بحثٌ في أدلّة الشفاعة عند المعتزلة (القسم الأول)

بحثٌ في أدلّة الشفاعة عند المعتزلة (القسم الأول)

معنى الشفاعة:

الشفاعة من الشفع وهو ما كان من العدد أزواجا، على خلاف الوتر، تقول كان وتراً فشفعته بالآخر حتى صار شفعاً، وفي القرآن: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}(1) والشافع هو الطالب لغيره، والمعين لغيره(2).

والشفْع مبالغة من شفَع، ومُشَفِع يقبل الشفاعة، ومشَفَع مقبول الشفاعة، وشفع الشيءَ ضم مثله إليه وجعله زوجاً، وتشفع فلان إلى فلان في الأمر، توسل به إليه(3).

واستشفع طلب الناصر والشفيع(4).

ولربما كان وجه ارتباط المعنى اللغوي بالمعنى المعروف هو أن طلب المشفوع له أو ما يريده يصبح له مريدان وطالبان اثنان بعد انضمام إرادة الشافع أو طلبه إلى إرادة أو طلب المشفوع له، بعد أن كان مريده وطالبه مجرد المشفوع له، أو أن الوجه هو أن ما ينجو به المشفوع له أمران بعد أن كان أمرا واحدا عمله والشفاعة فتكون للمشفوع له وسيلتان بعد أن كانت واحدة فيتقوى بهما على بلوغ ما يريد، والوجه الثاني هو ما أشار إليه العلامة الطباطبائي حينما قال تعليقا على التعريف اللغوي: كأن الشفيع ينظم إلى الوسيلة الناقصة التي مع المستشفع فيصير به زوجاً بعد ما كان فرداً فيقوى على نيل ما يريده..الخ(5).

والشفاعة في الاصطلاح معروفة وهي شفاعة النبي(ص) والأولياء في الآخرة، بمعنى طلبهم المغفرة أو رفع الدرجات من الله تعالى لبعض الناس في الآخرة.

لمن تكون الشفاعة:

لا يختلف الإمامية والأشاعرة والسلفية في شمول الشفاعة لأهل الكبائر، لكن المعتزلة منعت من شمولها لهم، وذهبت إلى اختصاصها للمطيعين في ارتقاء رتبهم، قال الشيخ المفيد:

«اتفقت الإمامية على أن رسول الله(ص) يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته، وأن أمير المؤمنين(ع) يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وأن أئمة آل محمد(ع)  يشفعون كذلك وينجي الله بشفاعتهم كثيرا من الخاطئين ووافقهم على شفاعة الرسول(ص) المرجئة سوى ابن شبيب وجماعة من أصحاب الحديث. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعمت أن شفاعة رسول الله(ص) للمطيعين دون العاصين وأنه لا يشفع في مستحق العقاب من الخلق أجمعين»(6).

ومع غض النظر عن أدلة المعتزلة فإنَّ رأيهم في الشفاعة يبتني على ما يرونه من أنَّ المُصرَّ على الكبائر يخلد في النار(7)، قال ابن حيان الأندلسي: «اعتقاد المعتزلة أن من أتى كبيرة ولم يتب منها ومات كان خالداً في النار»(8)، وفي شرح المقاصد للتفتازاني حكاية عن غيره: «قد اشتهر من مذهب المعتزلة أن صاحب الكبيرة بدون التوبة مخلد في النار، وإن عاش على الإيمان والطاعة مائة سنة، ولم يفرقوا بين أن تكون الكبيرة واحدة أو كثيرة، واقعة قبل الطاعات أو بعدها، أو بينها»(9).

والتائب عن الكبيرة يمكن أن تدركه الشفاعة عند المعتزلة بالمعنى المتقدم، ومورد الخلاف مع المعتزلة هو فرض أن الله سبحانه لا يغفر الذنب الكبير مطلقا إلا بالتوبة(10)، حتى أن الشفاعة لا تناله ولربما كان هذا ما يرده الإمام الرضا على المعتزلة فيما رواه الصدوق بسندٍ عن إبراهيم بن عباس قال: كنا في مجلس الرضا(ع) فتذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها: إنها لا تغفر، فقال الرضا(ع): قال أبو عبد الله(ع): قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة، قال الله: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} الخ(11).

أدلة المعتزلة:

أدلة المعتزلة على عدم شمول الشفاعة لأصحاب الكبائر أو ما يصلح أن يكون دليلا لهم على ذلك بعضها من الآيات وأخرى من الأحاديث وبعضها عقلية.

1- الأدلة العقلية:

قد نبَّه التفتازاني على أن البصريين من المعتزلة يرون جواز العفو عن الكبيرة مع عدم التوبة عقلا، ولا يجوزونها سمعاً، وكذا بعض البغداديين(12)، وعلى ذلك لا كلام هنا مع هؤلاء، وإنما الكلام هنا مع المعتزلة ممن يرى دليل العقل على عدم جواز مغفرة الكبيرة في الآخرة من دون تحقق توبة في الدينا ممن ارتكبها.

الدليل الأول:

ما يظهر من كلام القاضي عبد الجبار، من كون شمول الشفاعة لمرتكب الكبيرة مع عدم توبته إثابة من لا يستحق الثواب، وإثابة من لا يستحق الثواب قبيح، وأن المكلف لا يدخل الجنة تفضلا(13).

توضيح الدليل: إن إثابة من لا يستحق الثواب بعلمه قبيحة من جهة أنه يستلزم ظلماً، ودعوى استلزامه للظلم من جهتين:

الأولى: أن رفع العقاب عن المجرم يوم القيامة، بعد ما أثبته الله تعالى بالوعيد إما أن يكون عدلاً أو ظلماً، فإن كان عدلا كان جعل العقاب للحكم المستتبع لعدم امتثاله العقاب ظلماً أي لا بد وأن يجعله حكما غير إلزامي، وإن كان ظلماً كانت شفاعة الأنبياء سؤال للظلم منه وهو جهل من جهة لا يجوز نسبه إلى الأنبياء، ومن جهة أخرى فإن الله تعالى لا يفعل الظلم لأنه غني عنه(14).

الثانية: التكليف على العباد للجزاء عليه بالثواب للطاعة، وبالعقاب للمعصية، وإثابة العاصي التارك للعمل بالتكليف كإثابة المطيع القائم بالعمل بالتكليف ظلم لمن قام بالعمل بالتكليف، حيث أتى بكلفة بلا موجب.

المناقشة:

ما أفاده العلامة الطباطبائي في جواب الجهة الأولى: من أن رفع العقاب بواسطة الشفاعة إنما يغاير الحكم الأول لو كان رفع الشفاعة نقضا للحكم الأول أو نقضا للحكم باستتباع العقوبة، وليس الرفع كذلك، وإنما أثر الشفاعة بالحكومة لا بالمضادة، من غلبة رحمته غضبه، فبالشفاعة يخرج المجرم عن كونه مصداقا لشمول العقاب بجعله مصداقا لشمول الرحمة، فالشفاعة مستمدة من رحمة الله وعفوه ومغفرته، ومنها إفضاله للشافع بالإكرام والإعظام(15).

وقال(قده) في توضيح الحكومة:

ونعني بالحكومة أن يخرج مورد الحكم عن كونه مورداً له بإدخاله في مورد حكم آخر، فلا يشمله الحكم الأول، لعدم كونه من مصاديقه، لا أن يشمله فيبطل حكمه بعد الشمول بالمضادة كإبطال الأسباب المتضادة في الطبيعة بعضها حكم بعض بالمعارضة والغلبة في التأثير، فحقيقة الشفاعة التوسط في إيصال نفع أو دفع شر بنحو الحكومة دون المضادة(16).

وقال أيضا:

تأثير الشفاعة بنحو الحكومة دون التضاد وهو القائل عز من قائل: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}(17)، فله تعالى أن يبدل عملا من عمل كما أن له أن يجعل الموجود من العمل معدوما، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}(18)، وقال تعالى: {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}(19)، وقال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}(20)، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(21)، والآية في غير مورد الإيمان(22)والتوبة قطعا، فإن الإيمان والتوبة يغفر بهما الشرك أيضا، كسائر الذنوب وله تكثير القليل من العمل، قال تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}(23)، وقال: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(24)، وله سبحانه أن يجعل المعدوم من العمل موجودا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}(25)، وهذا هو اللحوق والإلحاق، وبالجملة فله تعالى أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. نعم إنما يفعل لمصلحة مقتضية، وعلة متوسطة ولتكن من جملتها شفاعة الشافعين من أنبيائه وأوليائه والمقربين من عباده من غير جزاف ولا ظلم(26).

يفهم من كلامه (زيد في مقامه) أن العفو عن بعض المذنبين بالشفاعة ليس نقضا لحكم من أحكامه، أو رفعا لمولويته جل شأنه، بل إنما هو زيادة في عفوه ورحمته ولحقهما لهؤلاء المذنبين بتوسط شفاعة الشافعين بتنزيلهم منزلة غير المستوجبين لعقابه، وإكراما لأوليائه الشافعين لهم.

ثم إن الشفاعة ليست جزافاً بل لها شروط وحدود مرضية لله تعالى تستوجب حصولها، كما أن للتوبة شروطاً مرضية لله تعالى، والشفاعة نوع من الثواب للشافعين، وتعريف لمنزلة الأولياء المجهولين والمظلومين والمغصوبين حقهم في الدنيا.

وامتثالُ الأوامر الإلهية في الدنيا حقٌّ للهِ جلّ وعلا، والعاصي متعدي على حق طاعته، ولا يرى العقل قبحاً في صفح صاحب الحق عن من ضيع بعض حقوقه ولا سيَّما لمصلحة وحكمة.

الدليل الثاني:

وهو للبلخي وأتباعه قالوا: بأن العفو عن مرتكب الكبائر إغراء على القبيح، لأنَّ المكلف يتَّكِلُ على العفو ويرتكب القبائح وهذا قبيح يمتنع إسناده إلى الله تعالى(27).

المناقشة:

وهي ما يستفاد من كلام العلامة الطباطبائي من أن وعد الشفاعة أو تبليغها يستلزم التجري على المعاصي بشرطين:

الأول: تَعَيُّنُ المجرم بنفسه ونعته، أو تعيين الذنب الذي تقع فيه الشفاعة تعييناً لا يقع فيه ليس بنحو الإيجاز من غير تعليق بشرط جائز.

الثاني: تأثير الشفاعة في جميع أنواع العقاب وأوقاته بأن تقلعه من أصله قلعاً.

فلو قيل: إنَّ الطائفة الفلانية من الناس أو كل الناس لا يعاقبون على ما أجرموا ولا يؤاخذون فيما أذنبوا أبداً، أو قيل إنَّ الذنب الفلاني لا عذاب عليه أصلا، كان ذلك باطلا من القول ولعبا بالأحكام والتكاليف المتوجهة إلى المكلفين، وأما إذا أُبْهِمَ الأمر من حيث الشرطين، فلم يعين أن الشفاعة في أي الذنوب، وفي حق أي المذنبين، أو أنَّ العقاب المرفوع هو جميع العقوبات وفي جميع الأوقات والأحوال، فلا تعلم نفس هل تنال الشفاعة الموعودة أو لا، فلا تتجرَّى على هتك محارم الله تعالى(28).

فالإغراء على ارتكاب المعاصي إنما يمكن أن يحصل فيما إذا لم تكن هناك شروط للشفاعة ولها حدود، ومع عدم العلم بارتفاع تبعات الكبائر لا يتحقق الإغراء.

الدليل الثالث:

لا خلاف بين المسلمين في رجحان الدعاء لنيل الشفاعة والفوز بها، وفي أنَّه دعاء يرَّغِب اللهُ فيه العباد، فنطلب من الله التوفيق لنيل شفاعة النبي(ص) فيستحب طلب الشفاعة لكل المسلمين، وإذا كانت الشفاعة مشروطة بعمل خاص ومتوقفة عليه لاستُحِبَّ للمسلمين الإتيان به ولو من جهة إحراز المقدمة العلمية، فلو كانت الشفاعة مختصة لأهل الكبائر ومتوقفة على ارتكاب الكبائر للزم عقلا من هذا الدعاء الطلب من الله بأن يجعلنا فساقاً وعاصين له، وهو خلف ما يريده الله منا حيث أنه يريد منا طاعتَهُ، قال القاضي عبد الجبار:

«أليس أنَّ الأمة اتفقت على قولهم، اللهم اجعلنا من أهل الشفاعة فلو كان الأمر على ما ذكرتموه لكان يجب هذا الدعاء دعاء لأن يجعلهم الله فساقاً وذلك خلف»(29).

المناقشة:

لا تأتي هذه المناقشة بناءاً على من يرى بأنَّ الشفاعة أعم من زيادة المنافع ودفع المضار، كما عليه غالب الأشاعرة(30)، قال الفخر الرازي:

«إنَّ عندنا تأثير الشفاعة في جلب أمر مطلوب وأعنى به القدر المشترك بين جلب المنافع الزائدة على قدر الاستحقاق ودفع المضار المستحقة على المعاصي، وذلك القدر المشترك لا يتوقف على كون العبد عاصياً فاندفع السؤال»(31).

وأما بناءاً على أنَّ الشفاعة تختص بالمذنبين أعم من الصغائر والكبائر كما يظهر ذلك من الشيخ المفيد(32)، والشيخ الصدوق(33)، ونصير الدين الطوسي، والعلامة الحلي(34).

فيمكن الجواب بأنَّ المكلف معرض للمعصية في حياته وإنما طلب الشفاعة على فرض وقوع المعصية منه طلبا لتلافيها، أو أنَّه قد يقع العبد في المعصية وهو لا يعلم بها ولكن يستحق المؤاخذة من جهة تقصيره في التعلم والسؤال حيث كان قادرا عليه، فلا يلزم من عدم العلم بالمعصية عدم استحباب طلب الشفاعة.

على أن هناك شفاعة أخرى خاصة للنبي محمد(ص) يحتاجها الأولون والآخرون شفاعة عامة للجميع، وحَمَلَ العلامةُ الطباطبائي المقامَ المحمودَ للنبي(ص) عليها(35).

2- الأدلة السمعية:

أولاً- الآيات: ((الآية الأولى)):

 قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُون}(36).

قال الفخر الرازي: استدل المعتزلة(37)بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر بثلاثة وجوه(38).

الوجه الأول: ما يظهر من صدر الآية الكريمة: {يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} فإن يوم القيامة لا تؤثر نفس في إسقاط عقاب عن نفس بأن تقضي عنها حقاً أخلت به، إذ أنَّ سياق الآية يفيد عدم الانتفاع بنفس أخرى في دفع العقاب والجزاء به، ولو كانت الشفاعة مقبولة للعصاة لأجزت نفس عن نفس، وهو على خلاف الآية الكريمة(39).

الوجه الثاني: الجملة في قوله تعالى: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} نكرة في سياق النفي، فتعم جميع أنواع الشفاعة لرفع العقاب.

الوجه الثالث: ما جاء في آخر الآية الكريمة: {وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} ولو كان النبي(ص) أو الأولياء شفعاء للعصاة لكانوا ناصرين لهم وهو ما تنفيه الآية بإطلاقها(40).

قال القاضي عبد الجبار المعتزلي في تقريبه الاستدلال بالآية:

«الآية تدل على أن من استحق العقاب لا يشفع النبي(ص) له، ولا ينصره، لأن الآية وردت في صفة اليوم ولا تخصيص فيها، فلا يمكن صرفها إلى الكفار دون أهل الثواب، وهي واردة في من يستحق العذاب في ذلك اليوم، لأن هذا الخطاب لا يليق إلا بهم، فليس لأحد أن يطعن على ما قلناه بأن يمنع الشفاعة للمؤمنين أيضا، ولو كان النبي(ص) يشفع لهم لكان قد أغنى عنهم وأجزى، فكان لا يصح أن يقول: {يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} ولما صح أن يقول: {... وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ...} وقد قبلت شفاعته فيهم، ولما صحَّ أنْ يقول {وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ}، لأن قبول الشفاعة وإسقاط العذاب أعظم من كل فداء قد استحقوه...ولما صحَّ أنْ يقول: {وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} وأعظم نصرة تخليصهم من العذاب الدائم بالشفاعة، فالآية دالة على ما نقول من جميع هذه الوجوه»(41).

مناقشة الاستدلال:

المناقشة الأولى: حاصلها أنَّ الآية الكريمة ليست في مورد المسلمين حتى يستدل بنفيها للشفاعة نفي الشفاعة عن المسلمين، بل نزلت في أهل الكتاب حيث كان اليهود يزعمون بأن آبائهم الأنبياء والأولياء سوف يشفعون لهم، فنزلت الآية الكريمة لأجل أن تدخل في قلوبهم اليأس من نيل الشفاعة بسبب كفرهم بالنبي(ص)(42).

وقال الشيخ الطبرسي:

«قال المفسرون: حكم هذه الآية مختص باليهود، لأنهم قالوا: نحن أولاد الأنبياء، وآباؤنا يشفعون لنا. فآيسهم الله عن ذلك، فخرج الكلام مخرج العموم، والمراد به الخصوص»(43).

ويدل على أنها نازلة في اليهود سياق الآية، حيث أن الآية التي قبلها مباشرة هي قوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}.

جواب المناقشة:

ينقله الرازي عن المعتزلة، ومحصله بأن الآية وإن كانت في مورد الكفار، إلا أن سبب نزولها لا يعني اختصاصها بهم ما دام لفظها مطلق أو عام، فالمدار على إطلاق اللفظ، وبه يثبت عدم شمول الشفاعة لمرتكب الكبيرة(44).

وقد ثبت في محله بأن المورد لا يخصص الوارد، وكذلك مورد النزول لا يخصص الآية به إذا كانت الآية لها لسان مطلق ولم تقم قرينة على إرادة الخصوص، فلذا يبدوا بأن هذه المناقشة مبتورة، وسوف تُكمل في مناقشات آتية.

المناقشة الثانية: تقول بأنَّ الآية الكريمة خاصة بالكفار لا خصوص اليهود، لكن الوجه ليس لكون موردِ نزولها اليهود بل لوجه آخر، وقد نقل الشيخ القول باختصاص الآية الكريمة باليهود في تفسيره بعد أن عيَّن أنها في لمطلق الكفار(45).

وأما الوجه الذي اختاره الشيخ في تفسيره في اختصاص الشفاعة في الآية الكريمة بالكفار على ما يظهر من كلامه فهو يتمثل في أمرين:

الأول: أن حقيقة الشفاعة إنما هي في إسقاط المضارِّ، وأما في زيادة المنفعة فلا تصدق الشفاعة ولا يتحقق عنوانها، لأنها لو صدقت الشفاعة في زيادة المنفعة لصح لكل أحد منا أن يشفع في النبي(ص) إذا سأَلَ اللهَ أن يزيد في كرامته، وهو على خلاف الإجماع.

الثاني: إن الشفاعة لدفع العقاب عن المستحقين دلَّ عليه قولُ النبي(ص): ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فيخرج المؤمنون والمسلمون من نفي الشفاعة في الآية الكريمة، وبعبارة أخرى الآية مطلقة في نفي الشفاعة والحديث يخصصها في غير المسلمين والمؤمنين، فتكون الآية خاصة بالكفار.

وهذان الأمران يظهران من كلامه حيث قال في تعقيبه في تفسير الآية:

«وقوله: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} مخصوص عندنا بالكفار، لأن حقيقة الشفاعة عندنا أن يكون في إسقاط المضارِّ دون زيادة المنافع، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي(ص) فيشفِّعَهُ اللهُ تعالى، ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصلاة لما روي من قوله(ع): ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي: وإنما قلنا لا تكون في زيادة المنافع، لأنها لو استعملت في ذلك، لكان أحدنا شافعا في النبي(ص) إذا سأَلَ اللهَ أن يزيده في كراماته، وذلك خلاف الإجماع فعلم بذلك أن الشفاعة مختصة بما قلناه وعلم بثبوت الشفاعة أن النفي في الآية يختص بالكفار دون أهل القبلة»(46).

وفي مورد آخر قال:

إن ذلك مختص بالكفار، فإن الكفار لا تنفعهم الشفاعة، لأن النبي(ص) لا يشفع لهم، فأما المؤمنون فإنها تنفعهم ولا خلاف أن هاهنا شفاعة نافعة للمؤمنين(47).

وهذا مبتني على الأمر الثاني المتقدم إذ أن الحديث يخص شفاعة النبي(ص) بأمته، فتكون الآية خاصة بنفي الشفاعة عن المشركين ومع عدم الشفاعة لهم لا ينتفعون بها.

جواب المناقشة:

أما الأمر الأول من عدم صدق الشفاعة في إضافة المنفعة فإنه لا يصلح لتقييد الآية بالكفار، وإنما يفيد نفي الشفاعة التي تقول بها المعتزلة، ويحتمل أن مراد الشيخ دفع دخل من خلال مجموع الأمرين؛ أي أنه يريد أن مع كون الشفاعة لرفع المضار فإنها لا تنفع الكفار، لكونها مختصة بالمسلمين، لكن إن ما استدل به لنفي صدق الشفاعة بزيادة النفع حيث يلزم منه إمكان شفاعة أي مسلم للنبي(ص) غير صالح، لأن الشفاعة حتى بناءاً على زيادة النفع تتطلب أرضية في الشافع والمشفوع، وخصائص لكل منهما، ومن هنا لا يصح أن يشفع أي أحد للنبي(ص)، بل هو الشافع للمؤمنين أجمعين.

فلم يبقَ إلا تخصيص الآية الكريمة بقرينة الحديث النبوي الشريف((ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر))، ولكن المعتزلة تناقش في الحديث من عدة وجوه(48):

الأول: من حيث السند فإن هذا الخبر خبر واحد وهو مخالف للقرآن الكريم فيجب ردُّه.

الثاني: من حيث أن المسألة من المسائل العقائدية التي يحتاج في إثباتها تحقق العلم، وهو لا يتحقق بخبر الواحد.

الثالث: من حيث نصِّه فإن ظاهر الحديث حصر الشفاعة لأهل الكبائر، وهذا لا يصح لأنَّ الشفاعة من المناصب العظمى، وتخصيص الشفاعة لأهل الكبائر يقتضي حرمان أهل الصغائر منها، وهو ممنوع، فلا أقلَّ من التسوية بين أهل الكبائر وأهل الصغائر، فلا محالة من حمل الحديث بعد قبوله على الاستفهام الاستنكاري، كقوله تعالى على لسان إبراهيم: {هَذَا رَبِّي}(49)، فيكون المعنى إن الشفاعة لغير أهل الكبائر، أو حمل المراد من أهل الكبائر على أهل الطاعة الكبيرة، لا أهل المعصية الكبيرة، لأن تقدير الطاعة أولى من تقدير المعصية، لانسجامه مع بقية الأدلة -عند المعتزلة-.

وقد أقرَّ الفخر الرازي بأن هذا الحديث لوحده لا يكفي لإثبات هذه المسألة، وإن ثبت عنده التمسك بمجموع الأحاديث(50).

وعلى كل حال فإنه توجد أحاديث أخرى تدل على شمول الشفاعة للمذنبين ولا اختصاص بأهل الكبائر، ولربَّما حَمْلُ أهل الكبائر على كون كل معصية كبيرة أولى من صرفه عن شمول أهل الكبائر أو من حمله على أهل الطاعة الكبيرة.

المناقشة الثالثة: وهي مناقشة نقضية، ومحصلها أنَّ الآية إذا كانت مطلقة في نفي الشفاعة في يوم القيامة فلا بدَّ من أن يلتزم المعتزلة بعدم تحقق الشفاعة بزيادة الثواب، لأن هذه الآية على ما يزعمون تنفي مطلق الشفاعة(51).

جواب المناقشة:

إنَّ نفْيَ الشفاعة بصورة مطلقة الظاهرَ من الآية الآنفة إنما هو في الشفاعة برفع العقاب عن مطلق مرتكبي الكبائر (الشرك فما دونه) إذا مات مرتكبها ولم يتب، لا نفي الشفاعة في زيادة الثواب للمؤمنين، وذلك لأنَّ نفي اجتزاء نفس بنفس الذي يتعقبه نفي الشفاعة جاء بلسان التحذير الظاهر من سياق الآية، ولأن ظاهر {واتقوا} إرادة حصول الزاجر، والزجر عن ما فيه مخاطر وضرر، لا عن فوات زيادة المنافع، لأن فوات زيادة المنافع ليس فيه خطر وضرر حتى يزجر عنه، فلو قال تعالى "اتقوا يوماً لا أزيد فيه منافع المستحق للثواب بشفاعة أحد" لم يحصل بذلك زجر عن المعاصي، وأما لو قال "اتقوا يوماً لا أسقط فيه عقاب المستحق للعقاب بشفاعة شفيع" كان ذلك زجراً عن المعاصي(52).

فما نفْيُ الشفاعة في الآية إلا بمعنى نفي الاجتزاء بدفع العقاب، فلا تقضي نفسٌ عن نفسٍ حقاً أخلت به النفس الثانية، سواء قلنا بأن الضمير في "منها" في قوله: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} يرجع إلى النفس الثانية العاصية، أو إلى النفس الأولى التي يفترض أن تكون شافعة، وإذا كان عوده إلى النفس الثانية كان المعنى أنه لا يقبل استحقاق هذه النفس للشفاعة، ولا يؤخذ منها عدل أي فدية لدفع العقاب عنها، وأما إذا كان عود ضمير "منها" إلى النفس الأولى فإن شفاعتها ولو شفعت في النفس الثانية لا تُقبل، كما أنها لو أعْطَتْ فداء لأجل دفع العقاب عن النفس الثانية لم يقبل منها الفداء، وهذا ما يظهر من الزمخشري في الكشاف من قوله:

«فإن قلت: هل فيه دليل على أنّ الشفاعة لا تقبل للعصاة؟ قلت: نعم، لأنه نَفَىْ أن تقضي نفس عن نفس حقاً أخلت به من فعل أو ترك، ثم نفى أن يقبل منها شفاعة شفيع فعلم أنها لا تقبل للعصاة. فإن قلت: الضمير في {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا} إلى أي النفسين يرجع؟ قلت: إلى الثانية العاصية غير المجزى عنها، وهي التي لا يؤخذ منها عدل. ومعنى لا يقبل منها شفاعة: إن جاءت بشفاعة شفيع لم يقبل منها. ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى، على أنه لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها، كما لا تجزئ عنها شيئاً، ولو أعطت عدلاً عنها لم يؤخذ منها»(53).

المناقشة الرابعة: ومفادها أنَّ الآية وإن كانت عامة، لكن توجد أدلة كثيرة من الروايات متواترة إجمالا تفيد معنى مشترك وهو تحقق الشفاعة للمؤمنين لدفع العقاب، قال المجلسي إنَّ كلَّ الآيات التي استُدِلَّ بها لنفي الشفاعة في دفع العقاب مختصةٌ بالكفار جمعاً بين الأدلة(54). وهذه المناقشة تجري في جميع الآيات التي يستدل بها المعتزلة، وسوف تأتي طائفة من الأحاديث الدالة على ذلك لاحقا.

في رواية عن الإمام الصادق(ع) فسر آية ((يوم لا تجزي...الخ)) باليوم الذي يكون فيه موت الشخص فإن الشفاعة والفداء لا يغني عنه وأما في القيامة فأنا وأهلنا نَجزي عن شيعتنا كلَّ جزاء...الخ(55). فيستفاد من هذه الرواية بناء على هذا المعنى للآية أن الشفاعة المنفية لا تختص بالكفار.

الاستدلال بالآية الثانية:

الآية الثانية التي تمسك بها المعتزلة لنفي شمول الشفاعة لأهل الكبائر ما لم يتوبوا هي قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}(56).

والفاسق أو المرتكب للكبيرة ظالم ما لم يتب، لأن الظالم هو من أتى بظلم، فتنطبق عليه الآية الكريمة ولا تخصُّ الكافرين لعموم الظالمين فيها(57)، واستدل الزمخشري بهذه الآية على عدم شمول الشفاعة للمذنبين إذا لم يتوبوا وأيَّد هذا المعنى من آيات أُخَر، قال تعقيبا على تفسيره للآية:

«إنَّ الشفعاء هم أولياء الله، وأولياء الله لا يحبون ولا يرضون إلَّا من أحبه الله ورضيه، وأنّ الله لا يحبّ الظالمين، فلا يحبونهم، وإذا لم يحبوهم لم ينصروهم ولم يشفعوا لهم. قال الله تعالى: {وَمَا للظالمين مِنْ أَنصَارٍ}(58) وقال: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى}(59)ولأن الشفاعة لا تكون إلَّا في زيادة التفضل، وأهل التفضل وزيادته إنما هم أهل الثواب، بدليل قوله تعالى: {وَيَزِيدَهُم من فَضْلِهِ}(60).

ويؤيد صحة تفسير المعتزلة للآية الكريمة على مستوى أن المذنب إذا لم يتب لم تشمله الشفاعة ما يظهر من رواية للشيخ الصدوق يرويها في كتاب التوحيد بسند معتبر، قال(ره): حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: سمعت موسى بن جعفر(ع)...(جاء فيها):

وقال(ع): من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما، والله تعالى ذكره يقول: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} فقلت له(61): يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصراً والمصرُّ لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبي(ص): لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار. وأما قول الله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينَه، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة(62).

فظاهر الحديث أن المراد من الظالمين -في الآية- الذين لا تنالهم الشفاعة كل من ارتكب الكبيرة ولم يتب ولم يندم على ما ارتكب، وإن كان يتشهد الشهادتين على ظاهر لسانه، إذ أنه في الحقيقة غير مؤمن بقلبه بمجازاته بالعقاب على ما ارتكبه إذا لم يتب، وأن المرتضى عند الله الذي تناله الشفاعة ليس هو مطلق من انتسب إلى الإسلام بالشهادتين، بل لا بدَّ من اعتقاده بمجازاة المذنب على ما ارتكب من الذنوب الملازم لاستيائه من فعله.

مناقشة الاستدلال:

المناقشة الأولى: إن المراد من الظالمين في الآية الكريمة هم المنافقون والمشركون(63)، أو خصوص المشركين، وليس المراد من الظالمين ما يشمل من ارتكب الكبيرة من المؤمنين ولم يتب عنها، ويشهد لذلك صدر الآية الكريمة قال: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ}(64) فإنَّ الله تعالى أمر الرسول(ص) أن ينذر مشركي قومه(65)، أي أنها واردة في زجر الكفار الذين يجادلون في آيات الله فهي مختصة بهم(66).

وأما دعوى عموم الظالمين، والكفار إنما هم مصداق لا ينافي صدق عنوان الظالمين على فساق المسلمين، فإنما تكون ثابتة فيما إذا لم يتحقق انصراف الظالمين للمعهود السابق، وهنا المعهود السابق هم الكفار الذين يجادلون في آيات الله، فالانصراف متحقق(67).

جواب المناقشة:

وهو الجواب عن المناقشة الأولى للآية الأولى المتقدم من أن مورد النزول لا يوجب التخصيص، والمدار على عموم اللفظ للظالمين، وتحذير رسول الله(ص) من يوم القيامة ينسجم وأن يكون عاما لكافة العالمين، للكافرين بأن يكفوا عن كفرهم وأن يؤمنوا، وللفاسقين من المسلمين أيضاً بأن يكفوا عن المعصية ويسارعوا للتوبة والعمل بالطاعة، وأما وجود المعهود السابق وهم الكفار لا يوجب حصول انصراف الظالمين إليه والتخصيص به، بل المعهود السابق مصداق للظالمين والتعليل للإنذار حاصل بكبرى كلية.

المناقشة الثانية: ما يستفاد من كلام الشيخ الطوسي والمحكي عن بعض المفسرين ومفادها أنه على فرض أن المراد من الظالمين ما يشمل مرتكب الكبيرة الذي لم يتب فإن النفي للشفيع في الآية الكريمة إنما هو للشفيع الذي يُطاع لا الشفيع الذي يُجاب، فإن من يشفع يوم القيامة من الأنبياء والأولياء والملائكة والمؤمنين إنما يسألون الشفاعة على نحو الاستكانة إلى الله تعالى، لا أنه يجب على الله أن يطيعهم في ذلك(68)، فنفي الشفيع المطاع نظير أن تنفي أن يكون عندك كتاب يُباع، فإنه لا يعني أنه لا يوجد عندك كتاب، وحيث أن الطاعة تدل على دنو مرتبة المطيع عن مرتبة المُطاع، ولا مرتبة أعلى من الله فلا يصح وجوب طاعة الله للشفيع، وهذا ما نفته الآية(69).

جواب المناقشة:

ليس المراد من "يُطاع" الطاعة على نحو الحقيقة، بل المراد من الطاعة هو الإجابة على نحو الكناية(70)وذلك لأمرين:

الأول: لا بدَّ من حمل كلام الله تعالى على ما ينسجم مع الحكمة والإفادة، ولو كان المراد الطاعة على الحقيقة لما كانت هناك فائدة، إذ الجميع يعلم ضرورة بأنه لا مرتبة أعلى من الله تعالى، فلا أحد يُوجب الطاعة على الله تعالى، فتحمل الطاعة على الإجابة كما يستعمله العرب على وجه الكناية(71)، فالمعنى ولا شفيع يُشّفع.

الثاني: إن الله نفى أن يكون عنده شفيع يطاع للظالمين، والله مشفوع إليه، وبطبيعة الحال فإن الشفيع مرتبته أدنى من المشفوع إليه، فلو كان المراد من الطاعة المعنى الحقيقي لا بمعنى يُجاب لاقتضى أن يكون الشفيع أعلى مرتبة من المشفوع إليه، لأن من له حق الطاعة أعلى مرتبة من المطيع وهو خلف كونه شفيع عنده، فقوله شفيع يفيد أنه دون المشفوع إليه، فكان ذلك قرينة أخرى على حمل يطاع على المجاز بمعنى يُجاب، فمعنى ولا شفيع يطاع لا شفيع يُجاب، أو ولا شفيع يُشّفع(72).

ولدفع توهم أنه بناءاً على كون المراد من (لا شفيع يطاع) هو لا شفيع يُشّفع فإنه لا فائدة من ذكر الصفة ونفيها مع إمكان نفي الشفيع فقط، أجاب الزمخشري بوجود الفائدة قال:

«فإن قلت: الغرض حاصل بذكر الشفيع ونفيه فما الفائدة في ذكر هذه الصفة ونفيها ؟ قلت: في ذكرها فائدة جليلة وهي أنها ضمت إليه ليقام انتفاء الموصوف مقام الشاهد على انتفاء الصفة لأن الصفة لا تتأتى بدون موصوفها، فيكون ذلك إزالة لتوهم وجود الموصوف، بيانه أنك إذا عوتبت على القعود عن الغزو فقلت: مالي فرس أركبه ولا معي سلاح أحارب به، فقد جعلت عدم الفرس وفقد السلاح علة مانعة من الركوب والمحاربة كأنك تقول: كيف يتأتى مني الركوب والمحاربة ولا فرس لي ولا سلاح عندي فكذلك قوله ولا شفيع يطاع معناه كيف يتأتى التشفيع ولا شفيع، فكأن ذكر التشفيع والاستشهاد على عدم تأتيه بعدم الشفيع وضعا لانتفاء الشفيع موضع الأمر المعروف غير المنكر الذي لا ينبغي أن يتوهم خلافه»(73).

مع أنه يوجد احتمال آخر في المراد من المطيع بناء على كون المراد المعنى الحقيقي للطاعة، وهو أن المطيع غير الله تعالى من الزبانية والخزنة، والطاعة من هؤلاء لمن هو أعلى منزلة منهم من الأنبياء(ع)  والمؤمنين صحيحة واقعة في موقعها(74)، فنفي الشفيع المتصف بهذه الصفة نفي لأصل وجود الشفيع للظالمين.

رد للجواب:

توجد قرينة على أن المراد من معنى الطاعة هو المعنى الحقيقي، وهي أن قريش كانت تعتقد أن الأصنام تشفع لهم عند الله، فيقولون فيها:(إنها شفعاؤنا عند الله) وأنها تشفع لهم من غير إذن الله، ولذا أجاب الله عليهم بقوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}(75)، وهذا يدل على أن القوم كانوا يعتقدون بأنه يجب على الله تعالى طاعة الأصنام في تلك الشفاعة(76).

وإذا كانت الطاعة بالمعنى الحقيقي في قوله {وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} فإنه إنما هو نفي للشفيع الذي يتوهمون أن على الله طاعته، لا نفي الشفيع المجاب.

جواب الرد:

مضافاً إلى أن حمل الطاعة على المعنى الحقيقي بسبب ما كانت تعتقد به قريش، مبني على كون المراد من الظالمين في الآية خاص بقريش أو المشركين -وقد تقدم الجواب عنه- وهو خلف فرض كون المراد من الظالمين أعم من الكفار ومن فساق المسلمين، فإن اعتقاد جواز شفاعة الأصنام لهم عند الله تعالى بغير إذنه لا يلزم منه أنهم يعتقدون أن على الله وجوب طاعة الأصنام، أو أنها أعلى منه مرتبة.

المناقشة الثالثة: وهي ما يختارها الفخر الرازي من الجواب على المعتزلة، ومفادها أن النفي وسلب الشفيع والحميم عن الظالمين في جملة {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} إما أن يكون على نحو عموم السلب أي كل ظالم ليس له شفيع، وإما أن يكون على نحو سلب العموم أي ليس لكل ظالم شفيع، فعلى الأول فإنَّ كل من صدق عليه عنوان الظلم لا يكون له شفيع يوم القيامة، وأما على الثاني فلا تفيد أن كل من تلبس بعنوان الظلم لا يكون له شفيع فقد يكون بعض أفراد الظالم له شفيع، والصحيح هو الثاني أي سلب العموم، لأن قضية {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} المراد منها نقيض القضية القائلة (للظالمين حميم وشفيع) وهي قضية موجبة كلية، ونقيض الموجبة الكلية سالبة جزئية أي (بعض الظالمين ليس له شفيع)، والسالبة الجزئية تصدق مع تحقق ذلك السلب في بعض أفراد الظالم وعدم تحققه في بعض آخر، فما كان كافراً من أفراد الظالم فإنه لا شفيع له، وما كان فاسقا من أفراد الظالم فإن له شفيع(77).

ولهذا نظير في القرآن الكريم نظير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(78) فقوله: إن الذين كفروا لا يؤمنون، إن حملناه على أن كل واحد منهم محكوم عليه بأنه لا يؤمن لزم وقوع الخلف في كلام الله، لأن كثيرا ممن كفر فقد آمن بعد ذلك، أمَّا لو حملناه على أن مجموع الذين كفروا لا يؤمنون سواء آمن بعضهم أو لم يؤمن صدق وتخلَّص من الخلف، فلا جرم حَمَلْنا هذه الآية على سلب العموم ولم نحملها على عموم السلب، فكذا قوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ} يجب حمله على سلب العموم لا على عموم السلب(79).

جواب المناقشة:

إن ظاهر قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} هو عموم السلب، إلا إذا قامت قرينة على إرادة سلب العموم، نظير ظاهر النهي المستفاد من الجملة الخبرية التي تقول لا يُكرم الفاسقون، فإنه لا يجوز إكرام كل فرد من أفراد الفاسق، وأما إذا دلَّت قرينة على خروج بعض أفراد الفاسق عُرِفَ بأنَّ المراد لا كل أفراد الفاسق، نظير قيام القرينة على أن المراد من الذين كفروا في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(80) لا كل أفراد الكافر.

الاستدلال بالآية الثالثة:

وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(81)

فالآية الكريمة تخاطب الذين آمنوا وتوعد وتهدد تارك الإنفاق الواجب بالعذاب في اليوم الذي لا يوجد من يخلصه من العذاب فلا يستطيعون يوم القيامة تعويض ما لم ينفقوه في الدنيا (لا بيع فيه)، ولا يوجد صديق يتسامح معهم بسبب عصيانهم في الإنفاق في الدنيا ولأن {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}(82) وتارك الزكاة والكافر ليسا من المتقين، ولا شفيع يشفع لهم، ولو كان نفي الشفاعة مختص بالكفار لما صدق تهديد تارك الزكاة بها، ولا يصدر ذلك من الحكيم، ومما استشهد به الحسن على كون المراد بالأمر بالإنفاق هو الزكاة اقترانه بالوعيد(73).

وأما ذكر الكافرين في آخر الآية فهو للتغليظ في معصية ترك الزكاة.

قال الزمخشري في بيان المراد من ولا شفاعة في الآية:

«وإن أردتم أن يَحُطَّ عنكم ما في ذمتكم من الواجب لم تجدوا شفيعا يشفع لكم في حطِّ الواجبات لأن الشفاعة ثمة في زيادة الفضل لا غير {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أراد والتاركون الزكاة هم الظالمون فقال والكافرون للتغليظ، كما قال في آخر آية الحج (ومن كفر) (84) مكان ومن لم يحج، ولأنه جعل ترك الزكاة من صفات الكفار في قوله {وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكاة}»(85).

وهكذا تفسير البيضاوي والأمثل للكافرين هنا(86)، ويرى الجعفي أن المراد من الكافرين هم الكافرون بالنعم(87)، وهو يتناسب أيضا مع نفي الشفاعة عن الفاسقين.

المناقشة الأولى: ينقلها ابن حيان عن بعض المفسرين: بأن الاستدلال مبتنٍ على أن الأمر بالإنفاق اقترن بالوعيد لتاركه، ولكن الحق أن الآية ليس فيها وعيد له(88)، وإنما أرادت أن تقول للمؤمنين ما مفاده: حصِّلِوا منافع الآخرة حين تكونوا في الدنيا، فإنكم إذا خرجتم من الدنيا لا يمكنكم تحصيلها واكتسابها في الآخرة، والمراد من الكافرين هم المشركون وذَكَرَهم لأجل حثِّ المسلمين على قتالهم بالنفس وبإنفاق الأموال(89).

رد المناقشة:

إن ظاهر الآية -بناءاً على أنها تأمر بالإنفاق الواجب- هو الوعيد على تاركه وتكشف عن خطورة التخلف عن هذا الواجب، وعلى فرض التنزل وأنها ليست في مقام الوعيد فإن نفي الشفاعة خطاب موجه لتارك الزكاة، فيكشف على أن مرتكب الكبيرة لا تشمله الشفاعة إلا إذا تاب.

المناقشة الثانية: وهي مناقشة الرازي وهي نفس مناقشته التي اختارها في رد الاستدلال بالآية الأولى، وهي المناقشة الرابعة على الاستدلال بالآية الأولى هنا، والتي مفادها وجود الدليل المخصص للآية الكريمة في شمول الشفاعة للمرتكب الكبيرة، وهذه المناقشة سيَّالة تَرِدُ على كل أدلة المعتزلة، وسوف نرى مدى صحة هذه المناقشة باستعراض الأدلة المخصصة لاحقاً.

المناقشة الثالثة: وهي مستفادة من كلام العلامة الطباطبائي(قده) من كون الدليل أخص من المدعى، فإن الظلم الناشئ من ترك الإنفاق لا تكون لصاحبه شفاعة، وليست كل كبيرة توجب حرمان صحابها من الشفاعة يوم القيامة:

«أن هذا الظلم وهو ترك الإنفاق لا يقبل التكفير، ولو كان من الصغائر لقبله، فهو من الكبائر، وأنه لا يقبل التوبة، ويتأيد بذلك ما وردت به الروايات: أن التوبة في حقوق الناس غير مقبولة إلا برد الحق إلى مستحقه، وأنه لا يقبل الشفاعة يوم القيامة كما يدل عليه قوله تعالى: {إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} إلى أن قال {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}»(90).

(يتبع في العدد القادم)

 

 * الهوامش:

(1) كتاب العين، ج1، ص260.

(2) المصدر السابق.

(3) المعجم الوسيط، ج1، ص487.

(4) المصدر السابق.

(5) تفسير الميزان، ج1، ص157.

(6) أوائل المقالات للشيخ المفيد، ص47.

(7) تفسير السمرقندي، ج1، ص95.

(8) تفسير البحر المحيط، ج1، ص446.

(9) شرح المقاصد، ج2، ص238.

(10) انظر التسهيل لعلوم التنـزيل للغرناطي، ج4، ص21، في تفسير سورة الشورى في تفسير (ويعفو عن السيئات).

(11) كتاب التوحيد للشيخ الصدوق، ص406؛ وسائل الشيعة ج15، باب صحة التوبة من الكبائر، ص336 نشر آل البيت عليهم السلام.

(12) شرح المقاصد في علم الكلام، للتفتازاني، ج2، ص236، نشر دار المعارف النعمانية الطبعة الأولى.

(13) الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار، ص464.

(14) انظر تقريب هذه الجهة من تفسير الميزان ج1، ص162، في ذكره للإشكال الأول.

(15) تفسير الميزان، ج1، ص162- 163.

(16) تفسير الميزان، ج1، ص159.

(17) سورة الفرقان: 70.

(18) سورة الفرقان: 32.

(19) سورة محمد: 109.

(20) سورة النساء: 31.

(21) سورة النساء: 48.

(22) إسلام الكافر، فإن الإسلام يجب ما قبله.

(23) سورة القصص: 65.

(24) سورة الأنعام: 160.

(25) سورة الطور: 21.

(26) تفسير الميزان، ج1، ص161.

(27) ذكر دليلهم التفتازاني في شرح المقاصد، ج2، ص236، وذكره العلامة الطباطبائي من بعنوان الإشكال الرابع من غير ذكر لصاحبه تفسير الميزان، ج1، ص165.

(28) تفسير الميزان، ج1، ص165 -166.

(29) الأصول الخمسة 466.

(30) ونفي ابن حجر العسقلاني وقوع الخلاف في شمول الشفاعة لرفع الدرجات، فتح الباري، ج13، ص385.

(31) التفسير الكبير ج3، ص62، نشر دار الكتب العلمية.

(32) أوائل المقالات للشيخ المفيد، ص47.

(33) الاعتقادات للشيخ الصدوق، ص66.

(34) كشف المراد في شرح تجرد الاعتقاد ص443، نشر شكوري ط 1413هـ.

(35) تفسير الميزان، ج1، ص176.

(36) سورة البقرة: 48.

(37) استدل بها القاضي عبد الجبار الهمداني في كتاب الأصول الخمسة، ص689، في الطبعة القديمة، وفي طبعة دار أحياء التراث العربي ص464، تصحيح وتعليق سمير مصطفى، والزمخشري في تفسير الكشاف ج1، ص279.

(38) تفسير الفخر الرازي التفسير الكبير، ج3، ص53 نشر دار الكتب العلمية.

(39) لاحظ المصدر السابق مع تصرف في العبارة لأجل التوضيح.

(40) لاحظ المصدر السابق مع تصرف في العبارة لأجل التوضيح.

(41) متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار ج1، ص90- 91.

(42) المصدر السابق مع تصرف.

(43) مجمع البيان، ج1، ص201.

(44) المصدر المتقدم من تفسير الرازي مع التصرف.

(45) تفسير التبيان، ج1، ص213.

(46) تفسير التبيان، ج1، ص213- 214.

(47) الرسائل العشر للشيخ الطوسي، ص324.

(48) لاحظ كتاب فيض القدير، ج4، ص163، في فصل حرف السين.

(49) سورة الأنعام: 78.

(50) التفسير الكبير، ج3، ص60.

(51) التفسير الكبير، ج3، ص53 بتصرف.

(52) لاحظ المصدر السابق.

(53) تفسير الكشاف، ج1، ص279.

(54) بحار الأنوار، ج8، ص62، وهذه المناقشة المختارة للفخر الرازي في جوابه على الاستدلال بهذه الآية الكريمة، انظر تفسيره ج3، ص65.

(55) بحار الأنوار، ج8، ص44، وج9، ص312.

(56) سورة غافر: 18.

(57) أنظر متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار، ج2، ص600، وكتاب شرح الأصول الخمسة له أيضا ص464 ط إحياء التراث.

(58) سورة البقرة: 270.

(59) سورة الأنبياء: 28.

(60) سورة النساء: 174، وكلام الزمخشري في تفسير الكشاف، ج3، ص421، طبع مصطفى البابي بمصر، وج4، ص158 في طبع ونشر البلاغة.

(61) القائل أو السائل هو الراوي وهو ابن أبي عمير (ره).

(62) كتاب التوحيد للشيخ الصدوق، ص407- 408؛ وسائل الشيعة، ج15، ص335.

(63) تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي، ج8، ص433، في تفسيره لهذه الآية الكريمة، بحار الأنوار، ج7، ص78.

(64) سورة غافر: 18.

(65) تفسير الطبري، ج24، ص66.

(66) ذُكر هذا الوجه في تفسير الفخر الرازي، ج27، ص50، عن جماعة من الجمهور.

(67) نقل المناقشة الفخر الرازي على نحو الرد والجواب اختصرتها في أصل المناقشة انظر التفسير الكبير، ج27، ص51.

(68) تفسير التبيان للشيخ الطوسي، ج9، ص65.

(69) انظر التفسير الكبير للفخر الرازي، ج27، ص50، وكتاب الكافي في الفقه لأبي الصلاح الحلبي، ص471.

(70) انظر الذريعة للسيد المرتضى علم الهدى ج1، ص37.

(71) نقله الفخر الرازي عن المعتزلة في تفسيره، ج27، ص51.

(72) انظر الأمرين في تفسير الفخر الرازي، ج3، ص56- 57، بتصرف بالغ للتوضيح.

(73) وكلام الزمخشري في تفسير الكشاف، ج3، ص421، طبع مصطفى البابي بمصر، وج4، ص158 في طبع ونشر البلاغة.

(74) انظر الذريعة للسيد مرتضى ج1، ص37.

(75) سورة البقرة: 255.

(76) انظر تفسير الفخر الرازي، ج27، ص51 مع تصرف للتوضيح.

(77) انظر تفسير الفخر الرازي، ج3، ص65.

(78) سورة البقرة: 6.

(79) انظر تفسير الفخر الرازي، ج27، ص52.

(80) سورة البقرة: 6.

(81) سورة البقرة: 254.

(82) سورة الزخرف: 67.

(83) تفسير التبيان للشيخ الطوسي، ج2، ص305؛ تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي، ج2، ص256؛ الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) ج3، ص266.

(84) سورة النور: 55.

(85) سورة فصلت: 6، انظر تفسير الكشاف، ج1، ص384.

(86) تفسير البيضاوي، ص511، نشر دار الفكر، تفسير الأمثل، ج2، ص240.

(87) تفسير ابن أبي حاتم، ج2، ص486.

(88) وإلى هذا القول ذهب الشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي: تفسير التبيان، ج2، ص305؛ تفسير مجمع البيان، ج2، ص256.

(89) انظر تفسير البحر المحيط لابن حيان، ج2، ص285.

(90) سورة المدثر: 48، تفسير الميزان، ج2، ص397.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا