يُذكر، وكان إمامي المذهب، وعن ابن إدريس في مستطرفات السرائر أنه عده من كبراء أصحابنا إلا أنه سماه الخليل بن إبراهيم بن أحمد العروضي. وفي رياض العلماء: كان الخليل على ما قاله الأصحاب من أصحاب الصادق ويروي عنه، والخليل جليل القدر عظيم الشأن أفضل الناس في علم الأدب، وكان إمامي المذهب، وكان في عصر مولانا الصادق(ع)، بل الباقر(ع)، وكان إماماً في علم النحو واللغة.(74)
وقال ابن داوود الحلي: الخليل بن أحمد شيخ الناس في علوم الأدب فضله وزهده أشهر من أن يخفى، كان إمامي المذهب.(75) وأورد السيد الصدر في تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: وللخليل كتاب في الإمامة أورده بتمامه محمد ابن جعفر المراغي في كتابه، واستدرك ما أغفله الخليل من الأدلة، وسماه كتاب الخليلي في الإمامة، وذكره أبو العباس النجاشي في ترجمة محمد بن جعفر المراغي الهمداني في فهرس أسماء مصنفي الشيعة.(76)
وعن الصدوق عن أبي زيد النحوي الأنصاري، قال: سألت الخليل بن أحمد العروضي، فقلت: لم هجر الناس علياً(ع)، وقربه من رسول الله(ص) قربه، وموضعه من المسلمين موضعه، وغناؤه في الإسلام غناؤه؟ فقال: بهر والله نوره أنوارهم، وغلبهم على صفو كل منهل، والناس إلى أشكالهم أميل، أما سمعت الأول حيث يقول:
وكل شكل لشكله آلف
أما ترى الفيل يألف الفيلا؟(77)
وهو الذي قال في حق أمير المؤمنين(ع) حين سئل عنه: ما أقول في حق امرئ كتمت مناقبه أولياؤه خوفاً، وأعداؤه حسداً، ثم ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين. وقيل له أيضاً: ما الدليل على أن علياً إمام الكل في الكل؟ قال: احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل.(78)
قراءات القرآن:
لقد كان الشيعة من أصحاب الأئمة سباقين في دراسة أصول القراءات وإحكام قواعدها والإبداع في فنونها، فقد كان أربعة من القراء السبعة هم من شيعة آل البيت(ع)، وهم عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي ـ قارئ الكوفة ـ، وأبو عمر زبان بن علاء المازني ـ قارئ البصرة ـ، وحمزة بن حبيب الزيات ـ قارئ الكوفة ـ، وعلي بن حمزة الكسائي ـ قارئ الكوفة ـ. أما البقية فاثنان منهم كانا مستورَي الحال، وهما عبد الله بن كثير الداري ـ قارئ مكة ـ، ونافع بن عبد الرحمن الليثي ـ قارئ المدينة ـ(79)، بينما الثالث وهو عبد الله بن عامر اليحصبي ـ قارئ الشام ـ، فهو من أشياع معاوية، وكان لا يتورع عن الكذب والفسوق.(80)
وأما أصح القراءات سنداً فهي قراءة عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي، قال أبو محمد مكي بن أبي طالب: وأصح القراءات سنداً نافع وعاصم.(81) وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان: كان عاصم المشار إليه في القراءات.(82) وقال أحمد بن حنبل: كان أهل الكوفة يختارون قراءة عاصم، وأنا أختارها.(83)
والرواية الصحيحة التي رُويت من قراءة عاصم هي رواية حفص.(84) قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث في معرض حديثه عن عاصم: أحد القراء السبعة، وقراءته عن طريق حفص معروفة مشهورة، وكل ما رأيناه من المصاحف القديمة والحديثة، رسم خطه على طبق قراءته. قال حفص: قال لي عاصم: ما كان من القراءة التي أقرأتك بها فهي القراءة التي قرأت بها على أبي عبد الله السلمي عن علي(ع).(85)
والقراءة الحاضرة ـ قراءة حفص ـ هي قراءة شيعية خالصة، رواها حفص ابن سليمان أبو عمرو الأسدي الغاضري، المقرئ البزاز الكوفي ـ ربيب عاصم بن أبي النجود وابن زوجته ـ، وهو من أصحاب الإمام الصادق(ع)(86)، عن شيخه عاصم ابن أبي النجود، وهو من أعيان شيعة الكوفة الأعلام، ـ نص على تشيعه الشيخ الجليل عبد الجليل الرازي المتوفى سنة 556 ه ـ ست وخمسين وخمسمائة ـ في كتابه نقض الفضائح وأنه كان مقتدى الشيعة، مات عاصم سنة ثمان وعشرين بعد المائة بالكوفة، وقيل بالسماوة وهو يريد الشام ودفن بها، وكان لا يبصر كالأعمش ونص على تشيعه القاضي نور الله المرعشي في كتابه (مجالس المؤمنين) وهو في طبقات الشيعة وبعد هؤلاء أتباع التابعين(87)ـ، عن شيخه أبي عبد الرحمن السلمي، وهو من خواص أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع)، شيخ قراءة عاصم، قال ابن قتيبة: كان من أصحاب علي(ع) وكان مقرئاً، ويحمل عنه الفقه، قلت: وقرأ أبو عبد الرحمن على أمير المؤمنين(ع)، كما في مجمع البيان للطبرسي وعده البرقي في كتاب الرجال في خواص علي من مضر، مات بعد السبعين(88)، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، عن رسول الله(ع)، عن جبرائيل(ع)، عن الله عز وجل. إذن إسناد حفص عن شيخه، إسناد ذهبي عال لا نظير له في القراءات.(89)
هذه هي الشيعة، وهذه بصماتها في الثقل الأكبر ـ القرآن الكريم ـ نورٌ ظاهرٌ {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}(90)، فمهما أراد الحاقدون {أَن يُّطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} فإن الله سبحانه وتعالى يأبى {إِلاَّ أَن يُّتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.(91)
* الهوامش:
(1) نهج البلاغة، خطب الإمام علي(ع)،ج2ص95.
(2) الحجر، الآية 9.
(3) صحيح البخاري، 6/98،كتاب تفسير القرآن، حديث 4311.
(4) منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: 2/43.
(5) كنز العمال: 2/361.
(6) صحيح البخاري: 6/99، كتاب الجهاد والسير، حديث 2596.
(7) البيان في تفسير القرآن، الخوئي، ص245.
(8) صحيح البخاري: 6/202، كتاب المناقب، باب القراء من أصحاب النبي، حديث 3526.
(9) البيان في تفسير القرآن، الخوئي، ص252.
(10) الإتقان: 1/103، النوع 18.
(11) صحيح البخاري:6/99، كتاب الجهاد واليسر، الحديث 2596.
(12) خلاصة الأقوال، العلامة الحلي،ص131.
(13) رجال الطوسي، الشيخ الطوسي، ص35.
(14) البيان في تفسير القرآن، الخوئي، ص 257.
(15) مساحة للحوار، أحمد حسين يعقوب، ص109.
(16) مساحة للحوار، أحمد حسين يعقوب، ص109.
(17) بحوث في تاريخ القرآن، مير محمدي زرندي، ص124.
(18) الطبقات الكبرى، ابن سعد ج2 ص338.
(19) المناقب ص 56.
(20) أسد الغابة، ابن الأثير، ج3، ص224.
(21) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج1، ص 27.
(22) التسهيل لعلوم التنزيل، ج1 ص47.
(23) الإتقان، ج1 ص71.
(24) السيرة الحلبية ج3، ص360.
(25) مناقب أمير المؤمنين(ع)، محمد بن سليمان الكوفي، ص292.
(26) كتاب الاعتقاد ص63.
(27) مجمع البيان، ج1ص15.
(28) التفسير الصافي، الفيض الكاشاني، ج6، ص1.
(29) نور البراهين، السيد نعمة الله الجزائري، ج1ص528.
(30) تفسير كنز الدقائق، الميرزا محمد المشهدي، ج1، ص5.
(31) تلخيص التمهيد، محمد هادي معرفة، ج1، ص148.
(32) آراء علماء المسلمين، سيد مرتضى الرضوي، ص150.
(33) البيان في تفسير القرآن، الخوئي، ص250.
(34) البيان في تفسير القرآن، الخوئي،ص252.
(35) المصدر السابق، ص251.
(36) علوم القرآن، السيد محمد باقر الحكيم، ص104.
(37) مع الخطوط العريضة لمحب الدين، الخاقاني، ص46.
(38) الكافي، الكليني، ج2، ص633.
(39) مناقب ابن شهرآشوب، ابن شهرآشوب، ج2، ص40.
(40) الملل والنحل، الشهرستاني، ص107.
(41) الدر المنثور، للسيوطي، ج6، ص276.
(42) صحيح البخاري: 6/99، كتاب الجهاد والسير، حديث 2596.
(43) الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي، ج2ص235.
(44) أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج 4 - ص 591 – 592.
(45) رجال الكشي: 38/78.
(46) الفوائد الرجالية، السيد بحر العلوم، ج2، ص172.
(47) معجم رجال الحديث، الخوئي، ج4، ص246.
(48) مروج الذهب، المسعودي،ج2، ص383.
(49) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج13، ص284.
(50) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج 19 - ص 60 – 61.
(51) صحيح البخاري، ج6، ص226.
(52) الطبقات، ابن سعد ج3، ق2، ص62.
(53) المصاحف، ص30.
(54) الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج 1 - ص 465 – 470.
(55) أصل الشيعة، كاشف الغطاء، ص323.
(56) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 1 - ص 333 – 334.
(57) الكافي، الكليني، ج2، ص634.
(58) الخط العربي الإسلامي، تركي عطية ص26- راجع أيضاً الفهرست، ابن النديم ص46 ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، السيد حسن الصدر،ص52.
(59) الإصابة، ابن حجر، ج2، ص242.
(60) طرائف المقال - السيد علي البروجردي - ج 2 - ص 73.
(61) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 10 - ص 186 – 187.
(62) ديوان أبي الأسود ص 253.
(63) طبقات ابن سعد، ج7، ص69، ت2979.
(64) سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 4 - ص 82.
(65) البداية والنهاية ج9ص73- وراجع مناهل العرفان ج1، ص399.
(66) أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج 10 - ص 304 – 305.
(67) كنز الفوائد، الكراكجي،ص167.
(68) وفيات الأعيان، ابن خلكان،ج6، ص173.
(69) شذرات الذهب، ج1، ص175.
(70) الإتقان ج2، ص171.
(71) تلخيص التمهيد، الشيخ محمد هادي معرفة، ج1، ص333.
(72) وفيات الأعيان، ابن خلكان، ج2، ص244.
(73) أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج 6 - ص 337 – 338.
(74) أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج 6 - ص 337.
(75) رجال ابن داود - ابن داوود الحلي - ص 89.
(76) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، السيد حسن الصدر، ص149.
(77) الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 300.
(78) بغية الوعاة للسيوطي ص 243 - تنقيح المقال للمامقاني ج 1، ص 402 تحت رقم 3769.
(79) تلخيص التمهيد، ج1، ص325.
(80) معرفة القراء الكبار، ج1، ص68.
(81) الإتقان، ج1ص225.
(82) وفيات الأعيان، ج3، ص9.
(83) تهذيب التهذيب، ج5، ص39.
(84) النشر في القراءات العشر، ج1، ص156.
(85) معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 10 - ص 195.
(86) ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي في أصحاب الإمام الصادق(ع)، وقال: أسند عنه. راجع الرجال، للشيخ الطوسي، ص176.
(87) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، السيد حسن الصدر، ص 37 – 38.
(88) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، السيد حسن الصدر، ص 37.
(89) تلخيص التمهيد، ج1، ص329.
(90) ق، الآية 37.
(91) التوبة، الآية 32.
0 التعليق
ارسال التعليق