بسم الله الرحمن الرحيم، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد وآله.
المسوخ (بفتح أوله وبضمّه) أو الأمساخ أو المسوخات، واحدها المسخ: حيواناتٌ أو طيور أو حِشَار ثبتت لها بعنوان المسخ أحكام خاصّة، أو يُدَّعى ثبوتها لها. وقد دلَّت بعض الروايات على أنها على صورة المسوخ الأصليّة، وأن الأصليّة لم تبقَ أكثر من ثلاثة أيام(1).
والكلام فيها يقع في مقامين:
المقام الأول: في أفراد هذا العنوان:
وعددها المحصّل من الأخبار بعد الجمع بينها -على ما في الجواهر- نيِّف وعشرون(2)، وقد أنهى العلامة المجلسي (قدّس سرّه) عددها -بملاحظة الروايات صحيحها وضعيفها- إلى ثلاثين، وقد نبّه (رحمه الله) على أن بعضها يرجع إلى بعض(3)، وهي ما يلي: الفيل والدبّ والأرنب والعقرب والضبّ والوزغ والعظاية والعنكبوت والدُعموص والجرِّي والوطواط والقرد والخنزير والكلب والزهرة وسهيل والطاووس والزنبور والبعوض والخفَّاش والفأر والقملة والعنقاء والقنفذ والحيَّة والخنفساء والزمّير والمارماهي والوبر والورل(4)، وفي المستند زيادة (الدبى)(5)، وفي الجواهر: "وزاد في كشف الغطاء-على ما عدَّده في البحار- (العيفيقا(6))، وفي الجواهر أيضاً زيادة (الذئب)، وفي الفقيه زيادة (الثعلب واليربوع والنعامة)(7)، وأفاد في الجواهر متعقِّباً ما في الفقيه من عدِّ (النعامة) مسوخاً: "إلا أنه قيل: لا موافق للصدوق على النعامة من الأخبار أو كلام الأصحاب، بل ربما يظهر منهم في كتاب الحج في بحث الصيد ومن كتاب الأطعمة في عدِّ المحرمات -الاتفاق على إباحتها، وعن بعض نُسَخه (بعامة) بالباء الموحَّدة"(8).
هذا وتحقيق أفراد المسوخ منها يستدعي عرض الروايات وملاحظة دلالتها وسندها:
الأولى: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سألته عن أكل الضبّ؟ فقال: «إن الضبّ والفارة والقردة والخنازير مسوخ»"(9).
الثانية: صحيحة الحسين بن خالد قال: "قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أيحلّ أكل لحم الفيل؟ فقال: «لا»، فقلت: لِمَ؟ قال: «لأنه مثلة، وقد حرَّم الله لحوم الأمساخ ولحم ما مثّل به في صورها»"(10). وإطلاق الحسين بن خالد منصرف إلى الخفّاف الثقة؛ وذلك لأنه هو الذي له كتب، وقد روى عنه غير واحد من الأجلاء، كابن أبي عمير وأبان بن عثمان وجعفر بن بشير وصفوان بن يحيى وعبد الله بن المغيرة وعلي بن أسباط وعلي بن الحكم وفضالة بن أيوب. ثم إن عمرو بن عثمان الوارد في طريقها هو الثقفي الخزّاز الثقة كما لا يخفى.
الثالثة: رواية أبي سهل القرشي قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لحم الكلب؟ فقال: هو مسخ، قلت: هو حرام؟ قال: هو نجس، أعيدها ثلاث مرات كل ذلك يقول: هو نجس"(11). وهي ضعيفة -على الأقل- بالقرشي؛ إذ هو مهمَل.
الرابعة: رواية سليمان الجعفري أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «الطاوس مسخ، كان رجلاً جميلاً، فكابر امرأةَ رجل مؤمن تحبه، فوقع بها، ثمّ راسلته بعدُ، فمسخهما الله طاوسين أنثى وذكراً، فلا تأكل لحمه ولا بيضه»(12). وهي الأخرى ضعيفة ببكر بن صالح الواقع في طريقها الذي ضعّفه النجاشي(13).
الخامسة: ما رواها الكليني والشيخ بسنديهما عن محمد بن الحسن الأشعري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «الفيل مسخ، كان ملكاً زنَّاء، والذئب مسخ، كان إعرابياً ديَّوثاً، والأرنب مسخ، كانت امرأةً تخون زوجها، ولا تغتسل من حيضها، والوطواط مسخ، كان يسرق تمور الناس، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل، اعتدوا في السبت، والجرِّيث والضبّ فرقة من بني إسرائيل، لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم، فتاهوا، فوقعت فرقةٌ في البحر وفرقةٌ في البر، والفارة وهي الفويسقة، والعقرب كان نمَّاماً، والدبّ والوزغ، والزنّبور كان لحَّاماً يسرق في الميزان»(14). ونحوها ما رواها الصدوق في العلل بسنده عن محمد بن الحسن بن علان قال: "سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المسوخ، فقال: «اثنا عشر صنفاً ولها علل، فأما الفيل فإنه مسخ؛ لأنه كان ملكاً زنَّاء لوطيّاً، ومسخ الدبّ؛ لأنه كان رجلاً ديُّوثاً، ومسخت الأرانب؛ لأنها كانت امرأةً تخون زوجها ولا تغتسل من حيض ولا جنابة، ومسخ الوطواط؛ لأنه كان يسرق تمور الناس، ومسخ سهيل؛ لأنه كان عشَّاراً باليمين، ومسخت الزهرة؛ لأنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت، وأما القردة والخنازير، فإنهم قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت، وأما الجرِّي والضبّ ففرقة من بني إسرائيل حين نزلت المائدة على عيسى لم يؤمنوا به فتاهوا، فوقعت فرقة في البحر وفرقة البر، وأما العقرب فإنه كان رجلاً نمَّامة، وأما الزنبور فكان لحَّاماً يسرق في الميزان»"(15). وهذه الرواية ضعيفة بطريق الصدوق؛ لعدم توثيق محمّد بن الحسن بن علان(العلا)، كما أنها بطريق الكليني والشيخ ضعيفة بمحمّد بن الحسن الأشعري؛ إذ لم يثبت توثيقه، وإن وصفها في الجواهر بالصحة(16).
السادسة: رواية الكلبي النسّابة قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجرِّي؟ فقال: «إن الله مسخ طائفة من بني إسرائيل، فما أخذ منهم بحراً فهو الجرِّي والزمِّير والمارماهي وما سوى ذلك، وما أخذ منهم براً فالقردة والخنازير والوبر والورل وما سوى ذلك»"(17). وهي ضعيفة بضعف أو جهالة معلّى بن محمّد وعلي بن محمد وهو الهمداني المعروف بأبي سمينة وكذا براويها المباشر الكلبي النسّابة.
السابعة: رواية محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام) فيما كتب إليه من جواب مسائله في العلل: «وحرّم الأرنب؛ لأنها بمنزلة السنّور، ولها مخاليب كمخاليب السنّور وسباع الوحش، فجرت مجراها مع قَذَرِها في نفسها، وما يكون منها من الدم، كما يكون من النساء؛ لأنها مسخ»(18). وكثرة طرق الرواية إلى ابن سنان(19) تغنينا عن النظر في آحادها، وأما ابن سنان نفسه فالمختار وثاقته؛ فإن تضعيفه محتفٌّ بما يصلح للقرينيّة على أنه راجع إلى عقيدته أو ينطلق عنها، ومعه فلا يعود هذا التضعيف شهادةً حتى تصلح لمعارضة توثيق المفيد (قدّس سرّه) له في الإرشاد، وأنه من خاصّة الرضا (عليه السلام) وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته(20)، كما أنه قد دلَّت جملة وافرة من الروايات على جلالته(21)، وتفصيل الكلام فيه موكول إلى محلِّه.
الثامنة: ما رواها الصدوق (قدّس سرّه) في العلل والخصال بسنده عن علي بن جعفر عن (علي بن المغيرة)(22) عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه عن جده (عليه السلام)قال: «المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفاً: منهم القردة والخنازير والخفّاش والضبّ والفيل والدبّ والدعموص والجرّيث (الجرّي) والعقرب وسهيل والقنفذ والزهرة والعنكبوت، ثم ذكر سبب مسخهم»(23). وهي ضعيفة سواء كان الراوي عن الصادق (عليه السلام) علي بن المغيرة أو مغيرة، وهي مولاة الإمام الصادق (عليه السلام)؛ لمجهوليتهما.
التاسعة: رواية معتّب عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)قال: «سألت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن المسوخ، فقال: هم ثلاثة عشر: الفيل والدبّ والخنزير والقرد والجريث (الجرّي) والضبّ والوطواط والدعموص والعقرب والعنكبوت والأرنب وسهيل والزهرة، ثم ذكر أسباب مسخها». قال الصدوق: "سهيل والزهرة دابّتان من دوابّ البحر المطيف بالدنيا"(24). وهي ضعيفة؛ لاشتمال سندها على نفر من المجاهيل.
العاشرة: رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: «المسوخ ثلاثة عشر»(25)، أقول: ثمّ ذكرت نفس ما اشتملت عليه سابقتها من المسوخ، ثمّ تعرّضت لأسباب مسخها. وهي ضعيفة؛ لجهالة بعض رواتها.
الحادية عشرة: رواية محمد بن سليمان الديلمي عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: «كان الخفّاش امرأة سحرت ضرّةً لها، فمسخها الله خفّاشاً، وإن الفار كان سبطاً من اليهود، غضب الله عليهم فمسخهم فاراً، وإن البعوض كان رجلاً يستهزئ بالأنبياء، ويشتمهم، ويكلح في وجوههم، ويصفق بيديه، فمسخه الله (عزّ وجلّ) بعوضاً، وإن القملة هي من الجسد، وإن نبياً كان يصلي، فجاءه سفيه من سفهاء بني إسرائيل، فجعل يهزأ به، فما برح عن مكانه حتى مسخه الله قملة، وأمّا الوزغ فكان سبطاً من أسباط بني إسرائيل، يسبون أولاد الأنبياء، ويبغضونهم، فمسخهم الله وزغاً (أوزاغاً)، وأما العنقاء فمن غضب الله عليه مسخه، وجعله مثلة، فنعوذ بالله من غضب الله ونقمته»(26). وهي ضعيفة؛ لتصريح النجاشي والشيخ (رحمه الله) بضعف راويها الديلمي(27)، ولجهالة عباد بن سليمان الواقع في طريقها.
الثانية عشرة والثالثة عشرة: روايتا تفسير العياشي (رحمه الله) عن أبي الحسن (عليه السلام) ومضمونهما: "أن الخنازير من قوم عيسى (عليه السلام)، سألوا نزول المائدة، فلم يؤمنوا بها، فمسخهم الله خنازير"(28).
الثالثة عشرة: مرسلة العياشي (رحمه الله) في (تفسيره) عن الأصبغ عن علي (عليه السلام)قال: «أمّتان مسختا من بني إسرائيل، فأما التي أخذت البحر فهي الجرّيث، وأما التي أخذت البر فهي الضباب»(29).
الرابعة عشرة: رواية حبّابة الوالبية قالت: "رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) في شرطة الخميس، ومعه دِرَّة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجرّي والمارماهي والزَمّار، ويقول لهم: «يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان»، فقام إليه فرات بن أخنف، فقال: يا أمير المؤمنين، وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: «أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا...»"(30). ولكنها ضعيفة السند؛ إذ أن أكثر رواتها مجاهيل.
الخامسة عشرة: رواية عبد الله بن طلحة قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوزغ؟ فقال: «هو رجس، وهو مسخ كلّه، فإذا قتلته فاغتسل»"(31). وهي ضعيفة سنداً؛ فإن جلَّ رواتها مجاهيل.
السادسة عشرة: موثّقة عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) "في الذي يشبه الجراد، وهو الذي يسمى الدبا(32)، ليس له جناح يطير به، إلا أنه يقفز قفزاً، أيحل أكله؟ قال: «لا يؤكل( يحلّ) ذلك؛ لأنه مسخ». وعن المهرجل(33)، فقال: «لا يؤكل؛ لأنه مسخ، ليس هو من الجراد»"(34).
أقول: فالذي دلّت الروايات المعتبرة على كونه مسوخاً هو القرد والخنزير والفيل والضبّ والفأر والدبا والمهرجل، كما وقد اشتملت عدّة وافرة من الروايات المزبورة -وإن لم يتم سندها- على مضمون واحد، ومثل هذا يورث وثوقاً بصدوره، وهو أن من المسوخ الدبّ والأرنب والعقرب والجرّي وهو الجرّيث، والوطواط وهو الخفّاش، خصوصاً بعد اتفاقها على كبرى أن المذكورات مسوخ، وإن اختلفت في المصاديق.
المقام الثاني: في أحكام المسوخ:
والبحث فيه في مطالب:
المطلب الأول: في نجاستها وعدمها:
المشهور طهارة المسوخ، وعن الشيخ (قدّس سرّه) في المبسوط(35)، وابن حمزة في الوسيلة(36) نجاستها، ولا دليل على نجاسة مجموعها، نعم وردت جملة روايات استفيد منها نجاسة الأرنب والعقرب والفأر، وفي قبال تلك الاستفادة قال في العروة: "الأحوط الاجتناب عن الثعلب والأرنب والوزغ والعقرب والفأر، بل مطلق المسوخات، وإن كان الأقوى طهارة الجميع"(37)، فلا بدّ من عرض الروايات المشار إليها:
الرواية الأولى: وهي ما قد يستدل به على نجاسة الأرنب وكذا الثعلب، ولم يثبت كونه من المسوخ كما تقدّم، وهي مرسلة يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سألته هل يحل أن يُمسَّ الثعلب والأرنب أو شيئاً من السباع حيَّاً أو ميِّتاً؟ قال: «لا يضره، ولكن يغسل يده»"(38)، فقد يستدلّ على النجاسة بالأمر بغسل اليد.
وأجيب عنها -بعد أن كان موضوعها السباع- بلزوم حمل الأمر بالغَسل على التنزُّه، بقرينة ما دلّ على طهارة السباع(39)، وما دلّ على قبول الأرنب والثعلب للتذكية(40)؛ فإنه لا أثر لها مع كونهما نجسين، على أن الرواية ضعيفة السند بالإرسال. نعم قبول الحيوان للتذكية لا يثبت طهارته؛ فإن للتذكية آثاراً غير الأكل كبيعه على مستحلِّه.
الروايتان الثانية والثالثة: وهما ما قد يستدل به على نجاسة العقرب، وهي موثّقة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "سألته عن الخنفساء تقع في الماء أيتوضأ به(منه)؟ قال: «نعم، لا بأس به». قلت: فالعقرب؟ قال: «أرقه»"(41)، وموثّقة سماعة قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن جرّة وُجد فيه خنفساء قد مات؟ قال: «ألقه وتوضأ منه، وإن كان عقرباً فأرق الماء وتوضأ من ماء غيره»"(42). ولكن الأمر بالإراقة فيهما لا يفهم منه النجاسة؛ لعرفية احتمال أن الأمر بها بلحاظ تسمُّم الماء.
الرواية الرابعة: ما قد يستدل به على نجاسة الفأر، وهي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: "سألته عن الفارة الرطبة قد وقعت في الماء فتمشي على الثياب، أيصلى فيها؟ قال: «اغسل ما رأيت من أثرها، وما لم تره انضحه بالماء»"(43)، ولكنها معارضة بما دلّ على طهارة الفأرة، منه صحيحته الأخرى عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام)-في حديث- "وسألته عن فأرة وقعت في حبّ دهن وأخرجت قبل أن تموت، أيبيعه من مسلم؟ قال: «نعم، ويدهن منه»"(44)، فإنها ظاهرة بحسب إطلاقها اللفظي والمقامي في طهارة الفأرة، فلا بدّ من حمل ما دلّ على نجاستها على رجحان التنزّه عنها، وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة بنقل الشيخ (رحمه الله) في التهذيب؛ لعدم وجود طريق له إلى العمركي الرواي عن علي بن جعفر لا في مشيخة التهذيب ولا في غيرها، إلا أن الشيخ (رحمه الله) نقلها في الاستبصار عن علي بن جعفر، وطريقه إليه معتبر، وإن اشتمل على أحمد بن محمّد بن يحيى، فإنه ثقة؛ لأنه من معاريف الطائفة الذين لم يرد فيهم قدح، وكلّ من كان حاله كذلك كشف ذلك عن حسن ظاهره، وحسن الظاهر كاشف عن الوثاقة عرفاً وشرعاً.
الرواية الخامسة: ما قد يستدل به على نجاسة الوزغة، وإن تقدّم عدم قيام دليل معتبر على كونها من المسوخ، وهي صحيحة معاوية بن عمار، قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفأرة والوزغة تقع في البئر، قال: «ينزح منها ثلاث دلاء»"(45)، ولكن في مقابلها صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) -في حديث- قال: "سألته عن العظاية والحيّة والوزغ يقع في الماء، فلا يموت، أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: «لا بأس به»"(46)، فيحمل الأمر بالنزح على رجحان التنزّه عن ملاقي الوزغ، وربما يرشد نزح ثلاث دلاء إلى عدم النجاسة؛ إذ لو كانت الوزغة نجسة لوجب نزح تمام الماء الملاقى، وهذا كلّه بناء على عدم اعتصام ماء البئر، وإلا لكان الحال أوضح تجاه ما دل على نزح ثلاث دلاء لوقوع الوزغة، وأنه محض تنزّه.
وجملة القول أن ما دل على نجاسة المذكورات إما ضعيف سنداً، وإما لا عامل بها من الطائفة، وإما معارَضة بما هو أظهر منها في الطهارة، ولو تنزّلنا إلى القول بالتكافؤ فحليف الجميع التساقط، والمرجع هو أصالة الطهارة.
فالمتحصّل أنه لم ينهض دليل على نجاسة شيء من المسوخ.
المطلب الثاني: في حرمة أكل لحومها:
يدل على حرمتها -بعد ظهور الاتفاق(47)- جملةٌ من الروايات، منها صحيحة الحسين بن خالد وعموم التعليل في موثقة عمّار، وقد تقدّمتا، ومنها موثّقة سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام)-في حديث- قال: «وحرّم الله ورسوله المسوخ جميعاً»(48). ويؤيّد ذلك روايتا سليمان الجعفري وحبّابة الوالبيّة المتقدمتان.
وأما ما في المستند من أن الدليل على الحرمة هي المستفيضة بل المتواترة معنى(49)- فمحل منع؛ إذ أن الاستفاضة لروايات حرمة المسوخ فضلاً عن تواترها أمرٌ غير بيِّن. نعم الروايات الواردة في المسوخ عموماً كما أفيد، لا المتعرّضة لخصوص حرمتها.
ثمّ إنه لا يعارض روايات الحرمة ما دلّ من الروايات على أن الحرام ما حرّم الله في كتابه، كصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه سئل عن سباع الطير والوحش، حتى ذكر له القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل، فقال: «ليس الحرام إلا ما حرّم الله في كتابه، وقد نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم خيبر عنها (عن أكل لحوم الحمير)، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه، وليس الحمر بحرام، ثمّ قال: اقرأ هذه الآية: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ(50)}»(51)، (نعم لا يعارضها ذلك)؛ لأن المراد بالحرام -على ما ذكره الفاضل الهندي (قدّس سرّه)- ما هو بمعنى الفريضة بأحد معانيها، وهو ما نُصَّ في الكتاب على تحريمه(52)، وهذا لا ينافي ثبوت النهي والحظر من المعصوم (عليه السلام) لبعض العناوين كالمسوخ والسباع. وقد سبق مني بحث روايات "إنما الحرام ما حرّم الله في كتابه" بنحو مستقل(53).
فالمتحصّل حرمة لحوم المسوخ.
المطلب الثالث: في مانعيتها من صحة الصلاة فيها:
قد دلّت مرفوعة محمد بن إسماعيل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا تجوز الصلاة في شعر ووبر ما لا يؤكل لحمه؛ لأن أكثرها مسوخ»(54). على مانعيّة المسوخ من صحة الصلاة فيها؛ إذ قد علّلت العدم بالأمر الوجودي.
ثمّ إن مقتضى التعليل فيها حمل ما دل على مانعيّة عنوان (ما لا يؤكل) عن صحة الصلاة، كما في ذيل موثَّقة ابن بكير الآتية: «وإن كان غير ذلك مما قد نُهيت عن أكله، وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شيء منه فاسد، ذكّاه الذبح (الذابح) أو لم يذكِّه» على ما دلّّ على المنع من الصلاة في جملة من الحيوانات المحرّمة الأكل، كالثعالب(55)، والسمّور(56)، بأن يكون عنوان (ما لا يؤكل) قد لوحظ مرآةً إلى الحيوانات المحرّمة بعناوينها، دون أن يكون لعنوان (ما لا يؤكل) موضوعية في المانعيّة.
ولكن لما كانت المرفوعة ساقطة سنداً فعنوان (ما لا يؤكل) هو موضوع المانعية، فمانعية المسوخ من صحة الصلاة لا لعنوانه، بل لكونها من أفراد عنوان (ما لا يؤكل) -كما اتضح من المطلب الثاني-.
مع أن الظاهر-كما أفاد المحقّق النائيني (قدّس سرّه)- كون قوله (عليه السلام): «لأن أكثرها مسوخ» علةً للتشريع لا علة للحكم، ومن المعلوم أن الحكم في باب علل التشريع لا يدور مدارها، بل يطَّرد ولو في غير موردها(57).
المطلب الرابع: في وقوع التذكية عليها وعدمه:
المسوخ إما ألا تكون له نفس سائلة كالعقرب والجرِّي، فهذه لا تقع عليها التذكية؛ إذ لا أثر لها بالنسبة إلى هذا القسم من المسوخ لا من حيث الحلِّيّة؛ فإنه محرّم الأكل على كلِّ حال-كما سلف-، ولا من حيث الطهارة وجواز البيع؛ لأن ميتته طاهرة، هذا إذا قلنا بأن الممنوع عن بيعه خصوص الميتة النجسة، وإلا فللتذكية أثر، كما تقدّم.
وإما أن تكون له نفس سائلة، فإن لم تكن من نجس العين ولا من الحشار فقد قال في الجواهر: "والمشهور على ما قيل: إنه لا تقع عليها الذكاة، خصوصاً مع ملاحظة القائل بنجاستها كالشيخ والديلمي وابن حمزة، وقال المرتضى، ووافقه الشهيد: تقع عليها الذكاة، بل في (غاية المراد) نسبته إلى ظاهر الأكثر، بل في (كشف اللثام) إلى المشهور"(58)، وكيف ما كان أمر الشهرة، فيقع الكلام في قابلية المسوخ للتذكية في مبحثين:-
الأول: في الأصل الأوَّلي عند الشك في القابلية:
قد يقال: إن الأصل هو أصالة عدم التذكية، أعني استصحاب عدم تحقّقها، إن قلنا بأن التذكية أمر بسيط، وهو صفة خاصّة تحدث في الحيوان من أسباب معينة، مثل الذبحِ الخاصّ والنحرِ كذلك وغيرِهما من الأسباب، فهذا الأمر البسيط لا محالة مسبوق بالعدم حال حياة الحيوان فيستصحب، أو قلنا بأنها مركّبة من فري الأوداج الأربعة بالحديد ومن قابلية المحل للتذكية، فإن القابلية -حسب الفرض- مشكوكة، فيتنقّح موضوع الاستصحاب وإن فُريت أوداجه، وأما إذا قلنا بأن التذكية عبارة عن خصوص فري الأوداج بالحديد المستفاد من قوله (عليه السلام): «بلى» في رواية علي بن أبي حمزة قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أو أبا الحسن (عليه السلام) عن لباس الفراء والصلاة فيها؟ فقال: «لا تصل فيها إلا ما كان منه ذكيّاً»، قال: قلت: أوَ ليس الذكي مما ذكّي بالحديد؟ قال: «بلى، إذا كان مما يؤكل لحمه..»"(59)، فلا شك عندنا في التذكية؛ لعلمنا بوقوعها على الحيوان، فلا موضوع لأصالة عدم التذكية.
ولكن الذي ينبغي أن يقال ما يلي: إنْ قلنا إنَّ القابليّة المعتبرة في الحلِّيَّة مرجعها إلى مانعية أمرٍ وجودي كالسَبُعيّة مثلاً فالمقام من قبيل الشكّ في المانع، ومقتضى استصحاب العدم الأزلي عدمه، وإن قلنا إنّ القابلية المعتبرة مرجعها إلى اشتراط خصوصيّة وجوديّة في الحيوان كالغَنَميّة والأهليّة ونحو ذلك فيختلف حينئذٍ جريان الأصل باختلاف حقيقة التذكية، فإن قلنا إنها المسبَّب الشرعي أو التكويني عن الذبح جرى استصحاب عدمها عند الشك فيها؛ للشك في القابليّة، وإن قلنا إنها عنوان منتزَع من حكم الشارع بالحلِّيّة والطهارة لم يجرِ استصحاب عدمها؛ للشكّ في منشأ انتزاعها، فتجري أصالتا الطهارة والحلّ، ومع جريانهما لا وجه لجريان استصحاب عدم التذكية؛ إذ الأصل الجاري في منشأ الانتزاع سابقٌ رتبةً على الأصل الجاري في نفس العنوان المنتزَع، وإن قلنا إنها عبارة عن عنوان مجعول شرعاً بازاء الذبح الخارجي فلا شك حينذٍ في التذكية؛ لتحقُّقها، وإنما الشك في الحلِّيّة والطهارة، ومقتضى أصالتهما ثبوتهما، إلا أن تكون القابلية المشكوكة خصوصية وجودية؛ إذ أن استصحاب عدمها حاكم على أصالتي الطهارة والحلّ، وإن قلنا إنها عبارة عن نفس العمل الخارجي فتارةً يقع الشكّ في القابلية على نحو الشبهة المفهومية، وأنها مثلاً عبارة عن الغنمية المفقودة في الأرنب، أو الأهلية الموجودة فيه، والجاري حينئذِ أصالة الطهارة والحلّ؛ لعدم جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية، وتارةً يقع الشكّ في القابلية على نحو الشبهة الموضوعية، وأنها موجودة في الأرنب أم لا، فإن كانت التذكية مركَّبة من الذبح الشرعي والقابلية- جرى استصحاب عدم القابلية أزلاً، وكان حاكماً على أصالتي الطهارة والحلّ، وإن كانت التذكية هي الذبح المقيَّد بالقابليّة فإنه يجري استصحاب عدم تحقّق المقيَّد نفسه، وهو حاكم على الأصالتين.
الثاني: ادّعي أن أصالة عدم التذكية -على تقدير جريانها- محكومة بالعمومات الدالّة على قابلية كلّ حيوان للتذكية، فالأصل الثانوي الحاكم هو أصالة القابليّة المزبورة(60)، وما يمكن الاستدلال به لها ما يلي من الروايات:-
الأولى: صحيحة علي بن يقطين قال: "سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن لباس الفراء والسمّور والفنك والثعالب وجميع الجلود؟ قال: «لا بأس بذلك»"(61). بتقريب أن معنى نفي البأس في جميع الجلود أنه لا مانع من لبسها مطلقا ولو في حال الصلاة، فتدل بالدلالة الالتزامية على تذكيتها؛ إذ لو لم تكن كذلك لم يجز لبسها، إما مطلقاً لو قلنا بعدم جواز الانتفاع بالميتة، أو في خصوص حال الصلاة. وكلّ ما ثبت من الخارج عدم قابليته للتذكية يكون خارجاً بالتخصيص عن العموم المذكور(62).
وقد أورد على الاستدلال بها بإيرادين:
الإيراد الأول: أنه إذا بني على عدم حرمة الانتفاع بالميتة في غير حال الصلاة لا يتم هذا الاستدلال؛ لوضوح أن النظر في السؤال والجواب إلى لبس تلك الأشياء من حيث الجواز التكليفي والحرمة، ولا نظر إلى الجواز الوضعي لاستعمالها في الصلاة. ولهذا حكم الإمام (عليه السلام) بنفي البأس مع أن جملة من العناوين المأخوذة في مورد السؤال مما لا يؤكل لحمه، وهو مما لا تجوز الصلاة فيه على أيّ حال ولو كان قابلاً للتذكية(63).
الثاني(64): أن الرواية المذكورة تدل على جواز استعمال كل الجلود، ولا شكّ في أن دليل عدم جواز استعمال غير المذكّى يكون مخصِّصاً لذلك العموم، فإذا شكّ في كون حيوان مذكّى أو لا؛ للشكّ في قابليته للتذكية كان شبهةً مصداقية لذلك العموم، فمن يقول بعدم جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية مطلقاً لا يمكنه أن يتمسك في المقام بالعام لنفي عنوان المخصص عن الفرد المشكوك.
نعم من يرى جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية فيما إذا كانت الشبهة المصداقية للعام شبهةً حكمية في نفسها جاز له التمسّك به؛ لأن الشكّ في قابلية الحيوان للتذكية في المقام شبهة حكمية في نفسها، وإن كانت شبهة مصداقية بلحاظ العام المخصَّص.
ويمكن أن يقال أيضاً: إنما لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية إذا لم يكن بيان المصداق من وظيفة الشارع، وإلا كان العام حجةً في الفرد المشكوك؛ لأن دليل التخصيص إنما يعارض العام إذا كان عنوان الخاص منطبقاً على عنوان العام، ومقتضى العام عدم الانطباق؛ لأنه يدل بالمطابقة على ثبوت حكم العام في كل فرد، ويدل بالالتزام على نفي عنوان الخاصّ عن كل فرد. وهذه الدلالة الالتزامية وإن لم تكن حجّة في إثبات ذلك إذا كان خارجاً من وظيفة الشارع، لكنها حجّة إذا كان النفي من وظائفه، فإن كان الشك في التذكية من جهة الشك في وجود السبب الشرعي يكون المرجع أصالة عدم التذكية، وإن كان من جهة وجود القابلية التي من وظائف الشارع بيانها، فالتمسّك بعموم الصحيح ونحوه لاثباتها في محله، نعم يختصّ الصحيح ونحوه بالحيوانات ذوات الجلود، فيبقى غيرها على مقتضى الأصل.
وبيان هذا كالتالي: أنه إذا ورد على خطاب العام مخصِّص منفصل ثبت للعامّ دلالة التزاميّة بأن الفرد المشكوك ليس من أفراد عنوان المخصِّص، وهذه الدلالة الالتزاميّة لا تكون معتبرة إلا إذا كان بيان أفراد المخصِّص من وظيفة الشارع، كما إذا ورد (كلّ ماء مطهِّر من الحدث والخبث)، وورد في خطاب منفصل بأن (الماء المتنجِّس لا يرفع حدثاً ولا خبثاً)، وشُكَّ في ماء أنه متنجّس أم لا بالشبهة الحكميّة، كما إذا شك في أن الغسالة التي يتعقّبها طهارة المحلّ متنجّسة أم لا، ففي مثل ذلك يتمسّك بما دلّ على مطهّريّة كلّ ماء لإثبات أن الغسالة المزبورة ليست من المتنجّس، وإذا كان للمشكوك بكونه مصداقاً للعنوان المخصّص جهتان، يكون في إحدى جهتيه بيانها من وظيفة الشارع، ولم يكن بيان جهته الأخرى وظيفته، فيتمسّك بتلك الدلالة الالتزاميّة فيما إذا كان الشك في جهته التي وظيفة الشارع بيانها.
والأمر في المقام من هذا القبيل؛ لأن صحيحة علي بن يقطين الدالّة على عدم البأس بجميع الجلود مخصَّصة بخطاب النهي عن الانتفاع ولبس الميتة، والحيوان المشكوك كونه من الميتة فيه جهتان، إحداهما: هل قطعت أوداجه أم لا؟ والثانية: أن نوعه قابلٌ للتذكية أم لا، وإذا شُكَّ فيه من الجهة الأولى فلا يجوز فيه التمسّك بالدلالة الالتزامية للصحيحة بأنه ليس من الميتة، وإذا شُكَّ في كونه ميتة من جهة كون نوعه قابلاً للتذكية، فيتمسّك بتلك الدلالة وإثبات أنه مع قطع أوداجه إلى القبلة وذكر اسم الله عليه ليس ميتة.
وأُورد عليه بأنه لا موجب لعدم اعتبار الدلالة الالتزامية مع ثبوتها، إلا أن عدم اعتبارها؛ لعدم ثبوتها أصلاً، حيث إن حكم العام بعد ورود خطاب المخصِّص لا يكون بحسب المتفاهم العرفي لنفس العامّ، بل يتقيّد موضوعه بما ليس فيه عنوان المخصِّص، فإذا ورد (لا تكرم الفسّاق من العلماء) بعد خطاب (أكرم كلّ عالم) يكون الموضوعُ بطلب الإكرام العالمَ المسلوب عنه عنوان الفاسق، فيكون صدقه على المشكوك غير محرز، فلا يثبت له الحكم إلا إذا جرى الأصل في ناحية عدم عنوان الخاصّ(65).
وما ذكر تامٌّ لو كان العامّ في مقام بيان المقتضي أي أن كلّ عالم مقتضي لوجوب الإكرام ما لم يمنع مانع؛ إذ أنه والحالة هذه ليس له دلالة التزامية على نفي المانع؛ لعدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة. فإذا ورد دليل وكان أخص منه مطلقاً، كـ (لا تكرم فاسق العلماء)، وشُكَّ في الفِسق مصداقاً أو حكماً فلا يجوز التمسّك بالعام؛ لأن ظاهر المخصِّص النظر إلى العام وتقييد موضوعه بغير الخاصّ، ومدلوله الالتزامي أن المولى غير متكفِّل في الخطاب العامّ للتعهُّد بثبوت القيد العدمي في كلّ فرد، وإنما مرجع العام لجعل الحكم على فرض ثبوت الموضوع، لا أنه متكفّل بثبوته. وأما إذا كان العام في مقام بيان الوظيفة الفعليّة من تمام جهاته فإنَّ له مدلولاً التزاميّاً ينفي المانع عن وجوب إكرام كلّ عالم، وكذا إذا كان الدليل الآخر غير مخصِّص، كما لو قال (لا تكرم مرتكب الكبيرة)، حيث إن النسبة بينه وبين العامّ عمومٌ من وجه، وإنما قدّمناه على العامّ لنكتة عرفيّة معيّنة، فإنه والحالة هذه ليس ناظراً لمفاد العامّ كي يكون دالاً على عدم تعهّد المولى بثبوت الموضوع في كلّ فرد، فتبقى دلالة العام على وجدان كلّ فرد للقيد العدمي حجّةً ويؤخذ بها عند الشكّ في القيد على نحو الشبهة الحكميّة، ومقامنا من هذا القبيل؛ فإن النهي عن الانتفاع بالميتة أخصّ من وجهٍ مما دلّ على جواز لبس جميع الجلود.
الرواية الثانية: التي يمكن الاستدلال بها على قابليّة كلّ حيوان للتذكية، ومنه المسوخ- موثَّقة سماعة قال: "سألته عن جلود السباع ينتفع بها؟ قال: «إذا رميت وسمّيت فانتفع بجلده، وأما الميتة فلا»"(66). فإن ظاهرها -بقرينة المقابلة بين ما رمي وسمي عليه وبين الميتة- أن الترخيص في الانتفاع بالجلود إنما هو بلحاظ حصول الذكاة لها بمثل ذلك، إلا أن هذا خاصٌ بالسباع، ومنها الدبّ؛ لأن له ناباً، وهو من المسوخ،-كما تقدّم في ذيل المقام الأول-، ولكن قد يُتعدّى إلى غيرها مما ينتفع بجلده بمقدار ما تساعد عليه القرائن المتّصلة والمنفصلة.
الرواية الثالثة: موثَّقة ابن بكير قال: "سأل زرارة أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر؟ فأخرج كتاباً زعم أنه إملاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أن الصلاة في وبر كلّ شيء حرام أكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شيء منه فاسد، لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيره مما أحلّ الله أكله»، ثم قال: «يا زرارة، هذا عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاحفظ ذلك يا زرارة، فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلِّ شيء منه- جائز، إذا علمت أنه ذكي، قد ذكّاه الذبح، وإن كان غير ذلك مما قد نُهيت عن أكله، وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شيء منه فاسد، ذكّاه الذبح (الذابح) أو لم يذكِّه»"(67). فإن قوله (عليه السلام) في ذيلها «ذكّاه الذابح أو لم يذكِّه» ظاهر-كما في الجواهر- في أن الذبح تذكية لكل حيوان، -وأضاف- وكذا لو كانت الرواية (الذبح) بناءً على أن المراد منه ذُبح أو لم يُذبح(68).
واستشكل ذلك في المستمسك بأن عدم تذكية الذابح أعمّ من عدم القابلية للتذكية، ولا سيما بناءً على ما في بعض السنخ من قوله (عليه السلام) «ذكّاه الذبح» بدل «ذكّاه الذابح»، فإن الجمود على العبارة يقتضي أن يكون الذبح موجباً للذكاة تارة، وغير موجب لها أخرى(69).
وفيه إن الظاهر هو المقابلة بين تحقق التذكية في الحيوان خارجاً وبين عدم تحققها، ولازمه المفروغيّة عن أصل القابليّة لها، لا أن المقابلة بين القابل للتذكية وغيره، التي لازمها عدم قبول للبعض للتذكية، وإلا لكان الأنسب أن يقال مثلاً يذكيه الذبح أو لا يذكيه، ويشهد لما ذكرناه قوله (عليه السلام): «فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره... جائز، إذا علمت أنه ذكي، قد ذكّاه الذبح» الظاهر في فعلية الذبح بعد الفراغ عن قابلية التذكية.
ولكن رغم دلالة الموثّقة على المفروغيّة من قابليّة الحيوان غير المأكول للتذكية، إلا أنه لا إطلاق لها لكلّ حيوان كذلك؛ لعدم كونها بصدد البيان من هذه الجهة، بل هي بصدد بيان مانعيّة غير المأكول من صحة الصلاة وإن كان مذكّى، وأما أن كلّ أفراد غير المأكول تقبل التذكية فلا.
والمحصّلة أنه لم ينهض شيء من الروايات على قابلية المسوخ للتذكية، ولو في حدود ذوات الجلود التي يمكن الانتفاع بها، نعم ما كان من المسوخ فرداً من السباع كالدبّ فهو قابل لها؛ لتماميّة دلالة بعض الروايات -كموثّقة سماعة- على قابلية مطلق السباع للتذكية فيما إذا كانت ذوات جلود يمكن الانتفاع بها.
نعم دلّت جملة من الروايات على قبول الثعلب والأرنب للتذكية(70)، كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك في المطلب الأول.
ثمّ إن كانت المسوخ ذات النفس السائلة من الحشار، وهي الدواب التي تسكن باطن الأرض كالضب والفأر، فلا تقع عليها التذكية؛ لاختصاص الدليل على تقدير تماميته بذوات الجلود المنتفع بها، فلا يتناول مثل الضب والفأر، وكذا لا يقبل التذكية ما كان من المسوخ نجس العين كالخنزير؛ فإن لحمه وجلده بعد الذبح مثلاً- على النجاسة، فلا أثر للتذكية.
المطلب الخامس: في جواز المعاوضة عليها وعدمه:
فالمشهور حرمة بيع المسوخ(71)، بل ادّعى في المبسوط الإجماع عليها وعلى حرمة الانتفاع بها واقتنائها، وذكر بأن عدم جواز بيعها لنجاستها (72)-كما تقدّم في المطلب الأول-، وفي الخلاف: "دليلنا -يعني على حرمة بيعها- إجماع الفِرقة، وأيضاً قوله (صلّى الله عليه وآله): «إن الله تعالى إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه»(73)" (74).
فوجوه حرمة بيعها أربعة:-
1- دعوى الإجماع على حرمة البيع.
2- دعوى الملازمة بين حرمة أكلها وبين حرمة بيعها.
3- دعواها بين نجاستها وبينها.
4- دعواها بين حرمة الانتفاع بها وبين حرمة البيع وضعاً؛ إذ أن حرمة الانتفاع بها المؤذنة بأن لا نفع فيها- تستلزم نفي ماليتها التي لا بدّ منها في تحقّق البيع.
وهذه الوجوه أجمع غير تامّة:
أما الوجه الأول، وهو الإجماع المدّعى؛ فلعدم كشفه عن رأي المعصوم (عليه السلام) بعد استناده إلى الوجوه الثلاثة الأخرى أو بعضها، فهو ليس إجماعاً تعبديّاً بل هو محتمل المدركيّة.
وأما الوجه الثاني؛ فلمنع الملازمة بين حرمة أكل شيء وحرمة البيع؛ إذ لا دليل على ذلك، وأما النبوي باللفظ المتقدِّم أو بهذا اللفظ: «...إن الله تعالى إذا حرّم على قوم أكل شيء حرّم عليهم ثمنه»(75)، فإنه ساقط عن الحجّية؛ لخروج أكثر أفراده من تحت إطلاقه، فإنّا نعلم بأن أعياناً كثيرة رغم حرمة أكلها يجوز بيعها، وضرب قانون لا يبقى تحته -رغم سعته- إلا النزر اليسير مستهجن عرفاً، على أن نقله بنحوٍ مرسل، ولا جابر له؛ فإن الاتفاق من الفريقين على عدم العمل بإطلاقه.
وأما الوجه الثالث؛ فلمنع الملازمة بين النجاسة وحرمة البيع، ولو سلّّمنا الملازمة فالملزوم -أعني نجاسة المسوخ- ممنوع، ولو في الجملة -كما تقدّم في المطلب الأول-.
وأما الوجه الرابع؛ فلأنه لئن سُلمت الكبرى وأن حرمة الانتفاع تستلزم نفي المالية التي هي شرط في صحة البيع، إلا أنَّا لا نسلِّم الصغرى؛ فإنه لا دليل على حرمة الانتفاع بالمسوخ، ولا ملازمة بين حرمة أكلها وحرمة ما سوى الأكل من أوجه الانتفاع بها، بل قام الدليل على جواز بيع بعضها، وهو ما ورد من جواز بيع عظام الفيل، كما في معتبرة عبد الحميد بن سعيد (سعد) قال: "سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن عظام الفيل يحلّ بيعه أو شراؤه الذي يجعل منه الامشاط؟ فقال: «لا بأس، قد كان لي منه مشط أو أمشاط»"(76). وعبد الحميد وإن لم يرد فيه توثيق بالخصوص، إلا أنه ممن روى عنه صفوان بن يحيى، بل هو راوية كتابه(77)، وإن كان ما نُقِلَ في الكتب الأربعة من روايته لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وكبرى وثاقة من روى عنه صفوان بإكثارٍ- تامّة.
كما قام الدليل على جواز الانتفاع بالعاج -مضافاً إلى المعتبرة المزبورة- وهو صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميّت، قال: «لا بأس به»، قلت: اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت؟ قال: «لا بأس به»، قلت: والصوف والشعر وعظام الفيل والجلد والبيض يخرج من الدجاجة؟ فقال: «كلّ هذا لا بأس به»"(78)، ويؤيّده ست روايات أوردها في الوسائل معنونة بـ"باب استحباب التمشّط بالعاج"(79).
والنتيجة أنه لم يقم دليل على حرمة بيع المسوخ أو الانتفاع بها، بل قام الدليل على جوازهما في الجملة.
نعم دلّت بعض الروايات على حرمة بيع القرد، وهي روايتان:-
إحداهما:: رواية مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نهى عن القرد أن يشترى وأن يباع»(80)، وهذا النهي ظاهر في الإرشاد إلى فساد المعاملة، ومقتضى إطلاقها يشمل ما لو قصد به الانتفاع المحلّل أيضاً كحفظ المتاع، إلا أن الرواية ضعيفة سنداً بالأصم وابن شمون.
الثانية: رواية الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: «من السحت ثمن الميتة -إلى أن قال- وثمن القرد...»(81)، واحتمال الخصوصية للقرد قائمٌ لا نافي له عرفاً، فلا يتعدّى من القرد إلى غيره من المسوخ. ويبقى الكلام في جهة السند، فقد قال في الجواهر في كتاب الأمر بالمعروف: "بل الكتاب المزبور-يعني الجعفريات ويسمّى الأشعثيات- على ما حكي عن بعض الأفاضل ليس من الأصول المشهورة، بل ولا المعتبرة، ولم يحكم أحد بصحّته من أصحابنا، بل لم تتواتر نسبته إلى مصنِّفه، بل ولم تصحّ على وجه تطمئن النفس بها، ولذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل ولا المجلسي في البحار مع شدَّة حرصهما -خصوصاً الثاني- على كتب الحديث، ومن البعيد عدم عثورهما عليه، والشيخ والنجاشي وإن ذكرا أن مصنِّفه من أصحاب الكتب، إلا أنهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، ومع ذلك فإن تتبّعه وتتبّع كتب الأصول يعطيان أنه ليس جارياً على منوالها؛ فإن أكثره بخلافها، وإنما تطابق روايته في الأكثرية رواية العامّة إلى آخره"(82).
بيان ما قاله من أن الشيخ والنجاشي لم يذكرا كتاب الجعفريات بعبارة تشعر بتعيينه: أن كتاب محمد بن محمد الأشعث -الذي وثّقه النجاشي، وقال: "له كتاب الحج، ذكر فيه ما روته العامّة عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في الحج"(83)- لم يصل إلينا، ولم يذكره الشيخ في الفهرست، وهو لا ينطبق على ما هو موجود عندنا؛ فإن الكتاب الموجود بأيدينا مشتمل على أكثر أبواب الفقه، وذلك الكتاب في الحج خاصّة، وفي خصوص ما روته العامّة عن جعفر بن محمد (عليهما السلام). وأما ما ذكره النجاشي والشيخ في ترجمة إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) من أن له كتباً يرويها عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام)، منها كتاب الطهارة إلى آخر ما ذكراه(84)، فهو لا ينطبق على ما هو موجود بأيدينا؛ فإن الموجود بأيدينا مشتمل على كتاب الجهاد وكتاب التفسير وكتاب النفقات وكتاب الطب والمأكول وكتاب غير مترجم، وهذه الكتب غير موجودة فيما ذكره النجاشي والشيخ، وكتاب الطلاق موجود فيما ذكراه وغير موجود فيما هو عندنا، فلم يثبت الاتحاد، حيث إنه لا طريق لنا إلى إثبات ذلك.
ولو تجاوزنا كلّ ذلك -ولو لأجل ما ذكره المحدِّث النوري (رحمه الله) في اعتباره(85)،(86)- إلا أن في طريق الكتاب -رغم اتصاله وعدم إرساله- موسى بن إسماعيل، وهو موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) نزيلُ مصر، ولم يرد فيه توثيق صريح، وقد ذُكرت جملة وجوه لوثاقته، نعرضها ونبيّن ما فيها:-
الأول(87): ويتألف من مقدمتين:
أ- ذكر ابن الغضائري (رحمه الله) في حق سهل بن أحمد الديباجي: "إنه كان يضع الأحاديث، ويروي عن المجاهيل، ولا بأس بما يروي من الأشعثيات، وما يجري مجراها مما رواه غيره"(88).
ب- أن طريق الكتاب منحصر بطريق موسى بن إسماعيل، فنفي البأس عن الكتاب من قِبَل ابن الغضائري توثيق ضمني لرواته، ومنهم موسى بن إسماعيل.
ويأتي على هذا الوجه -رغم جودة مقدمته الثانية- المناقشة في انتساب الكتاب الذي ينقل عنه العلامة (رحمه الله) وغيره إلى ابن الغضائري.
الوجه الثاني: استفادة ذلك مما قاله السيد ابن طاووس في الإقبال، بناءً على اعتبار توثيقات المتأخرين، وإليك عبارته: "في تعظيم التلفُّظ بشهر رمضان رأيت ورويت من(في) كتاب الجعفريات، وهي ألف حديث بإسنادٍ واحدٍ عظيمِ الشأن، إلى مولانا موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن مولانا جعفر بن محمد، عن مولانا محمد بن علي، عن مولانا علي بن الحسين، عن مولانا الحسين، عن مولانا علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال: لا تقولوا رمضان...، وهذا الحديث وقف فيه الإسناد في الأصل عن مولانا صلوات الله عليه، وقد روينا في غير هذا، أن كلّ ما روي عن مولانا علي فهو عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)"(89).
ويرِد على هذا الوجه أن توصيف إسناد الكتاب بأنه عظيم الشأن قد يكون بلحاظ اشتماله على سلسلة المعصومين من لدن الكاظم (عليه السلام) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد يشهد لذلك ما ذيَّل به كلامه.
الوجه الثالث: استفادة توثيق أو حسن عامٍّ لأولاد أبي الحسن موسى (عليه السلام) مما قاله الشيخ المفيد (رحمه الله) في الإرشاد في باب عدد أولاده: "ولكلِّ واحدٍ من ولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) فضلٌ ومنقبة مشهورة"(90).
وفيه أنه وإن كان من غير البعيد وجود ملازمة عاديّة بين كون الراوي بتلك المثابة وبين وثاقته، إلا أن عبارة المفيد (رحمه الله) خاصّة بالأولاد المباشرين لأبي الحسن موسى (عليه السلام)؛ فإنه -بعد أن عدّدهم بأسمائهم- ذكر تلك العبارة في حقِّهم، والحال أن موسى بن إسماعيل حفيد للإمام الكاظم (عليه السلام).
الوجه الرابع: أن موسى بن إسماعيل واقع في سند روايةٍ في كامل الزيارات لابن قولويه (رحمه الله)، وهي الرواية(17) من الباب(2) في ثواب زيارة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ويرد عليه عدم تماميّة كبرى وثاقة من وقع في أسناد روايات الكامل، لا لأجل قصور عبارة الديباجة عن تناول غير المشايخ المباشرين لصاحب الكامل، بل لظهور عبارة الديباجة في روايته بواسطة بعض مشايخه عمن ثبت ضعفه، وإليك عبارته: لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته، ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذَّاذ من الرجال يُؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم(91)، فإن الظاهر من ذيلها أنه تتفق روايته عن الشذّاذ من الرجال، ولكن بواسطة الثقات من أصحابنا المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم. والنتيجة أن رواية الجعفريات وإن كانت ظاهرة الدلالة على حرمة بيع القرد، إلا أن عدم ثبوت وثاقة موسى بن إسماعيل الواقع في طريق الكتاب يحول دون الاعتماد عليها وعلى غيرها من روايات الكتاب.
إذن لم ينهض دليل على فساد بيع القرد(92)، فلم يقم دليلٌ على حرمة بيع المسوخ وفساده مطلقاً.
والحمد لله أولاً وآخراً، وصلّى الله على محمّد وآله.
* الهوامش:
(1) وسائل الشيعة24: 108 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح10.
(2) جواهر الكلام6: 82، 83.
(3) فالوطواط هو الخفّاش.
(4) بحار الأنوار62: 230.
(5) مستند الشيعة15: 100- 101.
(6) ولكن في المطبوع من (كشف الغطاء)1: 174 (العنقاء) لا (العيفيقا)، وفي الفقيه3: 336 (البقعاء)، وفي حاشيته: "كذا في بعض النسخ، وفى بعضها (العيفيقا)، وفى بعضها: (العيقيقا) بالقافين، وفى بعضها: (الببغاء)، وفى بعضها: (العيفيفا)، وكلّ ذلك مصحَّفٌ ظاهراً، وقيل: الصواب (العنقاء)، وقيل: الصواب (القعنباة) أو (العبنقاء) وصفان للعقاب، وصحِّف لمشاكلة الخط وعدم دقَّة النسَّاخ وتصرُّفهم".
(7) من لا يحضره الفقيه3: 336.
(8) جواهر الكلام6: 83.
(9) وسائل الشيعة24: 104 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح1.
(10) وسائل الشيعة24: 104 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح2.
(11) وسائل الشيعة24: 105 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح4.
(12) وسائل الشيعة24: 106 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح6.
(13) معجم رجال الحديث4: 251، 252 (1858).
(14) وسائل الشيعة24: 106 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح7.
(15) علل الشرائع2: 285- 286 ب239.
(16) جواهر الكلام6: 82.
(17) وسائل الشيعة24: 107 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح8.
(18) وسائل الشيعة24: 109 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح11.
(19) لاحظ عيون أخبار الرضا (عليه السلام)1: 95 ب33 ح1.
(20) الإرشاد2: 247- 248.
(21) معجم رجال الحديث17: 162- 167.
(22) وفي العلل2: 487 ب239 ح4، والخصال: 493 أبواب الثلاثة عشر ح1: بدل (علي بن المغيرة) (مغيرة).
(23) وسائل الشيعة24: 109 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح12.
(24) وسائل الشيعة24: 109 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح13.
(25) وسائل الشيعة24: 110 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح14.
(26) وسائل الشيعة24: 111 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح15.
(27) معجم رجال الحديث17: 135(10900).
(28) وسائل الشيعة24: 111، 112 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح17، 18.
(29) وسائل الشيعة24: 136 ب9 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح22.
(30) وسائل الشيعة24: 131 ب9 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح3، و2: 116، 117 ب67 من أبواب آداب الحمام ح4.
(31) وسائل الشيعة3: 332 ب19 من أبواب الأغسال المندوبة ح1.
(32) الدبا: الجراد قبل أن يطير، وقيل: هو نوعٌ آخر. لسان العرب14: 248.
(33) المهرجل: شبه الجراد. كما في هامش مخطوطة الوسائل.
(34) وسائل الشيعة24: 89 ب37 من أبواب الذبائح ح7.
(35) المبسوط(ك البيوع)2: 165- 166، وما نسب إلى الشيخ (قدّس سرّه) من دعواه الإجماع على نجاسة المسوخ -مستند الشيعة1: 226- ليست بيّنة؛ فإنه -بعد أن قال بنجاستها- رتّب عليها حرمة بيعها وإجارتها والانتفاع بها واقتنائها مدّعياً الإجماع على الحرمة لا على النجاسة، ويشهد لذلك استثناء الكلب وأن فيه خلافاً؛ فإن نجاسة الكلب مما لا خلاف فيها، وإنما الخلاف في بيعه، وإليك عبارته: "وإن كان نجس العين مثل الكلب والخنزير والفأرة والخمر والدم وما توالد منهم وجميع المسوخ، وما توالد من ذلك أو من أحدهما فلا يجوز بيعه ولا إجارته ولا الانتفاع به ولا اقتنائه بحالٍ إجماعاً إلا الكلب؛ فإن فيه خلافاً"، كما لا موضع لاحتمال كون (وجميع المسوخ) في عبارة الخلاف معطوفة على (نجس العين)،-مهذّب الأحكام1: 420- كما لا يخفى.
(36) الوسيلة: 73.
(37) العروة الوثقى1: 154 ط جماعة المدرسين المحشاة بـ15 تعليقة.
(38) وسائل الشيعة3: 462 ب34 من أبواب النجاسات ح3.
(39) وسائل الشيعة1: 226 ب1 من أبواب الأسآر ح6 و 1: 227 - 228 ب 2 ح3، 4 و 4: 353 - 354 ب5 من أبواب لباس المصلّي ح4، 6.
(40) وسائل الشيعة4: 350 ب4 من أبواب لباس المصلّي ح2 و:356- 358 ب7 ح2، 6، 7، 9 و:377 ب14 ح3.
(41) وسائل الشيعة1: 240 ب9 من أبواب الأسآر ح5.
(42) وسائل الشيعة1: 240 ب9 من أبواب الأسآر ح6.
(43) وسائل الشيعة3: 460 ب33 من أبواب النجاسات ح2.
(44) وسائل الشيعة1: 238- 239 ب 9 من أبواب الأسآر ح1.
(45) وسائل الشيعة1: 187 ب19 من أبواب الماء المطلق ح2.
(46) وسائل الشيعة1: 238- 239 ب 9 من أبواب الأسآر ح1.
(47) لاحظ كفاية الأحكام: 248، مجمع الفائدة والبرهان11: 174، رياض المسائل13: 389، مستند الشيعة15: 74، 99.
(48) وسائل الشيعة24: 105 ب2 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح3.
(49) مستند الشيعة15: 99.
(50) سورة الأنعام: 145.
(51) وسائل الشيعة24: 123 ب5 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح6.
(52) كشف اللثام 9: 246.
(53) بحثت تلك الروايات في رسالة بعنوان (قاعدة "إنما الحرام ما حرّم الله في كتابه" في الميزان)، وقد نشرت في العدد الخامس عشر من مجلة (رسالة القلم) الصادر في رجب 1429هـ.
(54) وسائل الشيعة4: 347 ب3 من أبواب لباس المصلّي ح7.
(55) وسائل الشيعة3: 348 ب3 من أبواب لباس المصلّي ح4.
(56) وسائل الشيعة3: 348، 349 ب3 من أبواب لباس المصلّي ح4، 5.
(57) كتاب الصلاة، تقرير بحث الميرزا النائيني (قدّس سرّه) بقلم الشيخ الكاظمي (قدّس سرّه)1: 236.
(58) جواهر الكلام36: 196، 197.
(59) وسائل الشيعة4: 345، 346 ب2 من أبواب لباس المصلّي ح2.
(60) بل في الحدائق(5: 522، 523): "الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) فيما أعلم أن ما عدا الكلب والخنزير والإنسان من الحيوانات الطاهرة مما لا يؤكل لحمه كالسباع ونحوها تقع عليها الذكاة"وقد تعقّبه في الجواهر(6: 350) بقوله: "لم نتحقّقه، بل المتحقّق خلافه". في إشارةٍ إلى خلاف الشيخ والديلمي وابن حمزة كما عرفت.
(61) وسائل الشيعة4: 352 ب5 من أبواب لباس المصلّي ح1.
(62) التنقيح في شرح العروة الوثقى (ك الطهارة) = موسوعة الإمام الخوئي (قدّس سرّه)2: 410، جواهر الكلام36: 196.
(63) بحوث في شرح العروة الوثقى3: 56.
(64) مستمسك العروة الوثقى1: 292، 293، بحوث في شرح العروة الوثقى3: 57. ويختصّ الثاني بإضافة تبدأ من (نعم من يرى..) ويختصّ الأول بإضافة تبدأ من(ويمكن أن يقال:..).
(65) تنقيح مباني العروة(ك الطهارة) للميرزا جواد التبريزي (قدّس سرّه)2: 51- 52.
(66) وسائل الشيعة 3: 489 ب49 من أبواب النجاسات ح2.
(67) وسائل الشيعة4: 345 ب2 من أبواب لباس المصلّي ح1.
(68) جواهر الكلام36: 196.
(69) مستمسك العروة الوثقى1: 292.
(70) وسائل الشيعة4: 350 ب4 من أبواب لباس المصلّي ح2 و:356- 358 ب7 ح2، 6، 7، 9 و:377 ب14 ح3.
(71) مستند الشيعة14: 101.
(72) المبسوط2: 165، 166.
(73) غوالي اللئالىء2: 328، عنه في جامع أحاديث الشيعة17: 175 ب12 من أبواب ما يكتسب به ح13، ونقله في البحار100: 54 ح29عن خط الشيخ محمد بن علي الجباعي (رحمه الله) نقلاً من خط الشهيد قدس الله روحه عن ابن عبّاس.
(74) الخلاف3: 184 م308.
(75) غوالي اللئالىء1: 181 ح240، عنه في مستدرك الوسائل13: 73 ب6 من أبواب ما يكتسب به ح8.
(76) وسائل الشيعة17: 171 ب 37 من أبواب ما يكتسب به ح2.
(77) رجال النجاشي: 246 (648)، عنه في معجم رجال الحديث10: 299 (6284).
(78) وسائل الشيعة24: 182 ب33 من أبواب الأطعمة المحرّمة ح10.
(79) وسائل الشيعة2: 122- 124 ب72 من أبواب آداب الحمّام1- 6.
(80) وسائل الشيعة17: 171 ب37 من أبواب ما يكتسب به ح4.
(81) مستدرك الوسائل13: 69 ب5 من أبواب ما يكتسب به ح1.
(82) جواهر الكلام21: 398.
(83) معجم رجال الحديث18: 200.
(84) معجم رجال الحديث4: 100- 101.
(85) مستدرك الوسائل19 (الخاتمة1): 25.
(86) لاحظ للمزيد حول كتاب الجعفريات ما يلي: التنقيح في شرح العروة الوثقى(ك الطهارة)= موسوعة الإمام الخوئي (قدّس سرّه)2: 92، مباني العروة الوثقى(النكاح1)= الموسوعة33: 41، مصباح الفقاهة(المكاسب المحرّمة1)= الموسوعة35: 170، مباني تكملة المنهاج1= الموسوعة: 275- 276، كتاب (الشهادات والحدود) تقرير بحث السيّد الخوئي (قدّس سرّه)، بقلم الشيخ محمّد الجواهري(سلّمه الله)1: 236- 237، البدر الزاهر: 31، دراسات في المكاسب المحرّمة للمنتظري1: 372.
(87) ذَكَرَ هذا الوجهَ والوجهين اللاحقين له في كتاب (إيضاح الدلائل في شرح الوسائل)1: 603- 604.
(88) خلاصة الأقوال للعلامة الحلّي (قدّس سرّه): 159.
(89) إقبال الأعمال1: 28- 29.
(90) الإرشاد2: 246.
(91) كامل الزيارات: 37.
(92) احتاط لزوماً بعض الأعلام بترك بيع القرد، لاحظ كلمة التقوى للشيخ الأمين (قدّس سرّه)(ك التجارة)4: 12 م10، منهاج الصالحين للسيّد محمّد سعيد الحكيم(سلّمه الله)2: 10 م9.
0 التعليق
ارسال التعليق