قم المقدسة في زمن السيدة المعصومة عليها السلام

قم المقدسة في زمن السيدة المعصومة عليها السلام

 تعرّض الكاتب إلى دراسة حقبة تاريخية مهمّة من تاريخ مدينة قم المقدّسة، وهي المرتبطة بزمن السيدة فاطمة بنت موسىg، وذلك من خلال التطرّق إلى تراجم أبرز العلماء والمحدّثين في تلك الحقبة الزمنية، ومن خلال ما ورد من الروايات المعصومية في شأن مدينة قم وأهلها، ثم التطرّق إلى ما ورد من نقولات تاريخية بالنسبة إلى سفر السيدة المعصومة÷ إلى مدينة قم، مع ذكر مجموعة من النّقاط والملاحظات والفوائد المرتبطة بهذا الأمر.

مقدّمة:

كانت ولا زالت مدينة قم المقدّسة حاضنةً للتشيّع، ومنبعاً مهمّاً من منابع علوم أهل البيتi، فهي التي احتضنت العديد من سلالة أهل البيتi، وخرّجت العلماء والفقهاء على مرّ العصور، فنالت الفخر والعزّة، لا سيما أنّها قد حوت على قبر السيدة الجليلة فاطمة المعصومةj بنت الإمام الكاظمg، فلذا يُعدّ البحث عن تاريخ مدينة قم وعن أهلها وعن السيدة المعصومةj بحثاً مهمّاً ينبغي إثراؤه ودراسته وتحليله بشكل جيّد؛ حتى تستفيد الأجيال القادمة من تجربة فريدة من نوعها، وتستلهم العِبَر منها.

ومن هذا المنطلق أردنا أن نطرح على بساط البحث مقطعاً تاريخيّاً مهمّاً من المقاطع الزمنية التي مرّت بها مدينة قم المقدّسة، وهو المقطع المعبِّر عن فترة وصول السيدة المعصومةj إلى مدينة قم، فكثيرة هي التساؤلات حول هذه الفترة المهمّة، من قبيل: مَن هي أبرز الشخصيات التي كانت تعيش في مدينة قم في تلك الفترة؟ وما هي أهميّة تلك المدينة؟ وكيف سافرت السيدة المعصومةj إليها؟ ولماذا اختارت السيدةj مدينة قم بالخصوص للنزول فيها؟ ما هي طبيعة العلاقة بين أهل قم وبين الأئمةi؟

كثيرة هي الأسئلة، وسنحاول أن نستوعبها في طيّات هذا البحث.

ولكن ينبغي التنبيه على أمرٍ مهمّ وهو أنّ البحث حول السيدة المعصومةj ليس بالأمر اليسير؛ إذا ما لحظنا قلّة المصادر المعتبرة التي تطرّقت إلى سيرتها بشكل عام، وبالتالي ليس للباحث إلا اتّخاذ طريقة جمع القرائن والتحليل حتى يصل إلى نتائج مقبولة.

وبناءً على ذلك سوف نقسّم البحث إلى مطلبين أساسيين، وفي كلّ مطلب سوف نذكر مجموعة من النّقاط والملاحظات والتأمّلات المرتبطة بالمطلب، لعلّها تكون نافعة في خلق تصوّر واضح حول ذلك المقطع الزمني الذي مرّت به مدينة قم.

المطلب الأول: علماء ووجهاء مدينة قم في زمن السيدة المعصومةj

حتى نتعرّف على أجواء مدينة قم المقدّسة في زمن السيدة المعصومةj لابدّ من التعرّف على العلماء والوجهاء الذين كانوا يعيشون في مدينة قم في تلك الفترة، أعني الفترة التي جاءت فيها السيدة المعصومةj إلى مدينة قم، وذلك في عام (201هـ)، ثم بعد ذلك نذكر مجموعة من النقاط المستفادة من معرفة هؤلاء الأشخاص.

فبدايةً نذكر مجموعة من العلماء والوجهاء في تلك الحقبة الزمنية والمُترجَم لهم في الكتب، وذلك بحسب الترتيب الزماني:

1-إدريس بن عبدالله بن سعد الأشعري القمي (ح: 183 هـ)

محدّث، مصنّف، من أوائل المحدّثين من البيت الأشعري في قم. من أصحاب الإمام الصادقg وروى عنه. ويرجّح السيد الخوئي أنّه أدرك الإمامين الكاظم والرضاh، ولكن من المؤكّد أنه لم تصلنا رواية عنهما([1]).

أول محدّث برز في بيته، والذي سيعجّ بعده بكبار المحدّثين، ومنهم ابنه أبو جرير الشهير([2]). ومن أمارات بروزه أنّه أوّل أشعري ترجَمَ له ابنُ حجر في لسان الميزان، فمجرّد الترجمة له أمارة على أنّ شهرة هذا المحدّث الرائد قد تجاوزت المدى الفكري لأمثاله([3]).

ورُويَ عن الشيخ إدريس بن عبداللَّه بن سعد الأشعري‏ القمي -الذي كان من أجلّاء الثقات ومن عدول المحدّثين بقم- عن الصّادقg أنّه قال: >إذا عمّت البلدان الفتن فعليكم بقم وحواليها ونواحيها؛ فإنّ البلاء مدفوع عنها<([4]).

 2-زكريا ابن إدريس بن عبد الله بن سعد الأشعري

قال النّجاشي: "زكريا بن إدريس بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي أبو جرير، قيل إنّه روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن والرضاi، له كتاب"([5]).

عُدّ من أصحاب الإمام الكاظم والرضاh. لا توثيق له بالخصوص، ولكن يمكن توثيقه بمجموعة من القرائن التي تورث الاطمئنان:

منها: ما رواه الكشي: محمد بن قولويه، قال: حدثنا سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة بن اليسع، عن زكريا بن آدم، قال: دخلت على الرضاg من أوّل الليل في حدثان موت أبي جرير، فسألني عنه، وترحّم عليه، ولم يزل يحدّثني وأحدّثه حتى طلع الفجر، فقامg فصلّى الفجر.

ومنها: ما ذكره العلامة الحلي: من أنّه كان وجهاً يروي عن الرضاg.

ومنها: توصيف الصدوق إيّاه في المشيخة بصاحب موسى بن جعفرg.

ومنها: رواية الأجلاء عنه، كصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وابن أبي عمير، ويونس بن عبد الرحمن، وابن المغيرة ([6]).

فهذه القرائن وإن أمكن المناقشة في كلٍّ منها على انفراد، إلا أنّها بمجموعها تورث الاطمئنان بوثاقة هذا الشخص.

 3-إدريس بن عيسى بن عبد الله بن سعد الأشعري (ح: 183هـ)

محدّث، من أصحاب الإمام الرضاg، دخل عليه وروى عنه حديثاً واحداً، والظاهر أنّ هذا الحديث لم يصلنا.

