جاءت ثورة الإمام الحسين(ع) في وقت قد تخلت فيه الغالبية الساحقة من أبناء الأمة عن مسؤوليتها الملقاة على عاتقها، فقام صلوات الله وسلامه عليه بحركته المباركة من أجل أن يعيد الأمة إلى مسارها الصحيح وأن يضعها على خط المسؤولية الذي أراده الله لها. فنجده وهو في طريقه إلى العراق يذكر الناس بقول رسول الله (ص): ((من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله))(1) فنجد كلمة (يغير) تفتح على الإنسان بابا واسعا من المسؤولية بحيث يبدأ عملية التغيير بالنفس، ومنها ينتقل إلى الأهل والمجتمع بما فيه من الحاكم والمحكوم. فمسؤولية الإنسان في هذا العالم الواسع تختلف عن بقية الكائنات.
فما هي العوامل التي يمكن لها أن توفر العون للإنسان في تحمل عبء هذه المسؤولية؟
يعتبر الإنسان أشرف مخلوقات الله وأكرمها وأعظمها على وجه الأرض فقد خلقه وميّزه بخصائص ومميزات جعلته مؤهلاً لتحمل المسؤولية الإلهية، فهو يملك العلم والإدراك والإرادة، وأودع فيه العقل هذه النعمة العظيمة التي يستطيع من خلالها أن يصل إلى أعلى مراتب الكمال، هذا العقل الذي يدرك من خلاله عواقب الأمور، وبه يسيطر على شهواته وميولاته النفسية وبه يصل إلى السعادة الأبدية.
فإن الجمادات والنباتات لا تملك العلم والإدراك والإرادة، فهي غير مؤهلة لتحمل المسؤولية، لأنها غير مسؤولة عن أعمالها، والحيوانات كذلك غير مؤهلة لذلك وإن كانت تملك الشعور والإحساس والإرادة ولكنها فاقدة للعقل، فهي غير قادرة على التفكير والتدبر في عواقب أعمالها، ولا يمكنها العمل وفق ضوابط وقوانين الحياة.
أما الملائكة فلا يتصور في حقهم المعصية، فإن وظيفتهم محددة. ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون))(2)
هذا الكون الواسع قد حدد الله عز وجل فيه وظيفة لكل كائن من أصغرها حتى أكبر شيء فيه، فلا تكاد ترى شيئاً إلا وله وظيفة قد تكون معلومة بالنسبة لنا وقد لا تكون كذلك.
وإذا كانت الكائنات الأخرى مسيّرة لما خُلقت له – أي تمضي في القيام بواجباتها حسب نظام كوني قدره الله لها – ينبغي للإنسان وهو الكائن المختار ذو الإرادة – بحسب طبيعته أيضاً – أن يعمل بمسؤولياته التي أوجبها الله عليه وإن كان يمكنه أن يتخلى عنها بحسب اختياره، ومن هنا تترتب النتائج فوزاً أو خسارة.
فالإنسان بطبيعته يختلف عن بقية الكائنات فقد روي عن عبد الله بن سنان أنه قال سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق فقلت: الملائكة أفضل أم إبن آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب(ع) إن الله ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بنى آدم كلتيها، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم(3).
فالإنسان عندما يستخدم نعمة العقل ويفعّلها في حياته يكون قد وصل إلى مرحلة تؤهله لتحمل المسؤولية التي عبرت عنها الآية (بالأمانة) ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقت منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا))(4)
وعندما نلاحظ الرسالات السماوية نجدها كلها جاءت لتبين للإنسان طبيعة هذه المسؤولية وتُعرفه الطريق الذي يسلكه من أجل الوصول لأداء هذه المسؤولية، فالله عز وجل عندما خلق هذا الإنسان لم يخلقه عبثاً ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون))(5) بل خلقه لهدف سام وعظيم.
ففي الرواية عن جعفر بن عمارة عن أبيه، قال سألت الصادق جعفر بن محمد(ع) فقلت له: لمَ خلق الله الخلق؟
فقال: ((إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً ولم يتركهم سدىً، بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلفهم طاعته، فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة، ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد))(6).
فالإنسان إنما خُلق لكي يؤدي هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه، فإذا قام بمسؤوليته استوجب بذلك رضوان الله عز وجل وعادت المنفعة لهذا الإنسان وحصل على النعيم الأبدي.
فقد شاءت إرادة الله تعالى أن تكون هذه الدنيا ورشة عمل كبيرة، وساحة سباق وتنافس في الخيرات.. ((هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً))(7).
حتى إذا انتهت هذه المرحلة الأرضية منذ أبينا آدم وحتى آخر مخلوق أقبلنا على الساحة الثانية (المحشر والقيامة) التي يعلو فيها النداء ((وقفوهم إنهم مسؤولون))(8)
فقبل أن نقف ذلك الموقف الحرج والصعب وهو يوم الحساب، فكما ورد عنهم(ع) ((اليوم عملٌ بلا حساب، وغداً حساب بلا عمل))(9).
نحتاج أن نبادر للقيام بالمسؤوليات الملقاة على عواتقنا، فهناك عوامل تساعدنا في ذلك منها:
1 – الإيمان
نحن نؤمن بالله عز وجل على نحو الإجمال، ولكن نحتاج إلى معرفته والإيمان به على نحو التفصيل.. في آياته في الكون، وفي آياته في الكتاب الكريم.. فكلما ازددنا إيماناً بالله ازددنا حباً له وطاعة لما يريده من مسؤوليات، فهناك حالة طردية بين الإيمان والقيام بالمسؤوليات.
2 – العلم والمعرفة
كان العلم والمعرفة منذ البدء وسيبقيان سلاحين في معركة الإنسان ضد الجهل والكفر وجميع الأوضاع الظلامية والمتخلفة.
والعلم والمعرفة ليسا مجرد عملية حفظ مصطلحات وتخزين وتكديس للمعلومات، فالمعرفة في الإسلام مسؤولية (من عرف دلته معرفته على العمل)(10)
ومن هنا فلابد من العمل على تنويع وتوظيف معارفنا من أجل أن تساعدنا على القيام بمسؤوليتنا.
3 – العزم والإرادة
من غير العزم والإرادة سوف لن يستطيع الإنسان القيام بأي مسؤولية عليه، فعندما يفقد الإنسان العزم والإرادة ويميل إلى الدعة والراحة ويشترك في مجالس اللغو واللهو والثرثرة والتصرفات اللامسؤولة سوف يُضيع الكثير من طاقته، وسوف يتجه للخمول والكسل والتقاعس بحيث يفقد الكثير الكثير من طاقته.
الإنسان في موسم العطاء (مرحلة الشباب) يستطيع أن يقوي عزمه وإرادته بحيث تنعكس هذه المرحلة على جميع مراحل حياته وتكون سبب لنجاته.
4 – التفقه في الدين:
إن مسؤولية الإنسان منذ أن تطأ قدماه ساحة البلوغ هي التفقه في الدين وهي مسؤولية تتطلب التعرف على حلال الله وحرامه في شؤون الحياة كلها.
إن الثقافة الفقهية ليست حاجة كمالية بل حاجة أساسية على اعتبار أنها تحدد لك موقفك الشرعي من الأحداث والسلوك والمعاملات والعلامات، ذلك أن الشريعة هي قانون الحياة الإسلامية ودستورها، وأيّ جهل بالقانون يؤدي لا محالة إلى عدد من المخالفات التي تضر بالمخالف نفسه من جهة وبمن يتعامل معهم في المحيط الاجتماعي من جهة ثانية.
إن السبيل للقيام بالمسؤولية على أكمل وجه هو التفقه في الدين، فعن الإمام موسى بن جعفر(ع): ((الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة والسبب إلى المنازل الرفيعة))(11).
هذا الحديث يوضح مسألة مهمة هي أن الإنسان الذي يقوم بمسؤوليته على أكمل وجه يحصل على أعلى الدرجات الإنسانية، ويكون موضع تقدير واعتزاز، ويكون مورداً للطف الإلهي.
نماذج من مسؤوليات الإنسان:(12)
1 – المسؤولية أمام الله تعالى:
كلّ المسؤوليات تجتمع في النهاية لديه، ولا سبيل للفوز برضوان الله وجنته إلا بسلوك الصراط المستقيم.
2 – مسؤولية الانتماء إلى الإسلام:
فالإسلام وهو – كما تعرف – ليس مجرد نطق بالشهادتين ولا مجرد عبادات شكلية بل هو عملٌ كله، ولهذا نرى أن هناك عدداً من الأحاديث أخرجت بعض المسلمين من أسرة المسلمين لأنهم لم يلتزموا ولم يعملوا بمتطلبات الإيمان، ونظرة فاحصة في هذه الأحاديث تبين لنا أن (الإسلام مسؤولية) في كل شيء وأن كلمة (ليس منا) هي استبعاد لكل من لا يشعر بمسؤوليته عن دائرة الإسلام.
3 – مسؤولية الوقت:
أعمارنا هبة الله إلينا، وهي المساحة الواسعة من الأراضي الزراعية التي تُرك لنا زراعتها، حتى إذا كان يوم الحصاد الأكبر (يوم القيامة) سألنا عما فعلنا بمزارعنا، وعن محاصيلنا فيها.
4 – مسؤولية العلم:
مسؤولية العلم لا تجوّز لك أن تكتم علمك أو تحجبه أو تخفيه عمّن هم بحاجة إليه فذلك أخطر من أن تحتكر غذاء، فقد ورد عن الرسول الأكرم(ص) في التحذير من كتمان العلم (كاتم العلم يلعنه كل شيء حتى الحوت في البحر والطير في السماء)(13).
5 – مسؤولية الكلمة:
الكلمة في الإسلام مسؤولية (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)(14)
رقيب يراقب أقواله في الخير وفي الشر، ذلك لأن اللسان كما في الحديث (مفتاح خير ومفتاح شر)(15).
ومسؤولية الكلمة تتحد في التفكير بها قبل إطلاقها، وإتباع الأسلوب الأمثل في إطلاقها ودراسة انعكاسها وتأثيرها على من يتلقونها.
إن كلماتنا الجميلة هي مثل الهدايا. يستحسن أن نقدمها مغلفة بغلاف جميل حتى تسر الذين نقدمها إليهم.
وكلماتنا الناقدة مثل وخزات الإبر. يفضل أن لا تكون موجعة للدرجة التي تجرح سامعيها.
كلمتك إذاً مسؤوليتك ومادامت في عهدتك وتحت طي لسانك فأنت قادر على التحكم بها، فإذا خرجت صارت في عهدة الآخرين وعليها تترتب النتائج السلبية والإيجابية.
كلمتك صوتك.. هي أنت.. فلا تتبرع بها بالمجان.. ولا تجعلها السفلى في تأييد باطل هنا ومنكر هناك.
6 – مسؤولية العمل:
نحن أتباع دين يراد لنا أن نقرن (القول) بـ (العمل) وأن لا تكون كلماتنا أكبر من حجم قدراتنا، فالأعمال عادة تتكلم بصوت أعلى من الأقوال ولذا جاء في الحديث ((كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم حتى يروا منكم الورع والاجتهاد والتقوى فذلك داعية))(16).
دلالة على قدرة العمل الخارجي على التأثير.
7 – المسؤولية الشرعية:
إن الطريق إلى هذه المسؤولية يكون عبر الرجوع إلى الأمناء على الشريعة ممن يوثق بعلمهم ودينهم وبأخلاقهم ممن يستنبطون أحكام الحلال والحرام من مصادرها الشرعية المعتبرة.
8 – المسؤولية الأدبية والأخلاقية:
مسؤولية الإنسان هي نشر الفضيلة والأخلاق الإسلامية الحسنة، ومكافحة المساوئ والرذائل الأخلاقية، فعلاوة على أن هذه مسؤولية دينية فإنها مسؤولية اجتماعية أيضاً.
والمسؤولية الأدبية تنتظر من الإنسان أن لا يكون خشبة في مجرى الحملات المشبوهة التي تنسف هويّته الإسلامية وتدعوه بأساليبها المختلفة إلى نبذ القيم وضرب العادات والتقاليد عرض الحائط.
9 – المسؤولية الاجتماعية:
الإنسان في المجتمع تربطه من حوله شبكة من العلاقات: علاقة مع الوالدين والأسرة والأقرباء، وعلاقة مع الأخوات والأصدقاء والزملاء وعلاقة مع عامة الناس.
في العلاقة مع الوالدين والأسرة بما يتصل بها من الأرحام، فالإنسان مسؤول عن الإحسان للوالدين والبرّ بهما، وفي العلاقة مع أفراد الأسرة فالإنسان مسؤول عن احترام الكبير والعطف على الصغير مما يحقق الراحة النفسية للجميع، ويزيد الألفة والمحبة بينهم، والإنسان في حالة انتسابه لأسرة ذات سمعة حسنة بين الناس (فإن ذلك) يحمّله أيضاً مسؤولية الحفاظ على سمعتها نقية زاهية.
أما العلاقة مع الأخوان والأصحاب والأصدقاء فالإنسان مسؤول بأن يبنيها على أساس (الإيمان) (إنما المؤمنون إخوة)(17) حتى ينتفع بصحبتهم في الدنيا والآخرة، ومسؤول عن إصلاح الخلل فيما يقع بين الأخوات المقربين وأن يكون مرآتهم التي يرون منها جمال تصرفاتهم وقبحها.
وكذلك الإنسان مسؤول عن الناس الذين يعيشون حوله بحيث يسعى لخدمتهم والتعاون معهم في أعمال الخيّر والبر.
10 – المسؤولية الاقتصادية:
ونعني بها مسؤولية الإنسان في ترشيد الإنفاق والإستهلاك، فقد سادت أو شاعت النظرة المادية في حياتنا حتى تهالك الناس على الاستهلاك المبالغ فيه للحاجيات بما يصل إلى حدّ التبذير والإسراف في بعض الأمور غير الضرورية أو غير الأساسية.
المسؤولية الاقتصادية تتطلب أيضاً من الإنسان الميسور الحال أن يكون له إنفاق خيري وما أكثر مجالاته.
11 – المسؤولية السياسية والإعلامية:
في الحديث الشريف ((من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم))(18) هذه دعوة واسعة، مفتوحة للاهتمام بأمور وشؤون المسلمين أينما كانوا.. الاهتمام هنا لا يقف عند حدّ التألم لما يتألمون والفرح بما يفرحون، بل يشتمل كل ما من شأنه أن يجعل حياتهم المادية والمعنوية كأفضل ما يكون.
وعلى ضوء ذلك فإن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينحصر في الدعوة إلى الإصلاحات الأخلاقية ومحاربة المنكرات الاجتماعية فقط، بل يمثل مسؤوليتنا كمسلمين في أن يكون لنا (موقف) من الإصلاح والفساد كله.. بأن نغير الفاسد بمختلف أساليب التغيير وضمن الإمكانات المتاحة التي تسمح بها الشريعة... ونشجع الإصلاح والمعروف.
مثلاً قد تبدو في نظر البعض مقاطعة سلع وبضائع العدو المحتل غير مؤثرة كثيراً على اقتصاد سوقه لكنّها في حساب الموقف كبيرة جداً.
إنها تمثل (ثقافة الحضور) فمقاطعة هنا ومقاطعة هناك، تجعل الرقعة تتسع والتأثير يكبر والعدو يصرخ متألماً.
ولذا فإن الطريق إلى تحمل المسؤولية السياسية يمر من عدة قنوات؛ إحداها (الوعي) واليقظة السياسية لما يجري هنا وهناك من مخططات وشعارات ومؤامرات وتحرّكات ليس على الساحة المحلية فقط بل الدولية أيضاً.
ثم (الحضور السياسي) بأن يكون للإنسان رأيه في قضايا أمته الحاضرة والمستقبلية، لسبب بسيط وهو أنه جزء لا يتجزأ من هذه الأمة...
والمسؤولية الإعلامية تتركز في نقد الإعلام الهابط وعدم التعاطي مع مواده على أنها مقدسة لا يطالها النقد، بل لابد من الكتابة إلى الصحف والمجلات عن الإعلام التغريبي والمطالبة بوضع حد له.
إن غياب النقد لهذا الإعلام سوف يرفع من مكانته ويوسع من قنواته، كما أن الإقبال على البرامج النظيفة التي راحت تبث في هذه القناة أو تلك، أو هذا الموقع على الشبكة العنكبوتية (الإنترنيت) أو ذاك سوف يفتح للإنسان نوافذ جديدة وجادة للمعرفة.
13 – المسؤولية التاريخية:
صفحات التأريخ بخيرها وشرها انطوت.. إنها مسؤولية الماضين لا نحاسب على سلبياتها ولا نكافأ على إيجابياتها، ولكن ما هو الموقف من التاريخ؟
إن دروس التاريخ وعبره كثيرة يمكن أن نستلهم منها أفكاراً وخبرات وتجارب جديدة، فلقد ثبت بالتجربة أن الذين أمعنوا النظر في التاريخ وتعمقوا في دلالات أحداثه كانوا أقوياء في نظرتهم للواقع والمستقبل.
نحن لا ندعو إلى الاستغراق في الماضي، ولكننا نأخذ من ماضينا لحاضرنا مما ينفع ويغني وتلك دعوة القرآن إلينا:
((قل سيروا في الأرض فانظروا...))(19)
وكذلك اهتم القرآن بسرد قصص الأمم الماضية حيث قال ((لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب))(20).
على طريق المسؤولية:(21)
1 – المسؤوليات معرفة؛ اعرف تفاصيل المسؤوولية لتعرف ماذا يراد منك؟ اعرف أهميتها حتى تتفاعل معها وتسعى لتحقيقها.
2 – كن مشغولاً بما أنت عنه مسؤول فمن اشتغل بالمهم ضيّع الأهم فليس في الحياة متسع للهوامش والقشور والتوافه من الأمور.
3 – الروتينية والرتابة يقتلان روح المسؤولية.. حاول أن تجدد في أسلوب التعامل مع مسؤولياتك ولا تجمد على حالة معينة، فالركود والتقليد الأعمى يحولان المسؤوليات إلى أعباء لا يطيق الكاهل حملها.
4 – لا تؤجل المسؤوليات لأنها تتراكم وبالتالي فقد تهمل لصعوبة القيام بها في الحديث (إياك والتسويف، فإنه بحر يغرق فيه الهلكى)(22).
5 – تعاطى مع المسؤولية بروح منفتحة وكأنك أنت أخذتها على نفسك حتى تتمكن من إنجازها على أحسن وجه.. أحبب المسؤولية يتحسن إنتاجك.
6 – المسؤولية إثراء لأبعاد الشخصية، فبقدر ما تأخذ المسؤولية من وقتك وجهدك تعطيك عقلاً أنضج وقدرة على التحمل أكبر، وتجربة أغنى ومعرفة أوسع.
7 – الكسل والضجر عدوان لدودان للمسؤولية، ((إياك والكسل والضجر، فمن كسل لم يؤدي حقاً، ومن ضجر لم يصبر على حق))(23).
الكسل خمول وفتور في الهمة، والضجر ملل وسأم وتبرم وانصراف عن القيام بالمسؤولية.
8 – الروح الجماعية في إنجاز المسؤوليات تساعد على التخفيف من ثقلها وعلى الإبداع في إنجازها وعلى الشعور بالمسؤولية في تحقيق مهام مشتركة تقرب الأهداف البعيدة.
9 – قراءة كتاب الله المجيد والأحاديث الشريفة والصحيحة التي توافق كتاب الله أفضل مجال للتثقيف بالمسؤوليات.
10 – الإصرار على القيام بالمسؤولية حتى الوصول إلى الهدف وبغض النظر عن النتائج، فإن الطبيب يتحتم عليه بذل قصارى جهده في علاج المريض ونجاحه يتمثل في بذل جهده وبغض النظر عن شفاء المريض وعدمه.
نتائج الإلتزام بالمسؤولية
إن العمل بأية مسؤولية والقيام بمهامها على أكمل وجه سيؤدي إلى واحدة أو أكثر من النتائج التالية:
1 – إن الآخذ (بمبدأ المسؤولية) يفتح باب الحرية بطريقة منظمة لا تعدي فيها ولا ظلم.
2 – المسؤولية توجه نشاط الإنسان وتجعله ذا موقف وإرادة، أي أن الإنسان المسؤول يتحول بتحمله لأعباء المسؤولية إلى إنسان هادف، فلا يتحرك إلا نحو هدف مرصود.
3 – المسؤولية الإسلامية، لا هوية جغرافية لها، فمساحتها العالم كله.
4 – النماذج الإيجابية الناهضة بمسؤولياتها على ما يرام تعمل كأدوات محرضة أو محفزة على الاحتذاء والتأسي من قبل المتقاعسين أو المتنصلين.
5 – بقدر ما يحمل الإنسان من أعباء المسؤولية في هذه الدنيا تتحدد له مستويات الثواب والعقاب في الآخرة.
كلمة أخيرة..
حينما قال رسول الله(ص):
((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))(24) فإنه قد جعل كل مسلم مسؤولاً مهما كان موقعه في المجتمع.
من هنا، فإن حالة القنوط والتشاؤم التي تنتشر في أوساط الناس لابد من نزعها من طريقهم والعمل على بث روح التفاؤل والأمل وفتح أبواب الحوار الجاد المثمر القائم على احترام رأي الآخر حتى لو اختلف معنا.
* الهوامش:
(1) بحار الأنوار، ج44، ص382.
(2) سورة التحريم، الآية : 6.
(3) ميزان الحكمة، ج 1، ص 224.
(4) سورة الأحزاب، الآية : 73.
(5) سورة المؤمنون، آية : 115.
(6) ميزان الحكمة، ج 1، ص 224.
(7) سورة الملك، الآية : 3.
(8) سورة الصافات، الآية 24.
(9) ميزان الحكمة، ج 1، ص 32.
(10) ميزان الحكمة، ج 3، ص 1870.
(11) ميزان الحكمة، ج 3، ص 2454.
(12) اعتمدت في مادة هذا الباب على كتاب (الشباب تطلع نحو المسؤولية) صادر عن دار البلاغ.
(13) ميزان الحكمة، ج 3، ص 2074.
(14) سورة ق، الآية: 8.
(15) ميزان الحكمة، ج 4، ص 2777.
(16) ميزان الحكمة، ج 4، ص 3602.
(17) سورة الحجرات، الآية: 10.
(18) ميزان الحكمة، ج 2، ص1344.
(19) سورة العنكبوت، الآية: 20.
(20) سورة يونس، الآية: 110.
(21) استفدت من نفس المصدر السابق.
(22) ميزان الحكمة، ج 2، ص 1388.
(23) ميزان الحكمة، ج 3، ص 2706.
(24) ميزان الحكمة، ج 2، ص 1212.
0 التعليق
ارسال التعليق