دراسة موجزة في آية النفر

دراسة موجزة في آية النفر

الملخَّص:
تعرَّض الكاتب في بحثه حول آية النَّفر إلى أبعاد هذه الآية، فبعد أن ذكر معانيها اللُّغويَّة وسبب نزول الآية ومعناها الإجماليّ ذكر خمسة جوانب في الآية؛ وهي الجانب العقديّ، والفقهيّ، والأصوليّ، والأخلاقيّ والاجتماعيّ، مستعيناَّ بكلمات العلماء والمفسِّرين في ذلك، وختم البحث بالإشارة إلى بعض الآيات الأخرى الَّتي تعرَّضت للعِلم والعلماء.

المقدِّمة:
من الآيات الشَّريفة الَّتي كانت مورد بحثٍ من جهات متعدِّدة هي آية النَّفر، وهي قوله تعالى: {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌ مِنْهُمْ‌ طٰائِفَةٌ‌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌}(التَّوبة: ١٢٢).
وفي هذا البحث الموجز نحاول التَّعرُّض الإجمالي إلى مفاد الآية أوَّلاً، ثمَّ بعد ذلك ننظر إلى الجوانب المستفادة من هذه الآية كالجانب التَّفسيريّ والعقديّ والفقهيّ وغيرها من الجوانب، كلُّ ذلك بشكل موجز كبابٍ من أبواب التَّأمل في القرآن الكريم، حيث كلُّ آيةٍ منه تحتاج إلى دراسات وبحوث وتحليل، وكلُّ ذلك بالاستفادة من كلمات العلماء والمفسِّرين.
وممَّا ينبغي الإشارة إليه أنَّه قد وقع كلامٌ طويل بين المفسِّرين والأصوليِّين والفقهاء في مدلولات هذه الآية المباركة نظراً إلى شمولها لعددٍ من المضامين، بعضها مرتبط بالبحث الأصوليّ كحجِّيَّة الخبر الواحد، وبعضها الآخر مرتبط بالبحث الفقهيّ وهنالك مضامين وتفصيلات كثيرة لا يسعنا الوقوف عندها في هذا البحث.
والكلام في مبحثين
المبحث الأوَّل: تصوُّر عامٌّ حول مفاد الآية
الفرع الأوَّل: المعاني اللُّغويَّة والاصطلاحيَّة في الآية الكريمة
يقول تعالى: {وَما كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌ مِنْهُمْ‌ طٰائِفَةٌ‌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌}(التَّوبة: ١٢٢).
1. {وَما كَانَ}: (ما)« هنا النَّافية وهي بمعنی ليس، ولفظ {كَانَ} لا تدلُّ دائماً على الماضي المنقطع، وإن كان هذا المشهور في استعمالها في ذلك، وقد جاء ذكرها في لسان العرب وفي كتاب الله العزيز بمعنى لم يزل وهي تدلُّ على الاستمراريَّة.
2. {لِيَنْفِرُوا}: يمكن أن نتطرَّق في هذه الكلمة إلى المعنى اللُّغويّ والاصطلاحي معاً كالتالي:
النَّفر لغة:
مصدر تنفَّر من الشَّيء: انزعج عنه([1]). وتباعد منه، ومثله نَفَر عنه. ونفر إليه: دفع نفسه إليه، ومنه النَّفْر إلىٰ‌ مكَّة([2]). 
والإنفار عن الشَّيء، والتَّنفير عنه، والاستنفار كلُّه بمعنى([3]). ومن ذلك النَّفر بمعنى‌ الضَّرب في الأرض([4])، ومنه قوله تعالى‌: {فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌ مِنْهُمْ‌ طٰائِفَةٌ‌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌}.(التَّوبة: ١٢٢)
النَّفر اصطلاحاً: 
استعمله الفقهاء في:
- تنفير الحمام، أي تهييجه وجعله يطير ويترك المكان الَّذي فيه.
- وتنفير الدَّابَّة بمعنى‌ تهييجها فارَّة من مكانها.
- وتنفير الطَّبع بمعنى‌ جعل الطَّبع الإنسانيّ يتنفَّر من الشَّيء.
- وتنفير النَّاس إلى‌ الشَّيء دفعهم إليه، مثل تنفيرهم إلى مكَّة، أو إلى الحرب.
- ومنه قولهم: النَّفر الأوَّل من منى، وهو الرُّجوع منه إلى مكَّة يوم الثَّاني عشر، والنَّفر الثَّاني هو الرُّجوع يوم الثَّالث عشر لمن بقي هناك والكلام هنا في الأوَّلَين([5]).
{فَلَوْ لا نَفَرَ}: بمعنى (هلَّا نفر) وهي تفيد التَّحضيض على الفعل.
{لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}: وهنا أيضاً يمكن ذكر المعنى اللُّغويّ والاصطلاحيّ:
الفقه لغةً:
الفهم.
الفقه اصطلاحاً:
هو العِلم بالأحكام الشَّرعيَّة الفرعيَّة عن أدلتها التَّفصيلية([6]). فيُقال: فقه الرَّجل فقاهةً إذا صار فقيهاً. قد اختصَّ التَّفقُّه في الدِّين بالعِلم بالأحكام الشَّرعيَّة فيُقال لكلِّ عالم بها فقيه، وقيل الفقه فهم المعاني المستنبطة.
وتفقَّه: التَّفقُّه تعلُّم الفقه، والفقه العِلم بالشي‏ء. 
{لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}: والحذر تجنُّب الشَّي‏ء بما فيه من المضرَّة([7]).
الفرع الثَّاني: سبب النُّزول‏
ذكر الطَّبرسيّ في المجمع: أنَّه "قيل: كان رسول اللهe إذا خرج غازياً لم يتخلَّف عنه إلَّا المنافقون والمعذَّرون، فلمَّا أنزل الله تعالى عيوب المنافقين وبيَّن نفاقهم في غزاة تبوك قال المؤمنون: واللهِ لا نتخلَّف عن غزاة يغزوها رسول اللهe، ولا سرية أبداً، فلمَّا أمر رسول الله‌e بالسَّرايا إلى الغزو نفر المسلمون جميعاً، وتركوا رسول اللهe وحده، فأنزل الله سبحانه‏ {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا}(التَّوبة: ١٢٢).. وقيل: إنَّها نزلت في ناس من أصحاب رسول اللهe خرجوا في البوادي فأصابوا من النَّاس معروفاً وخصباً ودعوا من وجدوا من النَّاس إلى الهدى، فقال النَّاس: وما نراكم إلَّا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا، فوجدوا في أنفسهم في ذلك حرجاً، وأقبلوا كلُّهم من البادية حتَّى دخلوا على النَّبيّe فأنزل اللهa هذه الآية"([8]).
الفرع الثَّالث: المعنى الإجماليّ للآية المباركة
ونذكر هنا ما ذكره الشَّيخ الطَّبرسيّ في مجمع البيان: 
{وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}: وهذا نفيٌ معناه النَّهي؛ أي ليس للمؤمنين أن ينفروا ويخرجوا إلى الجهاد بأجمعهم ويتركوا النَّبيّe فريداً وحيداً، وقيل: معناه ليس عليهم أن ينفروا كلُّهم من بلادهم إلى النَّبيّe ليتعلَّموا الدِّين، ويضيِّعوا ما وراءهم ويخلوا ديارهم {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} اختلف في معناه على وجوه:
1. إنَّ معناه فهلَّا خرج إلى الغزو من كلِّ قبيلةٍ جماعةٌ، ويبقى مع النَّبيّe جماعةٌ ليتفقهوا في الدِّين؛ يعني الفرقة القاعدين يتعلَّمون القرآن، والسُّنن، والفرائض، والأحكام، فإذا رجعت السَّرايا وقد نزل بعدهم قرآن، وتعلَّمه القاعدون قالوا لهم إذا رجعوا إليهم إنَّ الله قد أنزل بعدكم على نبيكم قرآناً، وقد تعلَّمناه، فتتعلُّمه السَّرايا، فذلك قوله:‏ {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} أي وليعلِّموهم القرآن، ويخوِّفوهم به إذا رجعوا إليهم‏ {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} فلا يعلمون بخلافه، ويناسب هذا القول ما قد رُوِي عن الإمام الباقرg: >كَانَ هَذَا حِينَ كَثُرَ النَّاسُ فَأَمَرَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تَنْفِرَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وتُقِيمَ طَائِفَةٌ لِلتَّفَقُّهِ، وأَنْ يَكُونَ الغَزْوُ نَوْباً<([9]).
2. إنَّ التفقُّه والإنذار يرجعان إلى الفرقة النَّافرة، وحثَّها الله تعالى على التَّفقُّه لترجع إلى المتخلِّفة فتحذِّرها، ومعنى‏ {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}، ليتبصَّروا ويتيقَّنوا بما يريهم اللهُ من الظُّهور على المشركين، ونصرة الدِّين، ولينذروا قومهم من الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد، فيخبروهم بنصر الله النَّبيّe والمؤمنين ويخبروهم أنَّهم لا يُدان لهم بقتال النَّبيّe والمؤمنين لعلَّهم يحذرون أن يقاتلوا النَّبيّe فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفَّار.
3. إنَّ التفقُّه راجع إلى النَّافرة، والتَّقدير ما كان لجميع المؤمنين أن ينفروا إلى النَّبيّeويخلوا ديارهم، ولكن لينفر إليه من كلِّ ناحية طائفة لتسمع كلامهe، وتتعلَّم الدِّين منه، ثمَّ ترجع إلى قومها فتبيِّن لهم ذلك، وتنذرهم، والمراد بالنَّفر هنا الخروج لطلب العلم، وإنَّما سُمِّيَ ذلك نفراً لما فيه من مجاهدة أعداء الدِّين، وفي هذا دليلٌ على اختصاص الغربة بالتَّفقُّه، وأنَّ الإنسان يتفقَّه في الغربة ما لا يمكنه ذلك في الوطن([10]).
وأمَّا من المفسِّرين المعاصرين فنذكر أبرز ما جاء في تفسير الميزان للعلَّامة الطَّباطبائيّ:
قوله تعالى: {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}(التَّوبة: ١٢٢)، السِّياق يدلُّ على أنَّ المراد بقوله: {لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} لينفروا وليخرجوا إلى الجهاد جميعاً، وقوله: {فِرْقَةٍ مِنْهُمْ} الضَّمير للمؤمنين الَّذين ليس‏ لهم أن ينفروا كافَّة، ولازمه أن يكون النَّفر إلى النَّبيّe منهم.
فالآية تنهى مؤمني سائر البلاد غير مدينة الرَّسول أن ينفروا إلى الجهاد كافَّة، بل يحضُّهم أن ينفر طائفة منهم إلى النَّبيّe للتَّفقُّه في الدِّين، وينفر إلى الجهاد غيرُهم.
والأنسب بهذا المعنى أن يكون الضَّمير في قوله {رَجَعُوا} للطَّائفة المتفقِّهين، وفي قوله: {إِلَيْهِمْ} لقومهم، والمراد إذا رجع هؤلاء المتفقِّهون إلى قومهم، ويمكن العكس بأنَّ يكون المعنى: إذا رجع قومهم من الجهاد إلى هؤلاء الطَّائفة بعد تفقُّههم ورجوعهم إلى أوطانهم.
ومعنى الآية: لا يجوز لمؤمني البلاد أن يخرجوا إلى الجهاد جميعاً، فهلَّا نفر وخرج إلى النَّبيّe طائفةٌ من كلِّ فرقة من فرق المؤمنين ليتحقَّقوا الفقه والفهم في الدِّين فيعملوا به لأنفسهم، ولينذروا بنشر معارف الدِّين وذكر آثار المخالفة لأصوله وفروعه قومَهم إذا رجعت هذه الطَّائفة إليهم، لعلَّهم يحذرون ويتَّقون.
ومن هنا يظهر:
أوَّلاً: أنَّ المراد بالتَّفقُّه تفهُّم جميع المعارف الدِّينيَّة من أصول وفروع لا خصوص الأحكام العمليَّة، وهو الفقه المصطلح عليه عند المتشرِّعة، والدَّليل عليه قوله: {لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} فإنَّ ذلك أمر إنَّما يتمُّ بالتَّفقُّه في جميع الدِّين وهو ظاهر.
وثانياً: أنَّ النَّفر إلى الجهاد موضوع عن طلبة العِلم الدِّينيّ بدلالة من الآية.
وثالثاً: أنَّ سائر المعاني المحتمَلة الَّتي ذكروها في الآية بعيدة عن السِّياق كقول بعضهم: إنَّ المراد بقوله: {لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} نفرهم إلى النَّبيّe للتَّفقُّه، وقول بعضهم في {فَلَوْلا نَفَرَ} أي إلى الجهاد، والمراد بقوله: {لِيَتَفَقَّهُوا} أي الباقون المتخلِّفون فينذروا قومهم النَّافرين إلى الجهاد إذا رجعوا إلى أولئك المتخلِّفين. فهذه ونظائرها معانٍ بعيدة لا جدوى في التَّعرُّض لها في البحث عنها([11]).
المبحث الثَّاني: الجوانب المختلفة في الآية الشَّريفة
يمكن النَّظر إلى الآية الشَّريفة من زوايا مختلفة وجوانب متعدِّدة، ونشير إلى هذه الجوانب بشكلٍ مختصر كإشارات: 
الجانب الأوَّل: الجانب العقديّ في الآية
يمكن أن ننظر إلى الآية المباركة من ناحية البعد العقديّ وتحديداً في مسألة معرفة الإمامg الَّتي تعدُّ من المسائل المهمَّة جدّاً، بل هي الأساس في معرفة الدِّين ككلّ، فإذا عرِفَ الإنسان من هو المبلِّغ عن دينِ لله، عرِفَ ماذا يريد منه الله.
وبعبارة أخرى: إذا عرف الإنسان النَّبيّe أو الوصيِّ من بعده فإن عرف الباب الموصِل إلى معرفة الدِّين أجمع. فالمطلوب منَّا التفقُّه في الدِّين ولا يحصل هذا الفقه إلَّا بالرُّجوع إلى النَّبيّe والأئمَّة من بعدهi، وأمَّا في زماننا فلا يحصل التَّفقُّه الصَّحيح إلَّا بالرُّجوع إلى الفقهاء الَّذين يمثلِّون هذا الخطَّ، والأخذ بما جاء عن المعصومينi.
وفي ما يلي نظرة إلى ما قد ورد من أحاديث حول هذه الآية، وكيف كان الأئمَّةiيفسِّرونها أو يذكرون المصداق البارز لها وهو حول مسألة معرفة الإمام، ويمكن بيان ذلك من خلال ذكر بعض الأحاديث الواردة عنهمi من البرهان في تفسير القرآن:
1. يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهg: إِذَا حَدَثَ عَلَى الإِمَامِ حَدَثٌ، كَيْفَ يَصْنَعُ النَّاسُ؟ قَالَ: >أَيْنَ قَوْلُ اللهa: {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‏}؟! قَالَ: «هُمْ فِي عُذْرٍ مَا دَامُوا فِي الطَّلَبِ، وهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُمْ فِي عُذْرٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُهُمْ<([12]).
2. عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِg قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِذَا هَلَكَ الإِمَامُ فَبَلَغَ قَوْماً لَيْسُوا بِحَضْرَتِهِ؟ قَالَ: >يَخْرُجُونَ فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ فِي عُذْرٍ مَا دَامُوا فِي الطَّلَبِ<.
قُلْتُ: يَخْرُجُونَ كُلُّهُمْ أَوْ يَكْفِيهِمْ أَنْ يَخْرُجُوا([13]) بَعْضُهُمْ؟ قَالَ: >إِنَّ اللهَa يَقُولُ: {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدَّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}‏. قَالَ: «هَؤُلَاءِ المُقِيمُونَ‏ فِي السَّعَةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُهُمْ<([14]).
3. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ المُؤْمِنِ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِg: إِنَّ قَوْماً يَرْوُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِe قَالَ: >اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ<. فَقَالَ:>صَدَقُوا<، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةً فَاجْتِمَاعُهُمْ عَذَابٌ؟ فَقَالَ: >لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ وذَهَبُوا، إِنَّمَا أَرَادَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}،‏ فَأَمَرَهُمُ اللهُ أَنْ يَنْفِرُوا إِلَى رَسُولِ اللهِe، ويَخْتَلِفُوا إِلَيْهِ فَيَتَعَلَّمُوا، ثُمَّ يَرْجِعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَيُعَلِّمُوهُمْ، إِنَّمَا أَرَادَ اخْتِلَافَهُمْ مِنَ البُلْدَانِ لَا اخْتِلَافاً فِي الدِّينِ، إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ، إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ<([15]).
4. العَيَّاشِيُّ: عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِg، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِذَا حَدَثَ لِلْإِمَامِ حَدَثٌ، كَيْفَ يَصْنَعُ النَّاسُ؟ قَالَ: >يَكُونُونَ كَمَا قَالَ اللهُ: {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‏.. إِلَى قَوْلِهِ: يَحْذَرُونَ}، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَمَا حَالُهُمْ؟ قَالَ: >هُمْ فِي عُذْرٍ<([16]).
٥. وعَنْهُ أَيْضاً فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مَا تَقُولُ فِي قَوْمٍ هَلَكَ إِمَامُهُمْ، كَيْفَ يَصْنَعُونَ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: >أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللهِ‏ {فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ‏.. إِلَى قَوْلِهِ: يَحْذَرُونَ‏}»، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا حَالُ المُنْتَظِرِينَ حَتَّى يَرْجِعَ المُتَفَقِّهُونَ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: >رَحِمَكَ اللهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وعِيسَىm خَمْسُونَ ومِائَتَا سَنَةٍ، فَمَاتَ قَوْمٌ عَلَى دِينِ عِيسَى انْتِظَاراً لِدِينِ‏ مُحَمَّدٍe فَآتَاهُمُ اللهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ<([17]).
6. عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍg يَقُولُ: >تَفَقَّهُوا، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ أَعْرَابِيٌّ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‏ إِلَى قَوْلِهِ: يَحْذَرُونَ‏}»([18]).
7. الطَّبْرِسِيُّ: قَالَ البَاقِرُg: >كَانَ هَذَا حِينَ كَثُرَ النَّاسُ فَأَمَرَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تَنْفِرَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وتُقِيمَ طَائِفَةٌ لِلتَّفَقُّهِ، وأَنْ يَكُونَ الغَزْوُ نَوْباً<([19]).
8. عليّ بن إبراهيم: في قوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} "كي يعرفوا اليقين"([20]).
الجانب الثَّاني: البعدُ الفقهي في الآية
تُبْحثُ هذه الآية في مسائل التَّقليد والاجتهاد، فيُذكر أنَّه: هل تعلُّم الأحكام الدِّينيَّة واجب أم لا؟ ثمَّ إذا كان واجباً هل هو واجب عينيّ أو واجب كفائيّ؟ 
وتوجد آراء في هذه المسألة:
1. أنَّه واجب عينيّ:
نقل ذلك المحقِّق القمِّي عن بعض قدماء علماء الإماميَّة وفقهاء حلب فأوجبوا على العوَّام الاستدلال، واكتفوا فيه بمعرفة الإجماع الحاصل من مناقشة العلماء عند الحاجة إلى الوقائع، أو النُّصوص الظَّاهرة، أو أنَّ الأصل في المنافع الإباحة وفي المضَّارّ الحُرمة مع فقد نصٍ قاطعٍ في متنه ودلالته، والنُّصوص محصورة، وقريب من هذا الكلام ما عن بعض من حرَّم التَّقليد من أنَّه يجب على العامِّي الرُّجوع إلى عارف عدل يذكر له مدرك الحكم من الكتاب والسُّنَّة فإن ساعد لغته على معرفة مدلولهما وإلَّا ترجم له معانيها بالمرادف من لغته، وإذا كانت الأدلَّة متعارضة ذكر له المتعارضَين، ونبَّهه على طريق الجمع بحمل المنسوخ على النَّاسخ والعامّ على الخاصّ والمطلَق على المقيَّد، ومع تعذُّر الجمع يذكر له أخبار العلاج، ولو احتاج إلى معرفة حال الرَّاوي ذكر له حالَه([21]).
ويرد على هذا القول: 
1. أنَّ الوجوب العينيّ موجب للعسر والحرج، لا سيَّما في هذا الزَّمان الَّذي صار الاجتهاد فيه صعبٌ، فيلزم تعطيل الأشغال والأسواق، وابتلاء النَّاس بمحنة شديدة. 
2. إطلاقات أدلَّة التَّقليد، وسيرة المتشرِّعة تدلُّ على خلاف ذلك. 
فالحقُّ أنَّه واجبٌ نفسيٌّ كفائيّ، مضافاً إلى وجوبه المقدِّميّ أو الطَّريقيّ بمعنى أنَّ في تركه يعاقب الجميع، وبارتكاب بعضٍ كافٍ يسقط عن الباقي.
2. أنَّه واجب كفائيّ: 
وعليه أكثرُ علمائنا الإماميَّة (رضوان الله تعالى عليهم) كما عن السَّيِّد في الذَّريعة، والشَّيخ في العِدَّة، والمحقِّق في المعارج، والعلَّامة في النِّهاية والتَّهذيب والمبادئ والقواعد والإرشاد والتَّبصرة والتَّذكرة والتَّحرير، وفخر الإسلام في الإيضاح وشرح المبادئ، والشَّهيد الأوَّل في الذِّكرى وغيره، والشَّهيد الثَّاني في المقاصد العليَّة، والمحقِّق الثَّاني في الجعفريَّة، وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم([22]).
إذاً الاجتهاد صيانةٌ للأحكام عن الاندراس، والمحافظة على الشَّريعة المقدَّسة عن الاضمحلال، وهو واجب كفائيّ، وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله عزّ من قائل: {وَمٰا كٰانَ‌ المُؤْمِنُونَ‌ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً‌ فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌ مِنْهُمْ‌ طٰائِفَةٌ‌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ‌ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ‌ لَعَلَّهُمْ‌ يَحْذَرُونَ}‌(التَّوبة: ١٢٢)، حيث دلَّ‌ على أنَّ كلَّ طائفة من كلِّ فرقة مأمور بالتَّفقُّه، وتحصيل الأحكام الشَّرعيَّة وتبليغها للجاهلين، فهي ظاهرة الدَّلالة على وجوب تحصيل الأحكام الشَّرعيَّة كفائيّاً([23]).
ومن المباحث الفقهيَّة الَّتي كتبت حول هذه الآية المباركة أيضاً هي قاعة إرشاد الجاهل ويمكن عرض هذه القاعدة وكيفيَّة الاستدلال بالآية كالتَّالي:
قاعدة الإرشاد:
المعنى: المراد من الإرشاد هنا هو بيان الأحكام للجاهل، فيجب على العالِم إرشاد الجاهل وتعليمه المسائل الدِّينيَّة، وعليه قد يعبَّر عنها (القاعدة) بوجوب إعلام الجاهل على العالِم.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
الآية: وهي قوله تعالى‌: {فَلََوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}(التَّوبة: 122)، دلَّت على وجوب تعلُّم الأحكام لغاية الإنذار والإرشاد بالنِّسبة إلى القوم الَّذين لا يعلمون، فيجب إرشاد الجاهل على العالم بحكم الآية الكريمة. ومن المعلوم، أنَّ الآية تكون في مقام بيان غائيَّة العمل؛ أي الإنذار غاية للتَّفقُّه فتفيد وجوب الإرشاد قطعاً كما قال السَّيِّد الخوئيّS: أمَّا الأحكام الكلِّيَّة الإلهيَّة فلا ريب في وجوب إعلام الجاهل بها؛ لوجوب تبليغ الأحكام الشَّرعيَّة على النَّاس جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، وقد دلَّت عليه آية النَّفر، والرِّوايات الواردة في بذل العلم وتعليمه وتعلُّمه().
الجانب الثَّالث: الجانب الأصوليّ في الآية
من جملة الآيات الَّتي يُستدلًّ بها على حجِّيَّة خبر الواحد هي آية النَّفر، فإنَّها دلَّت على وجوب الحذر عند إنذار المنذِرين من دون اعتبار إفادة خبرهم العِلم لتواتر أو قرينة فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد.
أمَّا وجوب الحذر فمن وجهَين:
1. أنَّ لفظة لعلَّ بعد انسلاخها عن معنى التَّرجيّ ظاهرة في كون مدخولها محبوباً للمتكلِّم، وإذا تحقَّق حسن الحذر ثبت وجوبه؛ لما ذكر من أنَّه لا معنى لندب الحذر إذ مع قيام المقتضي يجب ومع عدمه لا يحسن، وإمَّا لأنَّ رجحان العمل بخبر الواحد مستلزِم لوجوبه بالإجماع المرَّكب، لأنَّ كلَّ من أجازه فقد أوجبه.
2. أنَّ ظاهر الآية وجوب الإنذار لوقوعه غايةً للنَّفر الواجب بمقتضى كلمة لولا، فإذا وجب الإنذار أفاد وجوب الحذر لوجهَين:
أ. وقوعه غايةً للواجب فإنَّ الغاية المترتِّبة على فعل الواجب ممَّا لا يرضى الأمر بانتفائه، سواء كان من الأفعال المتعلِّقة للتَّكليف أم لا كما في قولك: تُب لعلَّك تفلح، وأسلِم لعلَّك تدخل الجنَّة، وقوله تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى}.
ب. أنَّه إذا وجب الإنذار ثبت وجوب القبول وإلَّا لغا الإنذار.
ونظير ذلك ما تمسَّك به في المسالك على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها في العِدِّة من قوله تعالى: {ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَ‏} فاستدلَّ بتحريمِ الكتمان ووجوب الإظهار عليهنَّ على قبول قولهنَّ بالنِّسبة إلى ما في الأرحام.
فإن قلت: المراد بالنَّفر النَّفر إلى الجهاد كما يظهر من صدر الآية، وهو قوله تعالى: {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} ومن المعلوم أنَّ النفر إلى الجهاد ليس للتَّفقُّه والإنذار، نعم ربما يترتَّبان عليه بناءً على ما قيل من أنَّ المراد حصول البصيرة في الدِّين من مشاهدة آيات الله، وظهور أوليائه على أعدائه، وسائر ما يتفق في حرب المسلمين مع الكفار من آيات عظمة الله وحكمته، فيخبروا بذلك عند رجوعهم إلى الفرقة المتخلِّفة الباقية في المدينة، فالتَّفقُّه والإنذار من قبيل الفائدة لا الغاية حتَّى تجب بوجوب ذيِّها.
قلت:
١. ليس في صدر الآية دلالة على أنَّ المراد النَّفر إلى الجهاد، وذكر الآية في آيات الجهاد لا يدلُّ على ذلك.
٢. لو سُلِّم أنَّ المراد هو النَّفر إلى الجهاد لكن لا يتعيَّن أن يكون النَّفر من كلِّ قوم طائفة لأجل مجرَّد الجهاد، بل لو كان لمحض الجهاد لم يتعيَّن أن ينفر من كلِّ قومٍ طائفة، فيمكن أن يكون التَّفقه غاية لإيجاب النَّفر على كلِّ طائفة من كلِّ قوم لا لإيجاب أصل النَّفر.
٣. أنَّه قد فسَّر الآية بأنَّ المراد نهي المؤمنين عن نفر جميعهم إلى الجهاد كما يظهر من قوله‏: {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} وأمر بعضهم بأن يتخلَّفوا عند النَّبيّe، ولا يخلُّوه وحده فيتعلَّموا مسائل حلالهم وحرامهم حتَّى يُنذروا قومهم النَّافرين إذا رجعوا إليهم.
والحاصل: أنَّ ظهور الآية في وجوب التَّفقُّه والإنذار ممَّا لا يُنكر، فلا محيص عن حمل الآية عليه، وإن لزم مخالفة الظَّاهر في سياق الآية أو بعض ألفاظها([25]).
الجانب الرَّابع: اللجانب الأخلاقي في الآية 
يمكن أن ننظر إلى الآية المباركة من زاوية أخلاقيَّة، وهي بالتَّحديد في دور المبلِّغ الأمور الَّتي ينبغي له مراعاتها، ونشير إليها إجمالاً فيما يلي:
أوَّلاً: إخلاص النِّيَّة
ينبغي للمبلِّغ في الدَّرجة الأولى أن يخلص عملَه لله تعالى، وينوي أنَّه إنَّما يقوم بتبليغ الدِّين لإحرازِ رضا الله تعالى لا لأمر آخر، فإذا كان كذلك، فسوف تكون كلمته نافذة؛ لأنَّ‌ الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت في القلب، وإذا خرجت من اللِّسان لم تتجاوز الآذان([26]). فعن رسول اللهe: >مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ لِلَّهِa أَرْبَعِينَ صَبَاحاً إِلَّا جَرَتْ يَنَابِيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ<([27])، وعن أمير المؤمنينg: >من أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله ما بينه وبين النَّاس<([28]).
ثانياً: ألَّا يخشى أحداً إلَّا اللّه تعالى 
وإذا اعتقد المُبلِّغ أنّ‌َ عملَه لله، وأنَّ‌ الله هو الَّذي يراقبه ويحفظه من كيد الأعداء، فينبغي ألَّا يخاف أحداً إلَّا الله تعالى، قال الله تعالى: {الَّذِينَ‌ يُبَلِّغُونَ‌ رِسٰالاٰتِ‌ اللّٰهِ‌ ويَخْشَوْنَهُ‌ ولاٰ يَخْشَوْنَ‌ أَحَداً إِلّاٰ اللّٰهَ}(الأحزاب: ٣٩). 
وقال تعالى: {بَلِّغْ‌ مٰا أُنْزِلَ‌ إِلَيْكَ‌ مِنْ‌ رَبِّكَ‌ وإِنْ‌ لَمْ‌ تَفْعَلْ‌ فَمٰا بَلَّغْتَ‌ رِسٰالَتَهُ‌ واللّٰهُ‌ يَعْصِمُكَ‌ مِنَ‌ النّٰاسِ‌}(المائدة:٦٧).
ثالثاً: العمل بما يقول 
ينبغي للمُبلِّغ أن يعمل بما يقوله للنَّاس، فلا ينصح النَّاس إلَّا بما يعمل به قبل النَّاس، فإذا نهاهم عن الغِيبة ينبغي أن يكون مجتنِباً عنها قبل النَّاس، وإذا أمرهم بالإنفاق في سبيل الله ينبغي أن يكون هو منفِقاً في سبيل الله بحسب حاله ومقدرته قبلهم، وإذا دعاهم إلى حسن الأخلاق والمعاشرة ينبغي أن يكون عاملاً بذلك قبلهم، قال الله تعالى: {يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ‌ آمَنُوا لِمَ‌ تَقُولُونَ‌ مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ‌ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّٰهِ‌ أَنْ‌ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ}(الصَّف: ٢-٣).
وورد عنهمi: >كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِالخَيْرِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ<([29]).
وهذا عامل مهمٌّ‌ في تأثير قول الإنسان ونصائحه، وقد حكى لنا التَّاريخ عمَّن كان كذلك وكانت موعظته نافذة، منهم الشَّيخ جعفر الشُّوشتريّ([30]) الَّذي كان معاصراً للشَّيخ الأنصاريّP حيثُ كان لا يعظ النَّاس إلَّا بما كان عامِلا به، ولذلك كانت مواعظه مؤثِّرة جدّاً.
رابعاً: الدَّعوة بالحكمة والموعظة الحسنة 
ينبغي للمُبلِّغ أن يكون داعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا يشتم النَّاس في مواعظه، ولا يسبُّهم، ولا يغلظ القول معهم؛ لأنَّ‌ ذلك يُنفِّرهم من الدِّين، بل ينبغي أن يراعي معهم الأخلاق الحسنة، والبشر، وحسن اللِّقاء، ونحو ذلك ممَّا يجلبُ القلوبَ إلى الدِّين ويحبِّبها إليه، قال تعالى مادحاً نبيَّهe: {فَبِمٰا رَحْمَةٍ‌ مِنَ‌ اللّٰهِ‌ لِنْتَ‌ لَهُمْ‌ ولَوْ كُنْتَ‌ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ‌ لانْفَضُّوا مِنْ‌ حَوْلِكَ}(آل عمران: ١٥٩)، وقال تعالى أيضاً: {وَإِنَّكَ‌ لَعَلىٰ‌ خُلُقٍ‌ عَظِيمٍ}(القلم:٤).
وقد استطاعe بخلقه العظيم أن يجمع الجفاة من العرب، ويهديهم إلى الإسلام.
خامساً: التَّبشير والإنذار 
ينبغي للمُبلِّغ أن يتَّخذ الأسلوب القرآنيّ في التَّبليغ، وهو التَّبشير والإنذار، قال الله تعالى: {إِنّٰا أَرْسَلْنٰاكَ‌ شٰاهِداً ومُبَشِّراً ونَذِيراً}(الأحزاب: ٤٥)، وقال الله تعالى: {وَمٰا نُرْسِلُ‌ المُرْسَلِينَ‌ إِلّاٰ مُبَشِّرِينَ‌ ومُنْذِرِينَ‌}(الأنعام: ٤٨).
وأغلب الآيات الواردة في التَّبشير والإنذار قدَّمت التَّبشير إلَّا في بعض الموارد القليلة، وهذا يعطي أنَّ المبلِّغ ينبغي أن يستخدم أسلوب التَّبشير قبل الإنذار.
و بناء على ذلك فينبغي ألَّا يقتصر على الإنذار والتَّخويف لئلَّا يقنط النَّاس من رحمة الله تعالى، ولا يقتصر على التَّبشير كي يجترئ النَّاس على المعاصي، بل يجب أن يستخدم كلا الأسلوبَين؛ ليوجد التَّعادل بين حالتي الخوف والرَّجاء في النَّاس، وقد ورد عن أبي عبد اللهg أنَّه قال: >لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلْبِهِ نُورَانِ' نُورُ خِيفَةٍ وَنُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا<([31]).
وهنا في البعد الأخلاقيّ في الآية المباركة ممكن أن نذكر مجموعة من الآداب الَّتي ذكرها الشَّهيد الثَّانيN في كتابه منية المريد:
آداب طالب العِلم في نفسه ودرسه:
١. إخلاص النِّيِّة لله تعالى في طلب العِلم وبذله.
٢. الابتعاد عن مكايد الشَّيطان.
٣. إنَّ الغرض من طلب العلم هو العمل.
٤. الغرور في طلب العِلم والمغترِّين من أهل العلم.
٥. التَّوكُّل على الله تعالى والاعتماد عليه.
٦. حسنُ الخلق والتَّواضع وتمام الرِّفق وبذل الوسع.
٧. عفَّة النَّفس والانقباض عن الملوك وأهل الدُّنيا.
٨. القيام بشعائر الإسلام والتَّخلُّق بالخصال الحميدة.
٩. الاجتهاد في الاشتغال قراءة ومطالعة وغيرهما.
١٠. عدم المراء، وعدم السُّؤال تعنتاً وتعجيزاً.
١١. عدم الاستنكاف من التعلُّم ممَّن هو دونه.
١٢. الانقياد إلى الحقِّ بالرُّجوع عند الهفوة.
١٣. تأمُّل ما يريد أن يورده أو يسأل عنه قبل إبرازه([32]).
الجانب الخامس: الجانب الاجتماعيّ من الآية
ممكن أن ننظر إلى الجانب الاجتماعيّ من هذه الآية المباركة في خصوص تعاطي طالب العِلم مع المجتمع، وبيان بعض الصِّفات الاجتماعيَّة المهمَّة الَّتي ينبغي للمُبلِّغ مراعاتها:
١. فهم النَّاس وتفهُّم طبيعتهم.
٢. التَّواضع وقضاء حوائج النَّاس.
٣. التَّغافل والمداراة.
٤. حفظ أسرار النَّاس.
٥. التَّعاطي مع النَّاس بحذر ودقَّة.
٦. محبَّة النَّاس واحترامهم.
٧. رعاية أدب الاختلاف.
٨. الدِّقَّة والحذر في التَّعامل مع الجنس الآخر.
٩. البشاشة مع النَّاس.
١٠. حلّ مشاكل النَّاس.
١١. عدم توقُّع طاعة جميع النَّاس، بل المرجوّ من التَّبليغ هو التَّذكير وإيصال الرِّسالة الدِّينيَّة.
المبحث الثَّالث: تطبيقات الآية على بعض المصاديق
الفرع الأوَّل: التَّعاليم والتَّوجيهات من الآية المباركة:
ذكر المفسِّر المعاصر الشَّيخ محسن قراءتي في تفسيره (تفسير النُّور) بعض التَّعاليم والتَّوجيهات الَّتي يمكن استخراجها من الآية المباركة نذكر بعضاً منها:
١. لا بدَّ للإنسان من أن يكون ذا نظرة شموليَّة عند التَّخطيط والإدارة، حتَّى لا يؤدِّي التَّركيز على مسألة واحدة إلى الإخلال بباقي المسائل، {وَما كانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}.
٢. الهجرة والإيمان متلازمان، فإمَّا أن تكون هجرتكم للدِّفاع عن الدِّين أو التَّفقُّه في تعاليمه وأصوله، {فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌}.
٣. هجرتان ضروريَّتان لطلبة العلوم الدِّينيَّة، الأولى الهجرة إلى الحوزات العلميَّة، والثَّانية من الحوزات إلى المدن والقرى، {فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ‌ كُلِّ‌ فِرْقَةٍ‌ مِنْهُمْ‌ طٰائِفَةٌ‌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ‌ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا}.
٤. على العلماء أن يذهبوا إلى النَّاس، لا أن ينتظروا قدومهم، {رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}.
٥. محور الدَّعوة يجب أن يدور حول خلق التَّقوى وذكر المعاد، {لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.
٦. الهدف من التَّفقُّه هو تحذير النَّاس، وتوعيتهم، وإنقاذهم من الغفلة، {وَلِيُنْذِرُوا}‌([33]).
الفرع الثَّاني: إشکال ودفعُه
استدلَّ جماعةٌ من علماء الإسلام بهذه الآية على مسألة جواز التَّقليد، لأنَّ التَّقليد إنَّما هو تعلُّم العلوم الإسلاميَّة وإيصالها إلى لآخرين في مسائل فروع الدِّين، ووجوب اتِّباع المتعلِمين لمعلِمين.
الإشكال:
الإشكال الوحيد الَّذي يثار هنا، هو أنَّ الاجتهاد والتَّقليد لم يكن موجوداً في ذلك اليوم، والأشخاص الَّذين كانوا يتعلَّمون المسائل ويوصلونها للآخرين حكمهم كحكم البريد والإرسال في يومنا هذا، لا حكم المجتهدين؛ أي أنَّهم كانوا يأخذون المسألة من النَّبيّe ويبلِّغونها للآخرين كما هي من دون إبداء أي رأي أو وجهة نظر.
الجواب:
مع الأخذ بنظر الاعتبار المفهوم الواسع للاجتهاد والتَّقليد يتَّضح الجواب عن هذا الإشكال.
وتوضيح ذلك: إنَّ ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ عِلمَ الفقه على سعته الَّتي نراها اليوم لم يكن له وجود ذلك اليوم، وكان من السَّهل على المسلمين أن يتعلَّموا المسائل من النَّبيّe، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ علماء الإسلام كان عملهم هو بيان المسائل فقط؛ لأنَّ الكثير من هؤلاء كانوا يذهبون إلى الأماكن المختلِفة كقضاة وأمراء، ومن البديهيّ أن يواجهوا من المسائل ما لم يسمعوا حكمها بالذَّات من النَّبيّe، إلَّا أنَّها كانت موجودة في عمومات وإطلاقات آيات القرآن المجيد، فكان هؤلاء قطعاً يقومون بتطبيق الكلِّيَّات على الجزئيَّات -وفي الاصطلاح العلميّ: ردّ الفروع إلى الأصول وردّ الأصول على الفروع- لمعرفة حكم هذه المسائل، وكان هذا بحدِّ ذاته نوعاً من الاجتهاد البسيط.
إنَّ هذا العمل وأمثاله كان موجوداً في زمن النَّبيّe حتماً، فعلى هذا فإنَّ الجذور الأصليَّة للاجتهاد كانت موجودة بين أصحاب النَّبيّe، ولو أنَّ الصَّحابة لم يكونوا جميعاً بهذه الدَّرجة.
ولما كان لهذه الآية مفهوماً عامّاً، فإنَّها تشمل قبول أقوال موضِّحي وناقلي ‏الأحكام، كما تشمل قبول قول المجتهدين، وعلى هذا، فيمكن الاستدلال بعموم الآية على جواز التَّقليد([34]).
الخاتمة
بعد هذا البحث والعرض نستطيع أن نقول إنَّ من شأن الآيات القرآنيَّة أنَّها ذات معانٍ متعدِّدة؛ كالمعنى الظَّاهريّ، والمعنى المرتبط بسبب النُّزول، والمعنى الباطنيّ الَّذي لا يمكن أن يخبر به غير المعصومينi، وهذا ما قد ذُكر على نحو الإجمال في هذا البحث في هذه الآية المباركة. وفي ختام هذا البحث لا بأس بالإشارة إلى أنَّ هناك عدداً من الآيات القرآنيَّة الأخرى الَّتي تدلُّ على طلب العلم: 
منها قول الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}(الطَّلاق: 12).
وكفى بهذا الآية دليل على شرف العلم، لا سيَّما علم التَّوحيد الَّذي هو أساس كلِّ علم، ومدار كلِّ معرفة، وجعل سبحانه العِلم أعلى شرف، وأوَّل منَّة امتنَّ بها على ابن آدم بعد خلقه وإبرازه من ظلمة العدم إلى ضياء الوجود فقال سبحانه: في أوَّل سورة أنزلها على نبيِّه محمَّدe: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(العلق:١-٥).
فتأمَّل كيف افتتح كتابه الكريم المجيد بنعمة الإيجاد، ثمَّ أرفدها بنعمة العلم، فلو كان ثمَّت منَّة أو نعمة بعد نعمة الإيجاد هي أعلى من العلم لما خصَّه الله تعالى بذلك، وكان ذلك أوَّل ما نزل من القرآن الكريم.
وجعل اللهُ سبحانه ترتُّب قبول الحقِّ والأخذ به مبنيّاً على التَّذكر، والتَّذكر على الخشية، وخصَّ الخشية في العلماء، فقال: {سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ}(الأعلى: ١٠). وقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}(فاطر: ٢٨).
وسمَّى الله سبحانه العِلم بالحكمة، وعظَّم أمر الحكمة فقال: {وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}(البقرة: ٢٦٩)، وحاصل ما فسَّروه في الحكمة مواعظ القرآن والعلم والفهم.
وقرن سبحانه أولي العِلم بنفسه وملائكته، فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلّاٰ هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ}(آل عمران: 18).
وزاد في إكرامهم على ذلك مع الاقتران المذكور، بقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّاٰ اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ}(سورة آل عمران: 7).
وبقوله تعالى: {قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ}‌(الرَّعد: ٤٣).
وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ}(المجادلة: 11).
وقال تعالى مخاطباً لنبيَّه آمراً له مع ما آتاه من العلم والحكمة: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}‌(طه: ١١٤).
وقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ}(العنكبوت: ٤٩).
وقال تعالى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ}(العنكبوت: ٤٣).
وقد خصَّ الله سبحانه في كتابه العلماء بأربع مناقب:
الأولى: الإيمان: {وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}(آل عمران: 7).
الثَّانية: التَّوحيد: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ}(آل عمران: 18).
الثَّالثة: البكاء والحزن والخشوع: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ..} إلى قوله: { وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ}(الإسراء: ١٠٧-١٠٩).
الرابعة: الخشية: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}(فاطر: 28).
فهذه نبذة من فضائل العلم الَّتي نبَّه الله عليها في كتابه الكريم، فحريّ بطالب العِلم أن يجعل هذه الآيات نصب عينه ويبحث عنها في التَّفاسير ويستخرج منها المواضيع الَّتي تنير طريقه في طلب العلم.
وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على محمَّد وآلِه الطَّاهرين.


[1] معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم، الرَّاغب‌الإصفهانيّ: (نفر).

[2] مجمع البحرين: (نفر). 

[3] الصِّحاح: (نفر). 

[4] المعجم الوسيط: (نفر). 

[5] الموسوعة الفقهيَّة الميسَّرة، قم المقدَّسة، محمَّد عليّ الأنصاريّ، ج١٠، ص٣٨٦

[6] نضد القواعد الفقهيَّة علی مذهب الإماميَّة، الفاضل المقداد، ص٥

[7] مجمع البيان في تفسير القرآن،الفضل بن الحسن الطَّبرسيّ.

[8] مجمع البيان في تفسير القرآن،الفضل بن الحسن الطَّبرسيّ.

[9] مجمع البيان في تفسير القرآن،الفضل بن الحسن الطَّبرسيّ، ج5، ص126.

[10] مجمع البيان في تفسير القرآن،الفضل بن الحسن الطَّبرسيّ.

[11] الميزان في تفسير القرآن، السَّيِّد العلَّامة محمَّد حسين الطَّباطبائيّ، ج٩، ص٤٠٤.

[12] الكافي، الكلينيّ، ج1، ص309، ح1.

[13] في المصدر: يخرج.

[14] علل الشَّرائع، الصًّدوق، ج85، ص4.

[15] علل الشَّرائع، الصًّدوق، ج85، ص4.

[16] تفسير العيّاشي، ج2، ص117، ح158.

[17] تفسير العيّاشي، ج2، ص117، ح159.

[18] تفسير العيَّاشيّ، ج 2،ص118، ح162.

[19] مجمع البيان، الطَّبرسيّ، ج5،ص126.

[20] تفسير القمّيّ، ج1،ص307.

[21] النَّضيد في شرح فروع التَّقليد من كتاب العروة الوثقى، أبو الفضل الخونساريّ، ص٦

[22] النَّضيد في شرح فروع التَّقليد من كتاب العروة الوثقى، أبو الفضل الخونساريّ، ص٦

[23] موسوعة الإمام الخوئيّ، السَّيِّد أبو القاسم الخوئيّ، ج١، ص٤٧

[24] مصباح الفقاهة، السَّيِّد أبو القاسم الخوئيّ، ج 1ص، 122.

[25] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاريّ.

[26] الرَّوضة البهيَّة، الشَّهيد الثَّاني، ، ج١، ص٢٩٨. في بحث صلاة الجمعة.

[27] عيون أخبار الرِّضا، الشَّيخ الصَّدوق، ج٢، ص٦٩.

[28] نهج البلاغة، ص٥٥١، قسم الحكم، الحكمة ٤٢٣.

[29] وسائل الشِّيعة، الحرّ العامليّ، ج١٢ ، ص١٦٢، الباب ١٠٨، من أبواب أحكام العشرة، الحديث الأوَّل.

[30] قال عنه السَّيِّد محسن الأمين: "كان عالماً من أعلام العلماء فقيها واعظاً له شهرة واسعة، واشتهر بالوعظ والخطابة، وكانت تجتمع الألوف تحت منبره لسماع مواعظه... إلى أن قال: وحصل من وعظه هداية كثير من النَّاس، ولم يقبل شيئا ممَّا أهدي إليه...". أعيان الشِّيعة، ج٤، ص٩٥، ترجمة الشَّيخ جعفر الشُّوشتريّ النَّجفيّ.

[31] أصول الكافي، الكلينيّ، ج٢، ص٦٧، باب الخوف والرَّجاء، الحديث ١.

[32] منية المريد في أدب المفيدوالمستفيد، الشَّيخ زين الدِّين بن عليّالعامليّSالمعروفبالشهيدالثَّاني.

[33] تفسير النُّور، الشَّيخ محسن قراءتي، ج3، ص496.

[34] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشِّيخ ناصر مكارم الشِّيرازيّ.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا