إنّ على العالم الإسلامي أن يفي بالتزاماته إذا ما أراد أن يأخذ بيد الأمة الإسلامية على الطريق الصحيح نحو النصر، وعلى رأس هذه الالتزامات الوحدة الإسلامية والانسجام الإسلامي.
إنّ دقّ إسفين الخصومة بين الأشقّاء ليس سوى خطةً دأب عليها الاستكبار منذ القدم، فشعاره: «فرّق تَسُد»، وهي سياسة قديمة، ومع معرفتنا جميعاً بهذه القضية فإن البعض بوسعه استخدام نفس هذه السياسة للأسف الشديد، ونحن في غفلة عن ذلك جرّاء الأهواء النفسية والتحليلات الخاطئة وانعدام النظرة الثاقبة، وترجيح المصالح الشخصية أو المصالح قصيرة الأمد على المصالح بعيدة المدى.
إنّ سياسة الاستكبار اليوم تتركز في إيقاع الصِدام والتناحر بين الفلسطيني والفلسطيني، والعراقي والعراقي، والمسلم الشيعي والمسلم السنّي، وبين العربي وغير العربي، وهي سياسة معروفة.
إنّ من الواجب على الجميع أن يتخلّصوا من هذا الداء أولاً وقبل كل شيء، ونحن من جانبنا نعتقد أنّ الوحدة بين الأمة الإسلامية ضرورة أساسية؛ ولذلك فقد أطلقنا على هذا العام (عام الوحدة الوطنية والانسجام الإسلامي).
إنّ الانسجام الإسلامي ناظرٌ إلى كافة بقاع العالم الإسلامي في وجه من الوجوه.
لابدّ من الانسجام بين الجميع، ولابدّ من مساعدة البعض للبعض الآخر، سواء أكان ذلك على مستوى الحكومات أو الشعوب الإسلامية، ويمكن أن يكون للحكومة الإسلامية نصيبٌ ودورٌ فاعلٌ في الاستفادة من استعداد وقابلية الشعوب الإسلامية لتحقيق هذه الوحدة الكبرى.
على أنّ ثمة عراقيل تعوق مشروع الوحدة، وفي مقدمتها الرؤية غير الواضحة، وعدم وقوف البعض على حقائق الأمور، وانعدام الصلة بين الأشقّاء، وشكّ الواحد في الآخر، والجهل بآراء وأفكار الجانب الآخر، كما هو شأن الشيعي مع السنّي، والسنّي مع الشيعي، وهذا الشعب المسلم مع الشعب المسلم الآخر، والجار مع الجار، وسوء التفاهم الذي يستغله الأعداء بشدة ودهاء.
وللأسف فإن البعض يقع في حبائل الأعداء ويصبح لعبةً في أيديهم بسبب سوء الفهم وسوء التحليل والجهل بحقيقة الخطة العدائية.
فأحياناً يندفع المرء للكلام من أجل الرغبة في تحقيق هدف صغير ومحدود، فيكوّن لنفسه رأياً ويتخذ موقفاً يستغله الأعداء في تنفيذ خطّتهم العامة، وشقّ الصف وتعميق الهوّة بين الأشقّاء.
إنّ الوحدة هي الدواء الناجع لكل أدواء العالم الإسلامي اليوم، فعلى الجميع أن يتّحدوا.
إنّ على علماء ومفكّري المسلمين أن يتكاتفوا على وضع دستور للوحدة الإسلامية، وأن يُصدروا بياناً بهذا الشأن؛ حتى لا يتجرّأ أولئك الجهلاء المتعصّبون المنتمون إلى تلك الفرقة الإسلامية أو ذلك التيار على تكفير غالبية المسلمين واتّهامهم بالخروج عن الإسلام بكل يُسر وحرية.
إنّ التاريخ يطالب المثقفين والعلماء الإسلاميين اليوم بأمور عدّة، وفي مقدمتها إصدار مثل ذلك البيان.
إنّ الأجيال القادمة لن تغفر لكم إذا لم تحققوا هذا الإنجاز. ألا تشعرون بعداء الأعداء وكيف يبذلون قصارى جهدهم لمحو الهوية الإسلامية وشقّ الصف الإسلامي؟! اجلسوا وفكروا في العلاج، ولترجّحوا الأصول على الفروع.
من خطاب له في مولد
الرسول(ص) لعام1428هـ.ق
0 التعليق
ارسال التعليق