السيدة خديجة وخمسة وعشرون عاماً من الوفاء

السيدة خديجة وخمسة وعشرون عاماً من الوفاء

المقدمة:

عندما يريد الباحث التعرف على شخصية عظيمة ـ كان لها الدور البارز والمميز في حياتها، وكانت لها السمعة والشهرة الواسعة ـ فمن الطبيعي أن يذهب هذا الباحث ليفتش عن معالم تلك الشخصية في صفحات التاريخ وطيات الكتب ويجد ما يجد من الدراسة والتحقيق والتحليل عنها، فتتضح له الصورة بحيث يعيش معها وكأنه يعاصرها.

لكننا نجد أن هناك ثمة شخصيات عملاقة قد بخستها الأقلام فلم تعطها من الدراسة والتحليل والبحث ما تستحقه في الواقع، مع كون سيرها مليئة بالعطاء وزاخرة بالدروس والعبر.

من بين هذه الشخصيات السيدة خديجة(ع)، هذه المرأة العظيمة التي بذلت وقدمت وضحت في سبيل الرسالة والإسلام، والتي خصها الله تعالى بألطاف لم يُخص بها أحدٌ سواها من النساء، فقد كانت زوجةً لخير خلق الله(ص) وأمّاً لأفضل النساء زهراء الرسول فاطمة البتول(ع)، وجدةً لسبطي الرسول سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين(ع)، كما أنها جدةٌ لخير النساء أم المصائب زينب(ع)، ومن ألطافه عليها أيضاً أنها جدةٌ لحججه على خلقه الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم أجمعين).

وهذا ما دعاني ودفعني إلى أن أسعى لتسليط الضوء على حياتها المعطاة(ع)، لعلي أسد شيئاً يسيراً من الفجوة الكبيرة المتروكة.

حيث بدأتُ البحث عن حياة هذه السيدة الجليلة مع النبي(ص) بتعريفها وذكر نسبها، ثم تطرقتُ بعد ذلك إلى تجارتها مع النبي(ص) وسفر النبي(ص) بأموالها إلى الشام، وعن الصفة التي تاجر بها النبي(ص) كونه مضارباً أو أجيراً، وبعدها بحثتُ عن زواجها من النبي(ص) وعن الرابط بينه وبين السفر الثاني إلى الشام، وتعرضتُ في خلال هذا المبحث إلى السؤال عمَّن الذي خطبها إلى النبي(ص) وإلى من الذي تولى تزويجها؟ وكم كان مهرها وعمرها حين الزواج؟ وما هو السبب الحقيقي وراء زواجها من النبي(ص)؟ وهل كان زواج النبي(ص) بها لسبب مادي؟ وهل كانت خديجة متزوجة قبل زواجها بالنبي(ص)؟ كل هذا كان في مبحث زواجها من النبي(ص)، ثم انتقلت إلى مبحث آخر يرتبط بأولاد خديجة من النبي(ص) حيث تعرضت لذكر عدد الأولاد وعدد البنات، وعن فترة ولادتهم ووفاتهم هل أنها كانت قبل البعثة أو بعدها؟ وكان من المناسب أيضاً ذكر زيد بن حارثة الذي تبنَّاه النبي(ص) وكان له بمنزلة الولد حيث ترعرع في كنفه وكان تحت ظله، ثم عرجت بالبحث إلى ذكر بعض من مواقف السيدة خديجة(ع) مع النبي(ص)، فكانت الوقفة الأولى حول غار حراء ونزول الوحي، والوقفة الثانية حول إسلامها والصلاة مع الرسول(ص)، أما الوقفة الثالثة فكانت عن قيام الإسلام بأموالها، ثم تسلط الحديث على وفاتها بعام الحزن، وبعدها عرضت بعض الأحاديث التي تبين فضلها ومكانتها عند النبي(ص) وأهل البيت(ع).

المبحث الأول: من هي خديجة؟ وما هو نسبها؟

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن الهرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك، وأمها هالة بنت مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي، وأمها العرقة هي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، وأمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وأمها الخطيا وهي ريطة بنت كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وأمها نائلة بنت حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك(1).«حيث كانت أوسط نساء قريش نسباً وأعظمهن شرفاً وأكثرهن مالاً» كما قال ابن إسحاق(2).حتى قيل«إن لها أزيد من ثمانين ألف جمل متفرقة في كل مكان، وكان لها في كل ناحية تجارة، وفي كل بلد مال»(3).

وكانت خديجة امرأة جميلة لطيفة لبيبة حتى سميت بسيدة قريش والطاهرة. واختلف في أصل ثروتها فقد قيل إنها ورثتها من زوجيها عتيق بن عابد المخزومي وأبو هالة بن زرارة بن نباش الَّذان تزوجاها قبل رسول الله(ص)، وقيل أيضاً إنها ورثتها من أبيها خويلد بن أسد.

المبحث الثاني: تجارتها مع النبي (ص):

عاش النبي(ص) كما عاش قبله جماعةٌ من المرسلين على عمل أيديهم وكد عرق جبينهم وأتقنوا بعضاً من الحرف والمهن لكي لا يكونوا عالةً وكَلاًّ على أحدٍ من الناس، فقد عمل النبي لأهله ـ خلافاً لما ذكره بعضهم أنه عمل لأهل مكة ـ راعياً للأغنام، وكان(ص) يعتز بذلك حتى أنه قال: «ما من نبي إلا وقد رعى الغنم»(4)، «ما بَعَثَ نبيّاً قطُّ حتى يسترعيه الغنم، يعلمه بذلك رعية الناس»(5)، أو كما قال(ص): «بعث موسى وهو راعي غنم، وبعث داود وهو راعي غنم، وبعثتُ أنا أرعى غنم أهلي».

ولكن بعد أن ضاق وضع الرسول المعيشي ذرعاً دفع هذا الحالُ عمَّه أبا طالب ليفكر في البحث لابن أخيه عن عمل ليخفف عنه وطأة ذلك الوضع، وهذا ما دفعه ليقترح عليه أن يعمل ويتجر بأموال خديجة التي انتفع بها أكثر أهل مكة، حيث قال عنها ابن إسحاق: «كانت خديجة بنت خويلد امرأةً تاجرةً ذات شرفٍ ومالٍ تستأجر الرجال على مالها مضاربةً»(6). لهذا قال له أبو طالب: «يا ابن أخي هذه خديجة قد انتفع بمالها أكثر الناس وها هم يتجرون بمالها، فهل لي أن أكلمها؟» لكن إباء الرسول وشرفه وعلو نفسه لم تسمح له بالإقبال على هكذا أمر، ولكن بعد أن سمعت خديجة بالحديث الذي دار بين أبي طالب ورسول الله(ص) أرسلت له ـ لما بلغها عن الرسول(ص) من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه ـ لتعرض عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطي لرجل غيره وترسل معه غلامان هما ميسرة وناصح ليأتمرا بأمره.

وبعد ذلك أخبر رسول الله(ص) عمه أبا طالب فقال له أبو طالب: «إن هذا رزق ساقه الله إليك»(7).

 

سفر النبي (ص) إلى الشام للتجارة:

لما قبل الرسول(ص) عرض خديجة واستعد للخروج للسفر أعدت له خديجة مالاً وافراً وشيئاً من البضاعة الثمينة وأرسلت معه الغلامين وأوصت ميسرة أن ينقل لها ما شاهده من أحداث ووقائع، فسارت القافلة متجهةً نحو الشام وكانت هذه السفرة الثانية للنبي(ص) بعد السفرة الأولى مع عمه أبي طالب لمَّا كان عمره الشريف اثنتي عشرة سنة، وقيل تسع سنين، إلى أن حل بهم المسير إلى مقصدهم، فنزل الرسول(ص) يستظل تحت ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يسمى «نسطورا»، فنظر إلى النبي جالساً في ظلال تلك الشجرة فقال: «ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي»، فسأل عن اسمه فأخبره ميسرة باسمه فقال: «هو نبيٌّ وهو آخر الأنبياء، إنه هو هو ومنزل الإنجيل، وقد قرأت عنه بشائر كثيرة»(8)، ووعى ميسرة ذلك فبهر بالنبي انبهاراً عظيماً، وبعدما انتهوا من تجارتهم ربح النبي(ص) ربحاً كبيراً، حتى قال ميسرة للنبي(ص): «يا محمد، لقد ربحنا في هذه السفرة ما لم نربح في أربعين سنة..»(9).

وركب النبي(ص) القافلة ليشدوا رحالهم للرجوع إلى مكة، وقد ملئت نفس ميسرة إعجاباً ودهشةً مما شاهد من معاجز وكرامات النبي(ص)، فلما رجعوا سارع ميسرة إلى خديجة ليخبرها بما رآه من مواقف ومعاجز وكرامات حدثت للنبي(ص) ويخبرها بالأرباح الكبيرة التي حصدوها من سفرتهم المباركة، إلى أن أقبل النبي(ص) فاستقبلته بأحسن استقبال وأكمل ترحيب، فأخذ يكلمها بفصاحته وبهاء بلاغته عن الأرباح والمكاسب التي ظفروا بها، فزادها إعجاباً وتقديراً حتى أيقنت بيقين لا يراوده شك بأن له شأناً عظيماً ومكانةً كبيرةً لا يرقى لها إلا المصطفون. حتى أنها أرادت أن تعطيه زيادةً على ما تعاقدا عليه تقديراً له وإعجاباً به، ولكنه اكتفى بأخذ ما توافقا عليه في البداية ثم ذهب إلى بيت عمه أبي طالب ليقدم إلى عمه كل ما أخذه من خديجة، ففرح أبو طالب بما لامس من طيب معدن ابن أخيه وأصالة كرمه فرحاً كبيراً.

هل كان النبي (ص) أجيرا أو مضاربا لخديجة؟

كان سفر النبي(ص) للشام لا ككونه أجيراً وإنما ذهب لكونه مضارباً، وهذا ما ذهب إليه أغلب المؤرخين، ومما يدعم هذا القول ما جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري عن أبيه الهادي(ع) أنه يصرح بذلك فيقول: «إن رسول الله(ص) كان يسافر إلى الشام مضارباً لخديجة بنت خويلد»(10)، وكذلك قول ابن إسحاق: «كانت خديجة امرأةً ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه»(11). وكذلك ما نقله اليعقوبي في تاريخه عن عمار بن ياسرفي رواية تزويج خديجة حيث قال: «قال عمرو ابن أسد ـ وهو ابن خديجة ـ :...ما كان مما يقول الناس إنها استأجرته بشيء ولا كان أجيراً لأحد قط»(12)، وهذا ينفي أيضاً ما ذكره بعضهم أنه عمل في رعي الغنم لأحد أهل مكة.

المبحث الثالث: زواجها من النبي (ص):

السفر الثاني إلى الشام وزواج خديجة بالنبي (ص):

بعد رجوع النبي(ص) من الشام وما صاحبه رجوعه من أخبار وحوادث جعل قلب خديجة يتعلق برسول الله(ص)، وبات فكرها مشغولاً به لعظيم ما وجدت فيه من مزايا وسجايا لا توجد إلا في رجل رباني مرتبط بالسماء، فإباؤه وصدقه وأمانته وعظيم شرفه وقداسته لم تتمثل في هكذا رجل عبثاً، كل هذا جعلها تفكر في الزواج منه وبدأت بالفعل السعي وراء تحقيق هذا الهدف لما بعثت له أختها هالة ـ على قول ـ أو صديقتها «نفيسة بنت علية» ـ على قول آخر، وهو ما يعتقد به أكثر المؤرخين ـ لتقول له: «يا محمد، ما يمنعك أن تتزوج... ولو دعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ فقال رسول الله(ص): فمن هي؟ فقالت: خديجة. فقال رسول الله(ص): وكيف لي بذلك؟ فقالت: عليَّ(13).

فأخبرت خديجة بما دار بينها وبين الرسول(ص) فأوكلت خديجة عمَّها «عمرو بن أسد» لتحديد وقت الخطبة.

فشاور النبيُّ(ص) أعمامَه وفي مقدمتهم أبوطالب فعقدوا مجلساً للخطبة حضره رؤساء وكبار قريش وقد خطب فيهم أبوطالب خطبته المعروفة بقوله:

«الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل، وجعل لنا بيتاً محجوجاً، وحرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه، وإن ابن أخي محمد بن عبد الله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح عليه، ولا يقاس بأحد إلا كان أعظم منه، وإن كان في المال قل، فإن المال رزق حائل، وظل زائل، وله في خديجة رغبة، ولها فيه رغبة، وصداق ما سألتموه عاجله من مالي، وله والله خطبٌ عظيمٌ ونبأ شائعٌ»(14).

وحيث إن أبا طالب تعرض في خطبته لقريش، وذكر عظمة النبي ومنزلته لذلك تكلم ورقة بن نوفل ابن عم خديجة وقال: «لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم، وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم»(15).

فلما تمّ الزواج وانتهت المراسيم قام النبي(ص) ليذهب مع أعمامه. قالت له خديجة: «إلى بيتك، فبيتي بيتك وأنا جاريتك».

وليس بغريب على هذه المرأة العظيمة أن تختار لها محمد بن عبد الله(ص) زوجاً بعد أن رفضت كبار قريش أمثال أبي سفيان وأبي جهل وعقبة بن أبي معيط؛ لما وجدت فيه من سمو في النفس وكمال في الخلق، كما رأت فيه النبل والصدق والوفاء والشرف الذي لم يحظَ به أي أحد من قريش، وقد جمع إلى ذلك من صباحة الوجه وروعة الخلق ما لم يتوفر في أحد غيره، كما جاء عن أمير المؤمنين لمّا سأله أحدهم عن نعت رسول الله(ص) فقال له(ع): «كان رسول الله أبيض اللون مشرباً حمرةً، أدعج، سبط الشعر، دقيق المسربة، سهل الخدين، كث اللحية، ذو وفرة كأن عنقه إبريق فضة...شثن الكف والقدم، إذا مشى كأنما ينحدر من صبب، وإذا مشى كأنما ينقلع من صخر، وإذا التفت التفت جميعاً، ليس بالقصير ولا بالطويل، ولا العاجز ولا اللئيم، كأن العرق في وجهه اللؤلؤ، ولَريح عرقه أطيب من المسك، لم أرَ قبلَه ولا بعدَه مثلَه(ص)»(16). نعم هكذا كان رسول الله(ص)، وهكذا كانت خديجة(ع)، هذه المرأة العفيفة حيث رفضت الدنيا وزبارجها لتطلب الآخرة لبقائها، فسعت بذلك نحو ذلك.

من خطبها للنبي (ص)؟

في حقيقة الأمر قد اختلف المؤرخون في من تقدم أعمامَ النبي(ص) لخطبة خديجة(ع)، فقد ذهب البعض منهم إلى أن من تقدمهم هو عمه أبوطالب، فقد ذكر اليعقوبي في تاريخه في رواية تزويج خديجة عن عمار بن ياسر حيث قال:  «... ثم جاء رسول الله في نفر من أعمامه تقدمهم أبوطالب....»(17)، وروى الكليني في (فروع الكافي) بسنده عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: «لما أراد رسول الله(ص) أن يتزوج خديجة بنت خويلد، أقبل أبوطالب في أهل بيته ومعه نفرٌ من قريش...»(18). بينما ذهب البعض الآخر إلى أن من تقدم أعمام النبي(ص) هو الحمزة، فقد ورد هذا القول في سيرة ابن هشام في ذكر زواجه(ص) حيث قال: «فلما قالت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب»(19)، ولكن القول الأول هو المرجح لما مرَّ آنفاً أن أبا طالب هو الذي خطب خطبة النكاح، ناهيك عن كونه أسنّ عمراً من الحمزة، ولما ذكر في السيرة أن أبا طالب هو الذي كفل النبي(ص) بعد وفاة جده عبد المطلب، كل هذا وكيف يتقدم حمزة الأعمام وهو لا يكبر النبي إلا بسنتين أو أربع وفي ظل وجود أبي طالب؟!

من الذي تولى تزويجها؟

كما اختُلِف في من خطبها للنبي(ص) اختُلِف أيضاً في من تولى تزويجها، فقد ذكر اليعقوبي في تاريخه بنقله رواية عمار بن ياسر عن ذكر تزويج خديجة أنه قال: «فلما رأى عمرو ـ أي عمرو بن أسد ـ رسولَ الله قال: اشهدوا أني إن لم أكن زوجته بالأمس فقد زوجته اليوم»(20)، ونقل الطبري في تاريخه عن قول الواقدي ما ثبت عنده من حديث ابن عبد الله بن مسلم بسنده عن ابن عباس «إن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله (صلى الله عليه[وآله] وسلم)، وإن أباها مات قبل الفجار(قال أبو جعفر)»(21)، بينما ذكر الطبري في تاريخه وابن هشام في سيرته أن من زوَّجها هو أبوها خويلد بنقلهما عن ابن إسحاق قوله: «فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها»(22)، ولكن هذا القول فيه من الضعف ما لا يخفى لما نقل في التاريخ أن خويلد قد قُتل في واقعة الفجار أو أنه مات في العام نفسه وقيل قبلها، وقد قيل إن من خطبها هو أخوها عمرو بن خويلد بن أسد، والقول إن من خطبها هو ورقة بن نوفل كما مر ذكره، لمّا قال تعقيباً على خطبة أبي طالب: «لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم، وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم».

كم عمر خديجة عند زواجها بالنبي (ص)؟ وكم كان مهرها؟

المشهور أن خديجة(ع) حين تزوجت النبي(ص) كانت تبلغ من العمر أربعين سنةً في حين كان النبي(ص) لم يتجاوز عمره الشريف خمسة وعشرين ربيعاً، وأما من نقل هذا القول فقد نقله الطبري عن الكلبي بقوله: «وخديجة يومئذ ابنة أربعين سنة»، والمسعودي في مروج الذهب: «وهي يومئذ بنت أربعين»، والكازروني: «فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنةً، وخديجة يومئذ بنت أربعين سنةً»(23)، وابن سعد في الطبقات(24)، ولكن البعض ذكر خلاف ذلك، فقد اختلف في عمرها فكان هذا الاختلاف يدور بين الـ(25) سنة إلى الـ(46) سنة على النحو التالي:

(25 سنة)، (28 سنة)، (30 سنة)، (40 سنة)، (44 سنة)، (45 سنة)، (46 سنة)(25).

أما مهرها(ع) ـ كما مر سابقاً ـ فقد ضمنه أبو طالب حينما صرَّح في خطبته بذلك بقوله: «وصداق ما سألتموه عاجله من مالي، وله والله خطبٌ عظيمٌ ونبأ شائعٌ». ولكن ابن هشام ذكر أن رسول الله هو الذي أصدقها، وقد أصدقها عشرون بكرةً بقوله: «وأصدقها رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) عشرين بكرةً»(26)، وأما الصدوق فقد روى بسنده عن الصادق(ع) قال: «ما تزوج رسول الله(ص) شيئاً من نسائه ولا زوج شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقيّة ونشّ، والأوقيّة: أربعون درهماً، والنش: عشرون درهماً»(27). أي خمسمائة درهم.

ما هو السبب الحقيقي الذي دفع خديجة للزواج من النبي (ص)؟

يتصور أغلب الماديين أن السبب وراء سعي خديجة  للزواج من النبي(ص) هو حاجتها الملحة لرجل صادق أمين يدير ويشرف على ثروتها الطائلة التي باتت تتوسع وتنتشر في جميع الأمصار، ولقد وجدت في النبي ضالتها لما سمعت عن أمانته وصدقه ما سمعت؛ ولذلك عرضت عليه نفسها للزواج منه، وقد قبل النبي(ص) ذلك العرض لعلمه بما تملك المرأة من مال وجاه.

لكن التاريخ يحدثنا خلاف ذلك، فإن هناك أسباب ودواعٍ أخرى أشارت لها الحوادث التاريخية تدل على أن الدافع الأساس وراء إقدام خديجة من طلب الزواج بالنبي(ص) هو الدافع المعنوي لا المادي، ولنا بعرض بعض تلك الحوادث والشواهد المذكوره في الكتب التاريخيه:

ـ عندما سألت ميسرة عمّا رآه من النبي(ص) في سفرته معه إلى الشام، فلما أخبرها ميسرة بما راه وسمعه أحسّت خديجة في نفسها بانجذاب شديد وشوق عظيم نابع من أعماقها نحو النبي(ص)، وكان ذلك بسبب أخلاقه ونبله وعظيم سجاياه، فقالت من دون إرادتها: «حسبك يا ميسرة، لقد زدتني شوقاً إلى محمد(ص)، اذهب فأنت حرٌّ لوجه الله...»(28).

مرّ النبي(ص) يوماً بمنزل خديجة بنت خويلد وهي جالسة في ملأ من نسائها وجواريها وخدمها وكان عندها حبر من أحبار اليهود، فلما مرّ النبي(ص) نظر إليه ذلك الحبر وقال: ياخديجة مري من يأتي بهذا الشاب. فلما أرسلت إليه من أتى به ودخل منزل خديجة قال له الحبر: اكشف عن ظهرك. فلما كشف له قال الحبر: هذا والله خاتم النبوة. فقالت له خديجة: لو رآك عمه وأنت تفتشه لحلت عليك منه نازلة البلاء، وإن أعمامه ليحذرون عليه من أحبار اليهود.

فقال الحبر: ومن يقدر على محمد هذا بسوء؟! وهذا وحق الكليم رسول الملك العظيم في آخر الزمان، فطوبى لمن يكون له بعلاً، وتكون له زوجةً وأهلاً، فقد حازت شرف الدنيا والآخرة. فتعجبت خديجة وانصرف محمد وقد اشتغل قلب خديجة بنت خويلد بحبه فقالت: أيها الحبر، بم عرفت محمداً أنه نبيٌّ؟

قال: وجدت صفاته في التوراة أنه المبعوث آخر الزمان يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه، وسوف يتزوج بامرأة من قريش سيدة قومها وأميرة عشيرتها، وأشار بيده إلى خديجة، فلما سمعت خديجة ما نطق به الحبر تعلق قلبها بالنبي(ص) فلما خرج من عندها قال: اجتهدي ألا يفوتك محمد فهو الشرف في الدنيا والآخرة(29).

ـ إن سبقها إلى الإيمان بالإسلام ورسالة رسول الله(ص) بحيث كانت أول امرأة آمنت به لما يشهد في صفحات التاريخ بأن زواجها كان منبعثاً من إيمانها وبطهارة الصادق الأمين، وإن حياة خديجة وما ورد بشأنها من الروايات والأحاديث لما يوضح هذا الموضوع بما لا يدع فيه أي شبهة(30).

وهذه بعض من الشواهد التاريخية التي تطرق لها بعض من المحققين والمؤرخين في الكتب التاريخية في هذا الصدد، وهي التي ترجعنا إلى حقيقة الأسباب الواقعية من زواج خديجة بالنبي(ص).

هل كان دافع النبي (ص) من زواجه بخديجة ماديا؟

ادعى بعض من الماديين أن زواج النبي(ص) من خديجة كان الدافع وراءه طمع النبي(ص) في مالها وثروتها، ولكن هذا الادعاء فيه من السخافة والافتراء ما لا يخفى؛ فإن سيرة النبي(ص) لخير دليل وشاهد على بطلان هذا الاتهام المزعوم، فمن تتبع سيرته(ص) يرى أنه ما كان يوماً يقيم للمال وزناً، بل للدنيا ومافيها قيمةً، والتاريخ يشهد أن خديجة ما كانت لتنفق مالها وثروتها إلا لدعم وتثبيت قواعد الإسلام وركائزه، ناهيك أن خديجة هي بنفسها التي تقدمت بطلب الزواج من النبي(ص) وما كان هو البادئ بالأمر لكي يقال إنه تزوجها رغبةً وطمعاً في مالها.

هل كانت خديجة متزوجة قبل النبي (ص)؟

نقل كثير من المؤرخين أن خديجة قبل زواجها بالنبي(ص) قد تزوجت من عتيق بن عابد المخزومي، وبعد وفاة عتيق تزوجت من أبي هالة بن زرارة بن النباش، فقد ذكرالطبري في تاريخه في هذا الصدد قوله: «وكانت قبله عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم...، ثم توفي عنها. وخلف عليها أبو هالة بن زرارة بن النباش بن زرارة... ثم توفي عنها فخلف عليها رسول الله وعندها هند بنت أبي هالة»(31)، ونص على ذلك أيضاً ابن هشام في سيرته: «وكانت قبله عند أبي هالة بن مالك أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم، حليف بني عبد الدار،... وكانت قبل أبي هالة عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم،...»(32)، وذكر غيرهم ذلك أيضاً، لكن البعض أنكر زواجها قبل النبي(ص) وادعى كونها عذراء، والقول بذلك محتاجٌ لدليل، مع أ كونها ثيّباً لاينقص من مكانتها ودرجتها شيئاً، وزواج النبي(ص) بها وهي ثيّب لا ينقص منه شيء، فلو كان في الزواج من ثيّب نقص لما تزوج(ص) بعدها بثيّب، مع أن النبي(ص) كانت أغلب زوجاته ثيّبات.

المبحث الرابع: أولاد خديجة من النبي (ص):

عدد الأولاد والبنات:

ولد للنبي(ص) من خديجة(ع) ستة أولاد، اثنان منهم من البنين وهما القاسم وعبد الله والأربعة الباقي من البنات وهم: أم كلثوم ورقية وزينب وفاطمة(ع)، فقد روى الصدوق بسنده عن الإمام الصادق(ع) حيث قال: «ولد لرسول الله(ص) من خديجة: القاسم والطاهر ـ وهو عبد الله ـ وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة»(33). ونقل يونس بن بكير عن ابن عباس قوله: «ولدت خديجة لرسول الله(ص) غلامين وأربع نسوة: القاسم، وعبد الله، وفاطمة، وأم كلثوم، وزينب، ورقية»(34). وذكر ابن هشام أن أكبر بنيه القاسم، ثم الطيب، ثم الطاهر، وأكبر بناته رقية، ثم زينب، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة(35).وقال (الطيب) لأنه يدعي أن أولاد الرسول(ص) ثلاثة، فلما ذكر قول ابن اسحاق في سيرته قال: «فولدت لرسول الله (صلى الله عليه [ وآله] وسلم) ولده كلهم إلا إبراهيم: القاسم، وبه كان يكنى (صلى الله عليه [وآله] وسلم، والطاهر، والطيب، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة (ع)»(36). وعقّب على ذلك بقوله: «يشعر سياق الحديث هنا ـ وفيما سيأتي ـ أن الطاهر والطيب شخصان...»(37). وخالف هذا القول ابن سعد ـ صاحب الطبقات ـ لمّا نقل عن ابن عباس قوله: «ثم ولد له في الإسلام عبد الله فسمي الطيب والطاهر»(38)، فالطيب والطاهر إذن اسمان لشخص واحد وهو عبد الله. وأشار اليعقوبي إلى ذلك أيضاً بقوله: «عبد الله وهو الطيب والطاهر لأنه ولد في الإسلام، وفاطمة»(39).

هل كانت ولادتهم قبل أو بعد البعثة؟

ولد للنبي(ص) من خديجة(ع) قبل البعثة كلٌّ من القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وأما عبد الله وفاطمة(ع) فولدا له بعد البعثة، وقد نص على ذلك اليعقوبي بقوله: «وولدت له قبل أن يبعث القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وبعدما بعث عبدالله، وهو الطيب والطاهر لأنه ولد في الإسلام، وفاطمة»(40).

وفاتهم هل كانت قبل البعثة أو بعدها؟

اختُلف في وفاة أولاد رسول الله(ص) من البنين، فالبعض ذهب إلى أنهما ماتا قبل البعثة وذهب البعض الآخر لوفاتهم بعد البعثة، ولكن الظاهر أن القاسم توفي قبل البعثة وعبد الله توفي بعدها(41)، وأما البنات فقد أجمع المؤرخون على وفاتهم بعد البعثة فهم أدركوا الإسلام واعتنقوه.

تبني النبي (ص) زيدا:

أعلن رسول الله(ص) تبنيه لزيد عند الحجرالأسود، وهو زيد بن حارثة بن شراحبيل بن كعب(42)، وكان زيد ممن أتى بهم حكيم بن حزام بن خويلد ـ ابن أخي خديجة ـ من الشام رقيقاً، فدخلت عليه خديجة وكانت عند رسول الله حينذاك، فقال لها اختاري لك منهم ما شئتي يا عمة، فاختارت زيداً، فلما رآه(ص) أحبه لذكائه وطهره، فاستوهبه منها، ولكن والده حارثة استوحشه وحن إليه فبحث عنه حتى علم أنه في مكة فقدمها.

ويقال إن زيداً لما سمع أباه يبحث عنه أنشد قائلاً:

 

أحـن إلى أهلي وإن كنت نائــــياً

                        بأني قعيد البيت عنــــد المشـــــاعر

 

فـكفوا عن الوجد الذي قد شجاكم

                        كمولا تعملوا في الأرض نص الأباعر

 

فإني بحمدالله في خير أســــــرة كــــرام

                        معد كابــــراً بعــــد كابــــر(43)

 

 

فجاء لرسول الله(ص) هو وأخوه كعب بن شراحبيل ليطلب منه السماح لابنه أن يرحل معه، فدعى الرسول زيداً ليخيره بين البقاء والرحيل، فأبى زيد الرحيل دون البقاء لما وجد من أخلاق النبي(ص) وحنانه ولطفه حيث قال: «إني رأيت في هذا الرجل شيئاً، وما أنا بالذي أفارقه أبداً»(44)، فلما سمع الرسول(ص) ذلك تبنّاه بعد أن أعتقه على مرأىً من الناس قائلاً: «اشهدوا أن هذا ابني»(45)، وكان ذلك عند الحجر الأسود.

المبحث الخامس: وقفات خديجة مع النبي (ص):

الوقفة الأولى:

غار حراء ونزول الوحي:

قضى رسول الله(ص) ليالي وأيام طويلةً وهو يتعبد في غار حراء بعيداً عن ضجيج الناس وانحرافاتهم؛ ليتأمل في خلق الله تعالى وآثاره، فينظر في أفق هذا الكون الواسع ليرى عظمة الله تعالى وقدرته وحكمته، ومما جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(ع) عن أبيه قال: «إن رسول الله(ص) لما ترك التجارة في الشام وتصدق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات، كان يغدو كل يوم إلى حراء يصعده وينظر من قلله إلى آثار رحمة الله، وإلى أنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته، وينظر إلى أقطار أكناف السماء وأقطار الأرض والبحار والمفاوز والفيافي، فيعتبر بتلك الآثار، ويتذكر بتلك الآيات، ويعبد الله حق عبادته»(46) نعم هكذا كان رسول الله(ص) كان يقضي جلَّ وقته متفرغاً للعبادة، يختلي بنفسه متأملاً في صنع الخالق وبديع خلقته، وكان(ص) دائم التفكر في مجتمعه وقومه مثقلاً بمسؤولية هدايتهم وصلاحهم مشفقاً عليهم لما هم فيه من حضيض الجهل والانحراف.

ولمّا بلغ النبي(ص) الأربعين من العمر وكان ذلك سنة (610 م)(47) المصادف سنة ثلاث عشرة قبل الهجرة، في يوم السابع والعشرين من رجب كما روى الكليني عن الإمام الصادق(ع) قال: «يوم سبعة وعشرين من رجب نبئ فيه رسول الله(ص)»(48)، وقد نزل عليه جبرئيل بعد أن أمره الله تعالى وهو في غار حراء ليتلو عليه شيئاً من آياته، وكان ذلك بعد أن رأى النبي(ص) رؤى عديدة قبل البعثة مفادها أنه نبي مؤيد من الله تعالى، وكما ذكر المجلسي: «أنه(ص) كان قبل بعثته ـ منذ أكمل الله عقله في بدو سنه ـ نبياً مؤيداً بروح القدس، يكلمه الملك ويسمع الصوت، ويرى في المنام...»(49)، وكما جاء أنه «أول ما بدئ به رسول الله(ص) من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح»(50)، وكان ذلك له الأثر الكبير في تحمل النبي(ص) وصبره على استقبال الوحي والرسالة بالإضافة إلى العناية الإلهية السديدة، فلما نزل جبرائيل قال للنبي(ص): اقرأ يا محمد. فقال النبي: ما أقرأ؟ فقال له جبرائيل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(51)، هذا كما روي عن الإمام الحسن العسكري(ع) وهو يصف البعثة بقوله: «حتى استكمل سن الأربعين، ووجد الله قلبه الكريم أفضل القلوب وأجلها، وأطوعها وأخشعها، فأذن لأبواب السماء ففتحت، وأذن للملائكة فنزلوا، ومحمد(ص) ينظر إلى ذلك، فنزلت عليه الرحمة من لدن ساق العرش، ونظر إلى الروح الأمين جبرائيل المطوق بالنور طاووس الملائكة، هبط إليه وأخذ بضبعه وهزه وقال: يا محمد اقرأ. قال: ما أقرأ؟ قال: يا محمد، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(52)، وبعد أن أوحى له جبرائيل صعد إلى السماء، ثم نزل النبي(ص) من الجبل متوجهاً إلى أهله فكلما مر على حجر أو شجر سلم عليه وقال: «السلام عليك يارسول الله»(53)، إلى أن وصل إلى أهله مستبشراً فرحاً بما آتاه الله وأكرمه به، فلما دخل على خديجة وأخبرها بما حصل بادلته السرور سروراً. وقد ورد نصٌّ يشير إلى ذلك: «فلما انصرف منقلباً إلى بيته جعل لا يمر على شجر ولا حجر إلا سلم عليه، فرجع إلى أهله مسروراً موقناً أنه قد رأى أمراً عظيماً، فلما دخل على خديجة قال: أرأيتك التي كنت حدثتك أني رأيته في المنام؟ فإنه جبرائيل استعلن إليّ، وقد أرسله إليّ ربي عز وجل، وأخبرها بالذي جاءه من الله وما سمع منه فقالت: أبشر، فوالله لا يفعل الله بك إلا خيراً، واقبل ما الذي جاءك من أمر الله، فإنه حقٌّ، وأبشر فإنك رسول الله(ص) حقاً»(54).

الوقفة الثانية:

إسلام خديجة والصلاة مع الرسول (ص):

إن من الأمور التاريخية المسلمة التي أجمع عليها المؤرخون هي أن خديجة بنت خويلد أول النساء إسلاماً، فهي أول من آمنت به(ص) حين كفر به الناس، وأول من صدقت به.

فكما ورد عن عائشة قولها: «ما غرت على نساء النبي(ص) إلا على خديجة، وإني لم أدركها، وقد كان رسول الله(ص) لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً؟! فقد أبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدّم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد الناس»(55).

هذا بالإضافة إلى تصديقها للنبي من بادئ الأمر حين رجوعه من الغار وإخبارها بما جرى له في الغار، ـ مضافاً ـ لما سمعته من كهنة العرب عن مستقبل نبوته ورسالته، كل هذا يدلل على سبقها للإيمان به، والتسليم لأمره.

وأما عمّا ورد عن الصلاة، فكانت خديجة من الأوائل البادئين بالصلاة خلف رسول الله(ص)، حيث كانت خديجة بعد علي بن أبي طالب(ع) أول المؤتمين خلفه وكانت أول صلاة صُلِّيَتْ هي صلاة الظهر، وكانت ركعتين. حيث روى الكليني بسنده عن سعيد بن المسيب قال: «سألت علي بن الحسين(ع): ابن كم كان علي بن أبي طالب يوم أسلم؟ فقال: أَوَ كان كافراً قط؟! إنما كان لعلي(ع) حيث بعث الله عزوجل رسول الله(ص) عشر سنين، ولم يكن يومئذٍ كافراً، ولقد آمن بالله «تبارك وتعالى» ورسوله(ص)، وسبق الناس كلهم إلى الإيمان بالله ورسوله، وإلى الصلاة ثلاث سنين، وكانت أول صلاة صلاها مع رسول الله الظهر ركعتين»(56)، وفيما رواه الطبراني في مجمع الزوائد عن ابن مسعود قال: «أول شيء علمت من أمر رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قدمت مكة في عمومة لي، فأُرْشِدنا على العباس بن عبد المطلب، فانتهينا إليه وهو جالسٌ في زمزم، فجلسنا إليه، فبينما نحن عنده أقبل رجلٌ من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة له وفرة جعدة وإلى أطراف أذنيه، أشم، أفنى الأنف، براق الثنايا، أدعج العينين، كث اللحية، دقيق المسربة، شثن الكفين والقدمين، عليه ثوبان أبيضان، كأنه القمر ليلة البدر، يمشي عن يمينه غلامٌ أمرد، حسن الوجه، مراهقٌ أو محتلمٌ، تقفوهم امرأةٌ قد سترت محاسنها، حتى قصد نحو الحجر فاستلمه، ثم استلمه الغلام واستلمت المرأة، ثم طاف بالبيت سبعاً والغلام والمرأة يطوفان معه، ثم استلم الركن ورفع يديه وكبر، وقام الغلام عن يمينه ورفع يديه وكبر، وقامت المرأة خلفهما ورفعت يديها وكبرت، وأطال القنوت ثم ركع، فأطال الركوع ثم رفع رأسه من الركوع فقنت وهو قائم ثم سجد وسجد الغلام والمرأة معه يصنعان مثل ما يصنع يتبعانه‏. ‏قال‏:‏ فرأينا شيئاً لم نكن نعرفه بمكة فأنكرنا، فأقبلنا على العباس فقلنا:‏ يا أبا الفضل، إن هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم، أشيء حدث‏؟ قال ‏:‏ أجل والله، أما تعرفون هذا؟‏ قلنا‏:‏ لا. قال:‏ هذا ابن أخي محمد بن عبد الله، والغلام علي بن أبي طالب، والمرأة خديجة بنت خويلد، أما والله ما على ظهر الأرض أحدٌ يعبد الله على هذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة»(57).

الوقفة الثالثة:

قيام الإسلام بأموال خديجة:

من المعروف أن السيدة خديجة كانت تمتلك من المال والجاه ما لايمتلكه أحدٌ إلا القليل من تجار مكة، فلما تزوجت النبي(ص) وأحبّته وعشقت شخصيته ومكارم أخلاقه بذلت له نفسها وكل ما تمتلك من مال وجاه، ومكنته من التصرف فيه خدمةً للإسلام وفي سبيل الله، وكان لأموال السيدة خديجة الأثر البالغ والركيزة الأولى، والمنعطف المهم في تثبيت دعائم الإسلام آنذاك، إذ كان الدين الإسلامي في خطوته الأولى وفي طور التأسيس؛ لذا كان النبي(ص) بأمس الحاجة إلى المال لتبليغ رسالة السماء وبلوغ هدفه، فوجه الله «سبحانه وتعالى» خديجة وأموالها لخدمة الإسلام، وبفضل هذا المال تحقق الهدف الأول المنشود، حيث قال(ص): «ما نفعني مالٌ قطُّ مثل ما نفعني مال خديجة»(58)، نعم كان لأموال خديجة الدور البارز في تثبيت بذرة الإسلام، فحين حاصرت قريش النبي(ص) وأهل بيته من بني هاشم وبني عبد المطلب وقاطعتهم اقتصادياً واجتماعياً في شعب أبي طالب ثلاث سنين، كانت خديجة في مقدم المضحين والباذلين في سبيل الله، فقد أنفقت كل ما تملك من رصيد من أجل تقوية الإسلام وثباته، كما قال اليعقوبي في تاريخه: «فأقام ـ أي النبي ـ ومعه جميع بني هاشم وبني المطلب في الشعب ثلاث سنين حتى أنفق رسول الله ماله، وأنفق أبو طالب ماله، وأنفقت خديجة بنت خويلد مالها»(59)، وكان لمال خديجة ذكر على لسان رسول(ص) حتى بعد وفاتها(ع)، قالت أم سلمة: «فلما ذكرنا خديجة بكى رسول الله(ص) ثم قال: خديجة، وأين مثل خديجة؟! صدقتني حين كذبني الناس، ووازرتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها»(60).

المبحث السادس: عام الحزن ووفاة خديجة:

وقفت السيدة خديجة مع النبي(ص) طيلة عمرها لجنبه تشاطره أحزانه وآلامه، تخفف عنه كل ما يقاسيه من أنواع المحن والأذى من قريش وأتباعها، قال ابن إسحاق: «كان النبي(ص) لا يسمع شيئاً يكرهه من ردٍّ عليه وتكذيبٍ له فيحزنه ذلك إلا فرج الله ذلك عن رسول الله(ص) بها إذا رجع إليها تثبته، وتخفف عنه، وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت»(61). وقد قدمت خديجة(ع) كل ما تملك لخدمة الإسلام، فلم تقصر يدها يوماً ببذل شيء لنشر الدعوة الإسلامية حتى نفد جميع ما عندها من مال، وكان ذلك وقت الحصار في شعب أبي طالب، إلى أن أخذت الساعة تقترب وترجع الأمانة إلى ربها حتى سمت روحها وصعدت إلى السماء، لقد فجع النبي(ص) بوفاة خديجة التي ملأت نفسه رضىً وطُمأنينةً، فلم تغضبه قطُّ، فكانت نعمت الزوجة له وخير قرينة، وقد خيّم الحزن والألم على قلب رسول الله(ص) بفقدها، «حتى دفنها بالحجون ونزل (صلى الله عليه [وآله]) في حفرتها ولم تكن قد شرعت الصلاة على الجنائز»(62)، وبعد ذلك «جعلت فاطمة(ع) تتعلق برسول الله(ص) وهي تبكي وتقول: أين أمي؟ أين أمي؟ فنزل عليه جبريل فقال: قل لفاطمة إن الله تعالى بنى لأمكِ بيتاً في الجنة من قصبٍ لا نصب فيه ولا صخب»(63). وكان عمرها حين وفاتها(ع) قد ناهز الخمسة والستون سنة في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد عاشت مع النبي(ص) خمساً وعشرين سنةً، وسُمِّيَ عامُ وفاتها بعام الحزن أو عام الحداد لكونه أثقل كاهل رسول الله بوفاة وزيرته وناصره خديجة وأبي طالب. حيث قال: «اجتمعت على هذه الأمة في هذه الأيام مصيبتان لا أدري بأيهما أنا أشد جزعاً»(64).

المبحث السابع: مكانتها في أحاديث رسول الله(ص):

لقد احتلت السيدة خديجة(ع) ـ بفضل إيمانها بالرسالة ومواسـاتهــا للنبـــي في تحمــــل آمالــه وآلامـــه وتضحياتهــا الكبيــرة في سبيل الله دعماً للرسالة الإلهية ـ مكانةً كبيرةً في الإسلام قلما وصلت إليها نساءٌ غيرها، لقد اكتسبت بكل هذا وأكثر مكانةً مرموقةً في الإسلام، حتى أنها أخذت مساحةً قيمةً من أحاديث رسول الله(ص) وأهل بيته(ع) يبيّن فيها فضلها وشرفها ومكانتها التي احتلتها بين نساء العالمين، ولنا هنا بسرد غيض من فيض مما ورد في ذكرها:

1) عن عائشة قالت: ما غرت على نساء النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) إلا على خديجة، وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة. قالت (أي عائشة): فأغضبته يوماً فقلت: خديجة!! فقال رسول الله(ص): «إني رزقت حبها»(65).

2) وروي عن أنس قال: كان النبي(ص) إذا أُتي بهدية قال: «اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقةً لخديجة، إنها كانت تحب خديجة»(66).

3) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن جبريل كان مع النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) فجاءت خديجة فقال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)‏:‏ «‏يا جبريل هذه خديجة‏‏‏.‏ فقال جبريل(ع)‏:‏ أقرئها من الله السلام ومني»‏‏(67).

3) عن الزهري قال‏:‏ لم يتزوج رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) على خديجة حتى ماتت(68)‏‏.

4) عن أبي الحسن الأول (الكاظم)(ع) قال: قال رسول الله(ص): «إنّ الله اختار من النساء أربعاً: مريم وآسية وخديجة وفاطمة»(69).

5) عن عمار بن ياسر قال‏:‏ قال رسول الله(ص)‏: «‏لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين»(70)‏.

6) عن عائشة قالت ‏:‏ أطعم رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) خديجة من عنب الجنة‏(71).‏

7) عن أبي عبداللّه (الصادق)(ع) قال: «دخل رسول الله(ص) منزله فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول: والله يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لأمكِ علينا فضلاً، وأي فضل كانَ لها علينا؟! ماهي إلاّ كبعضنا. فسمع(ص) مقالتها لفاطمة، فلما رأت فاطمة رسول الله(ص) بكت، فقال: ما يبكيك يا بنت محمَّد؟! قالت: ذكرتْ أمّي فتنقّصَتْها فبكيتُ. فغضب رسول الله(ص) ثم قال: «مَهْ يا حميراء، فإن الله «تبارك وتعالى» بارك في الوَدُود الولود، وإن خديجة ولدَتْ مِنّي طاهِراً، وهو عَبْدُ الله وهو المطهّر ووَلدَتْ منّي القاسم، وفاطمة، ورقية، وأم كلثوم، وزينب، وأنتِ ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئاً»(72).

8) عن عبد الله بن جعفر قال‏:‏ قال رسول الله(ص)‏: «أُمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب»(73)‏‏.

9) قال الرسول(ص): «كمل من الرجال كثيرٌ ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»(74).

10) قال الرسول(ص): «خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد»(75).

وأما ما جاء عن أهل البيت(ع) مما يدل على مكانتها وفضلها وشرفها، لما خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين(ع) جالسان تحت المنبر، فذكر علياً(ع) فنال منه ثم نال من الحسن فقام الحسين(ع) ليردَّ عليه فأخذه الحسن بيده وأجلسه ثم قام فقال: «أيُّها الذاكِرُ عَليّاً، أنا الحَسن وأبي عليٌّ، وأنت معاويةُ وأبوك صخرٌ، وأمي فاطمة وأمُّك هند، وجدي رسُول الله وجدُّك عُتبةُ بنْ رَبيعة، وجدتي خديجة وجدتُك قتيلة، فلعن الله أخْمَلَنا ذكراً وألأَمنا حَسَباً وشَرَّنا قديماً وحديثاً. فقال طوائفُ من أهل المسجد: آمين»(76).

نعم هذه هي خديجة بنت خويلد التي آمنت بالرسول وصدقت به وآزرته في شدائده ومصائبه، فكان(ص) كلما سمع من المشركين ما يؤذيه من تكذيب له أو افتراء عليه خفف الله عليه بخديجة حيث كانت تلاقيه بعطفها وحنانها وصدقها وخالص عنايتها وحبها؛ لذا أكرمها الله وأجزاها بحبه لها وتقديره واحترامه في حياتها ومماتها، حيث إنه ما إن يذكرها أحد بسوء إلا وغضب لشدة حبه لها، وكيف لا وهي من آمنت به إذ كفر الناس؟! وصدقته إذ كذبه الناس، وواسته في مالها إذ حرمه الناس، ورزقه الله منها أولاداً إذ حرمه أولاد الناس.

الخاتمة:

وأخيراً لقد أحسنت خديجة(ع) عشرتها مع النبي(ص)، فقد أدت كامل وظائفها الزوجية بصورتها المثلى، كما أنها كانت من السابقين في خدمة الدين، حيث نهضت بمهمة الرسول والرسالة، وكان لها الدور الأبرز في أصعب المراحل من مراحل الإسلام، حيث كانت العلامة الفارقة في التضحية والبذل في سبيل الدين والرسالة، فعرفت بالتصديق والتسليم والتأييد والفداء لا تنافسها امرأةٌ في ذلك، فهنيئاً لها بما بذلت، وهنيئاً لها بما اتصفت به من مكارم وفضائل، حيث شهد لها بالإخلاص والوفاء والعفة كما شهد لها بالشرف والهيبة والسخاء، فكانت حقاً خير النساء.

ومضت بعدها على عاقبة حسنة راضيةً مرضيةً، وخلفت ورائها تاريخاً حافلاً سطرت خلاله مثال المرأة المؤمنة الصالحة المجاهدة.

 

* الهوامش:

(1)الطبقات الكبرى/الجزء الأول/الإنترنت.

(2)البداية والنهاية/ج2 ص316.

(3)موسوعة المصطفى والعترة/ص81.

(4)سيد المرسلين/ج1، ص252.

(5)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص316.

(6)البداية والنهاية/ج2، ص316.

(7)سيد المرسلين/ج1، ص255.

(8)سيد المرسلين/ج1، ص257.

(9)المصدر السابق.

(10)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1، ص328.

(11)السيرة النبوية/ج1، ص199.

(12)تاريخ اليعقوبي/ج2، ص21.

(13)سيد المرسلين/ج1، ص272.

(14)سيرة المصطفى/ص59.

(15)سيد المرسلين/ج1، ص273.

(16)تاريخ الطبري/ج2، ص426.

(17)تاريخ اليعقوبي/ج،2 ص20.

(18)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص322.

(19)السيرة النبوية/ج1 ص201، تاريخ الطبري/ج2 ص35.

(20)تاريخ اليعقوبي/ج2 ص21.

(21)تاريخ الطبري/ج2 ص36.

(22)السيرة النبوية/ج1 ص201، تاريخ الطبري/ج2 ص35.

(23)هذه الأقوال من موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص336.

(24)الطبقات الكبرى/ج8، الإنترنت.

(25)هذه الأرقام من موسوعة الصحيح من سيرة النبي الأعظم(ص)/ج2 ص116.

(26)السيرة النبوية/ج1 ص201.

(27)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص334.

(28)سيد المرسلين/ج1 ص270، نقلاً عن بحار الأنوار.

(29)سيد المرسلين/ج1 ص271، نقلاً عن بحار الأنوار نقلاً عن كتاب الأنوار للبكري.

(30)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص333.

(31)تاريخ الطبري/ج2 ص411.

(32)السيرة النبوية/ج4 ص293.

(33)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص340.

(34)البداية والنهاية/ج2 ص317.

(35)السيرة النبوية/ج1 ص202.

(36)السيرة النبوية/ج1 ص202، ونقل هذا القول أيضاً الطبري في تاريخه ج2 ص35.

(37)السيرة النبوية/ج1 ص202، الحاشية.

(38)الطبقات الكبرى/ج1- الإنترنت.

(39)تاريخ اليعقوبي/ج2 ص20.

(40)تاريخ اليعقوبي/ج2 ص20.

(41)راجع موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص344.

(42)راجع نسبه في سيرة ابن هشام/ج1 ص264.

(43)السيرة النبوية/ج1 ص266.

(44)السيرة النبوية/ج1 ص266.

(45)المصدر السابق.

(46)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص363.

(47)ذكر هذا التاريخ الميلادي في «حياة محمد(ص)»/باقر شريف القرشي ج1 ص124، «وكان في أول فبراير سنة (610 م)، كما ضبطه محمود باشا الفلكي، «لكن هذا التاريخ بعد تحويله إلى التاريخ الهجري يصادف السابع عشر من شهر رمضان، وهذا ما يذهب إليه بعض علماء العامة، لكن علماء الشيعة أجمعوا على أن يوم المبعث هو يوم السابع والعشرين من شهر رجب لما أخذوه من روايات أهل البيت(ع).

(48)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص380.

(49)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص380.

(50)البداية والنهاية/ج3 ص3.

(51)سورة العلق، الآيات:من 1 إلى 5.

(52)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص382. والسورة سورة العلق من 1 إلى 5.

(53)السيرة النبوية/ج1 ص250.

(54)البداية والنهاية/ج3 ص14.

(55)سيد المرسلين/ج1 ص354.

(56)موسوعة التاريخ الإسلامي/ج1 ص387.

(57)مجمع الزوائد ومنبع الفوائد/ج9، الإنترنت. وذكر الصلاة ورد في مصادر كثيرة منها: تاريخ الطبري ـ ج2 ص55، السيرة النبويةـ ج1 ص259.

(58)موسوعة المصطفى والعترة/ج1 ص82.

(59)تاريخ اليعقوبي/ج2 ص31.

(60)سيد المرسلين/ج1 ص265.

(61)اسيد المرسلين/ج1 ص267

(62)الإصابة في تمييز الصحابة/ج7 ص1، الإنترنت.

(63)تاريخ اليعقوبي/ج2 ص35.

(64)المصدر السابق.

(65)سيد المرسلين/ج1 ص261.

(66)المصدر السابق.

(67)مجمع الزوائد ومنبع الفوائد/ج9، الإنترنت.

(68)المصدر السابق.

(69)سيد المرسلين/ج1 ص263.

(70)مجمع الزوائد ومنبع الفوائد/ج9، الإنترنت.

(71)المصدر السابق.

(72)سيد المرسلين/ج1 ص263.

(73)مجمع الزوائد ومنبع الفوائد/ج9، الإنترنت.

(74)أعلام النساء المؤمنات.

(75)أعلام النساء المؤمنات.

(76)سيد المرسلين/ج1 ص269.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا