مدخلٌ بين يدي البحث:
الحمد لله رب العالمين حمداً يليق بجماله، والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، وعترته الأطيبين الأنجبين.
الساعة:هي أعظم حدَثٍ يستقبل البشرية، وهي حدَثٌ قريبٌ في هذه الحقبة الزمنية من تاريخ الإنسان؛ فقد لاحق لوائحه ونُذُره، وتتالت طلائعه وأعلامه، وقد رُوي أنّ النبي(ص) كان إذا ذكر الساعة في خُطَبه اشتدّ صوته، واحمّرت وجنتاه وهو يقول:(صبحتكم الساعة أو مسّتكم)(1) كنايةً عن قربها ومفاجأتها!
وقال أمير المؤمنين علي(ع) في خطابٍ له:(وأنتم والساعة في قَرنٍ، وكأنّها قد جاءت بأشراطها، وأزفت بأفراطها)(2).
وهو اقتباسٌ من قوله سبحانه:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}(3).
والآية تقول لنا {قَدْ جَاْءَتْ أَشْرَاْطُهَا} بصيغةٍ تحقيقيةٍ تامةٍ، ولغة نذارةٍ صريحةٍ وبليغةٍ.
وهذه النصوص الشريفة تثير لنا بحثاً قرآنياً وروائياً مهماً قد اعتنت به الآيات والروايات كثيراً، ألا وهو بحث (أشراط الساعة).
وأشراط الساعة هي علاماتها، ومقدّمات القيامة وإرهاصاتها، لأنه الشَرَط أو الشرْط بمعنى العلامة.
والباحث يجد أن علامات القيامة كثيرةٌ جدّاً ومتنوعةٌ، وهذه الكثرة وهذا التنوع يدلاّن على أمرين:
الأول:عظمة هذا اليوم واستثنائيته، هذا الذي يقول فيه أمير المؤمنين علي(ع):(وكلّ شيءٍ من الدنيا سماعه أعظم من عيانه، وكلّ شيءٍ من الآخرة عيانه أعظم من سماعه!! فليكفكم من العيان السّماع، ومن الغيب الخبر)(4).
وهذا هو نبأ القرآن إذ يقول:{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(5).
الثاني:خطورة هذا اليوم بالنسبة للإنسان، فتتالى له العلامات وتتنوع إنذاراً بعد إنذارٍ، وتذكيراً مع تذكيرٍ، حتى يتهيأ علمياً وروحيّاً وعملياً لاستقبال ذاك العالم الذي هو مقرّه الأبدي، ومصيره الحتمي، وهو حياته الحقيقية.
وأساساً اشتراط الساعة شُخّصت حيث لا توقيت لحدث القيامة، فلا يعلم بوقتها أحدٌ من الخلق، حتى أشرف الخلق من المرسلين، والأمين على اللوح المحفوظ من الملائكة والمقرّبين؛ بعد أن استأثر الله سبحانه بعلم الساعة، فعلم الساعة من الغيب المستأثر المحجوب كما صرّح القرآن بذلك وأكّده مراراً؛ ففي سورة الأحزاب يقول سبحانه:{يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً}(6).
وفي سورة الأعراف تصريحٌ أكثر وبسطٌ أكبر إذ قال سبحانه:{يَسَأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسَأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(7).
وهكذا في سورة لقمان والزخرف والملك والجن والنازعات، وربما غيرها، وهكذا في الأخبار الشريفة يُسأل النبي(ص) أو يُسأل جبرئيل الأمين(ع) عن الساعة فيقول:(ما المسؤول أعلم بها من السائل إنما علمها عند الله)(8).
ولعلّ سر خفاء يوم القيامة شبيهٌ بسرّ آجال البشر التي جعل الله عز وجل أيضاً لا تأتيهم إلاّ بغتة، فإنه قرارٌ إلهيٌّ عزيزٌ وحكيمٌ؛ إذ هو قرار استعلاءٍ وكبرياءٍ، وقرار اختبارٍ وتربيةٍ ليكون الإنسان على استعدادٍ للقاء الله.
على أن أشراط الساعة لها معطياتٌ أخرى تضاف إلى كونها أشراطاً ليوم القيامة ومؤشراتٍ على عظمته وخطورته كما سوف تعرف إن شاء الله.
تصنيفٌ لعلامات القيامة:
لو أردنا تصنيفاً لعلامات الساعة رغم كثرتها وتنوعها لأمكننا أن نبرز لها ثلاثة أصنافٍ، على أن هذا الإحصاء ليس من باب تمام الاستقصاء، وإنما هو إبرازٌ لأصنافٍ شاخصةٍ أمامنا، والأصناف الثلاثة هي:
1ـ أحداثٌ تاريخيةٌ مهمّةٌ وعالميةٌ.
2ـ ظواهر اجتماعيةٌ شاذةٌ ومنحرفةٌ تكشف عن مستوى الانحطاط في آخر مراحل الدنيا.
3ـ تغيّراتٌ كونيةٌ مدمّرةٌ تنذر باضمحلال هذا النظام الكوني الدنيوي، وتبدّل النشأة بنشأةٍ أخرى.
الصنف الأول: الأحداث التاريخية المهمة والعالمية:
ونبدأ بذكر حدثين هما الأبرز من بين كل الأحداث، وهما:
الحدث الأول: -وهو الأهم- ظهور النبوة الخاتمة المتمثلة في شخص النبي محمد(ص)؛ ولذا جاء في الحديث الذي روى مضمونه الفريقان في كتب التفسير والحديث:(بعثت أنا والساعة كهاتين -وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى- ثمّ قال:والذي نفسي بيده إني لأجد الساعة بين كتفيَّ).
وفي حديثٍ آخر عنه(ص):(بُعثت والساعة كفرسي رهانٍ يسبق أحدهما صاحبه بأُذن، إن كانت الساعة لتسبقني إليكم).
وقال أمير المؤمنين(ع) في خطبةٍ له في نهج البلاغة:(إنّ الله جعل محمداً عَلَماً للساعة، ومبشّراً بالجنة، ومنذراً بالعقوبة)(9).
وذهب كثيرٌ من المفسرين إلى أن آية أشراط الساعة وهي:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}(10) -وهي الآية الوحيدة في القرآن التي عنونت علامات الساعة- هذه الآية أساساً تريد الإشارة إلى أولى علامات القيامة وهي ظهور شخص النبي الأكرم(ص) ونبوّته الخاتمة، ولذلك جاءت بصيغة التحقيق الواقعة -كما تقدّمت الإشارة- فقالت:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}؛ أي ابتدأت علامات القيامة.
وربما كان التعبير بالجمع إشارةً إلى حصول علاماتٍ أخرى أيضاً، كما قيل بأنّ شقّ القمر -وهو معجزةٌ من معاجز النبوة الخاتمة- من أشراط الساعة أيضاً كما نوّه بذلك القرآن بقوله:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}(11) فلاحظ التقارب بينهما في الذكر.
ولسائلٍ أن يسأل:أين ظهور النبي(ص) وأين القيامة؟
وقد مرّ إلى الآن خمسة عشر قرناً ولم تأت القيامة بعد، فكيف يكون هذا الأمر علامةً على اقتراب القيامة؟!
ولنا أن نجيب:بأنّ هذا الأمر هو أمرٌ نسبيٌّ؛ فبالنسبة إلى عمر الإنسانية المديد النبوة الخاتمة هي آخر المطاف الإنسانيّ، وأمّا بالنسبة لنا فإننا نستقبل علاماتٍ أشدّ قرباً إلى يوم القيامة، ومنها الحوادث التاريخية الأخرى التي سوف نذكرها، وفي الخبر أنّ النبي(ص) كان يخطب في أصحابه قبيل الغروب فقال:(والذي نفس محمدٍ بيده، ما مثل ما مضى من الدنيا فيما بقي منها إلاّ مثل ما مضى من يومكم هذا فيما بقي منه، وما بقي منه إلاّ اليسير)(12).
ثمّ إنّ هذه العلامة (وهي ظهور النبوة الخاتمة) فيها إيحاءٌ خاصٌّ بها؛ إذ أنّ هنا ملاحظةٌ، وهي أنّ كلّ صنفٍ من أصناف أشراط الساعة، بل كل شرطٍ منها له دلالاته وإيحاءاته الخاصّة به، رغم اشتراكها جميعاً في كونها مقدمة للعالم الآخر، وعلامة على القيامة الكبرى، وهذا ما سنلاحظه.
والإيحاء الخاص هنا هو أنّ هذه المرحلة التشريعية هي غاية الكمال التشريعي، ولهذا انتُخبت له صفوة البشر وأكمل الخلائق وهم النبي وأهل بيته(ع).
الحدث التاريخي الآخر:
ممّا عُدّ من أشراط الساعة أيضاً -كما في الأخبار- ظهور وارث الأنبياء، وخاتم الأئمة والأوصياء المنتظر المهدي (أرواحنا فداه)، وقيام الدولة الإلهية العالميّة.
والروايات تشير إلى أنّ استكمال هذا الحدث هو حقّاً غاية النضج البشري، والكمال الديني والإنساني، وربّما كان هذا هو الإيحاء الخاص لهذه العلامة.
حوادث تاريخية أخرى قبيل الساعة:
ودون ذينك الحدثين هناك حوادث أخرى عديدةٌ سوف تقع أيضاً بين يدي الساعة، ومن هذه الحوادث ما يشير إليه هذا المقطع القرآنيّ من سورة النمل:
{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاؤُ قَالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ}(13).
وهذا المقطع الشريف يشتمل على ذكر حدثين من أحداث المستقبل؛ أحدهما لا شكّ في كونه من آخر أحداث الدنيا وطلائع الآخرة، وهو خروج دابة الأرض، والآخر وقع الكلام بين المسلمين في كونه من وقائع الدنيا أم من وقائع الآخرة؛ وهو حشر أفواجٍ وجماعاتٍ محددةٍ ومميزةٍ من الأمم وهي رموز الكفر ورؤوس الضلال، فهل هي رجعةٌ لهم في الدنيا فتكون من أشراط الساعة، أم هو حشرٌ خاصٌّ لأئمة الكفر والفساد في يوم المحشر؟
فهنا وقفتان:
الوقفة الأولى: دابّة الأرض آخر الآيات والبيانات السماويّة:
بحسب بعض الأخبار وبيانات المفسّرين يكون وقتٌ في آخر الزمان تستقرّ فيه نفوس أهل الإيمان على إيمانها، ونفوس أهل الانحراف والتكذيب على ضلالها وعنادها، وذلك في علم الله، فيختم على هؤلاء وهؤلاء، ويرتفع التكليف بالنسبة للمكذّبين لارتفاع موضوعه، وتحقّ عليهم كلمة العذاب؛ وهو قوله سبحانه:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} أي تنجّزت فيهم كلمة الله، وتحقق فيهم وعده وأمره بالجزاء والعقوبة، فحينئذٍ يُخرج الله لهم دابّةً من الأرض آيةً خارقةً، وهي تكلّم الناس بخطاب السماء -كما يفعل الأنبياء(ع)- {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}، لكنها -كما في الأخبار- تملك قدرةً إلهيةً قاهرةً وبرهاناً حقّاً ظاهراً، فتكون آيةً في قدرتها، وآيةً في برهانها، وتكون بذلك ظاهرةً قاهرةً للناس، وتسمهم بحقيقتهم وسماً إلهياً على جباههم ونواحيهم، هذا مؤمنٌ وهذا كافرٌ حتى يمتازوا، فيخضع لها كل من يراها، ويستسلم لأمر الله، ويحصل عنده اليقين، بأنّ وعد الله حقٌّ، وأنّ آية القيامة قد أقبلت.
ولكن أبواب التوبة توصد آنئذٍ؛ لأنّ الإيمان إنما يقع اضطراراً حينها، لا اختياراً وطواعيةً، وهذا كما يكون في يوم الجزاء لكل الخلائق كما أخبر بذلك القرآن الصادق:{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}(14).
لكنّ المحدثين والمفسرين اختلفت نقولاتهم في تشخيص هوية هذه الدابة الإلهية وصفاتها، ففي أخبار العامة أنها كائنٌ غريبٌ أشبه بالحيوانات والطيور، لكنّه يفعل فعل البشر ويقابلهم ويكلّمهم، ثمّ تناقضت أوصافه عند الناقلين.
وأمّا أخبار أصحابنا عن أئمة أهل البيت(ع) فقد اشتمل العديد منها على تطبيق هذا الكائن المرسل من الله على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)؛ إذ يرجعه الله عز وجل ضمن أفواج الصالحين من البشر، فتكون هذه الحادثة مندمجةٌ مع حادثة الرجعة التي سنشير إليها في الوقفة الثانية، وبذلك يتشكل انسجامٌ وارتباطٌ بين هذه الآية والآية التي تليها من هذا المقطع الشريف.
ففي التفسير الأمثل للفقيه الشيخ مكارم الشيرازي مع نخبةٍ من العلماء أشار المصنف حفظه الله إلى كثرة الروايات الواردة بهذا التطبيق عندنا، ونقل بعضها، وقال في ضمن عرضه:(وينقل العلامة المجلسي(ره) في بحار أنواره بسندٍ معتبرٍ عن الإمام الصادق(ع) قال:(انتهى رسول الله(ص) إلى أمير المؤمنين(ع) وهو نائمٌ في المسجد قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحرّكه برجله ثم قال:قم يا دابّة الأرض، فقال رجلٌ من أصحابه:يا رسول الله أيُسمى بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ فقال:لا والله ما هو إلاّ له خاصةٌ، وهو الدابة الذي ذكره الله في كتابه فقال:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}، ثمّ قال:يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورةٍ ومعك ميسمٌ تسم به أعداءك)(15).
والعلامة الطباطبائي(ره) أيضاً نقل هذه الرواية في بحثه الروائي في الميزان ثمّ قال:والروايات في هذا المعنى كثيرةٌ من طرق الشيعة، انتهى.
وجملةٌ من القرائن من داخل الآية الكريمة ومن خارجها ممّا ورد حتى في أخبار العامّة تؤيد كون المرسل إنساناً عظيماً، فلاحظ البحوث التفسيرية في (الأمثل) وغيره.
ولا تستوحش من استخدام مفهوم الدابة في هذا المورد؛ لأنّ كلمة الدابّة وإن كان الأغلب في الألسن استخدامها في غير الإنسان، لكنّها في الاستعمال القرآني استخدمت مراراً فيما يعمّ الإنسان وغيره؛ من قبيل قوله سبحانه:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا}(16).
وقوله سبحانه:{وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً}(17).
وغير ذلك مما يوافق المعنى اللغوي للكلمة كما لا يخفى.
ولعلّ هذا الاستخدام في آية البحث كان لغرض إخفاء هوية المرسل في العرض القرآني، كما هو الشأن في جملةٍ من القضايا العقائدية الحساسة بين المسلمين كقضية الإمامة وتعيين شخص الإمام؛ وذلك لأغراضٍ هامّةٍ متصورةٍ ذكرها بعض الباحثين ولا نطيل بذكرها في المقام، والله سبحانه هو العالم بحقائق الأحداث، وله المشيئة الكاملة في خلقه.
الوقفة الثانية: الحشر الخاص أو العقيدة بالرجعة:
الحدث الثاني الذي جاء ذكره في المقطع الشريف المذكور من سورة النمل هو قوله سبحانه:{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ}(18).
وقد ذكر مفسرو العامة أنّ هذه الآية تختلف مورداً عن الآية التي سبقتها وإن كانتا في سياقٍ ذكريٍّ واحدٍ، فإنّ هذه الآية انتقلت من علامات الساعة إلى حدثٍ من أحداث يوم القيامة؛ ألا وهو حشر فئاتٍ خاصةٍ من كل أمةٍ تمثل أئمة الكفر إمّا قبل الحشر العام لكونهم السابقين إلى النار، أو بعده إذ المراد به حينئذٍ الحشر للعذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق، فهو حشرٌ بعد حشرٍ.
وأمّا علماؤنا من مدرسة أهل البيت(ع) فقالوا:هذا خلاف ظاهر الآية الكريمة، وناقشوا بنفس ما رواه القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن أبي عبد الله(ع) قال:(ما يقول الناس في هذه الآية:{يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً}؟قلت:يقولون إنه في القيامة.قال:ليس كما يقولون، إنها في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كلّ أمّة فوجاً ويدع الباقين؟! إنما آية القيامة {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} (19)، (20).
واعتقد جلّ علمائنا أنّ الآية من آيات الرجعة التي تعني رجوع فئاتٍ خاصّةٍ بعد موتهم بقدرة الله في آخر الزمان، ممّا يعدّ عَلَما من أعلام الساعة.
والذي يؤيد ويدعم هذا الظهور في الآية الكريمة هو وقوعها في سياقٍ يتحدّث عن علامات القيامة ومقدّماتها، فقبلها كانت آية الدابّة، وبعدها آية النفخ في الصور قبل الحشر، فكيف يتحدّث القرآن عن بعض تفاصيل الحشر، ثمّ يتبعها بالحديث عن النفخ في الصور قبل قيام الناس للحشر؟!
وعلى كلّ حالٍ فالعقيدة بالرجعة عندنا لا تستند فقط إلى هذا الظهور القرآني الذي هو قابلٌ للتأويل، بل تستند أيضاً إلى عشرات الروايات الصحيحة عن أئمة أهل البيت(ع)، حتى قال العلامة المجلسي(ره) في بحار الأنوار وهو في مقام استعراض المصادر الحديثية المختلفة لهذه العقيدة:
(وكيف يشكّ مؤمنٌ بحقية الأئمة الأطهار فيما تواتر عنهم في قريبٍ من مائتي حديثٍ صريحٍ، رواها نيفٌ وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم، فإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ففي أيّ شيءٍ يمكن دعوى التواتر؟!)(21).
وقال العلامة الطباطبائي -الذي هو من أعلام التحقيق والتتبع في الأخبار كما هو من أعلام المفسرين- قال(ره) في بحثه الروائي في ذيل الآية الكريمة محلّ البحث:(وأخبار الرجعة من طرق الشيعة كثيرةٌ جداً)(22).
وقال العلامة الطبرسي(ره) في مجمع البيان الذي هو تحريرٌ لتفسير شيخ الطائفة الطوسي(ره):
(وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمدٍ(ص) في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي# قوماً ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم، وينالوا بعض ما يستحقون من العذاب في القتل على أيدي شيعته، والذلّ والخزي بما يشاهدون من علو كلمته...)(23).
وأعجب ممّن يستسخف أو يستبعد قضية الرجعة لأمواتٍ قد انقرضوا وهذا القرآن بين يديه يحدّثه عن رجعاتٍ عدّةٍ قد تحققت بقدرة الله الذي سوف يرجع كلّ الخلائق في المحشر، فهذا القرآن يقول لنا بلسان الخطاب إلى رسول الله(ص):{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}(24).
ويحدّثنا عن بني إسرائيل:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(25)، وغير ذلك من الآيات.
وأمّا فلسفة الرجعة وأهدافها وأبعادها فهذا يحتاج إلى مقامٍ آخر لتفصيل هذا الحدث الهام وتحليله(26)، وأظنّ أنّه لا ينفصل في أبعاده وأهدافه عن ظهور دولة الحقّ العالمية؛ إذ هما حدثان بينهما تقارنٌ -كما عرفت- فالظاهر أنّه بينهما أدواراً وأهدافاً مشتركةً، والله سبحانه العالم.
ثمّ إنّ هناك حوادث تاريخيةٌ أخرى عُدّت في الأخبار من أشراط الساعة من قبيل ظهور السفياني والدجّال ونزول نبي الله عيسى(ع)، ولكنّها بشكلٍ عامٍّ مقارنةٌ لظهور الإمام المهدي#، ونكتفي بإشارة بعض الأخبار الآتية في ثنايا البحث إليها، عن الإفاضة في بيانها طلباً للاختصار.
الصنف الثاني من أشراط الساعة: الظواهر الاجتماعية الشاذة عن الدين والقيم:
هذا الصنف قد وردت فيه رواياتٌ كثيرةٌ، وهي وإن كانت بشكلٍ عامٍّ ضعيفة الطرق والإسناد، إلاّ أنّها بمجموعها تكشف لنا عن وجود انحدارٍ شديدٍ في السلوك الشرعي والأخلاقي في آخر الزمان.
ويكفينا في المقام أن نشير إلى اليسير منها، وهي هذه الأخبار:
1- عن النبي(ص) قال:(من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويظهر الجهل، ويُشرب الخمر، ويفشو الزنا)(27).
2- وعنه(ص):(لا تقوم الساعة حتى يُعِزَّ الله فيه ثلاثاً؛ درهماً من حلال، وعلماً مستفاداً، وأخاً في الله عز وجل)(28).
3- قال ابن عبّاسٍ:حججنا مع رسول الله(ص) حجّة الوداع.. فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثم أقبل علينا بوجهه فقال:(ألا أخبركم بأشراط الساعة؟فكان أدنى الناس منه يومئذٍ سلمان، فقال:بلى يا رسول الله.قال(ص):إنّ من أشراط الساعة إضاعة الصلوات، واتّباع الشهوات، والميل مع الأهواء، وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يُذاب قلب المؤمن في جوفه كما يُذاب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره.
قال سلمان:وإنّ هذا لكائنٌ يا رسول الله؟
قال:إي والذي نفسي بيده.
يا سلمان:إنّ عندها يليهم أمراءٌ جَورَة، ووزراءٌ فَسَقة، وعرفاءٌ ظَلمة، وأمناءٌ خَوَنة.
فقال سلمان:وإنّ هذا لكائنٌ يا رسول الله؟!
وهكذا أخذ النبي(ص) في الاسترسال في هذا النمط من علامات الساعة في روايةٍ طويلةٍ جدّاً رواها القمّي في تفسيره، ومن بين فقراتها هذه الفقرة أيضاً:(إي و الذي نفسي بيده يا سامان، و عندها يحج أغنياء أمتي للنزهة، ويحجّ أوساطها للتجارة، ويحجّ فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يكون أقوامٌ يتعلّمون القرآن لغير الله، ويتخذونه مزامير، ويكون أقوامٌ يتفقهون لغير الله، ويكثر أولاد الزنا، ويتغنون بالقرآن، ويتهافتون بالدنيا)(29).
4- وعنه(ص):(لا تقوم الساعة إلاّ على شرار الخلق)(30).
وكأنّ هذا الأمر هو سرّ انتهاء الدنيا وقيام الساعة حينئذٍ؛ حيث لم يبق فيها عنصر خيرٍ من البشر يعوّل عليه في إعمارها.
والظاهر أنّ من دلالات هذه الروايات التي تخبر بهذه الظواهر هو شدّ بقايا نفوس الأخيار في آخر الزمان كما تنوّه بذلك الرواية الأخيرة الآتية في هذا العرض.
5- عن النبي(ص):(أيّها الناس إنّ بين يدي الساعة أموراً شداداً، وأهوالاً عظاماً، وزماناً صعباً، يتملّك فيه الظَلَمة، ويتصدّر فيه الفَسَقة، ويُضام فيه الآمرون بالمعروف، ويُضطهد فيه الناهون عن المنكر، فأعدّوا لذلك الإيمان، وعضّوا عليه بالنواجذ، والجؤوا إلى العمل الصالح، وأكرهوا عليه النفوس، تُفضوا إلى النعيم الدائم)(31).
الصنف الثالث: التغيّرات والحوادث الكونّية المدمّرة:
وهذا الصنف هو أبرز ما اعتنى بذكره القرآن في هذا البحث، فتحدّث عنه كثيراً، وذكر له حوادث كثيرة، وقرنها بذكر الآخرة كما سنلاحظ:
1- من هذه الحوادث أو من مقدّماتها ما أشير إليه في تفسير قوله تعالى:
{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}(32).
فقد اختُلف في هذا الدخان، لكنّ عدّةً من الأخبار صرّحت أنّه آيةٌ من أشراط الساعة؛ ففي نهاية العالم سيغطي السماء دخانٌ غليظٌ ومخيفٌ، يكون علامةً على دمار الكون وحلول اللحظات الأخيرة لهذه الدنيا، وبداية عذاب الله الأليم للظالمين والمفسدين، حيث إنّ هذا الدخان يغشى الناس فيدخل في أسماع الكَفَرة، حتى يكون رأس الواحد منهم كالرأس الحنيذ(33)، ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام، وتكون الأرض كلّها كبيتٍ أوقِد فيه ليس فيه خصاص (أي خلل وخرق)، يُمدّ ذلك أربعين يوماً، كما في الخبر عن أمير المؤمنين(ع)(34).
وفي تفسير الدرّ المنثور يروي حذيفة بين اليمان عن النبي(ص) أنّه ذكر أربع علاماتٍ لاقتراب القيامة:
الأولى:ظهور الآجال، والأخرى:نزول عيسى(ع)، والثالثة:النار التي تظهر من أرض عدن، والدخان.
فسأل حذيفة:يا رسول الله، وما الدخان؟
فتلا رسول الله(ص):{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}، وقال:يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلةً، أمّا المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأمّا الكافر فبمنزلة السكران يخرج من منخريه وأُذنيه ودبره)(35).
وفي البحار عن أمير المؤمنين(ع) عن رسول الله(ص) قال:(عشرٌ قبل الساعة لابدّ منها:السفياني، والدجّال، والدخان، والدابة، وخروج القائم(ع)، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى(ع)، وخسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بجزيرة العرب، ونارٌ تخرج من قعر عدنٍ تسوق الناس إلى المحشر)(36).
وكل هذه العلامات قد تعدّد ذكرها في الأخبار، لكنّنا لا نطيل بعنونتها وبحثنا، بل نكتفي بهذه الإلماحة.
2- قوله سبحانه في سورة المرسلات وهو يتحدّث عن علائم اليوم الموعود ومؤشِّراته الكونية:{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ * فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ * وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ * لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ}(37).
و(انطماس النجوم) هو انمحاء أثرها من النور وغيره.
و(انفراج السماء) هو انشقاقها وتصدّعها.
و(نسف الجبال) هو قلعها من مكانها وإزالتها.
وذُكرت حوادث أخرى في سورٍ عديدةٍ من قبيل قوله سبحانه:
أ- {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}(38) أي ذهب ضوؤها ونورها فأظلمت واضمحلّت.
ب- {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}(39) أي تساقطت وتناثرت.
ج- {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}(40) عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثاً وسراباً.
فكلها حوادث مهولةٌ ومدمّرةٌ للكون كلّه، يصعب على العقل البشري أن يستوعبها أو يتصورها، وكلّ ذلك يقع استدراجاً لتبدّل النشأة؛ إذ أنّ النظام الكونيّ الجديد يحتاج إلى نشأةٍ جديدةٍ ومختلفةٍ تماماً {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ}(41).
وهذا هو الإيحاء الخاص لهذا النمط من علامات الساعة، فعلامات الساعة عادةً هي من المجريات الطبيعية لسير الوجود وحركة الموجودات لكنّها لارتباطها بالساعة أو اقترابها منها عُدّت من أشراطها.
يقول العلامة الطباطبائي (ره) في بيان ما ذُكر -وهو يفسّر أشراط الساعة من سورة المرسلات-:(وقد عرّف سبحانه اليوم الموعود بذكر حوادث واقعة تلازم انقراض العالم الإنساني، وانقطاع النظام الدنيوي؛ كانطماس النجوم، وانشقاق الأرض، واندكاك الجبال، وتحوّل النظام إلى نظامٍ آخر يغايره، وقد تكرّر ذكر ذلك في كثيرٍ من السور القرآنية، وخاصّةً السور القصار كسورة النبأ والنازعات والتكوير والانفطار والانشقاق والفجر والزلزال والقارعة، وغيرها..
ومن المعلوم بالضرورة من بيانات الكتاب والسنة أنّ نظام الحياة في جميع شؤونها في الآخرة غير نظامها في الدنيا، فالدار الآخرة دارٌ أبديّةٌ فيها محض السعادة لساكنيها أو محض الشقاء، والدنيا دار فناءٍ وزوالٍ، لا يحكم فيها إلاّ الأسباب والعوامل الخارجية الظاهرية، مخلوطٌ فيها الموت بالحياة، والفقدان بالوجدان، والشقاء بالسعادة.. وبالجملة النشأة غير النشأة.
فتعريفه تعالى نشأة البعث والجزاء بأشراطها التي فيها انطواء بساط الدنيا بخراب بنيان أرضها وانتساف جبالها وانشقاق سمائها وانطماس نجومها إلى غير ذلك من قبيل تحديد نشأةٍ بسقوط النظام الحاكم في نشأةٍ أخرى.
قال تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ}(42)،(43).
التمايز بين أشراط الساعة وأهوال القيامة:
إذا انتهى العالم بهذه الانفجارات الهائلة، بدأ الكون يستقبل عالم الآخرة، لكنّه قبل ذلك يمكث في صحته ما شاء الله من السنين، وبتعبير بعض الأخبار يمكث في مكثه! ثم تبدأ مراحل الآخرة، وأوّلها حوادثٌ كونيةٌ مهولةٌ أيضاً، لكنّها ليست من أشراط الساعة، وإنما هي من أحداثها ومراحلها، ومنها زلزلة الأرض ودكّها ومدّها، فهذه ونحوها كلّها من مقدّمات الحشر وأهوال القيامة، ولذلك فهي تقترن ذكراً وواقعاً بالبعث والحشر والنشر والحساب كما قال الحق عزّ وجل:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِْنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}(44).
بل نسبت الزلزلة للساعة صريحاً في قوله جلّت عظمته:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ}(45).
(مولاي وارحمني في حشري ونشري، واجعل في ذلك اليوم مع أوليائك موقفي، وفي أحبّائك مصدري، وفي جوارك مسكني، يا ربّ العالمين).
والحمد لله، والصلاة على رسول الله، وعترته الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً.
* الهوامش:
(1) ميزان الحكمة ج7: 2873.
(2) ميزان الحكمة ج7: 2876.
(3) محمد|: 18.
(4) ميزان الحكمة ج1: 41.
(5) السجدة: 17.
(6) الأحزاب: 63.
(7) الأعراف: 187.
(8) لاحظ ميزان الحكمة ج7: 2873.
(9) ميزان الحكمة ج7: 2872 (اقتراب الساعة).
(10) محمد: 15.
(11) القمر: 1.
(12) التفسير الأمثل في تفسير آية 18 من سورة محمد|.
(13) النمل: 82 ـ 85.
(14) النور: 25.
(15) هذا النص نقلناه من الميزان في بحثه الروائي؛ لأنّ الأمثل إنما نقل مضمون الحديث.
(16) هود: 6.
(17) النحل: 61.
(18) النمل: 83.
(19) الكهف: 47.
(20) الميزان ج15: 406.
(21) بحار الأنوار ج53: 122.
(22) الميزان ج15: 406.
(23) مجمع البيان ج7: 367.
(24) البقرة: 244.
(25) البقرة: 56 ـ 57.
(26) وإن كانت الكلمة التي نقلناها عن مجمع البيان قد تضمّنت ـ نقلاً عن الأخبار ـ الهدف من الرجعة، وهذه الكلمة هي في الواقع للشيخ الطبرسي (ره) وهو بدوره شارك أستاذه السيد المرتضى في مثل هذا المضمون الذي نُقل بعينه عنه في التفسير الأمثل وأمّا تحليل نفس التفسير الأمثل لفلسفة الرجعة فيقول فيه: يبدو أنّ الرجعة للطائفة المؤمنة من أجل إكمال حلقتها التكاملية، وللطائفة الكافرة والمنافقة والطاغية من أجل أنه تذوق جزاءها الدنيوي. وبتعبير آخر: إنّ الطائفة المؤمنة (خالصة الإيمان) الذين واجهوا الموانع والعوائق في مسير تكاملهم المعنوي في حياتهم ولم يتكاملوا الكمال اللائق باستعدادهم، حكمة الله تقتضي أن يتكاملوا عن طريق الرجعة لهذه الدنيا، وأن يكونوا شهداء الحكومة العالمية للحق والعدل، وأن يساهموا في بناء هذه الحكومة؛ لأن ذلك من أعظم الفخر.(ج12: 134 الطبعة البيروتية).
(27) التفسير الأمثل / الآية 18 من سورة محمد|.
(28) ميزان الحكمة ج7: 2876.
(29) نقلها التفسير الأمثل في تفسير آية 18 من سورة محمد|.
(30) ميزان الحكمة ج7: 2878.
(31) ميزان الحكمة ج7: 2877.
(32) الدخان: 10 ـ 11.
(33) أي المشوي، يقال: (حنذ الشاة) أي شواها وجعل فوقها حجارة محماة لتنضجها، فهي حينئذٍ. (المختار من صحاح اللغة).
(34) تفسير نور الثقلين ومجمع البيان في تفسير الآية الكريمة من سورة الدخان.
(35) نقله التفسير الأمثل في تفسير الآية.
(36) بحار الأنوار ج52: 209.
(37) المرسلات: 7 ـ 14.
(38) التكوير: 1.
(39) التكوير: 2.
(40) التكوير: 3.
(41) الواقعة: 61.
(42) الواقعة: 62.
(43) الميزان ج20: 148.
(44) سورة الزلزلة.
(45) الحج: 1 ـ 2.
0 التعليق
ارسال التعليق