الواحدة والنصف بعد منتصف الليل- تندفع سيارته بين أزقة قريته وهو يتطلع من خلال نافذتها إلى حركة غريبة في القرية إذ لم يعتد على رؤية أُناس خارج منازلهم في مثل هذا الوقت وبهذه الصورة من التدافع، لم يزعجه ذلك كثيراً حينما دقق في مصدر انجذابهم و اكتشف بأنه المسجد لأنه سرعان ما أتى في ذهنه بأن أحد الأشخاص قد تُوفي فهؤلاء لا يخرجون في هذه الأوقات إلا لأجل هكذا مصائب لذا لم يكلف نفسه السؤال أو حتى الإطمئنان وأخذ ذاهباً نحو مقصده يقطع ما تبقى من شوارع القرية، تلك القرية التي أزعجها التحرك في مثل هذه الساعة من الليل فهو يعني إزعاج رعاياها التي طالما تبادلت معهم أحلى معاني الحبّ والإخلاص، عشقتها وعشقتهم، بذلوا أقصى ما لديهم من طاقات ليعمّروها، وطوال سنين متماديّة كانت هي الحصن لهم وهم الدروع لها، تستنجد بهم ويستنجدون بها،،، ما الذي أخرج هذا الشاب منها؟ ما الذي يعيبها أو يعيب أهلها؟ والله إن طيبة قلوب أهلها تسع جميع من في الأرض، إذ لم يعرفوا من المعاني الأخلاقية إلا الصدق والكرم والإيثار وما يضارعها من الصفات التي جبلوا عليها وصاروا يمارسونها بدون أدنى تكلّف فكأنها عُجنت بطينتهم!! لم أزل على حبّهم والوفاء لهم فأنّى ليّ أن أجد مثلهم،،،، لكن لا أدري لماذا سمحت -إن كنت سمحت في الحقيقة- لهؤلاء بالوصول هنا؟ أولئك الذين ابتدأت سهرتهم الآن لتزعج هدوء الأهالي، إنهم هناك يتبادلون الضحكات على ضوء القمر وفي وسط المزرعة التي طالما عقد فيها الأهالي أفراحهم، استُبدلت الآن إلى مقهى ليلي يجتمع فيه ما تبقى من مخلفات الاستعمار من أناس يرعون مصالحهم في هذه البلدة الحالمة، ويضربون كل ما عدا ذلك عرض الحائط.
يترجل من سيارته التي أوقفها بصف سيارات البقية في المكان المخصص لها عند بوابة المقهى، لا يدري لماذا يشعر في مثل هذه الحالات برجولة خجلة!! فهاهو قد حقق أقصى أحلامه وهو الحصول على بعثة دراسية لفرنسا فلكم صرف من جهده في سبيلها ليخرج من القوقعة التي خلقها حوله فظن نفسه نكرة في عالم المعاريف، توقه إلى التميز وكسب الشهرة دفعاه للجد والمثابرة حاول سرق احترام الأهالي سرقاً ولذا فالأهالي تكن له إحتراماً غريباً يشعر من خلاله بنفس الإحساس!! أراد اغتنام كل لحظة من تلك الليلة في الجلوس مع صديقته بنت التاجر الكبير صاحب أحد آبار النفط، فأزاح تلك الأفكار عن رأسه وأسرع بالتأكد من غلق سيارته واتجه نحو المقهى الذي ملأت أضواءه الأشجار والنخيل فعاد القمر خجلاً من هذه المنافسة ولم يكن بأقل منها صوت الموسيقى الصاخبة التي كلما زاد صداها ازداد معه تكبل أحاسيس مستمعيها بما حولهم فلا يعودون سوى كتل للّذّة البهيمية التي ينساقون وراءها فلا يجدون مأوى لهم أأمن من هذه الأماكن.
فتح الباب ناظراً للساعة التي كانت عقاربها تشير إلى الواحدة وخمس وأربعين دقيقة فلاحت عليه بوادر الانتصار فلطالما عُيِّر بكثرة تأخره عن مواعيده والتي سرعان ما بددتها نظرات القوم إليه التي حولت زهوه إلى دونية فهم لا يعتبرونه سوى متطفل على موائدهم يتبادلون النكات عنه ويتنافسون في تأليفها، حاول تلاشي ذلك بإلقاء التحية التي لم يحاول أحد الردَّ عليها واتجه نحو سالي التي كانت تلوح له بيدها. كانت الطاولة التي تجلس عليها في آخر المقهى مما سبب صدور تأفف خفيف منه، لأن ذلك يعني المرور بجميع الطاولات وهو يعرف إن هذا يعني تحول الحديث بينهم حوله،، يمر مسرعاً متحاشياً سماع ذلك إلا أنه يهتم بإستراق كلام من مع والد صديقته على الطاولة الذي كانوا يستعدون للقيام بالرقص.
● لا أدري لماذا تسمح لابنتك بمرافقة هؤلاء؟
● (بضحكة خفيفة) لعله خاف عليها التعنس.
● (يجيب الأول بخبث) لا تخف يا إليس فالرجال البيض كثيرون.
لم يعد مستعداً لسماع إستهزاء أكثر خصوصاً بعدما إعتلت ضحكات أصدقائه وجعلت الحضور يلتفتون إليهم، فأجاب بنبرة تقطب معها حاجباه امتعاضاً:
● لا أستطيع منعها عن ذلك فإن القانون يساندها عندنا، فهي راشدة وتملك قرارها، وإلا لما سمحت لهذا الجنس الرديء أن يدّنس المقهى أصلاً، لقد كلمتها مراراً وتكراراً لكنها كما تعرفون لديها ميلٌ غريب لهؤلاء، فهي لا تفتأ تقتني كتبهم وتقرأها بإعجاب وشغف (سكت ملتقطاً نفساً عميقاً وقال بشيء من الفكاهة التي لم تضحك أحداً منهم) لعل فيها سحر.
سكت الجميع عندما اقترب علي من طاولتهم ولم يتكلف أحدٌ منهم ردّ التحية عليه كما هي العادة، ولعلهم كانوا مشغولين أيضاً في التفكير بإجابة إليس التي أدخلت في قلوبهم بعض الاقتناع وشحنة من الامتعاض، وكأن لسان حالهم يقول: تباً لها من حرية تمنع الأب من السيطرة على ابنته وتكون حائلاً دون تربيتها وتسمح لمثل هذا بالدخول للمقهى الخاص بنا. قامت سالي وقدمت له باقة من الورد الذي لم يكن يتميز بتعدد ألوانه عنها إلا بأنّ ألوانه حقيقية وألوانها صناعية إذ لم يبقى من وجهها مقدار أنملة لم يأتي عليه المكياج ويغطيه حتى صار وجهها كأنه لوحة فنية...
● أخيراً حصلتَ على البعثة..
● لقد تعبت كثيراً في الحصول عليها، حتى إنّي لم أنم لمدة ليلتين استعداداً للامتحان النهائي.
● إنّك تستحق هذه البعثة فقد أثبتّ جدارتك في الحصول عليها من خلال تفوقك، ( خففت من صوتها ): حتى أبي أبدى إعجابه بذلك!
● أحقاً ما تقولين، آآآآه لا تدرين كم هي سعادتي بعد المقدرة على السفر لبلادكم، إنّها بلاد العجائب.
● أرجو أن تكون لك القابلية على تحمل المعيشة هناك.
● (بتعجب) ومن لا يستطيع العيش هناك؟!! وماذا سينقصني هناك؟ سأكون كالنحلة أتلهى بالتنقل من مرسم إلى آخر ومن منتدى إلى محاضرة وهكذا سأتمتع برؤية التطور العمراني بعدما يئست من رؤية البيوت الطينية، سأتعرف على الشباب الطموح هناك، أتعرفين بماذا حلمت البارحة؟؟ حلمت وكأني على نهر السين أُلاحظ اندفاعه بهدوء وأشعر بقطرات الماء الذي يحملها الهواء إليّ كلما مرّ مسلماً على النهر،، يا له من شعور لا يوصف أن تتمشى وأن تستنشق هواء السين (ولأول مرة يصارحها وبشيء من الخجل بداخله أخفض من صوته وواصل) صحيح إني أكره دخولي إلى هنا بسبب عدم ردّ التحيّة عليّ وتبادل الغمز والهمس حولي وحول أهلي وأعرف إن الموقف سيتكرر بعينه معي هناك ولكني لمعرفة سبب ذلك أستطيع أن أتغلب عليه.
● (قاطعته بشيء من الفضول) وما هو السبب في نظرك؟.
● السبب واضح يا صديقتي (وكان يحب تكرار هذه الكلمة، ربما لعدم وجودها في غير هذه البيئة ممّا يجعلها عزيزة في نظره) فأنتم متعبون منّا نحن الجهلة لعدم معرفة مصلحتنا وإنها في إتباعكم، فأنتم لم تأتوا هنا إلا لرفع مستوانا على كل المستويات السياسية والإقتصادية والتربية والتعليم وغيرها فإنّنا نشكل قمة التخلف فيها،،،، آآآه إنّه تعنت الأهالي هو السبب في هذا التخلف الذي نعيشه، لذا فنحن نستحق أن يُنظر إلينا هكذا،كنظرة أيّ إنسان لشخص يمتنع عن الإهتمام بمصلحته.
● (تقاطعه للمرة الثانية) وهل تظن بأننا نهتم بكم لهذه الدرجة؟ وإنّنا على هذه الدرجة من النبل؟
● أنتم بالنسبة لي كما وصفكم شكسبير "من الأناس الذين إذا نظرنا إليهم نظرة شاملة لن نشاهد أمثالهم مرة أخرى".
● وهل تريد أنت أن تشاهد من هذه الأمثال؟ (سألته وهي تشير بعينيها إلى من في المقهى وقد كانوا ما بين راقص وسكران) أعتقد بأنه أمر مقزز،، إصح من هذه الأحلام واعرف بأنّا ما جئنا هنا إلا لسلخكم وإبعادكم عن هويّتكم والتسلط عليكم بعد سلب أعزّ ما تملكون.
● أنت تبالغين في ذلك دائماً، وخير دليل على صحة كلامي هو تخرجي من المدرسة التي شيدتموها هنا قبل سنين، يحزنني فعلاً أن تقولي ذلك.
● كلام فارغ، أقرّ بأننا بنينا المدارس ولكن هل تعلم لماذا بنوها؟؟ إنها لسرقتك أنت وأمثالك من المتفوقين في الدراسة وتهجيرهم إلى بلادنا للاستفادة منهم ومنعهم من تطوير أنفسهم بأنفسهم، ومن ثمّ أتعتقد بأنّا أتينا بشيء جديد؟؟ هل تعلم بأنّ أهمّ علماء الرياضيات والكيمياء بل أكثر العلوم هم من المسلمين؟؟ هل تعرف جابر بن حيّان، الخواجة نصير الدين الطوسي، صدر المتألهين وغيرهم الكثير الكثير من العلماء الذين أذعنت أعرق الجامعات لدينا بعلمهم وتفوقهم؟؟ هل احتاجوا لمدارسنا ووصايتنا عليهم، إنّ خير دليل على فساد كلامك هو تخرجك من مدارسنا بمثل هذه الأفكار والنظر إلينا بمثل هذه النظرة.
● (لم يحر علي جواباً فلطالما ردّد عليه أبوه هذا الكلام، فأجابها بشيء من السخرية..) الطوسي الطوسي، تذكّريني بكلام والدي عن هؤلاء، ماذا يفيدني تفوق الطوسي في الفلك والرياضيات ونحن في هذا الزمن؟
● ما يفيدك هو معرفة تراثكم العظيم والمضي في سبيل تتميمه والعمل به، إنّ الاستعمار الذي سيطر عليكم بل الاستحمار هو سبب ما أنتم فيه ولا أرى لكم حيلة في ذلك إلا بالخروج عن هذه الوصاية، وعناد الأهالي الذي نشهده هذه الأيام بين الفترة والأخرى هو شرارة التطور، ألا يحق لك يا علي أن تفتخر بأمثال هؤلاء العلماء بدل ترديد كلمات شكسبير وغيره (تسكت قليلاً وكأنها تستذكر شيئاً مهماً) إنّها العودة إلى الذات نعم العودة إلى الذات هي سبيل النجاح، ألا تلاحظ عدم تطور الشعوب بسرعة إلا المستقلة منها؟؟ أؤكد لك إن حصركم النظر في إنجازاتنا وتناسيكم وتغافلكم عن تاريخكم وطاقاتكم هو سبب ما يحدث،، لم يتجرأ أحد من الغرب ولن يتجرأ على فسح المجال لتطوركم خوفاً من منافستكم لنا.. ولن يجدوا طريقاً لذلك أقرب من تذويبكم في الغرب كما السكر في الماء لتكونوا بذلك لقمة سائغة لهم.
هزّ علي رأسه مستنكراً بشدة –شاء القدر أن ترجع ذاكرته ليوم مهم في حياته وحياة جميع الأهالي ولم يكن ليدري لماذا في هذه اللحظات طافت به ذكرياته على اليوم الذي أتى فيه الجيش لقريتهم وأمر جميع الأهالي بالخروج وإعلان الطاعة للقائد العسكري وكيف أنّ جمعاً منهم تمرد على ذلك وكان من ضمنهم أخوه الذي قُتل بعد مدة بيد القائد العسكري نفسه وذلك حينما امتنع عن الدخول كمُنفذ لخططه، وكم من التضحيات قدّم أهلُه في سبيل التخلص من هذا الجاثوم الراسخ على صدورهم فشعر بالخجل في نفسه فبينما هم يحاربون من أجل طردهم يحارب هو من أجل إبقائهم بل ويعرض جميع خدماته في سبيل ذلك، وتظهر في الأثناء أمه تطوف عليهم قبل النوم بآيات القرآن وتوقظهم بها- وبصوت من أسكتته الحجة:
● يا صديقتي، يا صديقتي كيف لنا التطور ونحن نعيش هذه الخرافات والأوهام، لولاكم لما وصل لنا القانون والنظام والعدالة، منذ متى ونحن نتصارع فيما بيننا لأجل أمور تافهة لا تستحق التفكير فيها فضلاً عن إقامة الدنيا عليها، صدّقيني أنتم من تحررونا من الجاهلية الثانية.
● ولكن لا تنسى، إن ما أنتم فيه مما تصفه بالجاهلية هو من صنع أيديكم، فأنتم باختياركم رضيتم بهذه الجاهلية إن نظرياً وعملياً كما أنت فيه أو عملياً على الأقل كما هو أكثركم إذ اعتمدتم علينا كلياً مما أفقدكم الإبداع والتفكير، فكل هذا التغرّب الذي تعيشونه والذي يغوص إلى أعماق أفئدتكم فيجعل الفكر عندها ضالاً أو غائماً، ويحدث شططاً فكرياً، ونفسياً، وسلوكياً لديكم، أنتم أجبرتم أنفسكم عليه بما تعيشونه من نظرة عمياء.
● ولكن لا يمكن (يسكت قليلاً).. آآ لا يمكن تناسي ما قدمتم وتقدمون لنا على أيّ حال، مهما وصفتي، فإقامة المدارس والمستشفيات وعلاج المرضى وتطور العلوم و..و..و. كل هذا لا يمكن التغاضي عنه.. ثمّ هل تعتقدين بأن تراثنا الذي تزعمين يحوي هذه الأمور؟؟
● بل أكثر من ذلك، إنّ عندكم ما إن حدّثتم به الناس اتبعوكم.
ولما لم يعي علي ما تقصده، سكتا برهةً من الزمن وكأن كل منهما أفرغ ما في جوفه من كلمات رغم الشحنات المتضادّة التي تنبعث من رأسيهما، وأخذت سالي تنظر إلى أبيها الذي كان يرقص بكل ما أوتي من قوة مع إيقاعات الموسيقى وسرحت تفكر في نُصحه الدائم لها بترك هذا الشخص الذي عادة لا يجد كلمة بذيئة في قاموسه إلا ووصفه بها، وترك الكتب التي تتحدث عن الإسلام وتاريخه وعن عقيدته تلك العقيدة النقية التي يجتمع فيها صفاء الفطرة وسمو الفكرة وقوة البرهان،، وكيف ينظر هو وأصدقائه بل وجميع الجالية لها وبتنهيدة عميقة "آآآ لو يتركون هؤلاء هذا الشعب، لعاش كلنا بأمن وتطور،،، لماذا يريدون احتكار ذلك لهم ؟؟ ألهذا الحدّ يخشون من استقلال الشعوب؟؟ ألهذا الحدّ يحرص الإنسان على سعادته ولو عن طريق سلبها من الآخرين؟؟ ماذا لو تعاونّا معهم ألم نكن لنستفيد أكثر من خبراتهم وتجاربهم؟؟ والأهم أن نعيش وضمائرنا لا تؤنّبنا، ألا تؤنّبهم ضمائرهم مما يفعلون أم أنها في إجازة؟؟ تعساً لفكرٍ يُوصل الإنسان لهذا المستوى من الدناءة.
وفي الأثناء قطع علي تفكيرها:
● لا أدري إلى متى سنظل هكذا.
● كيف؟؟
● لا نفهم بعضنا البعض.
● أنا أيضاً لا أدري (قالت وهي تبتسم ثم تلاشت بسمتها وبشيء من الجدّية) كل ما أعرفه...... (وسكتت)
● كل ما تعرفينه إننا يجب أن نعود لذاتنا، أهذا ما كنت تودّين قوله؟؟ لقد حفظته من كثرة ما أسمعه منك ومن الجميع في البيت والقرية، أتصدّقين حتى شيخ القرية صار يردد هذه الكلمة أكثر من مرة أثناء خطبه المطوّلة والمملّة!! (وباستهزاء) لعلّك من كتب يحرّض على الثورة تحت هذا الشعار؟؟
● ليتني أستطيع ذلك.. فإنّها هي المُخرجة لكم من الظلمات إلى النور. (باندفاع) وهل عاودوا نشر تلك الكتب؟
● إنّها في ازدياد.
● أتمنى أن يسري مفعولها عند الناس في هذه المرة.
● (أجابها بشيء من القسوة) وهل تغيّر فيها شيء ليتغير تأثيرها؟؟
● وهل تقتني أنت هذه الكتب؟
● لا أظن بأنني سأحتاج إليها أو إلى ما فيها من أفكار بعد دراستي، خصوصاً وإن سفري لفرنسا قد اقترب.
● لماذا لا...
ولم تكمل كلامها إلا وقد سُمعت ضربة قوية على السقف، فجفل الجميع ذعرين وتسابقت أنظارهم نحو مصدر الصوت.. خيّم السكوت على المقهى إلا من صوت الموسيقى وفي لحظات اشتدّت أصوات الضربات واحدة تلو الأخرى يتبعها صوت تكسر بعض النوافذ ووابل من أسلحة الأهالي يتساقط على المقهى.... انقلب شيء في قلب علي، وكانت لحظة من اللحظات التي يعي الإنسان فيها تغيّراً هائلاً يطرأ على حياته وبسرعة البرق يتجاوز الطاولات وأشباه الطاولات ليتلاقى خروجه من المقهى مع دخول النادل يهرع ويصرخ بصوت عالٍ طغى على صوت الموسيقى ((إنّها ثورة..........))
وقبل أن ينطق أحدٌ منهم انساب مع الريح هتاف أقوى وأعظم تسلل عبر زجاج نوافذ المقهى المتكسرة بل ومن جدرانه وملأ داخله صفاءً وخشوعاً تناسوا معه أصوات الموسيقى والأحجار وكل شيء وأخذت أعضاء الجميع تتقارب بشدة إنه نداء الثائرين: (الله أكبر الله أكبر)
* الهوامش:
(1) فازت هذه القصة بالمركز الأول في مسابقة القصة القصيرة التي نظمتها مجلة العصر صيف 2007م تحت رعاية الأديبة خولة القزويني.
0 التعليق
ارسال التعليق