لم يذكر لتاريخ وفاته، وتاريخ حياته المسطور في العنوان مستند إلى أنّه أدرك إمامة الإمام الرضاg (183- 202هـ)، ولا ريب أنّه عاش بعد هذا التاريخ([7]).

 4-إسحاق بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري (ح: 183هـ)

محدّث، مصنّف، من أصحاب الإمام الرضاg، وروى عنه. توفي في قم، ودفن فيها في مقبرة شيخان الواقعة قرب حرم السيدة المعصومةj.

لم يذكر لتاريخ وفاته، وتاريخ حياته المدوّن في العنوان مستفاد من أنّه أدرك إمامة الإمام الرضاg (183- 202هـ)، وما من ريب في أنّه عاش بعد ذلك التاريخ ([8]).

 5-إسماعيل بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري (ح: 183 هـ)

قال النجاشي: "إسماعيل بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري، وجه من القميين، ثقة، له كتاب أخبرنا علي بن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن أبي الصهبان، قال: حدثنا إسماعيل بن آدم بكتابه"([9]).

محدّث، مصنّف، من وجوه أهل الحديث في قم في زمانه، لا تذكر كتب الرجال عمّن سمع، وهذا لا ينفي أنّه كان من أهل الحديث، بشهادة قول النجاشي فيه: "وجه من القميين، ثقة" الذي فهمنا منه أنّه وجهٌ بوصفه محدّثاً، وليس لأيّ اعتبار آخر، وإلا لماذا يوثّقه، فضلاً عن قوله: "له كتاب"، أي في الحديث. روى عنه محمد بن أبي الصبهان.

ترجم له ابن أبي داوود مع وضع إشارة (لم) بعد اسمه، ومعناها أنّه لم يروِ عن الأئمةi. والظاهر أنّه عاصر الإمام الرضاgولم يلقه([10]).

 6-إسماعيل بن سعد الأحوص الأشعري (ح: 183 هـ)

القمي، ثقة، من أصحاب الرضاg([11])، المعروف بالأكبر تمييزاً له عن حفيده، محدّث، والظاهر أنّه لم يروِ إلا عن الإمام الرضاg.

جدّه الثالث الأحوص بن سعد كان من جملة المهاجرين الأوائل من الكوفة.

لا ذكر لتاريخ وفاته. وتاريخ حياته المدوّن في العنوان مستند إلى أنّه أدرك إمامة الإمام الرضاg (183- 202هـ) وهذا هو القدر المتيقّن فأثبتناه([12]).

 7-زكريا بن عمران القمي (ح: 183 هـ)

من المحدّثين الإمامية، ولكن لم تذكر في الكتب تفاصيل حياته، ولم يوثّق بالخصوص. روى عن أبي الحسن موسى بن جعفرg، وروى عنه محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، ومحمد بن سهل. كان على قيد الحياة قبل عام 183هـ([13]).

 8-مرزبان بن عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري (ح: 183 هـ)

محدّث إمامي، ومصنّف، ممدوح، وقيل: ثقة، له كتاب. من أصحاب الإمامين الكاظم والرضاh، وروى عن الإمام الرضاg.

روى عنه الحسين بن أحمد بن يحيى، وصفوان بن يحيى، وسعد بن سعد وغيرهم.

كان حياً قبل عام 203هـ.

وروى الصفار في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد عن البرقي عن المرزبان بن عمران قال: سألت الرضاg عن نفسي، فقلت: أسألك عن أهمّ الأشياء، أمن شيعتكم أنا؟ فقال: >نعم<. فقلت: جعلت فداك فتعرف اسمي في الأسماء؟ قال: >نعم<([14]).

وروى الشيخ المفيد في الاختصاص بسند معتبر عن المرزبان بن عمران القمي الأشعري القمي نحوه([15]).

 9-عمران بن محمد بن عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري (ح: 183هـ)

محدّث، مصنّف، من أصحاب الإمامين الرضا والجوادg، روى عنه أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ومحمد بن عيسى الأشعري. له كتاب ولكن لم تصلنا عنه في الكتب الأربعة رواية.

لا ذكر لتاريخ وفاته، وتاريخ حياته المسطور في العنوان مستند إلى أنّه أدرك إمامة الإمام الرضاg (183- 202هـ)([16]).

 10-عبد العزيز بن المهتدي بن محمد بن عبد العزيز الأشعري (ح: 183هـ)

محدّث، مصنّف، من وكلاء الأئمةi، وخاصّة الإمام الرضاg، كان وكيلاً للإمام الرضاg في قم، وكان له بها مقام عالٍ.

قال الكشي: "عبد العزيز بن المعتدي القمي: جعفر بن معروف، قال: حدثني الفضل بن شاذان بحديث عبد العزيز بن المهتدي، فقال الفضل: ما رأيت قمياً يشبهه في زمانه"([17]).‏

وعن علي بن محمد القتيبي، قال: "حدثني الفضل، قال: حدثني عبد العزيز وكان خير قمي في من رأيته، وكان وكيل الرضاg"([18]).

لم نعثر على ما يفيد باقي نسبه، وهذا أمارة على أنّه ليس من البيوت الأشعرية الأربعة الكبرى.

لا ذكر لتاريخ وفاته. وتاريخ حياته المدوّن في العنوان مستند إلى أنّه أدرك إمامة الإمام الرضاg (183- 202هـ)، وما من ريب في أنّه عاش بعد ذلك التاريخ([19]).

 11-إبراهيم بن محمد الأشعري (ح: 183هـ)

محدّث، مصنّف، ثقة، قال عنه النجاشي: "إبراهيم بن محمد الأشعري، قمي، ثقة، روى عن موسى والرضاg"([20]).‏

 12-عبد الله بن الصلت الأشعري، أبو طالب القمي (ح: 202هـ)

محدّث، مفسّر، شاعر، مصنّف، من أصحاب الإمامين الكاظم والرضاg، وروى عنهما، والظاهر أنّه عاصر الإمام الجوادg ولم يلقَه.

لا نصّ في المصادر على أنّه أشعري، والظاهر أنّه أخو الريّان بن الصلت الأشعري.

لا ذكر لتاريخ وفاته. وتاريخ حياته المدوّن في العنوان مستند إلى أنّه أدرك إمامة الإمام الجوادg (202- 220هـ)، وما من ريب في أنّه عاش بعد هذا التاريخ بمدّة طويلة؛ بشهادة أنّه لم يلقه، مع أنّ إمامته طالت ثماني عشرة سنة([21]).

 13-زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي (ح: 202هـ)

فقيه، محدّث، مصنّف، من أصحاب الإمامين الرضا والجوادh. من أوائل الفقهاء والمحدّثين الأشعريين في قم ذوي الدور التاريخي في تطوير علمَي الحديث والفقه الإماميين.

قال النجاشي: "ثقة، جليل، عظيم القدر، وكان له وجه عند الرضاg".

ورد في مدحه حديثان:

الأول: ما ذكره الكشي من أنّه سمع من أصحابنا عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي، قال: دخلت علي أبي جعفر الثانيg في آخر عمره فسمعته يقول: >جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم عني خيراً، فقد وفوا لي< -ولم يذكر سعد بن سعد- قال: فخرجت فلقيت موفّقاً فقلت له: إنّ مولاي ذكر صفوان، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وجزاهم خيراً ولم يذكر سعد بن سعد؟ قال: فعدت إليه فقال: >جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد عني خيراً؛ فقد وفوا لي<.

الثاني: قال الكشي: حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن‏ محمد بن حمزة (بن اليسع)، عن زكريا بن آدم قال: قلت للرضاg: إنّي أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم، فقال: >لا تفعل؛ فإنّ أهل بيتك يدفع عنهم بك كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظمg<.

وقد أوصى الإمام الرضاg أحد أصحابه بأن يأخذ معالم دينه عنه، فقد ورد عن علي بن المسيّب أنّه قال: قلت للرضاg شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال: >من زكريا بن آدم القمي، المأمون على الدين والدنيا<. قال علي بن المسيب: فلما انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عمّا احتجت إليه.

وزكريا بن آدم قد أدرك إمامة الإمام محمد الجوادg، وتوفي في مدينة قم، في مقبرة شيخان بالقرب من حرم السيدة المعصومةj، وقبره فيها معروف يُزار إلى يومنا هذا([22]).

 14-سعد بن سعد بن الأحوص الأشعري (ح: 202 هـ)

فقيه، محدّث، مصنّف، عظيم المنزلة، جليل القدر، من أصحاب الإمامين الرضا والجوادh، وروى عنهما، ويقال أنّه أدرك الإمام الكاظمg.

قال النجاشي: "سعد بن سعد بن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعري القمي، ثقة، روى عن الرضا وأبي جعفرh كتابه المبوَّب".

ورد في حقّه عن الإمام أبي جعفر الثانيg: >جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد عني خيراً؛ فقد وفوا لي<.

من روّاد تبويب الأحاديث بحسب موضوعها، الذي تولّاه بالدرجة الأولى المحدّثون الفقهاء الأشعريون القميّون، وكانت الخطوة الضرورية في الاتّجاه نحو الفقه، أي استنباط نصّ جديد من النصوص الحديثية، حيث إنّ لسعد كتابين: كتاب مُبوّب في الحديث رواه عن الإمامين، وكتاب آخر غير مُبوّب، حيث قال النجاشي: "روى عن الرضا وأبي جعفرh كتابه المبوَّب"([23]).

 15-محمد بن خالد البرقي (ح: 202 هـ)

البرقي نسبة إلى بَرْقرود، قرية دارسة كانت من توابع قم.

فقيه محدّث، مؤرّخ، كلامي، مصنّف. ولد في بَرْقرود في أسرة ترجع بأصلها إلى الكوفة. هاجر جدّه عبد الرحمن منها ونزل بَرْقرود ومعه والده خالد.

من أصحاب الإمامين الكاظم والرضاh، كما صحب الإمام الجوادg وسمع وروى عنه، والظاهر أنّه توفي في حياته.

كما روى أيضاً عن كثيرين، أعرفهم: صفوان بن يحيى، محمد بن أبي عمير، عماد بن عيسى الجهني، زكريا بن آدم الأشعري، سيف بن عميرة النخعي، سعد بن سعد الأشعري، يونس بن عبد الرحمن، الحسن بن علي بن فضّال، عبد الله بن المغيرة.

روى عنه: ابنه أحمد، أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، علي بن الحسن بن فضّال، محمد بن علي بن محبوب الأشعري، محمد بن أبي الصبهان، وآخرون.

كثير الرواية للحديث، وقع اسمه في الكتب الأربعمائة في تسعمائة وستين مورداً.

لا ذكر لتاريخ وفاته، وتاريخ حياته المدوّن في العنوان مستند إلى أنّه أدرك إمام الإمام الجوادg -(202- 220هـ) ولا ريب أنّه عاش بعد ذلك ([24]).

فمن من خلال من يروي عنهم نعرف بأنّه إما أنّه كان يعيش في قم، أو أنّه كان يتردّد على قم كثيراً.

 16-أبو طاهر بن حمزة بن اليسع بن عبد الله بن سعد الأشعري (ح: 202هـ)

محدّث، روى عن الإمامين الرضا والهاديh، روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، ومحمد بن علي بن محبوب الأشعري.

كان أبوه -حمزة- من أصحاب الإمامين الكاظم والرضاh، وكان أخوه -أحمد- من أصحاب الإمام الهاديg([25]).

نكتفي بذكر هذه المجموعة من أسماء العلماء والوجهاء التي -بحسب القرائن- كانت تعيش في قم، وهناك العديد غيرهم لم نتعرّض لهم تجنّباً للإطالة.

ومن خلال ما استعرضناه من أسماء سوف نذكر مجموعة من النقاط:

النقطة الأولى: مكانة قم العلمية

بعد أن استعرضنا بعض الأسماء البارزة في مدينة قم بالنسبة إلى فترة حياة السيدة المعصومة÷ نجد أنّها كانت زاخرة بالعلماء والمحدّثين وأصحاب الأئمة^، فقد اتّسمت قم المقدّسة منذ ذلك الزمن بسمة العلم، ولا يخفى أنّ وجود هذا الكمّ من العلماء والمحدّثين في تلك المنطقة ينعكس بشكل أو بآخر على سائر أفراد المجتمع، بحيث يكون ذلك المجتمع -ببركة علمائه- أصحاب وعي وثقافة وبصيرة غير متوفّرة في سائر المناطق.

 النقطة الثانية: من هم الأشعريون؟

نلاحظ بأنّ أغلب العلماء والمحدّثين في تلك الحقبة يرجع نسبهم إلى الأشعريين، فيتبادر إلى الذهن سؤال مهم وهو مَن هم هؤلاء الأشعريين؟ ولماذا تميّزوا بعلمهم وولائهم لآل البيتi؟

من هنا سوف نستعرض لمحة موجزة عن تاريخهم المبارك، فنقول:

الأشعريّون منسوبون إلى جدّهم الملقّب بالأشعر، وهم جماعة قبليّة صغيرة نزلت الكوفة بعد فتح العراق، وكان لهم دورٌ فاعلٌ في أحداث العراق، فقد اشتركوا مع المختار الثقفي في ثورته، وكان كبير الأشعريين -وهو حميد- من أمراء المختار وممّن قُتل معه عام 68 للهجرة، وكذلك اشتركوا مع عبد الرحمان بن محمد الأشعث في ثورته على والي الأمويين.

إلى أن حصلت وقعة دير الجماجم، حيث انتفض العراق عام 81هـ في ثورة عارمة ضد الحجّاج بن يوسف الثقفي والتي استمرّت لمدّة عامين، وحصلت فيها معارك شديدة وقاسية، إلى أن انتصر الحجّاج وحصلت الهزيمة النهائية لأهل العراق عام 83هـ في منطقة دير الجماجم الواقعة قرب الكوفة، وقد ارتُكبت فيها مذبحة هائلة، وقُتل فيها قُرّاء الكوفة، ثم تلت هذه الهزيمة حالات الانتقام والتشفّي الرهيبة، وممّن قُتل في المذبحة التي تلت هذه الهزيمة اثنان من كبار التابعين وهما: سعيد بن جُبير، وكميل بن زياد النخعي صفي أمير المؤمنينg.

فهنا وجد الأشعريّون أنفسهم بين خيارات صعبة، فإما الخضوع للسلطة والذلّ والهوان، وإما القتل والموت، وإما البحث عن مكان آمن يأويهم، فانطلقوا -إلا قليلاً منهم- بنسائهم وأولادهم في هجرةٍ اتّجهت شرقاً، ولم تكن تلك الهجرة مخطّطاً لها، بل كانت أقرب إلى التيه والسّوح في الأراضي، فمات كثير منهم إثر حادث الوباء الذي أصابهم.

إلى أن أوقفتهم الدروب الطويلة عند أرضٍ في غرب إيران، فنزلوا في نواحي قرية أبرشتجان من نواحي قم، ويقال بأنّها لم تكن أرضاً عامرة، بل هي مدينة مستحدثة، فكانت أرضها ملحاً وآجام، وكان ماؤها زُعاف، فسكنوا في تلك الأرض واتّخذوها وطناً لهم، حتى جعلوها مدينة عامرة وزاهرة، وصارت حاضرة علمية فريدة، ومنارة من منارات الإسلام إلى يومنا هذا([26]).

قال الحموي في معجم البلدان: "وكان بدء تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة 83، وذلك أنّ عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس كان أمير سجستان من جهة الحجاج، ثم خرج عليه وكان في عسكره سبعة عشر نفساً من علماء التابعين من العراقيين، فلما انهزم ابن الأشعث ورجع إلى كابل منهزماً كان في جملته إخوة يقال لهم: عبد الله والأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم، وهم بنو سعد بن مالك ابن عامر الأشعري، وقعوا إلى ناحية قم، .. وكان متقدّم هؤلاء الأخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربي بالكوفة فانتقل منها إلى قم، وكان إمامياً، فهو الذي نقل التشيّع إلى أهلها، فلا يوجد بها سنيّ قط"([27]). ويقال -كما عن الحموي أيضاً-: إنّ أوّل من مَصَّرَ أرضَ قم هو طلحة بن الأحوص الأشعري.

 النقطة الثالثة: مكانة قُم والقميّين عند الأئمةi

إذا تتبّعنا الروايات الواردة في شأن قم وأهلها نجدها قد أعطت مكانة عظيمة لهذه البلدة، فهي ذات شأن عند أهل البيتi، وهذا بالتأكيد ليس أمراً عاطفياً أو مجاملةً، بل لعلمهم صلوات الله عليهم أنّ هذه البلدة ستصبح منارة للعلم والتشيّع.

وهنا نذكر جملة من الروايات الواردة عن الأئمةi في شأن قم وأهلها:

 منها: ما عن عيسى بن عبد اللّه الأشعريّ عن الصادق جعفر بن محمدg قال: حدّثني أبي عن جدّي عن أبيهg قال: "قال رسول اللّهe لمّا أُسْريَ بي إلى السّماء حَمَلَني جبرئيلُ على كَتفِه الأيمن فنظرتُ إلى بُقْعَةٍ بأرض الجبل حمراءَ أحسنَ لوناً من الزّعفران وأطيبَ ريحاً من المسك، فإذا فيها شيخٌ على رأسه بُرْنُسٌ، فقلتُ لجبرئيل: ما هذه البُقعة الحمراء التي هي أحسن لوناً من الزّعفران وأطيبُ ريحاً من المسك؟ قال: بُقعةُ شيعتك وشيعة وصيّك عليٍّ. فقلتُ: من الشّيخُ صاحبُ البُرْنُس؟ قال: إبليس. قلتُ: فما يريد منهم؟ قال: يريد أنْ يَصُدَّهُم عن ولاية أمير المؤمنينg ويدعوهم إلى الفسق والفجور. فقلتُ: يا جبرئيلُ، أَهْوِ بنا إليهم. فأَهْوى بنا إليهم أسرعَ من البرق الخاطف والبصر اللامع، فقلتُ: قُمْ يا ملعون فَشَارِك أعداءَهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم، فإنّ شيعتي وشيعة عليٍّ ليس لك عليهم سلطانٌ، فسُمِّيَت قُم‏"([28]).

ومنها: ما ورد عن الإمام الصادقg: >إنّ الله احتج بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد، وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس، ولم يدع اللهُ قمَّ وأهلَه مستضعفاً بل وفّقهم وأيّدهم. ثم قال: إنّ الدين وأهله بقم ذليل، ولولا ذلك لأسرع الناس إليه فخرب قم وبطل أهله، فلم يكن حجّة على سائر البلاد، وإذا كان كذلك لم تستقرّ السماء والأرض، ولم ينظروا طرفة عين، وإنّ البلايا مدفوعة عن قم وأهله، وسيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجّة على الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمناl إلى ظهوره، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها، وإنّ الملائكة لتدفع البلايا عن قم وأهله، وما قصده جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين، وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عدو، وينسي الله الجبارين في دولتهم ذكر قم وأهله كما نسوا ذكر الله<([29]).

منها: ما روي عن الصّادقg أنّه ذكر الكوفة وقال: >ستخلو الكوفة من المؤمنين، ويأرز عنها العلم كما تأرز الحيّة في جحرها، ثمّ يظهر العلم ببلدة يقال لها قم، وتصير معدناً للعلم والفضل، حتّى لا يبقى في الأرض‏ مستضعف في الدين حتّى المخدّرات في الحجال، وذلك عند قرب ظهور قائمنا، فيجعل اللّه قم وأهلها قائمين مقام الحجّة، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها ولم تبق في الأرض حجّة، فيفيض العلم منها إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب، فيتمّ حجّة اللّه على الخلق حتّى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم. ثمّ يظهر القائمl ويصير سبباً لنقمة اللّه وسخطه على العباد، لأنّ اللّه لا ينتقم من العباد إلا بعد إنكارهم حجّة<([30]).

ومنها: ما ورد عن الصادقg أيضاً: >قم بلدنا وبلد شيعتنا، مطهّرة مقدّسة، قبلت ولايتنا أهل البيت، لا يريدهم أحد بسوء إلا عجّلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم، فإذا فعلوا ذلك سلّط اللّه عليهم جبابرة سوء، أما أنّهم أنصار قائمنا ورعاة حقّنا، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهم اعصمهم من كلّ فتنة، ونجّهم من كلّ هلكة<([31]).

ومنها: ما عن أبي الصلت الهروي قال: كنت عند الرضاg فدخل عليه قوم من أهل قم فسلّموا عليه فردّ عليهم و قرّبهم ثم قال لهم: >مرحباً بكم وأهلاً، فأنتم شيعتنا حقّاً، فسيأتي عليكم يوم تزورون فيه تربتي بطوس، ألا فمن زارني وهو على غسل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه‏<([32]).

وهناك العديد من الروايات المذكورة في شأن مدينة قم وأهلها، ولكن نكتفي بهذا المقدار، وغرضنا من ذلك بيان أنّ الأئمةi اهتمّوا كثيراً بهذه البلدة الطاهرة؛ لعلمهم بأنّها سوف تكون سماء عالم التشيّع، وأنّ علوم أهل البيتi سوف تنبثق منها إلى أقطار العالم، وهذا ما حصل بالفعل منذ ذلك الزمان إلى يومنا هذا، وإلى ظهور القائم المنتظرl إن شاء الله تعالى.

هذا، ومن شدّة ولاء أهل قم للأئمةi فقد عُرفوا بالرافضة، فكلّ من كان يُنسب إلى قم يقال عنه: (قمّي رافضي)، كما أنّ المأمون العباسي أراد أن يقرّبهم ويستفيد منهم في تحقيق أهدافه من تنصيب الإمام الرضاg ولياً للعهد، ولكنّهم لم يعينوا المأمون في هذا الأمر، وكانوا كذلك يستقبلون في بلدهم مَن هاجر من العلويين السادة، ويسكنوهم مساكنهم، ويعطوهم الأموال والقطايع والأراضي الزراعية، وكان أهل قم على استعداد تامّ لتلبية كلّ أمرٍ يصدر عن المعصومينi، فقد كانوا بالفعل شيعة لأهل البيتi([33]).

المبحث الثاني: رحلة السيدة المعصومةj إلى مدينة قم

نحاول في هذا المبحث بيان ما ورد في شأن سفر السيدة المعصومةj إلى مدينة قم المقدّسة، ثم بعد ذلك نذكر مجموعة من الملاحظات المرتبطة بهذا الشأن.

فنقول: روى صاحب تاريخ قمّ ([34])‌ عن مشايخ قمّ‌ أنّه: "لَمّا أخرج المأمونُ عليّ‌ بن موسى الرّضاg من المدينة إلى مرو في سنة مائتين، خرجت فاطمة أخته في سنة إحدى ومائتين تطلبه؛ فلمّا وصلت إلى ساوة مرضت، فسألت: كم بيني وبين قمّ‌؟ قالوا: عشرة فراسخ. فأمرت خادمها، فذهب بها إلى قمّ‌ وأنزلها في بيت موسى بن خزرج بن سعد.

والأصحّ‌: أنّه لمّا وصل الخبر إلى آل سعد اتّفقوا وخرجوا إليها أن يطلبوا منها النّزول في بلدة قمّ‌. فخرج من بينهم موسى بن خزرج، فلمّا وصل إليها أخذ بزمام ناقتها وجرّها إلى قمّ‌ وأنزلها في داره. فكانت فيها ستّة عشر يوماً، ثمّ‌ مضت إلى رحمة الله ورضوانه، فدفنها موسى بعد التغسيل والتكفين في أرض له، وهي الّتي الآن مدفنها، وبنى على قبرها سقفاً من البواري إلى أن بَنَتْ زينبُ بنت الجواد عليه السلام عليها قبّة"([35]).

ومن هنا نذكر مجموعة من الملاحظات:

الملاحظة الأولى: هل هذا هو الخبر الوحيد المنقول عن هجرة السيدة المعصومةj؟

من الواضح أنّ هناك صعوبة عند البحث عن المصادر التي تناولت حياة السيدة المعصومةj؛ وذلك لقلّة ما وصلنا حول سيرتها، وبالتالي سوف لن تجد روايات متعدّدة قد ذكرت سفر السيدة المعصومةj سوى هذه الرواية.

نعم، هناك نقل آخر يتناول سفر السيدة المعصومةh سوف نذكره في الملاحظة الثانية، ولكن لم أجده في المصادر التاريخية.

 الملاحظة الثانية: هل السيدة المعصومةj سافرت لوحدها؟

إذا لاحظنا الخبر الذي نقلناه عن سفر السيدة المعصومةj فإنّه -بدواً- يظهر منه أنّ السيدة÷ كانت قد سافرت مع خادم لها فقط، ولم يكن معها أحد.

ولكن هذا من المستبعد جدّاً، فهناك قرائن تفيد بأنّ هناك من رافقها غير خادمها:

القرينة الأولى: أنّ السفر من المدينة إلى خراسان يعتبر سفراً صعباً وخطيراً، حيث لم يكن الطريق ليخلو عن المجرمين واللّصوص وقطّاع الطرق، خصوصاً أنّ السيدة المعصومةj هي أخت الإمام الرضاg الذي كان وليّاً للعهد في ذلك الوقت، فخطرُ اغتيالها ومهاجمتها واردٌ جدّاً، فمن المستبعد أن تسافر لوحدها مع خادم واحد فقط.

القرينة الثانية: أنّ السيدة المعصومة÷ لمّا وصلت إلى ساوة ومرضت، سألت: (كم بيني وبين قم؟ قالوا: عشرة فراسخ)، فمن هم المسؤولون والمجيبون؟ إنّه يحتمل قويّاً أنّها سألت رفقتها التي كانت معها في السفر، كما يحتمل أنّها سألت أهل ساوة.

القرينة الثالثة: أنّ العبد وإن كان مملوكاً، إلا أنّه يبقى أجنبياً عن المرأة، فلا يناسب شأن السيدة المعصومةj أن تسافر وحدها مع عبد خادم لها.

القرينة الرابعة: أنّ إخوة السيدة المعصومةj كثيرون، وهم أيضاً يشتاقون لرؤية الإمام الرضاg، فمن المستبعد أن يتركوا السيدة تسافر لوحدها وهم أصحاب الغيرة والحميّة.

القرينة الخامسة: أنّه يوجد نقلٌ تاريخي يفيد بأنّ قافلة كبيرة قد خرجت من المدينة مع السيدة المعصومةj، قاصدة إلى خراسان، وقد ضمّت اثنين وعشرين علويّاً([36]).

فإذاً، من المستبعد جدّاً أن تكون السيدة المعصومةj قد سافرت لوحدها مع خادم لها إلى خراسان.

 الملاحظة الثالثة: من هو موسى بن خزرج؟

المعروف هو أنّ السيدة المعصومةj قد نزلت في بيت موسى بن خزرج الأشعري، واختلف النقل هل أنّ موسى هو الذي خرج إلى ساوة وأخذ بالسيدة المعصومةj إلى قم، أو أنّه استقبلها في قم بعد أن جاءت إليها السيدة المعصومةj، فعلى كلّ حال قد يتساءل الشخص من هو موسى بن خزرج هذا؟ فإنّ التراجم التي نقلناها سابقاً عن علماء وفقهاء مدينة قم لم يكن من بينها موسى بن خزرج! فمن هو يا ترى؟

نقول: لم تذكر كتب الرجال والتراجم عن موسى بن خزرج -أو الخزرج- سوى أنّه قد روى عن أبي الحسن الرضاg، وأنّه قد روى عنه علي بن إسحاق بن سعد([37])، فهو مهمل في كتب الرجال، فلم يذكروه لا بمدح ولا ذمّ، ولم يذكروا سيرته وترجمته.

إلا أنّه من خلال الخبر المنقول المتقدّم -إن صحّ- والذي يفيد أنّ موسى بن خزرج هو الذي خرج لاستقبال السيدة المعصومةj وأنّه نال شرف استضافتها في بيته من دون سائر الذين ذكرناهم من الفقهاء والمحدّثين الكبار، نستفيد أنّ موسى بن خزرج كان وجهاً من وجوه أهل قم، ومُقدَّماً أمامهم، وإلا لمّا تقدّم على كلّ أولئك الفقهاء الكبار والمحدّثين.

 الملاحظة الرابعة: متى توفيت السيدة المعصومةj؟

المعروف والمشهور على الألسن أنّ السيدة المعصومةj دخلت إلى قم في الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة 201هـ، وأنّها توفيت في العاشر من ربيع الثاني 201هـ في دار موسى بن خزرج، وهذا يعني أنّها بقيت في قم قرابة سبعة عشر يوماً.

ولكن الذي يبدو أنّه لا ذكر لتاريخ ولادة ووفاة السيدة المعصومةj في أيّ مصدر يمكن التعويل عليه، فلا تحديد لسنة وفاتها، ولا الشهر، ولا اليوم، وقد ذهب بعض المحقّقين إلى أنّ تاريخ ولادتها ووفاتهاj المشتهر بين الناس إنّما هو تاريخ موضوع ومجعول ولا أصل له([38]).

وعلى أيّ حال، فهذا لا يعني عدم إحياء ذكرى ولادتها ووفاتهاj في اليومين المشهورين بين الناس؛ إذ لا تنافي بين عدم ثبوت تاريخ ولادتها ووفاتها وبين اختيار يومين محدّدين لإحياء ذكرى ولادتها ووفاتها، بل إحياء ذكراها هو أمر راجح بلا شك ولا ريب.

 الملاحظ الرابعة: من الذي دفن السيدة المعصومةj؟

توجد ثلاثة احتمالات بالنسبة إلى الذي دفن السيدة المعصومةj:

الاحتمال الأول: أنّ الذي دفنها هو موسى بن خزرج؛ ويشهد لهذا الاحتمال الخبر الذي نقلناه سابقاً، حيث جاء فيه: "فدفنها موسى بعد التغسيل والتكفين في أرض له، وهي الّتي الآن مدفنها"([39]).

الاحتمال الثاني: أنّ الذي دفنها هو الإمام الرضاg؛ ويشهد لهذا الاحتمال ما ورد في كتاب تاريخ قم أيضاً: "حدّثني الحسين بن عليّ‌ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أنّه: لمّا توفّيت فاطمة رضي الله عنها وغسّلوها وكفّنوها، ذهبوا بها إلى بابلان، ووضعوها على سرداب حفروه لها، فاختلف آل سعد بينهم في من يدخل السرداب ويدفنها فيها، فاتّفقوا على خادم لهم شيخ كبير صالح يقال له قادر. فلمّا بعثوا إليها رأوا راكبَين سريعين متلثّمين يأتيان من جانب الرملة. فلمّا قربا من الجنازة نزلا وصلّيا عليها، ودخلا السرداب وأخذا الجنازة فدفناها، ثمّ‌ خرجا وركبا وذهبا ولم يعلم أحد من هما"([40])، فهذا الخبر يفيد أنّ أهل قم قد تحيّروا في شأن دفن السيدة المعصومةj؛ حيث لا يوجد أحد من محارمها يستطيع أن ينزل إلى السرداب ويدفنها، ثم جاء الراكبان وحصل ما حصل، ومن الواضح أنّه لا يقوم بمثل هذا الأمر إلا الإمامg.

وأما لماذا لم يسأل أهلُ قم عنهما ومن يكونان؟ فلعلّ الإمامg أخبر موسى بن خزرج بأن يكتم الأمر ولا يخبر أحداً.

الاحتمال الثالث: وهو مجرّد احتمال لا شاهد عليه، وهو أنّ الذي دفنها هم من كانوا برفقتها في السفر من أخواتها أو إخوانها بناءً على القول بأنّهم كانوا معها، فهم الأحقّ بهذا الأمر.

 الملاحظة الخامسة: هل السيدة المعصومةj هي الوحيدة التي سافرت إلى قم؟

عرفنا ممّا تقدّم أنّ مدينة قم كانت مأوى العلويين؛ لأنّهم يجدون في قم المنعة عن ظلم بني العبّاس، فلذا بعد السيدة المعصومةj توافد العلويون إلى قم بشكل كبير، خصوصاً بعد استقرار موسى المبرقع([41]) في قم، حيث ذكر العلامة المجلسي في بحاره ما نصّه: "ومنها: قبر أبي جعفر موسى بن محمد بن علي الرضاg، قال: وهو أوّل من دخل من السادات الرضوية قم، وكان مبرقعاً دائماً، فأخرجه العرب من قم، ثم اعتذروا منه وأدخلوه وأكرموه، واشتروا من أموالهم له داراً ومزارع، وحسن حاله، واشترى من ماله أيضاً قرى ومزارع، فجاءت إليه أخواته زينب وأم محمد وميمونة بنات  الجوادg، ثم بريهية بنت موسى، فدُفِنَّ كلّهنّ عند فاطمة رضي الله عنها، وتوفي موسى ليلة الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر من سنة ست وتسعين ومائتين، ودفن في الموضع المعروف أنه مدفنه.

ومنها: قبر أبي علي محمد بن أحمد بن موسى بن محمد بن علي الرضاg، توفي في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، ودفن في مقبرة محمد بن موسى، ثم ذكر مقابر كثير من السادات الرضوية، وكثير من أولاد محمد بن جعفر الصادقg، وكثير من أحفاد علي بن جعفر، وقبور كثير من السادات الحسنية، وكان أكثر أهل قم من الأشعريين"([42]).

إذاً، نجد أنّه بعد السيدة المعصومةj كثرت الهجرة من العلويين إلى قم المقدّسة؛ لما عُرفت قم من شدّة إخلاصها وولاءها لآل البيتi، فكانت بمثابة السدّ المنيع أمام ظلم بني العباس لآل البيتi.

ومن أبرز من هاجر إلى قم هو السيد الجليل علي بن الإمام جعفر الصادقg([43])، حيث هاجر إلى قم واستقرّ فيها؛ وذلك تلبيةً لدعوة القميين له بالمجيء إلى قم والاستقرار فيها، قال المجلسي الأول: "سمعت أنّ أهل الكوفة استدعوا منه أن يأتيهم من المدينة ويقيم عندهم، فأجابهم إلى ذلك ومكث في الكوفة مدّة، وحفظ أهل الكوفة منه أحاديث، ثم استدعى منه أهل‏ قم النزول إليهم، فأجابهم إلى ذلك، وبقي هناك إلى أن توفي، وله ذرية منتشرة في العالم، وفي أصفهان قبر بعضهم، منهم قبر السيد كمال الدين في قرية سين ‏برخوار، وهو مزار معروف‏"([44]).

واختلفوا في محلّ دفنه على أقوال ذكرت في البحار ([45]):

القول الأول: وهو قول المجلسي الأول المتقدّم، وهو أنّه قد دفن في قم، حيث قال: "وقبره في قم مشهور".

ولكن قال العلامة المجلسيO: "أما كون مدفنه في قم فلم يذكر في الكتب المعتبرة، لكن أثر القبر الشريف الموجود قديم وعليه مكتوب اسمه‏".

وفي تحفة الزائر: "يوجد مزار في قم وفيه قبر كبير، وعلى القبر مكتوب قبر علي بن جعفر الصادقg ومحمد بن موسى، ومن تاريخ بناء ذلك القبر إلى هذا الزمان قريب من أربعمائة سنة".

القول الثاني: أنّه دفن في "خارج قلعة سمنان، في وسط بستان نضرة، مع قبة وبقعة وعمارة نزهة. ولكن المنقول عن المجلسي أنه قال: لم يعلم أنّ ذلك قبره بل المظنون خلافه".‏

القول الثالث: وهو ما استظهره العلامة المجلسي، وتبنّاه المحدّث النوري، وهو أنّه دفن في العُريض، قال العلامة في البحار: "الثالث: في العريض، بالتصغير، على بعد فرسخ من المدينة، اسم قرية كانت ملكه ومحلّ سكناه وسكنى ذريّته، ولهذا كان يعرف بالعريضي، وله فيها قبر وقبة، وهو الذي اختاره المحدّث النوري في خاتمة المستدركات مع بسط تامّ، وهو الظاهر، ولعلّ الموجود في قم هو لأحد أحفاده‏".

 خاتمة

من كلّ ما تقدّم نعرف أهمية مدينة قم المقدّسة بالنسبة للتاريخ الشيعي، وكم أنّها قد حظيت بالاهتمام الكبير من الأئمة الأطهارi، وهذا ما يدعونا -مع صعوبة البحث، وشحّ المصادر التاريخية- إلى البحث أكثر فأكثر، وتحليل تاريخ هذه الحضارة العريقة بشكل أكبر وأعمق؛ للوصول إلى نتائج تاريخية مقبولة تُسهم في إثراء المكتبات الإسلامية، وتستفيد منها الأجيال اللاحقة وتستلهم منها العِبَر والفوائد.

أسأل الله أن يتقبّل منّي هذا العمل اليسير بأحسن القبول، وأتوسّل بالسيدة الجليلة فاطمة المعصومة÷ بنت الإمام الكاظمgأن تكون شفيعةً لي في الجنّة؛ فإنّ لها شأناً من الشأن عند الله عزّ وجلّ كما ورد في زيارتهاj.

 والحمد لله ربّ العالمين.

 

 

 

([1]) أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج1، ص283.

([2]) ستأتي ترجمته بعد ترجمة أبيه.

([3]) أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج1، ص283.

([4]) بحار الأنوار، المجلسي، ج57، ص217، ط-دار إحياء التراث.

([5]) رجال النجاشي، ص174.

([6]) راجع معجم ‏رجال ‏الحديث، السيد الخوئي، ج7، ص276.

([7]) رجال الأشعريين المحدّثين وأصحاب الأئمة^، الشيخ جعفر المهاجر، ص47.

([8]) رجال الأشعريين المحدّثين وأصحاب الأئمة^، الشيخ جعفر المهاجر، ص48.

([9]) رجال النجاشي، ص27.

([10]) أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج1، ص302.

([11]) معجم ‏رجال‏ الحديث، السيد الخوئي، ج3، ص137.

([12]) أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج1، ص310.

([13]) معجم‏ رجال ‏الحديث، السيد الخوئي، ج7، ص284. أحسن التراجم لأصحاب الإمام موسى الكاظم×، الشبستري، عبد الحسين، ج‏1، ص262.

([14]) بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار، ج1، ص193، ط-مؤسسة الأعلمي.

([15]) أحسن التراجم لأصحاب الإمام موسى الكاظم×، الشبستري، عبد الحسين‏، ج‏2، ص120. أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج3، ص1463. معجم ‏رجال ‏الحديث، السيد الخوئي، ج18، ص116.

([16]) رجال الأشعريين المحدّثين وأصحاب الأئمة^، الشيخ جعفر المهاجر، ص125.

([17]) رجال الكشي، ص506.

([18]) نفس المصدر.

([19]) معجم‏ رجال ‏الحديث، ج10، ص35. رجال الأشعريين المحدّثين وأصحاب الأئمة^، ص96.

([20]) رجال النجاشي، ص24.

([21]) رجال الأشعريين المحدّثين وأصحاب الأئمة^، ص99.

([22]) أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج2، ص657. معجم ‏رجال ‏الحديث، السيد الخوئي، ج8، ص281.

([23]) معجم ‏رجال ‏الحديث، السيد الخوئي، ج8، ص61. أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج2، ص684. سبل الرشاد إلى أصحاب الإمام الجواد×، الشبستري، عبد الحسين‏، ص129.

([24]) أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج3، ص1274.

([25]) رجال الأشعريين من المحدّثين وأصحاب الأئمةi، الشيخ جعفر المهاجر، ص28.

([26]) راجع مقدمة كتاب رجال الأشعريين من المحدّثين وأصحاب الأئمةi، الشيخ جعفر المهاجر. وكذلك: كتاب قم عاصمة الحضارة الشيعية، الشيخ محمد جواد الطبسي، ص17-18.

([27]) معجم البلدان، ياقوت الحموي، ج4، ص398.

([28]) علل الشرائع، الصدوق، ج2، ص572، باب العلة التي من أجلها سميت قم‏.

([29]) بحار الأنوار، المجلسي، ج‏57، ص213.

([30]) بحار الأنوار، المجلسي، ج60، ص213، ح23، نقلاً عن كتاب تاريخ قم.

([31]) تفسير القمي، مقدمة ج‏1، ص9.

([32]) عيون أخبار الرضاg، ج‏2، ص260.

([33]) لاحظ كتاب قم عاصمة الحضارة الشيعية، الشيخ محمد جواد الطبسي، ص58- 66.

([34]) حسن بن محمد الشيباني القمي (ح: 378)، فقيه، مؤرّخ، مصنّف، قال فيه عبدالله أفندي في رياض العلماء: "كان من أكابر قدماء علماء الأصحاب، ومن أجلاء القميين، ومن قدماء علمائهم، ومن معاصري الصدوق". يروي عن الشيخ الصدوق، وعن أخيه حسين. يعتبر أوّل من صنّف في تاريخ قم، وكتاب (تاريخ قم) كبير في عشرين مجلّداً، صنّفه بالعربية، وفقدت، وقد ترجم بعضه الحسن بن علي القمي إلى الفارسية سنة 865هـ، ونسخه موجودة مطبوعة. وهذا الكتاب قد أُلِّف للوزير الصاحب إسماعيل بن عبّاد. لا ذكر لتاريخ وفاته، وتاريخ حياته المذكور مستفاد من تاريخ تأليف كتابه. أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج1، ص495. بتصرّف يسير.

([35]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج48، ص290.

([36]) قيام سادات علوي، علي أكبر تشيد، ص161. نقله السيد جعفر مرتضى العاملي& في كتابه الحياة السياسية للإمام الرضاg، ص128. ولكن لم أجد أثناء بحثي خبراً يفيد هذا المعنى، بل حتى المحقٌق الشيخ محمد جواد الطبسيx-في كتاب قم عاصمة الحضارة الشيعية، ص72- لم يجد هذا المعنى في الأخبار، واستبعد الخبر المنقول في كتاب قيام سادات علوي والذي عبّر عن صاحبه -في ص73- بأنّه من متأخرّي المؤرّخين، وأنّه لا يعتمد على نقله منفرداً.

([37]) معجم رجال الحديث، السيد الخوئي، ج19، ص92.

([38]) جرعه از دريا، السيد الزنجانيx، ص516- 517.

([39]) تمّ تخريج الرواية سابقاً.

([40]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج48، ص290.

([41]) هو موسى بن الإمام الجوادg، ونقل الشيخ المفيدO في الإرشاد رواية تفيد عدم صلاح حاله، وأنّه كان على منزلة هابطة من الالتزام الديني، وهي: "روى الحسن بن الحسن الحسيني عن يعقوب بن ياسر، قال: كان المتوكّل يقول: ويحكم! قد أعياني أمر ابن الرضا-أي الإمام الهادي - وجهدت أن يشرب معي وينادمني، وجهدت أن آخذ فرصة في هذا المعنى فلم أجدها. فقال له بعض من حضر: إن لم تجد من ابن الرضا ما تريده في هذه الحالة، فهذا أخوه موسى؛ قصّاف، عرّاف، يأكل، ويشرب، ويعشق، ويتخالع، فأحضره وأشهره، فإنّ الخبر يشيع على ابن الرضا ولا يفرّق الناس بينه وبين أخيه، ومن عرفه اتّهم أخاه بمثل أفعاله، فقال: اكتبوا بإشخاصه مكرّماً، فأُشخص مكرّماً، فتقدّم المتوكّل أن يتلقّاه جميع بني هاشم والقوّاد وسائر الناس، وعمل على أنّه إذا رآه أقطعه وبنى له فيها وحوّل إليه الخمّارين والقيان، وتقدّم بصلته وبرّه، وأفرد له منزلاً سريّاً يصلح أن يزوره هو فيه. فلمّا وافى موسى تلقّاه أبو الحسن× في قنطرة وصيف -وهو موضع يتلقّى فيه القادمون- فسلّم عليه ووفّاه حقّه، ثمّ قال: إنّ هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك، فلا تقرّ له أنّك شربت نبيذاً، واتّق الله يا أخي أن ترتكب محظوراً. فقال له موسى: إنّما دعاني لهذا فما حيلتي؟ قال: لا تضع من قدرك ولا تعص ربّك ولا تفعل ما يشينك، فما غرضه إلاّ هتكك، فأبى عليه موسى، وكرّر عليه أبو الحسنgالقول والوعظ، وهو مقيم على خلافه، فلمّا رأى أنّه لا يجيب قال له: أما إنّ المجلس الّذي يريد الاجتماع معك عليه لا تجتمع عليه أنت وهو أبداً. قال: فأقام موسى ثلاث سنين، يبكّر إلى باب المتوكّل فيقال: قد تشاغل اليوم، فيروح فيقال: قد سكر، فيبكّر فيقال له: قد شرب دواء؛ فما زال على هذا ثلاث سنين حتّى قتل المتوكّل، ولم يجتمع معه على شراب". الإرشاد، الشيخ المفيد، ج2، ص307- 308.

وينقل الشيخ المحقّق اليوسفي الغرويO في محاضرة له في الحسينية البحرانية في قم المقدسة في تاريخ 12/12/2019م ما ملخّصه: أنّ السادة أبناء موسى المبرقع ابتدعوا قصة، وهي أنّ موسى المبرقع إنّما كان يتبرقع لشدّة جماله، حتى أنّ نساء قم كُنَّ يفتتنّ به، ثم في إحدى السنوات حصلت مشادّة في شأن موسى المبرقع بين السادة النقويين -أي أبناء الإمام الهاديg من الإمام الجواد×- وبين السادة التقويين -أي أبناء الإمام الهاديg من موسى المبرقع- الشيعة في الهند على عهد المرحوم المرجع الكبير الميرزا محمد حسن الشيرازيO، فكتب أحد العلماء الشيعة في الهند رسالة إلى المرحوم الميرزا الشيرازيO وذكر له حصول مشادّة بين السادة النقويين والسادة التقويين البرقعيين، وطلب منه تهدئة الأوضاع، فالمرحوم الميرزا الشيرازي& حوّل الرسالة إلى المرحوم الشيخ محمد حسين النوريO صاحب المستدرك، ثم إنّ المرحوم الشيخ النوريO ألّف رسالة ولكن بعد وفاة الميرزا الشيرازي، وعنونها برسالة (البدر المشعشع در حالات موسى مبرقع) لأجل التهدئة، وهي رسالة باللغة الفارسية، وقد ترجمها الشيخ اليوسفي إلى اللغة العربية بطلب من السيد مرتضى الرضوي الكشميري، الصهر الأكبر للسيد السيستانيO، باعتبار أنّه من السادة البرقعيين.

([42]) بحار الأنوار، المجلسي، ج57، ص220.

([43]) علي بن جعفر الصادقg، توفى سنة 210هـ، لُقّب بالعُريضي؛ لأنّه سكن العُريض، وهي مزرعة في نواحي المدينة. محدّث، فقيه، مصنّف. أخذ عن أبيه في حال الفتوّة وروى عنه روايات يسيرة، ثم صحب الإمام الكاظمgوأخذ عنه وروى عنه الكثير، ثم صحب من بعده ابن أخيه الإمام الرضاg، وأدرك إمامة الإمام الجوادg، فكان على كبر سنّه وشيخوخته، وفتوّة الإمام الجوادg، لا يستنكف عن الإعلان بأنّه يدين له بالطاعة والولاء. أعلام الشيعة، الشيخ جعفر المهاجر، ج2، ص925.

([44]) بحار الأنوار، المجلسي، ج‏48، ص301- 302، (ط - بيروت).

([45]) بحار الأنوار، المجلسي، ج‏48، ص301- 302، (ط - بيروت).


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا