بسم الله الرحمن الرحيم، وصلّى الله وسلّم على محمّد وآله. مما قامت عليه ضرورة المذهب تحتّم القصر في السفر، ولكنَّ المشهور من عصر شيخ الطائفة (قدّس سرّه) إلى هذه الأعصار ترخيص المسافر في الإتمام في المواطن الأربعة، وقد حكي عدّه من ضروريات مذهب الشيعة أيضاً()، بل ذهب المرتضى (رحمه الله) إلى تعيُّنه عليه(2)، وفي المقابل ذهب الصدوق (رحمه الله) إلى القول بتعيُّن القصر، وأن الأمـر بالإتمـام في تلك المواطن بمعنى العـزم
على مقام عشرة أيام فيها حتى يتم(3)، وقد نُسبت موافقته إلى كلٍّ من المحقِّق البهبهاني وتلميذه السيّد بحر العلوم (قدّس سرّهما) (4) هذا.
ومنشأ خلافهم اختلاف الأخبار، فلا بدَّ من عرضها، وهي على طوائف:
الطائفة الأولى: ما دلّ منها على التمام -وهي جملة وافرة من الروايات لا تقلُّ عن عشرين روايةً-، منها صحيحة حمَّاد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من مخزون علم الله الإتمام في أربعة مواطن: حرم الله، وحرم رسوله (صلّى الله عليه وآله)، وحرم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحرم الحسين بن علي (عليه السلام)»(5).
ولا يضرُّ بصحّتها وقوع أبي عبد الله البرقي -وهو محمد بن خالد بن البرقي- في سندها؛ فإنه وإن قال فيه الشيخ النجاشي (رحمه الله): «كان محمّد ضعيفاً في الحديث»(6)، إلا أنّ ضعفه في الحديث أعمّ من ضعف لسانه، فلا يعارض تصريح الشيخ (قدّس سرّه) في رجاله بوثاقته(7).
ومنها صحيحة مسمع عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: «كان أبي يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما، ويقول: إن الإتمام فيهما من الأمر المذخور»(8).
ولا دلالة في هاتين الروايتين على تعيُّن التمام.
ومنها صحيحة علي بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): (إنَّ) الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، فمنها: أن يأمر تتمّ الصلاة، ولو صلاة واحدة، ومنها: أن يأمر تقصّر الصلاة ما لم ينوِ مقام عشرة أيام، ولم أزل على الإتمام فيهما، إلى أن صدرنا في حجّنا في عامنا هذا، فإن فقهاء أصحابنا أشاروا عليَّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة (أيام)، وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك، فكتب بخطه (عليه السلام): قد علمت- يرحمك الله- فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصِّر وتكثر فيهما من الصلاة، فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهةً: إني كتبت إليك بكذا، فأجبت بكذا، فقال: نعم، فقلت: أيّ شيء تعني بالحرمين؟ فقال: مكّة والمدينة..(9).
وهذه الصحيحة لا دلالة فيها أيضاً على وجوب التمام؛ فإن التعبير بكون التمام وعدم التقصير عند دخول الحرمين محبوباً منه (عليه السلام) لابن مهزيار مانع من استفادة وجوب التمام، بخلاف ما لو قال مثلاً: (إذا دخلت الحرمين فلا تقصِّر).
ومنها صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التمام بمكّة والمدينة، فقال: أتم وإن لم تصلِّ فيهما إلا صلاة واحدة(10).
ومنها موثّقة عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن إتمام الصلاة (والصيام) في الحرمين (مكة والمدينة)، فقال: أتمَّها ولو صلاة واحدة(11).
وهاتان الروايتان وإن ادّعي ظهور الأمر فيهما في وجوب التمام(12)، إلا أنه لمّا كان وارداً في مورد توهّم حظر التمام، فإن السفر محل التقصير، فكأن السؤال عن جواز التمام، فلا ظهور للأمر في هذا المورد في الوجوب، نعم هما صريحتان في الترخيص في الإتمام، بحيث لا يمكن حملهما على فرض ما لو عزم على إقامة العشرة خاصّة، كما سيأتي إن شاء الله.
ومنها رواية مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: إذا دخلت مكّة فأَتم يوم تدخل(13).
ومنها ما رواه صفوان عن عمر بن رياح قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أقدم مكّة أُتمُّ أو أقصِّر؟ قال: أَتم، قلت: وأَمُرُّ على المدينة فأُتمُّ الصلاة أو أقصِّر؟ قال: أَتم(14).
ومنها رواية أبي شبل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أزور قبر الحسين (عليه السلام)؟ قال: نعم زر الطيِّب وأتمَّ الصلاة عنده، قلت: أتم الصلاة؟ قال: أتم، قلت: بعض أصحابنا يرى التقصير، قال: إنما يفعل ذلك الضَعَفَة(15).
ومنها رواية عمرو بن مرزوق قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصلاة في الحرمين (وفي الكوفة) وعند قبر الحسين (عليه السلام)، قال: أتم الصلاة فيهم(16).
ومنها رواية قائد الحنَّاط عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: سألته عن الصلاة في الحرمين، فقال: أتم ولو مررت به مارَّاً(17).
وهذه الروايات الخمس وإن كانت ظاهرة الدلالة في وجوب التمام وتعيّنه، إلا أنها طرّاً غير نقيّة الأسناد، أما الأولى فلاشتمال الطريق على ابن أبي جِيْد، وكونه من مشايخ النجاشي (رحمه الله) لا يجدي؛ إذ لم تتم كبرى وثاقة مشايخه؛ فإن المسلّم أنه لا يروي عمن ضُعّف وغمز فيه إلا بواسطة، وهذه مزيّة عند أرباب الحديث، وأما دعوى أنه لا يروي عن مطلق الضعيف، وإن لم يغمز فيه فليست بيِّنة.
وأما الرواية الثانية فتشترك مع سابقتها في عيب الطريق، ولو تجاوزناه فلا توثيق لعمر بن رياح، وكبرى وثاقة من يروي عنه أحد المشايخ الثلاثة -ومنهم صفوان- تامّة في خصوص فرض إكثار أحدهم الرواية عن فرد، وليست كذلك بالإضافة إلى ابن رباح، وإطلاق عبارة العدّة لا يتناول فرض رواية أحدهم عن فرد ندوراً؛ إذ من البعيد أن لا يرووا عن الضعيف مع الوثوق بمضمون ما يرويه، بل الذي تسكن إليه النفس روايتهم عنه في الفرض المذكور، فمع الرواية عن فرد ندوراً كما يحتمل لوثاقته، يحتمل للوثوق بالمضمون، واقتصارنا على استفادة التوثيق في صورة إكثارهم الرواية عن فرد لا لأنه مفاد العبارة؛ بل لكونه القدر المتيقّن منها.
وأما الرواية الثالثة فيكفي في ضعف سندها جهالة أبي شبل.
وأما الرواية الرابعة فسندها مشتمل على أكثر من مجهول.
وأما الرواية الخامسة فلعدم ثبوت وثاقة علي بن إسماعيل، وهو علي بن إسماعيل بن عيسى، حتى لو تمّت دعوى اتحاده مع علي بن السندي، كما أن قائد الحنّاط -هو الآخر- لم تثبت وثاقته، ووروده في أسناد كامل الزيارت لا يجدي خصوصاً بالإضافة إلى غير المشايخ، كما في موردنا؛ إذ ظاهر عبارة الديباجة روايته بواسطة بعض مشايخه عمن ثبت ضعفه، كما قرّر في محلّه.
فتحصّل أنه لم ينهض شيء من روايات هذه الطائفة سنداً ودلالة على تعيّن التمام، فقول السيِّد المرتضى (قدّس سرّه) بتعيُّن التمام غير واضح. نعم أصل مشروعية التمام أو الترخيص فيه بل رجحانه مما لا شبهة فيه بحسب هذه الروايات وغيرها؛ لتمامية سندِ ودلالةِ جملةٍ منها، على أن كثرة روايات هذه الطائفة تعفينا عن النظر في أسنادها؛ للقطع بصدور بعضها عن المعصوم (عليه السلام).
الطائفة الثانية: ما دلّ من الروايات على التقصير:
منها صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الصلاة بمكّة والمدينة تقصير أو تمام، فقال: قصِّر ما لم تعزم على مقام عشرة أيام(18).
ومنها صحيحة معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التقصير في الحرمين والتمام، فقال: لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام، فقلت: إن أصحابنا رووا عنك أنك أمرتهم بالتمام، فقال: إن أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلُّون ويأخذون نعالهم ويخرجون، والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة، فأمرتهم بالتمام(19).
ومنها موثّقة عمار بن موسى قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في الحائر، قال: ليس الصلاة إلا الفرض بالتقصير ولا تصل النوافل(20).
ومنها ذيل رواية الخثعمي: كتبت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) أسأله عن الصلاة في المسجدين أقصِّر أم أتمّ؟ فكتب (عليه السلام) إليَّ: أيَّ ذلك فعلت فلا بأس. قال: فسألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عنها مشافهة؟ فأجابني بمثل ما أجابني أبوه، إلا أنه قال في الصلاة: قصِّر(21).
من أوجه الجمع:
والمعتبرات من هذه الطائفة صريحةٌ في وجوب القصر وتعيُّنه، فتقع المعارضة بينها وبين نصوص أفضلية التمام. وقد يجمع بينهما بحمل نصوص التمام على استحباب العزم على الإقامة عشرة أيام حتى يتم، كما تقدّم عن الشيخ الصدوق (رحمه الله)، وقد يشهد له ما رواه الشيخ (رحمه الله) في الصحيح عن محمد بن إبراهيم الحصيني(الحضيني) قال: استأمرت أبا جعفر (عليه السلام) في الإتمام والتقصير، قال: إذا دخلت الحرمين فانوِ عشرة أيام، وأَتمّ الصلاة، فقلت له: إني أقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة؟ قال: انوِ مقام عشرة أيام وأَتم الصلاة(22).
ولكنَّ جملةً من روايات التمام المتقدّمة تأبى هذا الجمع، منها ما دلَّ على التمام ولو صلاةً واحدة، أو ولو كان مارَّاً، كصحيحة ابن الحجّاج وموثّقة عثمان بن عيسى ورواية قائد الحنّاط، ومنها ما دلّ على كون الإتمام من مخزون علم الله أو من الأمر المذخور كصحيحتي حمّاد ومسمع وغيرهما؛ فإن ظاهر الإسناد في قوله (عليه السلام): (إن الإتمام في الحرمين من الأمر المذخور) هو أن الإتمام بنفسه من المذخور، لا أن قصد الإقامة ثمّ الإتمام من المذخور، ومنها صحيحة ابن مهزيار؛ فإن موردها فرض عدم العزم على إقامة عشرة أيام. وأما رواية الحصيني فلا تحمل أدنى شهادة لمذهب الصدوق (رحمه الله)؛ إذ أنها تدل على كفاية نية الإقامة ولو كانت صوريّة، بأن يعلم المقيم بأنه سيخرج قبل تحقق إقامة العشرة، وهذا مما لم يلتزم (رحمه الله) به، على أن الرواية ضعيفة بالحصيني؛ فإنه لم تثبت وثاقته، وأما ما رواه الكشي في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن حمدان الحضيني عن الجواد (عليه السلام) من أن محمّد بن إبراهيم الحصيني كان من خصيص شيعته(23)- فضعيفة بحمدان، ومجرد اتفاق رواية أحد الثقات الثلاثة- ومنهم البزنطي عنه في سند هذه الرواية خاصّة- لا يجدي في ثبوت وثاقته؛ لعدم ثبوت الكبرى بهذه السعة كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك.
الطائفة الثالثة: ما دلّ من الروايات على التخيير:
منها صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام) في الصلاة بمكّة قال: مَنْ شاء أتمّ، ومَنْ شاء قصَّر(24).
ومنها معتبرة الحسين بن المختار عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: قلت له: إنَّا إذا دخلنا مكّة والمدينة نتمّ أو نقصِّر؟ قال: إن قصَّرت فذلك، وإن أتممت فهو خير تزداد(25).
ومنها رواية عمران بن حمران قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أقصِّر في المسجد الحرام أو أتمّ؟ قال: إن قصَّرت فلك، وإن أتممت فهو خير، وزيادة الخير خير(26).
ومنها رواية علي بن يقطين قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن التقصير بمكّة، فقال: أتم، وليس بواجب إلا أني أحبّ لك ما أحبّ لنفسي(27).
ومنها رواية صالح بن عبد الله الخثعمي قال: كتبت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) أسأله عن الصلاة في المسجدين أقصِّر أم أتمّ؟ فكتب (عليه السلام) إليَّ: أيَّ ذلك فعلت فلا بأس...(28).
ولا تنافي بين هذه الطائفة من الروايات وبين الطائفة الأولى كما هو واضح، نعم ينافيها، مثلما ينافي أخبارَ الطائفة الأولى-كما تقدّم- أخبارُ الطائفة الثانية الآمرة بالقصرتعييناً.
وقد يقال: بأن الأمر بالقصر وإن كان ظاهراً في تعيينه، لكنه قابلٌ للتصرُّف فيه بحمله على بيان أحد فردي التخيير؛ لأظهريّة أخبار التخيير فيه من أخبار خصوص القصر في التعيين، فيكون محصّل قوله (عليه السلام): (قصِّر ما لم تعزم على مقام عشرة أيام) بعد تحكيم أخبار التخيير: قصّر أو أتم ما لم تقم فيتعيّن الإتمام(29).
وفيه أولاً: إنّه لا موضوعية للأظهرية في القرينية، بل المدار على ما لو جُمِعَ الأظهر والظاهر في سياق واحد لرؤيا منسجمين، والمقام ليس كذلك؛ لقوله (عليه السلام) في صحيحة معاوية المتقدّمة: «لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام»، وقوله (عليه السلام) في موثقة عمار المتقدّمة: «ليس الصلاة إلا الفرض بالتقصير».
وثانياً: -ما قيل- من أنه لو كان التمام جائزاً، وهو أفضل الفردين بمقتضى القول بالتخيير، فإنه يلزم أن يجيب الإمام (عليه السلام) بما هو مفضول ومرجوح عنده، مع أنه يمكنه أن يجيب بالأفضل والراجح لديه(30). وهذا من مبعِّدات القول بالتمام، وسيأتي التعرّض لها إن شاء الله.
إعمال المرجّح الجهتي:
ثمّ إنه لو لم يتأتَ الجمع العرفي بين الطوائف -ولو لهذا المبعِّد- فقد يصار إلى حمل روايات التمام على التقيّة؛ فإنها موافقة لقول مالك، ففي مغني ابن قدامة: "وممن روي عنه الإتمام في السفر عثمان وسعد بن أبي وقّاص وابن مسعود وابن عمر وعائشة...، وبه قال الأوزاعي والشافعي، وهو المشهور عن مالك"(31).
ولكن يتوجه على هذا الحمل عدّة ملاحظات:
الأولى: أنه لا يمكن حمل روايات الإتمام على ذلك؛ فإن العامّة لو التزموا القول بالإتمام، كما حكيت شهرته عن مالك، فهو لا يفرّق بين المواطن الأربعة وغيرها، بل يقول به في مطلق السفر من جهة استفادة الرخصة من قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ}، بينما ظاهر روايات الإتمام ببركة أخذ المواطن الأربعة موضوعاً للإتمام كونه دائراً مدار تلك المواطن وجوداً وعدماً، وأنه لشرافة تلك البقاع، وهو مما ينافي الحمل على التقيّة، مضافاً إلى أن احتكاك الشيعة بالعامّة الموجب لموافقتهم تقيّةً إنما هو في الحرمين مكّة والمدينة دون حرمَي أمير المؤمنين والحسين (صلّى الله عليه وآله).
الثانية: إن أخبار التخيير مرخّصة في القصر والإتمام، وهي تتأبى عن حمل الإتمام بخصوصه فيها على التقية لقول مالك وغيره.
الثالثة: إن النقل عن مالك مختلف؛ ففي قبال ما نقله في المغني من شهرة التمام عنه، نقل بعضهم أن أشهر الروايات عن مالك هو القول بأن القصر سنّة(32). فلم تحرز موافقة أخبار التمام لقول مالك، لتحمل على التقيّة، كما أن غيره ممن تحتمل موافقة روايات الإتمام له لم يقل به، قال في المغني: "المشهور عن أحمد أن المسافر إن شاء صلّى ركعتين، وإن شاء أتمّ، وروي عنه: أنه توقّف-إلى أن قال- وقال حمّاد بن أبي سليمان: ليس له الإتمام في السفر، وهو قول الثوريّ وأبي حنيفة"(33).
ويؤيّد كون الأمر بالإتمام ليس لموافقة العامّة رواية عبد الرحمن بن الحجّاج -الضعيفة باللؤلؤي(34)- قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن هشاماً روى عنك أنك أمرته بالتمام في الحرمين، وذلك من أجل الناس؟ قال: لا، كنت أنا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكّة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس(35). فإن المستفاد منها أنّ الإتمام في الحرمين، على خلاف الناس، ولذا كان الإئمة (عليهم السلام) يستترون منهم.
قال المحقِّق الإصفهاني (قدّس سرّه) تعقيباً على هذه الرواية، -ونعم ما قال-: "والسرّ في ذلك -واللّه أعلم- أنّ اختصاص الحرمين بمزيّة التخيير وأفضلية الإتمام لم ترد به آية ولا رواية عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، بل لم يكن منه أثر إلى زمان الصادق (عليه السلام)، ولذا لا تجد في الأخبار مع كثرتها روايةً به عن الباقر (عليه السلام) الذي يَستند إليه أدلة الأحكام غالباً، وعمل الأئمة وشيعتهم على القصر في هذه المواطن كغيرها. فالإتمام في خصوص هذه المواطن جهاراً مَعْرَضٌ للتشنيع؛ فإنّه عمل لا دليل عليه من الكتاب والسنّة النبويّة عند الجمهور، فلذا كانوا[عليهم السلام] يستترون عن الناس دفعاً للتشنيع، وأمروا شيعتهم وأجلاء أصحابهم بالتقصير لهذه الجهة، لا لأجل موافقة أبي حنيفة، ولأجله جعلوا الإتمام من مخزون علم اللّه، ومن الأمر المذخور، وأمروا به أحياناً إظهارا للحق. وربما علّموا بعض شيعتهم طريق دفع التشنيع، حيث قال (عليه السلام) في مكاتبة إبراهيم بن شيبة: كان رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) يحبّ إكثار الصلاة في الحرمين، فأكثر فيهما وأتمّ. فكان الإتمام نوع (كذا) من إكثار الصلاة، وفي آخر: قد علمت يرحمك اللّه فضل الحرمين، وبالجملة أخبار التمام لا يمكن حملها على التقيّة، -وأضاف (قدّس سرّه)- وأخبار تعيين القصر؛ لنكتة دفع التشنيع، لا لموافقة أبي حنيفة"(36).
بل المناسب -لو لم يمكن الجمع العرفي بين أخبار الطوائف الثلاث- حمل الطائفة الثانية وكذا عمل أصحاب الأئمة (عليهم السلام) بسبب التنافي المذكور على التقيّة، دون أخبار الطائفة الأولى؛ لعدم تأتّي حملها عليها، كما تقدّم، ودون أخبار التخيير.
ويشهد لهذا الحمل -بعد أن كان التقصير رأي أبي حنيفة كما تقدّم عن المغني- أمران:
الأول: أن القصر لو كان هو الوظيفة الواقعية، وأن أخبار التمام قد صدرت لجهة التقيّة فلا ينتظر التفرقة بين المواطن الأربعة وغيرها؛ إذ لم يفرّق العامّة في القصر أو الإتمام أو التخيير -لو كان بكلٍّ قائل- بين المواطن الأربعة وغيرها، لتحمل أوامر الإتمام فيها على التقيّة.
الثاني: ما تقدّم من أن الإتمام من الأمر المذخور في مخزون علم الله كما في صحيحتي مسمع وحمّاد المتقدّمتين، فيكون الأمر بالقصر بخلافه.
ولا يقال على هذا الحمل -نحو ما قلناه على حمل روايات التمام على التقيّة من أن أخبار التخيير مرخّصة في التمام والقصر، وهي غير قابلة لحمل التمام بخصوصه فيها على التقيّة- وأن روايات التخيير لما كانت مرخّصة فيهما؛ فهي غير قابلة لئن يحمل القصر بخصوصه فيها على التقيّة.
فإنه يقال: سلّمنا عدم قابليّة أخبار التخيير لحمل أحد فردي التخيير فيها بخصوصه على التقيّة، ولكن المحمول على التقيّة هو تعيين القصر المفاد بأخبار الطائفة الثانية دون الترخيص فيه المفاد بأخبار التخيير. أو فقلْ: إن الأمر بالقصر تعييناً أمرٌ بما هو موافق للواقع، وإنما عيّنه لا للتقيّة في صدور هذا التعيين؛ بل للتقيّة المداراتية، فيكون أمراً راجحاً في نفسه.
المرجّح الخاص أو الحاكم:
ولكن النوبة لا تصل إلى إعمال المرجِّحات العامّة لباب التعارض بعد وجود ما يشهد بتقديم مفاد الطائفة الأولى على مفاد الطائفة الثانية، وهو صحيحة علي بن مهزيار -التي رواها الكليني والشيخ (قدّس سرّهما)- قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): (إنَّ) الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، فمنها: أن يأمر تتمّ الصلاة، ولو صلاة واحدة، ومنها: أن تقصر الصلاة ما لم ينوِ عشرة أيام، ولم أزل على الإتمام فيهما، إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا، فإن فقهاء أصحابنا أشاروا إليَّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة (أيام)، وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك، فكتب بخطه (عليه السلام): قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصِّر وتكثر فيهما من الصلاة، فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهةً: إني كتبت إليك بكذا، فأجبت بكذا، فقال: نعم، فقلت: أيُّ شيء تعني بالحرمين؟ فقال: مكّة والمدينة(37). فإنها ناظرة إلى الطائفتين معاً، وقد أرشدت إلى الأخذ بالطائفة الأولى، فهي على غرار صحيحة علي بن مهزيار الواردة في باب نجاسة الخمر(38)، فتكون من أدلة الترجيح وراجعة إلى باب التعادل والتراجيح، إلا أنها مرجّحة في خصوص هذين المتعارضين.
والظاهر أنها حاكمة على الطائفتين لنظرها إليهما، والحاكم بمثابة القرينة الشخصية على المحكوم، لا أنه مرجِّح بعد فرض التعارض؛ إذ لا تعارض في فرض وجود الحكومة.
ثمّ إنه لا يقدح في الاستدلال بالصحيحة كونها مذيّلة في خصوص نقل الشيخ (قدّس سرّه) في التهذيب والاستبصار بفقرة لم يعمل بها المشهور(39)، وهي قوله (عليه السلام): «ومتى إذا توجهت من منى فقصّر الصلاة، فإذا انصرفت من عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى فأتم الصلاة تلك الثلاثة الأيام، وقال: بإصبعه ثلاثاً»(40)؛ لما هو واضح من أمر التبعيض في الحجيّة.
مبعِّدات القول بالتمام.. وردّها:
الأوّل-وهو أهمّها-: قد يقال: إن أخبار التمام وإن كانت مستفيضة بل متواترة إجمالاً إلا أن شهرة التقصير فتوى لدى أصحاب الإئمة (عليهم السلام) -كما حكاها في الجواهر عن السيِّد بحر العلوم (قدّس سرّه)(41)- كاشفة كشفاً قطعيّاً عن عدم إرادتهم مفاد تلك الأخبار جدّاً(42).
بيان ذلك صغرى وكبرى:
أما الكبرى فإن الشهرة الفتوائية لدى أصحاب الإئمة (عليهم السلام) عنصر بالغ الأهمية يؤذن بطرح الأخبار المخالفة لها وحملها على التقيّة أو غيرها؛ إذ أن مجرد اشتهار الفتوى بين أصحاب الأئمة كاشف عن عدم إرادتهم مفاد تلك الأخبار جدّاً؛ فإنهم لشدّة قربهم منهم (عليهم السلام) يحيطون بمراميهم ويقفون على مذاقهم، فالجري على خلافها إعراض عن العمل بظاهرها، وإعراض حاشية السلطان وخواصّه عن العمل بظاهر ما صدر عنه مانعٌ عرفي من حجّية هذا الظهور.
وأما الصغرى فيستفاد من بعض الروايات بناء الفقهاء من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) عملاً على التقصير مع أن أخبار التمام بمرأى منهم.
ففي صحيحة ابن مهزيار المتقدّمة قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): (إنَّ) الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، -إلى أن قال- ولم أزل على الإتمام فيهما، إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا، فإن فقهاء أصحابنا أشاروا إليَّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة (أيام)...
وفي كتاب كامل الزيارات لابن قولويه (رحمه الله) عن أبيه عن سعد بن عبد الله، قال: سألت أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد: مكّة والمدينة والكوفة وقبر الحسين (عليه السلام) الأربعة والذي روى فيها، فقال: أنا أقصِّر، وكان صفوان يقصِّر، وابن أبي عمير وجميع أصحابنا يقصِّرون(43).
ولكن- لئن سلّمت الكبرى- فيلاحظ على الصغرى:
أولاً: إن الروايتين لو سلِّمت دلالتهما على شهرة الفتوى بالتقصير لدى فقهاء أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، إلا أنه -كما قيل(44)- لا يحرز أن روايات التمام كانت بمرأى منهم وفي متناولهم؛ فإنه من المحتمل عدم وصول روايات التمام إليهم وعدم ظفرهم بها، فاشتهار التقصير بينهم لا يكشف عن عدم عملهم بها؛ فإن عدم موافقتها أعم من اطّلاعهم عليها.
ويلاحظ على هذه المناقشة أن رواة جملةٍ من روايات الأمر بالتمام هم صفوان وابن أبي عمير اللذين نقل أيوب بن نوح عنهما التقصير عملاً، كما في طُرُق صحيحتي ابن الحجاج وابن يقطين ورواية ابن الحجاج الأخرى ورواية مسمع ورواية ابن رياح(45). نعم من المحتمل عدم اطلاعهما على صحيحة ابن مهزيار الطويلة عن الجواد (عليه السلام)؛ فإن صفوان وابن أبي عمير وإن كانا من أصحابه ورويا عنه، إلا أنهما توفيا في حياته(46)، ومجرد احتمال عدم الاطِّلاع كافٍ في دفع غائلة الإعراض.
وثانياً: بعد فرض تعارض روايات المسألة فعدم عملهم بروايات التمام لا يرجع بالضرورة إلى خدشة صدورية فيها؛ إذ لعل إعراضهم عنها لنكتة اجتهاديّة اقتضت في الفرض تقديم روايات التقصير عليها، ولو بالمصير إلى العموم الفوقاني: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ}(47) مثلاً، بعد استقرار التعارض وعدم المرجّح.
وقد استبعد السيّد الأستاذ (دام ظله) عمل الأصحاب على خلاف روايات التمام لنكتة اجتهادية يمكن أن ينكشف خطؤها بحضور المعصوم (عليه السلام).
وثالثاً: ما أورده صاحب الجواهر (قدّس سرّه) بقوله: "أنه لا صراحة في كلٍّ منهما بوجوب التقصير، بل ولا ظهور؛ إذ أقصاه الفعل من الأولين والإشارة من الآخرين، بل قد يشعر استمرارُ ابن مهزيار في تلك المدة على التمام، مع جلالة قدره وغزارة فضله، ولفظُ الشور فيه بمعروفية التخيير في ذلك الزمان"(48).
ورابعاً: إن شهرة التقصير فتوىً لدى أصحاب الأئمة (عليهم السلام) غير متحقِّقة، بل الظاهر ثبوت الاختلاف في المسألة من أوَّل الأمر إلى الآن، كما لفت إلى ذلك أحد الأعاظم (قدّس سرّه)(49)، ويشهد لذلك جملة من الأخبار، منها صحيحة معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التقصير في الحرمين والتمام، فقال: لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام، فقلت: إن أصحابنا رووا عنك أنك أمرتهم بالتمام، فقال: إن أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلُّون ويأخذون نعالهم ويخرجون والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة، فأمرتهم بالتمام(50)، ورواية علي بن حديد قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت: إن أصحابنا اختلفوا في الحرمين، فبعضهم يقصِّر، وبعضهم يتم، وأنا ممن يتم على رواية قد رواها أصحابنا في التمام، وذكرت عبد الله بن جندب أنه كان يتم، فقال: رحم الله ابن جندب، ثم قال لي: لا يكون الإتمام إلا أن تجمع على إقامة عشرة أيام، وصلِّ النوافل ما شئت، قال ابن حديد: وكان محبتي أن يأمرني بالإتمام(51)، ورواية أبي شبل المتقدّمة، وغيرها.
المبعِّد الثاني: إن ظاهر صحيحة ابن وهب المتقدّمة أن الأمر بالتمام إنما كان لمصلحة خاصّة، وهي التقيّة، ولم يكن مأموراً به.
ويلاحظ عليه:
أولاً: أنه لا يحرز كون ما ذكر فيها من التعليل علّة للأمر بالإتمام في جميع روايات التمام، فهو مختصٌّ بمورده، كما أنّ الإتمام في هذا المورد يجتمع مع كون المسافر في الواقع مخيّراً بين الإتمام والتقصير.
وثانياً: إن الأمر بالإتمام قد علِّل في جملة من الروايات بفضل الحرمين، وأنه من الأمر المذخور في مخزون علم الله سبحانه، وأنه من زيادة الخير، على أنها لا تتلائم مع التقيّة أيضاً.
وثالثاً: إن الأمر بالإتمام في حرم الحسين (عليه السلام) وكذا في الكوفة أو خصوص مسجدها بمعنى أخذ هذين الموضعين موضوعاً فيه مما ينافي التقيّة، فكيف يحمل الأمر به عليها.
ورابعاً: إن التقيّة علّة للأمر بالتمام على نحو التعيين، كما هو ظاهر قوله (عليه السلام): «فأمرتهم بالتمام» في الصحيحة، لا لأصل التمام، فلا يعود قرينةً على أوامر التمام في غيرها(52).
ومما يؤيّد كون الأمر بالإتمام في روايات التمام لا للتقيّة رواية عبد الرحمن بن الحجّاج المخدوشة سنداً باللؤلؤي -وقد تقدّمت- حيث نفى (عليه السلام) فيها كون الأمر بالإتمام لأجل الناس، كما يستفاد منها أن الإتمام خلاف ما هم عليه؛ فإنه يظهر من الاستتار بالتمام مخالفته للتقيّة، وأن العامّة حينذاك كانوا على القصر.
المبعّد الثالث: -ما تقدّمت الإشارة إليه- من أنه لو كان التمام جائزاً، وهو أفضل الفردين بمقتضى القول بالتخيير، فإنه يلزم كون الإمام (عليه السلام) قد أجاب بما هو مفضول ومرجوح عنده، وهو الأمر بالقصر مع أنه يمكنه أن يجيب بالأفضل والراجح لديه، وهو الأمر بالإتمام.
ويلاحظ عليه: بأن ذكره (عليه السلام) للقصر؛ لأنه أسهل الفردين، أو لأن موافقة العامّة القائلين بالقصر أمرٌ راجح في نفسه(53).
وقد تقدّمت الإشارة إلى هذه المعارضة بين أوامر القصر تعييناً وما دلّ على جواز الإتمام، وأنه على تقدير استقرارها وعدم عرفيّة الجمع بينهما فالمرجع صحيحة ابن مهزيار؛ فإنها مرجّح خاصٌ بل حاكم كما تقدّم، وبقطع النظر عنه فالمرجّح هو الشهرة الروائية البالغة حدّ السنة القطعيّة للروايات المرخّصة في الإتمام، سواءً أمرت به استقلالاً أو خيّرت بينه وبين التقصير.
المبعّد الرابع: وهو مشكل عامّ يواجه جملة من الروايات، وبموجبه أطرح بعض الفقهاء تلك الروايات، والمشكل هو تأخّر حكم الواقعة في أصل الشريعة بحيث يجيء بيانه عن الأئمة المتأخرين، مع كون الواقعة عامّة البلوى، ومن الأحكام الترخيص في الإتمام في المواطن الأربعة.
وقد أجبت عن هذا المشكل كبروياً وصغروياً في رسالة مفردة منشورة(54)، ولا طائل في التكرار، ومن هذه الإجابة وغيرها مما تقدّم يُعلم الجواب عن صحيحة أبي ولاد -المعمول بها عند الكل فتوى وعملاً- قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام وأتمّ (الصلاة ثم بدا لي بعد أن لا أقيم بها)، فما ترى لي أتم أم أقصر؟ قال: إن كنت دخلت المدينة وصلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيتك (في) التمام فلم تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانوِ المقام عشراً وأتم، وإن لم تنوِ المقام (عشراً) فقصّر ما بينك وبين شهر، فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة(55). رغم صراحتها في التخيير في المدينة المنورة في الموضوع لا في الحكم، ولم يستفصل الإمام (عليه السلام) بين المسجد النبوي وبين غيره في جوابه لو كان التخيير خاصّاً بالمسجد؛ فإن صحيحة ابن مهزيار حاكمة على هذه الصحيحة، ولعل أبا ولاد ليس أهلاً لحمل الأمر المذخور.
والمتحصّل أن مذهب المشهور من ترخيص المسافر في الإتمام في المواطن الأربعة هو المنصور.
والحمد لله أولاً وآخراً، وصلّى الله على محمّد وآله.
* الهوامش:
() شرح تبصرة المتعلِّمين للمحقّق العراقي (قدّس سرّه)2: 273.
(2) جمل العلم والعمل: 77 = رسائل المرتضى3: 47.
(3) من لا يحضره الفقيه1: 283 ذيل ح1284، 1285.
(4) لاحظ البدر الزاهر، تقرير بحث السيّد البروجردي (قدّس سرّه)، بقلم الشيخ المنتظري: 324، صلاة المسافر تقرير بحث السيّد أبو الحسن الإصفهاني (قدّس سرّه): 295، وممن اختار ذلك من المعاصرين السيد موسى الزنجاني (دام ظله)، في رسالته العمليّة(المسائل الشرعية: 302 م 1365)، وقد توقّف السيّد الشهيد الصدر (قدّس سرّه)- في تعليقته على منهاج الإمام الحكيم (قدّس سرّه)1: 361 م71، ت 454 - في التخيير، قائلاً: "في نفسي شيءٌ من هذا التخيير، فلا يترك الاحتياط باختيار القصر".
(5) وسائل الشيعة8: 524 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح1.
(6) معجم رجال الحديث17: 71.
(7) معجم رجال الحديث17: 72.
(8) وسائل الشيعة8: 524 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح2.
(9) وسائل الشيعة8: 524 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح4.
(10) وسائل الشيعة8: 525 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح5.
(11) وسائل الشيعة8: 529 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح17.
(12) مستند العروة الوثقى(صلاة المسافر)= موسوعة الإمام الخوئي (قدّس سرّه)20: 399.
(13) وسائل الشيعة8: 526 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح7.
(14) وسائل الشيعة8: 526 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح8، 9.
(15) وسائل الشيعة8: 527 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح12.
(16) وسائل الشيعة8: 532 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح30.
(17) وسائل الشيعة8: 532 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح31.
(18) وسائل الشيعة8: 533 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح32.
(19) وسائل الشيعة8: 534 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح34.
(20) وسائل الشيعة8: 536 ب26 من أبواب صلاة المسافر ح3.
(21) وسائل الشيعة8: 532 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح28.
(22) وسائل الشيعة8: 528 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح15..
(23) رجال الكشي(446) عنه في معجم رجال الحديث15: 236 (9970).
(24) وسائل الشيعة8: 526 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح10.
(25) وسائل الشيعة8: 529 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح16.
(26) وسائل الشيعة8: 526 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح11.
(27) وسائل الشيعة8: 529 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح19.
(28) وسائل الشيعة8: 532 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح28.
(29) صلاة المسافر للمحقّق الإصفهاني (قدّس سرّه): 169.
(30) راجع أحكام الصلاة، تقرير بحث شيخ الشريعة الإصفهاني (قدّس سرّه): 285.
(31) المغني 2: 107.
(32) فقه السنة للشيخ سيّد سابق1: 134.
(33) المغني 2: 107.
(34) فإن الشيخ النجاشي (رحمه الله) وإن وثّقه قائلاً: «الحسن بن الحسين اللؤلؤي كوفي ثقة..» -رجال النجاشي: 40 (83)-، إلا أن الشيخ (قدّس سرّه) في رجاله قد نقل عن ابن بابويه (قدّس سرّه) أنه ضعّفه -رجال الطوسي: 424 (6110)-، وقد استند فيه إلى تضعيف أستاذه ابن الوليد (رحمه الله)، فقد ضعّفه، وتبعه تلميذه الصدوق كما هو دأبه، وممن شايع ابن الوليد في التضعيف المذكور شيخ النجاشي أبو العبّاس ابن نوح (رحمه الله) -رجال النجاشي: 348 (939)-، فإما أن يتقدّم التضعيف على التوثيق؛ لتقدّم الجارح على المعدّل مطلقاً أو لتعدّد المضعّف، وإما ان يتعارضا فيسقط كلٌّ منهما، والنتيجة أنه لم تثبت وثاقة اللؤلؤي. لاحظ للمزيد معجم رجال الحديث5: 297- 298، التنقيح في شرح العروة الوثقى(ك الطهارة)= موسوعة الإمام الخوئي (قدّس سرّه)10: 373- 374.
(35) وسائل الشيعة8: 526 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح6.
(36) صلاة المسافر للمحقِّق الإصفهاني (قدّس سرّه): 170- 171.
(37) وسائل الشيعة8: 524 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح4.
(38) وسائل الشيعة3: 468 ب38 من أبواب النجاسات ح2، ولاحظ التنقيح في شرح العروة الوثقى(ك الطهارة2)= موسوعة الإمام الخوئي (قدّس سرّه)3: 86.
(39) لاحظ تقريب مخالفتها للمشهور في مصباح الفقيه2: 758- 759 (الطبعة الحجرية)، صلاة المسافر للسيّد علي البهشتي (قدّس سرّه): 221- 222.
(40) تهذيب الأحكام5: 428 (1487)، الاستبصار2: 333 (1183).
(41) جواهر الكلام14: 330.
(42) لاحظ البدر الزاهر، تقرير بحث السيّد البروجردي (قدّس سرّه):325- 326، أحكام الصلاة تقرير بحث شيخ الشريعة الإصفهاني (قدّس سرّه): 284.
(43) كامل الزيارات: 429 ب81 ح9، عنه في جامع أحاديث الشيعة7: 85 ب21 من أبواب صلاة المسافر ح7.
(44) لاحظ أحكام الصلاة، تقرير بحث شيخ الشريعة الإصفهاني (قدّس سرّه): 288.
(45) وسائل الشيعة8: ب25 من أبواب صلاة المسافر ح5، 10، 6، 7، 8.
(46) قال الشيخ الكليني (رحمه الله) في أبواب التاريخ- باب مولد أبي جعفر محمّد بن علي الثاني (عليه السلام): «وقبض (عليه السلام) سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعدة» الكافي1: 492، وروى الكشي (رحمه الله): «ومات صفوان بن يحيى في سنة عشر ومائتين بالمدينة، وبعث إليه أبو جعفر (عليه السلام) بحنوطه وكفنه، وأمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه» عنه في معجم رجال الحديث10: 137، وقال النجاشي (رحمه الله): «ومات محمّد بن أبي عمير سنة سبع عشرة ومائتين» رجال النجاشي: 327 (887).
(47) سورة النساء: 101.
(48) جواهر الكلام14: 331.
(49) لاحظ البدر الزاهر: 327- 328.
(50) وسائل الشيعة8: 534 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح34.
(51) وسائل الشيعة8: 533 ب25 من أبواب صلاة المسافر ح33.
(52) لاحظ للمزيد صلاة المسافر للمحقّق الإصفهاني: 171، صلاة المسافر للسيّد أبو الحسن الإصفهاني (قدّس سرّه): 198، النجم الزاهر في صلاة المسافر للسيد محمّد الحجّة الكوه كمري (قدّس سرّه): 101، مستند العروة الوثقى(صلاة المسافر): موسوعة الإمام الخوئي (قدّس سرّه)20: 403.
(53) كما كتب لي به سماحة السيد الأستاذ (دام ظله).
(54) لاحظ مجلة (رسالة القلم) - السنة الخامسة- العدد السابع عشر: 130- 144، وعنوان الرسالة (مشكل تأخير البيان..وحلّه).
(55) وسائل الشيعة8: 508- 509 ب18 من أبواب صلاة المسافر ح1.
0 التعليق
ارسال التعليق