الأشهر الثلاثة محطّات التزوّد والتفريغ حوار مع سماحة الشيخ محمود السيف(1) (حفظه الله)

الأشهر الثلاثة محطّات التزوّد والتفريغ حوار مع سماحة الشيخ محمود السيف(1) (حفظه الله)

بسم الله الرحمن الرحيم، تبزغ في كلّ عام نور الهداية والجنان، تشعّ من أفق الشهور مواسمٌ فيها أمل الطريد وسقيا الأَظْمَاء وسكون الملهوفين ورضوان الله الأكبر.

أنت أيّها الباحث عن إنسانيّتك في كمالها... ولِّ وجهك حيث رجب الأصبّ واخلع نعليك في شعبان وخُرَّ ساجداً في شهر رمضان... استمع بقلبك وعقلك إلى كلمات النبيّ الخاتم (صلَّى الله عليه وآله) حيث تحدّث عن شهر رجب الأصبّ فقال: «إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكاً يقال له الداعي فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلة إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، يقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمن اعتصم بي وصل إليّ»(2).

أعزّائي القرّاء الكرام يطلّ المؤمنون على أروع رحاب يمكن أن يتزود منها الكثير لرحلته نحو الخلود، وقد شاءت الإرادة الإلهيّة أن تكون هناك محطّات للتزود في مجال الإشباع الروحي والنفسي، بل الفكري أيضاً. وهي محطّات يحطّ الله فيها عن المؤمنين ما علق فيهم من الآثار السلبية المترتبة على آثام النّاس الذين يخالطونهم أو آثامهم التي أثقلت ظهورهم وهتكت ستورهم، ولأجل أن نحيط بخصائص هذه المحطات والرحاب، وكيفية الاستفادة منها، ونحو ذلك ارتأت مجلة رسالة القلم أن تعقد لقاء مع سماحة الشيخ محمود السيف، فأهلاً وسهلاً به وبالقراء الكرام.

■ في بدء لقائنا نودّ أن تعرفونا بما للأشهر الثلاثة من خصائص ومميّزات تكاد تكون غير موجودة في غيرها؟

● هناك أمور عديدة تشترك فيها كل أشهر السنة وأيامها وساعاتها، ولكنها مع ذلك توجد لهذه الأمور خصوصيات في بعض أشهر السنة أو أيامها وساعاتها. وهناك أمور تختص بها الأشهر أو الأيام والساعات، فصلاة الجمعة تختص في ظهر يوم الجمعة، والحج يختص في شهر ذي الحجة وفي أيام مخصوصة منه، وصلاة الليل تختص بساعات معينة من الليل، أي ما بعد منتصف الليل وإلى الفجر الصادق، وهكذا.

ولو استعرضنا الأعمال والبرامج المطروحة في الأشهر الثلاثة لكان أغلبها مما يشترك من حيث العناوين مع غيرها من الشهور، كالصلوات، والصيام، والعمرة، وقراءة القران، والدعاء، وبرامج التكافل الاجتماعي، من رعاية المحتاجين والأيتام، ونحو ذلك، وصلة الأرحام، ومثل هذه أمور أخرى ذكر أكثرها في كتب الأدعية والزيارات، كمفاتيح الجنان، ومفتاح الفلاح، وأمثال ذلك، ولكن مع ذلك نجد أن لون وكيفية الممارسة في أغلبها تختلف عن غيرها، كاشتراط قراءة سورة معيّنة أو كيفية خاصة في بعض الصلوات، أو الاستغفار بكيفية خاصة أو عدد مخصوص، وأمثال ذلك.

■ هل يعتبر لهذه الكيفيات الخاصّة آثار مخصوصة لا يمكن الحصول عليها إلا بهذه الكيفية، بحيث لو أتى بها بغير هذه الكيفية فإنّه لا يحصل على تلك الآثار، أي أنها تكون كالأدوية في أنّها مركبات مخصوصة لعلاج حالات خاصة؟

● العلماء في هذه المسألة بين نظريتين:

الأولى: إنّ هذه ألوان مختلفة من الممارسات كلها تشترك في تحقيق أغراض مشتركة، وإنّما اختلفت الكيفيات لأغراض أخرى، كالابتعاد عن الملل في الممارسة، أو الأداء الروتيني الرتيب، الذي قد يقتل روح العبادة والممارسة، أو يفرغها من محتواها إلى ممارسة مطلوبة لا أكثر فلا يستشعر من خلالها العلاقة الحميمة مع المولى سبحانه وتعالى، أو يستشعر إنسانيته من خلال الاشتراك في البرامج المرتبة بالحركة الإنسانية، كالتكافل الاجتماعي، فبدل أن يحس بثقل الممارسة، سوف يعيش لذة العطاء، ولذة الالتفات إلى خصائص إنسانيّته التي ذكرها الله (عزَّ وجلَّ)، وفضّلها على كثير ممن خلق، وسخّر لها ما في السموات والأرض.

الثانية: إنَّ هذه الكيفيات المختلفة ما هي إلا وصفات مخصوصة تعالج حالات خاصة، وتشبع أموراً معينة قد لا يشترك معها كيفيّات أخرى، إلا إذا كانت الصور المختلفة تُمثِّل بدائل للممارسة المعينة، كما نجد ذلك في عبارة بعض الروايات، بأن تصلي مائة ركعة بكيفية كذا أو خمسين ركعة بكيفية كذا، فإنَّ كل واحدة منهما يمثل البدل عن الأخرى.

وبهذا يمكن أن نفسّر كثرة الأعمال في بعض ليالي شهر رمضان المبارك التي لا يمكن استيعابها في هذا الوقت المحدد، بهذا أجاب سيدنا وأستاذنا الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله).

أقول: إنَّ الذي يخطر بالبال هو إمكانية الجمع بين النظريتين، باعتبار أننا قد نطمئن بأنّ بعض الأعمال التي لها كيفية خاصة تعتبر علاجاً لحالة مخصوصة، أو تشبع حاجات معيّنة، ولذا نجد الأئمة (عليهم السلام) لديهم أدعية خاصة ومعنونة بعنوان معين، كالدعاء للمحبوس، ولقضاء الدَّين، أو للحمى، أو للزواج، ونحو ذلك، ولكننا نجد أيضاً إلى جنب هذه بدائل كثيرة تمثل كيفيّات متعددة لحالة خاصة، ولذا نجد عدة أدعية أو صلوات أو أعمال لقضاء الدَّين، أو لطلب الولد، أو للحفظ، ونحو ذلك.

■ كيف لنا أن نعرف أنّ هذه الأعمال وصفةٌ خاصّة لا بديل لها وتلك لها بدائل؟

● بعض المصاديق بيّنة ظاهرة لكل من راجع الروايات والكتب المخصوصة، وبعضها مما لا يمكن تشخيصه إلا لذوي الاختصاص، كالعلماء الربانيين، فينبغي مراجعتهم في ذلك، ولو خفي حتى على ذوي الاختصاص فالاحتياط سبيل النّجاة، وسبيل تحصيل المطلوب.

■ ما هي الأمور التي اختص بها شهر رجب الحرام؟

● الأمور كثيرة، اذكر أهمها:

1- شهر رجب من الأشهر الحرم قبل وبعد الإسلام، وكانت العرب تعظمه حتى أنَّ رجب اسم يشتمل على التعظيم والإجلال، قال الجوهري في صحاحه: "رجب: رِجبته بالكسر، أي هبته وعظمته، فهو مرجوب. ومنه سمّى رجب، لأنّهم كانوا يعظمونه في الجاهلية ولا يستحلّون فيه القتال. وإنّما قيل رجب مُضَرْ لأنّهم كانوا أشد تعظيما له. والجمع أرجاب"، ولذا فإنّ الشخص فيه آمِنٌ على نفسه وعِرضه وماله، حتى ممن تكون بينه وبين غيره ثارات وحروب، ولو تجاوز أحدهم هذه الحرمات وقفت العرب وفي ضمنهم قومه وعشيرته ضده وانتصرت للمتجاوز عليه، ويتبرؤون من فعلة المتجاوز، ومن هنا لُقّب بالأصم، حيث لا تسمع فيه قعقعة السلاح ولا أبواق وطبول الحرب، ونحو ذلك.

2- إنّه الأصب، فإنَّ المولى سبحانه وتعالى يصب فيه الرحمة صباً، كما ورد في لسان بعض الأخبار ومن ذلك ما عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): رجب شهر الاستغفار لأمتي، أكثروا فيه من الاستغفار فإنّه غفور رحيم،... وسمي شهر رجب الأصب لأنّ الرحمة تُصب على أمتي فيه صبّاً». وهنا أحبّ أن ألفت النّظر إلى أنّ الرحمات التي تُصب متنوعة وليست مرتبطة بجانب معين كالجانب الروحي أو النّفسي، بل تشمل حتى الجوانب المادّية. نعم يرتبط الحصول على رحمة معينة بنوع انطلاقة المؤمن في رحاب هذا الشهر من الأعمال والبرامج، فكل جانب يمثل تهيئة الأجواء والأرضية للرحمة المعينة؛ إذ إنّ بعضها مرتبط باستشعارك العلاقة الحميمة مع ربك، بينما بعضها الآخر مرتبط باستدرار الألطاف الإلهيّة في العطاء المادّي، كزيادة الفضل الإلهي في جانب الرزق، أو تحصيل الولد، ونحو ذلك.

3- وصف شهر رجب بأنّه شهر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي هو رمز الإمامة الإلهية الخاصّة، الذي يعني وجود أعمال خاصة تفعِّل العلاقة الحميمة مع الأئمة الذين هم خلفاء الرسول (صلَّى الله عليه وآله)، انتجبهم وانتخبهم المولى سبحانه وتعالى لأداء مهام الرسول الرساليّة من بعده سوى التي اختص بها.

وهنا أحبّ أن ألفت النظر إلى قيمة تأصيل العلاقة مع الأئمة (عليهم السلام)، باعتبار أنّ فلسفة الولاء والبراءة مرتبطة بذلك، فمن لا يملك الالتفات الخاص إلى مقومات الإمامة وخصائصها ومهامها، وما يجب علينا تجاهها، فإنّه سوف يفتقد الروحية التي تجعل ميزان الولاء والبراءة متعادلاً ومتوازناً، فإنَّ من يميل إلى جانب الولاء ويغفل عن جانب البراءة سوف يعيش الازدواجية وأنصاف الحلول، ومن يميل إلى البراءة ويُغفل الولاء فإنّه يقع في الصنميّة المقيتة التي عاب المولى سبحانه وتعالى المشركين على اتباع آباءهم منطلقين من هذه الروح، بل سوف لا يجد القيمة الواقعيّة لهذه البراءة في سلوكه ومواقفه، فهو في الوقت الذي يعلن انتمائه إلى خط الإمامة، فإنّه يعيش ممارسات ومواقف تتنافى مع توجهات هذا الخط وتعاليمه.

4- الاعتكاف خصوصاً في أيام البيض -13، 14، 15-، الذي يختم بأعمال أم داود، وأصل الاعتكاف ممارسة مطلوبة للانقطاع عن جواذب الدنيا إلى المناجات مع المولى سبحانه، والخلوة في عالم ورحاب العبودية لله، التي تؤصِّل العلاقة الجاذبة مع الله  (عزَّ وجلَّ)، فيحولها من ضرورة الارتباط إلى واقعيّة الانتماء حتى يستشعرها في قلبه بذاك الميل والحب والدفء، وفي شهر رجب نجد التأكيد على ذلك، لأنّ هذا الانقطاع الايجابي يولِّد الحصانة من الانزلاق في متاهات الهوى والقوة الغضبيّة اللذين قد يؤديان إلى التجاوز على حرمات الله في هذا الشهر المحرم، بل قد ينمّي جوانب من القوة في عالم الروح والنّفس، فتنشأ في داخله قوة الاستعصام أمام مغريات الدنيا، وما يسوقه أهل الباطل من الأباطيل بلباس الجواذب الشيطانية وتلبيسات القبيح بالجميل.

5– في هذا الشهر مناسبات جليلة، منها يوم ولادة وليد الكعبة المشرفة، وشهيد المحراب، الذي انتجبه المولى سبحانه لنصرة خاتم النبيين، وممثلاً عنه كأوّل الأوصياء، فهو سيّدهم وشيخهم، قائد الغر المحجّلين ويعسوب الدِّين، ذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ومنها المبعث النّبوي الشريف، الذي هو يوم إعلان الدخول في الشوط الأخير من حركة البشريّة، حيث تتبلور فيه مظاهر الخير والشر في أجلى صورها، ويأخذ الشر وأهله أقصى مدياته ليقف في آخر المطاف عاجزاً أمام الحق وأهله، قال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}(3).

■ هل لشهر شعبان مميزات امتاز بها؟

● شهر شعبان الذي تتشعب فيه الخيرات، هو شهر الآفاق الرحبة، والتهيئة الخاصة للدخول في رحاب ضيافة الله في شهر رمضان المبارك، ولذا فخصائصه ومميزاته لا تحصى كشهر رمضان ورجب، ولكن يمكن أن أشير إلى بعضها.

الأول: هو شهر نسب إلى الرسول محمّد (صلَّى الله عليه وآله)؛ إذ نطقت بعض الروايات بأن شعبان شهري فأعينوني على صيامه، فعن صفوان الجمال قال: «قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): حُثّ مَن في ناحيتك على صوم شعبان، فقلت: جعلت فداك ترى فيها شيئا؟ فقال: نعم، إنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) كان إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة: يا أهل يثرب إنّي رسول الله إليكم ألا إنّ شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري...»(4)، وهذه النسبة إلى الرسول (صلَّى الله عليه وآله) تكشف عن قيمته؛ إذ في الوقت الذي كان الشهر هو شهر الرسول إلا أنّه قد دعا أمته إلى صيامه بدافع الإعانة ووحدة في الممارسة وهذا يحمل في طياته ما يمكن أن ينعكس على الأمة من آثار كما تترتب على ممارسة الرسول، مع الاحتفاظ بالفارق الرتبي بين الرسول والأمة. وأهم عنصر في ذلك هو تأصيل الانتماء إلى الرسول (صلَّى الله عليه وآله)، فكما أنّ الرسول لم يتخلّ عن أمته في انتمائه إليها حتى أنه في يوم القيامة يؤكّد في ساحة القيامة على ذلك، فتسمعه الأمّة الإسلامية ينادي رب العزة: أمتي أمتي، فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الآية: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} سئل عن ذلك رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فقال: «أخبرني الروح الأمين أنّ الله لا إله غيره إذا برز الخلائق وجمع الأوّلين والآخرين أتى بجهنّم تقاد بألف زمام يقودها مائة ألف ملك من الغلاظ الشّداد لها هدة وغضب وزفير وشهيق، وإنّها لتزفر الزفرة، فلولا أنّ الله عزّوجلّ أخّرهم للحساب لأهلكت الجمع، ثم يخرج منها عنق فيحيط الخلائق البر منهم والفاجر، فما خلق الله عزّوجلّ عبداً من عباده ملكاً ولا نبياً إلا ينادي: ربّ نفسي نفسي، وأنت يا نبي الله تنادي: أمتي أمتي»(5)، كذلك تحتاج الأمّة إلى مجالات للإعلان عن انتمائها إلى رسولها والممارسة بدافع الإعانة، ودافع التمسك بكل عنوان منتسب إلى رسولها مما يؤصِّل الانتساب ويوقظ الشعور بالانتماء إليه  (صلَّى الله عليه وآله).

الثاني: فيه مناسبتان مهمتان ولادة الإمام الشهيد الذي أبقى الإسلام حياً كما أوجده الرسول (صلَّى الله عليه وآله)، إذ إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) قام بثورته الخالدة لكي يبقى الإسلام حياً نابضاً محتفظاً بكل معالمه وملامحه الأساسية، ولذا كان حقاً ما قيل: من أن الإسلام محمّدي الوجود حسيني البقاء، وفيه ولادة إمام زماننا المهدي المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، الذي سوف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، فإنّ إحياء هذه المناسبة والالتفات إليها ضرورة يقتضيها الاعتقاد بوجوده، ويفرضها الانتماء إليه، فهو يوم إعلان الولاء المطلق والاستعداد التام للقيام معه في نهضته التحررية، وهو يوم إعلان البراءة المطلقة من كل قوى الشر والباطل، ومن دعوات أهل الهوى والضلال والباطل، وهو تجديد للعهد وشحذ للهمم، وتنشيط للقوى.

■ إذا سمحتم أن تطلعونا على مميزات شهر رمضان المبارك؟

● على الرغم من عدم إمكان إحصاء ذلك في هذا اللقاء، ولكن لا يمنع من تصنيف هذه المميزات.

الأول: إنَّ شهر رمضان قد وصفه المولى سبحانه وتعالى بأنّه شهر الله، وهذه النسبة لها أبعادها ودلالاتها؛ إذ إنّها نسبة إلى اسم الجلالة المختص الدال على الذات الإلهية بما تحمل كل أبعاد الكمال والجمال والجلال، ولم يقل إنه شهر الرحمن أو شهر المنعم أو شهر القادر، بل هو شهر الله، فهذه النسبة كما تدل على أنّ المولى بذاته وبكل ما تحمل من أبعاد قد حضر في هذا الشهر، كذلك تدل على حجم العطاء والرحاب، التي فتحت فيه، ولذا فإنّه بحق محطّة التزود والتفريغ؛ إذ فيه موائد التزود وفيه محطّات الحطّ والتنقية، فهو الشهر الذي دعينا فيه إلى ضيافة الله وجعلنا من أهل كرامة الله، ولذا لا يجرأ الشيطان وأتباعه على الدنوّ منه وممن دخل في دار الضيافة، لأنّه لا يمتلك الإذن ولا يجرأ على الدخول بلا إذن لوجود أجهزة الرصد التي لا تقبل الاختراق.

وهنا أحبّ أن ألفت نظر القراء إلى أنّ دار الضيافة هذه على قدر ما هي مفتوحة وواسعة، إلا أنّ الداخل فيها قد لا يستفيد منها إلا القليل لعدم استعداده لهذه الضيافة أو لعدم التفاته إلى خصائص الموائد، لضيق أفقه، أو لعدم همّته فيطلب الرّاحة في حركته فلا يصيب ما هو أعظم أثراً وأقوى تأثيراً.

الثاني: الصوم فيه لمدة شهر كامل متواصل وفي شهر مخصوص وهو شهر رمضان المبارك، فإنّه خصوصية امتاز بها هذا الشهر الذي وصفه المولى سبحانه بأنّه له، بهذا ورد الخبر، فعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه  (عليه السلام) قَالَ: «إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى يَقُولُ الصَّوْمُ لِي وأَنَا أَجْزِي عَلَيْه»(6)، وعن رسول الله  (صلَّى الله عليه وآله): «قال الله عزَّ وجلَّ: كل أعمال بني آدم بعشرة أضعافها إلى سبعمائة ضعف إلا الصبر فإنّه لي وأنا أجزي به، فثواب الصبر مخزون في علم الله عزَّ وجلَّ والصبر الصوم»(7)، وهذا التعبير يدل على أنّ العبد حينما يعلن رفضه عن كل نداء غير نداء المولى سبحانه، كنداء البطن والفرج، ونحو ذلك، فهو يترك كل  هذه الأمور لأجل الله، وهذه الدعوة الإلهيّة لصوم شهر رمضان المبارك قد مَنَّ الله بها على أمّة محمّد  (صلَّى الله عليه وآله)؛ إذ إنّه كان مختصاً بالأنبياء وليس عاماً لكل البشرية، وإن كان أصل الصوم ثابت كفرض على كل أمّة سبقت أمّة محمّد (صلَّى الله عليه وآله) لكن في غير شهر رمضان، فعن حفص بن غِياث النّخعي قال : «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنَّ شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على أحد من الأمم قبلنا فقلت له: فقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} قال: إنّما فرض الله صيام شهر رمضان على الأنبياء دون الأمم ففضل به هذه الأمة وجعل صيامه فرضاً على رسول الله وعلى أمته»(8)، وفي دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في وداع شهر رمضان ذكر: «ثُمَّ آثَرْتَنَا بِه عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ، واصْطَفَيْتَنَا بِفَضْلِه دُونَ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَصُمْنَا بِأَمْرِكَ نَهَارَه، وقُمْنَا بِعَوْنِكَ لَيْلَه، مُتَعَرِّضِينَ بِصِيَامِه وقِيَامِه لِمَا عَرَّضْتَنَا لَه مِنْ رَحْمَتِكَ...»(9).

والحاصل: الصوم في هذا الشهر وإن كانت له آثار جليلة، ولكن هو ممارسة وإعلان للتخلي عن كل نداء وإن كان نابعاً من الحاجة، والتوجه إلى نداء الواحد الأحد، الذي سوف يصنف العبد فيجعله من أهل الله في قبال الآخرين.

الثالث: قراءة القرآن، فقد حثّت الروايات عليها في هذا الشهر، حتى وصفته بأنّه ربيع القرآن، فعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان»(10)، والقرآن هو العهد بين الرّب والعبد فينبغي أن ينظر المؤمن فيه ويتعاهده حتى يكون دستوره في الحياة؛ إذ هو الضمانة الوحيدة من الضلال، بالطبع مع اقترانه بالعترة الطاهرة من آل الرسول (صلَّى الله عليه وآله)، حسب ما ورد ذلك في الحديث المتواتر عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) أنّه قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»(11)، وقد ورد في وصف القرآن الكثير ومن ذلك ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدّث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان في عمى. واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنّفاق والغيّ والضلال. فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه إنّه ما توجه العباد إلى الله بمثله. واعلموا أنّه شافع مشفع، وقائل مصدّق. وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنّه ينادي مناد يوم القيامة: " ألا إنّ كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن...»(12)، وقد أكّد (عليه السلام) بالتوصية بالقرآن بقوله: «والله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم»(13)، وهذا النّص يشير إلى وجود أسرار كثيرة في القرآن يمكن أن يستفيد منها غير المؤمنين والمسلمين، في مجالات المعرفة الإنسانية، بلا فرق في ذلك المادّية منها أو الاجتماعية أو المعنوية والروحية، وقد نبّأنا الواقع عن المجالات المختلفة التي اكتشف غير المسلمين أسرارها من كنوز القرآن، بل حاولوا أن يطّلعوا على ما يخدم أغراضهم الشيطانيّة، من معرفة نقاط ضعف الإنسان، وطرق السقوط في الهاوية، والابتعاد عن الحق والخير والصّلاح، ومحاولة اكتشاف أساليب التضليل ومحاربة أهل الحق، ونحو ذلك.

بقي أمر أخير وهو أنَّ قراءة القرآن على مستويات عديدة، منها القراءة المجرّدة، ومنها القراءة مع الالتفات إلى معاني ومضامين الآيات بشكل إجمالي، ومنها القراءة مع الالتفات إلى المضامين بنحو تفصيلي، ومنها القراءة مع الوقوف عند كل آية أو أغلبها أو بعضها للتأمل في أبعادها ومدياتها، يقول الصولي: حدثنا أبو ذكوان، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: «ما رأيت الرضا (عليه السلام) سئل عن شيء قط إلا علمه،... وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثيله بآيات من القرآن، وكان يختمه في كل ثلاث، ويقول: لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث لختمت، ولكن ما مررت بآية قط إلا فكّرت فيها، وفي أيّ شيء أنزلت، وفي أي وقت، فلذلك صرت أختم في ثلاثة أيام»(14).

الرابع: فيه ليلةُ عرضِ أعمالِ السنة على إمام الزّمان (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، فإنّه في ليلة القدر تتنزل الملائكة والروح على إمام الزمان، كما كانوا يتنزلون على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في حياته ليطلعوه على أعمال الخلائق وما يجري خلال السنة؛ إذ فيها يفرق كل أمر حكيم كما نطقت به الآية من سورة الدخان. وعرض الأعمال ورصدها وجعلها تحت نظر إمام الزّمان له دلالاته وأبعاده الكثيرة التي منها التعريف بوظيفة الإمام في هذا المجال تجاه أتباعه والعالَم أجمع، وإلفات نظر الخلق، -وبالأخص المؤمنين- إلى أنّ أعمالهم مرصودة ومشخصة وما عليهم إلا السعي لتبديلها أو محو السلبي منها بالدّفع أو الرّفع، وزيادة أرصدة الرضا والقبول.

الخامس: العيد الذي هو يوم الجوائز، فقد ورد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال النبيّ (صلَّى الله عليه وآله): «إذا كان أوّل يوم من شوال نادى مناد: أيّها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال: يا جابر جوائز الله ليست بجوائز هؤلاء الملوك، ثم قال: هو يوم الجوائز»(15)، ولا ينبغي أن يغفل فيه المؤمن عن إدراك الجوائز، ولعل من لم يدرك جائزته ولم يشعر بها فإنّه يكشف عن عدمها في حقه، فهو ممن لم يحصل عليها، أي هو من المحرومين. وأقلّ الجوائز استشعاره الخِفّة في نفسه لغفران ذنوبه والحطّ عن أوزاره، واستشعاره الفرحة برضا ربه عن عمله، وإلا فباب الجوائز بكل أبعادها واسع كبير.

السادس: في هذا الشهر مناسبات مفرحة وأخرى محزنة، فكما فيه ولادة الإمام الحسن الزّكي (عليه السلام)، التي اعتاد المسلمون إلى وقت قريب على إحياءها، ويسمّيها أهل العراق "الماجينة"، وبعض مناطق الخليج "كركيعان"، فيها توزع الحلويات وبعض القطع النّقدية للأطفال، وينشد فيه بعض الموشحات، كمدائح الرسول وآله، وهو إحياء لما قام به المسلمون حين ولادة الحسن بالمجيء إلى رسول الله بالتهنئة والتبريك بأشعار تتضمن التعبير بالفرحة، وكان مضمونها: إجِينه إجِينه نهني النبيّ بالحسن الزّكي، وأمثال ذلك، وفي هذا الشهر ذكرى انتصار الحق على الباطل في غزوة بدر الكبرى، التي لها دلالاتها الجليلة، وفيه الاعتداء الأثيم من أشقى الآخرين على سيّد الوصيين ويعسوب الدين ذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، الذي سمع النّاس نعي جبرائيل يقول: «تهدّمت والله أركان الهدى، انطمست أعلام التقى، وانفصمت العروة الوثقى، قتل والله عليّ المرتضى، قتل الوصي المجتبى، قتل خاتم الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء»(16).

■ ماهي الأبعاد الروحية التي يمكن أن نحصل عليها من برامج الأشهر الثلاثة؟

● إن الجامع لحركة الإنسان في مجال المسائل الروحية هو استشعار الفقر والحاجة إلى الرب  (سبحانه وتعالى)، ولذا الإشباع الحقيقي يتم من خلال الدوائر التي ترتبط بالقويّ المطلق والمهيمن، الذي هو ملجأ الهاربين ومأوى الفقراء والمساكين، كهف اللاجئين، ألا وهو ربّنا الرؤوف الرحيم. والدوائر كثيرة، نظير الاستعانة والتوكل والتفويض والإلجاء والاستعاذة، فينبغي أن يلتفت المؤمن إلى ممارساته العبادية وبرامجه الإعدادية التي يأخذها من منبعها الصافي محمّد وآله المنتجبين عليه وعليهم صلوات الله وسلامه، ويصنفها إلى أصنافها، بل وإلى أنواعها؛ إذ منها ما يشبع الجوانب الروحية بما تحمل من مضامين وأعمال توقظ الإحساس بالفقر والحاجة إلى ربّ العزّة.

■ هل هناك برامج تشبع جوانب أخرى من حياة الإنسان؟

● نعم الجوانب كثيرة، منها ما يساعد على تهذيب النّفس وتطويع السلوك، حتى يصبح الفرد عاملاً بنّاءً في المجتمع، النّاس من شره مأمونون، وإلى خيره مؤمّلون، يشتاقون إليه ويستبشرون برؤيته، ويستوحشون عند غيابه، هشّ بشّ ليِّنُ العريكة، حسن الخلق. وهنالك ما يساعد على تهييج الفكر؛ إذ إنّ بعض المضامين والأعمال مما تساهم في فتح آفاق من المعرفة، وتلفت النظر إلى أسرار الحياة والكون، فالحركة الفكرية فعّالة بما يملك الإنسان من طاقة عقلية وألطاف إلهية وهبات ربانيّة.

■ هل هناك أمور تحبون أن تشيروا إليها؟

● أحببت أن أنبّه إلى أنّ برامج الأشهر الثلاثة يجمعها جامع أساسيّ وهو تفعيل العلاقة مع الله (عزَّ وجلَّ)، ولعلّ أقوى الأعمال هو الدعاء فإنّه قائم على الفقر والحاجة، ولذا وصف بأنّه مخّ العبادة، بل هو العبادة، فقد ورد في تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(17)، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال: «هو الدعاء وأفضل العبادة الدعاء»، وعنه (عليه السلام): «أنّه سئل أي العبادة أفضل؟ فقال له: ما من شيء أفضل عند الله عزَّ وجلَّ من أن يسئل ويطلب ما عنده وما من أحد أبغض إلى الله عزَّ وجلَّ ممن يستكبر عن عبادته ولا يسئل ما عنده»، وعن الإمام الصادق  (عليه السلام): «ادع ولا تقل قد فرغ من الأمر فإنّ الدعاء هو العبادة إنّ الله يقول: وتلا هذه الآية، وفي الصّحيفة السجاديّة بعد ذكر هذه الآية فسمّيت دعاءك عبادة وتركه استكباراً وتوعّدت على تركه دخول جهنّم داخرين»(18).

■ هل يمكن أن تعرّفونا بالنتائج التي يمكن أن يحصل عليها من اتبع برامج الأشهر الثلاثة؟

● إنّنا قلنا في بداية الحديث إنّ هذه الأشهر هي محطّات للتزوّد ورحاب للحركة الايجابيّة، وهي أيضاً محطّات للتفريغ والحطّ، ولذا فهي مما يترتب عليها نتائج جليلة، منها مايلي:

1- تساهم في تفعيل العلاقة مع الله (عزَّ وجلَّ)، بحيث تحوّلها أو تؤصِّلها في دائرة الواقعية في الارتباط المنطلق من الميل والحب، ولا تقف عند ضرورة الارتباط التي تنطلق غالبا من الانتماء القهري المعبَّر عنه بالاستسلام لا بالتسليم، وهذا هو الفارق بين ما ادعته الأعراب بقولها: {آمنَّا}(19)، وبين الإيمان الصادق الذي ينطلق من التسليم المطلق، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(20)، فإنَّ هذا الإيمان هو الذي يثبت عند المحك ومفترق الطرق، بل يتجلى في أبهى صور التسليم الصادق كما حدث في غزوة الأحزاب، قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}(21).

2- تيقظ الشعور الداخلي بالمسؤوليّة، فإنّ المولى صرّح بمهمة الإنسان في الأرض فهو الخليفة وهو حامل الأمانة التي أشفقت من حملها السموات والأرض والجبال، قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ...}(22).

3- تساهم في ترشيد الإنسان إلى منطلق حركته ومواقفه في الحياة، فإنَّ المناسب للإنسان هو معالي الأخلاق ومحاسنها، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال: «لو كنّا لا نرجو جنّة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنّها مما تدل على سبيل النّجاح»(23).

4- تساعد على صنع الأنموذج الحضاري في الأمة، الذي هو ملجأ ومحور ومأوى الهارب والطّالب، وهو الأمان من ضلال الأمة، وهو الحافظ لهويتها بمعالمها وملامحها، هو الشخص الذي يُعرِّف العالَم الكافر بعظمة الإسلام وعظمة برامجه الإعداديّة.

5- تذوب الحواجز التي صنعتها الجاهليّات، ومنطق الأنا والهوى، ووساوس الشيطان؛ إذ إنّ من يعيش الأجواء الروحية والمعنويّة والبرامج الإعداديّة لا يمكن أن تكون في داخله هذه الحواجز، فهو شخصية قد امتلأت بالتوجهات الإلهيّة وأخذت مأخذها من نفسه وروحه وعقله، فكيف يمكن أن يبقى أثراً للمنطلَق الأنانيّ والشيطاني أو الجاهلي.

وفقنا وإياكم ربِّ العزة لأن نكون ممن ينهل من عطائه في هذه الأشهر الثلاثة المباركة، بل وفي غيرها إنّه سميع مجيب.

*****

نشكر سماحة الشيخ محمود علي السيف، ونسأل الله (عزَّ وجلَّ) أن يوفقنا لصيام وقيام هذه الأشهر الثلاثة، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 

* الهوامش:

(1) أستاذ بالحوزة العلميّة بقمّ المقدّسة، رئيس ومؤسس معهد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) للخطابة سابقاً ومؤسسة الحجّة (عليه السلام) حالياً، إضافة إلى مهمّة المسؤول التربوي لحوزة الأطهار التخصّصية، وهو أيضاً مدير سابق لمدرسة الإمام الهادي (عليه السلام).

(2) حاشية إقبال الأعمال: 628.

(3) سورة الإسراء: 81.

(4) المجلسي، بحار الأنوار، ج94، ص 79.

(5) نفس المصدر، ج8، ص 65.

(6) الكليني، الكافي، ج 4، ص 63.

(7) المجلسي، بحار الأنوار، ج 93، ص 252.

(8) الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص 124.

(9) الصحيفة السجادية، ص 198.

(10) الصدوق، معاني الأخبار، ص 228.

(11) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 27، ص34

(12) نهج البلاغة، ج2، ص92.

(13) نفس المصدر، ج3، ص 77.

(14) الصدوق، الأمالي، ص 758.

(15) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 7، ص 480.

(16) مجموعة من علماء البحرين والقطيف، وفيّات الأئمة، ص 57.

(17) سورة غافر: 60.

(18) راجع الفيض الكاشاني، التفسير الصافي، ج5، ص 356.

(19) سورة الحجرات: 14.

(20) نفس المصدر، آية 15.

(21) سورة الأحزاب: 22.

(22) نفس المصدر: آية، 72.

(23) حسن القبانجي، مسند الإمام علي (عليه السلام)، ج10، 71.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا