المقدمة

لقد بلغت فضائلُ أمير المؤمنين (عليه السلام) من الكثرة والشهرة حداً لم يتمكن أعدى أعدائه من إنكارها، رغم بذل كل الجهود، وقد اشتهر عن الشافعي قوله في علي (عليه السلام): "ما أقول في حق من أخفتْ أولياؤُه فضائلَه خوفاً، وأخفتْ أعداؤُه فضائلَه حسداً، وشاع مِنْ بين ذين ما ملأ الخافقين". وسئل ابن حنبل عن علي ومعاوية، فقال: "إنَّ علياً كان كثير الأعداء، ففتش أعداؤُه عن شيء يعيبونه به فلم يجدوه، فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله، فأطروه كيدا منهم به"، وعن النسائي والحاكم النيسابوري، وغيرهم: "لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي"(1).

ومع عدم إمكان إخفاء هذه الفضائل حاولوا أن يتقاسموها، وينحلوها  الآخرين، حتى لا تكون خصوصية لعلي (عليه السلام)، وهذا دليل على أنَّ كل فضيلة لوحدها تمثل مقاماً رفيعاً، ومع ذلك بقي (عليه السلام) صاحب الخصوصيات التي لم يشاركه فيها أحد، حتى ألَّف النسائي كتاب خصائص علي (عليه السلام)، وألف كثيرٌ منهم مناقب علي (عليه السلام)، بينما لم يجمع الآخرون فضائلَ ولو كانت مكذوبة لهم.

وقد كان معاوية (لعنه الله) هو أساس أكثر ذلك فقد نُقِل عن كتاب الأحداث للمدائني أن معاوية كتب لعماله: "إن الحديث في عثمان قد كثر وفشى في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة مفتعلة؛ فإن هذا أحب إليَّ، وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله"(2)، ويقول ابن أبي الحديد بعد تعجبه من دخول الشك على أهل الشام لقتل عمار ولم يعتريهم الشك لمكان علي (عليه السلام): "وهذا يدلك على أن عليا (عليه السلام) اجتهدت قريش كلها من مبدأ الأمر في إخمال ذكره وستر فضائله، وتغطية خصائصه حتى مُحِيَ فضلُه ومرتبته من صدور الناس كافة إلا قليلا منهم". ونكتفي هنا بذكر تسع فضائل مما ثبت للأمير (عليه السلام) ونُحِلتْ لغيره من الصحابة، وبشكل مختصر قدر الإمكان:

الفضيلة الأولى: الصدِّيق الأكبر

قال المولى المازندراني في شرحه لقول الإمام الباقر (عليه السلام): «إن الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صديقا»: "الصِّدِّيق فعيل للمبالغة في الصدق وهو يطلق على فعل اللسان إذا طابق الواقع،... وعلى التوافق بين الظاهر والباطن"(3). وعلى هذا فإن الرجل المتصف بهذه الصفة لا يمكن معرفته إلا بمعرفة باطنه، وهذا أمر مختص بالله تعالى وبالمعصوم (عليه السلام).

والقرآن الكريم وصف أشخاصاً بهذه الصفة كلهم معصومون كالنبي إبراهيم والنبي إدريس والنبي يوسف والسيدة مريم (عليهم السلام). وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، ويظهر من الآية أنَّ الصديقين هم تلو الأنبياء.

أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الصديق الأكبر

ما ورد عن طريق الشيعة:

وهو كثير نكتفي برواية واحدة عن الباقر (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): خذوا بحجزة هذا الأنزع يعني علياً، فإنه الصديق الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله ومن أبغضه أضله الله، ومن تخلف عنه محقه الله»(4).

ومن طرق العامة:

ما رواه النسائي وابن أبي شيبة والطبري وكثير من المؤرخين عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب (كاذب- مفتر)، (ولقد) صليت قبل الناس بسبع سنين». وزاد في المستدرك: «قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الأمة»(5).

وما رواه الهيثمي والطبراني وابن أبي عساكر وغيرهم عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي -صلّى الله عليه وسلم- بيد علي فقال: «إنَّ هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين (الكفار) (الظالم)». وقريب منه عن ابن عباس وفي آخره: «وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي»(6).

وما رواه جماعة عن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا (رضي الله عنه) يخطب على المنبر وهو يقول: «أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأسلمت قبل أن يسلم»(7). وقال ابن أبي الحديد: "وقد قال غير مرة: «أنا الصديق الأكبر، والفاروق الأول، أسلمت قبل إسلام أبى بكر، وصليت قبل صلاته». وروى عنه هذا الكلام بعينه أبو محمد بن قتيبة في كتاب (المعارف) وهو غير متهم في أمره"(8).

 وضع لقب الصديق لأبي بكر:

ذكروا عدة روايات في أبي بكر منها ما ذكره البخاري وغيره عن قتادة أنَّ أنس بن مالك حدثهم: أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلم- صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال:«أثبت أحد، فإنما عليك نبي وصدِّيق وشهيدان»(9). وأنس متهم في علي (عليه السلام)؛ إذ كتم حديث الغدير عندما ناشده أمير المؤمنين (عليه السلام) فادعى النسيان. والوضع في الرواية واضح؛ إذ لماذا يرجف جبل أحد من ركوب النبي (صلّى الله عليه وآله) ومن معه؟! ثم مَنْ أَعلمَ أنساً بذلك ولم يكن معهم، وهو لم ينسب الحديث لواحد منهم؟

ومنها ما ذكروه عن ابن اسحاق في حادثة الإسراء والمعراج، جاء فيه -بعد أن أخبر النبي (صلّى الله عليه وآله) قريش بذلك: فارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا: هل لك يا أبا بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس، وصلى فيه ورجع إلى مكة...، فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق...، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- فقال:...يا نبي الله، فصفه لي فإني قد جئته؟...كلما وصف له منه شيئا قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله. قال: حتى إذا انتهى قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- لأبي بكر (رضي الله عنه): «وأنت يا أبا بكر الصديق» فيومئذ سماه الصديق. قال الحسن: وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن الإسلام لذلك: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا} فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-. وما دخل فيه من حديث قتادة(10).

وهذا الحديث مردود من وجوه؛ أولاً: الرواية مرسلة، بالإضافة إلى كونها خليط بين نقل قتادة والحسن. وثانياً: الرواية تقول: (فارتد كثير ممن كان أسلم)، وهذا غريب فحادثة الإسراء كانت في أوائل البعثة، والمسلمون قليلون، فمن بقي منهم إذا كثير منهم قد ارتد!! وثالثاً: الرواية تقول بأن أبا بكر سمي بالصديق في ذلك الوقت، أي بدايات البعثة، بينما لم نجد رواية يُخاطب فيها أبا بكر بالصديق. ورابعاً: تفسير الحسن للآية المباركة أنها نزلت في المرتدين، وهو تعمد في صرفها عن بني أمية حيث وردت روايات كثيرة تفسر الشجرة الملعونة ببني أمية(11).

