المقدمة
يُعتبر كتاب منهاج السنة النبوية لابن تيمية(1) الحراني -الذي يأتي كردٍّ على كتاب منهاج الكرامة في معرفة الإمامة لابن مطهر العلامة الحلي (قدّس سرّه)- من الكتب التي لفتت أنظار الباحثين، لا لميزة علمية في الكتاب، بل لجدل أثاره تخبّط الكاتب.
حيث تفنن ابن تيمية في منهاجه -في سبيل الانتصار لآرائه الشاذة- بكثرة دعوى الإجماع وتكذيب الآخر والسب والشتم، بل الافتراء زوراً وبهتاناً، فهذا هو الشيخ نصير الدين الطوسي (قدّس سرّه) وتلميذه العلامة ابن المطهر الحلي (قدّس سرّه)، وهما من كبار الطائفة الشيعية ولهما مكانة جليلة عند علماء الإسلام، ينالان القسم الأكبر من سُبابه وشتائمه وافتراءاته، حيث يقول في معرض حديثه عن الشيخ نصير الدين الطوسي: "ومن المشهور عنه -يعني الشيخ نصير الدين الطوسي- وعن أتباعه الاستهتار بواجبات الإسلام ومحرّماته، لا يحافظون على الفرائض كالصلوات، ولا ينـزعون عن محارم الله من الفواحش والخمر وغير ذلك من المنكرات، حتى أنّهم في شهر رمضان يُذكر عنهم إضاعة الصلوات، وارتكاب الفواحش، وشرب الخمور، وما يعرفه أهل الخبرة بهم، ولم يكن لهم قوّة وظهور إلا مع المشركين الذين دينهم شرٌّ من دين اليهود والنصارى. وبالجملة فأمر هذا الطوسي وأتباعه عند المسلمين أشهر وأعرف من أن يعرّف ويوصف"(2).
وجاء في مقدمة منهاجه تعريضاً بالعلامة الحلي (قدّس سرّه) وكتابه: "وهذا المصنف سمّى كتابه منهاج الكرامة في معرفة الإمامة، وهو خليق بأن يُسمى منهاج الندامة. كما أنّ من ادّعى الطهارة -وهو من الذين لم يُرد الله أن يطهر قلوبهم، بل من أهل الجبت والطاغوت والنفاق- كان وصفه بالنجاسة والتكدير أولى من وصفه بالتطهير"(3).
ولم يقف عند هذا الحدّ، بل قاده عدم اتزانه العلمي وتعصبه إلى تكذيب مناقب وفضائل أهل البيت (عليهم السلام) -بشكل عام- والإمام علي (عليه السلام)-بشكل خاص- المتواترة عند الفريقين، وتبرير مثالب وجرائم أعدائهم وخصومهم من بني أمية -بشكل عام- ومعاوية بن أبي سفيان -بشكل خاص- المتسالم عليها عند عموم الخاصة ومنصفي العامة. وهذه هي الغاية القصوى التي أرادها من كتابه منهاج السنة.
يقول في منهاجه عن أهل البيت (عليهم السلام)، وهم الذين اصطفاهم الله وطهرهم تطهيراً: "إنّ فكرة تقديم آل الرسول هي من أثر الجاهلية في تقديم أهل بيت الرؤساء"(4).
ويقول في مورد آخر وهو ينفي أن تكون هناك مصلحة من وجود أهل البيت (عليهم السلام) مخالفاً بذلك ما ورد عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) في حديث الثقلين: "لم يحصل بهم شيء من المصلحة واللطف"(5).
ويقول في معرض حديثه عن حروب الإمام علي (عليه السلام) وتبرير أفعال خصومه: "علي إنّما قاتل الناس على طاعته، لا على طاعة الله. ويضيف قائلاً: فمن قدح في معاوية بأنّه كان باغياً قال له النواصب: وعليٌّ أيضاً كان باغياً ظالماً، قاتل الناس على إمارته وصال عليهم، فمن قتل النفوس على طاعته كان مريداً للعلو في الأرض والفساد، وهذا حال فرعون، والله تعالى يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة"(6).
ويقول في مورد آخر معلّقاً على قتال الإمام علي (عليه السلام) للناكثين والقاسطين والمارقين الذين أخبره الرسول (صلّى الله عليه وآله) بقتالهم: "وليس علينا أن نبايع عاجزاً عن العدل علينا ولا تاركاً له، فأئمة السنة يسلّمون أنه ما كان القتال مأموراً به لا واجباً ولا مستحباً"(7).
وقال أيضاً: "فلا رأي أعظم ذمّاً من رأي أُريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين، ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا في دنياهم بل نقص الخير كما كان وزاد الشر على ما كان..."(8).
فلهذا نلاحظ أنّ ابن حجر العسقلاني يقول عن ابن تيمية في لسان الميزان: "وجدته كثير التحامل إلى الغاية في رد الأحاديث التي يوردها ابن المطهر، وإن كان معظم ذلك من الموضوعات والواهيات، لكنّه رد في ردّه كثيراً من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة التصنيف مظانّها؛ لأنّه كان لاتساعه في الحفظ يتّكل على ما في صدره، والإنسان عامد للنسيان، وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته أحياناً إلى تنقيص علي (رضي الله عنه)"(9).
ويؤكد هذا المعنى -أي التسرع في رد الأحاديث الصحيحة وتكذيبها من قبل ابن تيمية- الألباني في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة في معرض تصحيحه لحديث الغدير: "إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته، أنّني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد ضعّف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر فزعم أنّه كذب، وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها، ويدقق النظر فيها، والله المستعان"(10).
وقال الألباني أيضاً في معرض تصحيحه لحديث الولاية: "فمن العجيب حقاً أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه في منهاج السنة.... إلى أن قال: فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث، إلا التسرع والمبالغة في الرد على الشيعة"(11).
رأي علماء أهل السنة والجماعة في ابن تيمية وعقيدته
قال ابن جهبل في مقدمة رده على ابن تيمية ومذهب الحشوية الذي يتبناه بعد أن ينتقد مذهب الحشوية الذي تبناه ابن تيمية: "ادّعى -أي ابن تيمية- أنّه يقول بما قاله الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله) والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار (رضي الله عنهم). ثم إنه قال ما لم يقله الله ولا رسوله ولا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ولا شيئاً منه"(12).
وقال الحافظ السبكي في مقدمة كتابه الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية: "أمّا بعد فإنه لما أحدث ابن تيمية في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد. بعد أن كان متستّراً بتبعية الكتاب والسنة، مظهراً أنّه داعٍ إلى الحق، هادٍ إلى الجنّة، فخرج عن الاتّباع إلى الابتداع، وشذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة، وإنّ الافتقار إلى الجزء ليس بمحال، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى..."(13).
وقال اليافعي في مرآة الجنان: "كان ابن تيمية يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} استواءً حقيقة. وأنّه يتكلم بحرف وصوت، وقد نودي في دمشق وغيرها: من كان على عقيدة ابن تيمية حلّ ماله ودمه. وقال في حوادث (سنة 728هـ): "وله مسائل غريبة أُنكر عليها وحُبس بسببها، مباينة لمذهب أهل السنة، ثم عدّ له قبائح، قال: ومن أقبحها نهيه عن زيارة النبي (صلّى الله عليه وآله)"(14).
وقال أبو بكر الحصيني الدمشقي في ردّه على ابن تيمية: "فاعلم أنّي نظرت في كلام هذا الخبيث الذي في قلبه مرض الزيغ، المتتبّع ما تشابه من الكتاب والسنة ابتغاء الفتنة، وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم ممن أراد الله (عزّ وجلّ) إهلاكه، فوجدت فيه ما لا أقدر على النطق به، ولا لي أنامل تطاوعني على رسمه وتسطيره، لما فيه من تكذيب رب العالمين، في تنزيهه لنفسه في كتابه المبين، وكذا الازدراء بأصفيائه المنتخبين وخلفائهم الراشدين، وأتباعهم الموفقين، فعدلت عن ذلك إلى ذكر ما ذكره الأئمة المتقون، وما اتفقوا عليه من تبعيده وإخراجه ببغضه من الدين"(15).
وقال ابن حجر العسقلاني في ترجمة ابن تيمية في كتابه الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: "وافترق الناس فيه -أي في ابن تيمية- شِيعاً، فمنهم من نسبه إلى التجسيم، لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك كقوله: إنّ اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقيّة لله، وأنّه مستوٍ على العرش بذاته، ومنهم من ينسبه إلى الزندقة، لقوله: إنّ النبي لا يُستغاث به، وإنّ في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم النبي، ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي ما تقدم(16)، ولقوله أنّه كان مخذولاً حيثما توجه، وأنّه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها، إنّما قاتل للرئاسة لا للديانة، ولقوله أنّه كان يحب الرئاسة، وأنّ عثمان كان يحب المال، ولقوله أبو بكر أسلم شيخاً يدري ما يقول، وعلي أسلم صبياً والصبي لا يصحّ إسلامه على قول"(17).
وقال الشيخ محمد الكوثري المصري في مقدمة كتاب السيف الصقيل للسبكي: "وقد استمرت فتن المخدوعين من الرواة على طول القرون مجلبة لسخط الله تعالى ولاستسخاف العقلاء من غير أن يخطر ببال عاقل أن يناضل عن سخافات هؤلاء، إلى أن نبغ في أواخر القرن السابع بدمشق حراني تجرّد للدعوة إلى مذهب هؤلاء الحشوية السخفاء متظاهراً بالجمع بين العقل والنقل على حسب فهمه من الكتب بدون أستاذ يرشده في مواطن الزلل، وحاشا العقل الناهض والنقل الصحيح أن يتضافرا في الدفاع عن تخريف السخفاء إلا إذا كان العقل عقل صابئ والنقل نقل صبيّ، وكم انخدع بخزعبلاته أُناس ليسوا من التأهل للجمع بين الرواية والدراية في شيء وله مع خلطائه هؤلاء موقف في يوم القيامة لا يُغبط عليه. ومن درس حياته يجدها كلها فتن لا يثيرها حاظٍ بعقله غير مصابٍ في دينه، وأنّى يوجد نص صريح منقول أو برهان صحيح معقول يثبت الجهة، والحركة، والثقل، والمكان، ونحوها لله سبحانه؟...الخ، إلى أن يقول: وكل ما في الرجل أنّه كان له لسان طلِق، وقلم سيال، وحافظة جيدة، قلّب بنفسه -بدون أستاذ رشيد- صفحات كتب كثيرة جداً من كتب النِّحل التي كانت دمشق امتلأت بها بواسطة الجوافل من استيلاء المغول على بلاد الشرق، فاغترّ بما فهمه من تلك الكتب من الوساوس والهواجس، حتى طمحت نفسه إلى أن تكون قدوة في المعتقد والأحكام العملية ففاه في القبيليْن بما لم يفه به أحد من العالمين ممّا هو وصمة عار وأمارة مروق في نظر الناظرين، فانفضّ من حوله أناس كانوا تعجّلوا في إطرائه بادئ بدء قبل تجريبه، وتخلّوا عنه واحداً إثر واحد على تعاقب فتنه المدونة في كتب التاريخ، ولم يبقَ معه إلا أهل مذهبه في الحشو من جهلة المقلّدة، ومن ظنّ أنّ علماء عصره صاروا كلهم إلباً واحداً ضده حسداً من عند أنفسهم فليتّهم عقله وإدراكه قبل اتّهام الآخرين، بعد أن درس مبلغ بشاعة شواذه في الاعتقاد والعمل وهو لم يزل يُستتاب استتابة إثر استتابة، وينقل من سجن إلى سجن إلى أن أفضى إلى ما عمل وهو مسجون فقُبر هو وأهواؤه في البابين بموته وبردود العلماء عليه وما هي ببعيدة عن متناول روّاد الحقائق"(18).
رسالة الحافظ الذهبي لابن تيمية
قال الحافظ شمس الدين الذهبي(19)مؤرخ الشام ومحدثها الكبير في رسالته التي بعثها لابن تيمية ينصحه فيها: "الحمد لله على ذلّتي يا ربِّ ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ عليّ إيماني واحزناه على قلّة حزني، واأسفاه على السُّنة وذهاب أهلها. إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك(20) وعبارتك وتذمّ العلماء وتتّبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول (صلّى الله عليه وآله): "لا تذكروا موتاكم إلا بخير، فإنّهم قد أفضوا إلى ما قدّموا " بل أعرف أنّك تقول لي لتنصر نفسك. يا رجل بالله عليك كفّ عنّا، فإنّك مِحجَاج عليم اللسان لا تقرّ ولا تنام، إياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال: "إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان" وكثرة الكلام بغير زلل، تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفية وتلك الكفريات التي تعمي القلوب، والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟ لنرد عليها بعقولنا، يا رجل! قد بلعت سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم، وتكمن والله في البدن، واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر، وخشية بتذكر، وصمت بتفكر. يا خيبة من اتبعك فإنّه معرض للزندقة والانحلال، ولا سيّما إذا كان قليل العلم والدين باطولياً شهوانياً، لكنّه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه، وفي الباطن عدوّ لك بحاله وقلبه. فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل! أو عاميّ كذّاب بليد الذهن، أو غريب واجم قويّ المكر؟ أو ناشِف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل، يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار؟ إلى كم تعظمها وتصغّر العُبّاد؟ إلى متى تُخاللها وتمقت الزهاد؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح -والله- بها أحاديث الصحيحيْن؟ يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك. بل في كل وقت تغِير عليها بالتضعيف والإهدار، أو التأويل والإنكار، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟ بلى -والله- ما أذكر أنّك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموت. فما أظنّك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي، بل لك همّة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات، وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى أقول البتة سكت، فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الوادّ، فكيف حالك عند أعدائك؟ وأعداؤك -والله- فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء، كما أنّ أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر، قد رضيتُ منك بأن تسبني علانية، وتنتفع بمقالتي سراً، فرحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي، فإنّي كثير العيوب، غزير الذنب، الويل لي إن أنا لا أتوب، وافضيحتي من علام الغيوب! ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين"(21).
ابن تيمية وآية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا}
ادّعى ابن تيمية أنّ القول بنزول قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}(22) في الإمام علي (عليه السلام) كذب.
حيث قال في منهاجه: "وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترىً: أنّ هذه الآية نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل"(23).
وقال: "أجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنـزل في علي بخصوصه، وأنّ علياً لم يتصدق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنّ القصة المروية في ذلك من الكذب الموضوع"(24).
وقال: "جمهور الأمة لم تسمع هذا الخبر"(25).
علماء أهل السنة والجماعة وشأن نزول الآية
1- القاضي الإيجي المتوفى سنة756 هـ ينقل في كتابه المواقف في علم الكلام -وهو من أهمّ متون أهل السنة في علم الكلام وأصول الدين- إجماع المفسرين على نزول الآية المباركة في هذه القضية الخاصة المتعلقة بأمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث قال:"وأجمع أئمة التفسير أنّ المراد علي"(26).
2- الشريف الجرجاني المتوفي سنة 816هـ، قال في كتابه شرح المواقف في علم الكلام: "وقد أجمع أئمة التفسير على أنّ المراد ب: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} إلى قوله تعالى:{وَهُمْ رَاكِعُونَ} علي، فإنّه كان في الصلاة راكعاً، فسأله سائل فأعطاه خاتمه، فنـزلت الآية"(27).
3- سعد الدين التفتازاني المتوفى سنة 793 ه، قال في كتابه شرح المقاصد في علم الكلام: "أنّ قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} نزلت باتفاق المفسرين في علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته"(28).
4- أخرج ابن الأثير في جامع الأصول، عن رزين الحافظ، عن النسائي، ما نصّه: "عبد الله بن سلام - (رضي الله عنه)- قال: أتيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ورهط من قومي، فقلنا: إنّ قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله، وأقسموا لا يكلمونا، فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا}، ثم أذّن بلال لصلاة الظهر، فقام الناس يصلّون، فمن بين ساجدٍ وراكعٍ، إذا سائل يسأل، فأعطاه عليّ خاتمه وهو راكع، فأخبر السائل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقرأ علينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، أخرجه رزين"(29). و"رزين" هو: رزين بن معاوية العبدري، المتوفى سنة 535 هـ كما في سير أعلام النبلاء، وقد وصفه الذهبي ب: "الإمام المحدث الشهير"(30).
5- أخرج ابن أبي حاتم بتفسير الآية، قال: "حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، ثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا}، قال: علي بن أبي طالب.
حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، ثنا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدّق علي بخاتمه وهو راكع، فنـزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}"(31).
6- وأخرج أبو جعفر الطبري قال: "حدثنا إسماعيل بن إسرائيل الرملي قال: ثنا أيوب بن سويد قال: ثنا عتبة بن أبي حكيم في هذه الآية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا}، قال: علي بن أبي طالب.
حدثني الحرث قال: ثنا عبد العزيز قال: ثنا غالب بن عبيد الله قال: سمعت مجاهداً يقول في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية. قال: نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع"(32).
7- قال جلال الدين السيوطي في الدر المنثور: "وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية. قال: "نزلت في علي بن أبي طالب". وقال: وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن سلمة بن كهيل قال: "تصدق علي بخاتمه وهو راكع فنـزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ...} الآية"(33).
8- وقال الآلوسي في تفسير روح المعاني:"وغالب الاخباريين على أنّها نزلت في علي كرم اللّه تعالى وجهه"(34).
وهناك الكثير من المصادر المشهورة عند أهل السنة والجماعة تنص على نزول هذه الآية المباركة في الإمام علي (عليه السلام) بأسانيد معتبرة وصحيحة على مباني أهل السنة والجماعة في علم الرجال.
ولا أدري عن أي إجماع يتكلم ابن تيمية في منهاجه وعن أي كذب حينما قال:"أجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنـزل في علي بخصوصه، وأنَّ علياً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنَّ القصة المروية في ذلك من الكذب الموضوع"(35).
نعم، لعلّ مقصوده إجماع النواصب منهم خاصة، ولكن حينئذٍ لا بد أن يكون ابن تيمية واحداً منهم، لأنّه قال بمقالتهم، واستدل بإجماعهم، وليس ذلك منه ببعيد.
ابن تيمية وآية {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}
ادعى ابن تيمية اتفاق أهل العلم على أنّ الحديث الذي أشار إلى نزول هذه الآية: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}(36) في الإمام علي (عليه السلام)، هو حديث موضوع، حيث قال: "إنّه حديث موضوع باتّفاق أهل العلم"(37).
علماء أهل السنة والجماعة وشأن نزول الآية
1- ذكر الطبري في تفسيره: "حدثنا علي بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب قال: سمعت مكحولاً يقول: قرأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}، ثم التفت إلى علي فقال: سألت الله أن يجعلها أذنك، قال علي (رضي الله عنه): فما سمعت شيئاً من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فنسيته.
حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا بشر بن آدم، قال ثنا عبد الله بن الزبير، قال: ثنا عبد الله بن رستم، قال سمعت بريدة يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لعلي: يا علي إنّ الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي، وحق على الله أن تعي، قال: ونزلت {أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.
حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا الحسن بن حماد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي عن فضيل بن عبد الله عن أبي داود عن داود عن بريدة الأسلمي قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لعلي: إنّ الله أمرني أن أعلمك وأن أدنيك ولا أجفوك ولا أقصيك ثم ذكر مثله"(38).
2- وذكر الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: "حدثني أبي عن أبيه جعفر عن أبيه محمد بن عبد الله عن أبيه محمد عن أبيه عمر عن أبيه علي قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا علي إنّ الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي وأُنزلت هذه الآية: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}، فأنت أذن واعية لعلمي"(39).
3- وذكر الواحدي النيسابوري في أسباب النزول: "حدثنا أبو بكر التميمي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا الوليد بن أبان، أخبرنا العباس الدوري، أخبرنا بشر بن آدم، أخبرنا عبد الله بن الزبير، قال: سمعت صالح بن هشيم يقول: سمعت بريدة يقول: قال رسول الله لعلي: إنّ الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وتعي وحق على الله أن تعي فنـزلت: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}"(40).
4- وأورد الزمخشري في تفسيره الكشاف: "وعن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال لعلي (رضي الله عنه) عند نزول هذه الآية: سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي، قال علي (رضي الله عنه): فما نسيت شيئاً بعد، وما كان لي أن أنسى"(41).
5- وذكر المناوي في الكواكب الدرية: "قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلي: إنّ الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي"(42).
ولا أدري، هل أخرج ابن تيمية هؤلاء العلماء -وغيرهم الكثير-، من أهل العلم، حيث إنّهم لم يتفقوا معه في دعواه: "إنه حديث موضوع باتفاق أهل العلم"(43).
ابن تيمية وآية {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}
ادعى ابن تيمية كذب الأخبار التي دلّت على أنّ هذه الآية الكريمة {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ باللَّيْل وَالنَّهَار سِرًّا وَعَلانِيَةً}(44) نزلت في الإمام علي، حيث قال: "إنّ هذا كذب ليس بثابت،...الخ، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهال...الخ، والجهل في الرافضة ليس بمنكر"(45).
علماء أهل السنة والجماعة و شأن نزول الآية
1- قال الحافظ السيوطي في الدر المنثور في تفسير هذه الآية: "وأخرج عبد الرزاق- وهو شيخ البخاري-، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن عساكر، من طريق عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت له أربعة دراهم، فأنفق بالليل درهماً وبالنهار درهماً وسراً درهماً وعلانيةً درهماً"(46).
2- قال الواحدي في أسباب النزول: "أخبرنا محمد بن يحيى بن مالك الضبي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الجرجاني، قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: حدثنا عبدالوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} الآية، قال: نزلت في علي بن أبي طالب كان عنده أربعة دراهم، فأنفق بالليل واحداً، وبالنهار واحداً، وفي السرّ واحداً، وفي العلانية واحداً.
أخبرنا أحمد بن الحسن الكاتب، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن شاذان قال أخبرنا عبد الرحمان بن أبي حاتم، قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا يحيى بن يمان عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال: كان لعلي (رضي الله عنه) أربعة دراهم بنحو ما تقدم.
قال الكلبي: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لم يكن يملك إلا أربعة الخ"(47).
3- الزمخشري في الكشاف: "عن ابن عباس أنها نزلت في علي (رضي الله عنه)، لم يملك إلا أربعة دراهم، الحديث"(48).
4- وقال فخر الدين الرازي في تفسيره: "بعث علي (رضي الله عنه) بوسق من تمر ليلاً، فكان أحبّ الصدقتين إلى الله تعالى صدقته فنـزلت هذه الآية.
وقال ابن عباس: إنّ علياً ما كان يملك إلا أربعة دراهم، فتصدق بدرهمٍ ليلاً، وبدرهمٍ نهاراً، الحديث"(49).
5- وقال ابن الأثير في أسد الغابة: "أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن أبي الخير الميهني والحسين بن الفرحان السمناني قالا: أنبأنا علي بن أحمد، أنبأنا أبو بكر التميمي، أنبأنا أبو محمد بن حبان حدثنا محمد بن يحيى بن مالك الضبي، حدثنا محمد بن سهل الجرجاني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} الآية، قال: نزلت في علي بن أبي طالب، أنّ عنده أربعة دراهم.... إلخ. ورواه عفان بن مسلم عن وهيب عن أيوب عن مجاهد عن ابن عباس مثله"(50).
6- وأورد القرطبي في تفسيره: "روى عن ابن عباس أنّه قال: نزلت في علي بن أبي طالب، كانت معه أربعة دراهم إلى آخر ما تقدم"(51).
7- وذكر ابن كثير في تفسيره: "قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، أخبرنا يحيى بن يمان عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن ابن جبير، عن أبيه، قال: كان لعلي أربعة دراهم فأنفق...إلخ: فنزلت {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ} الآية. ورواه ابن جرير من طريق عبد الوهاب بن مجاهد. ورواه ابن مردويه بوجه آخر عن ابن عباس «إنها نزلت في علي بن أبي طالب»"(52).
ولا أدري، هل يعتقد ابن تيمية بطلان هذه التفاسير، أو أنّه يرى أصحابها من الكذبة والجهلة والرافضة، حيث إنّه قال: "إنّ هذا كذب ليس بثابت،...الخ، لكنّ هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهال،...الخ، والجهل في الرافضة ليس بمنكر"(53).
ابن تيمية وآية {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}
ادعى ابن تيمية كذب نزول هذه الآية المباركة {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}(54) في شأن الإمام علي (عليه السلام)، حيث قال:"إنّ هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث، فيجب تكذيبه وردّه"(55).
علماء أهل السنة والجماعة و شأن نزول هذه الآية
1- في مسند أحمد بن حنبل -من زيادات ابنه عبد الله-: "حدثنا عبد الله، حدثني عثمان بن أبي شيبة، ثنا مطلب بن زياد، عن السدي، عن عبد خير، عن علي، في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، والهاد رجل من بني هاشم"(56).
2- وفي تفسير الطبري: "وقال آخرون: هو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). ذكر من قال ذلك. حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: ثنا الحسن بن الحسين الأنصاري، قال: ثنا معاذ بن مسلم، ثنا الهروي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وضع (صلّى الله عليه وآله) يده على صدره فقال: «أنا المنذر، ولكل قوم هاد»، وأومأ بيده إلى منكب علي فقال: «أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي»"(57).
3- وفي تفسير الحبري: "حدثنا علي بن محمد، قال: حدثني الحبري، قال: حدثنا حسن بن حسين، حدثني حبان بن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} رسول الله (صلّى الله عليه وآله) {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} علي"(58).
4- وفي المعجم الصغير للطبراني: "حدثنا الفضل بن هارون البغدادي صاحب أبي ثور، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا المطلب بن زياد، عن السدي، عن عبد خير، عن علي كرم الله وجهه في الجنة، في قوله (عزّ وجلّ): {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر والهاد، رجل من بني هاشم. لم يروه عن السدي إلا المطلب، تفرد به عثمان بن أبي شيبة"(59).
5- وفي مستدرك الحاكم: "أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، ثنا حسين بن حسن الأشقر، ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال علي: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، وأنا الهادي. هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"(60).
6- وفي تاريخ ابن عساكر: "أخبرنا أبو علي بن السبط، أنبأنا أبو محمد الجوهري. حيلولة: وأخبرنا أبو القاسم ابن الحصين، أنبأنا أبو علي ابن المذهب، قالا: أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا مطلب بن زياد عن السدي، عن عبد خير، عن علي، في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، والهادي رجل من بني هاشم.
أخبرنا أبو العز بن كادش، أنبأنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي، أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، أنبأنا عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا المطلب بن زياد، عن السدي، عن عبد خير، عن علي، قول الله (عزّ وجلّ): {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، والهادي علي.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا أبو محمد ابن النحاس، أنبأنا أبو سعيد ابن الأعرابي، أنبأنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور، أنبأنا حسين بن حسن الأشقر، أنبأنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله،عن علي، قال في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال علي: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، وأنا الهاد.
وأخبرنا أبو طالب، أنبأنا أبو الحسن، أنبأنا أبو محمد، أنبأنا أبو سعيد ابن الأعرابي، أنبأنا أبو العباس الفضل بن يوسف بن يعقوب بن حمزة الجعفي، أنبأنا الحسن بن الحسين الأنصاري في هذا المسجد -وهو مسجد حبة العرني-، أنبأنا معاذ بن مسلم، عن عطاء بن السائب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال النبي (صلّى الله عليه وآله): أنا المنذر، وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون "(61).
7- وفي مجمع الزوائد: "قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} عن علي (رضي الله عنه) في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، والهادي رجل من بني هاشم. رواه عبد الله بن أحمد، والطبراني في الصغير والأوسط، ورجال المسند ثقات"(62).
8- وفي الدر المنثور: "وأخرج ابن جرير وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي، وابن عساكر، وابن النجار، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وضع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يده على صدره فقال: أنا المنذر، وأومأ بيده إلى منكب علي (رضي الله عنه) فقال: أنت الهادي، يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي.
وأخرج ابن مردويه، عن أبي برزة الأسلمي - (رضي الله عنه)- قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ووضع يده على صدر نفسه، ثم وضعها على صدر علي ويقول: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
وأخرج ابن مردويه، والضياء في المختارة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في الآية، قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، والهادي علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، والحاكم -وصححه- وابن مردويه، وابن عساكر، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، وأنا الهادي. وفي لفظ: والهادي رجل من بني هاشم، يعني نفسه"(63).
9- وفي شواهد التنزيل: "حدثني الوالد رحمه الله، عن أبي حفص ابن شاهين، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي وإبراهيم بن خيرويه، قالا: حدثنا حسن بن حسين. وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد العزيز الجوري، قال: أخبرنا الحسن ابن رشيق المصري، قال: حدثنا عمر بن علي بن سليمان الدينوري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن ازداد الدينوري، قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي، وضرب بيده إلى صدر علي فقال: أنت الهادي من بعدي، يا علي، بك يهتدي المهتدون.
أخبرنا أبو يحيى الحيكاني، قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن الحسين بالكوفة قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن الحسين، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا معاذ ابن مسلم الفراء، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أشار رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيده إلى صدره فقال: أنا المنذر {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ثم أشار بيده إلى علي فقال: يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي.
أخبرنا أبو بكر ابن أبي الحسن الهاروني، قال: أخبرنا أبو العباس ابن أبي بكر الأنماطي المروزي، أن عبد الله بن محمد بن علي بن طرخان حدثهم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الأعلى بن واصل، قال: حدثنا الحسن الأنصاري -وكان ثقة معروفا يعرف بالعرني-، قال: حدثنا معاذ بن مسلم بياع الهروي -قال عبد الأعلى: وهذا شيخ روى عنه المحاربي-، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أنا المنذر وعلي الهادي، ثم قال: يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي.
حدثني أبو القاسم بن أبي الحسن الفارسي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن القاسم المحاربي، قال: حدثنا القاسم بن هشام بن يونس، قال: حدثني حسن بن حسين، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ووضع يده على صدره، ثم قال: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وأومأ بيده إلى منكب علي، ثم قال: يا علي، بك يهتدي المهتدون.
حدثني أبو سعد السعدي، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ ببغداد، قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن القاسم، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني، قال: حدثنا حسن بن حسين به سواء، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أنا يا علي المنذر، وأنت الهادي، بك يهتدي المهتدون بعدي.
وأخبرنا أبو سعد، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ ببغداد، قال: حدثني أبو بكر محمد بن الفتح الخياط، قال: حدثنا أحمد ابن عبد الله بن يزيد المؤدب، قال: حدثني أحمد بن داود -ابن أخت عبد الرزاق-، قال: حدثني أبو صالح، قال: حدثني بعض رواة ليث، عن ليث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ليلة أُسري بي ما سألت ربي شيئاً إلا أعطانيه، وسمعت منادياً من خلفي يقول: يا محمد، إنما أنت منذر ولكل قوم هاد. قلت: أنا المنذر، فمن الهادي؟ قال: علي الهادي المهتدي، القائد أمتك إلى جنتي غراً محجلين برحمتي.
حدثنا الجوهري، قال: حدثنا المرزباني، قال: أخبرنا علي ابن محمد الحافظ، قال: حدثني الحبري، قال: حدثنا حسن بن حسين، قال: حدثنا حبان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: هو علي.
وقال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: أنبأني أبو الجارود، عن أبي داود، عن أبي برزة، قال، سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ثم يرد يده إلى صدره، ثم يقول: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ويشير إلى علي بيده.
أخبرنا عقيل بن الحسين، قال: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا محمد بن الطيب السامري بها، قال: حدثنا إبراهيم بن فهد، قال: حدثنا الحكم بن أسلم، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} يعني: رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وفي قوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: سألت عنها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال: إن هادي هذه الأمة علي بن أبي طالب.
حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ إملاء وقراءة، قال: أخبرني أبو بكر ابن أبي دارم الحافظ بالكوفة، قال: أخبرنا المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد اللخمي من أصل كتابه، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد، قال: حدثني أبي سعيد بن أبي الجهم، عن أبان بن تغلب، عن نفيع بن الحارث، قال، حدثني أبو برزة الأسلمي، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ووضع يده على صدر نفسه، ثم وضعها على يد علي وقال: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}.
قال الحاكم: تفرد به المنذر بن محمد القابوسي بإسناده، وهو من حديث أبان عجب جداً.
أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال أخبرنا أبو بكر الجرجرائي، قال: أخبرنا أبو أحمد البصري، قال: حدثنا أحمد بن عباد، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا أبو الجارود زياد بن المنذر، عن أبي داود، عن أبي برزة الأسلمي، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ثم ضرب يده إلى صدره، {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ويشير إلى علي.
أخبرنا الحاكم الوالد، قال: أخبرنا أبو حفص، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، وعمر بن الحسن، قالا: أخبرنا أحمد بن الحسن.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي الحسن الحافظ، أنّ عمر بن الحسن بن علي ابن مالك أخبرهم، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الخراز، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حصين بن مخارق، عن حمزة الزيات، عن عمر بن عبد الله ابن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده، قال: قرأ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} فقال: أنا المنذر، وعلي الهادي. لفظاً واحداً.
أخبرنا أبو الحسن النجار، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا الفضل ابن هارون، قال: حدثنا عثمان. وأخبرنا أبو الحسن الأهوازي، قال: أخبرنا أبو الحسن الشيرازي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا مطلب بن زياد الأسدي، عن السدي، عن عبد خير، عن علي في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قال: رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنذر، والهادي رجل من بني هاشم. ساقاه لفظاً سواء وقالا: قال: تفرد به عثمان.
وأخبرنا أبو عبد الله، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة به كلفظه.
أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: حدثنا محمد بن إسحاق المسوحي، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن صالح، قال: حدثنا المطلب، قال: حدثنا السدي، عن عبد خير، عن علي، في قوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}، قال: المنذر النبي، والهادي رجل من بني هاشم. يعني نفسه.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن علي، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى، قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي -سنة ست عشرة ومائتين-، قال: حدثنا قيس بن الربيع، ومنصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، قال: قال علي: ما نزلت من القرآن آية إلا وقد علمت في من نزلت، قيل: فما نزل فيك؟ فقال: لولا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، نزلت في هذه الآية: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} فرسول الله المنذر، وأنا الهادي إلى ما جاء به.
حدثني أبو الحسن الفارسي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن علي بن رزين الباشاني، قال: حدثنا عبد الله ابن الحرث، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير، قال: حدثني أبي، عن حكيم بن جبير، عن أبي برزة الأسلمي، قال: دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالطهور وعنده علي بن أبي طالب، فأخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيد علي -بعدما تطهر- فألزقها بصدره، فقال: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ثم ردها إلى صدر علي ثم قال:{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، ثم قال: إنك منار الأنام، وراية الهدى، وأمين القرآن، أشهد على ذلك أنك كذلك.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الحرضي، قال: حدثنا يحيى بن منصور القاضي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عراك بن خالد، قال: حدثنا يحيى بن الحارث، قال: حدثنا عبد الله بن عامر، قال: أزعجت الزرقاء الكوفية إلى معاوية، فلما أُدخلت عليه قال لها معاوية: ما تقولين في مولى المؤمنين علي، فأنشأت تقول:
صلى الإله على قبر تضمنه
نور فأصبح فيه العدل مدفونا
من حالف العدل والإيمان مقترناً
فصار بالعدل والإيمان مقرونا
فقال لها معاوية: كيف غرزت فيه هذه الغريزة؟ فقالت: سمعت الله يقول في كتابه لنبيه: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} المنذر رسول الله، والهادي علي ولي الله. أخبرنا السيد أبو منصور ظفر بن محمد الحسيني، قال: حدثنا ابن ماني، قال: حدثنا الحبري، قال: حدثنا حسن بن الحسين العرني، قال: حدثنا علي بن القاسم، عن عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه، في قول الله (عزّ وجلّ): {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، قال: محمد المنذر، وعلي الهاد"(64).
هذا غيض من فيض مما كذبه وأنكره ابن تيمية في منهاجه من فضائل ومناقب وردت في حق الإمام علي (عليه السلام) بصريح وصحيح السنة النبوية، فكان حري بابن تيمية أن يُسمي كتابه [منهاج مخالفة السنة النبوية] فحينها سيحكم الباحث على كتابه بالصدق والإنصاف.
والحمد لله رب العالمين.
* الهوامش:
(1) وهو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القسم بن تيمية الحراني الحنبلي، المعروف عند قومه بشيخ الإسلام، وهو الذي جدد دعوة التيار السلفي المتشدد في القرن السابع الهجري، وهو وجماعته يلتزمون فقهيا بالمذهب الحنبلي، وينتمون عقائدياً إلى الحشوية والمجسمة والمشبهة التي تعتمد على شواذ الأخبار لتأسيس البعد العقائدي. والحشوية الحنبلية جماعة سلفية متشددة تكفر كل من يخالف منهجها الفقهي والعقائدي من شيعة وسنة.
(2) منهاج السنّة 3 / 445 - 450.
(3) منهاج السنة 1 / 21.
(4) منهاج السنة 3: 269.
(5) منهاج السنة 2: 84.
(6) راجع منهاج السنة 2: 202 - 205، 232 – 234.
(7) منهاج السنة 2: 203.
(8) منهاج السنة 3: 156.
(9) لسان الميزان 6/319.
(10) سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/443 ح1750.
(11) سلسلة الأحاديث الصحيحة 5 / 263 ح 2223.
(12) الحقائق الجلية، ص 47.
(13) الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية ص 5.
(14) مرآة الجنان ج4 ص277.
(15) دفع الشبه عن الرسول للحصيني الدمشقي ص 83.
(16) إشارة إلى كلام ابن تيمية في حق الإمام علي (عليه السلام): أخطأ في سبعة عشر شيئاً، ثم خالف فيها نص الكتاب....
(17) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1 / 154 - 155.
(18) مقدمة كتاب السيف الصقيل للسبكي ص7.
(19) وهو الذي سلك مسلك ابن تيمية في دفاعه عن جرائم بني أمية وتبرير مثالب معاوية بن أبي سفيان.
(20) الشَّقاشِق هي جمع الشِّقْشِقةُ، وهي: لَهاةُ البعير، ولا تكون إلا للعربيّ من الإِبل، وقيل: هي شيء كالرِّئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج، ومنه سُمّي الخطباء شَقاشِقَ، شَبَّهوا المِكْثار بالبعير الكثير الهَدْرِ. لسان العرب،ج10، ص181.
(21) راجع تكملة السيف الصقيل للشيخ محمد زاهد الكوثري ص 190.
(22) سورة المائدة الآية 55.
(23) منهاج السنة 2 / 30.
(24) منهاج السنة 7 / 11.
(25) منهاج السنة 7 / 17.
(26) المواقف في علم الكلام: 405.
(27) شرح المواقف في علم الكلام: 8/360.
(28) شرح المقاصد 5 / 170.
(29) جامع الأصول 9 / 478.
(30) سير أعلام النبلاء 20 / 204.
(31) تفسير ابن أبي حاتم الرازي 4 / 1162.
(32) تفسير الطبري 6 / 186.
(33) الدر المنثور في التفسير المأثور 2 / 293.
(34) تفسير روح المعاني 6 / 168.
(35) منهاج السنة 7 / 11.
(36) سورة الحاقة، الآية 12.
(37) منهاج السنة 7 / 522.
(38) تفسير الطبري: 29 / 31.
(39) حلية الأولياء: 1 / 67.
(40) أسباب النزول ص 339.
(41) الكشاف: 4 / 134.
(42) الكواكب الدرية، ص 39.
(43) منهاج السنة 7 / 522.
(44) سورة البقرة، الآية 274.
(45) منهاج السنة 7 / 228 - 231.
(46) الدر المنثور 1 / 363.
(47) أسباب النزول ص 64.
(48) الكشاف: 1/ 164.
(49) التفسير الكبير: 7/89.
(50) أسد الغابة: 4/25.
(51) تفسير القرطبي: 3/ 347.
(52) تفسير ابن كثير: 1/ 326.
(53) منهاج السنة 7 / 228 - 231.
(54) سورة الرعد، الآية 7.
(55) منهاج السنة 7 / 139.
(56) مسند أحمد بن حنبل 1 / 126.
(57) تفسير الطبري 12 / 72.
(58) تفسير الحبري: 281.
(59) المعجم الصغير 1 / 261.
(60) المستدرك على الصحيحين 3 / 129.
(61) تاريخ ابن عساكر:2 / 415 - 417.
(62) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 7 / 41.
(63) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 4 / 45.
(64) شواهد التنزيل إلى قواعد التفضيل 1 / 381 - 395.
0 التعليق
ارسال التعليق