فقه الاستغفار

فقه الاستغفار

الملخّص:

شرع الكاتب في بيان وجوب الاستغفار من الذنب، ثم تعرّض إلى كون الإصرار يعتبر من موانع قبول الاستغفار إضافة‏ إلى الذم في ‏حقّ من يسيء الظنّ بقبول استغفاره. وبحث بعد ذلك استحباب الاستغفار من غير ذنب، بل استحباب الاستغفار كلّما ذُكر الذنب، ‏ويتأكّد الاستغفار في مواطن ذكر منها أربعة عشر لا على نحو الاستقصاء، ثم بحث في آثار الاستغفار، وأنّ مستحقي الاستغفار هم ‏الوالدان وعموم المؤمنين أحياءً وأمواتاً وغيرهم. فختم بعد ذلك بذكر من لا يستحق أن يُستغفر لهم، وذكر من يلزم الاستغفار له.‏

مقدّمة:

الاستغفار هو طلب الغَفر والستر، ومعناه إمّا أن يصون العبدَ من أن يمسّه العذاب[1]، وإمّا أن يستره عن الأغيار؛ كي لا يعلمه أحد، ولا يكون عليه شاهد[2]، ويختلف الاستغفار عن التوبة -سواء كانت حقيقتها هي الرجوع أو هي الندم- وإن كان الاستغفار -كما التوبة- ماحياً للذنب؛ بموجب مثل >من أعطي الاستغفار لم يحرم التوبة<[3]، و>دواء الذنوب الاستغفار<[4]، و>أنّه ممحاة للذنوب<[5]، ونحو ذلك، وهو المراد ظاهراً من المرسل عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللهg -في حديث- >إنّ الاستغفار توبة، وكفّارة لكلّ من لم يجد السبيل إلى شيء من الكفارة<[6].

والكلام بعد ذلك في مباحث:

المبحث الأوّل: في وجوب الاستغفار من الذنب

لا شبهة في مطلوبيّة الاستغفار من الذنب ورجحانه للمذنب، ويشهد لذلك آيات وروايات، فمن الآيات قول الله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(آل عمران: 135)، وقوله سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمً}(النساء: 110)، وقوله سبحانه: {أَفلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم}(النساء: 74)، وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون}(الأنفال: 33)، وقوله سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم}(محمّد: 19)، وغيرها.

وأمّا الروايات في رجحان الاستغفار من الذنب فهي فوق حدِّ الاستقصاء والإحصاء، منها: معتبرة أبان بن تغلب عن أبي جعفرg قال: >قال رسول اللهe: خيار أمّتي الّذين إذا سافروا أفطروا وقصّروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا..<[7]، ونحوها رواية محمد بن مسلم وغيره عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقرh قال: >سئل رسول اللهe عن خيار العباد فقال: الّذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا، وإذا أُعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا<[8]. وإنّما عبّرت عن الأولى بالمعتبرة لوثاقة جميع أفراد سندها حتى أبي عليّ صاحب الكلل؛ لرواية ابن أبي عمير عنه، وكبرى وثاقة من روى عنه ابن أبي عمير وأخواه صفوان والبزنطي تامّة على المختار.

ومنها: معتبرة السُكونيّ عن جعفر عن أبيه عن آبائهi قال: >قال رسول اللهe: لكلّ داءٍ دواء، ودواء الذنوب الاستغفار<[9].

ومنها: معتبرته الأخرى عن أبي عبد اللهg قال: قال رسولe: >خير الدعاء الاستغفار<[10]. ولا يضرّ باعتبارهما وجود النوفليّ في سندهما؛ فإنّه من معاريف الطائفة ولم يرد فيه قدح ولو بطريق غير معتبر، فيكشف ذلك عن حسن ظاهره عرفاً، وحسن الظاهر كاشف عن الوثاقة بل العدالة عرفاً وشرعا.

ومنها: معتبرة حسين بن زيد عن أبي عبد اللهg قال: >قال رسول اللهe: الاستغفار وقول: لا إله إلا الله، خير العبادة؛ قال الله العزيز الجبّار: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}<[11]. وإنّما عبّرت عنها بالمعتبرة لوثاقة رجال سندها حتى حسين بن زيد؛ فإنّه وإن لم يرد فيه توثيق بالخصوص إلا أنّه ممّن روى عنه صفوان بن يحيى، بل روى صفوان هذه الرواية عنه.

ومنها: غيرها من روايات الباب الخامس والثمانين من أبواب جهاد النفس من الوسائل ومستدركها[12]، هذا.

وقد استفاد الشيخ الحرّO من روايات هذا الباب وجوب الاستغفار من الذنب، ولذا عنْوَنَه بـ (باب وجوب الاستغفار من الذنب والمبادرة به قبل سبع ساعات).

ولكنّ هذه الروايات على كثرتها القريبة من العشرين روايةً قاصرةُ الدلالة عن إفادة وجوبه، كما لا دلالة فيها على لزوم المبادرة إلى الاستغفار، وأنّ أقصى ما يستفاد من التحضّيض على المبادرة إلى الاستغفار هو رجحانها، فمن رواياته صحيحة فضيل بن عثمان المراديّ قال: سمعت أبا عبد اللهg يقول: >قال رسول اللهe: أربع من كنّ فيه لم يهلك على الله بعدهن إلا هالك: يهمّ العبد بالحسنة فيعملها فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنةً بحسن نيّته، وإن هو عملها كتب الله له عشراً، ويهمّ بالسيّئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء، وإن هو عملها أُجِّل سبع ساعات، وقال: صاحب الحسنات لصحاب السيّئات، وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يُتْبِعَها بحسنةٍ تمحوها؛ فإنّ اللهa يقول: {إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ} أو الاستغفارِ؛ فإن قال: (أستغفر الله الّذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، العزيز الحكيم، الغفور الرحيم، ذا الجلال والإكرام، وأتوب إليه) لم يُكتب عليه شيء، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنةٍ واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيّئات: اكتب على الشقيّ المحروم<[13].

ومن رواياته صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللهg قال: >من عمل سيّئة أُجِّل فيها سبع ساعات من النهار، فإن قال: (أستغفر الله الّذي لا إله إلا هو، الحيّ القيّوم، وأتوب إليه) ثلاث مرّات لم تُكتب عليه<[14].

نعم ورد الأمر بالاستغفار من بعض الذنوب بالخصوص، ففي صحيحة محمّد بن مسلم قال: سألته عمّن أتى امرأته وهي طامث، قالg: >يتصدّق بدينار، ويستغفر الله تعالى<[15]، كما ورد الأمر به في طول عدم القدرة على مطلق الكفّارة، كما في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللهg قال: >كلّ من عجز عن الكفّارة الّتي تجب عليه من صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة، ما خلا يمين الظهار، فإنّه إذا لم يجد ما يكفّر به حرم (حرمت) عليه أن يجامعها، وفرّق بينهما إلا أن ترضى المرأة أن يكون معها ولا يجامعها<[16].

ويؤيّدها ذيل المرسل عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللهg في كفّارة الطمث أنّه يتصدّق إذا كان في أوله بدينار، وفي وسطه نصف دينار، وفي آخره ربع دينار، قلت: فإن لم يكن عنده ما يكفّر؟ قال: >فليتصدّق على مسكين واحد، وإلا استغفر الله ولا يعود؛ فإنّ الاستغفار توبة وكفّارة لكلّ من لم يجد السبيل إلى شيء من الكفّارة<[17].

وقد دلّت بعض الروايات على كفاية الاستغفار لمن عجز عن كفّارة الظهار أيضاً، وهي صحيحة إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللهg قال: >الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفّارة فليستغفر ربّه، وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثمّ ليواقع، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفّر يوماً من الأيام فليكفّر، وإن تصدّق وأطعم نفسه وعياله فإنّه يجزيه إذا كان محتاجاً، وإلا يجد ذلك فليستغفر ربّه، وينوي أن لا يعود، فحسبه ذلك -والله- كفّارة<[18]، ولكنّ التعارض بينها وبين صحيحة أبي بصير مستقرّ، فيشكل الاكتفاء بالاستغفار.

ولكن ثمّة آيات يمكن أن يستفاد منها وجوب الاستغفار من الذنب، منها قول الله سبحانه: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير}(هود: 3)، وقوله سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك..}(محمّد: 19)، وقوله سبحانه: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ..}(غافر: 55)، فكما تجب التوبة من الذنب يجب الاستغفار منه، وعدم وجدان قائلٍ بالوجوب لا يبرّر حمل أوامر الاستغفار على الاستحباب في مورد التوبة وحيث يتفق الذنب، ولا يبرّر حملها على الاستحباب في غير مورد التوبة؛ فإنّه كما يحتمل التعبّدية في نكتة عدم الوجوب يحتمل فيه قولهم بوحدة التوبة والاستغفار، وأنّ الاستغفار توبة، فالوجوب واحد لوحدة موضوعه، ويحتمل مع فرض تغاير الاستغفار عن التوبة عدم احتمالهم تكليفاً لزوميّاً بالاستغفار وراء الإلزام بالتوبة مع كون كلّ منهما ماحياً للذنب وتبعته، ومع وجود هذين الاحتمالين أو أحدهما فلا تنحصر نكتة قولهم بعدم وجوب الاستغفار أو عدم قولهم بوجوبه في التعبّد.

على أنّه يكفي لإيجاب الاستغفار وكذا غيره ممّا يشترك مع التوبة في محو التبعة ما ذكره أحد الأعلام[x[19 من أنّ العبد قد ينغمس في المعصية إلى حدٍّ لا ينقدح الندم في نفسه؛ لانطباعه بالمعصية أو قلّة خوفه وحيائه من الله تعالى فيمكنه إسقاط ذنبه وتبعته بمثل الاستغفار؛ إذ ليس فيه مؤونة نفسيّة كما هي في التوبة، فيتأتّى من جميع فسّاق المسلمين، ويسقط به الذنب وتبعته، وهو من رحمة الربّ الرحيم الكريم، ولعلّه لهذا جاء الأمر بالاستغفار ثمّ بالتوبة تدريجاً من الأدنى إلى الأعلى في الآية السالفة الذكر، وفي جملة من آيات الكتاب العزيز[20]، وكأنّها تقول بنحو فكرة الترتّب: إن لم تتب فاستغفر، فتحصّل أنّ الاستغفار لازم بموجب هذه الأوامر وإن لم يتب ويعزم على ترك الذنب.

نعم ذكر أحد أعلام المفسّرينO أنّ المراد بالتوبة في الآيات الآمرة بالاستغفار ثمّ التوبة هو الإيمان، كما في قوله تعالى: {..فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَك..}(غافر: 7) فيستقيم الجمع بين الاستغفار والتوبة مع عطف التوبة عليه بـ(ثمّ)، والمعنى: اتركوا عبادة الأصنام [و]بعد هذا (و) اطلبوا من ربّكم غفران ما قدّمتم من المعصية ثمّ آمنوا بربّكم[21].

ولئن تمّت هذه الاستفادة ففي الباقي من آيات الأمر بالاستغفار من الذنب كالآيتين {..وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك..}(غافر: 55، و محمّد: 19) كفايةٌ لإيجابه.

المبحث الثاني: في مانعيّة الإصرار وسوء الظنّ من قبول الاستغفار

يستفاد من مقابلة لا صغير(ة) مع الإصرار بـ لا كبير(ة) مع الاستغفار في صحيحة محمّد بن عمير قال: سمعت موسى بن جعفرh يقول: >من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يُسأل عن الصغائر- إلى أن قال:- قال النبيّe: لا كبير مع الاستغفار، ولا صغير مع الإصرار..<[22]، وفي غيرها[23]- أنّ الإصرار لا يجتمع مع الاستغفار الّذي يؤذن بمحو الذنب والخطيئة، وأنّه مانع من قبوله، ويؤيّد ذلك رواية ياسر الخادم عن الرضاg قال: >مثل الاستغفار مثل ورق على شجرة تحرّك فتناثر، والمستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزئ بربّه<[24]، فالاستغفار الماحي ليس محض طلب المغفرة ولو كان بجدٍّ ما لم يكن معه إقلاع عن الذنب، وبموجبه يعود هذا الاستغفار توبة.

كما أنّ مانعيّة سوء الظنّ بتجاوز الله سبحانه من قبول الاستغفار هي ظاهر بعض الروايات كصحيحة بريد بن معاوية عن أبي جعفرg قال: >وجدنا في كتاب عليّg أنّ رسول اللهe قال على منبره: .. والّذي لا إله إلا هو لا يعذّب الله مؤمناً بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنّه بالله وتقصيرٍ من رجائه له، وسوء خلقه، واغتيابـ[ـه] المؤمنين..<[25].

المبحث الثالث: في استحباب الاستغفار من غير ذنب

وقد عنون الشيخ الحرO الباب الثاني والتسعين من أبواب جهاد النفس بـ باب استحباب تكرار التوبة والاستغفار كلّ يوم وليلة من غير ذنب[26]، ويستفاد استحباب الاستغفار من غير ذنب من صحيحة ابن رئاب عن أبي عبد اللهg قال سألت أبا عبد اللهg عن قول اللهa: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}(الشورى: 30)، أرأيت ما أصاب عليّاً وأهل بيتهi من بعده هو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ قال: >إنّ رسول اللهe كان يتوب إلى الله ويستغفره في كلّ يومٍ وليلةٍ مائة مرّة من غير ذنب، إنّ الله يخصّ أولياءه بالمصائب ليؤجرهم عليها من غير ذنب<[27]، ويؤيّدها رواية إبراهيم بن أبي البلاد قال: قال أبو الحسنg: >إنّي أستغفر الله في كلّ يوم خمسة آلاف مرّة، ثمّ قال لي: خمسة آلاف كثير<[28].

ولكن ثمّة ما ينفي استغفار رسول اللهe، وهو موثّقة زيد الشحّام عن أبي عبد اللهg قال: >كان رسول اللهe يتوب إلى اللهa في كلّ يوم سبعين مرّة، قلت: أكان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: لا، ولكن كان يقول: أتوب إلى الله، قلت: إنّ رسول اللهeكان يتوب ولا يعود، ونحن نتوب ونعود، قال: الله المستعان<[29]، وموثّقة ابن بكير عن أبي عبد اللهg -في حديث- قال: >إنّ رسول اللهe كان يتوب إلى الله كلّ يوم سبعين مرّة من غير ذنب<[30]، ومعه فلا يستفاد استحباب الاستغفار من غير ذنب من فعل رسول اللهe؛ لعدم ثبوت ذلك منه.

وفيه، إنّ أقصى ما يستفاد من الموثّقتين أنّ الّذي كان رسول اللهe يديمه كلّ يوم سبعين مرّة خصوص التوبة، ولكن لا يستفاد منهما عدم استغفاره البتة ولو ليلاً، كيف وقد أمره الله سبحانه به في قوله: {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيما}(النساء: 106)، ولا شبهة عندنا- معاشر الإماميّة- أنّ استغفاره المأمور به ما كان بذنب، وفي موثّقة أبي بصير قال: قلت له: المستغفرين بالأسحار؟ فقال: >استغفر رسول اللهe في وتره سبعين مرّة<[31]، بل في صحيحة الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللهg قال: >كان رسول اللهe يستغفر اللهa في كلّ يوم سبعين مرّة، ويتوب إلى اللهa سبعين مرّة، قال: قلت: كان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال: كان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله سبعين مرّة، يقول: أتوب إلى الله، أتوب إلى الله سبعين مرّة<[32]. فلعلّ ما يخصّ استغفارهe قد سقط من موثّقة زيد الشحّام.

المبحث الرابع: في استحباب الاستغفار من الذنب كلّما ذكره:

وممّن استفاد ذلك من الروايات هو الشيخ الحرّO، فقد عنون الباب التسعين من أبواب جهاد النفس بـ باب استحباب تذكّر الذنب والاستغفار منه كلّما ذكره[33]، ولكنّ المستفاد من روايات هذا الباب أنّ المؤمن يذكَّر بذنبه ولو بعد عشرين سنة ليستغفر منه فيُغفر له، ففي موثّقة عليّ بن عقبة بياع الأكسية عن أبي عبد اللهg قال: >إنّ المؤمن ليذنب الذنب فيذكّر بعد عشرين سنة فيستغفر منه فيُغفر له، وإنّما يذكُره ليُغفر له، وإنّ الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته<[34]، وعلى نسقها غيرها من روايات الباب، ومنها ما عن مجمع البيان عن عليّg أنّه قال: >إنّ العبد ليذنب ثمّ يذكر بعد خمس وعشرين سنة، فيستغفر الله منه فيغفر له، ثم قرأ: ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيما<[35].

نعم، يستفاد ذلك من رواية تحف العقول عن جابر بن يزيد الجعفيّ عن الباقرg أنّه قال في كلام له: >واسترجع سالف الذنوب بشدّة النّدم وكثرة الاستغفار..<[36]. وإرسالها لا يضرّ بها بعد أن كانت من ضمن وصيّة عالية المضمون متينة السبك يستبعد جدّاً صدور مثلها عن غير أهل بيت العصمة والطهارةi.

ويستفاد من صحيحة عبدالله بن سنان مطلوبية الاستغفار أبداً ما بقي من قتل المؤمن قال: قال أبو عبدالله g: >كفارة الدم إذا قتل الرجلَ المؤمن متعمّداً فعليه أن يمكّن نفسه من أوليائه، فإن قتلوه فقد أدّى ما عليه إذا كان نادماً على ما كان منه، عازماً على ترك العود، وإن عُفي عنه فعليه أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكيناً، وأن يندم على ما كان منه، ويعزم على ترك العود، ويستغفر اللهa أبداً ما بقي<[37]، بل لو كنّا وهذه الصحيحة من روايات الباب لاخترنا لزوم الاستغفار كذلك.

المبحث الخامس: في موارد تأكُّد الاستغفار

ثمّة موارد من الراجح بالخصوص الاستغفار فيها:

أحدها: في الصلاة

وذلك في موضعين، أحدهما: بين السجدتين كما في صحيحة حمّاد بن عيسى في بيان صلاة الصادقg وفيها: >..ثمّ رفع رأسه من السجود فلمّا استوى جالساً قال: الله أكبر، ثمّ قعد على جانبه الأيسر، ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى، وقال: أستغفر الله ربّي وأتوب إليه، ثم كبّر وهو جالس وسجد الثانية..<[38]، والآخر: بعد التسبيحات الأربع في الركعتين الثالثة والرابعة كما في صحيحة عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد اللهg عن الركعتين الأخيرتين من الظهر، قال: >تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبك..<[39].

والثاني: في الأسحار

وقد نصّ الكتاب العزيز على رجحان الاستغفار في الأسحار في قول الله سبحانه: {وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون}(الذاريات: 18)، وقد دلّت عليه صحيحة العمركيّ عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن عليّi قال: >إنّ اللهa إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الّذين يتحابّون بجلالي ويعمرون مساجدي ويستغفرون بالأسحار لأنزلت عذابي<[40]، وعن تفسير الشيخ أبي الفتوح عن أمّ سعد عن رسول اللهe أنّه قال: >إنّ الله تعالى يحبّ ثلاثة أصوات: صوت الديك، وصوت قارئ القرآن، وصوت الّذين يستغفرون بالأسحار<[41]، وعن إرشاد الديلميّ عن رسول اللهe أنّه قال: >ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده: الذاكرون لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار<[42].

والثالث: في الوتر

ويدلّ على رجحانه فيه جملة روايات، منها: صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادقg أنّه قال: >القنوت في الوتر الاستغفار، وفي الفريضة الدعاء<[43]، ومنها: معتبرة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد اللهg قال: >استغفر الله في الوتر سبعين مرّة..<[44]، وإنّما عبّرت عنها بالمعتبرة رغم وجود أحمد بن محمّد بن يحيى في طريقها؛ لأنّه وإن لم يرد فيه توثيق بالخصوص إلا أنّه من معاريف الطائفة الّذين لم يرد فيهم قدح أيضاً ولو بطريق غير معتبر، فيكشف ذلك عن حسن ظاهره عرفاً، كما أنّه ممّن ترضّى عنه الصدوقO، وما ذاك إلا لجلالته الّتي هي فوق الوثاقة.

ومنها: صحيحة معروف بن خرّبوذ عن أحدهما- يعني أبا جعفر وأبا عبد اللهh- قال: قل في قنوت الوتر، وذكر دعاءً طويلاً ثمّ قال: >واستغفر الله سبعين مرّة<[45]، ومنها: صحيحة منصور عن أبي عبد اللهg قال: >قال لي: استغفر الله في الوتر سبعين مرّة<[46].

والرابع: في الوتر في الأسحار

ويدلّ على رجحان الاستغفار في هذا المورد جملة روايات:

منها: صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد اللهg أنّه قال: >من قال في وتره إذا أوتر: أستغفر الله ربّي وأتوب إليه سبعين مرّة، (وهو قائم)، وواظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار، ووجبت له المغفرة من اللهa<[47]، ومنها: صحيحة معاوية بن عمّار قال سمعت أبا عبد اللهg يقول في قول اللهa: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} في الوتر في آخر الليل سبعين مرّة[48]، ومنها: موثّقة أبي بصير قال: "قلت له: المستغفرين بالأسحار؟ فقال: >استغفر رسول اللهe في وتره سبعين مرّة<"[49].

وفي هذا المورد يتأكّد استحباب الاستغفار عن سابقيه.

كيفيّة استغفار قنوت الوتر:

ثمّ إنّ مقتضى مثل الموثّقة تحقّق وظيفة استغفار قنوت الوتر بـ (أستغفر الله)، فلا يعتبر فيه ما زاد على ذلك مثل (أستغفر الله وأتوب إليه) أو (أستغفر الله ربّي وأتوب إليه)، وأمّا صحيحة ابن يزيد المتقدّمة فإنّها وإن تضمّنت الصيغة الأخيرة إلا أنّها لا تعيّنها، على أنّها ذكرتها من أجل أثر وهو كتابته في المستغفرين بالأسحار فيما لو واظب عليه سنة، ويؤكّد ذلك النّقل الآخر للصحيحة المشتمل على زيادة أن يكون الاستغفار حال القيام.