ومنها ما رواه ابن عساكر عن الشعبي أنه قال: "خصَّ الله تبارك وتعالى أبا بكر الصديق بأربع خصال لم يخصصن بها أحدا من الناس سماه الصديق ولم يسم أحدا الصديق غيره..."(12). وهذه أيضا كما ترى، إذ هو حديث الشعبي وليس حديث النبي (صلّى الله عليه وآله)، والشعبي معروف بالنصب ونقل عنه: "أَحِبْ صالح المؤمنين وصالح بني هاشم ولا تكن شيعيا"(13).

وبسبب إفلاس القوم فسَّروا قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} رسول الله (صلّى الله عليه وآله) {وَصَدَّقَ بِهِ} أبو بكر، ولم يكتفوا بذلك حتى نسبوا هذه الرواية إلى علي (عليه السلام)، وهذا مذكور في كثير من تفاسيرهم، ولم يذكر واحدٌ منهم سنداً لهذه الرواية، بينما ذكر جماعةٌ أنَّ الآية نزلت في علي (عليه السلام) منهم الحسكاني في شواهد التنزيل عن مجاهد بثلاثة طرق وعن ابن عباس بطريقين وعن علي (عليه السلام)، أن الذي {صَدَّقَ بِهِ} هو علي (عليه السلام)(14). ثم إنَّ ما تقدم من قول الأمير (عليه السلام): «أنا الصديق الأكبر، وأنا الفاروق الأول، أسلمت قبل إسلام أبى بكر»، فيه ردٌّ واضح على من حاول سرقة هذا اللقب ووضعه في غير ما وضعه الله فيه.

ومما يؤيد أنَّ نسبة هذا اللقب لأبي بكر من الموضوعات ما ذكره ابن الجوزي في كتاب الموضوعات بسنده عن ابن عباس قال: "قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «ما في الجنة شجرة إلا مكتوب على ورقه محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان ذو النورين». قال أبو حاتم بن حبان: هذا باطل موضوع، وعلي بن جميل كان يضع الحديث لا تحل الرواية عنه بحال. وقال أبو أحمد بن عدي: لم يأت بهذا الحديث عن جرير غير علي. وعلي يحدث بالبواطيل عن ثقاة الناس فيسرق السرق. وقد سرق هذا الحديث منه رجل يقال له معروف بن أبي معروف البلخي وقد سرقه آخر"(15).

وفي الاحتجاج عن القاسم بن معاوية قال: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) هؤلاء يروون حديثا في معراجهم أنه لما أسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله) رأى على العرش (لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أبو بكر الصديق) فقال: «سبحان الله غيروا كل شيء حتى هذا»؟ قلت نعم. قال: «إن الله (عزّ وجلّ) لما خلق العرش كتب عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، علي أمير المؤمنين (عليه السلام))»، ثم ذكر (عليه السلام) كتابة ذلك على الماء والكرسي واللوح وجبهة إسرافيل وجناحي جبرئيل وأكناف السماوات والأرضين ورؤوس الجبال والشمس والقمر، ثم قال (عليه السلام): «فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فليقل علي أمير المؤمنين»"(16).

ثم لك أن تعجب مما ذكره الزركشي في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} قال: "قد احتج بها الصديق على الأنصار يوم السقيفة فقال: (نحن الصادقون، وقد أمركم الله أن تكونوا معنا) أي تبعا لنا، وإنما استحقها دونهم لأنَّه الصديق الأكبر"(17)؟!!

الفضيلة الثانية: الفاروق الأعظم

الفاروق كما تقدم من الروايات هو الذي يفرق بين الحق والباطل، وهذا المعنى يقتضي أن يكون المسمى بهذا الاسم عارفا للحق والباطل بكامل حدودهما، وإلا كيف يمكنه التمييز والتفريق بينهما. ولذلك ذكر في معنى الفرقان(أحد أسماء القرآن والتوراة): أنه كل ما يفرق به بين الحق والباطل. وهذا يعني أنَّ الفاروق إما معصوم أو قريب من العصمة؛ إذ غيرهما لا يمكنه أن يميز بين الحق والباطل بصورة يصدق عليه أنه فاروق.

أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الفاروق الأعظم

تقدم إطلاق هذا اللقب على علي (عليه السلام) من طرق الفريقين فلا نعيد، وجاء بلفظ «الفاروق الأعظم» و«الفاروق الأول». ومن الواضح انسجام هذا اللقب مع الأمير (عليه السلام) وما ثبت له من ملازمة النبي (صلّى الله عليه وآله) والحقِّ والقرآنِ وعدم مفارقتهم، فروى الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- لعلي: «يا علي من فارقني فارق الله، ومن فارقك يا علي فارقني». ثم قال الهيثمي: "رواه البزار ورجاله ثقات"(18). وفي شرح النهج قال ابن أبي الحديد: "ثبت عنه(النبي (صلّى الله عليه وآله)) في الأخبار الصحيحة أنه قال: «علي مع الحق، والحق مع علي، يدور حيثما دار»"(19). وعن أبي ثابت مولى أبي ذر قال: دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليا. وقالت: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يقول: «علي مع الحق والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة» (20). ونقل الأميني عن الحافظ ابن مردويه في (المناقب) والسمعاني في (فضائل الصحابة) أنهما أخرجا بالإسناد عن محمد بن أبي بكر عن عائشة أنها قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: «علي مع الحق والحق مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»(21).

وضع لقب الفاروق لعمر

عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق فرق الله به بين الحق والباطل»، وعن أبي عمرو ذكوان قال: قلت: لعائشة: من سمَّى عمر الفاروق، قالت: النبي: (عليه السلام).(22)

وذكر كثير من المفسرين في سبب نزول قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا}. أقوالاً منها (رواية مرسلة): "أن رجلا من اليهود خاصم رجلا من المنافقين، فقال اليهودي: نتحاكم إلى أبي القاسم؛ إذ عرف أنه لا يأخذ الرشوة على الحكم فيحكم بالحق، وقال المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف، فتحاكما إلى النبي فحكم لليهودي، وكان الحكم له، فقال المنافق: لا أرضى بحكمه، نتحاكم إلى أبي بكر، فتحاكما إلى أبي بكر، فحكم لليهودي بمثل ما حكم رسول الله فقال المنافق: لا أرضى بحكمه، نتحاكم إلى عمر، فتحاكما إلى عمر، فقال عمر: هل تحاكمتما إلى أحد؟ فقال اليهودي: نعم إلى أبي القاسم، وإلى أبي بكر، وقد حكما لي، وهو لا يرضى، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما، فدخل البيت، واشتمل على السيف، ثم خرج، وضرب عنق المنافق، فبلغ ذلك رسول الله، فقال: أنت الفاروق". وفي نقل آخر: "وقال جبريل (عليه السلام): إن عمر فرق بين الحق والباطل فقال له رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: أنت الفاروق"(23). وكما هي العادة وحتى تقوى مثل هذه الافتراءات وضعوا حديثاً على لسان علي (عليه السلام): فرووا أنه سئل عن عمرفقال: «ذاك امرؤ سماه الله الفاروق، يفرق بين الحق والباطل، سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يقول: اللهم أعز الإسلام بعمر»"(24).

ويرد على كل ذلك أمور:

أولاً: ما تقدم من معنى الفاروق، فهو يقتضي موافقة الحق دائماً (وعلى أقل التقادير تكون الموافقة غالبة)، وهذا المعنى لا يدعيه عمر لنفسه، فهو في قضايا كثيرة جداً أخطأ فيها الحقَّ، وجانب الصواب، وقد قال فيها غير مرة (لولا عليُّ لهلك عمر) و(كل الناس أفقه من عمر)(25)، وقد أخطأ في كثير من المسائل الشرعية كما ذكر القومُ أنفسُهم.

ثانياً: ما تقدم من طرق الفريقين قول أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه هو الفاروق، فكيف يَنسِبُ ذلك لعمر، وفي حديث المناشدة: «قال(علي (عليه السلام)): «نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "أنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل" غيري؟ قالوا: لا»(26).

ثالثا: ما ذكروه في سبب نزول الآية المتقدمة هو أحد الأقوال، وهناك أقوال أخَر لا ترتبط بعمر، بالإضافة إلى وضوح الوضع في هذه الرواية وغيرها من روايات الفضائل التي يأتي فيها الخلفاء بالترتيب دائماً، ولا يتخلف هذا الترتيب حتى صدفة!! مع استبعاد أن يأتي المتخاصمان إلى عمر في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله). ولو انتبه من وضع هذه الرواية لما يلزم منها لما وضعها، حيث تدل على أن ذلك المنافق عندما رأى حكم النبي (صلّى الله عليه وآله) لصالح خصمه اليهودي، جاء إلى أبي بكر ثم إلى عمر، فلو كانا مشهورين بالعدل والشدة في الحق لما أمَّل فيهما ذلك المنافق من أخذ الرشوة، كما لم يأمل من النبي (صلّى الله عليه وآله).

رابعاً: ما أخرجه ابن سعد وابن شبة النميري والطبري وابن عساكر وابن الأثير، عن صالح بن كيسان قال: "قال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق، وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- ذكر من ذلك شيئا، ولم يبلغنا أن ابن عمر قال ذلك إلا لعمر، كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه"(27).

وجاء من طرقنا عن سليم بن قيس قال: جلست إلى سلمان وأبي ذر والمقداد فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشدا، فقال له سلمان: عليك بكتاب الله فالزمه، وعلي ابن أبي طالب فإنه مع القرآن لا يفارقه، فأنا أشهد أنا سمعنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: «إنَّ علياً يدور مع الحق حيث دار، وإنَّ علياً هو الصديق والفاروق يفرق بين الحق والباطل» قال: فما بال القوم يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق قال: نحلهما الناس اسم غيرهما كما نحلوهما خلافة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإمرة المؤمنين. لقد أمرنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمرهما معنا فسلمنا جميعا على علي بأمرة المؤمنين(28).

الفضيلة الثالثة: أمير المؤمنين

عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) لم سمي أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ قال: «لأنه يميرهم العلم، أما سمعت في كتاب الله: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا}». وفي رواية أخرى قال: «لأنَّ ميرة المؤمنين من عنده، يميرهم العلم»(29).

لم يدَّعِ أحدٌ أنَّ لقب أمير المؤمنين وضعه الرسول (صلّى الله عليه وآله) لأحد من الصحابة غير علي (عليه السلام)، وهذا خلاف العادة وخلاف السياسة الأموية، وأعتقد أنَّ السبب هو شيوع هذا اللقب لجميع الخلفاء بعد أبي بكر، وأجزم لو أنَّ هذا اللقب سمي به واحد منهم بالخصوص لوضعوا روايات على لسان النبي (صلّى الله عليه وآله) في ذلك(30).

وعلى كل حال فقد اتفقوا على عدم تسمية أبي بكر بأمير المؤمنين وإلى يومنا هذا، وأنَّ أول من سُمِي بذلك هو عمر، فقد أخرج غير واحد عن ابن شهاب قال: "أول من حيَّى عمر بن الخطاب بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة فسكت عمر"(31)، وقيل أول من سماه عمرو بن العاص!(32)، وعن الشعبي: "أنَّ أول من دعا لعمر على المنبر أبو موسى الأشعري بالبصرة، وهو أول من كتب لعبد الله أمير المؤمنين، فقال عمر: إني لعبد الله وإني لعمر وإني لأمير المؤمنين"(33).

وعن معاوية بن قرة قال: "كان يُكتب (من أبي بكر خليفة رسول الله) فلما كان عمر بن الخطاب أرادوا أن يقولوا: خليفة خليفة رسول الله، فقال عمر: هذا يطول، قالوا؟ لا، ولكنَّا أمَّرناك علينا فأنت أميرنا، قال: نعم، أنتم المؤمنون وأنا أميركم فكتب (أمير المؤمنين)"، وبمضمون هذا جاءت روايات كثيرة(34).

وفي هذه الرواية وغيرها كثير من الحقائق، فهي تدلُّ أولاً على أنَّهم ابتدعوا هذا الاسم لمجرد الهوى، وثانياً أنهم كانوا يعتقدون بأنَّ الخليفة الثاني ومن يأتي بعده ليسوا خلفاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإنما كلُّ واحد يأتي فهو خليفة السابق، وهذا إفراغ للمعنى الحقيقي للخلافة وهو أمر مقبول منهم؛ لأنَّ المعنى الحقيقي للخلافة منحصر في من استخلفهم الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله)، وثالثاً قولهم: "ولكنَّا أمَّرْناك علينا فأنت أميرنا" يناقض الحقيقة فإنَّ أبا بكر هو الذي اختار عمر للخلافة وليس هم.

ثمَّ إنَّ هناك أسراراً أخرى وراء وضع هذا اللقب غير ما يبدو مما تقدم، خصوصا إذا لاحظنا الأسماء اللامعة التي كانت وراء ذلك من أمثال المغيرة وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري، ولعل اتفاقا كان موجوداً بين الثاني وبينهم، بل ورد في روايات أخرى أنَّ الذي وضع هذا اللقب هو عمرُ نفسُه، ففي تاريخ الطبري وغيره: "لما ولي عمر قيل: يا خليفة خليفة رسول الله، فقال عمر (رضي الله عنه): هذا أمر يطول، كلما جاء خليفة قالوا يا خليفة خليفة خليفة رسول الله، بل أنتم المؤمنون وأنا أميركم؛ فسمي أمير المؤمنين"(35).

ولهذا نجد في رواياتنا تأكيداً على اختصاص هذا اللقب بعلي (عليه السلام)، فعن الصادق (عليه السلام)أنه: سأله رجل عن القائم يُسلَّم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: «لا ذاك اسم سمَّى اللهُ به أمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر»(36). بل نجدُ سلمان المحمدي(رضوان الله عليه)، يحتج بشدة على هذه التسمية، فقد كتب كتاباً إلى عمر وكان واليه على المدائن، جاء فيه: "ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين، ولقول نبي الله متبعين، وبالحق عاملين، ما سموك أمير المؤمنين"(37). وروى ابن مردويه في المناقب أنه: "مرض أبو ذر (رضي الله عنه) مرضا شديدا حتى أشرف على الموت، فأوصى إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقيل له: لو أوصيت إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان أجمل لوصيتك من علي! فقال أبو ذر: أوصيت والله إلى أمير المؤمنين حقا حقا". وقال حذيفة بن اليمان قبل وفاته بأيام: "أيها الناس من سرَّه أن يلحق بأمير المؤمنين حقا حقا فليلحق بعلي بن أبي طالب"(38).

ما ورد من طرق العامة:

أخرج الحافظ ابن مردويه أكثر من خمسة عشر رواية وبطرق مختلفة وفي مواقف متعددة يذكر فيها تسمية علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين، منها عن سالم مولى علي (عليه السلام): كنت مع علي (عليه السلام) في أرض يحرثها حتى جاء أبو بكر وعمر، فقالا: سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقيل: كنتم تقولون في حياة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟! فقال عمر: هو أمرنا بذلك.

وعن أنس: "كنت خادما لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) فبينا أنا يوم أوضيه، إذ قال: «يدخل رجل، وهو أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وأولى الناس بالمؤمنين، وقائد الغر المحجلين»، قال أنس: فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار. فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)". وزاد ابن عساكر، وأبو نعيم الحافظ، والخوارزمي: «وخاتم الوصيين،..... فقام(النبي (صلّى الله عليه وآله)) مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عن وجهه بوجهه ويسمح عرق علي بوجهه، فقال: يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي قبل، قال: وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي. وفي رواية أخرى: «سيد المسلمين، وأمير المؤمنين، وخير الوصيين، وأولى الناس بالنبيين»(39).

الفضيلة الرابعة: ذو النورين

من أعظم خصائص الأمير (عليه السلام) هو زواجه بالزهراء (عليها السلام)، وقد تقدم لخطبتها غيرُ واحد من الصحابة فرفضهم النبي (صلّى الله عليه وآله)، روى النسائي وابن حبان عن بريدة، قال: "خطب أبو بكر وعمر-رضي الله عنهما- فاطمةَ، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: إنها صغيرة، فخطبها علي فزوجها منه" قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"(40). وعن السدي: "أن أبا بكر وعمر خطبا فاطمة (عليها السلام)، فردهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقال: لم أومر بذلك، فخطبها علي (عليه السلام)، فزوجه إياها، وقال لها زوجتك أقدم الأمة إسلاما". قال ابن أبي الحديد: "وقد روى هذا الخبر جماعة من الصحابة، منهم أسماء بنت عميس، وأم أيمن، وابن عباس وجابر بن عبد الله"(41).

وفي صحيح ابن حبان وغيره عن أنس في حديث طويل: "جاء أبو بكر إلى النبي -صلّى الله عليه وسلم- فقعد بين يديه فقال: يا رسول الله، قد علمت مناصحتي، وقدمي في الإسلام، وأني، وأني... قال: وما ذاك؟ قال: تزوجني فاطمة. قال فسكت عنه. فرجع أبو بكر إلى عمر فقال له: هلكتُ وأهلكتُ. فقال: وما ذاك؟ قال: خطبت فاطمة إلى النبي -صلّى الله عليه وسلم- فأعرض عني، فقال: مكانك حتى آتي النبي -صلّى الله عليه وسلم- فأطلب مثل الذي طلبت(وحدث له مثل ما حدث لأبي بكر)... فجاء علي (عليه السلام) للنبي (صلّى الله عليه وآله) وقال:...تزوجني فاطمة. قال: وعندك شيء؟ قلت: فرسي وبدني. قال: أما فرسك فلا بد لك منه، وأما بدنك فبعها..."(42). وكان ذلك بأمر من الله (عزّ وجلّ)، فعن ابن مسعود: أن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: «إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي». قال ابن حجر الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله ثقات"(43).

ولعظم هذه الفضيلة التي مُنِعَ منها الآخرون، ولمكانة الزهراء (عليها السلام) وما جاء فيها من الأحاديث كحديث أم المؤمنين أم سلمة عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: «لو لم يخلق علي ما كان لفاطمة كفو»(44). وكحديث الكافي على لسان أحد الملائكة: «بعثني الله (عزّ وجلّ) أنْ أزوج النور من النور، قال: مَنْ مِمَّنْ؟ قال: فاطمة من علي»(45). أراد القوم أن يشوشوا على هذه الخصوصية، فسموا عثمان ذا النورين، وروي عن حسين الجعفي: "لم يجمع الله بين ابنتي نبي منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة لغير عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، فلذلك سمي ذو النورين"(46). ورووا عن علي (عليه السلام) أنه ذكر عنده عثمان، فقال: «ذاك امرؤ يدعى في السماء ذو النورين»(47). ومن أغرب الروايات في ذلك، ما رووه عن علي (عليه السلام) بإسناد وصفوه بأنه ضعيف: «أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: لو كان لي أربعون ابنة لزوجتهن بعثمان واحدة بعد واحدة، حتى لا يبقى منهن واحدة»(48).

ولا أدري لماذا لم يزوجه النبي (صلّى الله عليه وآله) بفاطمة (عليها السلام)، وقد تقدم لخطبتها، وعن ابن عباس قال: "كانت فاطمة تذكر لرسول الله -صلّى الله عليه وسلم- فلا يذكرها أحد إلا صدَّ عنه حتى يئسوا منها"(49). وهذا الحديث يدل على أن المتقدمين لخطبتها (عليها السلام) مجموعة كبيرة من الصحابة، ولكن النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو صاحب الخلق العظيم صدَّ عنهم، بينما استبشر بعلي (عليه السلام). وكانت حصيلة هذا الزواج المبارك ولادة النورين المباركين الحسن والحسين (عليهما السلام)، فأمير المؤمنين (عليه السلام) أولى بأن يسمى بذي النورين، لأنه النور وقد اقترن بالنور ونتج منهما هذان النوران.

الفضيلة الخامسة: سدوا الأبواب إلا باب علي

أخرج النسائي وأحمد والخوارزمي وغيرهم: عن زيد بن أرقم: كان لنفر من أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- أبواب شارعة في المسجد، قال: فقال يوما: «سدوا هذه الأبواب إلا باب علي»، قال: فتكلم في ذلك الناس، قال: فقام رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، فحمد الله تعالى وأنثى عليه، ثم قال: «أما بعد، فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي، وقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكني أمرت بشيء فاتبعته». وفي المستدرك: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"(50).

والروايات في ذلك كثيرة، حتى قال ابن حجر العسقلاني: "هو حديث مشهور له طرق متعددة، كل طريق منها على انفرادها لا تقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث"، ثم ذكر الروايات، وقال: "فهذه الطرق المتظاهرة من روايات الثقات تدل على أن الحديث صحيح دلالة قوية، وهذه غاية نظر المحدث"(51).

ودلالة هذه الحادثة على أفضلية الإمام علي (عليه السلام) ومقامه الخاص عند الله (عزّ وجلّ)، جعلت الوضاعين يستنفرون القوى في سلبها منه ووضعها في غيره، فذكروا أنَّ النبي (صلّى الله عليه وآله) خطب في مرضه الذي توفي فيه وقال: «ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب الإ سُدَّ إلا باب أبي بكر»(52). وفي حديث آخر: «سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر باب الأبواب»(53)، واستدل به بعضهم على استخلاف أبي بكر!! بل قال ابن الجوزي، في حديث «إلا باب علي» بعد ذكره لطرقها: "فهذه الأحاديث كلها من وضع الرافضة قابلوا به [بها] الحديث المتفق على صحته في «سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر»"(54)، ورأى ابن أبي الحديد أن الأمر بالعكس؛ حيث قال بأن البكرية(أي أتباع أبي بكر): "وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث نحو «لو كنت متخذا خليلا»؛ فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء، ونحو «سد الأبواب» فإنِّه كان لعلي (عليه السلام)، فقلبته البكرية إلى أبي بكر"(55). وردَّ على ابن الجوزي غيرُ واحد، منهم ابنُ حجر حيث قال: "هذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولا ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع إلا عند عدم إمكان الجمع".

وبعد عدم إمكان رد هذه الأحاديث، وثبوت تعارضها مع حديث (إلا باب أبي بكر، وخوخة أبي بكر) حاولوا الجمع، بأنَّ ما ثبت لعلي (عليه السلام) كان بسبب عدم وجود باب آخر لمنزله، وما ثبت لأبي بكر إشارة إلى استخلافه واحتياجه دخول المسجد دون غيره. ويرده أنّ هذا تبرع، ثم إنه لو لم يكن لمنزل علي (عليه السلام) باب آخر فما هو وجه اعتراض الصحابة على النبي (صلّى الله عليه وآله) بتركه لباب علي (عليه السلام)، فهل كانوا يريدون أنَّ يبقى عليٌ (عليه السلام) محبوساً في الدار؟! ولماذا لم يجبهم النبي (صلّى الله عليه وآله) بذلك بل قال: «والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكني أمرت بشيء فاتبعته» ولماذا لم يعترضوا عليه عندما ترك باب أو خوخة أبي بكر؟ ثم إنَّ حديث(إلا باب أبي بكر) يدل على أنَّه سدَّ الأبوابَ كلَّها حتى باب علي (عليه السلام)، ولم يبقَ إلا باب أبي بكر، وهذا يعارض ما ثبت لعلي (عليه السلام)، والمنصف اللبيب يعلم أين الحق؛ لأنَّه واضح لا لبس فيه.

الفضيلة السادسة: حب علي إيمان وبغضه نفاق

تعددت الأحاديث من طرق الفريقين، أنَّ حبَّ علي (عليه السلام) إيمان وبغضه كفر ونفاق، أخرج النسائي والموصلي عن علي (عليه السلام) قوله: «والله، والذي خلق الحبة وبرأ النسمة، إنَّه لعهد النبي -صلّى الله عليه وسلم-: إنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق»(56). وفي الاستيعاب: وروى طائفة من الصحابة أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال لعلي (رضي الله عنه): «لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»"(57)، وعنه (صلّى الله عليه وآله): «عنوان صحيفة المؤمن حبُّ علي بن أبي طالب»(58).

وهذا الأمر بلغ من الشهرة والتواتر عند الأصحاب بحيث يقول جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه): "ما كنَّا نعرف المنافقين إلا ببغض علي"(59). ويقول أبو ذر (رضي الله عنه) قال: "ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب" قال النيسابوري: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم" (60). وقال ابن أبي الحديد: "قال الشيخ أبو القاسم البلخي: وقد روى كثير من أرباب الحديث عن جماعة من الصحابة، قالوا: ما كنَّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلا ببغض علي بن أبي طالب"(61).

وإذا ثبت من خلال هذه الأحاديث أنَّ عليا (عليه السلام) هو ميزان الإيمان والنفاق، فلا بد لمبغضيه من مخرج من هذه الورطة، فلجؤوا إلى تمييع هذا الميزان، فنسبوه إلى كل الأنصار، فرووا عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله»(62). ولا أدري من هم المخاطبون بهذا الحديث؟ وهل يشمل عليا (عليه السلام) أو لا؟ وهل النفاق مخصوص بالمهاجرين؟ وهل يعني ذلك أن بغض المهاجرين لا يستلزم النفاق؟ ثم كيف نفهم الحصر في قول الصحابة: "لم نكن نعرف المنافقين إلا ببغض علي"؟ يبدوا أن واضع هذا الحديث لم يفكر بمثل هذه الأسئلة.

الفضيلة السابعة: أحب الناس إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)

أخرج الترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم عن جميع بن عمير التيمي قال: دخلت مع عمتي على عائشة فسئلت: أي الناس كان أحب إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال، قالت: زوجها، إن كان ما علمت صواما قواما. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وأخرجه ابن عساكر من أكثر من عشرة طرق(63).

وعن شريح بن هانئ عن أبيه عن عائشة قالت: ما خلق الله خلقا كان أحب إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- من علي. رواه ابن عساكر وقال: "غريب جدا"(64). وفي خصائص النسائي عن ابن بريدة، قال: "جاء رجل إلى أبي فسأله: أيُّ الناس كان أحبَّ إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-؟ قال: من النساء فاطمة، ومن الرجال علي (رضي الله عنه)"(65).

وضع الحديث في عائشة وأبيها

وقد ترك البخاري ومسلم الأحاديث المتقدمة ورويا عن عمرو بن العاص: "أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلم- بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال؟: فقال: «أبوها» فقلت: ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب، فعد رجالا"(66).

ولا أدري كيف تكون عائشة أحب إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) من بضعته التي هي سيدة نساء العالمين؟! ويكفي أن راوي الحديث هو ابن العاص، وقد حذر أمير المؤمنين (عليه السلام)، من الأخذ بهذه الرواية وغيرها، فقد روى سليم أنه: "بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّ عمرو بن العاص خطب الناس بالشام فقال: بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على جيشه فيه أبو بكر وعمر، فظننت أنه إنما بعثني لكرامتي عليه. فلما قدمت قلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة. قلت: ومن الرجال. قال: أبوها. أيها الناس، وهذا علي يطعن على أبي بكر وعمر وعثمان، وقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: إنَّ اللهَ ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه، وقال في عثمان: إن الملائكة لتستحي من عثمان، وقد سمعت عليا وإلا فصمتا -يعني أذنيه- يروي على عهد عمر: إن نبي الله نظر إلى أبي بكر وعمر مقبلين، فقال:  يا علي، هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين منهم والمرسلين، ولا تحدثهما بذلك فيهلكا، فقام علي فقال: «العجب لطغاة أهل الشام حيث يقبلون قول عمرو ويصدقونه وقد بلغ من حديثه وكذبه وقلة ورعه أن يكذب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد لعنه سبعين لعنة ولعن صاحبه الذي يدعو إليه في غير موطن،... لكأني بالقراء الضعفة المجتهدين قد رووا حديثه وصدقوه فيه واحتجوا علينا أهل البيت بكذبه...، والله ما أراد بقوله في عائشة وأبيها إلا رضا معاوية ولقد استرضاه بسخط الله»"(67). وأكثر من هذا ما روي عن محمد ابن الحنفية قوله: "قلت لأبي: مَنْ خير الناس بعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-؟، قال: أبو بكر، قال: قلت: ثم من. قال: ثم عمر، قال: قلت: فأنت. قال: أبوك رجل من المسلمين"؟!!(68). ووضع مثل هذه الأحاديث على لسان علي (عليه السلام)، لتكون أكثر مقبولية.

الفضيلة الثامنة: رحيل النبي (صلّى الله عليه وآله) في حجر علي (عليه السلام)

إن مرض النبي (صلّى الله عليه وآله) قد أحدث هزة بين المسلمين، وكان حديث الساعة بينهم، حتى أنهم امتنعوا عن الذهاب في جيش أسامة، لعلمهم بقرب رحيله (صلّى الله عليه وآله)، حتى خرج (صلّى الله عليه وآله) رغم مرضه وخطب فيهم وقال: «جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عن جيش أسامة». ولا شك أن اللحظات الأخيرة من حياته (صلّى الله عليه وآله)، تعتبر مهمة جدا في نظر أقرب الناس إليه، فهل يعقل أن يترك عليٌ (عليه السلام) رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في هذه اللحظات وهو الذي كان ملازماً له في حياته؟ خصوصا أنه (عليه السلام) لم يؤمر بأن يذهب في جيش أسامة كما أُمِرَ الآخرون.

تؤكد المصادر أن رحيل النبي (صلّى الله عليه وآله) كان في حجر علي (عليه السلام) وهو الذي كان يمرضه، فعن جابر عن علي (عليه السلام): «قبض رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- وإنه لمستند إلى صدري»، وعن الشعبي عن علي بن حسين (عليه السلام): «قبض رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- ورأسه في حجر علي»، وعن ابن عباس: "والله لتوفي رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- وإنه لمستند إلى صدر علي (رضي الله عنه)، وهو الذي غسله وأخي الفضل" وفي حديث أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها)، قالت: "كان علي آخرهم عهدا به(النبي) جعل يساره، وفوه على فيه ثم قبض"، وعن عائشة، قالت: "قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، لما حضره الموت: أدعو لي حبيبي، فقلت: ادعوا علي بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره، فلما رآه نزع الثوب الذي كان عليه وأدخله فيه، ولم يزل يحضنه حتى قبض ويده عليه(69).

ولكن نقل البخاري وغيره أنه: "ذُكِرَ عند عائشة أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلم- أوصى إلى علي، فقالت: من قاله؟ لقد رأيت النبي -صلّى الله عليه وسلم- وإني لمسندته إلى صدري، فدعا بالطست فانخنث فمات فما شعرت، فكيف أوصى إلى علي؟"(70). وبمضمونه أحاديث كثيرة.

وهذا من مثل عائشة ليس بغريب وهي التي لم تكن تطيق ذكر علي (عليه السلام)، خصوصا أنها تجر النار هنا إلى قرصها، وتريد نفي الوصية لعلي بإيهام أن الوصية بالخلافة مقتصرة على تلك الدقائق من حياة النبي (صلّى الله عليه وآله)، ويحتمل نسبة الحديث إليها كذباً. وفي طبقات ابن سعد وفتح الباري عن أبي غطفان: "سألت ابن عباس أرأيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو لمستند إلى صدر علي، قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- بين سحري ونحري، فقال ابن عباس: أتعقل. والله لتوفي رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- وإنه لمستند إلى صدر علي، وهو الذي غسله وأخي الفضل"(71).

ثم أين كانت فاطمة (عليها السلام) وهي البنت الوحيدة له (صلّى الله عليه وآله)، أيعقل أن تترك أباها في مرض الموت، بينما تختص عائشة لوحدها بالجلوس مع النبي (صلّى الله عليه وآله)؟! ومن يلاحظ عموم روايات عائشة فإنه يخيل له أنَّ النبي (صلّى الله عليه وآله) في نصف حياته لا شغل له إلا الجلوس مع عائشة، وأنه لا توجد له زوجة غيرها.

الفضيلة التاسعة: سيف الله المسلول

لا نحتاج مؤنة زائدة لإثبات كون علي (عليه السلام) هو سيف الله المسلول، فسيرته في الجهاد بين يدي المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، ومن ثمَّ قتاله الناكثين والقاسطين والمارقين خير دليل على ذلك، ويكفينا قول جبرئيل (عليه السلام): «لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي»، وعن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: «علي آية الحق، وراية الهدى، علي سيف الله يسله على الكفار والمنافقين، فمن أحبه فبحبي أحبه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه، ومن أبغضني أو أبغض عليا لقي الله (عزّ وجلّ) ولا حجة له». وعنه (صلّى الله عليه وآله): «علي سيفُ الله على أعدائه». وعن علي (عليه السلام): «أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه»(72).

ثم إن القوم لمَّا لم يجدوا من ساداتهم الكبار من هو معروف بالشجاعة والبسالة في سوح الجهاد، وضعوا هذه الفضيلة في أحد أنصارهم الأوفياء وهو خالد بن الوليد فسموه "سيف الله المسلول"، وهو الذي حارب النبي (صلّى الله عليه وآله) لسنوات، وبعد إعلانه الإسلام نفاقاً تبرأ النبي (صلّى الله عليه وآله) من فعله حينما بعثه لبني خزيمة فخانهم وقتل أسراهم لثأر كان له في الجاهلية، حيث لما وصل الخبر للنبي (صلّى الله عليه وآله) قال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ابن الوليد»(73)، بالإضافة إلى مشاركته في الهجوم على بيت الزهراء (عليها السلام)، وقتله مالك بن نويرة (رضي الله عنه) ووقوعه على زوجته وهي في العدة ومثكولة بزوجها.

الخاتمة

هذه بعض الفضائل والخصائص التي أراد أعداء علي (عليه السلام) أن ينسبوها إلى غيره، وهناك فضائل أخرى كثيرة لا يسع المجال للتفصيل فيها، كفضيلة أول الناس إسلاما حيث نسبت لأبي بكر، والولادة في الكعبة المشرفة حيث نسبت لحكيم بن حزام، وأكثر من ذلك أنهم رووا روايات كثيرة في ذم علي (عليه السلام)، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.

ونختم الكلام بهذه الرواية الشريفة التي رواها من العامة الموفق الخوارزمي في المناقب عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم فتحتُ خيبر: «لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا، لا تمر على ملإٍ من المسلمين إلا أخذوا من تراب رجليك، وفضل طهورك، يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنَّه لا نبي بعدي، أنت تؤدي ديني وتقاتل على سنتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس مني، وأنت غداً على الحوض خليفتي، تذود عنه المنافقين، وأنت أول من يرد عليَّ الحوض، وأنت أول داخل الجنة من أمتي، وأنَّ شيعتك على منابر من نور رواء مرويين، مبيضة وجوههم حولي، اشفع لهم فيكونون غدا في الجنة جيراني، وأنَّ عدوك غدا ظماء مظمئين، مسودة وجوههم مقمحين، حربك حربي وسلمك سلمي، وسرك سري وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري، وأنت باب علمي، وأنَّ ولدك ولدي، ولحمك لحمي، ودمك دمي، وأنَّ الحق معك، والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وأنَّ الله (عزّ وجلّ) أمرني أنْ أبشرك أنك وعترتك في الجنة، وأنَّ عدوك في النار، [يا علي] لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك». قال: قال علي: «فخررت له (سبحانه وتعالى) ساجدا وحمدته على ما أنعم به علي من الإسلام والقرآن، وحببني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين (صلّى الله عليه وآله)». وزاد في الخصال: فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): «لولا أنت لم يعرف المؤمنون بعدي»(74).

* الهوامش:

(1) المراجعات ص255.

(2) الغدير، ج11، ص29، شرح النهج، ج11، ص44.

(3) شرح أصول الكافي، ج8، ص316.

(4) بصائر الدرجات ص74، الإمامة والتبصرة ص111.

(5) السنن الكبرى للنسائي، ج5، ص106، وخصائصه ص46، والمصنف لابن أبي شيبة الكوفي، ج7، ص498، وكتاب السنة، لعمرو بن أبي عاصم، ص584، والآحاد والمثاني للضحاك، ج1، ص148، وتفسير الثعلبي، ج5، ص85، وشرح النهج، ج13 ص228 ونقله أيضا في ج13، ص200 عن تاريخ الطبري، وكنز العمال، ج13، ص122، وينابيع المودة، ج1، ص195، والمستدرك للحاكم، ج3، ص112.

(6) مجمع الزوائد، ج9، ص102، والمعجم الكبير، ج6، ص269، وتاريخ دمشق، ج42، ص41-42، وكنز العمال، ج11، ص616، والاستيعاب، ج4، ص1744، وشرح النهج، ج13، ص228.

(7) الآحاد والمثاني للضحاك، ج1، ص151، تاريخ دمشق، ج42، ص33،  وتهذيب الكمال للمزي، ج12، ص18، والعثمانية للجاحظ، ص290، وينابيع المودة، ج2، ص146، وشرح النهج، ج13، ص228، وكنز العمال، ج13، ص164.

(8) شرح النهج لابن أبي الحديد، ج4، ص122.

(9) البخاري، ج4، ص197، وسنن أبي داوود، ج2، ص402، ومسند أحمد، ج3، ص112.

(10) السيرة النبوية لابن هشام، ج2، ص269، تفسير القرطبي، ج10، ص285-286.

(11) في تفسير العياشي، ج2، 297، عن الصادق (عليه السلام): «أنَّ عليا (عليه السلام) قال لعمر: يا أبا حفص ألا أخبرك بما نزل في بني أمية؟ قال: بلى، قال: فإنه نزل فيهم {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ} قال: فغضب عمر وقال: كذبتَ، بنو أمية خيرٌ منكَ، وأوصلُ للرحم».

(12) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، ج30، ص266.

(13) الطبقات الكبرى، ج6، ص248.

(14) شواهد التنزيل للحسكاني، ج2، ص179-181، وراجع تاريخ دمشق، ج42، ص359، وتفسير القرطبي، ج15، ص256، وتفسير الآلوسي، ج24، ص3، وتفسير البحر المحيط، للأندلسي، ج7، ص412، وفتح القدير للشوكاني، ج4، ص463.

(15) الموضوعات لابن الجوزي، ج1، ص336.

(16) الاحتجاج، ج1، ص230.

(17) البرهان للزركشي ج1 ص156.

(18) مجمع الزوائد، ج9، ص134-135.

(19) شرح النهج، ج2، 267، ينابيع المودة، ج1، ص173.

(20) تاريخ بغداد، ج14، ص322، وتاريخ دمشق، ج42، ص449، ومجمع الزوائد، ج7، 235-236، ونقله في ج9، ص134 عن الطبراني في المعجم الصغير والأوسط.

(21) الغدير، ج3، ص177. وذكر قريب منه ابن قتيبة في الإمامة والسياسة، ج1، ص73 و98.

(22) الطبقات الكبرى، ج3، ص270-271، وتاريخ دمشق، ج44، ص50-51.

(23) ذكره الرازي في تفسيره، ج10، ص153-154 ونسبه إلى كثير من المفسرين.

(24) تاريخ دمشق، ج44، ص50-51.

(25) مجمع الزوائد، ج4، ص284، وشرح النهج، ج1، ص182، وكنز العمال، ج16، ص538، والدر المنثور للسيوطي، ج2، ص133، وغيرها.

(26) الاحتجاج ج1 ص204.

(27) الطبقات الكبرى، ج3، ص270، وتاريخ المدينة لابن شبة النميري(م262)، ج2، ص662، وتاريخ الطبري، ج3، ص267، وتاريخ دمشق، ج44، ص51، وأسد الغابة، ج4، ص57.

(28) الاحتجاج، ج1 ص230، كتاب سليم بن قيس الهلالي، ص402.

(29) الكافي، ج1، ص411-412.

(30) نعم ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، ج7، 154: "قال الواقدي: حدثنا أبو حمزة(الصحيح أبو حرزة) يعقوب بن مجاهد عن محمد بن إبراهيم عن أبي عمرو قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق أمير المؤمنين؟ قالت: النبي -صلّى الله عليه وسلم-  قال: "يا أمير المؤمنين هو" وأول من حياه بها المغيرة بن شعبة " وقيل غيره. فالله أعلم". وأبو حرزة هو الذي نقل تسمية عمر بالفاروق عن عائشة فيما تقدم وبنفس هذا السند، وهو متهم.

(31) التاريخ الكبير للبخاري، ج1، ص79، وتاريخ دمشق، ج44، ص261، الاستيعاب، ج3، ص1150، وفيات الأعيان لابن خلكان، ج6، ص105.

(32) تاريخ ابن خلدون، ج1، ص227.

(33) وفيات الأعيان، ج6، ص105.

(34) كنز العمال، ج12، ص576، وراجع طبقات ابن سعد، ج3، ص281، ووفيات الأعيان، ج6، ص105، وتفسير البحر المحيط، ج7، ص378، وتفسير الآلوسي، ج23، ص186، وتفسير الثعالبي، ج5، ص64-65.

(35) تاريخ الطبري،3، ص277، والكامل في التاريخ، ج3، ص58، وأسد الغابة، ج4، ص71، والبداية والنهاية، ج7، ص154، وتاريخ المدينة، ج2، ص678، وفيات الأعيان، ج6، ص105.

(36) الكافي، ج1، ص411-412.

(37) الاحتجاج، ج1، ص188، وفي هذه الرسالة كثيرٌ من الحقائق لمن أحب المراجعة.

(38) المناقب لابن مردويه، ص56-57، وراجع كتاب الأربعين للماحوزي، ص250.

(39) المناقب لابن مردويه، من ص55 إلى ص64، وتاريخ دمشق، ج42، ص386 وص303، والمناقب للخوارزمي، ص85، ونقله المعتزلي عن حلية الأولياء في شرح النهج، ج9، ص169، وراجع مطالب السؤول، لابن طلحة الشافعي، ص126، وكتاب الأربعين للماحوزي، ص247.

(40) السنن الكبرى للنسائي، ج3، ص265، وخصائصه، ص114، وصحيح ابن حبان، ج15، ص399، والمستدرك على الصحيحين، ج2، ص167.

(41) شرح النهج، ج13، ص228، والعثمانية للجاحظ، ص290.

(42) صحيح ابن حبان، ج15، ص393-394، المعجم الكبير، ج22، ص409-410، مجمع الزوائد، ج9، ص205، وكنز العمال، ج16، ص684، وموارد الظمآن للهيثمي، ج7، ص137.

(43) المعجم الكبير للطبراني، ج22، ص407، مجمع الزوائد، ج9، ص204.

(44) البحار، ص40، ص77، وينابيع المودة للقندوزي، ج2، ص67. 

(45) الكافي، ج1، ص460.

(46) سنن البيهقي، ج7، ص73.

(47) عمدة القاري للعيني، ج16، ص201، فتح الباري لابن حجر، ج7، ص43.

(48) البداية والنهاية، ج7، ص237.

(49) المعجم الكبير للطبراني، ج22، ص410.

(50) مسند ابن حنبل ج4، ص369، وسنن النسائي، ج5، ص118، والخصائص، ص73، وتاريخ دمشق، ص42، ص138، والبداية والنهاية، ج7، ص379، والمناقب للخوارزمي، ص327، وكنز العمال، ج11، ص598 وص618، ومستدرك الحاكم ج3، ص125.

(51) القول المسدد في مسند أحمد، لابن حجر العسقلاني، ص27-30.

(52) البخاري ج1، ص120، وج4 ص190، وسنن النسائي، ج5، ص35.

(53) البخاري، ج1، ص120، وج4، ص254، وسنن الترمذي، ج5، ص270، وفي لسان العرب: "والخوخة: كوة في البيت تؤدي إليه الضوء. والخوخة: مخترق ما بين كل دارين لم ينصب عليها باب، بلغة أهل الحجاز، وعم به بعضهم فقال: هي مخترق ما بين كل شيئين".

(54) الموضوعات لابن الجوزي، ج1، ص366.

(55) شرح النهج، ج11، ص49.

(56) السنن الكبرى، النسائي، ج5، ص137، وج6، ومسند أبي يعلى الموصلي، ج1، ص251.

(57) الاستيعاب، ج3، ص1100، وراجع المعجم الأوسط، ج2، ص337، وج5، ص87، وكنز العمال، ج11، ص621-623.

(58) الجامع الصغير للسيوطي، ج2، ص182، وكنز العمال، ج11، ص601، وفيض القدير للمناوي، ج4، ص481.

(59) الاستيعاب، ج3، 1110، والمعجم الأوسط، للطبراني، ج2، ص328.

(60) المستدرك للنيسابوري، ج3، ص129، وكنز العمال، ج13، ص106.

(61) شرح النهج، ج4، ص84.

(62) البخاري ج4، ص223.

(63) سنن الترمذي، ج5، ص360، والخصائص للنسائي، ص109-110، والمستدرك، ج3، ص157، مسند أبي يعلى، ج8، ص270، وتاريخ بغداد، ج11، ص478، والمعجم الكبير، ج22، ص403، والاستيعاب، ج4، ص1897، وتاريخ دمشق، ج42، ص260-264، وتاريخ الإسلام للذهبي، ج3، ص635، والمناقب للخوارزمي، ص79، وينابيع المودة، ج2، ص39 وص321.

(64) تاريخ دمشق، ج42، ص260.

(65) خصائص علي ابن أبي طالب (عليه السلام) للنسائي، ص109-110.

(66) البخاري ج4، ص192 وج5، ص113، صحيح مسلم، ج7، ص109.

(67) كتاب سليم، ص277.

(68) المصنف لابن أبي شيبة، ج7، ص473.

(69) عمدة القاري، للعيني، ج18، ص71، وراجع فتح الباري، لابن حجر، ج8، ص107، وطبقات ابن سعد، ج2، ص264.

(70) البخاري، ج5، ص144.

(71) طبقات ابن سعد، ج2، ص264، وفتح الباري، ج8، ص107.

(72) راجع أمالي الطوسي، ص506، وأمالي الصدوق، ص61. والبحار، ج35، ص61.

(73) البخاري ج8، ص118، وسنن النسائي ج8، ص237، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص61.

(74) المناقب للخوارزمي، ص129، والخصال ص157 عن جابر ابن عبد الله الأنصاري، كما روى أول هذا الحديث مجموعةٌ، منهم ابنُ حجر الهيثمي في مجمع الزوائد، ج9، ص131، والطبراني في المعجم الكبير، ج1، ص320.