ملامح الرجال - (القسم الأول)

ملامح الرجال - (القسم الأول)

الملخّص:

فكرة المقالة للكاتب تبتني على تقصّي بعض الرواة الذين لم يتمَّ التطرّق لهم، أو تطرّق لهم ولكن بشكل مختصر وخفيت بعض الجوانب المهمّة في شخصياتهم التي تؤثّر على وثاقتهم واعتبار رواياتهم، ولكن أعمّ من كون رواياتهم فقهيّة أو غيرها، وبدأ في هذا القسم(الأول) الحديث عن «أحمد بن زياد الهمذانيّ، مستعرضاً ما يدلّ على وثاقته ومن روى عنهم ورووا عنه.

المقدمة

اهتمَّ العلماء منذ أيّام الأئمةi باستقصاء رواة الحديث وأصحاب الأصول والمصنَّفات والكتابة حول أحوالهم وأحوال مصنَّفاتهم عبر كتب الرِّجال والفهارس وغيرها، وتطوَّر التصنيف في هذا المجال مع مرور الزمن وتوسَّع حتى جاءت في القرون الأخيرة موسوعاتٌ جامعة، مثل (منهج المقال) للاسترآبادي، و(تنقيح المقال) للمامقاني، و(قاموس الرجال) للتستري، و(معجم رجال الحديث) للخوئي، إلاَّ أنَّ بعض الرواة الواردين في الكتب الحديثية لم يُذكَروا في هذه الكتب، أو ذُكِروا ولم يحظوا بالعناية التي نالها غيرهم، أو حظوا بتلك العناية إلاّ أنَّ هناك جوانباً مهمَّة مرتبطةً بهم أو بروايتهم أو مصنَّفاتهم لم يتم التطرُّق لها رغم ورود بعض التساؤلات والشبهات حيالها، ولعلَّ هذا هو ما دفع بعض العلماء للإشارة للشيخ النمازي بإفراد المطالب الرِّجالية في كتابه (مستدرك سفينة البحار) عبر كتابٍ مستقلٍّ فنتج عن ذلك كتاب (مستدركات علم الرجال) لهO.
ورغم اهتمام الشيخ النمازيO إلاَّ أنَّ هذا الحقل لا زال يحتاج مقداراً معتدّاً به من العمل -حسبما أدَّعي-؛ ولعلَّ ذلك راجعٌ لتركيز الكثير من علمائنا الاهتمام بالرواة الواردين في الأحاديث الفقهية وعدم إيلاء سواهم نفس القدر من الاهتمام والعناية، وإن اعتنوا بهم وبذلوا جهودهم المشكورة في البحث في شؤونهم.
ومن هنا جاء العزم على تقديم شيءٍ أرجو أن يكون جهداً نافعاً في هذا السياق، فأذكر بعض الرواة وأعرِّف به وبمَن يروون عنه ومَن يروي عنهم وغير ذلك من معلوماتٍ مرتبطةٍ بهم، وأنظم بذلك ما انتثر من ملامحهم في كتب الحديث والرجال والتاريخ وغيرها.
وما التوفيق إلا بالله.
الهمزة
١. أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَذاني
هو أَحْمَدُ بنُ زِيَادٍ بنِ جَعْفَرٍ الهَمَذاني -بالذال المعجمة- نسبةً إلى هَمَذان المدينة الواقعة في غرب إيران، ومن هنا رجح الإعجام إلاّ في حال الحكاية.
وهل زياد أبوه أم جدُّه؟ بدا هذا الاحتمال لأجل عنوانٍ ذكره الصدوق في موردَين، وهو (أحمد بن محمَّد بن زياد بن جعفر الهمذاني)، ففي مشيخة الفقيه: "وما كان فيه عن عيسى بن يونس، فقد رويته عن أحمد بن محمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJ، عن علي بن إبراهيم"، وفي كمال الدين: "حدَّثنا أحمدُ بن محمد بن زياد الهمدانيJ، قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسيني".
وحيث إنَّ العنوان يلائم الهمذاني مع افتراض اشتهار نسبته لجدِّه بدلاً من أبيه، ولا معهود في هذه الطَّبقة بهذا العنوان المذكور في هذين الموردَين، وكونه في المورد الأول يروي عن علي بن إبراهيم -وقد أكثر الهمذاني عنه كما سيأتي- بنى بعضُ العلماء على اتحادهما وأنّ النسبة المشهورة للجدِّ لا الأب.
وقد بنى السيد الخوئي على غلط المتداول عن الفقيه، قالO: "وروى عنه في طريقه إلى عيسى بن يونس-كذا في الطبعة القديمة- وهو الصحيح، إلا أنَّ في الطبعة الحديثة: (أحمد بن محمد بن زياد) وهو من غلط المطبعة"، وربما عورِضَ كونه غلطاً من المطبعة بما سيأتي، بالإضافة لكثرة الناقلين عن المشيخة من العلماء السابقين باللفظ المُثبَت في الطبعة الحديثة.
   وقد يُحتَمل التحريف في المورد الثاني عند ملاحظة حكايته في (إعلام الورى) و(إثبات الهداة)، فقد ورد في الأوَّل: "الشيخ أبو جعفر ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد الهمداني، عن محمد بن معقل القرميسيني"، وفي الثاني: "قال [أي الصدوق]: حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني، عن محمد بن معقل"، إلا أنَّه لا يظهر اختلافٌ بين نسخ كمال الدين في هذا المورد، فلعلَّ الشيخَين الطبرسي والحر قد اختصرا السَّند، وهذا ما يوحي به الاختلاف في غير الاسم أيضاً في حكايتهما للسند، أو أنّ خصوص الطبرسي قد نقل الحديث عن عيون الأخبار؛ إذ فيه: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَدانيJ، قال: حدَّثنا محمد بن معقل القرميسيني".
ويرجَّح ما ذهب له بعض الأعلام ويعضده ما أورده المفيد في أماليه؛ حيث قال: "أخبرني أبو بكر بن عمر الجعابي، قال حدَّثنا: أحمد بن محمد بن زياد"، ولا يُعرَف محتملٌ غير الهمذاني في هذه الطَّبقة، فالظاهر إذاً أنَّ زياد جدُّه.
دفع وهم:
بغرض الطَّعن في بعض روايات الإمامة الإلهية، أشكل بعض المتحذلقين بما حاصلُه: إنَّ انفراد الصدوق بالرِّواية عن الهمذاني وعدم ذكر أحدٍ له يفتحان الباب لاحتمال كون الهمذاني شخصيةً وهميّةً لا واقع لها! 
وردُّ هذا الوهم بيِّنٌ مع الالتفات لشأن الصدوق وجلاله، وحتى مع غضِّ النَّظر عن ذلك فسيتبيَّن ممَّا سيأتي عند تعداد مَن رووا عنه أنَّ الصدوق لم ينفرد بالرواية عنه.
ثقته
لثقته وجهان:
الأول: ترضِّي الصدوق عليه، بل إكثاره من ذلك.
الثاني: نصُّ الصدوق على ثقته صريحاً، قال بعدما أورد عنه حديثًا: "لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَداني J بهَمَدان عند منصرفي من حجِّ بيت الله الحرام، وكان رجلاً ثقةً ديِّناً فاضلاً (رحمة الله عليه ورضوانه)".
وأشكل المتحذلق -الذي تقدَّمت الإشارة إليه- على ثقة الهمذاني والاعتماد عليه بانفراد الهمذاني برواية مجموعةٍ من الروايات عن علي بن إبراهيم، لا نرى لها أثراً عن غير هذا الطريق، وإن ذكر الصدوق مع الهمذاني غيرَه في إسناد بعض الروايات غير المهمَّة عن علي بن إبراهيم. ويُرَدُّ ذلك بطائفتَين من الروايات:

الطائفة الأولى: ما رواه الصدوق عن الهمذاني عن علي بن إبراهيم، وكذا رواه الصدوق عن علي بن إبراهيم بتوسّط غير الهمذاني

وفيها روايات ذات أهمية عالية، لا سيَّما الثلاث الأُوَل، لا كما ادَّعى منها:
ما رواه في كمال الدين: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَدانيJ، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم، قال: حدَّثني عبد الله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دُلف، قال: لمَّا حمل المتوكِّل سيدنا أبا الحسنg، جئتُ لأسأل عن خبره..." إلخ.
فقد رواها بعينها في معاني الأخبار والخصال عن ابن المتوكِّل، قالJ: "حَدَّثنا محمد بن موسى بن المتوكِّل، قال حدَّثنا علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دُلف، قال: لما حمل المتوكِّل سيدنا أبا الحسنg، جئتُ أسأل عن خبره..." إلخ.
ما رواه في كمال الدين من بعض طرق حديث اللوح، حيث إنَّ بعضها عن جملةٍ من مشايخه -ومنهم الهمذاني- عن علي بن إبراهيم، قالJ: "وحدَّثنا أبي ومحمد بن موسى المتوكِّل، ومحمد بن علي ماجيلَوَيْه، وأحمد بن علي بن إبراهيم، والحسن بن إبراهيم بن ناتانة، وأحمد بن زياد الهمدانيJ، قالوا: حدَّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهg، قال: قال أبيg لجابر بن عبد الله الأنصاري: إنَّ لي إليك حاجة، فمتى يَخِفُّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟..." إلى آخر الحديث.
ما رواه في الأمالي وعيون الأخبار من حديث دفع الشبهة عن عصمة الأنبياء في مجلس المأمون، حيث رواه في الأول عن الهَمَذاني عن القمي، وفي الثاني عن عدةٍ من مشايخه -بينهم الهمذاني- عن القمي، فقد قال في عيون الأخبار: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJ والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتَّب، وعلي بن عبد الله الورَّاقJ، قالوا: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدَّثنا القاسم بن محمد البرمكي، قال: حدَّثنا أبو الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضاg أهلَ المقالات من أهل الإسلام والديانات، من اليهود والنَّصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات، فلم يقم أحدٌ إلا وقد ألزمه حجَّته كأنّه أُلقِمَ حجراً، قام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال..." إلى آخر الحديث.
ما رواه في الأمالي، قال: حدًّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJقال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عُمَير، عن معاوية بن عمَّار، عن أبي عبد اللهg، قال: «كان بالمدينة رجلٌ بطَّال يضحك الناس منه، فقال: قد أعياني هذا الرجل -يعني علي بن الحسينg-. قال: فمرَّ عليٌّg وخلفه موليان له، فجاء الرجل حتى انتزع رداءَه من رقبته ثمَّ مضى، فلم يلتفت إليه عليٌّg، فاتَّبعوه وأخذوا الرداءَ منه، فجاؤوا به، فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا؟ فقالوا له: هذا رجلٌ بطَّالٌ يُضحِكُ أهل المدينة. فقال: قولوا له: إنَّ لله يوماً يخسر فيه المبطلون»".
فقد رواها بعينها الشيخ المفيدJ عن الشيخ الصدوق، عن شيخه ماجيلَوَيْه، قال في أماليه: "أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: حدَّثنا محمد بن علي ماجيلَوَيْه، قال حدَّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عُمَير، عن معاويةَ بن عمَّار، عن أبي عبد اللهg، قال: >كان بالمدينة رجلٌ بطَّال يُضحِكُ أهل المدينة..." إلى آخر الرواية.
ما رواه في الأمالي عن مجموعةٍ من مشايخه -وأحدهم الهمذاني-، قال: «حدًّثنا أبيO ومحمد بن موسى المتوكِّل، ومحمَّد بن علي ماجيلَوَيْه، وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، وأحمد بن زياد بن جعفر الهَمَداني، والحسين بن إبراهيم بن ناتانةx، قالوا: حدًّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي هُدْبة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللهe: "طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني، وطوبى لمن رأى من رأى من رآني"، وتعليق الصدوق بعد الحديث جديرٌ بالالتفات؛ إذ قال: "وقد أخرج علي بن إبراهيم هذا الحديثَ وحديث الطير بهذا الإسناد في قرب الإسناد".

الطائفة الثانية: ما رواه الصدوق عن الهمذاني عن علي بن إبراهيم ووصلنا عن علي بن إبراهيم دون توسّطهما

منها:
ما رواه الصدوق في كمال الدين، قال: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJ، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلتُ على موسى بن جعفرj، فقلتُ له: يا بن رسول الله، أنت القائم بالحقِّ؟ فقال: «أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يُطَهِّر الأرض من أعداء اللهaويملؤها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي، له غيبةٌ يطول أمدُها؛ خوفاً على نفسه، يرتَدُّ فيها أقوام ويثبت فيها آخرون»، ثمَّ قالg: «طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك مِنَّا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمةً، فرضينا بهم شيعةً، فطوبى لهم، ثم طوبى لهم، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة».
حيث روى الخزّاز في الكفاية هذه الروايةَ عن القمي بواسطةٍ مختلفة، قال: "حدَّثنا محمد بن عبد الله بن حمزة، عن عمِّه الحسن بن حمزة، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن صالح السِّندي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلتُ على موسى بن جعفر..." إلى آخر الحديث.
ما رواه الصدوق في الأمالي، قال: حدَّثنا أحمد بن زياد الهَمَدانيJ، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عُمَير، عن جميل بن درَّاج، عن الصادق جعفر بن محمَّدg قال: «إذا أراد اللهa أن يبعثَ الخلقَ، أمطرَ السماء على الأرض أربعين صباحاً، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم».
حيث وردت هذه الرواية في النسخة المتداولة في أيامنا هذه من تفسير القمي ووردت في مختصر تفسير القمي لابن العتائقي، قال في النسخة المتداولة: وحدَّثني أبي، عن ابن أبي عُمَير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللهg، قال: «إذا أراد الله أن يبعث الخلق...» إلى آخر الرواية.
ما رواه الصدوق في معاني الأخبار، قال: حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJ، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهg، قال: «{الم} هو حرفٌ من حروف اسم الله الأعظم المُقَطَّع في القرآن الذي يؤلِّفه النبيُّe والإمام، فإذا دعا به، أُجيبَ. {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، قال: بيانٌ لشيعتنا {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، قال: مِمَّا علَّمناهم ينبؤون، ومِمَّا علَّمناهم القرآن يتلون».
إذ قد وردت في تفسير القمي المتداول باختلافٍ يسير، قال فيه: حدَّثني أبي، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهg، في قوله (تعالى): {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ}، قال: {الْكِتَابُ} عليٌّg، لا شكَّ فيه {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، قال: بيانٌ لشيعتنا، قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، قال: مِمَّا علّمناهم ينبؤون، ومِمَّا علَّمناهم من القرآن يتلون، وقال: {الم} هو حرفٌ من حروف اسم الله الأعظم المقطَّع في القرآن الذي خوطِبَ به النبيe والإمام، فإذا دعا به، أُجيبَ».
ما رواه الصدوق في كمال الدين وعيون الأخبار، قال -واللفظ للأول-: حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJ، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دِعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضا علي بن موسىg قصيدتي التي أولها:
مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ ومنزل وحيٍ مُقْفِرُ العرصاتِ
فلمَّا انتهيتُ إلى قولي:
خروج إمامٍ لا محالة خارجٌ يقوم على اسم الله والبركاتِ
يميّز فينا كل حقٍّ وباطلٍ ويجزي على النعماء والنقماتِ
بكى الرضاg بكاءً شديدًا، ثم رفع رأسه إليَّ فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانكَ بهذين البيتَين، فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ فقلتُ: لا يا مولاي، إلاّ أنّي سمعتُ بخروج إمامٍ منكم، يُطهِّر الأرضَ من الفسادِ ويملؤها عدلاً كما ملئت جورًا. فقال: يا دعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمَّدٍ ابنه علي، وبعد عليٍّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجَّة القائم، المُنتظَر في غيبته، المُطاع في ظهوره، لو لم يبقَ من الدنيا إلا يومٌ واحدٌ، لطوَّل اللهa ذلك اليوم حتى يخرجَ فيملأ الأرضَ عدلاً كما ملئت جورًا، وأمَّا متى، فإخبارٌ عن الوقت، فقد حدَّثني أبي عن أبيه عن آبائهi أنَّ النبيe قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذريّتك؟ فقالg: مَثَلُه مَثَل الساعة التي «لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً». 
فقد رواه الخزّاز القمي عن محمد بن عبد الله بن حمزة عن عمه عن القمي، قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله بن حمزة، قال: حدًّثنا عمي الحسن بن حمزة، قال: حدًّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضاg قصيدتي التي أولها... إلى آخر الرواية.
ما رواه الصدوق في كمال الدين، قال: حدًّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيJ، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي، قال: سألت سيدي موسى بن جعفرj عن قول اللهa: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، فقالg: النّعمة الظاهرة الإمام الظاهر، والباطنة الإمام الغائب. فقلتُ له: ويكون في الأئمة مَن يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر مِنَّا، يُسَهِّل الله له كلَّ عسير، ويُذَلِّل له كلَّ صعبٍ، ويُظهِر له كنوز الأرض، ويُقَرِّب له كلَّ بعيد، ويُبير به كلَّ جبَّارٍ عنيد، ويُهلِك على يده كلَّ شيطانٍ مَريد، ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته، ولا يحلُّ لهم تسميته حتى يظهره اللهa، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلمًا».
فقد رواه الخزّاز عن محمد بن عبد الله بن حمزة عن عمه عن القمي، قال: وعنه، عن عمّه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي، قال: سألت سيدي موسى بن جعفرj عن قول اللهa... إلى آخر الحديث.

روى عن
- علي بن إبراهيم بن هاشم القمي
وأغلب روايات الهمذاني الواصلة إلينا رواها عن القمي، بل إنّ روايته عن غيره نادرة، وقد صرَّح في أحد أسانيد الخصال بأخذ الهمذاني ومجموعةٍ من المحدّثين عن القمي سنة سبعٍ وثلاثمائة، قال الصدوق: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَداني، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب، وعلي بن عبد الله الورّاق، وحمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبg، قالوا: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبعٍ وثلاثمائة".
وربما قيل إنّ هذا يلائم أن يكون سماعه عن القميO في قم، إلا أنّ من المحتمل راجحاً أنّ ذلك كان عن مكاتبةٍ بينهما لا لقاء؛ لكون الأمر كذلك في قرينه في هذه الرواية حمزة بن محمد العلوي، قال الصدوق في أماليه: "حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلويO في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وثلاثمائة، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليَّ سنة سبعٍ وثلاثمائة"، وقال في عيون الأخبار: "حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبg بقم في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وثلاثمائة، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليَّ سنة سبعٍ وثلاثمائة".
وربما استؤنِسَ لذلك أيضاً برواية الحسن بن حمزة الحسيني الطبري، قال النجاشيO في فهرسته: "أخبرنا محمد بن محمد وغيره، عن الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله، قال: كتب إليّ علي بن إبراهيم بإجازة سائر حديثه وكتبه"، بل أصرح من ذلك ما قاله الشيخ في أماليه، قالO: "أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة الحسيني J، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم في كتابه إلينا على يد أبي نوح الكاتب".
- عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري
روى عنه في أحد أسانيد أمالي الصدوق، قال: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَدانيx، قال: حدَّثنا عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري".
- محمد بن معقل القرميسيني
روى عنه روايةً ذكرها الصدوق في كمال الدين تارةً وفي عيون أخبار الرضا تارةً أخرى، قال في كمال الدين: "حدَّثنا أحمد بن محمد بن زياد الهمدانيJ، قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسيني»، وفي عيون أخبار الرضا: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَدانيJ، قال: حدَّثنا محمد بن معقل القرميسيني".
- جعفر بن أحمد العلوي الرقي العريضي
روى عنه في أحد أسانيد كمال الدين، قال: "حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَداني، قال: حدَّثنا أبو القاسم جعفر بن أحمد العلوي الرقي العريضي".
- الحسن بن علي بن عفَّان
روى عنه في أحد أسانيد أمالي المفيد، قال: "أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال حدَّثنا أحمد بن محمد بن زياد، قال: حدَّثنا الحسن بن علي بن عفَّان".
خلل النسخ
- منه ما وقع في عيون الأخبار (بتحقيق اللاجوردي)، حيث جاء فيه: "حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَدانيJ، قال: حدَّثنا إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي"، والصحيح: "حدَّثنا [علي بن] إبراهيم بن هاشم"؛ فإنّ عليّاً يروي عن أبيه وأبوه يروي عن أبي الصلت، ولا يروي القمي عن أبي الصلت مباشرةً، ولا يروي أبوه عن أبيه هاشم، بل قد روى الحديث الصدوق في التوحيد بنفس السند دون خلل.
- ومنه ما وقع في جمال الأسبوع (بتحقيق القيومي)، حيث جاء فيه: "فمن ذلك ما رواه أبو المفضّل محمد بن عبد اللهO، قال: أخبرنا أحمد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة"، والصحيح: "أخبرنا [حُمَيد] بن زياد"؛ فإنّه هو الراوي عن ابن سماعة، وهو الذي يروي عنه أبو المفضّل كما في فهرست النجاشي حيث ذكر عنه إجازته له سنة عشرٍ وثلاثمائة.
روى عنه
- محمد بن علي ابن بابويه الصدوق
وهو أكثر من وصلتنا روايات الهمذاني عن طريقه، لقيه في همذان عند عودته من حج بيت الله الحرام، قال: "لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهَمَدانيJ بهَمَدان عند منصرفي من حج بيت الله الحرام".
- أحمد بن عبدون
وروايته عنه ملحوظةٌ في طريق الشيخ إلى كتاب الفضائل لإبراهيم بن رجاء في الفهرست، حيث قال: "أخبرنا به أحمد بن عبدون، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه".
- أحمد بن محمد ابن عيّاش
وراويته عنه مرصودةٌ عن كتابه مقتضب الأثر، قال: "وأنشدني الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الطبري لسفيان بن مصعب العَبْدي، وحدَّثنيه بخبره أحمد بن زياد الهَمَداني، قال: قال: حدَّثني علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدَّثني أبي"، وفي التهذيب، قال الشيخ: "أبو عبد الله ابن عيَّاش، قال: حدَّثني أحمد بن زياد الهَمَذاني وعلي بن محمد التستري، قالا: حدثنا محمد بن الليث المكي".
- علي بن محمد بن متويه
هكذا أُثبِتَ اسمه في الطبعة المعتمدة من الكفاية للخزاز القمي، وقد اختلف اسم جدّه بين طبعات الكتاب والمراجع الناقلة عنه بين (متولة)و(مقولة) و(منويه)، ورَصْدُ روايته ما قاله الخزاز : "حدَّثنا علي بن محمد بن مَتَّوَيه، قال: حدَّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمذاني، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم".
- علي بن محمد بن علي العلوي
وروايته عنه مرصودةٌ عن المسلسلات لجعفر بن أحمد القمي، حيث قال: "حدثني علي بن محمد بن علي العلوي، قال: حدَّثني أحمد بن زياد بن جعفر، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت".
- أبو بكر بن عمر الجعابي
وروايته عنه مرصودةٌ في أمالي المفيد، حيث قال: "أخبرني أبو بكر بن عمر الجعابي، قال حدَّثنا: أحمد بن محمد بن زياد".

 

1.إذ النسبة بالمعجمة إلى المدينة المعروفة في غرب إيران، بينما النِّسبة بالمهملة إلى قبيلة هَمْدان اليمنية، ويبدو أنَّ التفريق بينهما بالإعجام والإهمال تفريقٌ عربي؛ إذ نُطْقُ اسم تلك المدينة في اللغة الفارسية بالمهملة، وإنما حصل هذا التفريق لدى العرب، ولعلَّه لأجل التمييز بين النسبتَين.

2. وهو ما يظهر من حكاية الصدوق سماعه منه فيها (كمال الدين 2: 401 [ط5 مؤسسة النشر الإسلامي] وعيون أخبار الرضاg 1: 7 [ط2 مطبعة زندگي]).

3. من لا يحضره الفقيه 4: 494 [ط5 مؤسسة النشر الإسلامي].

4. كمال الدين 1: 313.

5. كالمحقق التستري (قاموس الرجال 1: 599 [ط4 مؤسسة النشر الإسلامي]) والشيخ النمازي (مستدركات علم الرجال 1: 440 [ط شفق]).

6. معجم رجال الحديث 2: 128 [ط5 مؤسسة السيد الخوئي].

7. إعلام الورى 2: 172 [ط1 مؤسسة آل البيتi].

8. إثبات الهداة 1: 511 [ط المطبعة العلمية بقم].

9. عيون أخبار الرضاg 1: 64

10. أمالي (للمفيد): 78 [ط2 دار المفيد].

11. من هذه الموارد: عيون أخبار الرضاg 1: 7، 64، من لا يحضره الفقيه 4: 494، الأمالي (للصدوق): 289 [ط2 مؤسسة البعثة]. 

12. كمال الدين 2: 401.

13. المصدر نفسه: 413-414.

14. معاني الأخبار: 222 [ط6 مؤسسة النشر الإسلامي]. والخصال 2: 394-395 [ط2 مؤسسة النشر الإسلامي].

15. كمال الدين1: 341.

16. الأمالي (للصدوق): 150.

17. عيون أخبار الرضاg 1: 191-192.

18. الأمالي (للصدوق): 289.

19. الأمالي (للمفيد): 219-220.

20. المصدر السابق: 484.

21. كمال الدين 2: 394.

22. الكفاية في النصوص: 554 [ط1 مكتبة العلامة المجلسي].

23. الأمالي (للصدوق): 243.

24. مختصر تفسير القمي: 454 [ط1 دار الحديث].

25. تفسير القمي 3: 904 [ط1 مؤسسة الإمام المهدي l].

26. معاني الأخبار: 115-116.

27. تفسير القمي 1: 55.

28. كمال الدين 2: 404-405. وعيون أخبار الرضاg 2: 265.

29. الكفاية في النصوص: 567.

30. كمال الدين 2: 401.

31. الكفاية في النصوص: 555.

32. الخصال 2: 451.

33. وهي أن يكتب الشيخ مسموعه لغائبٍ أو حاضرٍ، بخطّه أو بأمره لثقة، راجع: رسائل في دراية الحديث 1: 439، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار [ط4 دار الحديث].

34. عيون أخبار الرضاg 2: 159.

35. رجال النجاشي: 260 [ط10 مؤسسة النشر الإسلامي].

36. الأمالي (للطوسي): 224 [ط2 مؤسسة البعثة].

37. الأمالي (للصدوق): 553.

38. كمال الدين 1: 313.

39. عيون أخبار الرضاg 1: 64.

40. كمال الدين 2: 497.

41. الأمالي (للمفيد): 78.

42. عيون أخبار الرضاg 2: 75.

43. التوحيد: 381 [ط12 مؤسسة النشر الإسلامي].

44. جمال الأسبوع: 248 [ط1 مؤسسة الآفاق].

45. رجال النجاشي: 132.

46. كمال الدين 2: 401.

47. الفهرست (للطوسي): 35 [ط4 نشر الفقاهة].

48. مقتضب الأثر: ج3، ح29، ص84 [ط1 مؤسسة البعثة].

49. تهذيب الأحكام 2: 381 [ط1 دار الكتب الإسلامية]

50. الكفاية في النصوص: 588.

51. جامع الأحاديث ويليه... : 288، المسلسلات [ط2 مجمع البحوث الإسلامية التابع للعتبة الرضوية].

52. الأمالي (للمفيد): 78.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا