المرتبة الأولى للإنسان هي المرتبة التي خلق عليها الإنسان من غير إرادة منه ولا اختيار.. وهي المرتبة التي وصل إليها الإنسان بعد أن كان نطفة ثم مضغة ثم علقة ثم جنينا ثم طفلا مولودا... وهكذا وُجِدَ الإنسان من غير سعي منه لوجوده!..
وفجأة رأى الإنسان نفسه في عالم الوجود!!.. في عالم الضياء والنور!!.. بعد أن كان منغمسا في ظلمات العدم..
إنّ هذا المولود قبل سنة واحدة فقط لم يكن شيئا مذكورا.. وفجأة أصبح مذكورا ومحاطا بالرعاية والعناية والرحمة واللطف والحب من كل جانب!!...
هذه بداية وجود الإنسان.. إنها غير اختيارية.. ولم يكن بيده تحديد هويته وتحديد شكله وتحديد قدراته وتحديد ميوله الأولية الفطرية... ولم يكن بيده أي شيء!!..
رأينا أنفسنا متمتعين بسمع وبصر وعلم وحب وبغض وبأشياء كثيرة تمتعنا بها من غير أن يكون لنا أي دور في تكوينها...
إنها المرتبة الأولى لوجود الإنسان....... ولنُسَميها المرحلة اللاإرادية للإنسان...
إذن هناك إنسانية تكوينية وهي بمثابة رأس مال غير مكتسب يبدأ به الإنسان تجارته.. وكل ما مرّ كان بيانا لهذا الأمر..
وهنا نبدأ بنقطة جديدة وهي أنّ الإنسان عليه أن يسعى للحصول على الإنسانية الاختيارية!.. وهي عبارة عن الهدف النهائي من وجود الإنسان.. والمرحلة الأخيرة التي يصل إليها الإنسان في مشوار كمالاته.. وهي الفصل الأخير من كمالات الإنسان..
وهذه الكمالات الإنسانية الاختيارية ليست كمالات تكوينية يجد الإنسان نفسه أنه متمتع بها كالبصر والسمع والإحساس والحركة وما شابه... كلا.. فهي كمالات لا بد للإنسان أن يسعى لها بقدمه وسعيه وإرادته.. كما في الآية المباركة{وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى}(1).
هنا في عالم الدنيا هناك أشياء كثيرة حصل عليها الإنسان من غير سعي.. ووجد نفسه ملأى بالنعم التكوينية.. ولكن في عالم الآخرة لن يكون للإنسان إلا ما سعى إليه وحصّله بإرادته..سواء كان خيرا أم شرا.. كما هو مفاد الآية المباركة المتقدمة..
ومن كمالات الإنسان الاختيارية التي يجب عليه السعي نحوها.. العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن.. وهذه محاور ثلاثة تمثل العلم الحق والقلب الحي وجمال الظاهر.. ولكمالات الإنسان مراتب أخرى غير هذه..
يبدأ الإنسان من غير علم حق ولا قلب متلألئ بأنوار الهدى.. ومن غير سلوك حسن.. ولكنه يملك القابلية لسلوك هذا الطريق.. والوصول إلى كمالاته اللائقة به..
والطريق التكاملي الاختياري من نقطة الابتداء وهي الإنسانية التكوينية وهي المحطة الأولى لوجود الإنسان القابل للكمالات.. إلى نقطة النهاية وهي الإنسانية الاختيارية وبلوغ مقام الإنسان الكامل.. هذا الطريق من نقطة الابتداء إلى نقطة الانتهاء يسمى بالصراط المستقيم للإنسان..
فالصراط المستقيم لكل موجود يبدأ مشواره من النقص إلى الكمال هو عين الطريق من ابتداء سلوك الكمال إلى نهاية بلوغ كل الكمالات اللائقة به...
ولذا يختلف الصراط المستقيم للمخلوقات المتكاملة.. فبذرة التفاح مثلا صراطها المستقيم يبدأ من شروعها بالتكامل إلى نهاية بلوغها شجرة تفاح مثمرة... وهكذا لكل شيء من شأنه التكامل يكون صراطه المستقيم مبتدئا من أول نقطة للكمال ومنتهيا بآخر نقطة للكمال..
غاية ما في الأمر أنّ بذرة التفاح مثلا غير مخيرة لأن تسير في طريق يوصلها إلى أن تكون شجرة برتقال مثلا.. لأنّ طريق كمالها مشخّص لا يتغير...
بينما الإنسان.. يختلف.. فهو بإمكانه أن يتكامل تكاملا حيوانيا بهيميا أي من جهة الشهوة.. أو تكاملا حيوانيا سبعيا أي من جهة الغضب.. أو تكاملا خياليا شيطانيا أي من جهة الأوهام الشيطانية.. أو تكاملا إنسانيا ملائكيا أي من جهة العقل... وبإمكان الإنسان أن يتكامل في الجهة الشهوة والغضب والوهم دفعة واحدة على حساب العقل..
عرفنا أنّ على الإنسان أن يتكامل في إنسانيته.. ولكن ما هي إنسانية الإنسان؟!!.. وكيف نتعرف عليها؟!!.. وما هي حدودها؟؟!!..
البعض من الناس وهم كثيرون يرون أن الموسيقى والرقص والطرب والفن والتمثيل والأزياء وما شابه ذلك كله يدخل ضمن دائرة كمالات الإنسان.. فدائرة كمالات الإنسان في نظرهم واسعة وأصحاب هذه الفنون يرون أنفسهم قد تكاملوا في الإنسانية وبلغوا قصب السبق فيها..
ولكن مما لا شك فيه عند الإسلام أنّ بعض هذه الفنون تشكّل نقصا فادحا لإنسانية الإنسان وتلقي به بعيدا عن حاشية الصراط المستقيم الإنساني...
والسؤال هنا كيف نميّز تمييزا عقليا بين الأشياء التي تعد كمالات حقيقية للإنسان وبين الأشياء التي تعتبر كمالات زائفة للإنسان.. يحسب ويتوهم أنها كمال ولكنها نقص ووبال على إنسانيته؟!....
وللإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا أن نتعرف على فطرة الإنسان ونحددها تحديدا واضحا يميزها عن غيرها من صفات الحيوان والنبات والجماد... وذلك لأنّ التكامل الإنساني في خط الفطرة فقط يكون تكاملا إنسانيا حقيقيا... وأما إذا كان تكاملا في خط الحيوان مثلا فليس تكاملا بشريا بل هو تكامل حيواني لا إنساني..
بيان الفطرة..
من الواضح للمطلعين على علوم القرآن وروايات أهل البيت عليهم السلام أنّ الفطرة محط اهتمام قرآني وروائي وديني.. إلى درجة أنّ الله عز وجل يوكل الدين القيم كله بحذافيره إلى الفطرة في قوله تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(2).
فما هي هذه الفطرة؟؟...
الجواب:
لا يخفى على أحد أن الإنسان يمتلك عدة أبعاد مختلفة.. إنه مركب من أبعاد وليس بسيطا ذا بعد واحد.. فهو مركب من البعد الجسمي الجمادي والبعد النباتي والبعد الحيواني والبعد الإنساني.. كيف ذلك؟؟!!..
فإننا نجد أنّ لدى الإنسان جسمية وصفات الجسم كالامتداد في الاتجاهات الثلاثة والحاجة إلى المكان والتحيّز.. ولكن الإنسان ليس مساويا للجسم بل يتميز عن الأجسام بصفات خارجة عن إطار الجسم... كالحس والحركة والإدراك مثلا..
وكذلك نجد لدى الإنسان كمالات نباتية!.. من قبيل نمو الجسم فجسم الإنسان ينمو كما هو الحال لدى أجسام النبات.. فنمو جسم الإنسان هو جانب نباتي.. ولكن يبقى أنّ الإنسان أيضا ليس مساويا للنبات وأنّ لديه كمالات أرفع من النبات.. كالحس والحركة والإدراك مثلا..
وكذلك نجد لدى الإنسان كمالات حيوانية.. من قبيل الحس والحركة الإرادية والإدراك لما حوله.. والميل نحو الطعام والشراب والجنس.. والخوف من الخطر.. وما شابه مما يشترك به الإنسان مع الحيوان.. ولكن هل الإنسان حيوان محض لا يتميز بشيء عن سائر أنواع الحيوان الأخرى.. أم أنه يرتفع بكمالاته إلى مستوى أرفع من الحيوان ويتجاوز الحيوانية كما تجاوز من قبل الجسمية والنباتية؟؟!!...
لا أعتقد أنّ ثمة في العالم من يقول عن نفسه أنه حيوان محض أو حتى يحتمل ذلك.. ومن أفظع الشتائم أن تسب شخصا فتقول له يا حيوان!!... مع أنه لو قيل له يا جسم لكان أقل فظاعة ومضضا عند هذا الشخص!!!...
فلماذا النفور من الحيوانية!!.. وهي إحدى أبعاد الإنسان وبعض مراتبه الكمالية؟؟!!!...
هذا النفور من الحيوانية خير دليل على ارتقاء الإنسان عن مستوى الحيوانية ليتجاوزها ويرتفع عنها ارتفاعا هائلا.. ليبلغ إلى هضبة الإنسانية.. إنها الهضبة التي سيبدأ منها السير والسلوك نحو الله تعالى لينتهي به المقام إلى قمة جبل الإنسان الكامل..
فالإنسان يتميز عن الحيوان بنفس ناطقة.. فما هي النفس الناطقة؟؟!!..
النفس الناطقة هي النفس التي لديها قدرة على الإدراك والاستنتاج والتعبير عن ذلك بالنطق.. فهي نفس اجتماعية أيضا.. أي تحاور الآخرين في مدركاتها واستناجاتها.. وهذا ما لا يمتلكه أي نوع من عالم الحيوان..
نعم هناك في الحيوان قوة إدراك.. لكنه ليس إدراكا استنتاجيا.. فالحيوان لا يمكنه أن يجلس ويفكر ويجمع المعلومات ثم يأخذ النتيجة المناسبة... وحتى لو فرضنا جدلا أنّ بعض الحيوانات وصلوا لهذا المقام لكنه سيكون تفكيرا ضعيفا لا يؤهل هذا الحيوان للتكامل والرقي.. ولذلك لا نجد رقيا في عالم الحيوان.. فالبقر هو عين البقر قبل ألف وألفي عام وهكذا...
بينما قوة إدراك الإنسان قوية جدا لدرجة التأهل للتكامل والرقي.. لدرجة معرفة أسرار الكون.. لدرجة بناء رؤية كونية فلسفية شاملة.. لدرجة التأهل لمعرفة أسرار عوالم الغيب وما وراء الطبيعة... لدرجة معرفة الخالق البارئ المصور ومعرفة صفاته الذاتية والأفعالية..
وهناك لدى الإنسان جهاز يختلف نوعا عن العقل والمعرفة والإدراك.. ولكنه متصل بمقام العقل.. فالعقل يمده بالمعرفة وأما هو فدوره الشعور والإحساس بهذه المعرفة.. إنه القلب..
فالعلاقة بين عقل الإنسان وقلبه هو أنّ الأول يدرك والثاني يشعر.. الأول يدرك مثلا وجود الله عز وجل والثاني يشعر بوجود الله عز وجل..
إذن للإنسان مقامان.. مقام العقل.. ومقام القلب..
ومقام العقل هو قوة إدراك الأشياء واستنتاج الحقائق.. هذا المقدار أمر تكويني خلق عليه الإنسان.. وعلى الإنسان من جهة اختيارية أن يستغل قوته العقلية من أجل الوصول إلى الحقائق الكونية والإلهية.. من قبيل الوصول إلى إدراك ومعرفة وجود الله عز وجل وعدله وحكمته وعلمه وقدرته وما شابه.. ولكن البعض لا يستغلون القدرة العقلية من أجل الوصول إلى هذه الحقائق الربانية.. بل يستغلونها في بناء أمر الدنيا وكيفية تعميرها فقط!!.. فعندما تسألهم عن أمور دنياهم يشمرون عن سواعدهم الأذيال!!.. ولكن لو سألتهم عن أمر خالقهم وآخرتهم لتلكأوا وحاروا!!.. وكأنّ أذهانهم لم تخلق لهذا الشأن!!..
ومقام القلب هو قوة الشعور بالأشياء المدركة بالعقل.. وهذه القوة موجودة لدى الإنسان في أصل تكوينه ولكن على الإنسان اختيارا أن يستغلها ليصل إلى مقام الشعور بوجود الله عز وجل بعد الإدراك العقلي به تعالى.. وهكذا بالنسبة إلى سائر الحقائق الإلهية ينبغي أن تنتقل كلها من مقام العقل إلى مقام القلب.. من مقام الإدراك إلى مقام الإحساس والشعور والذوق.. والفرق بين العقل والقلب كالفرق بين معرفة الحلاوة وتذوق الحلاوة.. فالعقل معرفة مجردة والقلب تذوق وشعور..
إذن.. للإنسان نفس ناطقة تميزه عن سائر أنواع الحيوان.. وهذه النفس الناطقة لها مقامان.. مقام العقل ومقام القلب..
ولمقام العقل حيثيتان...
حيثية بها يدرك الأشياء التي لا علاقة لها بالفعل أو عدم الفعل.. مثل إدراكه بأنّ الواحد نصف الاثنين..
وحيثية يدرك بها الأشياء من حيث وجوب فعلها أو وجوب تركها... مثلا يدرك الإنسان بعقله وجوب فعل العدل ووجوب ترك الظلم.. وهذا ما يعبر عنه بإدراك العقل لحسن العدل وقبح الظلم.. فالعقل يقول أنّ العدل حسن (أي ينبغي فعله ويجب)، وأنّ الظلم قبيح (أي لا ينبغي فعله ويجب تركه)..
والحيثية الأولى للعقل التي يدرك بها الأشياء من غير توجه إلى لزوم الفعل أو لزوم الترك تسمى بالعقل النظري.. والحيثية الثانية التي يدرك بها العقل الأشياء من جهة لزوم الفعل أو الترك تسمى بالعقل العملي..
ومن خلال الأمثلة المقبلة سيتضح الفرق الشاسع بين العقل النظري والعقل العملي للإنسان.. ونبدأ بالعقل العملي لأنّ أمثلته أوضح.. ونقول بأنّ العقل العملي لا يتناول إلا المسائل التي فيها حسن عملي أو قبح عملي.. مثلا يقول الأب لطفله: (الكذب قبيح).. (الصدق حسن).. (الغرور قبيح).. (التكبر قبيح).. (التواضع حسن).. (الغضب في غير موضعه قبيح).. وهكذا... وكل هذه المسائل هي إدراكات يدركها العقل.. وتسمى بإدراكات العقل العملي..
ويمكن أن يقال هنا أن كل مسائل الأخلاق التي فيها توجيه عملي للإنسان هي من مدركات العقل العملي للإنسان...
وأما العقل النظري.. فلا تحتوي أي مسألة من مسائله على كلمة قبيح أو حسن.. مثلا علم الرياضيات كله من العلم النظري الذي يخلو عن التعبير بالقبح والحسن.. فالمعادلات والهندسة والجبر وما شابه.. لا يرد فيها أي تعبير عن القبح أو الحسن... فلا يقال هذه المعادلة حسنة أو قبيحة!!... نعم يقال صحيحة أو خاطئة..
ومن أمثلة العقل النظري أيضا علم العقائد.. ابتداءا من التوحيد وانتهاءا بالإمامة.. إلا بعض المسائل كحسن عدل الله.. وحسن لطف الله بعباده وما شابه.. وهي التي ترد فيها تعبيرات الحسن والقبح إشارة إلى الجانب العملي من لزوم الفعل أو لزوم الترك.. ولكن سائر المسائل التي لا يرد فيها هذا النوع من التعبير هي من نوع العقل النظري كمسألة أنّ الله تعالى موجود وأنّه عز وجل كامل وأنه واحد وما شابه..
نعم إنّ العقل النظري قد يمد العقل العملي بالإمدادات اللازمة.. مثلا يقول العقل النظري الخالق موجود.. هنا يأتي العقل العملي ويقول.. إذن تجب عبادة الخالق وأن عبادة الخالق حسنة... فهنا عندنا معلومتان.. إحداهما من مدركات العقل النظري والأخرى من مدركات العقل العملي.. هما: الخالق موجود، عبادة الخالق حسنة... حيث الأولى نظرية والثانية عملية كما هو واضح...
ونعود لنقول أن مقام العقل بحيثيتيه النظرية والعملية هو جانب تكويني في الإنسان وليس باختياري.. بعبارة أوضح أنّ الله عز وجل أنعم علينا بقوة عقلية من خلالها يمكننا أن ندرك الجوانب النظرية والعملية.. إلى هنا انتهى الجانب التكويني.. ويبقى الجانب الاختياري وهو استغلال العقل وتوجيهه بقوتيه النظرية والعملية نحو الهدف المطلوب من وجود الإنسان وخلقته...
إذن هناك جهازان إلهيان خاصان بالإنسان.. هما جهاز العقل وجهاز القلب.. والعقل يتفرع إلى العقل النظري والعقل العملي.. والعلاقة بين هذه الأمور الثلاثة هي أنّ العقل النظري يدرك ثم العقل العملي يأمر أو ينهى ثم القلب يشعر ويتأثر...
مثال ذلك:
العقل النظري يدرك وجود الله عز وجل..
العقل العملي يأمر بعبادته ويقول أنّ عبادته حسنة...
القلب يشعر بالعبادة والذل والذوبان..
والمشكلة التي يواجهها الإنسان هنا هي أنه قد يفهم عقله النظري شيئا ثم يأتي العقل العملي يأمره بأدائه.. وهذا يدل على أنّ مقام العقل بكلا حيثيتيه مفعّل لدى هذا الإنسان.. ثم تقوم الإرادة بالاستجابة لأمر العقل العملي.. وهذا يدل على قوة الإرادة وفاعليتها..
ولكن رغم أن العقل والإرادة مفعلان.. إلا أنّ مقام القلب في غالب الأحيان يبقى معطلا!.. ولا يحصل له أي أثر.. مع ملاحظة أن دور القلب الأساسي هو الانفعال لا الفعل.. فنجد القلب غير منفعل وغير متأثر وليست به ذرة من شعور أو إحساس...
مثال ذلك.. الصلاة.. فقد مرّت الصلاة على مقام العقل نظريا وعمليا.. ثم دخلت مرحلة الإرادة والتطبيق.. ولكن في الأعم الأغلب لا نجد لها أثرا في القلب أو يصعب ويتعذر الشعور بحقيقة الصلاة...
ولذلك نعرف أنّ مقام القلب قد يتخلف عن الاستجابة رغم فعلية مقام العقل والإرادة.. بل هناك ما هو أكثر!.. وهو أن يستجيب القلب لأشياء مضادة لإدراكات العقل النظري والعملي معا!!...
مثلا.. يدرك العقل نظريا ضرر شرب الخمر نظريا.. ويدرك بأنه قبيح عمليا.. ولكن القلب يستجيب استجابة مضادة عند بعض الأشخاص فيشعر بحب شرب الخمر ويشعر بالسعادة حين الشرب!!..
سنتحدث فيما بعد حول هذا الموضوع...
ولكن كل الذي يهمنا الآن.. هو بيان فطرة الإنسان!... فما هي الفطرة؟!...
وقد كانت هذه مقدمات ضرورية لفهم الفطرة...
ولإيضاح حقيقة الفطرة نحتاج أن نركّز على أبعاد الإنسان المختلفة..
ثبت لنا بالوجدان أنّ للإنسان جسما..
كذلك أنّ له نفسا نباتية..
كذلك أنّ له نفسا حيوانية..
وأخيرا أنّ له نفسا إنسانية ناطقة.. فيها عقل نظري وعملي وقلب شاعر..
ومن الواضح كما كررنا ذلك مرارا في بداية الموضوع هو أنّ الإنسان بكل هذه النعم الجسمية والنباتية والحيوانية والإنسانية هو مخلوق وقد خلقت معه هذه النعم من غير أن يختار جسميته أو نباتيته أو حيوانيته أو نفسه الناطقة بعقلها وقلبها..
وفجأة وجد نفسه موجودا مزيجا من جسمية ونباتية وحيوانية وإنسانية... وسمي إنسانا تبعا لأشرف أجزائه...
ونذهب الآن للجسم لنجد أنّ له خصائص خاصة مطبوعة في جسميته.. هي خصائص تكوينية في الجسم...
مثلا جسم الماء له خصائص تكوينية مثل السيولة والشفافية وانعدام الرائحة وهكذا...
ومثل جسم الحديد له خصائص تكوينية مثل الصلابة والصدأ مع الماء وغير ذلك.. وهكذا كل جسم له خصائص تكوينية...
ولنذهب إلى النبات لنجد أن النباتية من حيث النباتية لها خصائص تكوينية كالنمو والتنفس..
ولنذهب إلى الحيوان.. لنجد أنّ الحيوانية من حيث الحيوانية لها خصائص تكوينية من قبيل الإحساس بشهوة الجنس والمأكل والمشرب والإحساس بالغضب وغير ذلك أيضا مما هو من خصائص الحيوانية...
ولنأتِ الآن إلى الإنسان!.. ولنبحث في أعماق الإنسانية!.. ماذا سنجد؟!.. سنجد خصائص إنسانية.. فما هي؟!.. إنها خصائص فطرها الله داخل النفس الناطقة... إنها عناصر إلهية غرزت في عمق النفس الإنسانية...
سأعود قريبا لأبينها.. ولكن قبل ذلك علينا أن نعرف بأن خصائص الجسم من صلابة وسيولة ونعومة وخشونة وما شابه تسمى هذه الخصائص بالطبائع الجسمية...
وأنّ خصائص النبات من نمو وتنفس تسمى بالطبيعة النباتية...
وأن الخصائص الحيوانية من إحساس بالشهوة والغضب وغير ذلك تسمى بالغرائز الحيوانية..
والآن اقتربنا نحو الفطرة!.. لأنها هي الخصائص الإنسانية.. هي العناية الإلهية التكوينية التي غرزت في نفس الإنسان الناطقة.. هذه لا تسمى بالغريزة إلا مسامحة.. لإنّ اسمها الفطرة..
ولكن ما هي هذه الخصائص بنحو من التفصيل؟!!..
الفطرة التي فطر الناس عليها هي تلك الخصائص التكوينية التي أودعها الله عز وجل في النفس الناطقة الإنسانية..
وبما أنّ النفس الناطقة لها مقامان مقام العقل ومقام القلب فيمكن تقسيم الفطرة إلى قسمين.. فطرة متعلقة بالعقل وفطرة متعلقة بالقلب..
فالعقل في الإنسان له خصائص تكوينية قد فطر عليها.. كما أنّ القلب له خصائص تكوينية قد فطر عليها....
ونبدأ بالفطرة التي فطر عليها العقل..
وجد عقل الإنسان نفسه مفطورا على معرفة البديهيات.. مثلا وجد نفسه يعلم بأنّ اجتماع النقيضين محال.. وأنّ لكل أثر مؤثرا.. وأنّ الكل أعظم من جزئه..
كانت هذه أمثلة لحيثية العقل النظري.. وأما العقل العملي فكذلك وجد نفسه مفطورا على معلومات بديهية من قبيل أنّ العدل حسن والظلم قبيح..
فهذه كلها معلومات فطر عليها عقل الإنسان.. ويمكن أن يقال بتعبير آخر فطر على أن يعرفها.. فمستحيل أن لا يعرفها... فهو غير مختار في معرفتها.. لأنه وجد نفسه مفطورا على معرفتها..
هذه فطرة العقل..
وأما فطرة القلب..
فالقلب أيضا وجد نفسه مفطورا على مشاعر فطرية موجودة في أعماقه من غير أن يكون مختارا في وجودها....
من قبيل حب الكمال المطلق..
حب البقاء والخلود..
حب النعيم والرحة المطلقة..
حب الإنسان الكامل..
حب العلم والمعرفة....
انظر إلى هذه المشاعر القلبية الفطرية... إنّها ميول إلهية مغروزة في قلب كل إنسان.. مهما كان مكان هذا الإنسان أو زمانه أو عرقه أو حضارته.. فهو في كل الحالات المختلفة المتباينة المتشتتة تراه يشعر بهذه المشاعر الفطرية من غير أن تكون البيئة أو الوراثة أو الحضارة أو العرق والجنس أو الفقر والغنى مانعا عن وجود هذه المشاعر الفطرية في قلب الإنسان...
إنها من فطرة الله التي فطر عليها القلب.. لاتبديل لخلق الله..
هذه هي الفطرة.. إنها خصائص إنسانية انفرد بها الإنسان.. وهي لا تتوفر لدى الجسم والنبات ولا الحيوان..
بعد كل هذا نرجع لموضوعنا الأول!..
لنقول أن تكامل الإنسان إما أن يكون حقيقيا راجعا إلى التكامل في الحقيقة الإنسانية، وإما أن يكون تكاملا خارج إطار الحقيقة الإنسانية، كأن يكون التكامل في الجسم والنباتية والحيوانية - وهي أبعاد موجودة في الإنسان ويمكن أن يتكامل فيها، ولكن على حساب عقله وقلبه- تكاملا مضادا للنفس الناطقة.... كيف ذلك؟؟...
لأنّ الإنسان يمتلك أبعادا أربعة فهو مؤهل للتكامل في أيٍّ من هذه الأبعاد.. غاية ما في الأمر أن هناك تعارضا بين هذه الأبعاد ولا يمكن التكامل فيها جميعا بنحو مطلق.. فبعضها ضد الآخر وبعضها يرفض الآخر.. والإطلاق لأحدها يوجب التقيد في الآخر...
والذي يهمنا من هذه الأبعاد الأربعة هما بعدان فقط.. الجانب الحيواني والجانب الإنساني.. وأما الجسمية والنباتية فتأثيرهما على نفس الإنسان بنحو ضعيف خاصة إذا عرفنا أن التكامل الجسمي والنباتي (النمو والتنفس) شبه تكويني...
وأما الجانب الحيواني فله تأثير كبير جدا على نفس الإنسان إلى درجةٍ يمكن أن يصبح فيها الإنسان كما قال الإمام علي عليه السلام: (الصورة صورة إنسان والقلب قلب حيوان!)(3).
والصراع الأعمق الذي يدور في باطن الإنسان هو بين الحيوانية ومتطلبات الغرائز الحيوانية وبين الإنسانية ومتطلبات الفطرة الإنسانية...
فلا يمكن الجمع بين متطلبات الغرائز الحيوانية ومتطلبات الفطرة الإنسانية... فالغرائز تدعو إلى طريق والفطرة تدعو إلى اتجاه آخر معاكس تماما!...
ولا يعني هذا أنّ الفطرة تدعو إلى قتل الغرائز!.. كلا أبدا!.. بل تدعو إلى تنظيمها وتقييدها.. ويمكن مع تقييد الغرائز أن تصبح هذه الغرائز المقيدة عونا للإنسان في سلوك صراط الفطرة المستقيم...
ولا يوجد صراع حينها بين الغرائز والفطرة.. لأنّ الصراع أساسا ناشئ من انطلاق الغرائز من غير حدود فتتجاوز المصالح الفطرية وتضر بمتطلبات الكمالات الفطرية... وهذا بخلاف ما لو تقيدت الغرائز بحدود مناسبة للفطرة وكمالات الفطرة.. فإنها حينئذ لن تتعارض مع الفطرة وسوف تصبح رفيقة الفطرة في طريق الكمال الإنساني...
وهذا يعني أنّ الإنسان بين عدة خيارات:
1- أن ينطلق في طريق الغرائز من غير حدود ضاربا بعرض الحائط أي معارض لغرائزه الحيوانية.. حتى لو كان هذا المعارض أمرا فطريا...
2- أن ينطلق في في طريق الفطرة من غير حدود.. محاربا أي غريزة تقف في وجه الفطرة..
3- أن لا ينطلق في الغرائز ولا ينطلق في الفطرة.. أحيانا يأخذ من الغريزة ما يضر بالفطرة وأحيانا أخرى يأخذ من الفطرة ما يضر بالغريزة...
وهذه هي الخيارت الممكنة أمام الإنسان.. وهناك خيار آخر لكنه مستحيل!.. وهو أن ينطلق في كل من الغريزة والفطرة معا.. هذا مستحيل لأن الانطلاق في الفطرة يوجب التقيد في الغريزة كما أنّ الانطلاق في الغريزة يوجب التقيد في الفطرة.. فالانطلاق في أي منهما يوجب تقييد الآخر.. وعليه يستحيل الانطلاق فيهما معا من غير أن يتقيد الآخر...
وبقي أمامنا الخيارات الثلاثة الممكنة...
نريد مناقشتها.. لمعرفة أي من الخيارت هذه يجب أن يسلك الإنسان في طريق تكامله الحقيقي..
الخيار الصحيح الذي ينبغي على الإنسان اختياره هو الخيار الثاني أي التكامل المطلق في الجانب الفطري والمقيد في الجانب الغريزي..
ويعني ذلك أن الجوانب الفطرية نور وبهاء مطلق.. لا يحدها حد ولا يقيدها قيد.. ويمكن إيضاح هذا المعنى بهذا الشكل:
ولنأخذ مثالا لأحسن وأرقى فطرة عند الإنسان وهي فطرة التعلق بالكمال والجمال المطلق الذي لا تشوبه شائبة نقص أبدا.. فهو أي الكمال المطلق الذي هو الله عز وجل: نور مطلق من غير ظلمة (طبعا ليس المراد من النور معنى الضوء الفيزيائي بل إذا أطلق على الله عز وجل يكون بمعنى الوجود وتكون الظلمة بمعنى العدم).. وهو قدرة كله من غير عجز وعلم كله من غير جهل وحياة كله من غير موت.. فلا يشذ عن ذاته كمال ولا صفة جمال..
فهو تعالى محبوب الإنسان الحقيقي... والإنسان كل إنسان.. والبشر كل البشرية لا يحبون في واقع أمرهم سوى الله عز وجل!.. هذا ما تقوله فطرتهم.. التي جبلوا عليها...
نحن لم نخلق لنحب أي شيء مطلقا سوى شيء واحد وهو الجميل المطلق والكمال المحض.. وكل شيء لا يكون جمالا مطلقا ولا جمالا محضا ويكون مشوبا بالنقائص فهو خارج عن تعلق قلب الإنسان!...
ولذلك نجد الإنسان يحب كمال الشيء وينفر من نقصه.. مثلا يحب الكمال الذي في الأكل وينفر من نقائص الأكل.. يحب السيارة من جهة كمالها وينفر من نقائصها...
لا يستطيع الإنسان أن يتعلق قلبه بالنقص.. هذا أمر فطري.. خلق عليه الإنسان...
فقلب الإنسان وقف على الكمال.. الكمال وحسب.. ولا مجال لغير الكمال إلى قلب الإنسان... فما أعظمها من فطرة!.. وما أعظمها من صبغة إلهية!.. ومن أحسن من الله صبغة.. صدق الله العلي العظيم...
فطريق الفطرة يقول للإنسان سر في خط الكمال المطلق.. لأنّ قلبك متولع به.. اترك عنك الكمال الناقص.. لأن قلبك متنفر عن النقائص ومتولع بنور الجمال الأقدس...
وينبغي هنا أن نفهم شيئا مهما جدا...
وهو أن الفطرة هي قابلية التعلق بالجمال المطلق.. وليست الفطرة هي حصول التعلق بالفعل.. ويمكن أن نفهم الفرق بين القابلية والفعل من خلال هذا المثال.. نحن نقول هذا الطفل طبيب بالقوة والقابلية.. أي أنه يملك قابلية أن يكون طبيبا ولكنه لم يصبح طبيبا لحد الآن.. هذه جهة القابلية... ونقول أيضا.. هذا الرجل طبيب بالفعل.. أي أنه الآن هو طبيب حقيقة.. وهذه جهة الفعلية...
والذي نريد أن نقوله هنا هو أن الفطرة هي قابلية التعلق بالله عز وجل باعتباره تعالى الكمال والجمال المطلق في الوجود.. ولا تعني الفطرة أن هناك تعلق قلبي حقيقي بالفعل...
ومن هنا نقول أن الله عز وجل خلق في نفس الإنسان قابلية التعلق القلبي بالكمال المطلق.. وعلى الإنسان أن يستغل هذه القابلية ليوصلها إلى حد الفعلية ويصبح متعلقا بالكمال المطلق حقيقة وبالفعل...
ولكن يمكن أيضا أن لا تستغل هذه القابلية الفطرية وتهمل وتفسد.. كما تفسد قابلية البذرة لتصبح شجرة.. وذلك حينما تهمل البذرة ولا تستغل قابلياتها بالشكل المطلوب.. فيمكن أن تهيأ الأرضية الخصبة للبذرة لتصبح شجرة مثمرة ويمكن أن ترمى في الشارع أوالصحراء فتضيع قابلياتها هباء..
وفساد قابلية التعلق بالكمال المطلق تنشأ من التوجه القلبي للكمالات الناقصة.. رغم أن القلب يحب جهة الكمال وينفر من جهة النقص إلا أن القلب ممكن أن يخدع!.. ويصور له النقص على أنه كمال... ويحسب ما ليس بكمال كمالا.. ويحسب ما ليس بجمال جمالا!..
ومن هنا يبدأ نور الفطرة بالخفوت!.. وتوهج التعلق بالكمال المطلق الحقيقي بالانطفاء.. ويبدأ الإنسان يحب ما يحبه الحيوان!.. ويتعلق بالكمال الزائل والناقص.. والارتباط بالأنوار الناقصة.. ويبتعد عن مصدر النور المطلق شيئا فشيئا... ويصد عنه.. ويحسب أن الارتباط بالنور المطلق خرافة.. وإن لم يعتقد أنه خرافة وأسطورة فإنه على الأقل سيتجنب الارتباط به خوفا على ضياع الكمالات الناقصة وفقدانها.. رغم أن العقل يقول أن النور الأتم يغني عن النور الناقص..
عموما إنّ التوجه الفطري نحو الله عز وجل والكمال المطلق يضر بالغرائز الحيوانية.. ولا يسمح لها بالانطلاق بلا حدود.. لأنّ الغرائز الحيوانية تلهي الإنسان عن الكمال المطلق وتجعله مرتبطا بالكمالات الحيوانية الناقصة... رغم أنّ الإنسان يريد أن يحلق بعيدا نحو الجمال الأبهى..
وكذلك بالنسبة إلى فطرة حب البقاء والخلود.. تدعو الإنسان إلى كره الدنيا الزائلة.. والتعلق بالحياة الحقيقة التي لا موت فيها.. التي هي الدار الآخرة والتي عبّر عنها القرآن الكريم بدار الحيوان أي دار الحياة الفوارة التي تفور دائما من غير موت.. والحيوان استعمل هنا مبالغة في الحياة..
وهذه الفطرة وتنميتها والعمل طبقها يتعارض مع الانطلاق في الغرائز الحيوانية التي تعطّل الطاقة البشرية عن تعمير الآخرة وتدعو إلى تعمير الدنيا...
إذن طريق الفطرة كله نور وبهاء وينبغي الانطلاق فيه.. بينما الغرائز الحيوانية هي مجرد وسيلة لحفظ النفس والنسل وينبغي أن لا تكون محور حياة الإنسان..
إذن هناك في نفس الإنسان قابلية غرائزية حيوانية.. وهي تدعو إلى الانطلاق في خط الشهوة والغضب بلا حدود.. حتى إذا كان على حساب العقل والفطرة...
وهناك في أعماق الإنسان أيضا... فطر نورانية زرعها الله عز وجل بيدي جماله وجلاله.. من أجل أن يقوم الإنسان بدور تنميتها وإيصالها إلى كمالها المطلوب... فقد غرز الله تعالى فينا فطرة حب الكمال المطلق حتى ننمي هذه الفطرة ونوصلها إلى أعلى مستوى لها وهو عشق القلب لنور الله الساطع..
وما جاءت العبادات والإرشادات النبوية إلا لهذا الغرض... لكي تنمي فطرة الإنسان وتوصلها إلى أعلى شدة لها...
ومن هنا لا بد أن نعرف أن إرسال الرسل والأنبياء إلى الناس أساسا من أجل تنمية الفطرة.. وبعبارة أخرى إن الله تعالى أرسل مع الأنبياء خريطة متكاملة لتنمية الفطرة..
ولذلك ورد في الروايات المباركة عن أهل البيت عليهم السلام أن الإسلام دين الفطرة... أي أنه جاء موافقا للفطرة منميا لها زارعا لها موصلا لها لأعلى مستوياتها...
إذن الإنسان في طريق تكامله الفطري يحتاج إلى نورين وحجتين...
نور في باطنه وهو نور الفطرة والعقل..
ونور من خارجه وهو نور النبوة والرسالة...
سأقف عند هذا الحد!..
وأسأل الله عز وجل التوفيق لي ولكم..
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...
* الهوامش:
(1) سورة النجم، الآية 4.
(2) سورة الروم، الآية 30.
(3) نهج البلاغة، ج1، ص153.
0 التعليق
ارسال التعليق