تناول الكاتب في مقالته مكانة وشأن السّيّدة المعصومة، فتعرّض إلى نصوص ورد عن أربعة من أهل بيت العصمة والطّهارة، وقسّم الرّوايات إلى طوائف ثلاث: ما كان قبل ولادتها، وما كان بعد ولادتها، وما كان بعد وفاتها. ثم لفت إلى بعض مقاماتها بالاستفادة من الرّوايات وكلام بعض العلماء.
تمهيـد:
لقد احتلّت شخصيّاتٌ من أبناء الأئمّة المعصومينi اهتماماً واسعاً مِنْ قِبَلِ أئمّةِ الدّين والهُدى (صلوات الله عليهم أجمعين)، وأكّدت الخطابات والأحاديث المعصوميّة على مقاماتهم وشأنهم وما بلغوهُ من السّموّ والرّفعة، والقُرب مِنْ ساحةِ القُدسِ الإلهيّ.
وإنّنا بعدَ إيماننـا واعتقادنا بعصمةِ النبيّ الأعظم محمّد بن عبد اللهe وعصمةِ الأئمّة من أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين)، نؤمِن أنّ ما يَصدُرُ عنهم إنّما هو حقٌ من عندِ الله تبارك وتعالى، ولا يَصدرُ عنهم مِنْ دافع العاطفة أو مِن دافع المجاملة، عندما يؤكّدونi على شخصيّة قريبةٍ منهم نسباً أو بعيدةٍ عنهم من جهة الرّابط النّسبيّ، وما يتحدّثون به إلّا من جهةِ كونهِ حقيقة لا لَبْسَ فيها.
فهذا كتاب الله العظيم القرآن الكريم يؤكّد على ما يصدُرُ من خاتَمِ الأنبياء محمّد بن عبد اللهe على أنَّهُ وحيٌ من عند اللهِ في قوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَىٰ}([1])، وبيانه: أنّ القُرآن الكريم إذا كانَّ حُجّةً لكونه وحياً إلهيّاً، فيلزم أنّ كلّ ما يقوله النّبيّe حجّة أيضاً؛ لكونه وحياً إلهيّاً.
وكذلك نجدُ أنَّ القُرآن الكريم يؤكّد على الأخذ بكلّ ما جاء به النّبيّe، في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} ([2])، فالقرآن الكريم يأمُرُنا بالالتزام بكلّ تعليمٍ يصدُرُ عن الرّسولe.
ولذا نقولُ: إنّ ما جاء في الأحاديث النّبويّة الشّريفة من التّأكيد على فضل أمير المؤمنينg وإمامته، وفضل الصّدّيقة الزّهراء فاطمةj، لم يكن بدافع القُرب النّسبيّ لكون أمير المؤمنينg اِبن عمّ رسول اللهe، بل لأنَّهُ هو المستحقّ للإمامة بأمرِ الله ، وليس بدافع كون الصّدّيقة الزّهراءj هيَ ابنتُهُ، كما يدّعي ذلك بعض المرجفين والمشكّكين، في كثرة الأحاديث الواردة في فضل الصّدّيقة الزّهراءj بأنّ ظاهرة كثرة الأحاديث النّبويّة في فضل الزّهراءj بأنّها تمثّل موجاً عاطفيّاً مِن والدٍ إلى ابنته، ومثل هذه الدّعاوى تجعل القائِل بها يُخرج النّبيّ الأعظمe عن حدود العصمة الثّابتة له، بالأدلّة العقليّة والنّقليّة المستفيضة في جميع أبعاد شخصيّته، في كلّ أقواله وأفعاله، فلو لم يكنe بعيداً كُلَّ البُعدِ عن العاطفة في أقواله المباركة وفي كافّة أفعاله لما ألزمنا الله سبحانه وتعالى باتّباعه بشكلٍ مُطلقٍ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، فلذا فإنَّ ما صدر عن رسولِ اللهِe في فضلِ البضعة الزّهراءj ليس من جهةِ أنَّهُ والدها ويُحبّها حبّ الأب لابنته، بل لما بلغتهُ من القُربِ للهِ (تبارك وتعالى) حقيقةً، وأنَّ الله هو الّذي أعلى شأنها، ويمكن القول: إنّ هذه الأحاديث الشّريفة كانت شرحاً لكثيرٍ من الآيات الّتي نزلت تبياناً لعظمتها ورفعتها وسموّ مقامها، من قبيل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[3]، وقوله تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ}[4].
وكذلك أئمّةُ الدّينi عندما يصدُر منهم مَدحٌ لشخصيّة مِن الشّخصيّات، لا يكون ذلك من باب العاطفة، لمَا ثبتَ في محلِّه مِنْ أنَّهم معصومون، وأنَّ ما يصدر عنَّهم يجبُ التّسليم لهُ والطّاعة، فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}[5]، ولقد وردت نصوصٌ كثيرة عن النّبيّ e تثبتُ ذلك، كحديث الثّقلين: عن زيد بن أرقم قال: ثم قال: قام رسول الله e يوماً خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثمّ قال: >أمّا بعد ألا أيّها النّاس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثمّ قال: وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي...<[6]، وهو نصٌّ واضحٌ في العصمة، وأنَّ أهل البيت i معصومون كما هو شأن القرآن في العصمة، ومن تلك النّصوص: قولهe: >من سرّه أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّى، فليوالي عليّاً من بعدي، وليوالي وليّه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزُقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذّبين فيهم من أُمّتي، القاطعين في صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي<[7].
وقد ورد من طُرقنا نحن الشّيعة الإماميّة عن الأئمّة i كما في الكافي الشّريف: عن الإمام الصّادق g أنَّهُ قال: >نحن قوم معصومون، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا<[8]، فهذه الرّواياتُ الشّريفة تُثبتُ لنا أنَّهم i عندما يمتدحون شخصيّةً من الشّخصيّات، قريبةً نسباً بهم أم لا، إنّما لِما لها مِن الشّأن عند الله (عزَّ وجل).
ومن تلك الشّخصيّات الممدوحة على لسان النّبيّ e وأئمّة أهل البيت i، ممّن ليس لهُ قُربٌ نسبيٌّ معهم، كمثل الصحابيّ الجليل سلمان المحمّديّ x، فقد وردت رواياتٌ عديدة تُبيّن أنّ سلمان قد وصل إلى الدّرجة العالية الرّفيعة بالعلم والمعرفة، فعن أبي جعفر g: >... وقال رسول الله سلمان منّا أهل البيت إنّما عنى بمعرفتنا وإقراره بولايتنا<[9]، فهو مِنْ أهل البيت i باتّباعه الخالص الصّادق للنّبيّ المصطفى e وأهل البيتi وولائه لهم، كما قال إبراهيم g فيما حكاه الله تعالى من قوله: (فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)[10]، وما روي عن رسول الله e أنَّه قال: >سلمانٌ منّا أهل البيت<[11].
وكذلك ما ورد في شأن تلميذ الإمامين الباقر والصّادق h الفقيه المتكلّم زرارة بن أعين x الّذي هو مِنْ أصحاب الإجماع، ومن رواة الحديث في القرن الثّاني الهجريّ، فقد وردت روايات كثيرة عن أئمّة أهل البيت i في مدحه، فقد ورد في الكشّي في ترجمة زرارة، في صحيحة عبد اللّه بن زرارة، أنّ أبا عبد اللّه g قال له: >أقرئ منّي على والدك السّلام وقل له: إنّي أنا أعيبك دفاعاً منّي عنك، فإنّ النّاس والعدو يسارعون إلى كلّ من قرّبناه وحمدنا مكانه؛ لإدخال الأذى في من نحبّه ونقرّبه، ويرمونه لمحبّتنا له وقربه ودنوّه منّا، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ويحمدون كلّ من عبناه نحن، فإنّما أعيبك لأنّك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا، وأنت في ذلك مذموم عند النّاس غير محمود الأثر بمودّتك لنا ولميلك إلينا. فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدّين بعيبك ونقصك، ويكون بذلك منّا مدافع شرّهم عنك، يقول اللّه عزّ وجلّ: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)[12]. هذا التنزيل من عند الله صالحة، لا والله ما عابها إلّا لكي تسلم من الهلك ولا تعطب على يديه ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ والحمد لله. فافهم المثل يرحمك الله فأنت والله أحبّ النّاس إليّ، وأحبّ أصحاب أبي حيّاً وميّتاً، فإنّك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر، وإنّ من ورائك ملكاً ظلوماً غصوباً، يرقب عبور كلّ سفينة صالحة ترد من بحر الهدى؛ ليأخذها غصباً وأهلها، ورحمة الله عليك حيّاً ورحمته ورضوانه عليك ميّتاً<[13].، فمثل هذا المدح والثّناء الكبير على الفقيه الجليل زرارة بن أعين اتّخذه علماء علم الرّجال دليلًا على وثاقته، فقد وثقهُ كلُّ مَنْ ترجم له، ومثل هذا البحث راجعٌ لمحلّه في علم الرّجال في نصِّ أحد المعصومين على وثاقة الرّجل، في باب التّوثيقات الخاصّة، فراجع.
كذلك، فإنَّ هناك شخصيّات عديدة من أبناء الأئمّة المعصومين i قد أشارت لشأنهم رواياتٌ كثيرة، كشخصيّة أبي الفضل العبّاس g، الّتي احتلتْ اهتماماً واسعاً من قِبَلِ الأئمّة i؛ لأهمّيّة القضيّة الحسينيّة المباركة، الّتي كان العبّاس g أحد أقطابها المهمّين ورجالاتها العظماء البارزين، وكان الدّور الّذي يتحمّله قمر بني هاشم في هذه القضيّة إحدى الملاحم المهمّة، الّذي حدى بأَئِمَّةَ الهدى i أن يجعلوه من أهمّ الشّخصيّات البارزة في سيرتهم ومشروعهم الرّساليّ، لذا أضحت شخصيّة العبّاس g من أهمّ دواعي الاعتزاز الّتي يفخر بها المخلصون الأوفياء، الّذين يبحثون على القدوة الصّالحة المُرشدة للالتزام بخطّ الإمام المعصوم g، فقد وَرَدَ كثيرٌ في مدحه والثّناء عليه بلسان الأئمّة المعصومين i، وقد رويَ عن أبي عبدالله الصّادق g أنَّهُ قال: >كانَّ عمّنا العبّاس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبدالله g وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً<[14]، وللمتأمّل في ما ورد في الزّيارة المعتبرة عن الإمام الصّادق g لعمّه أبي الفضل العبّاس g الدّليل الدّامغ على ما بلغه أبي الفضل g مِن مقامٍ وشأن عظيم عند الله a، >السلام عليك أيّها العبدُ الصّالح المطيعُ للهِ ولِرَسولِهِ ولأميرِ المؤمنين والحسن والحسين صلى الله عليهم<[15].
في رحاب السّيّدة المعصومة j:
ومن تلك الشّخصيّات المُباركة الّتي اِحتلت مكانةً ساميةً رفيعةً في خطابات الأئمّة الطّاهرين i هي: بنتُ الإمامِ وأُختُ الإمامِ وعمّةُ الإمام، بضعةُ الإمام موسى بن جعفر الكاظم g السّيّدةُ الجليلة فاطمة المعصومة j.
فإنَّ المُتأمّل في تلك الرّوايات الشّريفة التي وردت عن أئمة أهل البيت i في شأنها، يكونُ أمامَ حقيقةٍ واضحة، في بيانِ جلالةِ قدرها، وشموخ مَقامِها العظيم، وأنَّها j قد بلغت درجاتٍ عالية في مدارج الكمال والفضل، وأنَّها عالمةٌ فاضلة، وكيف لا تكون كذلك وهي نُخبة البيتِ الموسويّ، وقد ذَكَرَ سماحة آية الله السّيّد عادل العلويّ F، في حديثه عن السّيّدة المعصومةj: أنَّها "اشتهرت بالعصمة الأفعاليّة كعمّتها زينب الكبرى"[16].
مِنْ سُلالة النّبوة والإمامة، ومِنْ شخصيّات أهلِ بيتِ العصمة والطّهارة الّذين أذهب اللهُ عنهُمُ الرِّجس وطهّرهم تطهيراً، السّيّدة الجليلة فاطمة المعصومة بنتُ الإمام موسى بن جعفر الكاظم h، وهي من السّلالة الطّاهرة الزّكيّة، وُلِدَتْ j في المدينة المنوّرة في غرّة شهر ذي القعدة من سنة 173هـ.[17]، وقد ترعرعت هذه السّيّدة الفاضلة في بيت أبيها الإمام موسى بن جعفر الكاظم g، فورثت نور أهل بيت العصمة والطّهارة، وقد أخذتْ مِنْ هديهم وعلومهم.
وإنَّ نسبها الشّامخ أحدُ الأدلّة على طهارتها وعظمتها وعلوّها في سماء المجد، فهي بنتُ الإمامِ الصّابرِ والعبدِ الصّالحِ، الّذي مثلُهُ كَمَثَلِ الشمسِ في كبدِ السّماء (وصيُّ الأبرار، وإمامُ الأخيار، وعَيْبَةُ الأنوار، ووارث السّكينةِ والوقارِ والحِكَمِ والآثار)[18]، وأخوها هو الإمامُ الثّامن من أئِمَّةِ أهلِ البيتِ i، الإمام علي بن موسى الرّضا g، الّذي قال فيه أبوهُ الإمام الكاظم g: >هذا أخوكم عليُّ بن موسى عالمُ آل محمّد<[19]، وقد كانتْ السّيّدة فاطمة المعصومة j أُختاً للإمام الرّضا g مِنْ أُمّهِ، فأُمُّهُمَا واحدة[20]، وهي: السّيّدة تُكْتَم j، ولها أسماء أُخرى، منها: نجمة، أروى، سُمان، سكن أو سُكنى[21]، وتُكْتَم هو ما استقرّ عليها اسمها حين ملكها الإمام الكاظم g، فلمّا وَلَدَتْ الإمام الرّضاg أسماها بالطّاهرة، وكانت تكنّى بـ: أُمّ البنين[22].
فإنّ نسبَها الكريم، بيانٌ لمّا كانَّتْ فيه مِنْ موقِعِ الشّرف العظيم، والانتساب للدّوحة الطّاهرةِ من أهل البيت i، وقد ورد في المصادر والنّصوص الدّينيّة أنّه لم يبلغ أحد من أبناء الإمام الكاظم g مع كثرتهم – باستثناء الإمام الرّضا g- ما بلغته السّيّدة المعصومة j مِنْ مَنزِلَةٍ ومَكانَةٍ مرموقةٍ[23]، وقد صرّح المحدّث الشّيخ عبّاس القُمّي S بأنَّ: "أفضل بنات الإمام الكاظم g السّيّدة الجليلة المعظّمة فاطمة والشّهيرة بالمعصومة"[24].
حيثُ إنَّ بحثنا تحت عنوان "السّيّدة فاطمة المعصومة j في حديث الأئمّة المعصومين i"، فإنَّنَا نُريدُ التّعرُّف على هذه السّيّدة الجليلة العظيمة، كما عرَّفها الإمامُ المعصومُ والحُجّةُ الإلهيّةُ على خلقه، ويمكن القول بأنّ الرّوايات الواردة في شأنها على أقسامٍ ثلاثة:
- القسم الأوّل: ما وَرَدَ في شأنها قَبْلَ وِلادَتِها j.
- القسم الثّاني: ما وَرَدَ في شأنها أيّامَ حياتها j.
- القسم الثّالث: ما وَرَدَ في شأنها بَعْدَ رَحِيلها j.
فإنَّ هذه الأقسام والأنحاء الثّلاثة تعطي مدلولاتٍ عديدة في بيانِ رِفْعَةِ شأنها وعلوّ مَقامها، فأيُّ عظمةٍ بَلَغَتْها سيّدتُنا الطّاهرةُ المعصومة j، حتّى أصبَحتْ لها هذِه الحَبوة والرّعاية، والإِلفاتُ مِنَ المعصومينj والتّأكيدُ منهُم على فضلِها قَبْلَ أن تُولَدَ، وفي أيّامِ حياتِها، وبعد رحيلها j.
وهذه الأنحاء والأقسام الثّلاثة في الرّواياتِ الشّريفة سوفَ تَتَضِحُ تِبَاعاً، إذ إنَّنَا نريدُ تبيان مقام السّيّدة المعصومة j بَحَسَبِ ما وَرَدَ على لسان كلِّ معصوم على حِدَة. فقد تحدّث عن شأنها وخُصَّت j بالحديث على لِسان أربعةٍ من المعصومينi، فقد وردت الرّوايات في حقّها وفضلها على لسان الإمام جعفر بن محمّد الصّادق g، والإمام موسى بن جعفر الكاظم g، والإمام علي بن موسى الرّضا g، والإمام محمّد بن علي الجواد g.
السّيّدة فاطمة المعصومة j في كلام الإمام الصّادق g:
خصَّ الإمامُ أبوعبدالله الصّادقg حفيدته الطّاهرة السّيّدة فاطمة المعصومة j بعددٍ من الرّوايات الواردة عنه، والواصلة إلينا، والّتي تبيِّنُ عَظَمَةَ مقامها، ورفعتها، وسموّ مكانتها.
ومن تلك الرّوايات:
1. ما رويَّ عن أبي عبد الله الصّادق g أنَّهُ قال: >إنّ للهِ حرماً وهو مكّة، وإنّ للرّسول e حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين g حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً، وهو بلدة قم، وستُدفن فيها امرأة من أولادي تُسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة<[25].
ومقاربٌ لهذه الرّواية الشّريفة أيضاً ما جاءَ عن تاريخ قم للحسين بن محمّد القمّيّ:
2. بإسناده عن الإِمام الصّادق g أنَّهُ قال: >إنّ لله حرماً وهو مكة، ولرسوله حرماً وهو المدينة، ولأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، ولنا حرماً وهو قم، ستُدفن فيه امرأة من ولدي تسمّى فاطمة، من زارها وجبت له الجنّة<. قال g ذلك ولم تحمل بموسى أُمُّه.[26]"
وهذه الرّاوية مِنَ الرّوايات الّتي ينبغي التّأمّل فيها، ومعرفة خصوصيّات هذه السّيّدة الجليلة العظيمة j، ومِنَ الأمور المهمّة هو الالتفاتُ لحديثِ الإمام الصّادق g على أنَّه قَدْ بَشَّرَ وأَخبَرَ بولادةِ حفيدته الميمونة، وهذه من الرّوايات الوارِدَة في حقّها قبل ولادَتها، حيثُ ذَكَرَ الرّاوي: "قال g ذلك ولم تحمل بموسى أُمُّه"، وهذا أمرٌ خصَّ اللهُ بِهِ المعصومين i، وهذا البحث موكلٌ إلى مَحلهِ في علم الكلام في بابِ علمِ الإمامg؛ فإنَّ الإخبارَ مِنَ المعصومِ g عنها j قَبْلَ ولادتها هو إِلفاتٌ مِنَ المعصوم g للنّاسِ بالخصوصيّة والشّأن الّذي إليها.
وكذلك إخبارُ الإمامُ g عَنْ اسمها الشّريف المُبارك، فإنَّها سَميَّةُ جدَّتها الصّديقة الشّهيدة أُمُّ أبيها وسيّدة نساء العالمين السّيّدة فاطمة الزّهراء j، هذا الاسمُ المُبارك الّذي أوحى الله إلى مَلَكٍ مِنَ الملائِكة، فأنطق به لسان النّبيّ المُصطفى محمّدe، ففي علل الشّرائِع: حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك عن أبي جعفر g قال: >لمّا وُلِدتْ فاطمة (عليها السلام) أوحى الله a إلى ملك فأنطقَ بِهِ لسانَ محمّد فسمّاها فاطمة، ثمّ قال: إنّي فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطّمث، ثمّ قال أبو جعفرg: والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطّمث بالميثاق<[27]، فإنَّ هذا اسمٌ إلهيٌّ أسمى بهِ الله a الصّديقة الزّهراء فاطمة j، وقد أعطى الأئمّةُ المعصومون iخصوصيات لهذا الاسم المُبارك، ففي الرّواية عن ابن جمهور، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن السّكوني قال: دخلت على أبي عبد الله g وأنا مغموم مكروب فقال لي: >يا سكوني ما غمّك؟< فقلت: ولدت لي ابنة، فقال: >يا سكوني، على الأرض ثقلها وعلى الله رزقها تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك<، فسرى والله عني، فقال: >ما سمّيتها؟< قلت: فاطمة، قال: >آه آه آه، ثم وضع يده على جبهته - إلى أن قال: - ثمّ قال: قال لي: أما إذا سمّيتها فاطمة فلا تسبّها ولا تلعنها ولا تضربها<[28]، فالرّواية دالّةٌ على أهمّيّة إكرام البنتِ الّتي تسمّى باسمِ (فاطمة)، وتوقيرها، وترك إهانتها، وفي الرّواية عن الإمام أبي الحسن g أنَّهُ قال: >لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النّساء<[29].
فالاسمُ الّذي سُمّيتْ بهِ السّيّدة فاطمة المعصومة j مِنْ جدّها الإمام الصّادق (عليه السلام) اسمُ خيرٍ ورزقٍ وبركة، يرفعُ الفقرَ عن البيتِ الّذي هيَ فيه، فتسميتها من إِمام معصوم g يمكن القول عنه بأنَّهُ تبيان لخصوصيّة من خصوصيّاتها j.
وكذلك أيضاً ممّا أخبرت به الرّواية الشّريفة هو إِخبارُ الإمام الصّادق g، وذكرهُ لمكان وموضع مدفن السّيّدة المعصومة j، حيث قال: >وإنّ لنا حرماً، وهو بلدة قم<، فقد أشارَ g إلى خصوصيّة بلدةِ قُم المُقدّسة، حيث عبّرَ عنها بأنّها حرمٌ لأهلِ البيتِ i، وفي رواية أُخرى أشار الإمامُ الصّادقg إلى قدسيّة بلدة قُم، فقد رويَ عن الإمام الصّادق g أنَّهُ قال: >قُم بلدُنا وبلدُ شيعتنا، مُطهّرةٌ مُقدّسةٌ، قَبِلتْ ولايتنا أهل البيت<[30]، فإنّ نسبَةَ بلدة قُم إليهم، والإشارة لقُدسيّتها تُشير إلى عدّة أمور، ومن تلك الأمور هو أنَّ هذه الأرض تتشرّفُ باحتضان الجسد الطّاهر للسّيّدة الجليلة فاطمة المعصومة j، ويمكن فهم هذا الوجه من قوله g: >وستُدفن فيها امرأة من أولادي تُسمّى فاطمة<، فتكون بلدة قُم حرمهُم بلحاظ قبر السّيّدة المعصومة j وأنّ تلك الأرض مُقدّسة ومُطهّرة، ومما يمكن كذلك الإشارة إليه في نفس هذا اللحاظ ما رويَ عن الإمام الصّادق g أنَّهُ قال: >إذا عمّت البلدان الفتن فعليكم بقُم وحواليها، فإنّ البلاءَ مدفوعٌ عنها<[31]، فيمكنُ القول بأنَّ أحد أسباب دفع البلاءِ عن أرض قُم وجود قبرها الطّاهر، حيث إنَّ مراقد أهل البيت i أمانٌ لمَنْ يجاورها، كما وَرَدَ ذلك في شأن قبري الإمامين العسكريّين h، فقد روى الشّيخ الطّوسي في التّهذيب: (عن أبي هاشم الجعفريّ قال: قال لي أبو محمّد الحسن بن علي g: >قبري بسـرَّ من رأى أمانٌ لأهل الجانبين<[32]، وفسّره في الوافي: "يعني أهل البلاد التي من جانبي القبر)[33]، وفي روضة المتقين: "الخاصّة والعامّة أو عراق العرب والعجم"[34]، وأمّا الأمور الأُخرى في توضيح المفهوم لهذه الرّوايات المادحة لمدينة قُم وأهلها الّتي ذكرناها، والاستدلال بها وبالرّوايات الأُخرى الّتي لم نتطرّق لها الموضّحة لخصوصيات أُخرى نتركُها لمحلّ بحثها في ذكر وجه تسميتها بـ (قم)[35].
ثُمَّ أشارَ الإمام الصادقُ g إلى الحثّ على زيارتها، القصد إلى قبرها الشّريف، حيث قال g: >من زارها وجبت له الجنّة<، وهذا العطاءُ العظيم دليلٌ من الأدلّة الّتي يؤكّدها الإمام الصّادق g على عظمتها ومقامها الرّفيع وسموّ منزلتها.
وفي قوله: (وجبت له الجنّة)، ذكر سماحة آية الله السّيّد عادل العلويّ F: "أقول: ربما معنى (وجبت له الجنّة) هو على نحو الاقتضاء، والعلّة النّاقصة، أي من يزورها يتوفّق لدخول الجنّة، وتكون له الأرضيّة المعدّة لذلك على نحو الاقتضاء، ولكن يبقى مع عدم وجود المانع أي المعاصي والذّنوب، فالعلّة تكون تامّة في دخول الجنّة مع وجود المقتضي كزيارة السّيّدة، وعدم المانع كالمعصية، فمن يذنب فإنَّهُ يحرقُ الزّيارة حينئِذٍ، نعم، لو تاب فإنّ الله هو التّوّاب الغفور الرّحيم"[36].
3. ما رويَّ عن الإمام الصّادق g: >أنَّ زيارتها تعدلُ الجنّة<[37].
ويمكن التّعليقُ على هذه الرّواية، بما تقدّم ممّا ذكرناه من كلام السّيّد العلويّ F بأنَّ قول الإمام g: (زيارتها تعدل الجنّة) على نحو الاقتضاء، ببيان: أنَّهُ لا يستفاد من أنَّ زيارة السّيّدة المعصومة j تُوجب دخول الجنّة على نحو العلّةٌ التّامّة والفوز بالجنّة كنتيجةٍ قطعيّة حتميّة، ومصيرٍ نهائي للزّائرين لها j، وإنّما هو كون هذه الزّيارة مؤثّرةٌ في النّتيجة المذكورة على نحو الاقتضاء، باعتبار أنّ النّتيجة المذكورة وهي: دخول الجنّة، متوقّفة على أمور وعوامل أخرى أيضاً.
فيكون تأثير الزّيارة في الفوز بالجنّة نظير تأثير النّار في الإحراق، فكما أنّ النّار لا تحرق إلّا مع تحقّق الشّرط وهو اقتراب الجسم المحترق من النّار، وارتفاع المانع وهو الرّطوبة، كذلك أيضاً لا تؤثّر الزّيارة أثرها إلّا مع تحقّق بقيّة الشّروط وارتفاع الموانع، وعلى هذا فلا يمكن التّعويل والاتّكاء على الزّيارة فقط مع اجتناب جميع الواجبات المفروضة مِنَ الله a وارتكاب جميع المحرّمات الّتي نهى الله سبحانه عن فعلها.
4. ما رويَّ عن الإمام الصّادق g أنَّه قال: >ألا إنَّ قم الكوفة الصّغيرة، ألا إنَّ للجنّة ثمانية أبواب، ثلاثة منها إلى قم، تُقْبَضُ فيها امرأةٌ من وُلدي، اسمها فاطمة، بنت موسى، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنّة بأجمعهم<[38].
وتؤيّدُ هذه الرّواية ما ذكرناه سابقاً، بأنَّ الرّوايات الواردة في مَدح بلدةِ قُم وتبيان قُدسيّتها. إنّ أحد التّوجيهات والأسباب لهذه الرّوايات هو سبَبُ وجود قبرِ السّيّدة المعصومة j، فعندما ذكر الإمامُ g بأنَّ بلدة قُم هي (الكوفة الصّغيرة) وأنَّ لها ثلاثة أبوابٍ مِن أبوابِ الجنّة الثّمانية، قال g: (تُقْبَضُ فيها امرأةٌ من وُلدي)، فأحدُ العوامل الّتي مِنْ أجلها مُدحَتْ بلدةُ قُم، هو تشرّفها باحتضان الجسد الطّاهر لهذه السّيّدة المعظّمة.
ثُمَّ تُشير الرّواية لأحدِّ المقامات الّتي بلغتها هذه السّيّدة الجليلة، في قول الإمام g: (وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنّة بأجمعهم)، إشارةٌ إلى مقامِ الشّفاعة، حيثُ نجدُ في القُرآن الكريم ما دلَّ على ثبوت الشّفاعة لغيرِ الله بإذنه (تبارك وتعالى)، حيث قال تعالى:{مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[39]، وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[40]، وقوله تعالى: {لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا}[41]، وقوله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[42]، وإنَّ مِنْ مُقتضى فهم عقيدة التّوحيد في الخالقيّة أنّهُ لا يُوجدُ مؤثِّرٌ في الكون إلّا الواحد الأحد d، وأنَّ التّأثير من قِبَلِ سائِر العلل إنّما هو على وجه التّبعيّة لإرادته d.
وأمّا الرّواياتُ في بحث الشفاعة كثيرةٌ جداً، عند العامّة والخاصّة، نذكر منها:
- أخرج أبو نعيم عن ابن عمر قال: قال رسول الله e: (من قضى لأخيه حاجة كنتُ واقفاً عند ميزانه، فإنْ رجَحَ، وإلّا شفعت له)[43].
- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله e: (أُعطيت خمساً لم يعطهّن أحدٌ قبلي… وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبيٌّ قبلي)[44]
- عن محمّد بن عمّار عن أبيه قال: قال أبو عبد الله الصّادقg: (مَنْ أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج والمسألةُ في القبر والشّفاعة)[45].
- ما وَرَدَ في زيارة الإمام أمير المؤمنين g، عن يوسف الكُناسي ومعاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله الصّادق g: (أتَيتُكَ أستَشْفِعُ بِكَ يا مولاي إلى الله ليقضي بك حاجتي، فاشْفَعْ لي يا مولاي)[46].
فالشّفاعة مِن الأُمور المسلّمة والثّابتة عند علماء المسلمين، إلّا مَن لم يكن من المنصفين ولم يخضع لمنطق الدّليل وواضح البرهان، والبحوث فيها مفصّلةٌ وموسّعة، فراجع.
ومِمّن ثبت لها مقامُ الشّفاعة برواية إمامنا الصّادقg، هي حفيدته الطّاهرة الشّافعة السّيّدة فاطمة المعصومة j، بقوله: (وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنّة بأجمعهم) ، وقد أشار الفقيه الكبير آية الله الشّيخ الجوادي الآملي F في شرح زيارة الجامعة الكبيرة، عند قول المعصوم: >وَشُفعاءُ دارِ البَقاءِ<، عند البحث عن الشّفعاء وخصائصهم وصفات المشفوع لهم، أشار إلى شفاعة السّيّدة المعصومة j: "إنّ السيّدة المعصومة شعاعٌ من الزّهراء، سلام الله عليها، وقد ألبسها تعالى الهيبة والجلال"[47]، ثمّ ذكر هذه الرّواية الشّريفة التي أشرنا لها رابعاً مما ورد في شأنها j عن الإمام الصّادق g.
فهذا ما وَرَدَ لنا في شأن سيّدتنا ومولاتنا السّيّدة المعصومةj في حديث الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصّادقg.
السّيّدة فاطمة المعصومةj في كلام الإمام الكاظم g:
وأمّا ما وَرَدَ في شأن هذه السّيّدة الجليلة في حديث أبيها الإمام موسى بن جعفر g، ممّا يبيّن شأنها ومقامها.
- ورد عن الإمام الكاظم g أنَّهُ قال في شأن ابنته السّيّدة فاطمة المعصومة j: ثلاث مرات قال: (فداها أبوها)[48]
وقد وردت هذه الرّواية استناداً لما جاء في بعض الوثائق التّاريخيّة من أنَّ جماعة من الشّيعة قصدوا إلى المدينة المنوّرة، يريدون الإجابة على بعض الأسئلة الّتي كانت معهم، وكان الإمام موسى بن جعفر الكاظم g مسافراً خارج المدينة، فتصدّت السّيّدة فاطمة المعصومة j للإجابة، وكتبتْ لَهم جواب أسئلتهم، وفي طريق رجوعهم من المدينة التقوا بالإمام الكاظم g، فعرضوا عليه الإجابات، وعندما اطّلعَ الإمام g على إجاباتها قال ثلاث مرات >فداها أبوها<[49].
فإنَّ المُتأمِّل في هذه المقولة الموسويّة، يمكن لهُ أن يُدْرِكَ مدى المكانةِ العلميّة الّتي بلغتها هذه السّيّدة الجليلة -حتّى وإن لم يحفظ التّاريخ لنا خصوصيّات ما تلقّته هذه السّيّدة العظيمة من العلم على يدِ أبيها وأخيها-؛ حيثُ تصدّتْ للإجابة على المسائِل الّتي جاءَ بها الشّيعة، قاصدين والدها الإمام باب الحوائج موسى بن جعفرg.
وهذه الرّواية تعتبرُ مما جاءَ في شأنها أيّامَ حياتها j، وهيَّ تؤكّد على شهادة الإمام الكاظم g بالمكانة العلميّة الّتي بلَغتْها ابنتُهُ السّيّدة المعصومة j، وتكشف لنا عما عند هذه السّيّدة العالمة مِنْ علمٍ لدُنّي؛ فإنّ هذا العلم غير المحتاج إلى التّعليم، هو من شأن المعصوم فيكشف علمها عن عصمتها، نظير ما جاء في الإشارة عن علمِ عمّتها السّيّدة زينب الكبرى j عن الإمام زين العابدين g، وهو يخاطب عمّته العقيلة: >وأنت بحمد الله عالمة غير معلّمة، فهمة غير مفهّمة<[50]، وكيف لا تكون السّيّدة المعصومة j كذلك، وهي مَن تربّت في بيت النّبوة والإمامة، وتغذّت من نمير علم والدها الفيّاض والبحر الزّاخر الإمام الكاظم g، وبحرِ أخيها عالمِ آل محمّد الإمام الرّضا g.
ونظيرُ هذا القول العظيم: (فداها أبوها)، ما جاء في باب فضائل الصّديقة الزّهراء j ومناقبها، عن محمّد بن قيس قال: "كان النّبيّe إذا قدم من سفر بدأ بفاطمةj فدخل عليها فأطال عندها المكث، فخرج مرّة في سفر فصنعت فاطمة j مسكتين من ورق وقلادة وقرطين[51] وستراً لباب البيت لقدوم أبيها وزوجهاh، فلما قدم رسول الله e دخل عليها، فوقف أصحابه على الباب لا يدرون يقفون أو ينصرفون؛ لطول مكثه عندها، فخرج عليهم رسول الله e وقد عرف الغضب في وجهه، حتّى جلس عند المنبر، فظنّت فاطمة j أنّه إنّما فعل ذلك رسول الله e لما رأى من المسكتين والقلادة والقرطين والسّتر، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها: ونزعت السّتر، فبعثت به إلى رسول الله e وقالت للرّسول: قل له: >تقرأ عليك ابنتك السلام وتقول: اجعل هذا في سبيل الله<، فلمّا أتاه قال: >فعلت فداها أبوها< ثلاث مرات، >ليست الدّنيا من محمّد ولا من آل محمّد، ولو كانت الدّنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة، ما أسقى فيها كافراً شربة ماء ثمّ قام فدخل عليها<[52].
فما أروعه من بيانٍ في حقّ السّيّدة المعصومة j مِنْ افتداءِ إمامٍ معصوم ذو عصمة مطلقة لابنته، كما افتدى النّبيّ الأعظم محمّدe ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة j، فهذا يدلُّ على مقامٍ خاصٍّ تَنالهُ المعصومة j لعصمتها –ولو أنَّ عصمتها ليست كعصمة أبيهاe رُتبةً، إلّا أنَّها معصومة-.
وقد فُسّر هذا الافتداء، تارة بلحاظ شفقة الأب على ولده، أي: تلك الشّفقة الفطريّة الّتي ترخص دونها النّفس والمال، وتارةً فُسّرت بأنَّ هذه العبارة تدلّ على عظيم منزلتها عند الله (تبارك وتعالى) وعند أبيها الإمام الكاظم g، وهذا التّفسير يقوى؛ بالنّظر إلى جميع الرّوايات الّتي وردت في شأنها بلسان الأئمّةi.
وممّا يجدر بنا ذكره هنا أيضاً، أنَّ سيدتنا الطّاهرة فاطمة المعصومة j ممّن روت الأحاديث عن آبائها وأجدادها الطّاهرين، فهي من رواة حديث الغدير[53]، وحديث المنزلة[54]، وحديث حبّ آل محمّد[55]، وروت حديث (شيعة عليّ هُم الفائزون)[56]، وغير ذلك.
فهذا ما وَرَدَ لنا في شأن سيّدتنا ومولاتنا السّيّدة المعصومة j في حديث الإمام موسى بن جعفر الكاظم g.
السّيّدة فاطمة المعصومة j في كلام الإمام الرّضاg:
وأمّا ما وَرَدَ في شأن هذه السّيّدة الجليلة في حديث أخيها الإمام علي بن موسى الرّضا g، ممّا يبيّن شأنها وعظمتها j.
1. عن الإمام الرّضا g: >يا سعد! عندكم لنا قبر؟، قال سعد: جعلتُ فداك، قبر فاطمة بنت موسى h، قال: نعم، مَنْ زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة<[57].
يُشيرُ الإمام g إلى موضِعِ قبر أُخته السّيّدة المعصومة j، عندما وجّه سؤالهُ لسعدٍ: (عندكم لنا قبر)، فأقرَّ سعدٌ بأنَّه نعم، لكم قبرٌ عندنا، فذكر سعدٌ قبرٌ مَن الّذي يريد الإمام الرّضا g الإشارة إليه، فقال سعد: (قبر فاطمة بنت موسى)، فهذه الرّواية تُشير إلى أنَّ قبر السّيّدة المعصومة j في بلدة قُم المقدّسة، ويمكن الاستدلال من خلال هذه الرواية على أنَّ هذه السّيّدة الجليلة قد فارقت الحياة قبل شهادة أخيها الإمام علي بن موسى الرّضا g، وأنَّ الإمام أراد التّأكيد على أنَّ قبرها هو في بلدة قم، وهذه الرّواية من القسم الثّالث، أي: ما وَرَدَ في شأنها بَعْدَ رَحِيلها j.
ثُمَّ يؤكّدُ الإمام g على استحباب زيارة قبرها j، بقوله: >مَنْ زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة<، وهنا يؤكّد الإمام g على أهمّيّة معرفة هذه السّيّدة الفاضلة الطّاهرة الزّكيّة، وما أعظم هذه المقولة!، وما أدراكَ ما معرفتها ومعرفةُ حقِّ آل محمّد i، فقد جاءَ عن رسول الله e أنَّهُ قال: >مَنْ مَنَّ الله عليه بمَعرِفةِ أهلِ بيتي وولايتهم، فقد جمع الله له الخيرَ كُلّه<[58]، والحقّ بمعنى الشّيء الثّابت، وحقُّ هذه السّيّدة الجليلة هو ما ثبت لها من الله a ومن أهل البيت i، حيثُ شهِدَ لها الأئمّةُ المعصومون i في أحاديث كثيرة، فمعرفةُ حقّها أن نُقِرَّ لها بما أعطاها المعصوم g، من التّأكيد على شأنها وعلوّ مكانتها وما بلغتهُ من الرّفعة والسموّ، وأنَّها من ذلك البيت الطّاهر الّذي قال الله تعالى عن شأنه في كتابه المجيد: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}[59]، وأنَّها شبيهةُ جدتها الصّديقة الزّهراء j، وشبيهة عمّتها زينب الكبرى j، وأنَّها معصومةٌ طاهرةٌ زكيّة مُطهّرة، والاعتراف لها بأنَّها شافعة مشفّعة بإذن ربّها الكريم، وغير ذلك ممّا يفهم من كلمات المعصومين i) بشأنها j.
2. عن الإمام الرّضا g أنَّه قال: >مَنْ زارَ المعصومة بقم كمن زارني<[60].
ومن هذه الرّواية يمكن الإشارة إلى أشهر ألقاب السّيّدة فاطمة بنت الإمام الكاظم h، أنَّ من أشهر ألقابها "المعصومة"، وهو أكثرُ لقبٍ عُرِفت بهِ، وقد أطلق الإمامُ الرّضا g من خلال هذه الرّواية، هذا اللقب العظيم على أُخته فاطمة، (مَنْ زارَ المعصومة)، وهذا يدلُّ أيضاً على إِثبات العصمة –العصمة الأفعاليّة- لها j استناداً للقاعدة المعروفة مِنْ أنَّ تعليق الحكم بالوصف مشعرٌ بالعليّة، وعندما أشارَ في قوله (بقُم) عُرِفَ أنَّهُ g يُطلقُ هذا اللقب عليها، لأنَّها هيَّ المدفونة في أرض قُم.
ثُمَّ يشيرُg لخصوصية عظيمة مِنْ خصوصيّاتها h، وهي أنَّ زيارتَّها تُعادل زيارته، وكما أسلفنا في أوّل البحث بأنَّ المعصومg لا يُصدر الكلام مبالغةً، أو جُزافاً –حاشاه ذلك-، فمن زارها كمن زار الرّضا، لأنّها معصومة j، فإنْ أردنا معرفة فضل زيارتها، فينبغي علينا أنْ نعرف فضل زيارة الإمام الرضا g وشأنها العظيم، والرّوايات في هذا الباب كثيرة، نتبرّكُ بذِكر بعض ما وَرَدَ في فضل زيارته g:
- روي عن النّبيّ الأكرم e أنَّهُ قال: >ستدفن بضعة منّي بخراسان ما زارها مؤمن إلّا أوجب الله له الجنّة وحرّم جسده على النّار<[61].
- عن أبي الحسن الرّضا g أنَّه قال: >إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فلا يزال فوج ينزل من السّماء وفوج يصعد، إلى أن ينفخ في الصّور، فقيل له: يا ابن رسول الله وأيّة بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس وهي والله روضة من رياض الجنّة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله e وكتب الله تبارك وتعالى له بذلك ثواب ألف حجّة مبرورة وألف عمرة مقبولة وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة<[62].
- روى الصّقر بن دلف قال: "سمعت سيّدي علي بن محمّد بن علي الرّضا g يقول: >من كانت له إلى الله حاجة فليزر قبر جدّي الرّضا g بطوس، وهو على غسل وليصل عند رأسه ركعتين، وليسأل الله حاجته في قنوته، فانّه يستجيب له ما لم يسأل في إثم أو قطيعة رحم، وإنّ موضع قبره لبقعة من بقاع الجنّة لا يزورها مؤمن إلّا أعتقه الله من النّار وأحلّه دار القرار"[63].
فطُوبى ثُمَّ طُوبى لِمن زارَ الإمام الضّامن عليّ بن موسى الرّضا g وزارَ أُخته السّيّدة المعصومة j، فمن زارَ المعصومة كمن زار الرّضا.
3. عن سعد بن سعد، قال: سألتُ أبا الحسن الرّضا g عن زيارة فاطمة بنت موسى g، فقال: >مَنْ زارها فلهُ الجنّة<[64].
وهذا تأكيدٌ آخرُ من إِمامٍ معصومٍ وخليفة الله a وحُجته على خلقه، على أنَّ الجزاءَ والعطاء لزائِر السّيّدة المعصومة j هو الجنّة.
4. وقال المجلسي في البحار: نقلًا عن بعض كتب الزّيارات: حدّث عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن سعد، عن علي بن موسى الرّضا g، قال: قال: >يا سعد، عندكم لنا قبر، قلت: جعلتُ فداك، قبر فاطمة بنت موسىh؟ قال: نعم، مَنْ زارها عارفاً بحقّها فله الجنّة، فإذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة، وكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة، وسبّح ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، واحمد الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة، ثمّ قل: السَّلامُ عَلى آدَمَ صَفوَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى نُوحٍ نَبِيِّ اللهِ، السَّلامُ عَلى إبراهِيمَ خَلِيلِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مُوسى كَلِيمِ اللهِ، السَّلامُ عَلى عِيسى رُوحِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا خَيرَ خَلقِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مُحَمَّدَ بنَ عَبدِاللهِ، خاتَمَ النَّبِيِّينَ.. إلى آخر الزيارة<[65].
وهذه الرّواية أولها قد أشرنا له في الرّواية الأولى، الّتي ذكرناها عن الإمام الرّضا g وهنا بزيادة ذكر كيفيّة الزّيارة، وقد ذكر العلّامة المجلسيّS في تحفة الزّائر: "أنّ من المحتمل أنّ تكون هذه الزّيارة من مؤلّفات العلماء، لا مِن تتمّة الحديث."[66]، ونترك البحث عن الزّيارة إلى محلّه.
السّيّدة فاطمة المعصومة j في كلام الإمام الجوادg:
وأمّا ما وَرَدَ في شأن هذه السّيّدة المعظّمة في حديث ابن أخيها الإمام محمّد بن عليٍّ الجواد g، ممّا يبيّن المكانة الرّفيعة والفضل الكبير لزيارةِ عمّته المعصومة j. ورواياتُهُ g تعتبر أيضاً مِن القسم الثّالث، فيما وَرَدَ في حقّها بعد رحيها j.
1. عن الإمام الجواد g أنّه قال: >مَنْ زارَ عمّتي بقم فله الجنّة<[67].
وهنُا نُشير إلى أنَّ ثلاثةً من أئِمَّةِ الدِّينِ والهدى i قد أشادوا بفضلها ومقامها، وفضل زيارتها j تعدل أو تعادل الجنّة، فقد أشارَ الإمامُ الصّادقُ g، والإمام الرّضا g، وكذلك إمامنا محمّد الجواد gيؤكّدُ على ما أكّد عليه آباؤهُ i بأنَّ لزائرها الجنّة، فما أعظمها من سيّدةٍ مباركةٍ، ميمونةٍ، معظمةٍ، يشيدُ بفضل زيارتها ثلاثةُ مِنَ الأَئِمّة الطّاهرينi.
وإشارةً إلى "الزيارة"، فقد ذكر سماحة آية الله السّيّد عادل العلوي F: "إلّا أنّ الزّيارة مِن الكُلّيّ التشكيكيّ فله مراتب طوليّة وعرضيّة، وإنّ آثارها تختلف باختلاف مراتبها وزائريها، فمنهم مَن ينالُ بزيارتها الجنّة وسعادة الدّارين، ومنهم مَن يتوفّق للتّوبة والإنابة إلى الله، فالقلوبُ أوعية، خيرها أوعاها، وينال الزّائر الكريم بزيارتها وقدسيّة حرمها الشّريف وروحانيّة حضرتها القدسيّة بمقدار معرفته، وما يحمل من خلفيّة ثقافيّة دينيّة وورع وتقوى"[68].
2. وعن كتاب النّقض، أنّهُ قال: (وكان ملوك العالم وأُمَراؤه من الحنفيّة والشافعيّة يتقرّبون إلى الله بزيارة قبر بنت موسى بن جعفر (h))[69].
فيمكن من خلال هذه الرّواية إثبات السّيرة بأنَّها قائمةٌ على تعظيم مرقد بضعة الإمام الكاظم h من زَمَنِ مُلوك العالم وأُمراؤه من الحنفيّة والشّافعيّة، وكذلك يمكن القول بأنَّ سيرة علمائنا وفقهائنا العظام قائِمةُ على تعظيم مرقدها، ويتقرّبون إلى الله d بها وبجاهها العظيم عنده d، ولقد ذكر شيخنا آية الله الشيخ محمد السّند البحرانيّ F في كتابه الدّائرة الاصطفائيّة الثّانية، تحت عنوان: تعظيم مرقد السّيّدة فاطمة المعصومة في قم المقدّسة، ما نصّه: "تمجيد علماء الإمامية للسّيّدة فاطمة بنت موسى بن جعفر h، منذ شهادتها إلى يومنا هذا يداً بيدٍ وجيلاً بعد جيل مع تشدّد علماء قم، فقد كان علماء قم في زمن الإمام الرّضا g متشدّدين في دقّة كلّ طقس من طقوس الدّين ومع ذلك سيرتهم على تعظيم فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر ليس اعتباطاً؟ بل إنّ سيرة العلماء على تعظيم السّيّدة فاطمةj لها أصول وجذور. ونفس هذه الآثار تشغل حيّزاً كبيراً في سيرة المسلمين، وليس فقط في سيرة الإماميّة الاثني عشريّة"[70].
ومن خلال ما تقدَّم كلّه، تبيّن لنا عظمة هذه السّيّدة الجليلة الطّاهرة فاطمة المعصومةj، وما لها من شأنٍّ عظيم قد أكّدت عليه خطاباتُ الأئمّة المعصومين i، وما لزيارتها من فضلٍ وشأنّ كبيرين، ولا أدّعي أنّني تتبّعتُ كلَّ ما وَرَدَ في حقّها بلسان الأئمّة i، فرُبّما هنالك رواياتٌ أُخر لم أطّلع عليها، ومع بضاعتي القليلة في هذه السّطور، أسأل الله a أن يرزقني في الدّنيا زيارتها ومجاورتها، وفي الآخرة شفاعتها.
([1]) النّجم: 3 – 4.
([2]) الحشر: 7.
[3] الأحزاب: 33.
[4] الشّورى: 20.
[5] النّساء: 59.
[6] صحيح مسلم، ج7، ص123.
[7] أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء، ج1، ص6 بإسناد صحيح.
[8] الكافي، ج1، ص369، باب في أنّ الأئمّة (عليهم السلام) بمن يشبهون ممّن مضى.
[9] بحار الأنوار، المجلسي، ج65، ص 55.
[10] إبراهيم: 36.
[11] الطّبقات الكبرى، ابن سعد، ج4، ص62.
[12] الكهف: 79.
[13] اختيار معرفة الرّجال، ص ١٣٨، الرقم ٢٢١.
[14] مقتل أبي مخنف، ص131.
[15] كامل الزيارات، ص786.
[16] موسوعة رسالات إسلاميّة ج 15، ص 61، كتاب شَهدُ الأرواح، دراسة مختصرة عن حياة السّيّدة المعصومة (ع) وتاريخ قم المقدّسة، السّيّد عادل العلويّ.
[17] مستدرك سفينة البحار، ج8، ص257.
[18] مصباح الزّائر، ص382.
[19] كشف الغمّة، ج3، ص111.
[20] دلائل الإمامة، ص309.
[21] عيون أخبار الرّضا، ج1، ص15.
[22] المصدر السّابق، ص14 -17.
[23] تواريخ النّبي والآل، للتّستريّ، ص65.
[24] منتهى الآمال، للقمّيّ، ج2، ص378.
[25] ترجمة تاريخ قمّ: 215، وعنه في بحار الأنوار: ج57 /216 ح 41.
[26] تاريخ قمّ على ما في البحار: 102 / 267، و ج 60 / 216 ضمن ح 41. وفي ص 228 ح 59 عن مجالس المؤمنين للقاضي نور الله التّستريّ باختلاف يسير.
[27] علل الشّرائع، ج1، ص179.
[28] وسائل الشّيعة، ج21، باب 87، باب استحباب إكرام البنت الّتي اسمها فاطمة وترك إهانتها.
[29] بحار الأنوار، ج16، ص130.
[30] سفينة البحار ج2، ص447.
[31] تاريخ قم، ص97، وبحار الأنوار، ج60، ص214.
[32] التّهذيب، ج 6، ص 93.
[33] الوافي، ج14، ص 1562.
[34] روضة المتّقين، ج5، ص 402.
[35] يمكن مراجعة موسوعة رسالات إسلامية ج 15، ص 15 - 29، كتاب شَهدُ الأرواح، دراسة مختصرة عن حياة السّيّدة المعصومة (ع) وتاريخ قم المقدّسة، السّيّد عادل العلويّ.
[36] موسوعة رسالات إسلاميّة ج 15، ص 61، كتاب شَهدُ الأرواح، دراسة مختصرة عن حياة السّيّدة المعصومة (ع) وتاريخ قم المقدّسة، السّيّد عادل العلويّ.
[37] ترجمة تاريخ قم: 215، عنه في بحار الأنوار، ج99، ص267، ح6، وج57، ص219، وج48، ص 317.
[38] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج57، ص228، ح59، عن كتاب مجالس المؤمنين للقاضي نور الله التّستري.
[39] البقرة: 255.
[40] يونس: 3.
[41] مريم: 87.
[42] سبأ: 23.
[43] الدّرّ المنثور، ج3، ص71.
[44] سنن النّسائي، ج1، ص211. صحيح البخاريّ، ج1، ص86 ـ 113.
[45] أمالي الصّدوق، المجلس 40.
[46] المزار الكبير، ص 293 – 314، وعنه البحار، ج100، ص334، ح32.
[47] أدب فناء المقرّبين شرح زيارة الجامعة الكبيرة، ج7، ص230.
[48] كريمة أهل البيت، مهدي بور، ص 63 و 64، نقلا عن كشف اللئالي.
[49] المصدر السّابق.
[50] الاحتجاج، الطبسي، ج2، ص31.
[51] المسكة - بالتحريك - السوار والخلخال والورق: الفضّة، والقلادة - بالكسر - ما يجعل في العنق من الحُلي، والقرط - بالضم - ما يعلق في شحمة الأذن من الجواهر وغيرها.
[52] بحار الأنوار، المجلسي، ج43، ص20.
[53] موسوعة الغدير، الأميني، ج1، ص107.
[54] المصدر السّابق.
[55] العوالم، للبحرانيّ، ج21، ص354.
[56] بحار الأنوار، المجلسي، ج68، ص76.
[57] بحار الأنوار، المجلسي، ج99 ص265 ح4، ومستدرك الوسائل، النوري، ج10، ص 368، ح3.
[58] آمالي الصّدوق، ص561.
[59] النّور: 36.
[60] ناسخ التّواريخ، ج7، ص337.
[61] بحار الأنوار، ج99، ص31، باب فضل زيارة إمام الإنس والجن أبي الحسن، ح1.
[62] المصدر السّابق، ح2.
[63] عيون أخبار الرّضا، ج2، ص262.
[64] كامل الزّيارات، ص324، ح1، ثواب الأعمال، ص98، عيون أخبار الرّضا×، ج2، ص267.
[65] بحار الأنوار، المجلسي، ج102، ص265، ح4.
[66] تحفة الزّائر، ص535.
[67] كامل الزّيارات، ابن قولويه، ص324، ح2.
[68] موسوعة رسالات إسلاميّة، ج 15، ص 85، كتاب شَهدُ الأرواح، دراسة مختصرة عن حياة السّيّدة المعصومة (ع) وتاريخ قم المقدّسة، السّيّد عادل العلوي.
[69] عن كتاب: (بعض مثالب النّواصب) المعروف بكتاب (النّقض)، ص 643 لمؤلفه: عبد الجليل القزوينيّ الرّازي، وقد ألفّه في عام 650 هـ.
[70] الدائرة الاصطفائيّة الثّانية لأهل البيت (عليهم السلام)، أبوالفضل العبّاس أنموذجاً، الشيخ محمد سند، ج2، ص55.
0 التعليق
ارسال التعليق