بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.
لا يحتاج التشيع في أيّ بقعة من بقاع العالم -التي دخلها الإسلام في العصر الأول- إلى إثبات تجذره وتأصّله فيها بقدر ما يحتاج إلى أن يوقف في وجه ما يخطط له أعداء الدين المنحرفين الضالين الذين لا غرض لهم سوى طمس معالمه، وهزّ أركانه، وإفنائه من قلوب حامليه... ذلك كلّه لأن التشيّع يعكس الإسلام ونهجه - بل ليس الإسلام إلا هو- لفرط ارتباط هذا الخط بأولياء الله وهم المعصومون وعلى رأسهم سيدنا وإمامنا ونبينا محمد (صلَّى الله عليه وآله).
والتشيع واضح المعالم في فكره ونهجه فلا يعيش حالة التذبذب والتلكّؤ لرجوعه في ذلك كلّه إلى من يؤمن بزعامتهم الإلهية غير مكترث للحدود الجغرافية التي وضعها الإنسان.
وهذا الرجوع والالتزام بهذا النهج لم يكن وليد مرحلة عصيبة مثلاً أو ظرفٍ ما، بل إن هذا الرجوع -والالتصاق- كان مع سلمان المحمدي وأبي ذرّ الغفاري والمقداد وعمّار... هؤلاء الذين كانوا يمثّلون الطليعة المؤمنة من الشيعة في العهد الزاهر لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) واستمر هذا الالتصاق إلى يومنا هذا وسيبقى إلى قيام الساعة.
والتشيّع في بقعة البحرين (أوال) ليس خارجاً عن ما ذكرناه فهو الآخر ثابت منذ العهد الأول في الإسلام... وقد نقل لنا التاريخ حـوادث تثبت ذلك وشخصـيات شيعية قد دخلت التاريخ بمواقفها كصعـصـعة بن صـوحان والقس بن ساعدة وغيرهما ممن عاصر النبي (صلَّى الله عليه وآله) وتولّى عليّاً (عليه السلام).
وقبور العلماء والصالحين خير شاهد على هذا وتنطقُ بما كُتِبَ على ساجاتها ناهيك عن كتبهم التي يقف عندها العلماء الأعلام في كل زمان... والكثير الكثير الذي يثبت عمق التشيع ورسوخه في هذه البقعة المباركة ويكفي في ذلك كلّه أن تقف أمام مسجد الخميس –كما يُعرف اليوم- لتسأل عن تاريخه لتجيبك منارتاه ومحرابه بأنه أحد أقدم الشهود على هوية البحرين.
ومن هنا جاء هذا العدد ليُخصّص حول (تاريخ التشيع في البحرين) ليذكُر ويذكّر بشيء يسير جدّاً مما يمكن الحديث عنه فيما يتعلّق بعمق التشيع ورسوخه في هذه البقعة... على أمل أن يكون نواةً تدفع الباحثين إلى الوقوف على هذه الحقيقة ليستوعبوها بحثاً وتدقيقاً حتى لا يتركوا المجال للعبث بتاريخ يبنى عليه حاضرٌ ومستقبل.
0 التعليق
ارسال التعليق