الدعاء مخُّ العبادة

الدعاء مخُّ العبادة

قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين}(1).

فما هي علاقة الاستجابة بالدعاء وكيف تتم الاستجابة؟

الجواب: الاستجابة من عند الله تعالى تجري ضمن قوانين وسنن إلهيّة كما هو شأنه تعالى في سائر أفعاله.

فما هي سنّة الله تعالى في استجابة الدعاء؟

ورد عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «من فتح له الدعاء منكم فتحت له أبواب الجنة».

و عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «من قرع باب الله سبحانه فتح له»(2).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «فأكثر من الدعاء فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة ولا ينال ما عند الله إلا بالدعاء، وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن ينفتح لصاحبه»(3).

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الدعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي وقلب تقي»(4).

فالعمل والدعاء مفتاحان لرحمة الله نستفتح بهما خزائن رحمة الله ونطلب بهما رزقه وفضله والمفتاحان هما العمل والدعاء، والدعاء لا يغني عن العمل فلا يصح أن يكتفي الإنسان بالدعاء عن العمل، وقد ورد عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في وصيتة لأبي ذر الغفاري: «يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر»(5).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ثلاثة تُردّ عليهم دعوتهم...، رجل جلس في بيته وقال يا رب ارزقني فيقال له ألم أجعل لك السبيل إلى طلب الرزق»(6).

العلاقة بين الدعاء والعمل:

من غير الصحيح أن نفهم الدعاء منفصلاً عن سنن الله تعالى فإنّ الله تعالى قد سنّ لعباده سننًا في الكون في شؤونهم وحاجاتهم ولا يصحّ للناس أن يهملوا هذه السنن في شؤونهم وحاجاتهم.

وليس الدعاء بديلاً عن هذه السنن، أي ترك طلب الرزق والاعتماد على الدعاء، وقد ورد النهي بعدم استجابة الدعاء في هذه المورد كما عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر»(7)، ومثل ذلك ترك العلاج وشرب الدواء، اعتمادًا على الدعاء.

العلاقة بين الدعاء والاستجابة:

إنّ وعي الحاجة والفقر هو السرّ الذي نستطيع من خلاله أن نكشف علاقة الدعاء بالاستجابة ونفهم كيف يكون الدعاء مفتاحًا لرحمة الله وكيف يستنزل الدعاء رحمة الله تعالى.

الدعاء يجسد درجة من وعي الفقر ويعبّر عن مرتبة من مراتب وعي الحاجة إلى الله، وبمقدار ما يكون وعي العبد بالحاجة إلى الله أكثر يكون دعاؤه أقرب إلى الاستجابة وتكون رحمة الله أقرب، فليس من شحّ ولا بخل في رحمة الله تعالى، وإنما يختلف حظّ النّاس من رحمة الله لاختلاف نفوسهم وأوعيتهم.

فالباري تعالى يعطي كلاً بقدر وعائه وكلٌّ ينال من رحمة الله بقدر ما يتّسع له وعاؤه وكلما كان وعاؤه أكبر كان حظه من رحمة الله أعظم.

كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها...»(8).

الفقر إلى الله، وعي الفقر، رفعه ونشره وبثه بين يدي الله تعالى.

والكلمة الثالثة تختلف عن الثانية وهي تختلف عن الأولى.

فإن الإنسان هو الفقير إلى الله في كلّ شيء لكن قد يكون غير واعٍ لفقره إلى الله تعالى.

وقد يكون واعيًا لفقره إلى الله تعالى ولكنه لا يحسن أن يرفع فقره إليه.

وينشره ويبثه في دعائه ولا يحسن السؤال والطلب والدعاء من الله تعالى وعندما تجتمع هذه الكلمات الثلاث (الفقر إلى الله ووعي الفقر ورفعه ونشره وبثه بين يدي الله) يتحقق الدعاء المطلوب.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}(9).

وفقر الإنسان إلى الله في حدوثه وبقائه ومواهبه وحركته فحياته كلها ترتبط بالله تعالى وتفتقر إلى الله في كل لحظةٍ لحظة وبصورة مستمرة ومتصلة. وهذه الحاجة والفقر تستدعي استنزال الرحمة الإلهية.

فالحاجة إلى الله بحد ذاتها تستنزل الرحمة، حتى قبل الوعي والرفع إلى الله ومثلها مثل على الأرض الواطئة الهشة التي تجتذب المياه وتمتصها كما أن مثل الاستكبار على الله والغرور مثل الأرض الصلبة التي تردّ الماء فالمستكبرون عن عبادته ودعائه يردون رحمة الله فلا ينالهم منها شيء {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ}(10)، {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا}(11)، {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}(12)، {إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(13).

وفي مقابل المستكبر وردت آيات:

{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ}(14)، {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}(15).

إذاً بين الفقر والرحمة علاقة تكوينية فكل منهما يطلب الآخر ويسعى إليه، والفقر يسعى إلى الله -أي إلى رحمة الله-، ورحمة الله تطلب مواضع الحاجة والفقر، كما أن بين ضعف الطفل وحاجته وبين حنان الأم وعطفها علاقة وصلة كل منهما يطلب الآخر ضعف الطفل يطلب حنان الأم، وحنانها ورحمتها يطلبان ضعف الطفل لرعايته.

بل في دائرة الممكنات كل منهما يحتاج الآخر وليست حاجة الأم إلى رعاية ضعف الطفل بأقل من حاجة الطفل إلى حنان الأم.

كذلك العالِم يطلب الجاهل ليعلّمه كما أن الجاهل يطلب العلم يتعلم منه وليست حاجة العالم إلى تعليم الجاهل بأقل من حاجة الجاهل إلى التعلم من العالم. وكذلك الطبيب يطلب المريض ليداويه، ويعلن عن مهنته واختصاصه ليدعوا المرضى إليه، كما أن المريض يطلب الطبيب وليست حاجة الطبيب إلى المريض بأقل من حاجة المريض إلى الطبيب.

كما أن القوي يبحث عن الضعيف ليحميه كما أن الضعيف يبحث عن القوي ليحتمي به وليست حاجة القوي إلى أن يحمي الضعيف بأقل من حاجة الضعيف إلى الاحتماء بالقوي.

كذلك في رحمة الله تعالى وفقر عباده كما أن الفقر يطلب الرحمة كذلك الرحمة تطلب الفقر، لكنّ الله تعالى منزّه عن الحاجة فلا حاجة في ساحة الله تعالى، ولكن رحمة الله تطلب مواضع الحاجة والفقر ولا شحّ ولا بخل في ساحته تعالى واختلاف مراتب الحاجة والفقر تتبع مراتب الحاجة والفقر.

وفي بعض الأحيان يُشفى المريض من دون طلب الشفاء، وينجو من دون طلب النجاة وهذا من رحمة الله الواسعة كما في دعاء الافتتاح: «فكم يا إلهي من كربة قد فرّجتها، وهموم قد كشفتها، وعثرة قد أقلتها، ورحمة قد نشرتها، وحلقة بلاء قد فككتها».

وفي أدعية رجب: «يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحننًا منه ورحمة».

وفي مناجاة شهر رجب: «ولكن عفوك قبل عملنا».

وفي مناجاة أمير المؤمنين (عليه السلام): «مولاي يا مولاي! أنت المولى وأنا العبد، وهل يرحم العبدَ إلا المولى... مولاي يا مولاي! أنت القوي وأنا الضعيف، وهل يرحم الضعيفَ إلا القوي، مولاي يا مولاي! أنت الغني وأنا الفقير، وهل يرحم الفقيرَ إلا الغني، مولاي يا مولاي! أنت المعطي وأنا السائل، وهل يرحم السائلَ إلا المعطي. إلخ».

وهذه هي الحاجة قبل الوعي والطلب (الفقر غير الواعي).

ولأنها التي يعيها الإنسان ويرفعها إلى الله ويدعو ويطلب منه وهو الفقر الواعي.

والحاجة المقترنة بالوعي والطلب تستنزل رحمة الله أكثر من الشطر الأول من الحاجة غير المقترنة بالدعاء. ورحمة الله واسعة تتنزل كما في الفقر غير الواعي ولكن الحاجة إذا اقترنت بالطلب والدعاء تكون أقوى في اجتذاب رحمة الله تعالى ورحمة الله تستجيب لها أكثر مما تستجب لغيرها، وإلى هذه الحاجة تشير الآية: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}(16).

الآية تركّز على نقطتين (الاضطرار) و(الدعاء) كل منهما يجذب الرحمة وعند اجتماعهما تهبط رحمة الله تعالى.

وقد ورد تأكيد بليغ في الإسلام على الدعاء والسؤال من الله والاهتمام برفع الحاجة إلى الله ونشرها بين يديه عزّ شأنه وابتغاء رحمته واقتران الاستجابة بالدعاء كما ورد في القرآن والأحاديث الشريفة.

{َوقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(17).

فالاستكبار عن عبادة الله استكبار على الله تعالى والذي يكون مستكبرًا يطرد من رحمته ويدخل جهنم {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

الفرق بين الفقر غير الواعي والواعي:

هو أن الفقر غير الواعي أن يفتقر الإنسان إلى الله وهو لا يعي فقره وحاجته إلى الله بل قد لا يعرف الله.

وأما الفقر الواعي أن يعي صاحبه فقره وحاجته إلى الله وهذا الوعي يخرج الفقر إلى الله من دائرة الظلمة ولا يشعر به صاحبه بالحاجة.

ولكن الفقير الذي يعي فقره إلى الله يستدعي من رحمة الله وفضله ما لا يستدعيه الفقير الذي لا يعي فقره وحاجته إلى الله تعالى.

وكلما كان الفقر أكبر وأشد تكريسًا كان وعاء النفس لتقبل رحمة الله أوسع، ومن كان دعاؤه أكبر كان حظه من رحمة الله أكثر والوعاء هنا وعي الفقر، ولكن يرتكز في الفقر وكلما كان الإنسان أوعى لفقره وحاجته كان حظه أكبر من شموله لرحمة الله تعالى.

مثلاً: المجرم الخاطئ الذي يؤخذ للإعدام وهو يعلم بذلك يستعطف قلوب الناس أكثر، من المجرم الذي لا يعلم ذلك علمًا بأن كليهما يؤخذان إلى الإعدام.

للرحمة منازل ثلاثة:

وقد اجتمع في قضية هاجر وإسماعيل:

1- الحاجة والفقر.

2- السعي والحركة (لا رزق من دون سعي).

3- الدعاء والطلب.

وعدم الاستجابة لوجود بعض العوائق من قبل العبد.

عدم الإجابة لا لبخل وشحّ في ساحته -حاشاه الباري تعالى- «ولا يزيده كثرة العطاء إلا جودًا  وكرمًا»(18) ولا عجز في ساحته.

ولكن «ولعلّ الذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور» كما في دعاء الافتتاح ولكن يعوضه عن عدم إجابته بخير واسع في الدنيا ومغفرة للذنوب أو درجات رفيعة في الآخرة.

«فصرت أدعوك آمناً وأسألك مستأنساً لا خائفاً ولا وجلاً مدلا عليك فيما قصدت فيه إليك فإن أبطأ عني عتبت بجهلي عليك ولعل الذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور».

وقد يؤخر لكي يطول قيامه وتضرعه بين يدي الله، والله يحب أن يطول هذا التضرع كما ورد في الحديث القدسي.

«...يا موسى إني لست بغافل عن خلقي، ولكن أحب أن تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي»(19).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ العبد ليدعو فيقول الله عزّ وجلّ للملكين: قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته فإنّي أحب أن أسمع صوته، وإنّ العبد ليدعو فيقول الله تبارك وتعالى: عجلوا له حاجته فإني أبغض صوته»(20).

وعن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «الدعاء مخّ العبادة، وما من مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، إما أن يعجّل له في الدنيا، أو يؤجّل له في الآخرة، وإما أن يكفّر من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بمأثم»(21).

وعنه (صلَّى الله عليه وآله): «ما من عبد يسلك واديًا فيبسط كفيه فيذكر الله ويدعو إلا ملأ الله ذلك الوادي حسنات فليعظم ذلك الوادي أو ليصغر»(222).

وفي الحديث القدسي: «ما أنصفني عبدي، يدعوني فأستحي أن أردّه ويعصيني وأنا أراه فلا يستحيي مني»(23).

وفي الحديث القدسي: «من أحدث وتوضأ وصلّى ودعاني فلم أجبه فيما يسأل عن أمر دينه ودنياه فقد جفوته ولست برب جاف»(24).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما أبرز عبد يده إلى العزيز الجبار إلا استحى الله عزّ وجلّ أن يردّها»(25).

فالنّصوص الإسلاميّة تؤكّد هذه الحتميّة والإطلاق في العلاقة بين الدعاء والإجابة تظهر بشكل واضح وصريح أن الله تعالى يستحي أن يردّ دعاء عبده إذا دعاه.

إلا ما اقتضت المصلحة الإلهية والعوائق.

آداب الدعاء وشرائطه:

 نذكرها مختصرًا تتميمًا للفائدة:

1- معرفة الله تعالى:

من أهم شروط الاستجابة معرفته عزّ وجلّ والإيمان بسلطانه المطلق وقدرته المطلقة قال  (صلَّى الله عليه وآله): «لو عرفتم الله حق معرفته لزالت لدعائكم الجبال»(26).

2- حسن الظن بالله تعالى:

في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي فلا يظن بي إلا خيرًا»(27).

وعدم القنوط من رحمته.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا يزال المؤمن بخير ورجاء رحمة من الله عزّ وجلّ ما لم يستعجل؟ فيقنط و يترك الدعاء، وقلت له: كيف يستعجل؟ قال يقول قد دعوتُ منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة»(28).

3- الاضطرار إلى الله تعالى:

روي أنّ الله أوحى إلى عيسى (عليه السلام): «ادعني دعاء الحزين الغريق، الذي ليس له مغيث، يا عيسى سلني ولا تسأل غيري فيحسن منك الدعاء ومني الإجابة»(29).

يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الدعاء «واجعلني ممن يدعوك مخلصًا في الرخاء دعاء المضطرين لك»(30).

وعن الصادق (عليه السلام): «وإذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئًا إلا أعطاه فلييأس من النّاس كلهم ولا يكون له رجاء إلا عند الله، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله إلا أعطاه»(31).

4- الدخول من الأبواب التي أمر الله تعالى الدخول منها.

5- إقبال القلب على الله:

وهو من أهم شروط الاستجابة فإن حقيقة الدعاء في إقبال القلب على الله فإذا اشتغل القلب بشواغل الدنيا لم يحقق الإنسان حقيقة الدعاء.

وفي وصية رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «لا يقبل الله عزّ وجلّ دعاء قلب لاه»(32).

6- الخضوع وترقيق القلب عند الدعاء:

إذا أراد العبد أن يستجاب دعاؤه فلا بد من أن يطلب رقّة القلب؛ لأنّ القلب إذا رقّ شفّ وزالت الحجب بينه وبين الله تعالى وكان قريبًا منه ولأسلوب السؤال والدعاء تأثير في ترقيق القلب وقد ورد في النصوص عن التذلل عند الطلب والدعاء لتحقيق الغاية.

فروى ابن فهد الحلي في عدّة الداعي: "أن رسول الله إذا ابتهل ودعا كان كمن يستطعم المسكين"(33).

وروى أنه كان بينما أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى: «ألق كفّيك ذلاً بين يدي كفعل العبيد المستصرخ إلى سيده، فإذا فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم الأكرمين»(34).

وعن أبي حمزة عن الصادق (عليه السلام) قال أبو عبدالله لأبي بصير: «إنّ خفت أمرًا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله فمجّده وأثنِ عليه كما هو أهله، وصلّ على النبي (صلَّى الله عليه وآله) وسل حاجتك وتباكى ولو مثل رأس الذباب، إن أبي كان يقول: إن أقرب ما يكون العبد من الرب عزّ وجلّ وهو ساجد باك»(35).

7- مداومة الدعاء في الشدّة والرخاء:

عن الصادق (عليه السلام): «من سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدعاء في الرخاء»(36).

عن أبي ذر قال: «قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): يا أبا ذر تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة فإذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله»(37).

وروي أن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: «ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوًا من دعائه في الشدة، ليس إذا أعطى فتر، فلا تملّ الدعاء فإنّه من الله عزّ وجلّ بمكان»(38).

8- الوفاء بعهد الله:

ورد في تفسير القمي أنه قيل لأبي عبدالله الصادق (عليه السلام): «إن الله تعالى يقول {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وإنّا ندعوه فلا يستجاب لنا، فقال: لأنكم لا توفون بعهد الله، وإن الله قال {َأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُم} والله لو وفيتم لله لوفّى لكم»(39).

9- اقتران الدعاء بالعمل:

فلا ينفع الدعاء من غير عمل ولا يغني العمل عن الدعاء.

روي عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في وصاياه لأبي ذر: «يا أبا ذر مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر»(40).

وعن عمر بن يزيد قال: «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): رجل قال: لأقعدنَّ بيتي ولأصلينَّ ولأصومنَّ ولأعبدنَّ ربي، فأما رزقي فسيأتيني، فقال: هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم»(41). فلو دعا الله والدٌ لصلاح ولده إلا أنّه لم يهتمّ بتربيته لا يستجاب دعاؤه وكان ممّا يحجب عن الاستجابة، ومثله المريض الذي يدعو الله تعالى للشفاء ولكن من دون مراجعة الطبيب ولا تناول الدواء ولا اتخاذ الحمية اللازمة للشفاء فهذا الدعاء ممّا يحجب عن الاستجابة.

وكما أن العمل لا يغني عن الدعاء فقد روي عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنّه قال: «يدخل الجنة رجلان كانا يعملان عملاً واحدًا فيرى أحدهما صاحبه، فيقول: يا رب بم أعطيته وكان عملنا واحدًا؟ فيقول الله تعالى: سألني ولم تسألني»(42).

10- الدعاء ضمن السنن الإلهيّة:

ليس الدعاء خرقًا لسنن الله في الطبيعة والكون والمجتمع والتاريخ فإن سنن الله لا تتبدل ولا تتحول، فعلى الداعي أن لا يدعو لما يخالف سنن الله تعالى أو أحكام الله التّشريعيّة.

فقد ورد عن أمير المؤمنين «يا صاحب الدعاء، لا تسأل ما لا يحل ولا يكون»(43).

والمقصود من قول أمير المؤمنين لا تسأل «ما لا يكون» هو طلب تغيير السنن الإلهية في المجتمع والتاريخ أو الطبيعة والكون.

«وما لا يحل» هو مخالفة النظام التشريعي لله تعالى في حياة الإنسان وفي ذلك يقول تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}(44).

11- اجتناب الذنوب:

من شروط الاستجابة اجتناب الذنوب والتوبة منها، فإن جوهر الدعاء الإقبال على الله تعالى وكيف يتأتى لإنسان يمارس معصية الله تعالى ويعرض عن أمره وحكمه ولم يتب إلى الله، أن يقبل على الله تعالى؟

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب، أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبًا فيقول الله تعالى للملك، لا تقض حاجته واحرمه إيّاها فإنّه تعرَّض لسخطي واستوجب الحرمان منّي»(45).

وعن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: «مرَّ موسى (عليه السلام) برجل وهو ساجد فانصرف من حاجته وهو ساجد، فقال: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك فأوحى الله إليه يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته (ما استجبت له) حتى يتحوّل عما أكره إلى ما أحب»(46).

12- الاجتماع للدعاء وطلب التأمين من المؤمنين:

عن ابن خالد قال أبو عبدالله الصادق (عليه السلام): «ما من رهط أربعين رجلاً اجتمعوا ودعوا الله عزّ وجلّ عشر مرات إلا استجاب الله لهم، فإن يكونوا أربعة فواحد يدعوا الله أربعين مرة فيستجيب الله العزيز الجبار له»(47).

وعنه (عليه السلام): «كان أبي إذا حزنه أمر دعا النساء والصبيان ثمّ دعا وأمَّنوا» ومثلها ما ورد في دعاء وصلاة الاستسقاء(48).

13- الترسّل في الدعاء:

ألا يفقد الداعي في الدعاء حالة الترسّل في السؤال والطلب من الله فإنّ حقيقة الدّعاء وروحه هو الإقبال على الله بالسؤال والإلحاح والتضرّع في الطلب وقراءة الأدعية المأثورة، ففي هذه الحالة التي يجد الإنسان في نفسه من دون تكلّف من الإقبال والتوجّه إلى الله والتضرع والرقة ما لا يجده في حالة قراءة الأدعية المأثورة تتحقق حقيقة الدعاء كما ورد أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يفضلون للداعي أحيانًا أن يدعو متوسلاً بما يخطر بباله.

عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «إذا رقَّ أحدكم فليدع فإنّ القلب لا يرق حتى يخلص»(49).

وعنه قال: «إذا اقشعرَّ جلدك ودمعت عيناك فدونك، دونك، فقد قصد قصدك»(50).

روى عن زرارة قال: «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) علّمني دعاءً فقال: إنّ أفضل الدعاء ما جرى على لسانك»(51).

14- تحضير النفس للدعاء بالحمد والاستغفار والصلاة على محمد وآله:

فالدعاء إقبال على الله ولا بد لهذا الإقبال من تحضير للنفس بأن تبدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه والشكر لنعمائه وفضله والاستغفار بين يدي الله تعالى من الذنوب والصلاة والسلام على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) فإنّ ذلك من أساليب الإعداد والتحضير النفسي للدعاء ويتهيأ الإنسان من خلال هذا التقديم للإقبال على الله والسؤال والطلب منه تعالى.

عن العيص بن قاسم قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): «إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه... فإذا طلبتم الحاجة فمجّدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه تقول يا أجود من أعطى، ويا خير من سُئل، يا أرحم من استُرحم، يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداًً، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحبّ، يا من يحول بين المرء و قلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيء يا سميع يا بصير، وأكثر من أسماء الله عزّ وجلّ، فإنّ أسماء الله عزّ وجلّ كثيرة، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد، وقل: اللهم أوسع عليّ من رزقك الحلال ما أكفّ به وجهي وأؤدّي به عني أمانتي، وأحل به رحمي، ويكون عونًا لي في الحج و العمرة، وقال: إنّ رجلاً دخل المسجد فصلّى ركعتين ثمّ سأل الله عزّ وجلّ، فقال رسول الله :عجّل العبد ربّه، وجاء آخر فصلى ركعتين ثمّ أثنى على الله عزّ وجلّ وصلّى على النبي، فقال رسول الله: سلْ تعط»(52).

وعن صفوان الجمّال عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «كل دعاء يُدعى الله عزّ وجلّ به محجوب عن السماء حتى يُصلى على محمّد وآل محمّد»(53).

١٥- دعوة الله بأسمائه الحسنى:

{قلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}(54).

وقد ورد في نصوص عديدة أنّ المؤمن إذا دعا الله بأسمائه الحسنى عشرًا لبّى الله تعالى.

عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «من قال يا الله يا الله عشر مرات قيل له لبيّك ما حاجتك»(55).

وعن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «إذا قال العبد وهو ساجد يا الله يا رباه يا سيداه ثلاث مرات، أجابه الله تبارك وتعالى: لبّيك عبدي سل حاجتك»(56).

١٦-بث الحاجات بين يدي الله تعالى:

عن أبي عبدالله (عليه السلام): «إن الله تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه، ولكن يحب أن تبث اليه الحوائج فإذا دعوت فسم حاجتك».

فإن الانسان إذا بث حاجته بين يدي الله يتقرب منه ويتعلق به ويأنس اليه ويحس فقره وحاجته إليه وكل ذلك يحبه الله تعالى.

١٧-الإلحاح في الدعاء:

الإلحاح في الدعاء يكشف عن عمق ثقه العبد ورجائه في الله تعالى وعمق تعلقه به تعالى فكلما كانت ثقة الإنسان بالله تعالى أكثر كانت الحاجة إلى الدعاء أكثر، وبالعكس وكلما كانت ثقة الإنسان بالله ضعيفة فإنّه ينقطع عن الدعاء وييأس فلا يجد لدعائه استجابة.

وكما يكشف الإلحاح في الدعاء عن عمق الثقة والعلاقة به تعالى، كذلك هو يثبتها في روح الإنسان فيحس بقربه منه تعالى.

وقد ورد في النصوص الحثّ على الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس في كلّ الأحوال.

فعن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «إن الله يحبّ الملحّين في الدعاء»(57).

وعنه (صلَّى الله عليه وآله): «إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ السّائل الّلحوح»(58).

عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام): «إنّ الله كره إلحاح النّاس بعضهم على بعض في المسألة وأحبّ ذلك لنفسه إن الله عزّ وجلّ يحبّ أن يسأل ويُطلب ما عنده»(59).

وعنه قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «رحم الله عبدًا طلب من الله عزّ وجلّ حاجة فألحَّ في الدعاء، استجيب له أو لم يستجب وتلا هذه الآية {وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا}(60).

وعنه (صلَّى الله عليه وآله): «سل حاجتك وألحّ في الطلب فإنّ الله يحب إلحاح الملحّين من عباده المؤمنين»(61).

وعنه (صلَّى الله عليه وآله): «لا والله لا يلحّ عبد على الله عزّ وجلّ إلا استجاب له»(62).

١٨-الدعاء للآخرين وطلبه من الآخرين:

عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «الدعاء لأخيك بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق ويصرف عنه البلاء ويقول الملك ولك مثل ذلك»(63).

عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «من دعا لمؤمن بظهر الغيب قال الملك: ولك مثل ذلك»(64).

عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه»(65).

وعن أبي خالد القمّاط قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): أسرع الدعاء نجحًا للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب، يبدأ بالدعاء لأخيه، فيقول له ملك موكّل به آمين، ولك مثلاه»(66).

كما ورد أنّ فاطمة الزهراء كانت تدعو لجيرانها في محراب عبادتها ولما سأل الحسنُ عن ذلك قالت: «الجار ثم الدار».

١٩- الدعاء عند نزول الرحمة:

فإنّ الإنسان يكون قريبًا من رحمة الله ويعترض لرحمة الله وساعات هبوط الرحمة كثيرة.

منها ساعة قراءة القرآن، وأوقات الأذان، وساعة نزول المطر وساعة التقاء الصفين ومصرع الشهداء وهذه الساعة أفضل الساعات التي تنفتح فيها أبواب رحمة الله على الأرض.

عن السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث وعند التقاء الصفين للشهادة»(67).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة القرآن والأذان، وعند نزول الغيث وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم، فإنها ليس لها حجاب دون العرش»(68).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «من قرأ مائة آية من القرآن، من أيّ القرآن شاء ثم قال: يا الله، سبع مرات، فلو دعا على الصخرة لقلعها، إن شاء الله»(69).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدّم شيئًا فتصدق به وشمّ شيئًا من طيب، وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله»(70).

وكذلك ورد استجابة الدعاء في الأماكن المقدسة كالدعاء تحت قبة أبي عبدالله الحسين (عليه السلام)(71) والسجود(72)على تربته فإنّه يخرق الحجب السبع، والدعاء تحت ميزاب الرحمة(73)، وبين الركن والمقام.

٢٠- الدعاء في جوف الليل:

وبالأخص النصف من الليل فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا}(74).

روى المفضل بن عمر عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: «كان فيما ناجى الله به موسى بن عمران أن قال له: يا بن عمران كذب مَن زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أليس كل محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا يا بن عمران مطّلع على أحبّائي فإذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلموني عن الحضور، يا بن عمران هب لي من قلبك الخشوع ومن بدنك الخضوع ومن عينك الدموع، وادعني في ظلم الليل فإنّك تجدني قريبًا مجيبًا»(75).

و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لنوف البكالي: «يا نوف إنّ داود قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا اسجيب له إلا أن يكون عشّارًا أو عريفًا، أو شرطيًا أو صاحب عرطبة -و هو الطنور- أو أصحاب كوبة -و هو الطبل-...»(76).

وعن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) قال: «إذا كان آخر الليل يقول الله عزّ وجلّ: هل من داع فأجيبه؟ وهل من سائل فأعطيه سؤله وهل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟»(77).

وفي الخطبة المعروفة بخطبة المتقين يصف الحالة من انقلاب الأبصار من الخارج إلى القلب: «أما الليل فصافّون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً يحزّنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم،... فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعًا وتطلّعت نفوسهم إليها شوقاً، وظنّوا أنّها نصب أعينهم، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم،...وظنّوا أنّ زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفّهم وركبهم، وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم من النار...فأمّا النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء»(78).

٢١- المسح على الوجه والرأس بعد الدعاء:

عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام): «ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبّار إلا استحيا الله عزّ وجلّ أن يردّها صفرًا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتى يمسح على وجهه ورأسه»(79).

٢٢- يستحب الصلاة على محمّد وآله في أول الدعاء ووسطه وآخره:

و قد دلّت الروايات الكثيرة على ذلك فعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «كلّ دعاء يدعى الله عزّ وجلّ به محجوب عن السماء حتى يصلى على محمّد وآل محمد»(80).

وعنه (عليه السلام) قال: «من كانت له إلى الله عزّ وجلّ حاجة، فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله، ثم يسأل حاجته، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد، فإنّ الله عزّ وجلّ أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذا كانت الصلاة على محمّد وآله، ولا تحجب عنه»(81).

وعنه (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): صلاتكم عليّ إجابة لدعائكم وزكاة أعمالكم»(82).

 

* الهوامش:

(1) سورة غافر: 60.

(2) غرر الحكم، ح 8292.

(3) البحار، ب16، ح23: 295. الوسائل: 7 من أبواب الدعاء، ب2، ح2، 7: 26،27.

(4) المصدر نفسه، ب8، ح4: 39. الكافي، 2: 468.

(5) الوسائل: 7 من أبواب الدعاء، ب32، ح3: 84. نهج البلاغة، الكلمات القصار لأمير المؤمنين (عليه السلام)، القسم 4، ح337، ص79.

(6) الوسائل: 7 من أبواب الدعاء، ب50، ح3: 125.

(7) الوسائل: 7 من أبواب الدعاء، ب67، ح1452، ب32، ح843.

(8) نهج البلاغة، القسم الرابع: غرر الحكم والمواعظ: 147.

(9) سورة فاطر: 152.

(10) سورة الأعراف: 40.

(11) سورة النساء: 72.

(12) سورة الفرقان: 21.

(13) سورة غافر: 60.

(14) سورة الأنبياء: 19.

(15) سورة الأعراف: 206.

(16) سورة النمل: 61.

(17) سورة غافر: 60.

(18) مقطع من دعاء الافتتاح.

(19) عدة الداعي لابن فهد الحلي: 143، الإلحاح في الدعاء، الجواهر السنيّة: 72. إرشاد الديلمي 56 في المبادرة إلى العمل. البحار 74: ب2 من أبواب المواعظ، ح11: 42، ب20، ح11: 340.

(20) الوسائل: 7 من أبواب الدعاء، ب2، ح3: 61، 62.

(21) الوسائل7، ب2، ح9: 27. المصدر نفسه، ب2، ح9: 27.

(22) ثواب الأعمال: 137. الوسائل7، ب15: 167.

(23) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد11: 215.

(24) إرشاد القلوب للديلمي، في المبادرة إلى العمل: 55.

(25) الوسائل7 من أبواب الدعاء، ب14: 1، 2.

(26) عوالي اللئالي4، ح225: 132. تفسير الميزان2: 43، نقله عن تفسير الدر المنثور للسيوطي.

(27) أصول الكافي، باب حسن الظن بالله، ح723.

(28) الوسائل7: من أبواب الدعاء، ب17، ح3: 55.

(29) المصدر نفسه، ب65، ح2: 143.

(30) الصحيفة السجادية، الدعاء 22.

(31) الوسائل7، ب65، ح1: 143.

(32) المصدر نفسه، ب16، ح3: 54. أصول الكافي2، باب الإقبال على الدعاء، ح2: 473. عدّة الداعي: 167.

(33) عدّة الداعي: 139.

(34) عدّة الداعي: 139. المجالس للمفيد: 22.

(35) أصول الكافي2، ح12، ص483. الوسائل7، ب29، ح4.

(36) الوسائل7، ب9، ح3: 41.

(37) عدة الداعي لابن فهد الحلي: 127. الوسائل7، ب9، ح13: 41.

(38) الوسائل7، ب2، ح11، ب21، ح1.

(39) تفسير القمي1: 46. تفسير الصافي، 1: 224. تفسير آية 186 من سورة البقرة. نور الثقلين، ج4: 527، البحار66: ب38 من أبواب مكارم الأخلاق 341.

(40) الوسائل7 ب67، ح2: 145. ورواه الرضي في النهج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكلمات القصار له (عليه السلام).

(41) الوسائل7 ب50، ح4: 125. المصدر نفسه17، ب5، ح2: 25. فروع الكافي5: من أبواب الحث على الطلب والتعرض للرزق: 77.

(42) عدّة الداعي: 36. الوسائل7 ب1، ح7: 24.

(43) الوسائل7، ب31، ح10: 83.

(44) سورة التوبة: 80.

(45) أصول الكافي2، ح14: 271. الوسائل7، ب67، ح1: 144.

(46) المصدر نفسه، ح7. عدّة الداعي: 164.

(47) أصول الكافي2، ح1: 487. الوسائل7، ب38، ح1: 103.

(48) الوسائل7، ب39، ح3: 105. أصول الكافي2، ح3: 487.

(49) الوسائل8، من أبواب صلاة الاستسقاء.

(50) الوسائل7، ب28، ح1: 723.

(51) نفس المصدر.

(52) الوسائل7، ب62، ح1: 1392.

(53) الوسائل7، ب36، ح1. أصول الكافي2، ح7: 493.

(54) سورة الإسراء: 110.

(55) الوسائل7 ب33، ح1: 85. أصول الكافي2: 519.

(56) الوسائل7 ب33، ح5: 86.

(57) المصدر نفسه، ب5، ح1: 33.

(58) بحار الأنوار90، ب24، ح22: 378.

(59) المصدر نفسه ح2: 58.

(60) المصدر نفسه ح4: 58.

(61) المصدر نفسه ح8: 60.

(62) المصدر نفسه ح3: 58.

(63) بحار الأنوار 90: باب 26 من أبواب الذكر والدعاء ح18: 387، الوسائل 7: باب 41 ح13: 109.

(64) أمالي الطوسي ج2 : 95، بحار الأنوار 90: باب 26 ح11: 385، الوسائل 7: باب 41 ح10: 109.

(65) أصول الكافي 2: ح2: 507، البحار 90 باب 26ح9: 385.

(66) المصدر نفسه ح3: 107.

(67) البحار 90: ب21 ح9: 345، عدّة الداعي: 128، الوسائل 7: باب 23 ح2: 64، أصول الكافي 2: ح3: 477.

(68) الوسائل7: ح5: 65، البحار 90باب 21 ح1: 243.

(69) ثواب الأعمال للصدوق: 58.

(70) أصول الكافي2: 477، الوسائل 7: 24: 67.

(71) المصدر نفسه 14: 69: 517، ب 76: 537.

(72) المصدر نفسه 5 ب 16 من أبواب استحباب السجود على تربة الحسين (عليه السلام) 365.

(73) فقه الرضا لابن بابويه القمي 222، البحار 96: ب41ح4: 230، مستدرك الوسائل3: ب42: 422.

(74) سورة المزمل: 1-6.

(75) الوسائل 7: ب30 ح2: 78.

(76) الوسائل 7: ب30 ح3: 78، نهج البلاغة القسم الثاني من باب المختار من الحكم والمواعظ رقم 105.

(77) الوسائل 7: ب25 ح4: 69.

(78) نهج البلاغة: خ 14، المعروفة بخطبة المتقين.

(79) الوسائل 7: ب14: 51.

(80) الوسائل 7: ب36 ح1: 92.

(81) المصدر نفسه: ح11: 95.

(82) المصدر نفسه: ح15: 96.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا