الملخَّص:
ذكر الكاتبُ في مقالتِه بعدَ بيان أهمِّيَّة العلاقة الزَّوجيَّة وتأثيرها إيجاباً وسلباً على الفرد والمجتمع أنَّ أساس العلاقة الزَّوجيَّة هو التَّعامل بالمعروف، ثمَّ ذكر عشرة عوامل لتوطيد العلاقة الزَّوجيَّة أهمُّها التَّقوى وحسن الخلق، مستفيداً من النُّصوص القرآنيَّة وروايات أهل البيتi، مع الاستفادة من بعض الدِّراسات والوقائع الخارجيَّة.
مقدِّمة
إنَّ من أسمى العلاقات الإنسانيَّة وأهمِّها وأجلّها خطراً على مسيرة الأمم والأفراد هي علاقة الزَّوجيَّة، جعلَها اللهُ سبحانه آيةً من آياته في كتابه العزيز فقال: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً..}(الرُّوم: 21)، وسمَّى في كتابه الكريم عقد النِّكاح الَّذي يؤسِّس لهذه العلاقة بالميثاق الغليظ([1])، واهتمَّ بصون هذه العلاقة وإنجاحها أيَّما اهتمام، ويتجلَّى هذا الأمر بوضوحٍ بأدنى مطالعةٍ للآيات القرآنيَّة والرِّوايات الشَّريفة، ولم يُبرز هذا الاهتمام بهذا النَّحو من قِبل الشَّارع المقدَّس إلَّا لقداسة هذه العلاقة وعِظم الآثار المترتِّبة عليها، فواقع الحياة الزَّوجيَّة استقراراً واضطراباً لا تقتصر آثاره على حياة الزَّوجَين فحسب، بل تنعكس نتائجُه سلباً وإيجاباً على المجتمع كلِّه، وتتَّضح هذه الحقيقة في النُّقاط التَّالية:
أوَّلاً: تؤثِّر طبيعة علاقة الإنسان الزَّوجيَّة على حالته النَّفسيَّة والسُّلوكيَّة، وبالتَّالي على مستوى إنتاجيَّته وفاعليَّته، فإذا كان يعيش توافقاً زواجيَّاً، فسينعكس ذلك إيجاباً على أدائه الاجتماعيّ، وفي الحياة العامَّة، وإذا كان يعاني اضطراباً في علاقته الزَّوجيَّة، فسيؤثِّر سلباً على إنتاجيَّته وسلوكه في المجتمع.
ثانياً: يظهر الأثر الأكبر لحالة العلاقة الزَّوجيَّة على تنشئة الأولاد وتربيتهم، ففي ظلِّ الاستقرار الأسريّ تتوفَّر لهم رعاية وتربية أفضل، أمَّا مع أجواء الاضطراب والنِّزاع في العلاقة بين الوالدَين فسيكونون هم الضَّحايا؛ لما ينالهم من تمزُّق نفسيّ عاطفيّ، وقد يصبحون ساحةً لانتقام أحدِ الزَّوجَين من الآخر.
وتشير كثيرٌ من البيانات الَّتي تتحدَّث عن جنوح الأحداث إلى أنَّ النِّسبة الغالبة منهم تنتمي إلى عوائل تعاني اضطرابات في علاقاتها الزَّوجيَّة، وقد لاحظ أيضاً العديد من الموجِّهين التَّربويِّين في مدارس التَّعليم أنَّ أغلب الطُّلاب الَّذين يعانون من تدنِّي المستوى التَّعليميّ والأخلاقيّ هم من أبناء أُسر تفتقد الانسجام الدَّاخليّ.
ثالثاً: تنعكس حالة العلاقات الزَّوجيَّة على وحدة وتماسك المجتمع الواحد وأمنِه بشكلٍ واضح؛ لأنَّ اضطرابها تمتد آثاره إلى مساحةٍ واسعةٍ من عوائل الزَّوجَين والمتعاطفين معهما، وقد تتصاعد الخلافات لتصل إلى المحاكم والجهات الرَّسمية أو تتطوَّر إلى نزاعات حادَّة، وقد تشكِّل هذه الخلافات ثغرة حتَّى في أمن المجتمع الأخلاقيّ؛ لأنَّ اضطراب العلاقات الزَّوجيَّة قد يدفع أحد الزَّوجَين إلى البحث عن علاقات عاطفيَّة خارج الإطار الزَّوجيّ، فتحصل الخيانات الزَّوجيَّة والانحرافات السُّلوكيَّة.
لذا بعد هذه المقدِّمة أقول: ليس من بِدْع القول أن ندعو إلى ضرورة تكثيف الجهود العلميَّة والعمليَّة الَّتي تصبُّ في خلق ثقافة صحيحة تمكِّن الأزواج من معرفة رموز هذه العلاقة (المقدَّسة والمعقَّدة) الَّتي قد لا يلتفتُ إليها الزَّوجان إلَّا بعد فوات الأوان وفقدان التَّحكُّم على سير الأمور، باضطراب العلاقة بين الزَّوجَين من جهة، وبينهما وبين الأولاد من جهة أخرى، وفي هذا الإطار سنشير في هذه الصَّفحات إلى مجموعةٍ من العوامل المهمَّة الَّتي تساعد كلّاً من الزَّوجَين على توطيد وتعميق العلاقة بينهما وذلك بالاستفادة من النُّصوص الشَّريفة.
عوامل توطيد العلاقة الزوجيَّة
إذا رجعنا إلى هدي كلام اللهa وجدنا العديد من آيات القرآن الكريم تحضُّ على ضرورة أن يكون التَّعامل بين الزَّوجَين في إطار المعروف؛ فهو السَّبيل إلى توطيد العلاقة الزَّوجيَّة والأخذ بها إلى برِّ الأمان، وقد تكرَّر ذلك في ما يقرب من اثني عشر موضعاً من القرآن الكريم، منها:
قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ}(البقرة: 228).
وقوله سبحانه: {فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ}(البقرة: 229).
وقوله سبحانه: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ومَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}(البقرة: 231).
وقوله سبحانه: {وَ عاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ}(النِّساء: 19).
وقوله سبحانه: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}(الطَّلاق: ٢).
والمعاشرة بالمعروف: تعني أن تكون مخالطة الشَّريك لشريكه بأسلوبٍ لائق، منسجم مع تعاليم الشَّرع، وأعراف المجتمع([2])، وذكْرُ الرَّجل بخصوصه في بعض الآيات لا يعني عدم شمول المرأة بالأمر، وإنَّما هو للتَّأكيد عليه لجهة قوَّته في هذه العلاقة في الغالب، وكونه قيِّماً فيها، فيحتاج إلى هذا التَّأكيد بلحاظ موقعيَّته([3]).
وفي صددِ الحديث حول مضمون هذه الآيات الحاثَّة على العشرة بالمعروف ذكر العلَّامة الطَّباطبائيّS في تفسير الميزان: "المعروف هو الَّذي يعرفه النَّاس بالذوق المكتسب من الحياة الاجتماعية المتداولة بينهم"([4]).
وقال السَّيِّد السَّبزواريّS: "إنَّ لهنَّ من الحقوق فيما تعارف بين النَّاس على الرِّجال مثل ما للرِّجال عليهنَّ، ولم يذكرa ما هو الثابت على كلِّ واحدٍ منهما، وإنَّما أوكله إلى ما تعارف عليه النَّاس، ليشمل جميع ما يتعلَّق بحسن المعاشرة، والخلق الحسن، وما ورد في الشَّرع، وما يحكم به العقل، فإنَّ جميع ذلك من المعروف، وقد كرَّر(سبحانه وتعالى) هذا اللَّفظ في الآيات المتعلِّقة بالنِّكاح والطَّلاق اثنتي عشرة مرَّة لبيان أنَّ جميع ذلك من سنن الفطرة، وشؤون المجتمع الإنسانيّ، وهي تختلف باختلاف الأعصار والأمصار والمجتمعات"([5]).
وأمَّا النُّصوص الشَّريفة الواردة عن النَّبيّe وآله الطاهرينi فهي بدورها أيضاً أكثرت من توصية كلٍّ من الشَّريكَين بالشَّريك الآخر، فمن جهةٍ نجد أنَّها أوصت الأزواج بحسن المعاشرة مع أزواجهم، فقد ورد عن النَّبيّe أنَّه قال: >اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراًً<([6])، وعنهe: >فَاتَّقُوا اللهَ في النِّسَاءِ فإنَّكمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ<([7])، وعن الصَّادقg: > إِنَّ المَرْءَ يَحْتَاجُ فِي مَنْزِلِهِ وَعِيَالِهِ إِلَى ثَلاثِ خِلالٍ يَتَكَلَّفُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَبْعِهِ ذَلِكَ مُعَاشَرَةٌ جَمِيلَةٌ وَسَعَةٌ بِتَقْدِيرٍ وَغَيْرَةٌ بِتَحَصُّنٍ<([8]).
وفي المقابل، فإنَّ هناك نصوصاً وتعاليم تؤكِّد على الزَّوجة حسن معاشرة زوجها، ومعاملته باحترام، فقد ورد عن رسول اللهe أنَّه قال: >أَعْظَمُ النَّاسِ حَقّاً عَلَى المَرْأَةِ زَوْجُهَا<([9]).
وعنهe: >وَيْلٌ لامْرَأَةٍ أَغْضَبَتْ زَوْجَهَا وَطُوبَى لامْرَأَةٍ رَضِيَ عَنْهَا زَوْجُهَا<([10]).
والمعاشرة بالمعروف مفهومٌ واسعٌ تنطوي تحته العديد من السُّلوكيَّات والممارسات الخارجيَّة الَّتي قد لا يلتفت إليها عامَّة النَّاس بمجرَّد سماعهم الحثَّ على المعاشرة بالمعروف، لذا نجد أنَّ النُّصوص الشَّريفة فصَّلت الكلام ولم تكتفِ بالنُّصح في هذا المجال بما هو عامٌّ مُجمَل، بل تعرَّضت إلى العديد من الأمور الَّتي يمكن أن تكون عوامل مهمَّة ومؤثِّرة في طبيعة العلاقة الزَّوجيَّة، لذا سنسعى أن نركِّز الكلام بشكل أكبر، ونستنطق النُّصوص بشكل أوسع، لنقف حينها على هذه العوامل الَّتي إذا تمَّت مراعاتها نكون قد طبَّقنا العشرة بالمعروف في أرقى مستوياتها، ووطَّدنا العلاقة والرَّابطة الزَّوجيَّة بشكلٍ أكبر.
ويمكن تقسيم هذه العوامل المؤثِّرة في العلاقة الزَّوجيَّة إلى ثلاثة أقسام: عوامل مشتركة بين الزَّوجَين، عوامل خاصَّة بالرَّجل وعوامل خاصَّة بالمرأة، وفي هذه المقالة سأقصر الحديث حول العوامل المشترَكة، وهي عديدة، أتعرَّض لبعضٍ منها:
العامل الأوَّل: قوَّة العلاقة باللهa
إذا نظر الزَّوجان المؤمنان إلى العلاقة الَّتي تربطهما ببعضهما على أنَّها فرعٌ عن العلاقة الَّتي تربطهما باللهa، وأنَّ مواقفهما تجاه بعضهما لا بدَّ من أن تتشكَّل وفق مرضاة الله تعالى وتعليمات الشَّريعة الغرَّاء، فإنَّ لذلك الأثر الكبير على قوَّة العلاقة بينهما وسلامتها، فالزَّوج المتديِّن الَّذي يلتفت إلى أنَّ الزَّوجة قبل أن تكون زوجة هي أخت له في الإيمان، والزَّوجة المتديِّنة الَّتي تلتفت إلى أنَّ الزَّوج قبل أن يكون زوجاً هو أخٌ لها في الإيمان، وأنَّ لكلِّ مؤمن على أخيه المؤمن الكثير من الحقوق، كما أنَّ هناك الكثير من الآداب الَّتي ينبغي مراعاتها بين المؤمنين عامَّة، فمع كون كلٍّ منهما متديِّناً بدين اللهa سيجد من نفسه أنَّ عليه تأدية ما عليه تجاه الآخر بأفضل ما يكون، فيحاول إسعاد أخيه المؤمن مثلاً، والدِّفاع عنه في غيبته، ودفْع الظُّلم عنه، وإغاثته في الشَّدائد، وتقديم النُّصح إليه، والعفو عنه إذا أخطأ.
هذا كلُّه انطلاقاً من كون الرَّابطة هي رابطة الإيمان فحسب، فما بالك إذا توفَّرتْ إلى جانبها روابطُ وثيقةٌ أخرى كرابطة الزَّوجيَّة والصَّداقة الَّتي أكَّد الشَّارع المقدَّس عليها تأكيداً بالغاً أيضاً، فهنا ستجد كلّاً منهما بمقتضى تديُّنه واعتقاده بتعاليم ربِّه أكثر حرصاً ورعايةً وتعلُّقاً بهذه العلاقة الَّتي تربطه بشريكه.
ولذا تجد بمطالعتك للنُّصوص إصراراً وحثّاً أكيداً على أن يختار كلٌّ من الطَّرفَين الشَّخص المتديِّن ويتارك الفاسق الَّذي لا يعبأ بتعاليم الدِّين، فمن هذه النُّصوص:
ما ورد عن إمامنا الحسنg حينما جاءُ رجل يستشيره في تزويج ابنته، فقال لهg: >زَوِّجْهَا مِنْ رَجُلٍ تَقِيٍّ، فَإِنَّهُ إِنْ أَحَبَّهَا أَكْرَمَهَا، وَإِنْ أَبْغَضَهَا لَمْ يَظْلِمْهَا<([11]).
ومنها: ما عن الإمام الجوادg: >مَنْ خَطَبَ إِلَيْكُمْ فَرَضِيتُمْ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ كَائِناً مَنْ كَانَ فَزَوِّجُوهُ وَإِلَّا تَفْعَلُوا «تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسٰادٌ كَبِيرٌ<([12]).
ومنها: ما عن النَّبيّe: >مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاسِقٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهُ<([13]).
ومنها: ما عن الإمام الصَّادقg: >مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ شَيْئاً خَيْراً مِنِ امْرَأَةٍ صَالِحَةٍ إِذَا رَآهَا سَرَّتْهُ وَإِذَا أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ<([14]).
ومنها: ما عن الإمام الرِّضاg: >مَا أَفَادَ عَبْدٌ فَائِدَةً خَيْراً مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ؛ إِذَا رَآهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ<([15]).
ومنها: ما عن الرسولe: >مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ الزَّوْجَةُ الصَّالِحَةُ<([16]).
فهذه النُّصوص وغيرها تؤكِّد على حقيقة مهمَّة لا ينبغي إغفالها وهي أنَّ لصلاحِ وتديُّن كلٍّ من الطَّرفَين أثرٌ بالغٌ في الوصول إلى علاقة زوجيَّة ناجحة سعيدة.
العامل الثَّاني: حسنُ الخُلُق
حسن الخلق بمعناه الخاصّ هو أن يعيش الإنسان في تفاعله الاجتماعيّ وعلاقاته مع الآخرين بصورة حسنة يُلينُ فيها جانبَه، ويتحدَّث معهم بالكلام الطيِّب، ويقابلهم بالوجه البشوش ليعيش معهم بذلك حالة الوئام، وهذا التَّوضيح المختصَر لحسن الخلق مستفاد من رواية واردة عن إمامنا الصَّادقg حينما جاءه أحدُ أصحابه وسأله: ما حدُّ حسنِ الخُلق؟ فقال الإمامg: >تُلِينُ جَانِبَكَ وَتُطِيبُ كَلامَكَ وَتَلْقَى أَخَاكَ بِبِشْرٍ حَسَنٍ<([17]).
وبالتأمُّل في النُّصوص الشَّريفة نجد أنَّ هناك كمّاً هائلاً منها يتحدَّث حولَ أهمِّيَّة حسنِ الخُلق مع النَّاس، فمن هذه النُّصوص ما ورد عن الرَّسول الأعظمe أنَّه قال: >الإِسْلَامُ حُسْنُ الخُلُقِ<([18])، فنجد أنَّ النَّبيّe عرَّف الإسلامَ للآخرين بأنَّه حُسْن الخلق، فنزَّل الجزء وهو حُسن الخُلق منزلة الكلّ -الإسلام- وما ذلك إلَّا لعظمة هذا الخُلق في نظر الشَّارع المقدَّس، وورد عن أمير المؤمنينg: >عُنْوَانُ صَحِيفَةِ المُؤْمِنِ حُسْنُ خُلُقِهِ<([19])، ففي جعْل حُسن الخُلق عنواناً لصحيفة الأعمال دلالةٌ واضحة على أهميَّته على سائر أعمال الصَّحيفة؛ إذ العنوان عادةً ما يمثِّل عصارة الكتاب ولبَّه، ولذا اشتهر على الألسن أنَّ الكتاب يُعرفُ من عنوانُه، وكونُ حُسن الخُلق أفضل الأعمال ممَّا صرَّحت به الرِّوايات فعن النَّبيّe: >مَا مِنْ عَمَلٍ يُوضَعُ فِي مِيزَانِ امْرِئٍ يَوْمَ القِيَامَةِ أَفْضَلَ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ<([20]).
وعن أمير المؤمنينg: > أَكْمَلُكُمْ إِيمَاناً أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً<([21])، وبيَّنت الرِّوايات العديد من النَّتائج والآثار المادِّيَّة والمعنويَّة المترتِّبة على حسن الخلق، فقد ورد عن النَّبيّe: >الخُلُقُ الحَسَنُ يُذِيبُ السَّيِّئَةَ<([22])، وورد عنهe: >إِنَّ صَاحِبَ الخُلُقِ الحَسَنِ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ القَائِمِ<([23])، وعن الصَّادقg: >إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيُعْطِي العَبْدَ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ كَمَا يُعْطِي المُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ يَغْدُو عَلَيْهِ وَيَرُوحُ<([24])، ومن آثارِه العظيمة الدُّنيويَّة ما ورد عن النَّبيّe: >حُسْنُ الخُلُقِ يُثْبِتُ المَوَدَّةَ<([25])، وعن أمير المؤمنينg: >لا عَيْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ<([26])، وعن الصَّادقg: > البِرُّ وَحُسْنُ الخُلُقِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ فِي الأَعْمَارِ<([27])، وغيرها من الرِّوايات العديدة الَّتي بملاحظتها نُدرك جيِّداً ما لحُسن الخُلق من أهمِّيَّة بالغة وأثر واضح في المجتمع.
ولم تكتفِ النُّصوص الشَّريفة بالتَّوصية بحُسن الخُلق بشكلٍ عامّ، بل نجد أنَّها تصدَّت أيضاً وبشكلٍ ملفتٍ لبيانٍ أهمِّيَّة حُسن الخُلق بين الزَّوجَين على وجه الخصوص؛ وذلك لِما له من دور مؤثِّر في تعميق وتوطيد العلاقة بين الزَّوجَين، فقد ورد عن النَّبيّe في وصيَّته لعليّg: >يَا عَلِيُّ، أَحْسِنْ خُلُقَكَ مَعَ أَهْلِكَ وَجِيرَانِكَ وَمَنْ تُعَاشِرُ وَتُصَاحِبُ مِنَ النَّاسِ تُكْتَبْ عِنْدَ اللهِ فِي الدَّرَجَاتِ العُلَى<([28]).
وعن النَّبيّ e: >أَقْرَبُكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً، وَخَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ<([29])، وعنهe: >أَحْسَنُ النَّاسِ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ وَأَنَا أَلْطَفُكُمْ بِأَهْلِي<([30])، وعنهe: >إنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنِيْنَ إِيْمَانَاً أَحْسَنَهُمْ خُلُقَاً، أَلْطَفَهُمْ بِأَهْلِهِ<([31])، وعنهeلمَّا سُئل أي المؤمنين أكمل إيماناً؟ قالe: >أَحْسَنَهُمْ خُلُقَاً مَعَ أَهْلِهِ<([32]).
العامل الثَّالث: إظهار المحبَّة
أدبٌ من الآداب المهمَّة للمعاشرة في الإسلام هو إبرازُ كلٍّ من الزَّوجَين محبَّته ومودَّته للطَّرف الآخر، فالخالقُ الحكيم بارك هذه العلاقة وأسَّس لها بأنْ ربَط بين قلبَيّ الزَّوجَين برباط المحبَّة، فقال في كتابه العزيز: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً}(الرُّوم: 21)، فكلُّ طرفٍ من الزَّوجَين يشعرُ بوجدانه بعد إنشاء العقد الشَّرعيّ بأنَّ هناك حالة انجذاب ومحبَّة قُذفت في قلبه تجاه هذا الطَّرف الآخر الَّذي لم يتعرَّف عليه إلَّا حديثاً، لذا كان لزاماً على الزَّوجَين أنْ يُثمِّنا هدية ربِّهما إليهما، وأن يحافظا على هذه المودَّة ويعمِّقاها، وإحدى أهمّ طرق المحافظة على هذه المودَّة وتعميقها هو ما أشارت إليه الرِّوايات الشَّريفة وأكَّد عليه المُختصُّون وهو إظهار هذه المودَّة والمحبَّة إلى الطَّرف الآخر، فمن النُّصوص:
ما ورد عن أبي عبد اللهg: > إِذَا أَحْبَبْتَ رَجُلاً فَأَخْبِرْهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَثْبَتُ لِلْمَوَدَّةِ بَيْنَكُمَا<([33]).
وما ورد عن الإمام الباقرg, حينما مرَّ رجلٌ في المسجد وأبو جعفرg جالس وأبو عبد اللهg فقال له بعض جلسائه: والله إنَّي لأحبُّ هذا الرَّجل، قال له أبو جعفرg: >أَلا فَأَعْلِمْهُ فَإِنَّهُ أَبْقَى لِلْمَوَدَّةِ وَخَيْرٌ فِي الأُلْفَةِ<([34]).
ونبَّهت الرِّوايات على ضرورة وجود هذا المعنى في الحياة الزَّوجيَّة بشكلٍ خاصّ، فقد ورد عن النَّبيّe أنَّه قال: >قَوْلُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ إِنِّي أُحِبُّكِ لا يَذْهَبُ مِنْ قَلْبِهَا أَبَداً<([35]).
وورد عنهe: >يَا فَاطِمَةُ، مَا مِنْ امْرَأَةٍ نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِ زَوْجِهَا وَلَم تَضْحَكْ لَهُ إِلَّا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهَا<، وفي موضع آخر ورد عنهK: >مَا مِنْ امْرَأَةٍ عَبَسَتْ فِيْ وَجْهِ زَوْجِهَا إِلَّا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهَا<([36]).
إذاً من المهمِّ جدّاً في توطيد العلاقة الزَّوجيَّة أن يُظهر كلٌّ من الزَّوجَين محبَّته لشريكِ حياته بالقول أو بالفعل، وأن يكون تعاملهما مع بعضهما قائم على المحبَّة، لا أن يكون تعاملاً فيه غلظة وجفاف؛ فكِلا الزَّوجَين بحاجةٍ إلى أن يطَّلع على محبَّة الطَّرف الآخر له، فلا ينبغي حينئذ أن تمنع الموانع دون تحقيق هذا الأمر المهم.
العامل الرَّابع: معرفة حقوق الآخر ومراعاتها
من العوامل المشتركة المؤثِّرة جدّاً في توطيد العلاقة بين الزَّوجَين واستقرار كلٍّ منهما هي مسألة مراعاة كلٌّ منهما لحقوق الآخر، فعلى كلِّ طرف قبل أن يدخل في عالم الزَّوجيَّة أن يتعرَّف على حقوقِ الآخر ليراعيها بعد ذلك، وهذا أمرٌ أشارت إليه النُّصوص الشَّريفة بكثرة وأكَّدت عليه، فقد ورد عن النَّبيّe >أَلَا إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً<([37])، وعنهe: >كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيِّتَهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُوْلٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوِلْدِهِ وَهِيَ مَسْؤُوْلَةٌ عَنْهُمْ<([38]).
فهذا بيانٌ من الرَّسولe أنَّ لكلٍّ من الطَّرفَين حقوق، وعلى كلِّ طرف مراعاة حقوق الآخر وتلبيتها له، ولأنَّ رعاية الحقوق تبلغ قدراً عظيماً من الأهمِّيَّة لذا نجد أنَّ الشَّارع المقدَّس لم يكتفِ بالأمر بها بشكلٍ عامٍّ، بل نجدُه يتعرَّض تفصيلاً في النُّصوص إلى حقوق كلِّ طرفٍ على الآخر، كما نجده قد استعمل أسلوبَيّ التَّرغيب والتَّرهيب.
فتارة تتعرَّض النُّصوص إلى الحثِّ والتَّشجيع على الالتزام بحقوق الطَّرف الآخر من خلال تعظيم الآخر، وتعظيم حقِّه، أو من خلال عرض الثَّواب الجزيل لمراعاة هذه الحقوق، فمثلاً ورد عن ابن عباس أنَّه جاءت امرأة إلى النَّبيّe فقالت له: يا رسول الله، كتَبَ اللهُ الجهادَ على الرِّجال، فإن استشهدوا كانوا أحياءً عند ربِّهم يُرزَقون، وإن ماتوا وقع أجرهم على الله، وإن رجعوا آجرهم الله، ونحن النِّساء ما لنا من الأجر؟ فقال النَّبيّe: >يا وافدةَ النِّساء، أبلغي من لقيْتِ من النِّساء، أنَّ طاعة الزَّوج والاعتراف بحقِّه تعدل[يعدل] ذلك كلَّه<([39])، وورد عنهe: >لَوْ كُنْتُ أَمَرْتُ أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا<([40]).
وتارة أخرى نجدُ النُّصوص تحذِّر من تضييع الحقوق بأساليب قويَّة، فمن تلك النُّصوص الواردة في هذا الشَّأن ما ورد عن النَّبيّe في تحذير المرأة من مخالفة حقِّ الزَّوج في عدم الخروج من البيت بدون إذنه: >وَ لا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا مَلائِكَةُ السَّمَاءِ وَمَلائِكَةُ الأَرْضِ وَمَلائِكَةُ الغَضَبِ وَمَلائِكَةُ الرِّضَا<([41])، وورد عن النَّبيّe في تحذير الزَّوج من تضييع حقِّ الزَّوجة: >مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ يَعُولُ<([42])، وفي رواية أخرى عنهe: >كَفَى بِالمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ<([43])، والزَّوجة أوضح مصداق لمن يدخل تحت عيلولة الرَّجل كما هو معروف، وبذلك اتَّضحت أهمِّيَّة مراعاة الحقوق في علاقة الزَّوجَين ببعضهما.
العامل الخامس: الحوار الإيجابيّ
إنَّ التَّواصل والسَّكينة والطَّمأنينة والرَّحمة بين الزَّوجَين هي ما ينبغي أن يسود العلاقة بين الزَّوجَين، فإذا غابت هذه المعاني أو ضعفت صارت الحياة الزَّوجيَّة باهتةً فارغةً من المضمون، وربَّما تحوَّلت إلى عبءٍ وإلى مصدرٍ للهموم المُتراكمة، وهناك فيضٌ من الدِّراسات([44]) الَّتي تؤكِّد أنَّ غياب الحوار بين الزَّوجَين يعدُّ من الأسباب الأساسيَّة للشُّعور بالتَّعاسة أو الرَّغبة في الانفصال، وعلى العكس تماماً فإنَّ وجودَ الحوار الإيجابيّ الهادف يُعدُّ من أهمِّ أسبابِ السَّعادة وقوَّة العلاقة بين الزَّوجَين.
وللأسف الشَّديد إذا نزلنا إلى مجتمعنا واستقرأنا بأنفسنا واقعَ بعض الأُسر وجدنا بأنَّ هناك نسبةً ليست بالقليلة من الأزواج والزَّوجات الَّذين ينظرون إلى حياتهم الزَّوجيَّة على أنَّها ورطة حقيقيَّة، ولكنََّهما لا ينفصلان عن بعضهما مراعاة لأولادهما، أو حتَّى لا تلوكهما ألسنة النَّاس، وهذا يعني أنَّ استمرار حياتهما الزَّوجيَّة فقد أسبابه الدَّاخلية وصار لأسبابٍ خارجيَّة.
والأمر الملفت أنَّه جاء في أحد الاستطلاعات([45]) بأنَّ كلمة الأزواج قد اتَّفقت على أنَّ الحوار بين الزَّوجَين أمرٌ أساسيٌ في حلِّ المشاكل والوصول إلى السَّعادة، ولكن يبدو أنَّ المشكلة هي في قصور فهم كلِّ واحدٍ من الزَّوجَين لطبيعة شريكه وحاجاته وتطلعاته، وهذا ما يجعل الحوار في كثير من الأحيان عقيماً، وعقمه هذا يؤدِّي طبعاً إلى الإقلال منه؛ لأنَّه إذا ارتبط الحوار في ذهن أحد الزَّوجَين بالتَّباعد وتفاقُم المشكلات فإنَّه لن يُقدِم عليه، ولن يُرضَى به.
ما يساعد على الحوار المثمر:
ذكر التَّربويُّون أنَّ هناك جملة من الأمور المهمَّة الَّتي ينبغي الالتفات إليها في كلِّ نقاش وحوار مهما كانت أطرافُه، وسأُركِّز هنا على ما أظنُّ أنَّه يساعد الزَّوجَين على أن يتحاورا الحوار المثمر النَّاجح حتَّى ينهضا بمسؤوليَّاتهما التَّربويَّة على أحسن وجه، ويعيش كلُّ منهما حياة ملؤها السُّرور والسَّعادة والتَّفاهم:
الأمر الأوَّل: الحوار مقصود لذاته
عادة ما تُطرح فكرة الحوار على الطَّاولة حينما ينشأ نوعٌ من الاختلاف بين شخصَين أو أكثر، ولكنَّ نوعيَّة العلاقة بين الزَّوجَين وتفاوت طبيعتهما وإدراكهما للأشياء تجعل من الحوار شيئاً مطلوباً على نحو مُلِحٍّ؛ سواء أكان هناك اختلاف أو مشكلة أم لم يكن، وقد دلَّت إحدى الدِّراسات([46]) على أنَّ المرأة تنطق بما متوسطه ثلاثة عشر ألف كلمة في اليوم، بينما الرَّجل يلفظ بما متوسطه ثمانية آلاف كلمة، فهذه الدِّراسة تشيرُ إلى أنَّ المرأة في أصل فطرتها تميل للكلام أكثر من الرَّجل، كما أنَّ الرَّجل في الغالب يعمل خارج المنزل؛ لذا فإنَّ المرأة تتوقَّع أن تكون لديه تجارب وأخبار وأشياء عديدة يقولها أكثر ممَّا لديها، هذا بالإضافة إلى أنَّ المرأة تشعر بنوعٍ من الأمان حين يحدِّثها زوجها، فإنَّها من خلال كلام الرَّجل معها تطمئنُّ أنَّه بخير، وتطمئنُّ بأنَّه لا يعاني من بعض المشاكل الخطيرة المتعلِّقة به أو بعمله، وتطمئنُّ بأنَّه لا يضمر لها أيَّ نوعٍ من الشَّر..
لهذا كلُّه؛ فإنَّ المرأة تعتقد أنَّ على الرَّجل أن يتكلَّم ويهيئ دائماً مادةً للحوار والمحادثة، ولهذا كلُّه أيضاً فإنَّ الرَّجل دائماً متَّهمٌ بأنَّه صموت، أو مقصِّرٌ في الحوار مع زوجته.
وغمض النَّظر عن صدق كلِّ ما قلناه وواقعيته، فإنَّ على الرَّجل باعتباره القيِّم والمسؤول عن عشّ الزَّوجيَّة أن يأخذ بزمام المبادرة نحو التَّواصل مع زوجته، وعليها أن تستجيب وتتفاعل معه، وليس من حقِّه أن يدَّعي أنَّ الأمور بينه وبين زوجته على ما يُرام، وأنَّ التَّفاهم بينهما تامّ فلا حاجة للحوار، أو أن يتذرَّع بأنَّ المشاغل كثيرة والوقت قليل، وليس هناك شيء جديد عند أيٍّ منهما يستحقُّ أن يُجلس من أجله ويُتحاور فيه، فهذا كلُّه تصوُّرٌ خاطئ؛ إذ الحوار بين الزَّوجَين يشكِّل الحبلَ السِّرِّيّ الَّذي تتغذَّى منه السَّعادة الزَّوجيَّة، وهو مهم ليس لحلِّ المشكلات فحسب، بل لمنع وقوع المشكلات ولسدِّ حاجتهما النَّفسيَّة؛ لذا على من يبحث عن العوامل الَّتي تساعده في توطيد علاقته بزوجته عليه ألَّا يغفل عن الحوار وقيمته العالية.
الأمر الثَّاني: متى ينجح الحوار
لكي يكون الحوارُ ناجحاً أشيرُ إلى نقطتَين أساسيَّتَين:
النُّقطة الأولى: تحديدُ الهدف الجوهريّ من الحوار بين الزَّوجَين.
النُّقطة الثَّانية: هندسة الحوار والعمل على إخراجه بالشَّكل المطلوب حتَّى يستمرَّ ويثمر ويعطي.
أمَّا على صعيد تحديد الهدف من الحوار والتَّواصل: فأرى أنَّه ينبغي أن يكون الهدف الأساسيّ الَّذي يجب أن يكون حاضراً في كلِّ أشكال التَّواصل هو (تقوية العلاقة)؛ العلاقة بين عقلَين، وروحَين، وقلبَين، ووضعيَّتَين، ومصلحتَين، ورؤيتَين للحياة عامَّةً، ومستقبل الأُسرة خاصَّةً، وحين تتحسَّن العلاقة بين الزَّوجَين فإنَّ هذا يعني تحسُّن المناخ العامّ للأُسرة، ويعني تفهُّماً أفضل لرغبات وحاجات كلٍّ منهما لصاحبه، وهذا يؤدِّي إلى بناء جوٍّ جيِّد من الثِّقة المتبادَلة، وحين يتوفَّر هذا الجوُّ فإنَّ كثيراً من المشكلات تتبخَّر من تلقاءِ نفسه، وما يتبقَّى يكون حلُّه سهلاً أو يمكن تحمُّله ومعايشُته.
وللأسف الشديد إنَّ عدم إدراك كثيرٍ من الأزواج لهذا المعنى جعل حوارهما وجلوسهما عبارة عن مناسبة للمنابذة والشَّكوى والتَّأفُّف، وبعد ذلك يندم كلُّ واحدٍ منهما على فتح فمه وقلبه للآخر.
هندسة الحوار بين الزَّوجَين:
وأمَّا على صعيد هندسة الحوار بين الزَّوجَين: فأُحبُّ أن أشير إلى عدَّة نقاط من شأنها أن تجعل الحوار ناجحاً مثمراً:
النُّقطة الأولى: الاتفاق على وقت الحوار والمحادثة
ليس من المحبَّذ أن يرغم أيُّ واحدٍ من الزَّوجَين شريكَه على الجلوس رغم انشغاله أو عدم رغبته في الجلوس في ذلك الوقت؛ لأنَّه سيأتي حينها إلى الحوار على نيَّة إنهائه في أقصر مدَّة ممكنة، فحوارٌ كهذا عدمُه خيرٌ من وجوده، بخلاف ما لو كانت الدَّعوة للحوار بأسلوب ووقت مناسبَين كأنْ يقول الرَّجل لزوجته: متى تحبِّين أن نشرب الشَّاي سويّاً؟، فلو قالت بعد ساعة مثلاً، فعلى الزَّوج أن يقبل منها ذلك؛ لأنَّ المحادثة القائمة على الجذب وليس الإكراه، هي المحادثة الممتعة والمفيدة، وهي الَّتي تتمُّ بناءً على تجاذب الطَّرفَين أو جذب أحدهما للآخر، وليست الَّتي تتمُّ بسببِ الضَّغط والإكراه.
النُّقطة الثَّانية: عدم الاستعجال في حسم الحوار
إذا جلس الزَّوجان للحوار في قضيَّة من القضايا أو لمعالجة مشكلة من المشاكل فإنَّ من المهمِّ أن يمنحا أنفسهما الوقت الكافي لذلك، فحينما يكون الحوار في حاجة إلى ساعة من الزَّمن ويُخصَّص له نصف ساعة فقط فإنَّ من المتوقَّع أن تكثر مقاطعة المتحدِّث، وأن يشعر الزَّوجان بضغط الوقت، فيتخذان قرارات مستعجَلة وغير حكيمة، وتتسع حينها مساحة الخلاف بينهما، ولهذا فإنَّ من المهمِّ أن يجري الحوار والذِّهنُ صافٍ والوقت شبهُ مفتوح.
النُّقطة الثَّالثة: حسن الإصغاء
للطَّرف الآخر وعدم مقاطعته؛ لئلَّا يقعا في المراء المذموم وليكون كلّ طرف قادراً على توضيح فكرته بوضوح.
النُّقطة الرَّابعة: العدل في توزيع الوقت
النُّقطة الخامسة: احترام الطَّرف الآخر أثناء الحوار
وهذه نقطة في غاية الأهمِّيَّة، ينبغي على المتحاورَين الالتفات إليها؛ إذ في كثير من الأحيان يعمد أحد الطَّرفَين إلى استخدام الأسلوب المهين للآخر أو التَّسخيف به وبرأيه، وهذا ما يجعل الأمور تتعقَّد أكثر بدلاً من حلِّها، فمثلاً يأتي الزَّوج فيعرض على زوجته طموحه بأنَّ يكون واحداً من الرِّجال العظماء المرموقين أو من التُّجار الكبار فتأتي المرأة بأسلوب مهين قائلة له: كن واقعيّاً وكفى أوهاماً، فأنتَ إنسان بسيط لا تصلح لشيء، فهذا الأسلوب غير ملائم، وسيدفع بالزَّوج في اتِّجاه الصَّمت، بخلاف ما لو قالت المرأة مثلا: وأنا مثلك أطمح في أن أكون من العظماء أو الأثرياء، ولكن تعال لنفكِّر كيف يمكننا بلوغ ذلك، فإنَّ هذا الأسلوب الآخر يشجِّع الطَّرف الآخر على الحوار.
النُّقطة السَّادسة: ترك التَّعصب للرَّأي
ودخول الحوار مع احتمال الاشتباه والخطأ، فمن المهمِّ أن تكون غاية كلِّ من المتحاورَين هي الوصول إلى الصَّواب والمصلحة، فلا بدَّ من أن يتوقَّع الزَّوجان من وراء الحوار أن يحدث تغيُّر في آرائهما ومواقفهما، ولا يصحُّ النَّظر إلى ذلك على أنَّه نوعٌ من الهزيمة أو عدم النُّضج في الرَّأي.
النُّقطة السَّابعة: تقديم بعض التَّنازلات
إن اقتضت المصلحة ذلك ولم يمنع الشَّرع منه؛ إذ في بعض الأحيان يكمنُ الحلّ في أن يقدِّم كلُّ طرفٍ من الأطراف بعض التَّنازلات للوصول إلى النَّتيجة الأقلِّ ضرراً.
النُّقطة الثَّامنة: إيجاد الجوّ الإيجابيّ بعد حسم نتيجة الحوار
فذلك يساعد على تطبيق نتيجة الحوار الَّتي توصَّلا إليها والأخذ بها، فمثلاً يتعيَّن على من كسب الحوار أن يلطِّف الأجواء مع صاحبه ليحدَّ من مرارة انهزامه، وأمَّا الخاسر فعليه أن يتقبَّل الحقَّ وأن يكون منطقُه اتِّباع الدَّليل، يميل معه حيثما مال، لا أن تأخذه العزَّة بالإثم وينسحب من الحوار متذرِّعاً ببعض الذَّرائع، فيفسد بذلك كلُّ شيء.
العامل السَّادس: تأمين الحاجات الجنسيَّة
يُعدُّ الجانب العاطفيّ الغريزيّ حجراً أساساً، وعنصراً مؤثِّراً في العلاقات الزَّوجيَّة؛ لأنَّه حاجة ملحَّة في نفس كلٍّ من الزَّوجَين، وسدِّ الحاجة في هذا الجانب يؤكِّد الانشداد الخاصّ بين الزَّوجَين ويعمقه، ومن هنا لاحظ الباحثون أنَّ الفتور العاطفيّ والبرود الجنسيّ لأيٍّ سببٍ كان جسميّاً أو نفسيّاً هو من أهمُّ عوامل الفشل في الحياة الزَّوجيَّة.
والإسلام الَّذي يُبدي حرصاً واهتماماً كبيراً بإنجاح مشروع البناء الأُسريّ يولي الجانب العاطفيّ والعلاقة الجنسيَّة بين الزَّوجَين الاهتمام الكبير، وذلك ما نلحظه من خلال النُّصوص العديدة، فمثلاً ورد عن الإمام الصَّادقe أنَّه قال: >جَاءَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ إِلَى النَّبِيِّe فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عُثْمَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِe مُغْضَباً يَحْمِلُ نَعْلَيْهِ حَتَّى جَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي، فَانْصَرَفَ عُثْمَانُ حِينَ رَأَى رَسُولَ اللهِe، فَقَالَ لَهُ: يَا عُثْمَانُ لَمْ يُرْسِلْنِي اللهُ بِالرَّهْبَانِيَّةِ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي بِالحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ؛ أَصُومُ وَأُصَلِّي، وَأَلْمِسُ أَهْلِي، فَمَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي، وَمِنْ سُنَّتِيَ النِّكَاحُ<([47]).
فمثل هذا النَّصّ وغيره يشير بوضوح إلى أنَّ الإسلام مهتمٌّ بتأمين هذا الجانب، ومن شدَّة اهتمامه به نجده في عدَّة نصوص يعطي العبد الثَّواب والأجر عليه رغم كونه أمراً مادِّيّاً بحتاً ممَّا أثار ذلك تعجُّب بعض الأصحاب، فمثلا ورد عن النَّبيّe أنَّه قال لأبي ذر الغفاري: >ائْتِ أَهْلَكَ تُؤْجَرْ< فسأل أبو ذر متعجِّبا، آتيهم وأؤجر؟ فأجاب رسول اللهe: >كَمَا أَنَّكَ إِذَا أَتَيْتَ الحَرَامَ أُزِرْتَ فَكَذَلِكَ إِذَا أَتَيْتَ الحَلالَ أُجِرْتَ<([48]).
وورد عن الأميرg: >جاء عثمان بن مظعون إلى رسول اللهe فقال عثمان بن مظعون: هَمَمْتُ أَنْ أُحَرِّمَ خَوْلَةَ عَلَى نَفْسِي -يَعْنِي امْرَأَتَهُ-، قَالَ: لَا تَفْعَلْ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ إِذَا اتَّخَذَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ كَتَبَ اللهُ لَهُ! عَشْرَ حَسَنَاتٍ، ومَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ؛ فَإِنْ قَبَّلَهَا كَتَبَ اللهُ لَهُ مِائَةَ حَسَنَةٍ، ومَحَا عَنْهُ مِائَةَ سَيِّئَةٍ، فَإِنْ أَلَمَّ بِهَا كَتَبَ اللهُ لَهُ أَلْفَ حَسَنَةٍ، ومَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وحَضَرَتْهُمَا المَلَائِكَةُ، وإِذَا اغْتَسَلَا لَمْ يَمُرَّ المَاءُ عَلَى شَعْرَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُمَا حَسَنَةً، ومَحَا عَنْهُمَا سَيِّئَةً، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدَيَّ هَذَيْنِ اغْتَسَلَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ عِلْماً مِنْهُمَا أَنِّي رَبُّهُمَا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمَا، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فِي وَقْعَتِهِمَا تِلْكَ وَلَدٌ كَانَ لَهُمَا وَصِيفاً فِي الجَنَّة<([49]).
ولم تقف النُّصوص الشَّريفة عند هذا الحدِّ، بل أخذت على عاتقها أن تقدِّم لنا التَّعاليم الدِّينيَّة المتعلِّقة بهذا الشَّأن بحيث تتوفَّر لنا الثَّقافة السَّليمة في هذا الجانب المهمِّ، فما على القارئ إلَّا أن يُبحر فيها ويقتنص منها الدُّروس العديدة الَّتي توجِّه السُّلوك نحو الأخلاق والقِيَم، وتقينا من الانحرافات والمشاكل الَّتي كثر انتشارها في هذا الزَّمن، وتعيننا على النَّجاح في بناء حياة زوجيَّة سعيدة، ومن تلك التَّعاليم الَّتي أشارت إليها الرِّوايات:
أ. التَّوصية بتزيُّن المرأة للزَّوج
يعدُّ تزيُّن المرأة لزوجها من الإرشادات المهمَّة الَّتي تهيء الأرضيَّة لتأمين حاجات الزَّوجَين الجنسيَّة، فحثَّ الإسلام المرأة بأنَّ تهتمَّ بأناقتها، وجمالها أمام زوجها؛ لتملأ عينه، ولتستقطب أحاسيسه، فلا ينجذب لما وراء ذلك، وبذلك تتحقَّق العِفَّة، ويتوثَّق الارتباط.
وممَّا يُؤسف عليه هو أنَّ بعض النِّساء قد تُغفِل هذا الجانب أمامَ زوجِها؛ انشغالاً منها بخدمة البيت، وتربية الأولاد، أو لشعورها بعمق الحبِّ بينهما، وترى أنَّه لا داعيَ لكلِّ ذلك، في حين أنَّها تخصِّص ثياب الزِّينة وأساليب الأناقة عند ذهابها لبعض الحفلات أو الزِّيارات، لكنَّ هذا التَّفكير خطأ، وهو خلاف التَّعاليم الإسلاميَّة، فالزَّوج تصادِفه مختلَف الأشكال والمناظِر، وخاصَّة عبر وسائل الإعلام، الَّتي تَستغِلُّ أنوثة المرأة، وتُتاجِر بها، فينبغي للمرأة أن تعمل للاستيلاء على مشاعر زوجها، وأن تملأ عينَيه.
وممَّا ورد في هذا المجال ما عن النَّبيّe: > إِنِّي لَأُبْغِضُ مِنَ النِّسَاءِ السَّلْتَاءَ وَالمَرْهَاءَ، فَالسَّلْتَاءُ الَّتِي لا تَخْضِبُ وَالمَرْهَاءُ الَّتِي لا تَكْتَحِلُ <([50]).
وفي الخبر عن أمير المؤمنينg: >لِتَتَطَيَّبْ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ لِزَوْجِهَا<([51]).
ب. توصية الرَّجل بالتَّزيُّن لزوجه
أكَّدت الرِّوايات الشَّريفة على أهمِّيَّة أن يتزيَّن الرَّجل لزوجه مثلما أكَّدت على المرأة أن تتزيَّن لزوجها، فهو مطالب بأن يهتمَّ بأناقته وجماله، ومنظره ونظافته أمام زوجه، فهي إنسان تمتلك مشاعر وأحاسيس، وتصادفها مختلف الأشكال والمناظر، فيجب أن ترى في زوجها ما يملأ عينَيها، ويجتذب أحاسيسها.
وممَّا ورد في هذا المجال ما ورد عن النَّبيّe: >يجب على الرَّجل لامرأته ما يجب له عليها؛ أن يتزيَّن لها كما تتزيَّن له<([52]).
وفي رواية أخرى عن الحسن بن الجهم قال: رأيت أبا الحسنg اختضب، فقلت: جعلت فداك، اختضبتَ؟ فقالg: > نَعَمْ إِنَّ التَّهْيِئَةَ مِمَّا يَزِيدُ فِي عِفَّةِ النِّسَاءِ وَلَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءُ العِفَّةَ بِتَرْكِ أَزْوَاجِهِنَّ التَّهْيِئَةَ<، ثمَّ قالg: >أَيَسُرُّكَ أَنْ تَرَاهَا عَلَى مَا تَرَاكَ عَلَيْهِ إِذَا كُنْتَ عَلَى غَيْرِ تَهْيِئَةٍ؟< قلت: لا، فقالg: >فَهُوَ ذَاكَ<([53]).
ج. الاستعداد التَّامّ لتلبية حاجة الطَّرف الآخر
شدَّدت الرِّوايات على ضرورة المبادرة لتلبية كلٍّ من الزَّوجَين حاجة الطَّرف الآخر وترك التَّسويف في ذلك، وممَّا ورد في هذا الجانب ما عن النَّبيّe: >إذا دعا الرَّجل زوجتَه لحاجته فلتأته وإن كانت على التَّنور<([54]).
وعنهe: >إذا دعا الرَّجل زوجتَه إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتَّى تصبح<([55]).
وعنهe: >لَعَنَ اللهُ المسوِّفات<، فقيل يا نبي الله، وما المسوِّفات؟ فقالe: >الَّتي يدعوها زوجُها إلى فراشها فتقول سوف حتَّى تغلبه عيناه<([56]).
وعنهe: >إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَلا يُعَجِّلْهَا<([57]).
وعنه: >إذا جامع أحدُكم أهلَّه فليصدقها، ثمَّ إذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجِّلها، حتَّى تقضي حاجتها<([58]).
د. الالتفات إلى المُقدَّمات المُرغِّبة
إضافة إلى الاهتمام بالتَّزيُّن والظُّهور بالهيئة الحسنة دعت الرِّوايات الشَّريفة إلى الاهتمام بخطوات مهمَّة قبل مقاربة المرأة، والَّتي لها دورها في سعادة الزَّوجَين، فقد أرشد رسول اللهe إلى مسألة حسَّاسة في العلاقة الخاصَّة بين الزَّوجَين، وهي ألَّا تكون هذه العلاقة خاليةً من العاطفة، مقتصرةً على قضاء حاجة الجسد، غيرَ مبالية برغبات الطَّرف الآخر فعنهe: >لا يقع أحدكم على أهلِه كما تقع البهيمة، ليكن بينهما رسول<، قيل: وما الرَّسول يا رسول الله؟ فقالe: >القُبلة والكلام<([59]).
فدعىe إلى مقدَّمات مهمَّة تقوِّي جانب الرَّغبة عند الطَّرفَين مطلِقاً عليها مصطلح (الرَّسول)، ومن هذه المقدِّمات:
1. الملاطفة والمؤانسة بالكلام: وقد اعتبرe في بعض النُّصوص أنَّه من عجز الرَّجل أن يقارب زوجه قبل أن يحادثها ويؤانسها([60]).
2. التَّقبيل: كما مرَّ في الحديث السَّابق.
3. المداعبة: فقد ورد عن النَّبيّe: >ثَلاثَةٌ مِنَ الجَفَاءِ؛ ... وَمُوَاقَعَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ قَبْلَ المُدَاعَبَةِ<([61]).
هـ. إزالة حواجز الحياء
من المعروف في تعاليم الإسلام تأكيده على حياء الإنسان معتبِراً ذلك من الإيمان، إلَّا أنَّها استثنت من ذلك العلاقة الخاصَّة بين الزَّوجَين الَّتي ينبغي أن تكون محرَّرة من الحواجز الَّتي اعتادها الإنسان في علاقته بالآخرين، وبما أنَّ المرأة قد تكون أكثر حياءً من الرَّجل، فقد دعا النَّبيّe -في ما ورد عنه- المرأة إلى أن تتحرَّر من قيود الحياء مع زوجها معتبراً ذلك من كمالها، فقد ورد عنهe: >خَيْرُ نِسَائِكُمُ الَّتِي إِذَا خَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا خَلَعَتْ لَهُ دِرْعَ الحَيَاءِ<([62]).
وفي حديث آخر عنهe: >إِنَّ خَيْرَ نِسَائِكُمُ الوَلُودُ الوَدُودُ العَفِيفَةُ العَزِيزَةُ فِي أَهْلِهَا الذَّلِيلَةُ مَعَ بَعْلِهَا المُتَبَرِّجَةُ مَعَ زَوْجِهَا الحَصَانُ عَلَى غَيْرِهِ الَّتِي تَسْمَعُ قَوْلَهُ وَتُطِيعُ أَمْرَهُ وَإِذَا خَلا بِهَا<([63]).
الأدب العبادي:
إلى جانب العناوين السَّابقة حثَّت الرِّوايات الواردة عن النَّبيّe وأهل بيتهiعلى بعض الأعمال العباديَّة الَّتي تُضفي ببركتها على هذه العلاقة، وتضيف بُعداً روحيّاً إلى جانب اللَّذَّة الجسديَّة، ومن تلك الأعمال:
1. الذِّكر:
فعن الإمام الصَّادقg: >إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَذْكُرِ اللهَ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ الجِمَاعِ وَكَانَ مِنْهُ وَلَدٌ كَانَ ذَلِكَ شِرْكَ شَيْطَانٍ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِحُبِّنَا وَبُغْضِنَا<([64]).
وعنهg، في الرَّجل إذا أتى أهله، وخشي أن يشاركه الشيطان قال: >يَقُولُ بِسْمِ اللهِ، وَيَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ<([65]).
2. الدُّعاء:
فعن الأميرg: >إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ اللهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِيً». قال: «فَإِنْ قَضَى اللهُ بَيْنَهُمَا وَلَداً لا يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ بِشَيْءٍ أَبَداً»([66]).
3. الوضوء للعَوْد:
فقد ورد أن الإمام الصَّادقg >إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ لِلْجِمَاعِ تَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلاةِ<([67]).
ي. أزمنة مناسبة
تعرَّض رسول اللهe في بعض النُّصوص إلى ذِكر الأزمنة المبارَكة والمناسِبة لإيقاع الجماع فيها، كما تعرَّض إلى الأزمنة غير المناسِبة، وذكرت هذه النُّصوص آثاراً تترتَّب على إثر ذلك، فحريّ بالإنسان المؤمن أن يلتفت إليها، سيَّما إذا كان يطلب من وراء ذلك الجماعِ الولدَ.
إذاً هذه بعض الإرشادات المهمَّة الَّتي دلَّتنا عليها النُّصوص الشَّريفة، وباتباعها يؤمِّن الشَّريك لشريكه الحاجة الجنسيَّة الَّتي تُعتبر عاملاً مهماً ومؤثِّراً في توطيد وتعميق العلاقة الزَّوجيَّة.
العامل السَّابع: القناعة بالشَّريك
من العوامل الأساسيَّة الَّتي تحافظ على استقرار العلاقة الزَّوجيَّة وتوطيدها هو القناعة بالشَّريك، وورد مدح كبير لهذه الصِّفة في الرِّوايات، ففي مضمون الأخبار بأنَّ القناعة كنزٌ لا يفنى، وأنَّها أهنأُ العيش وأطيبه، إلَّا أنَّ بعض النَّاس يراوده أحياناً شعورٌ بنقصِ شريكه فيعزِّزه في نفسه ولا يتقبَّله إطلاقاً، ويشعر حينها بحالة من البرود أو النُّفور العاطفيّ والنَّفسيّ تجاه شريكه، فتتولَّد حينها المشاكل، فمثلاً وجدنا في المجتمع أنَّ المرأة أحيانا قد تشعر أو تجد بأنَّ هناك نقصاً ما في شخصيَّة زوجها، ولا تستطيع أن تتكيَّف وتتعامل بشكل إيجابيّ تجاه هذا الشُّعور ممَّا يجعلها غير مقتنعة به، وحينئذ فقدانها هذا لعنصر القناعة بزوجها يدمِّرها ويجعلها عُرضة للبرود العاطفيّ والخلافات الدَّائمة، وعلى العكس تماما فالمرأة الَّتي تُحسِن التَّعاطي مع هذا الشُّعور العارض تجاه الزَّوج، فإنَّها تنقذ في الحقيقة نفسها وعلاقتها بزوجها.
وقد نقل لي أحدُ الأحبَّة حادثةً تؤيِّد هذا المعنى الَّذي نوصي به ونصرُّ عليه، فقال أنَّ امرأةً اكتشفت عدَّة عيوبٍ في زوجها بعد زواجهما، ووقفت على بعض الاختلافات الفكريَّة بينها وبينه، فاغتاظت لذلك وبدأت تنفر من زوجها وأصبحت غير مرتاحة معه، فقرَّرت أن تلقِّن زوجَها درساً قاسياً، فذهبت إلى مستشار نفسيّ لتسأله عن أسوأ عمل يغيظ الزَّوج؛ حتَّى تحاول تطبيقه انتقاماً من زوجها الَّذي اكتشفت أنَّه لا يلائمها، ويختلف معها في كثير من الأمور، فقال المستشار لها: عليكِ أنْ تظهري حبكِ له ليتعلَّق قلبَه بكِ، وحينما يصل إلى هذه الدَّرجة العالية من الرُّكون والارتياح إليكِ اطلبي منه الطَّلاق، وبهذا تُلحقين به عقوبةً قاسية.. أُعجبت المرأة بالفكرة، ولكن قالت للمستشار: كيف أُطبِّق هذه الفكرة؟! وكيف أجعله يحبُّني حبّاً شديداً؟؟ فقال المستشار لها: ركِّزي على الجوانب الإيجابيَّة في شخصيّته، ولا تفكِّري في الجوانب السَّلبيَّة حتَّى تُبدين نفسَك طبيعيَّة، ولا يشكُّ في أمركِ، فقالت: هو كذلك.. وبالفعل فعلت المرأة ذلك فكانت تركِّز على الجوانب الإيجابيَّة، وتتغاضى عن الجوانب السَّلبيَّة، وبهذا الفعل تمكَّنت من كسب قلب الرَّجل، فاشتدَّ حبُّ الرَّجل لها فصار شديد التعلُّق بها.. هنا كان من اللَّازم أن تطبِّق الخطوة الثَّانية، وهي أن تطلب الطَّلاق، فذهبت للمستشار وأخبرتَه بالنَّتائج الإيجابيَّة الَّتي قد حقَّقتها، فقال لها: عظيم جدّاً، والآن بقي عليكِ أن تطلبي منه الطَّلاق، فردَّت عليه المرأة بأنَّ هذا مستحيل! فقال المستشار: ولماذا؟ فقالت: لأنَّي أنا أيضاً أصبحت شديدة التعلُّق به ومحبَّة له، فقال لها المستشار: نعم، وهذا ما أردتُه، فحينما تركِّزي على الجانب الإيجابيّ، وتتجنَّبي التَّفكير في الجانب السَّلبيّ يحصل التلاؤم بينكما.
وهناك نقاطٌ عديدة ذكرها أهل الاختصاص تُعتبَر معينةً في حضور عنصر القناعة عند كلٍّ من الطَّرفَين منها: تجنُّب المثاليَّة الزَّائدة في التَّفكير نحوَ الشَّريك، وتجنُّب النَّظرة المثاليَّة نحو الحياة الزَّوجيَّة، وترك مقارنة الشَّريك بالآخرين، والالتفات إلى أنَّ الكمال لله سبحانه وحده، والعصمة لأهلها، فالنَّقص موجود في الطرفين.
تنبيه:
طرْح مبدأ القناعة لا يعني تعطيل عجلة التَّكامل على مستوى النَّفس والشَّريك، ففي الوقت الَّذي يمكن أن أعيش فيه مبدأ القناعة يمكنني أيضاً أن أكون طموحاً نحو الأفضل فيما يرتبط بالنَّفس أو فيما يرتبط بالشَّريك، وأفضل الطُّرق إلى تحقيق هذا الطُّموح وسدّ النَّواقص والقصور هو السَّعي العمليّ المشترَك، شريطةَ مراعاة الأسلوب الأمثل، وهذا السَّعي المشترَك نحو الأفضل سيضفي لمساتٍ نوعيَّة لها طعمها الخاصّ في الحياة الزَّوجيَّة، وسينقل حال الطَّرفَين نحو الأفضل مع الأيام.
العامل الثَّامن: التَّغافل والتَّغاضي
يُعدُّ التَّغافل والتَّغاضي عن الأخطاء أحياناً من العوامل المهمَّة لطمأنينة النَّفس، والرَّاحة في الحياة، فغضُّ الطَّرف عن الأخطاء البسيطة دليلٌ على حبِّ وتقدير الشَّريك، فليس كلُّ خطأٍ يجب التَّنبيه عليه، بخلاف الأخطاء المؤثِّرة والمتكرِّرة.
لذا ورد عن أمير المؤمنينg: >من لا يتغافل ولا يغضُّ عن كثيرٍ من الأمور تنغصَّت عيشُته<([68]).
فلو أنَّ كلَّ طرفٍ حاسبَ الآخر على كلٍّ فعلٍ وخطأ لتنغصَّت المعيشة، ولتحولَّت إلى جحيم لا يُطاق، ولذا قال الشاعر([69]):
إِنْ كُنْتَ في كُلِّ الذُنُوْبِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذِي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصفو مَشارِبُه
وتقول الحكمة: الزَّواج مكيال، ثلثه فطنة، وثلثاه تغافل.
وأختمُ الحديث حول هذا العامل المهم بذكر هذه القصَّة اللَّطيفة الَّتي نقلها لي أحد الأخوة الكرام:
ينقل أنَّ زوجان يعيشان مع بعضما سنين طويلة في سعادة وهناء، لم يكن بينهما تكلُّف ولا أسرار، كان من ديدن الزَّوجة أن تحتفظ بصندوق، وقد طلبت من زوجها ألَّا يفتح الصُّندوق وألَّا يسألها عمَّا بداخله؛ ولأنَّ الرَّجل يحترم رغبة زوجته فقد فعل ما طلبت، وفي يوم من الأيام مرضت المرأة مرضاً شديداً، فقال الطَّبيب: إنَّ أيامها باتت معدودة، فلم يتمالك الرَّجل نفسه، وصار يبكي بحرقة عند زوجته، ثمَّ وقعت عيناه على الصُّندوق، فحمله وتوجَّه به نحو السَّرير، فما إن رأت المرأة ذلك الصُّندوق حتَّى تبسمت، وقالت له: الآن يمكنك فتح الصُّندوق، ففتح الرَّجل ذلك الصُّندوق وإذا بداخله دميتَين مصنوعتين من القماش وإبر خياطة ومبلغ كبير من المال، فسألها وما هذا فقالت المرأة: عندما تزوَّجتك أبلغتني أمِّي أنَّ سرَّ الزَّواج النَّاجح يكمن في تفادي الجدال والتغاضي والتغافل عن الأخطاء، ونصحتني بأنَّي كلَّما غضبتُ منكَ أكتم غضبي، وأقوم بصنع دمية هنا، فقاطعها الرَّجل قائلا: هذا يعني أني لم أُغضبك إلَّا مرَّتين فقط في طيلة حياتنا؟ فتبسَّمت الزَّوجة قائلة: ولكن لِمَ لم تسألني عن المال من أين لي؟ فقال الزَّوج: ومن أين لكِ هذا المبلغ الكبير جدّاً؟ فقالت: هو من بيع الدمى الَّتي قد صنعتها!.
والحاصل أنَّ عامل التَّغافل يُعدُّ من العوامل المهمَّة لاستمراريَّة الحبِّ وتوطيد العلاقة الزَّوجيَّة.
العامل التَّاسع: التَّسامح وقبول الاعتذار
ورد في الخبر عن إسحاق بن عمَّار أنَّه قال: قلت لأبي عبد الله الصَّادقg: ما حقُّ المرأة على زوجها الَّذي إذا فعله كان محسناً؟ قالg : >يُشْبِعُهَا وَيَكْسُوهَا وَإِنْ جَهِلَتْ غَفَرَ لَهَا<، وقالg: >كَانَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ أَبِيg تُؤْذِيهِ فَيَغْفِرُ لَهَا<([70]).
فمن من المهمِّ أن يكون هذا العامل من العوامل الفعَّالة على الدَّوام بين الزَّوجَين، فلو أخطأَ أحدُ الزَّوجَين في حقِّ الآخر ثمَّ ندم وجاء للاعتذار، فهنا يتوجَّب على الطَّرف الآخر أن يقبل العذر، فقد ورد عن الأميرg: >شَرُّ النَّاسِ مَنْ لَا يَعْفُو عَنِ الهَفْوَةِ<([71]).
وينبغي على الزَّوجَين الحذر من وساوس الشَّيطان والنَّفس الأمَّارة كي لا يقعا في مسألة المكابرة على الخطأ أو عدم قبول العذر، فلا يصحُّ أن يردِّد من طُلب منه الاعتذار أمام المعتذِر: لقد أذهبت بكرامتي وعزَّتي وما شاكل من كلمات، فقد ورد عن الأميرg: >اقْبَلْ عُذْرَ أَخِيكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَالتَمِسْ لَهُ عُذْراً< ([72]).
وممَّا يُنقل أنه سُئل رجلٌ عجوز: كيف استمرَّ زواجكما لأكثر من أربعة وستون عاماً؟
فقال: نحن من جيلٍ إذا انكسر شيءٌ نصلحه ولا نرميه.
ويعني بذلك أنَّنا تربينا على إصلاح أخطائنا وتجاوزها فيما بيننا، فنعالج كسر القلوب ولا نسمح لأيِّ خطأ أن يفرق بيننا.
فما أطيبَ العيش الَّذي يسوده التَّسامح وقبول الاعتذار، لذا من أراد أن تقوى وتتوطَّد علاقته بشريك حياته فلا يغفل عن هذا العامل.
العامل العاشر: الشُّكر وتقدير الطَّرف الآخر
لا يقلُّ عامل الشُّكر والتَّقدير شأناً عن بقيَّة العوامل في تأثيره على طبيعة العلاقة الزَّوجيَّة، فإنَّ للشُّكر والتَّقدير الأثر البالغ في توطيد العلاقة بين الزَّوجَين، فالرَّجل مثلاً حينما يجد بأنَّ شريكتَه تقدِّر له جهوده، وتشكره عليها بقولٍ أو بفعلٍ تفعله، فإنَّه سيشعر بالرَّاحة والسَّعادة، وسيبقى محبّاً للعطاء أكثر فأكثر، والأمرُ نفسُه بالنَّسبة للمرأة إذا قُدِّرَت جهودها وشُكرَت عليها فإنَّها ستندفع أكثر نحو تقديم الأفضل لزوجها وأُسرتها، وبذلك تشتدُّ وتقوى الرَّوابط بينهما.
وأكتفي بذكر هذا القدر من العوامل، رغم إمكان ذكر المزيد فيما لو تتبَّعنا النُّصوص وكلام أهل الاختصاص، من قبيل تفعيل روح التَّعاون، وحفظ كلٍّ منهما خصوصيَّات الطَّرف الآخر، ومداراة كلّ منهما للآخر، والرَّفق به، والإحسان إلى والديّ الآخر واحترام أقاربه، وغير ذلك.
الخاتمة
اتَّضح من خلال هذه الصَّفحات ما للعلاقة بين الزَّوجَين من مكانة في نظر الشَّارع المقدَّس، كما اتَّضح حجم الآثار الَّتي تتركها هذه العلاقة على الفرد والأولاد والمجتمع، وأشرنا إلى عشرة عوامل مهمَّة ومؤثِّرة في تقوية هذه العلاقة والرَّابطة، والَّذي أَدعو إليه في ختام كلامي هو أن يسعى القارئ الكريم بشكلٍ جادٍ إلى أن يطبِّق هذه العوامل في حياته الزَّوجيَّة لتكون بذلك حياته سعيدةً راقيةً، فالعِلم وبالٌ على صاحبه حتَّى يعمل به.
وفَّقنا الله وإيَّاكم للعِلم والعمل الصَّالح، وآخر دعوانا أن الحمدِ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على محمَّدٍ وآلِه الطَّاهرين.
[1] قال تعالى: {كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}. (النِّساء: 21).
[2] فقه الأُسرة، الشَّيخ حسن الصَّفَّار، ص316.
[3] الزَّواج والأُسرة، الشَّيخ عيسى أحمد قاسم، ص67.
[4] تفسير الميزان، العلَّامة الطَّباطبائيّ، ج2 ص236.
[5] مواهب الرَّحمن في تفسير القرآن، السَّبزواريّ، ج4، ص10.
[6] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج33، ص628.
[7] صحيح مسلم، ح1218.
[8] تحف العقول، ابن شعبة الحرَّانيّ، ص137، ح273.
[9] كنز العمَّال، المتَّقيّ الهنديّ، ح44771.
[10] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج100، ص246.
[11] مكارم الأخلاق، الطَّبرسيّ، ج1، ص204.
[12] من لا يحضره الفقيه، الصَّدوق، ج3، ص393.
[13] مكارم الأخلاق، الطَّبرسيّ، ج1، ص204.
[14] إرشاد القلوب، الدَّيلميّ، ج1، ص183.
[15] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص39.
[16] وسائل الشِّيعة، الحر العامليّ، ج20، ص39.
[17] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج68، ص389، ح42.
[18] كنز العمَّال، المتَّقيّ الهنديّ، ج3، ص17، ح5225.
[19] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج68، ص392، ح59.
[20] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج7، ص303.
[21] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج68، ص387،ح34.
[22] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج72، ص321.
[23] الكافي، الكلينيّ، ج2، ص100، ح5.
[24] المصدر نفسه، ص101.
[25] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج74، ص148، ح71.
[26] غرر الحكم، الآمديّ، ج6، ص99.
[27] الكافي، الكلينيّ، ج2، ص100، ح8.
[28] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج7٤، ص67، ح6.
[29] عيون أخبار الرِّضاg، الصَّدوق، ج2، ص38، ح108.
[30] المصدر نفسه، ح109.
[31] سنن التِّرمذيّ، ج5، ص9، ح2612.
[32] تنبيه الغافلين، السَّمرقنديّ، ص516، ح816.
[33] الكافي، الكلينيّ، ج2، ص644.
[34] المحاسن، البرقيّ، ج1، ص266.
[35] الكافي، الكلينيّ، ج5، ص569.
[36] عوالم العلوم والمعارف، البحرانيّ، ج11، ص522، ح63166.
[37] سنن التِّرمذيّ، ج3، ص467، ح1163.
[38] صحيح البخاريّ، ج2، ص901، ح2416.
[39] كنز العمَّال، المتَّقيّ الهنديّ، ج16 ص609 ح46042
[40] مُستدرَك الوسائل، المحدِّث النُّوريّ، ج14، ص237.
[41] المصدر نفسه.
[42] الكافي، الكلينيّ، ج4، ص12، ح9.
[43] المُستدرَك على الصَّحيحَين، الحاكم النَّيسابوريّ، ج4، ص545، ح8526.
[44] التَّواصل الأسريّ، عبد الكريم بكار، ص74.
[45] التَّواصل الأسريّ، عبد الكريم بكار، ص74.
[46] التَّواصل الأسريّ، عبد الكريم بكار، ص75.
[47] الكافي، الكلينيّ، ج5، ص494.
[48] الكافي، الكلينيّ، ج5، ص495، ح3.
[49] مستدرَك الوسائل، المحدِّث النُّوريّ، ج7، ص507، ح8763.
[50] مُستدرَك الوسائل، المحدِّث النُّوريّ، ج1، ص394، ح196993.
[51] مُستدرَك سفينة البحار، النَّمازيّ، ج6، ص611.
[52] الفردوس بمأثور الخطاب، الدَّيمليّ الهمدانيّ، ج5،ص 521، ح8953
[53] الوافي، الفيض الكاشانيّ، ج22، ص871.
[54] كتاب سنن التِّرمذيّ ج3 ص465 ح1160
[55] روضة الواعظين، الفتَّال النَّيسابوريّ، ص411
[56] كنز العمَّال، المتَّقيّ الهنديّ، ج16 ص385 ح45021
[57] الكافي، الكلينيّ، ج5، ص183، ح1684.
[58] مسند أبي يعلى، ج4، ص138، ح4186.
[59] المحجَّة البيضاء، الفيض الكاشانيّ، ج3، ص117.
[60] المصدر نفسه.
[61] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص119.
[62] الكافي، الكلينيّ، ج5، ص324.
[63] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص28.
[64] من لا يحضره الفقيه، الصَّدوق، ج3، ص404.
[65] الوافي، الفيض الكاشانيّ، ج22، ص713.
[66] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص136.
[67] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج1، ص385.
[68] غرر الحكم، الآمدي، ح9149.
[69] بشّار بن برد.
[70] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج20، ص169.
[71] غرر الحكم، الآمديّ، ص411.
[72] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج71، ص165.
0 التعليق
ارسال التعليق