الإنسان صنفان امرأة ورجل

الإنسان صنفان امرأة ورجل

لا زال الكثير ممن يتغذّى على جراحات المضطهدات اللاتي وقعن في شراك ذئاب بشرية ضارية فكُنَّ مَواطن لتفريغ الشهوات بلا رحمة ولا مراعاة لإنسانية، أو كنّ وجودات ضعيفة صابرات على بعض العقد النفسية أو العقد الاجتماعية التي تعتبر المرأة كائناً حقيراً لا يرقى إلا إلى مستوى الحيوان بل أدون من ذلك عند البعض...

 

ولا زال إلى يومنا هذا من لا يرعى للمرأة أيّ اعتبار أو قيمة فلا يحق لها أنّ تتحدّث أو تقترح فضلاً عن أنّ تمارس دوراً في مجتمعها... ولا دور لها -في نظر هذا البعض- سوى الطبخ والحمل ورعاية الأبناء...

 

ولا زال إلى هذه اللحظة من يقتات على هذه الآلام التي تعيشها الكثيرات بين مطلقة أو مغتصبة أو منهوبة حقها أو مستغلَّة في مجالات مختلفة في الحياة... فيجعل من نفسه مدافعاً عنهنّ وهو في الواقع أكبر المستغلّين لهنّ ولعلّ استغلاله هذا هو من أحقر أنواع الاستغلال حيث إنّ هذا النوع يصوِّر نفسه بصورة المدافع والمحامي وهو ضبع ينهش النساء وهنّ يصارعن الحياة.

 

وبين هذا وذاك وهذه وتلك تضيع الكثير من الحقائق وتبقى قضايا معلّقة واتهامات لا تنتهي تُجمع وتُلصق بالإسلام والدين... وعجبي مـن هؤلاء المتّهمـون كيف سوّغوا لأنفسهم هتك هذا الدين وإلصاق التهم به بلا أدنى وعي أو بصيرة؛ تجدهم يدعون الإنصاف وهم أبعد الناس عنه، ويدعون إلى احترام أصحاب الفكر الآخر ولا يعرفون الاحترام عندما يتعرّضون للدين وفكره، ويعممون اضطهاد النساء من بعض الجهلة وينسبونها ظلماً إلى العلماء والمتعلّمين...

 

 بينما نظرة الإسلام إلى المرأة نظرة لا تختلف عنها إلى الرجل؛ فكلاهما إنسانٌ. يشتركان في الإنسانية والدوافع الذاتية وجملة كبيرة من الخصوصيات مما يجعل من الدين يشرّع لهما الكثير من القوانين المشتركة على حدّ سواء وأعطى الوظائف الكثيرة للرجال والنساء بلا فرق بينهما من قبيل: التعلّم والتعليم، وإدارة شؤون الحياة بدأً من المنزل وانتهاءً بالدولة -في كثير من المجالات- وتربية الأجيال، والبحث والتدقيق في ما من شأنه رقي الإنسان في مختلف مجالات الحياة، وخدمة المجتمع الإنساني بشتّى صنوف الخدمة المشروعة، فضلاً عن التكاليف العبادية المشتركة بينهما من قبيل الصوم والصلاة والحج وغيرها..

 

وفي الوقت ذاته ينظر الإسلام إلى الرجل والمرأة -وإنّ اشتركا في الإنسانية- على أنّهما صنفان للإنسان لكلّ منهما خصوصيات تخصّه وبالوجدان نرى أنّهما لا يشتركان في كلّ شيء وإلا لما كانا صنفين! فالفوارق الجسدية والنفسية بينهما بيّنة من قبيل شكل الجسم لكل منهما والمشاعر التي تشتدّ عند المرأة وتخفت عند الرجل، فراعى الإسلام هذه الخصوصيات فجُعل لكل تكليف يتناسب مع هذه الخصوصيات المختلفة وأسقط بعض التكاليف عن أحدهما نتيجة لهذه الفروقات محترماً بذلك القدرات الفردية لصنف الرجال وصنف النساء... هذا كلّه مضافاً إلى التكاليف المشتركة، ومضافاً إلى أنّ هذه الفوارق الذاتية ليس فيها أيّ نقص أو استنقاص للطرف الآخر، وأعطيك أيّها الواعي! مثالاً على ذلك بعد أنّ تنظر إلى أصابع يدك فإنّك تجدها أشكالاً مختلفة ولكلٍّ مستوى من الخصوصيات من حيث الشكل والقوّة ولكلّ دورها الذي لا تستغني عنه مع أنّ الجميع أصابع ولا يضرّها هذا الاختلاف في هذه الخصوصيات فلا الطول عيب أو نقص للإصبع الوسطى وليس في قصر الخنصر نقص وكذا إفراد الإبهام مع سماكتها ووجود عقدتين فيها بدل الثلاث!

 

فلكلّ من الرجل والمرأة مجالات مشتركة في الحياة ومجالات أخرى يتفرّد أحدهما عن الآخر فيها من دون استنقاص لأحدهما ويرجع ذلك إلى الخصوصيات لا لكون المرأة امرأة أو الرجل رجلاً.

فانطلق أيّها الإنسان -المسلم- واسمُ بإنسانيتك إلى أعلاها وتكامل رغم أنوف المعتدين المروّجين للأباطيل، المازجين دسائسهم وسمومهم في أفكار المؤمنين... ولا تأخذك تشويهات الجهلاء السفلة الذين لا شغل لهم سوى تشويه هذا الدين الحنيف.

 

أيّها الرجل!

 

ابحث في دينك وتفقّه فيه لا سيّما فيما يتعلّق بتعاملاتك مع المرأة وتديّن تديّناً صحيحاً؛ كي لا تظلمها باسم الدين ولا تقهرها ولا تُحقّرها ولا تستغلّها فإنّ الدين ليس فيه ظلم للمرأة أبداً، ومن عرف الدين أدرك هذه الحقيقة.

 

أيتها المرأة!

 

خذي الدين من أهله. واعملي بتعاليم الخالق الذي خلقك وخلق الرجل وأعطى لكلّ وظيفته ودوره. مارسي دورك بكلّ براعة وتحدّي بحجابك وعفافك كلّ المتخلّفات للأتي اتخذن من العري مظهراً للتقدّم. قولي لهن إنّ عفّتك لا تمنعك من الخوض في كثير من مجالات الحياة وعلى الجميع أنّ يحترم تديّنك.

 

اعلمي أنّك إنّ لم تكوني واعية فإنّ هناك من يرغب في تجهيلك ليستغلّ وجودك في ترويج ما يشاء ويسترزق منك بطرق مختلفة وأساليب هابطة.

رئيس التحرير


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا