بسمِ اللهِ الرّحمَنِ الرّحيمِ، اللّهمّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد.
يعيشُ المسلمونَ صحوةً إسلاميةً توَّاقةً إلى حكمِ الإسلامِ الحقيقي الذي هُجِر في جانبِه السياسي طوالَ القرونِ الفائتة، وأدركوا أنّ سببَ الذلِّ والهوانِ الذي كانوا يعيشونَ فيْه هو ابتعادُهم عن الإسلامِ، وتفويضُ أمورِهم الاجتماعية والسياسية إلى الحاكمِ المعادي لهمْ كمسلمين، فلا يعقلُ أنْ يعيشَ الإنسانُ حياةَ الكرامةِ والعزةِ في ظلِّ حاكمِ مؤتمرٍ بشكلٍ كاملٍ لأعداءِ الأمَّة.
وأدركوا أنَّه يمكنُهم أنْ يعيشوا في ظلِّ الإسلامِ أقوياءَ أعزّاء، بلْ لا قوّةَ ولا عزّةَ لهم إلا بالإسلام. وعليهم أنْ يستذكروا كيفَ استطاعَ الإسلامُ في فترةٍ وجيزةٍ أنْ يهيمنَ على منطقةٍ كبيرةٍ من الجزيرةِ العربية، ويجعلَهم رقماً صعباً بين الأمم في ذلكِ الزمان.
ولكن يجبُ أنْ نعترفَ بأنَّنا في بداياتِ هذه الصحوّةِ التي ينتظرُها الكثيرُ من الوعي والصبرِ والجهاد، وأنَّها لا زالتْ صحوةً غيرَ مكتملة، ولنْ تكتملَ إلا بتكاتفِ جميعِ الشعوبِ المسلمةِ لتعيدَ لنفسها ذلك المجدَ العظيمَ الذي أرادَهُ اللهُ لها.
ومن فوائدِ هذه الصحوةِ أنّها وضّحتْ للعالم أحدَ الجوانبِ المشرقةِ للإسلامِ الأصيل، وهو الوعي والصبر والمسؤولية والحكمة لمن يحمل الإسلام ويريد أنْ يغيَّر الواقع، بعدَ أنْ كانَ الإسلامُ في أذهانِ الكثيرين -خصوصا الغربيين- يساوي القتلَ وزهقَ الأرواح والتحجُّرَ كما هو الحال عند التكفيريين المنافقين المدعين الدفاع عن الإسلام.
وهناك تخوُّفٌ شديدٌ من أعداء الأمَّة؛ لأنّ ما يجري ليس في صالح سياساتهم، ولذلك هم يعملون على إبراز السلفيين التكفيريين -والغرب المعادي هو من زرعهم في جسد الأمة الإسلامية لتمزيقها-، وهو يدلُّ على تضرّر السلفيين من هذه الصحوةِ التي ستفضحُهم، ويدلُّ أيضاً على أنَّ الأعداءَ يستخدمونهم كأداةٍ لمحاربةِ الأمّةِ الإسلاميّة.
فما هو تفسيرُ أنْ تقومَ دولةٌ خليجيةٌ بفتحِ سفارةٍ أو ما يشبهها لطالبان على أراضِيها لتنسيق الحوارِ مع الولاياتِ المتحدة، وفي هذه الفترةِ بالذات؟!
ولماذا لا نرى للقاعدةِ حركةً مناصرةً للثّورات العربيةِ الإسلامية، مع أنَّها -القاعدة- تدَّعي أنَّها ضدَّ كلِّ من يوالي الغربَ الكافرَ ويقفُ معَه، ومنها الدولُ التي سقطتْ والتي ستسقط إن شاء الله تعالى؟!
ولماذا يصرِّح زعيم القاعدة(الظواهري) قبل فترةٍ أنّه مع الثورةِ السوريّةِ ضدّ النظام السوري(المعادي للغرب والكيان الصهيوني)، ولا نراه قد تكلّم عن أيةِ ثورةٍ أخرى؟
ولماذا خرجتْ الفتاوى-من قبل أتباع السلف الصالح!- المحرِّمةُ للخروجِ على الحاكمِ لأنَّه وليُّ الأمرِ، وفجأةً أصبحَ ذلك جائزاً عندما تعلَّقَ الأمرَ بسوريا؟
ولماذا يتعهّد أتباعُ السلفِ في مصرَ(هذه الفترة) بالالتزامِ بمعاهدةِ كامب ديفيد التي تنصُّ على عدمِ محاربةِ الكيانِ الغاصب، وأنَّ العلاقة بينهما علاقةً ودية، مع عدمِ الشكِّ في أنَّ إسرائيل دولة مغتصبة لأرضٍ إسلامية؟!
ولماذا يقومُ سلفيو مصرَ بعد انتصارِ الثورة في مصرَ مباشرةً، بهدمِ مقاماتٍ لبعضِ الأولياء؟ أفلم يكونوا موجودين أيام حسني مبارك؟!
ولماذا يتحرَّكُ سلفيو اليمنِ في هذه الفترة بالذات لإثارةِ الحربِ والنعراتِ الطائفيةِ مع الحوثيين؟!
ولماذا نرى علمَ القاعدةِ يرفعُ من مجموعاتٍ في البحرين، ليس لمعارضةِ النّظام -العميلِ لإسرائيل والغرب- بل للهجوم على المعارضين للنظام؟!
ولماذا ولماذا ولماذا..... والقائمة تطول.
إنّه الإسلامُ الأمريكي الذي ضَعُف في المنطقةِ ويرادُ له أنْ يقوى مجدداً، فعلى الشعوبِ أنْ ترفضَ مثلَ هذا الإسلام المشوّه، ولو سيطرَ مثلُ هؤلاء -لا سمحَ اللهُ- فسوفَ تصبحُ الدولُ الإسلاميّة مثلَ أفغانستان والعراق حيثُ الدِّماء والخراب والفساد، وسوف نجدُ تسلّطَ الأعداءُ علينا مرةً أخرى.
فالإسلامُ الأمريكي يقبلُ تحكَّمَ الظالم والصحوةُ الإسلاميةِ ترفضُه.
والإسلامُ الأمريكي يسعَى لتمزيقِ الأمّة لأجلِ أنْ يسود، والصحوةُ تنادي بأعلى صوتِها "يا أيّها المسلمون اتحدوا اتحدوا".
والإسلامُ الأمريكي لا يريدُ خيراً للأمّة، والصّحوة تسعى لخيرِ كلِّ الأمّة.
والإسلامُ الأمريكي لا يعرفُ إلا لغةَ القتلِ لمن يخالفُه، والصحوة عندَها المنطقُ والدليلُ.
والإسلامُ الأمريكي لا يتحرَّكُ إلا بالمالِ، والصحوةُ تتحرّك من خلالِ الإيمان بالله العظيم. ومن كانَ مع اللهِ كانَ اللهُ معَه، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين
0 التعليق
ارسال التعليق