بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْم، اللهمَّ صلِّ علَى محمدٍ وآلِ محمدٍ.
عَظُمَ مقامُه حتى فاقَ الملائكةَ والنبيين، وسمَتْ فضائلُه حتى شابَهَ فيها سيدَ المرسلِين، واقتربَ مِنَ الحقِّ تعالى حتى جعلَه القاسمَ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ فمفاتيحهما بيدِه، ومَنْ يكونُ مقامُه هكذا فهو آمنٌ مأمون، ضامنٌ لرضا اللهِ تعالى، لا يخافُ شيئاً ولا يخشَى، فما بعدَ رضا اللهِ رضا، ولا بعدَ كرامتِه كرامة. ولكنه (عليه السلام) قدْ ملأ ليلَه ونهارَه بالعبادةِ والخضوع، والصلاةِ والخشوع، وامتلأت نفسُه مِنْ هيبةِ اللهِ وعظمتِه، وعمَّ كيانَه خوفُ المعاد، ما جعلَه ساهرَ الليل، قائماً في محرابِه، قابضاً على لحيتِه، يتململُ تململَ السليم، ويبكي بكاءَ الحزين وهو يقولُ: «يا دنيا، يا دنيا، إليك عني، أبي تعرضتِ، أمْ إليَّ تشوقتِ: لا حانَ حينُكِ، هيهاتَ غرِّي غيري. لا حاجةَ ليْ فيكِ. قدْ طلقتُكِ ثلاثاً لا رجعةَ فيها. فعيشُكِ قصير، وخطرُكِ يسير، وأملُكِ حقير. آه من قلةِ الزاد، وطولِ الطريق، وبُعْدِ السفر، وعظيمِ المورد».
هذا هو حالُ إمامِ المتقين وأميرِ المؤمنين وسيدِ الوصيين، فكيف يجبُ أنْ يكونَ حالُ الغارقين في الذنوبِ والمعاصي، ولم يهيؤا زاداً للسفر وبُعْده، والطريقِ وطوله.
إن من يَحسِبُ نفسَه في عدادِ الموالين والمحبين والمتشيعين لهذا الإمام العظيم، ثم يرى الفارقَ الكبيرَ بينَه وبين إمامِه وقدوتِه يحقُّ لهُ أنْ يموتَ حياءً منه (عليه السلام)، فإليكَ يا سيِّدي ومولاي نتوسلُ ونعتذرُ مِنْ جرأتِنا في الانتساب إليك، فاقبلنا أتباعاً وموالينَ وشيعة، فأنتَ بابُ اللهِ الذي منه يرِدُ المؤمنون. والسلامُ عليْكَ يومَ وُلدتَ في بيتِ الله، ويومَ جاهدتَ في سبيلِه، ويومَ استشهدتَ في محرابِ بيتِه، ويومَ تُبعثُ حيَّا.
0 التعليق
ارسال التعليق