وأمّا ما عن العيون بإسناده عن رجاء بن أبي الضحّاك عن الرضاg- في حديث طويل في سيرته في عبادته- قال: >ثمّ يقومg فيصلّي الوتر ركعة، يقرأ فيها الحمد، وقل هو الله أحد ثلاث مرّات، وقل أعوذ برب الفلق مرّة واحدة، وقل أعوذ برب الناس مرّة واحدة، ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة، ويقول في قنوته: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، اللهمّ اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن تولّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرّ ما قضيت؛ فإنّك تقضي ولا يقضى عليك، إنّه لا يذلّ من واليت، ولا يعزّ من عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت- ثمّ يقول- أستغفر الله، وأسأله التوبة سبعين مرّة..<[50]، فهي- الأخرى- لا تعيّن الوظيفة في >أستغفر الله وأسأله التوبة< ولا توظّفها، على أنّ رجال سندها بين ضعيف أو مجهول ومهمل.

فتحصّل أنّه لم يثبت توظيف غير >أستغفر الله< بنحو التعيين، فتتحقّق الوظيفة بـ >أستغفر الله<.

ثمّ إنّه يستحبّ عدّ الاستغفار باليمنى مع نصب اليسرى به كما هو مفاد معتبرة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد اللهg قال: >استغفر الله في الوتر سبعين مرّة، تنصب يدك اليسرى، وتعدّ باليمنى الاستغفار<[51]؛ فإنّ سندها في العلل وإن اشتمل على أبي إسماعيل السرّاج (المهمل)، وطريقها في الفقيه وإن ابتدئ بأحمد بن محمد بن يحيى العطّار، ولم يرد فيه توثيق، إلا أنّه يغني عن إثبات وثاقته بخصوصها ترضّي الصدوقO عليه المفيد لجلالته، ولذا عبّرت عن الرواية بالمعتبرة.

والخامس: عند النوم

يدلّ عليه ما عن (جامع الأخبار): روي عن النبي e قال: >من قال حين يأوي إلى فراشه: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) ثلاثة مرات، غفر الله ذنوبه وإن كانـ [ـت] مثل زبد البحر، وإن كانت عدد ورق الشجر، وإن كانت عدد رمل عالج، وإن كانت عدد أيام الدنيا<[52].

والسادس: بعد صلاة الصبح

تدلّ عليه رواية جابر الجعفيّ عن أبي جعفرg قال: >من استغفر الله بعد صلاة الفجر سبعين مرّة غفر الله له ولو عمل ذلك اليوم أكثر من سبعين ألف ذنب، ومن عمل أكثر من سبعين ألف ذنب فلا خير فيه<[53].

والسابع: بعد صلاة العصر

تدلّ عليه رواية عمرو بن خالد عن أخيه سفيان عن أبي عبد اللهg قال: >من استغفر الله بعد العصر سبعين مرّة غفر الله له ذلك اليوم سبعمائة ذنب، فإن لم يكن له فلأبيه، فإن لم يكن لأبيه فلأمّه، فإن لم يكن لأمّه فلأخيه، فإن لم يكن لأخيه فلأخته، فإن لم يكن لأخته فللأقرب فالأقرب<[54].

والثامن: في كلّ مجلس وإن خفّ

يدلّ على استحبابه في هذا المورد معتبرة طلحة بن زيد عن أبي عبد اللهg: >إنّ رسول اللهe كان لا يقوم من مجلسٍ وإن خفّ حتى يستغفر الله خمساً وعشرين مرّة<[55]. وإنّما عبّرنا عنها بالمعتبرة رغم وجود محمّد بن سنان؛  لما هو المختار من وثاقته.

والتاسع: في شهر رمضان

تدلّ على ذلك رواية حصين عن أبي عبد اللهg قال: قال أمير المؤمنينg: >عليكم في شهر رمضان بكثرة الدعاء والاستغفار، فأمّا الدعاء فيدفع به عنكم البلاء، وأمّا الاستغفار فتمحى به ذنوبكم<[56].

والعاشر: في كلّ يوم من شعبان

تدلّ على ذلك روايات كثيرة أوردها الشيخ الحرّO في الباب الثلاثين من أبواب الصوم المندوب، وعمدتها- من حيث السند- صحيحة الريّان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضاg يقول: >من قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرة: أستغفر الله وأسأله التوبة، كتب الله له براءةً من النار، وجوازاً على الصراط، وأحلّه دار القرار<[57].

والحادي عشر: في كلّ يوم من رجب

يدلّ على ذلك ما في نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى عن فضالة عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللهg قال: قال رسول اللهe: >رجب شهر الاستغفار لأمّتي، أكثروا فيه من الاستغفار؛ فإنّه غفور رحيم، وشعبان شهري، استكثروا في رجب من قول: استغفر الله، وسلوا الله الإقالة والتوبة فيما مضى، والعصمة فيما بقي من آجالكم<[58].

والثاني عشر: عندما ينسى العبد ضعفه

مطلوبيّة الاستغفار واضحة من قول الله سبحانه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابا}(النّصر: 1-3)، والشأن كلّه في سرّ مطلوبيّته، فقد يكون الوجه فيها أنّ مثل فتح مكّة ومستتبَعاته من دخول الناس في الدين أفواجاً ممّا ينسي العبد ضعفه وحاجته إلى ربّه، وهذه الحالة غير السويّة تستوجب استغفار الربّ، وقد يكون الوجه في مطلوبيّة الاستغفار ما يتفق من نشوة غير محمودة تأخذ المنتصر، هذا.

والمخاطب وإن كان شخص المعصوم ولكن لا موجب أن تكون إحدى الحالتين حالةً له.

والثالث عشر: عند الإفاضة من عرفات

نصّ الكتاب العزيز في قول الله سبحانه: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(البقرة: 199) على مطلوبيّة الاستغفار عند الإفاضة من عرفات، وقد اختلفت الروايات في تحديد نحو هذه الإفاضة في الآية، وأنّها من عرفات بعد غروب الشمس على خلاف ما عليه المشركون حيث كانوا يفيضون منها من قبل أن تغيب الشمس[59]، أو أنّها من عرفات إلى البيت مروراً بالمزدلفة ومنى في مقابل ما عليه قريش في الجاهليّة من الإفاضة من المزدلفة إلى البيت من غير سبق وقوف منهم بعرفات، فكانوا يخرجون من مكّة إلى المزدلفة ثم يفيضون منها إلى مكّة[60].

والرابع عشر: كفارة لطم الخدود

يستفاد من بعض الروايات كون الاستغفار كفارة لطم الخدود، كما في رواية خالد بن سدير أخي حنان بن سدير قال: "سألت أبا عبد اللهg عن رجل شقّ ثوبه على أبيه أو على أمّه أو على أخيه أو على قريب له، فقال: >لا بأس بشقّ الجيوب -إلى أن قالg- ولا شيء في اللطم على الخدود سوى الاستغفار والتوبة..<"[61]، ولكنّها ضعيفة السند ولو لجهالة خالد.

وأكتفي بذكر هذه الأربعة عشر مورداً تيمّناً بهذا العدد المبارك بعد أن لم يكن البناء على استقصاء الموارد.

المبحث السادس: في آثار الاستغفار

أبرزت آيات كتاب الله جملةً من الآثار الدنيويّة للاستغفار، قال الله سبحانه على لسان هودg: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِين}(هود: 52)، وقال سبحانه على لسان نوحg: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارا}(نوح: 10- 12)، وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون}(الأنفال: 33).

وأبرزت روايات المعصومينi آثاراً أخرى للاستغفار، ففي العيون بإسناده عـن الرضاg عـن آبائهi عن عليّ بن أبي طالبg قال: >قال رسول اللهe-في حديث- ومن استبطأ عليه الرزق فليستغفر الله..<[62].

وعن سعيد بن يسار قال: قال رجل لأبي عبداللهg: لا يولد لي. فقال: >استغفر ربّك في السحر مائة مرّة، فأن نسيته فاقضه<[63].

وعن إسماعيل بن سهل قال: كتبت إلى أبي جعفر الثانيg: علّمني شيئاً إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة، فقال: فكتب بخطّه أعرفه: >أكثِر من تلاوة {إنّا أنزلناه}، ورطّب شفتيك بالاستغفار<[64].

وعن عليّ بن عليّ أخي دعبل بن عليّ عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائهi عن أمير المؤمنينg أنّه قال: >تعطّروا بالاستغفار لا تفضحنّكم روائح الذنوب<[65].

وعن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عن أبيهh قال: >قال رسول اللهe: أربع من كنّ فيه كان في نور الله الأعظم: -إلى أن قال- ومن إذا أصاب خطيئة قال: أستغفر الله وأتوب إليه<[66].

وعن غرر الحكم للآمديّ عن أمير المؤمنينg أنّه قال: >الاستغفار أعظم أجراً، وأسرع مثوبة<، وقالg: >عوّد نفسك الاستهتار بالذكر والاستغفار؛ فإنّه يمحو عنك الحوبة، ويعظّم لك المثوبة<[67].

وعن مهج الدعوات: عن النبيّeأنّه قال: >من لحقته شدّة أو نكبة أو ضيق، فقال ثلاثين ألف مرّة: أستغفر الله وأتوب إليه، إلا فرّج الله تعالى عنه، الراوي: وهذا خبر صحيح، وقد جرّب<[68].

وعن إرشاد الديلميّ: عن رسول اللهeأنّه قال: >ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده: الذاكرون لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار<[69].

أقول: وإنّما أوردت آيات وروايات آثار الاستغفار لعدم خلوّها من التحضيض على الاستغفار والدلالة على رجحانه.

المبحث السابع: فيمن يستغفر له

أـ الاستغفار لعموم المؤمنين:

يستحبّ الاستغفار لعموم المؤمنين والمؤمنات -أحياءً وأمواتاً-، قال الله سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم}(محمّد: 19)، وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهg قال: >من قال كلّ يوم خمساً وعشرين مرّة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، كتب الله له بعدد كلّ مؤمنٍ مضى، وبعدد كلّ مؤمنٍ بقي إلى يوم القيامة حسنةً، ومحا عنه سيئةً، ورفع له درجة<[70]، وهي موثّقة بطريق (ثواب الأعمال) لو كان راويها عن ابن سنان هو الفضل بن يونس لا الفضل بن يوسف.

ومن استغفار الأنبياء لعموم المؤمنين استغفار إبراهيم ونوحh بعد استغفارهما للوالدَين، وسيأتي ذكرهما إن شاء الله.

ب ـ الاستغفار لعموم المؤمنين- أمواتاً-.

يستحبّ الاستغفار لعموم المؤمنين الأموات، قال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ..}(الحشر: 10).

ج- الاستغفار للمؤمن الميّت:

يستفاد من جملة روايات استحباب الاستغفار للمؤمن الميّت، منها صحيحة عمر بن يزيد قلت لأبي عبد اللهg: يُصلّ عن الميّت؟ فقال: >نعم حتى أنّه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق، يؤتى فيقال له: خُفّف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك، قال: فقلت له: فأشرك بين رجلين في ركعتين<؟ قال: نعم، فقال (وقال)g: >إنّ الميّت ليفرح بالترحّم عليه والاستغفار له كما يفرح الحيّ بالهديّة تهدى إليه<[71].

د- الاستغفار للوالدَين:

ويستحبّ الاستغفار للوالدَين سيّما إذا كانا ميّتين، ففي صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفرg قال: >إنّ العبد ليكون بارّاً بوالدَيه في حياتهما ثمّ يموتان فلا يقضي عنهما الدين، ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقّاً، وإنّه ليكون في حياتهما غير بارٍّ بهما فإذا ماتا قضى عنهما الدين، واستغفر لهما فيكتبه الله بارّاً..<[72]، ومن دعاء إبراهيمg الّذي حكاه عنه الله في كتابه: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَاب}(إبراهيم: 41)، ومن دعاء نوحg الّذي حكاه عنه الله في كتابه: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارا}(نوح: 28).

ويؤيّد كون مثل هذين الاستغفارين للإرشاد والحضّ على الاستغفار للوالدَين ما جاء في كيفيّة الصلاة للوالدين فعن مكارم الأخلاق: صلاة الوالد لولده، أربع ركعات، يقرأ في الأولى: الحمد مرّة، وعشر مرّات: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم}، وفي الثانية: الحمد مرّة، وعشر مرّات: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}، وفي الثالثة: الحمد مرّة، وعشر مرّات: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، وفي الرابعة: الحمد مرّة: وعشر مرّات: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}, فإذا سلّم قال عشراً: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا} الآية، وعن المكارم أيضاً: صلاة الولد لوالديه ركعتان، الأولى: بفاتحة الكتاب وعشر مرّات: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَاب}، وفي الثانية: الفاتحة وعشر مرات: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات}، فإذا سلّم يقول عشر مرّات: {رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[73].

هـ- استغفار العاطس لمسمِّته:

ورد في كيفية تسميت العاطس وردّه أنّ الاستغفار ردّ التسميت، ففي صحيحة سعد بن أبي خلف قال: كان أبو جعفرg إذا عطس فقيل له: >يرحمك الله، قال: يغفر الله لكم ويرحمكم..<[74]، وعن عليg -في حديث الأربعمائة- قال: >إذا عطس أحدكم فسمّتوه، قولوا: يرحمكم الله، وهو يقول: يغفر الله لكم ويرحمكم<؛ قال اللهa: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[75].

المبحث الثامن: فيمن لا يستغفر له

لا يجوز الاستغفار للمشرك: قال الله سبحانه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيم، وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ}(التوبة: 113، 114).

وتستفاد حرمة الاستغفار للكافر -ولو لم يكن مشركاً- وإن كان أحد الأبوين من رواية عليّ بن جعفر -المرويّة في قرب الإسناد- عن أخيه موسى بن جعفرg قال: سألته عن رجل مسلم وأبواه كافران، هل يصلح له أن يستغفر لهما في الصلاة؟ قال: >إن كان فارقهما صغيراً لا يدري أسلما أم لا فلا بأس، وإن عرف كفرهما فلا يستغفر لهما، وإن لم يعرف فليدع لهما<[76]، ولكنّ الخدشة في سند روايات قرب الإسناد.

المبحث التاسع: في لزوم الاستغفار للمظلوم

يظهر من بعض الروايات لزوم الاستغفار للمظلوم مع فوت ردّ ظلامته كما في معتبرة السُكونيّ عن أبي عبد اللهg قال: >قال رسول اللهe: من ظلم أحداً وفاته فليستغفر الله له؛ فإنّه كفّارة له<[77]، وتؤيّدها رواية الجعفريّات عن عليّg قال: >قال رسول اللهe: من ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله كلّما ذكره؛ فإنّه كفّارة له<[78]، وتؤيّدها أيضاً رواية حفص بن عمير (عمر) -الواردة في ظلم الغيبة- عن أبي عبد اللهg قال: >سئل النبيّe ما كفّارة الاغتياب؟ قال: تستغفر الله لمن اغتبته كلّما ذكرته<[79].

والحمد لله أوّلاً وآخراً، وصلّى الله على محمّد المنتجب وعلى أوصيائه الحجب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مفردات ألفاظ القرآن: 362 مادّة (غفر).

[2] مرآة العقول11: 306.

[3] الوسائل7: 28 ب2 من أبواب الدعاء ح16.

[4] الوسائل 16: 65، 68 ب85 من أبواب جهاد النفس ح3، 11.

[5] الوسائل 16: 68 ب85 من أبواب جهاد النفس ح12.

[6] وسائل الشيعة2: 327 ب28 من أبواب الحيض ح1.

[7] من لا يحضره الفقيه2: 141 (1978).

[8] وسائل الشيعة16: 67 ب85 من أبواب جهاد النفس ح8.

[9] وسائل الشيعة16: 68 ب85 من أبواب جهاد النفس ح11.

[10] الكافي2: 504 باب الاستغفار ح1.

[11] الكافي2: 505 باب الاستغفار ح6.

[12] انظر: وسائل الشيعة ومستدركها (طبعة جماعة المدرّسين)14: 405- 413.

[13] وسائل الشيعة16: 64 ب85 من أبواب جهاد النفس ح1.

[14] وسائل الشيعة16: 65 ب85 من أبواب جهاد النفس ح2.

[15] وسائل الشيعة2: 327 ب28 من أبواب الحيض ح3.

[16] وسائل الشيعة22: 367 ب6 من أبواب الكفّارات ح1.

[17] وسائل الشيعة2: 327 ب28 من أبواب الحيض ح1.

[18] وسائل الشيعة22: 368 ب6 من أبواب الكفّارات ح4.

[19] انظر: حدود الشريعة (الواجبات)- ط. بستان كتاب-: 601.

[20] قال الله سبحانه: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير}، وقال سبحانه على لسان هودg: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِين}، وقال سبحانه على لسان صالحg: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيب}، وقال سبحانه على لسان شعيبg: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُود} سورة هود: الآيات 3، 52، 61، 90.

[21] الميزان في تفسير القرآن10: 141.

[22] وسائل الشيعة15: 335- 336 ب47 من أبواب جهاد النفس ح12.

[23] وسائل الشيعة15: 337 ب48 من أبواب جهاد النفس ح4.

[24] وسائل الشيعة7: 176 ب23 من أبواب الذكر ح1.

[25] وسائل الشيعة15: 230 ب16 من أبواب جهاد النفس ح3.

[26] وسائل الشيعة16: 84.

[27] الكافي2: 450 باب نادر أيضاً ح2، وسائل الشيعة16: 85 ب92 من أبواب جهاد النفس ح5.

[28] وسائل الشيعة16: 86 ب92 من أبواب جهاد النفس ح8.

[29] وسائل الشيعة16: 84 ب92 من أبواب جهاد النفس ح1.

[30] وسائل الشيعة16: 85 ب92 من أبواب جهاد النفس ح4.

[31] وسائل الشيعة6: 180 ب10 من أبواب القنوت ح9.

[32] وسائل الشيعة7: 179 ب25 من أبواب الذكر ح1.

[33] وسائل الشيعة16: 81.

[34] وسائل الشيعة16: 81 ب90 من أبواب جهاد النفس ح2.

[35] مستدرك وسائل الشيعة12: 139 ب89 من أبواب جهاد النفس ح3.

[36] مستدرك وسائل الشيعة12: 139 ب89 من أبواب جهاد النفس ح5.

[37] وسائل الشيعة22: 398 ب28 من أبواب الكفارات ح2.

[38] وسائل الشيعة5: 460 ب1 من أبواب أفعال الصلاة ح1.

[39] وسائل الشيعة6: 108 ب42 من أبواب القراءة في الصلاة ح1.

[40] وسائل الشيعة16: 91 ب94 من أبواب جهاد النفس ح1.

[41] مستدرك وسائل الشيعة12: 146 ب93 من أبواب جهاد النفس ح2.

[42] مستدرك وسائل الشيعة12: 146 ب93 من أبواب جهاد النفس ح5.

[43] وسائل الشيعة6: 276 ب8 من أبواب القنوت ح1.

[44] وسائل الشيعة6: 279 ب10 من أبواب القنوت ح1.

[45] وسائل الشيعة6: 280 ب10 من أبواب القنوت ح6.

[46] وسائل الشيعة6: 280 ب10 من أبواب القنوت ح8.

[47] وسائل الشيعة6: 279 ب10 من أبواب القنوت ح2، 3.

[48] وسائل الشيعة6: 280 ب10 من أبواب القنوت ح7.

[49] وسائل الشيعة6: 281 ب10 من أبواب القنوت ح9.

[50] وسائل الشيعة4: 55- 57 ب13 من أبواب أعداد الفرائض ح24.

[51] وسائل الشيعة16: 281 ب11 من أبواب القنوت ح1.

[52] بحار الأنوار 73: 204 باب القراءة والدعاء عند النوم والانتباه ح 22.

[53] وسائل الشيعة6: 480 ب25 من أبواب التعقيب ح15.

[54] وسائل الشيعة6: 482 ب27 من أبواب التعقيب ح1.

[55] وسائل الشيعة7: 179 ب24 من أبواب الذكر ح1.

[56] وسائل الشيعة10: 308 ب18 من أبواب أحكام شهر رمضان ح11.

[57] وسائل الشيعة10: 509 ب30 من أبواب الصوم المندوب ح2.

[58] وسائل الشيعة10: 511 ب30 من أبواب الصوم المندوب ح10.

[59] انظر: وسائل الشيعة11: 213- 217 ب2 من أبواب كيفيّة أنواع الحجّ ح4.

[60] انظر:وسائل الشيعة13: 553،554 ب19من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة ح16-21.

[61] وسائل الشيعة22: 402 ب31 من أبواب الكفّارات ح1.

[62] عيون أخبار الرضا×2: 50 ب31 ح171.

[63] وسائل الشيعة 21: 372 ب 10 من أبواب أحكام الأولاد ح 3.

[64] وسائل الشيعة16: 69 ب85 من أبواب جهاد النفس ح13.

[65] وسائل الشيعة16: 70 ب85 من أبواب جهاد النفس ح17.

[66] وسائل الشيعة16: 70 ب85 من أبواب جهاد النفس ح18.

[67] مستدرك وسائل الشيعة12: 123، 124 ب85 من أبواب جهاد النفس ح11.

[68] مستدرك وسائل الشيعة12: 143 ب91 من أبواب جهاد النفس ح3.

[69] مستدرك وسائل الشيعة12: 146 ب93 من أبواب جهاد النفس ح5.

[70] وسائل الشيعة7: 114 ب43 من أبواب الدعاء ح3.

[71] من لا يحضره الفقيه1: 183 ح554، وسائل الشيعة2: 443 ب28 من أبواب الاحتضار وما يناسبه ح1، 2.

[72] وسائل الشيعة18: 371 ب30 من أبواب الدَين والقرض ح1.

[73] مستدرك وسائل الشيعة6: 347، 348 ب36 من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ح5، 6.

[74] وسائل الشيعة12: 88 ب58 من أبواب أحكام العِشرة في السفر والحضر ح1.

[75] وسائل الشيعة12: 88 ب58 من أبواب أحكام العِشرة في السفر والحضر ح3.

[76] وسائل الشيعة7: 181 ب28 من أبواب الذكر ح1.

[77] وسائل الشيعة16: 53 ب78 من أبواب جهاد النفس ح5.

[78] مستدرك وسائل الشيعة12: 103 ب78 من أبواب جهاد النفس ح1.

[79] وسائل الشيعة12: 290 ب155 من أبواب أحكام العِشرة في السفر والحضر ح1.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا