الفريضة المضيّعة

الفريضة المضيّعة

تمهيد

الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وحبيب قلوب العالمين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.

من أشرف وأسمى الفرائض التي بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحلّ المكاسب وتردّ المظالم وبها ينتصف من الأعداء.

وهي منهاج الأنبياء والصالحين (عليهم السلام)، وبها تحيى الحياة الطيّبة السعيدة ويعمّ الخير ويندثر الشرّ.

ووجوبها من ضروريات الدين، فقد ثبت بالقرآن والسنة وبإجماع المسلمين ومنكرها مع الالتفات بلازم إنكاره تكذيب النبي (صلَّى الله عليه وآله)– والالتزام به من الكافرين.

فقد جاءت آيات كثيرة من القرآن الكريم تذكرها وأحاديث مستفيضة مختلفة الألسن تنطق عنها.

وأعني بها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فريضة بهذه الأهميّة والموقعيّة في الإسلام وذات الأثر الكبير على الفرد والمجتمع تُهجر أو لا يعطى لها أهمية كما ينبغي!

وجاء في وصية الإمام الحسين (عليه السلام) لأخيه محمد بن الحنفية لمّا أراد الخروج من المدينة إلى مكة ومن ثمّ إلى كربلاء (وهو محلّ الشاهد في الوصية): «وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي (صلَّى الله عليه وآله) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»(1).

ما هو المعروف وما هو المنكر:

المعروف هو الخير والإحسان، فيقال: يحث الناس على الخير أي على الإحسان والخير، هذا معناه في اللغة.

أما في الاصطلاح فهو كل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه كما جاء في شرائع الإسلام(2).

والأمر بالمعروف إلجاء الناس إلى الفعل الحسن ومنعهم عن الفعل القبيح(3).

والمنكر هو ما ليس فيه رضى الله من قول أو فعل، أو قل: هو كلّ ما تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو يقبّحه الشرع أو يحرّمه أو يكرهه.

أما في الاصطلاح فهو كل فعل قبيح عن فاعله قبحه أو دلّ عليه كما جاء في الشرائع(4)، وجاء في تعليم الأحكام معنى النهي عن المنكر هو منع الناس عن الفعل. 

ذكر الإمام الحسين (عليه السلام) عندما كان في استدعاء الوليد بن عتبة إليه لأخذ البيعة منه (عليه السلام) بعض المنكرات قائلاً: «إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله...»(5).

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القرآن:

قد ذكر القرآن الكريم مجموعة من الآيات التي تتحدّث حول هذه الوظيفة الإلهيّة المهمّة:

منها: ما جاء في سورة آل عمران{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(6). و{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}(7).

ومنها: ما جاء في سورة التوبة {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(8).

ولنكن في رحاب معنى الآيات الشريفة لكي يكون معنى الآيات واضحاً بشكل ميسر إن شاء الله تعالى.

أما الآية الأولى: المراد بالخير فيها هو الإسلام، والمراد بالمعروف طاعة الله، وبالمنكر معصيته، ومحصّل المعنى أنه لا بد من وجود جماعة تدعو غير المسلمين إلى الإسلام، وتدعو المسلمين إلى ما يرضي الله (عزَّ وجلَّ) ويثيب عليه ويترك ما يغضبه ويعاقب عليه(9).

ويفهم من الآية الشريفة أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أمر (عزَّ وجلَّ) الأمّة إلى تحمّل هذه المسؤولية والمقام يحتاج إلى التعاون والتعاضد، وأخيراً أن هذا التكليف من أسباب التكميل والتهذيب والصلاح والإصلاح وترويض النفس وتزيينها بالفضائل والكمالات وسعادة الفرد والمجتمع(10).

وأما الآية الثانية: فتدلّ على مدح المؤمنين بالصفات الواردة فيها وتفوقهم على سائر الناس وبيان لسبب الصلاح والخير للمجتمع بل الحياة السعيدة، ويستفاد من سياق الآية أن مجرّد الإيمان لم يكن كافياً في الاتصاف بالخيرية والفضل العظيم بل لا بد من تحقق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله تعالى لبيان أهميتهما وأن الإخلال بشيء منهما إخلال بالإيمان(11).

وأما الآية الثالثة: فالله (عزَّ وجلَّ) يصف فيها المؤمنين والمؤمنات في قبال وصف المنافقين الذين ذكر في الآية السابقة لهذه الآية حيث بينت صفاتهم القبيحة لهذا اقتضت الحكمة أن يذكر المؤمنين ويصفهم بأنهم أنصار بعضهم البعض ويلزم كل واحد منهم نصرة صاحبه وموالاته وهم يد واحدة على من سواهم يأمرون بالمعروف أي بما أوجب الله فعله أو رغب فيه عقلاً أو شرعاً، وينهون عن المنكر أي عن ما نهى الله عن فعله، وزهد فيه عقلاً أو شرعاً(12).

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الروايات:

وأما الأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد وردت بكثرة، بعضها يبيّن أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والآخر يشرح حال آخر الزمان بالنسبة إليهما، ونذكر شيئاً من هذه الأحاديث:

منها: ما ورد عن الرسول الأعظم (صلَّى الله عليه وآله): «لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء»(13).

ومنها: ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر»(14).

ومنها: ما ورد عن الرسول الأعظم (صلَّى الله عليه وآله): «إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله تعالى»(15).

شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

إن لهذه الفريضة الإلهية شروطاً فإذا وجدت هذه الشرائط جاز بل وجب على المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الشرائط كما ذكرت في بعض الكتب الفقهيّة هي:

- العلم بالمعروف والمنكر.

- احتمال التأثير.

- الإصرار على المعصية.

- عدم وجود مفسدة.

وهذه قصّة حقيقية نستفيد منها الحكمة في مجال الأمر والنهي.

حصلت حادثة في سنة من السنوات في جامع الإمام الصادق (عليه السلام) (مسجد في البحرين) وكانت قبل 14سنة تقريباً وكان سماحة الشيخ(16) يصلّي صلاة الظهر وعند ما كنّا في الركوع فإذا بهاتف أحد المصلّين يرِنّ وهنا حصلت المفاجئة الكبرى وهي تركه للصلاة والرد على المتّصل، -طبعاً الموقف حصل بين المصلّين فكان بمرأى منهم ومسمع، فعندما انتهينا من الصلاة ردّ بعض المؤمنين على هذا الموقف بشكل حكيم من دون توجيه الكلام إلى الشخص نفسه مع إيصاله الحكم الشرعيّ إليه، وبشكل واضح لأنّهم اتبعوا طريقة الانتقاد لهذه الحادثة وكأنّهم لم يشخّصوه، قائلين لا يجوز قطع الصلاة كان بالإمكان الانتظار ومن ثمّ الرد عليه، وبهذا التحاور وصلت الرسالة للشخص الذي كان يبلغ أربعين سنه من عمره -تقريباً- من دون إحراج.

وهنا تنبيهات أربعة:

1. يجب أن يكون الآمر أو الناهي عارفاً بالمعروف وعارفاً بالمنكر، ويدخل مع المعرفة التي هي القطع أو الظن الشرعي المعتبر سواء كان عن طريق الاجتهاد أو التقليد؛ كما لو كان الآمر أو الناهي مجتهداً أو مقلداً فتكفي هذه المعرفة التي تثبت عن طريق الاجتهاد أو التقليد.

النتيجة أنه لا يجب بل لا يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الجاهل بهما؛ لأن من الممكن أن يأمر بالمنكر أو ينهى عن المعروف والعياذ بالله.

● "لو كانت المسألة مختلفاً فيها كما لو احتمل أن رأي الفاعل أو التارك الجواز فلا يجب الأمر أو النهي بل لا يجوز الأمر أو النهي.

● إذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجباً لتضعيف الشريعة فلا يجوز الأمر والنهي.

● لو أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر في مورد لا يجوز له الأمر والنهي فإنه يجب على غيره نهيه عن ذاك الأمر أو النهي"(17).

2. احتمال تأثير الأمر أو النهي بمعنى أن الآمر والناهي يجب أن يحتمل أن أمره ونهيه مؤثران في الشخص المأمور، فضلاً عن القاطع بالتأثير.

● "لو قامت البينة العادلة على عدم التأثير فالظاهر عدم سقوط الأمر أو النهي مع احتمال التأثير.

● لو علم الآمر أو الناهي أن أمره أو نهيه مع التكرار يؤثر وجب التكرار.

● لو علم المكلّف أن أمره غير مؤثر بل أمر شخص خاص مؤثر وجب أمره بالأمر عند تباطئه وعند اجتماع الشرائط فيه"(18).

3. الإصرار على المعصية بمعنى أن الشخص العاصي مستمر على معصيته ولديه إصرار عليها فيجب نهيه، وأما لو علم من العاصي الترك سقط وجوب الأمر أو النهي.

● لو ظهر من حاله أنه أراد ارتكاب معصية لم يرتكبها إلى الأن فالظاهر وجوب نهيه.

● لو علم بارتكابه حراماً أو تركه واجباً ولم نعلم بعينه وجب الأمر أو النهي على نحو الإبهام.

● لو كان عاجزاً عن ارتكاب حرام وكان عازماً عليه لو صار قادراً فيجب انكاره

4. عدم وجود المفسدة بمعنى أن لا يكون هناك مفسدة مترتبة على أمره ونهيه، وعلى هذا فلو كان الأمر والنهي موجبين لوقوع الآمر أو غيره من المسلمين في المفسدة من قبيل الضرر على النفس أو العرض أو المال فلا يجب الأمر والنهي.

المؤمن لا بد من أن يتنبّه في أثناء أداء واجبه الشرعي في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسألة الأهمية فلها دور في هذا الميدان ولك هذه القصّة الواقعيّة، (في يوم من الأيام دعى والد لثلاثة شهداء أحد العلماء ليستضيفه في بيته، وفعلاً لبّى هذا العالم الدعوة وحضر، فحصل موقف وهو أنه عندما أراد العالم أن يجدد وضوءه وكان مكان تجديد الوضوء في سرداب البيت، وفعلاً ذهب يتوضأ، وإذا بأبي الشهداء الثلاثة قد نزل وبيده منشفة لكي يجفف العالم الماء من وجهه ويده، وإذا بالعالم يرفض أخذها انطلاقاً من أنّ تجفيف ماء الوضوء مكروه، وقال لأب الشهداء بذلك، ففاجئه أبو الشهداء بردّه حيث قال: ما عندنا روايات تقول بكراهة ردّ طلب رجل كبير في السن وأب لثلاثة شهداء وقد نزل إليك، فحينها انتبه العالم لما صدر منه واعتذر إلى أب الشهداء وأخذ منه المنشفة وجفف ماء الوضوء).

● لو كانت إقامة فريضة أو قلع منكر موقوفاً على بذل المال المعتدّ به لا يجب بذله، لكنّه حسن.

● لو وقعت بدعة في الإسلام يجب على العلماء الإنكار بأيّ وسيلة ممكنة مشروعة.

● لا يجوز للعلماء وأئمة الجماعة تصدي مدرسة من المدارس الدينية من قبل الدولة.

مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

إن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتباً لا يجوز التعدّي عن مرتبة إلى الأخرى مع حصول المطلوب من المرتبة الدانية بل مع احتمال حصول المطلوب.

مراتبهما:

● المرتبة القلبية.

● المرتبة اللسانيّة.

● المرتبة العملية.

المرتبة الأولى:

أن يعمل عملاً يظهر من العمل انزجاره القلبي عن المنكر، وأنه طلب منه بذلك فعل المعروف وترك المنكر وله درجات كغمض العين وإقباض الوجه والإعراض به أو البدن وترك المعاشرة.

● كما يجب الاقتصار على المرتبة الأولى مع احتمال التأثير ورفع المنكر بها كذلك يجب الاقتصار على الدرجة الدانية فالدانية، فإذا كان إغماض العين يكفي فلا ينتقل للإعراض بالوجه.

● لو كان الإعراض والهجر موجباً لتخفيف المنكر لا قلعه ولم يحتمل التأثير بالمراتب المتبقية وجب الإعراض والهجر.

● لو كان في ردّ هدايا الظلمة وسلاطين الجور احتمال التأثير في تخفيف ظلمهم أو تخفيف تجريهم على مبتدعاتهم وجب الرد.

إنّ خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة المنورة -بعدما استدعى الوليد بن عتبة والي المدينة لكي يأخذ البيعة من الإمام (عليه السلام) ليزيد (لعنه الله)- إلى مكة المكرمة نستطيع أن نصنف هذا الخروج هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر من الرتبة الأولى، ومن الدرجة التي تتطلّب هجران أصحاب المنكر وترك معاشرتهم.

المرتبة الثانية:

الأمر والنهي باللسان هو يجب على المكلف من خلال كلامه ردع الشخص عن فعل المنكر أو إلجائه إلى فعل المعروف، وله درجات كالكلام الليّن والوعظ والإرشاد، والتهديد والوعيد.

● لو احتمل حصول المطلوب بالوعظ والإرشاد والقول الليّن وجب ذلك ولا يجوز التعدي عنه.

● لو كان إنكار شخص مؤثراً في تقليل المنكر وإنكار آخر موثر في دفعه وجب على كل منهما القيام بتكليفه إلا إذا قام الثاني بتكليفه وقلع المنكر سقط عن الآخر.

● لو علم إجمالاً بأن الإنكار بإحدى المرتبتين مؤثر يجب بالمرتبة الدانية، فلو لم يحصل بها المطلوب انتقل إلى المرتبة العليا.

وواضح بأنّ خطب الإمام الحسين (عليه السلام) هي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ففي يوم العاشر من المحرّم ركب الإمام الحسين (عليه السلام) على فرسه وأخذ مصحفاً ونشره وجعله على رأسه ووقف بإزاء القوم، وقال: «يا قوم إنّ بيني وبينكم كتاب الله وسنّة جدّي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)... ثم استشهدهم عن نفسه المقدّسة وما عليه من سيف النبي ولامته وعمامته فأجابوه بالتصديق، فسألهم عن ما أقدمهم على قتله، قالوا: طاعة للأمير عبد الله بن زياد.

فقال (عليه السلام): تبّاً لكم أيتها الجماعة وترحاً، حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدونا وعدوّكم، فأصبحتم إلباً لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلا لكم الويلات، تركتمونا والسيف مشيم  والجأش طامن، والرأي لمّا يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدبا، وتداعيتم إليها كتهافت الفراش، ثم نقضتموها. فسحقاً لكم يا عبيد الأمة وعصبة الإثم، ونفثة الشيطان، ومطفئ السنن، ويحكم أهولاء تعضدون وعنّا تتخاذلون؟!..».

المرتبة الثالثة:

الأمر والنهي العملي هو الأمر والنهي باليد وهو كناية عن إعمال القدرة والقوة والإجبار ليردع الشخص عن فعل المنكر وترك المعروف.

● إن أمكنه المنع بالحيلولة -أن يكون حائلاً أي واجداً للمانع- وجب الاقتصار عليها لو كان أقلّ محذوراً من غيرها.

● لو توقفت الحيلولة على حبسه (فاعل المنكر) في محل أو منعه عن الخروج من منزله جاز بل وجب مع مراعاة الأيسر فالأيسر.

● لو كان المنكر مما لا يرضى المولى (الله) بوجوده مطلقاً كقتل النفس المحترمة جاز الدفع ولو انجر إلى جرح الفاعل أو قتله لو لم يمكن بغير ذلك طبعاً.

لقد اتخذ الإمام الحسين (عليه السلام) بن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) موقفاً يهزّ ضمير الأمّة -بشهادته مع أولاده وإخوانه وأصحابه- من ناحية، ويشعرها بأهمية الإسلام وكرامة هذا الدين من ناحية ثانية، وهو الشهادة والتضحية فقد قدم الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه وإخوانه وأولاده وأهل بيته قرابين لله تعالى وقدّم نفسه العزيزة أيضاً.

النتيجة:

1. المؤمن لا بد من أن يأتي بما أمره الله سبحانه من واجبات ويترك ما نهاه، ويذكَّر المؤمنين بها ويحثّ عليها.

2. المعروف هو الفعل الحسن، ويكون حسناً لفاعله في الدنيا والآخرة وحسنا للمجتمع بأكمله.

3. المنكر هو الفعل القبيح الذي يكون وبالاً على الشخص والمجتمع.

4. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون واجباً إذا تحققت الشروط وإلا لا يجب، وهي:

● العلم بالمعروف والمنكر.

● احتمال التأثير.

● الإصرار على المعصية.

● عدم وجود مفسدة.

يجب مراعاة المراتب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحيث لا يجوز تخطّي مرتبة إذا كانت كافية لغرض الآمر أو الناهي، وهي:

● المرتبة القلبية.

● المرتبة اللسانية.

● المرتبة العملية.

الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر كالطبيب الحنون لا كالسلاطين المتكبّرين.

***

 

* الهوامش:

(1) كتاب في ظلال أولياء: 220.

(2) شرائع الإسلام ج2: 393.

(3) تعليم الأحكام.

(4) نفس المصدر.

(5) تأريخ الإسلام ج2: 111.

(6) سورة آل عمران: 104.

(7) سورة آل عمران: 110.

(8) سورة التوبة: 71.

(9) تفسير الكاشف ج2: 124.

(10) مواهب الرحمن ج6: 223.

(11) مواهب الرحمن ج....: 237- 239 (بتصرف).

(12) مجمع البيان ج5: 87 (بتصرف).

(13) ميزان الحكمة ج ٣ صفحة 1954.

(14) تهذيب الأحكام ج6: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح21.

(15) الكافي ج5 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح13.

(16) هو سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله).

(17) تحرير الوسيلة- كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بتصرف).

(18) تحرير الوسيلة- كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بتصرف).


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا