المقدِّمة
لا يخفى على المتابِع ما يتعرَّض إليه الإسلام من تشويهٍ وهجمةٍ شرسةٍ فكريَّة وثقافيَّةٍ من جوانب متعدِّدة، وأحد أهمّ هذه الجوانب هي ما يتعلَّق برمزيَّة المرأة المسلِمة وهو حجابها وعفافها، بحيث كثرت الشُّبهات والإشكالات في وجوب الحجاب وعموميَّة الحجاب لجميع النِّساء أو اختصاص الحكم بحقبةٍ زمنيَّةٍ معيَّنةٍ أو دلالة الآيات على حدودٍ معيَّنةٍ من الحجاب، والحال أنَّ حكم الحجاب وستر المرأة من الأحكام البديهيَّة في الإسلام، والضَّروريَّة لدى جميع الفرق الإسلاميَّة، بل هي من الأمور الثَّابتة في الأديان السَّماوية، وكانت الكثير من الشُّعوب في العالَم تلتزم بنمط خاصٍّ من اللِّباس للنِّساء، ولكن للأسف الشَّديد هذه الأمور الواضحة أصبحت محلّاً للتَّساؤل والتَّشكيك في نفوس الكثيرين تأثُّراً بالإعلام وما يُثار هنا وهناك، وقد انعكس ذلك على مستوى الالتزام بهذا الحكم والتساهل في تطبيقه على أرض الواقع.
هذا ممَّا يدعو إلى التَّعرض إلى الأدِّلة الَّتي يُستفاد منها هذا الحكم، خصوصاً الآيات الكريمة، فما أكثر ما يتمُّ التَّشكيك في النُّصوص الرِّوائية، ولذلك نحاول في هذا البحث التَّعرُّض إلى بعض الآيات الَّتي حدَّدت مقدار ما يجب على المرأة ستره أمام الرِّجال الأجانب، ونحاول التَّعرض إلى النِّكات المحفوفة بها، ونعالج بعض الإثارات حول هذه الآيات. وسوف يكون المنهج في هذا البحث هو المنهج التَّوصفي التَّحليليّ.
المبحث الأوَّل: مفهوم الحجاب
أوَّلاً: مفهوم الحجاب:
مفردة الحجاب أصلُها (حَجَبَ) وهو المنع، يقال: حجبته عن كذا أي منعته(1)، ومنه قيل: إنَّ الحجاب بمعنى الستر؛ لأنَّه يمنع المشاهدة، وبحسب إطلاق هذا المعنى فإنَّه يشمل كلَّ ما يمنع تلاقي شيئَين سواء كانا مادِّيِّين أو معنويَّين وسواء كان الحاجب معنويّاً أو مادِّيّاً(2).
وقد وردت لفظة الحجاب سبع مرَّات في القرآن الكريم، تارة بمعنى الحجاب المادِّيّ (ص:٣٣، مريم:١٧، الأحزاب:٥٣، الأعراف:٤٦)، وبمعنى الحجاب المعنويّ تارة أخرى (الشورى:٥١، فصِّلت:٥، الإسراء:٤٥)
والمقصود من الحجاب في هذا البحث: هو ما يجب سترُه على المرأة أمام الأجانب؛ أي خصوص الحجاب المادِّيّ، وإنْ كان هناك ارتباط وثيق بينه وبين الحجاب المعنويّ عند النَّظر إلى ما يجب على المرأة مراعاته في المساحة الاجتماعيَّة العامَّة (بما يشمل مساحة العمل ومساحة التَّعامل مع الرِّجال).
ثانياً: استعراضٌ إجماليٌّ لآياتٍ تعرَّضت لأحكام الحشمة والعفاف
يمكن استعراض الآيات الَّتي تعرَّضت للأحكام المرتبطة بالسِّتر والعفاف بما يشمل المرأة والرَّجل والطَّفل، سواء في داخل المنزل أو خارجه بحسب نزولها (بملاحظة أنَّ سورة الأحزاب نزلت قبل سورة النُّور)(3):
١. {يا نِساءَ النَّبِیِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلَا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِی فِی قَلبِه مَرَضٌ وقُلنَ قَولاً مَّعرُوفًا}(الأحزاب: ٣٢).
٢. {وَقَرنَ فِی بُيُوتِكُنَّ ولَا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَٰهِلِيَّةِ الأُولَی ٰوأَقِمنَ الصَّلَوٰةَ وءَاتِينَ الزَّكَوٰةَ وأَطِعنَ اللهَ ورَسُولَهُ...﴾(الأحزاب: ٣٣).
٣. {.. وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتَٰعًا فَسألُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وقُلُوبِهِنَّ..}(الأحزاب: ٥٣).
٤. {يَٰأَيُّهَا النَّبِیُّ قُل لِّأَزوَٰجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدنَیٰ أَن يُعرَفنَ فَلَا يُؤذَينَ وكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}(الأحزاب:٥٩).
٥. {قُل لِّلمُؤمِنِينَ يَغُضُّواْ مِن أَبصَٰرِهِم وَيَحفَظُواْ فُرُوجَهُم ذَٰلِكَ أَزكَیٰ لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرُ بِمَا يَصنَعُونَ * وَقُل لِّلمُؤمِنَٰتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَٰرِهِنَّ ويَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ ولَا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنهَاوليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَیٰ جُيُوبِهِنَّ....}(النُّور: ٣٠-٣١).
٦. {يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَستَـذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَت أَيمَٰنُكُم وَالَّذِينَ لَم يَبلُغُواْ الحُلُمَ مِنكُم ثَلَٰثَ مَرَّٰتٍ..}(النُّور: ٥٨).
٧. {وَإِذَا بَلَغَ لأَطفَٰلُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَليَسْتَـذِنُواْ كَمَا اسْتَـذَنَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم}(النُّور:٥٩).
يمكن أنْ نلاحظ من خلال هذه الآيات أنَّ الأحكام يمكن تصنيفها إلى:
* خطابٌ موجَّهٌ إلى نساء النَّبيّe باعتبار خصوصية النبي الأعظم والأحكام الخاصة بنساء النبي من: الأمر بعدم الخضوع في القول، والقرن في المنازل وعدم التبُّرج والسؤال من وراء حجاب.
* خطابٌ مشتركٌ بين نساء النَّبيّe ونساء المؤمنين بالأمر بإدناء الجلباب.
* خطابٌ موجَّهٌ إلى المجتمع المؤمن (بما يشمل الرِّجال والنِّساء): وفيه حثٌ على العفَّة والحياء من خلال الأمر بغضِّ البصر (بالنسبة إلى المؤمنين عن النِّساء الأجنبيَّات وبالنِّسبة إلى المؤمنات عن الرِّجال الأجانب) والأمر بالتَّشدد في الحجاب والسِّتر وعدم إبداء الزينة ووضع الحدود بين الرِّجال الأجانب وأصناف من الرِّجال للعلاقة النَّسبية أو السَّببية.
* خطابٌ موجَّهٌ إلى العلاقات في داخل بيت المؤمنين وأحكام الاستئذان.
فنلاحظ هنا أنَّ موضوع الحجاب توجَّه بدايةً إلى خصوص نساء النَّبيّe، لِما للرسول من خصوصيَّة وموقعيَّة في الإسلام وفي نفوس المسلمين، ولتكون نساءه نموذجاً لغيرهنَّ، ثمَّ وجَّه الخطاب إلى عامَّة النِّساء، ثمَّ عامَّة المجتمع المؤمن لأجل الحفاظ على الأجواء العامَّة، ثمَّ ينتقل إلى داخل المنزل، وضوابط الحشمة والعفَّة في داخل البيت، ممَّا يكشف عن أهميَّة الحفاظ على أجواء الحشمة والعفاف لجميع أفراد المجتمع المؤمن.
المبحث الثَّاني: آيات الحجاب
وهنا سنتعرَّض إلى الآيات الَّتي يمكن أنْ يُستفاد منها حكم وجوب الحجاب؛ أي وجوب ستر المرأة بدنَها ووجهها.
أوَّلاً: آية غض البصر
قال تعالى: {قُل لِّلمُؤمِنِينَ يَغُضُّواْ مِن أَبصَٰرِهِم وَيَحفَظُواْ فُرُوجَهُم ذَٰلِكَ أَزكَیٰ لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرُ بِمَا يَصنَعُونَ * وَقُل لِّلمُؤمِنَٰتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَٰرِهِنَّ ويَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ..}(النُّور: ٣٠-٣١).
الآية تعرَّضت إلى مجموعة من الأحكام، وسوف نبدأ بمسألة غضِّ البصر ووجوب حفظ الفرْج، ثمَّ نشرع في مسألة ضرب الخمار والَّتي هي محلُّ نظرنا.
مفهوم غضِّ الأبصار:
غضَّ من (غضض) بمعنى الكفِّ والنقص، فغضُّ البصر كفُّ البصر، وكلُّ شيء كففته فقد غضضته، وانغضاض الطَّرف: انغماضه، وغضُّ الطَّرف: احتمال المكروه والصَّبر عليه(4). والأبصار جمع بصر وهو العضو النَّاظر فيكون معنى {يغضُّوا من أبصارهم} و{يغضضن من أبصارهنَّ} إمّا ترك النَّظر أو تنقيص النَّظر وإمّا صرف النَّظر والغفلة عنه والتغافل عنه(5)، وسيأتي تحديد المعنى المراد عند التعرُّض إلى حكم النَّظر إلى المرأة الأجنبيَّة.
وقد اختلف المفسِّرون في معنى {من}: هل هي لابتداء الغاية أو التبعيض أو زائدة أو صلة، واختار العلَّامة الطَّباطبائيُّ الأوَّلَ، والمعنى يأتوا بالغضِّ ابتداءً من أبصارهم(6)، واختار الزَّمخشريّ الثَّانيَ فيكون المعنى غضِّ البصر عمّا يحرم، والاقتصار به على ما يحلّ(7)، واختار المحقِّقُ الأردبيليُّ الثَّالثَ؛ فيكون المعنى يغضوا أبصارهم(8) واختار الفخرُ الرازيُّ(9) الرَّابعَ.
أمّا تحديد متعلَّق الغضِّ فالآية وإنْ لم تصرِّح به، ومقتضى حذف المتعلَّق هو الإطلاق، ولكن يمكن تحديده بملاحظة سياق الآية، والمقابلة بين غضِّ المؤمنين بصرهم ثمَّ غضّ المؤمنات بصرهنَّ، وثمَّ نهي النِّساء عن إبداء الزِّينة على أنَّ المراد هو متعلَّق غضُّ البصر عن النِّساء الأجنبيَّات بالنِّسبة إلى المؤمنين، وغضُّ البصر عن الرِّجال الأجانب بالنِّسبة إلى المؤمنات(10). وإطلاق الأمر بغضِّ البصر يفيد الإطلاق في المبصَر والمنظور إليه، فيشمل الوجه واليدَين، بل هو المتبادر من النَّظر إلى وجه الشخص كما أشار إليه صاحب مستند الشِّيعة(11).
أمَّا القول إنَّ متعلَّق غضِّ البصر هو عن ما يحرم النَّظر إليه -خصوصاً بناءً على أنّ {من} للتبعيض- وعليه يكون معنى الآية لا تنظر إلى ما يحرم النَّظر إليه فهو خلاف كون الأصل في الأمر والنَّهي هو التَّأسيس لا التَّأكيد أو الإرشاد(12).
حكم النَّظر إلى المرأة الأجنبيَّة:
بعد توضيح مدلول الآية نأتي ونحدِّد الحكم المستفاد منها:
{يغضُّوا} فعل مضارع مجزوم، إمَّا بالطلب والجُملة جواب لشرط مقدّر، والمعنى مرْهم بالغض، إنَّك إنْ تأمرهم به يغضُّوا، وإمّا بتقدير لام والتَّقدير ليغضُّوا، والحاصل أنَّ مفاد الآية أمر المؤمنين بالغضِّ من أبصارهم(13)، وظاهر الأمر الوجوب؛ فيُستفاد منه حرمة النَّظر إلى المرأة الأجنبيَّة بالنِّسبة إلى المؤمن، وحرمة النَّظر إلى الرَّجل الأجنبيّ بالنِّسبة للمرأة الأجنبيَّة. ولكن هل يُستفاد حرمة نظر المؤمن إلى المرأة الأجنبيَّة وحرمة نظر المؤمنة إلى المرأة الأجنبيَّة مطلقاً؟ أم المحرَّم ليس مطلق النَّظر بل ما كان بريبة وشهوة؟
قد يقال: إنَّ هناك ملازمة بين وجوب الغضِّ عن النِّساء الأجنبيَّات بالنِّسبة إلى المؤمنين وبين حرمة النَّظر إليهنَّ حيث إنّ الأمر بالغضِّ لكونه مقدمةً لترك النَّظر. والمطلوب هو ترك الترك(14)، ولكنَّ السَّيِّد الخوئيّ ناقش في وجود المقدِّميّة بينهما ما حاصله أنّ النَّظر وغضَّ البصر ضدَّين لهما ثالث فلا يتوقَّف وجود أحدهما على عدم الآخر وليس وجود أحدهما مقدِّمة لترك الآخر، فيمكن أنّ يُترك النَّظر من دون غضِّ، بأنّ يضع حائلاً بينه وبين الشيء المنظور إليه، ويمكن أنّ يدير وجهه ويمكن أنّ يغضَّ البصر (إطباقاً ناقصاً) وينظر، فلا ملازمة بينهما(15) فلا يمكن استفادة حرمة النَّظر في نفسه.
والَّذي يظهر أنّ المحرَّم ليس مطلق النَّظر حتَّى من دون شهوة وريبة؛ وذلك بحسب مناسبات الحكم للموضوع فالَّذي يناسب غضَّ البصر ليس ترك النَّظر عن أيِّ نظرٍ للأجنبيَّة، بل النَّظر عن شهوة وريبة، فيكون معنى ترك النَّظر أو تنقيص النَّظر (إطباقٌ جزئيٌّ للجفن) كناية عن عدم النَّظر المحرَّم(16). ويمكن القول إنَّ المقصود من غضِّ البصر هو ترك التَّحديق والإمعان والتَّركيز وهو ما يصاحبه شهوة وريبة عادةً(17).
النِّسبة بين حرمة النَّظر ووجوب السِّتر:
قد يُقال: إنَّ هناك ملازمة بين وجوب غضِّ النَّظر وحرمة النَّظر إلى النِّساء الأجنبيَّات مطلقاً أو ما عدا الوجه والكفَّين وبين وجوب ستر المرأة تلك المواضع، ولكنَّ السَّيِّد الخوئيّ شكَّك في وجود هذه الملازمة لحرمة نظر المرأة إلى مواضع من بدن الرجل الأجنبيّ (الَّتي لم يتعارف كشفها) مع عدم وجوب سترها عن المرأة(18). وبذلك لا يمكن استكشاف مقدار ما يجب على المرأة ستره من خلال حكم غضِّ النَّظر على الرجل عن بدن المرأة.
نعم هناك ملازمة عكسيَّة بين ما يجب ستره وبين حرمة النَّظر إليه، فكل ما يجب ستره تثبت حرمة النَّظر إليه.
مفهوم حفظ الفرْج:
والفرجة والفرْج الشقُّ بين الشيئَين، وهو كناية عن العورة، وقد جرى استعمال القرآن عليه حتى صار كالصَّريح في الدّلالة عليها(19)،وحفظ الفرْج إمّا بمعنى حفظه عن النَّظر فيستفاد وجوب ستره، وإمّا بمعنى حفظه عن الزِّنا والوطء المحرَّم. واختار الأوَّل العلَّامة الطَّباطبائيّ بقرينة سياق الآية وعطف حفظ الفرج على غضِّ البصر إضافة إلى ما ورد عن الصادقg: «إنَّ كلَّ آية في القرآن في حفظ الفروج فهي من الزِّنا، إلَّا هذه الآية فهي من النَّظر»(20). ويمكن أنْ يُقال إنَّ حفظ الفرْج وصونه عن الوقوع في الوطء المحرَّم لا يكون فقط بحفظه عن الزِّنا، بل بما هو أوسع من ذلك بما يشمل كلَّ فعلٍ يكون من شأنه تعريض العورة للوقوع في الحرام فيشمل كشف العورة(21).
إلى هنا انتهينا من وجوب غضِّ البصر ووجوب حفظ الفرْج ونشرع في الأحكام الَّتي تمسُّ مباشرةً حكمَ وجوب ستر المرأة بدنها.
ثانياً: آية النَّهي عن إبداء الزينة
قوله سبحانه: {وَلَا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنهَاوليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَیٰ جُيُوبِهِنَّ ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..}(النُّور:٣١).
مفهوم عدم إبداء الزِّينة:
الإبداء من (بَدَا) يبدو بدواً، وهو الظُّهور أو الظُّهور البيِّن قهراً، أمّا الإبداء فبمعنى جعل الشيء ظاهراً غير مخفيٍّ(22).
والزِّينة من (زَين) وهو صفة تدلُّ على حسن الشيء وتحسينه وازّينت الأرض إذا حسَّنها عشبُها. والزِّينة ما يتزيَّن به(23)، وبالإطلاق يشمل الزِّينة الظَّاهرة والباطنة، وهو ما أشار إليه الشَّيخ حسن مصطفويّ بقوله: "والزينة في المرأة: كلّ ما يتراءى ويتظاهر ويتجلّى من محاسن المرأة، فتشمل الوجه واليدين"(24)، وما يؤيِّد ذلك أنَّ الرِّوايات استثنت الوجه واليدين فقط، ممَّا يكشف عن دخولهما في مفهوم الزِّينة.
والظَّاهر أنَّ المراد من الزِّينة ليس نفس الزِّينة، بل مواضعها حيث إنَّ الزِّينة بنفسها لا يحرم إظهارها، فالمراد هو مواضع الزِّينة من البدن(25). وهو ما أشارت إليه النصوص أيضاً كرواية الفُضيل بن يسار قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِg عَنِ الذِّرَاعَيْنِ مِنَ المَرْأَةِ أَهُمَا مِنَ الزِّينَةِ الَّتِي قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَلاٰ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّٰ لِبُعُولَتِهِنَّ}، قَالَ: >نَعَم..<"(26).
المراد من الاستثناء {إلاّ ما ظهر منها}:
استثنِيت الزِّينة الظَّاهرة من عدم الإظهار، واختلف في المراد من الزِّينة الظَّاهرة على أقوال(27):
١. الثياب الظَّاهرة، وهي ظاهرة بنفسها وهو المناسب لِلَفظ {ما ظهر} أيْ ظهور لا عن اختيار في مقابل الزِّينة الباطنة، وهي الحلِيّ، كالخلخال والسِّوار والأقراط.
٢. الكحل والخاتم والخدان والخضاب في الكفّ.
٣. الوجه والكفان.
وكيف كان، فالرِّوايات حدَّدت المراد من المستثنى وأنّه الوجه واليدَين كما في رواية زرارة: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِg: فِي قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {إِلاّٰ مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا} قَالَ: >الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الكُحْلُ والخَاتَمُ<(28).
وأيضاً في تفسير عليّ ابن إبراهيم القمِّيّ: «في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرg في قوله: {وَلاٰ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّٰ مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا} فهي الثِّياب والكحل والخاتم..<(29).
تكرار الأمر بعدم إبداء الزِّينة:
تكرَّر النهي عن إبداء الزِّينة في الآية فهل هو للتأكيد أو معنى آخر؟
الكثير من العلماء والمفسِّرين ذكروا أنَّ التكرار لأجل التَّأكيد، وللبدء باستثناء أصناف من حرمة إبداء الزِّينة، يقول القطب الراونديّ في فقه القرآن: "ثمَّ كرَّر النهي عن إظهار الزينة تأكيدا وتغليظاً"(30)، ويقول ابن عاشور في التَّحرير والتَّنوير: "{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} أُعِيدَ لَفْظُ {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} المُتَقَدِّمِ، وَلِيَبْنِيَ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إِلَخْ"(31).
وخالف في ذلك السَّيِّد الخوئيّ(32) حيث ذكر ما حاصله أنَّ الإبداء إذا تعلَّق بشيء فيكون بمعنى الإظهار في نفسه، أمَّا إذا تعلَّق باللام فيكون بمعنى الإعلام والإراءة، فيستفاد أنَّ الآية في مقام بيان حكمَين:
الأوَّل: حكم ظهور الزِّينة في نفسه وهو المستفاد من النَّهي الأوَّل، وقد ورد فيه استثناء الزينة الظاهرة والمراد منها الوجه والكفين.
الثاني: حكم إظهار الزِّينة للغير ولم يرد فيها استثناء فتُفيد حرمته مطلقاً، من دون فرق بين الوجه واليدَين إلَّا للمذكورين في الآية، فيُستفاد منه حرمة الإظهار ووجوب التَّستر لجميع بدن المرأة بما يشمل الوجه واليدين.
وقد نوقش ما ذهب إليه السَّيِّد الخوئيّ بما حاصله(33):
أوَّلاً: إنَّ الإبداء يتعدَّى إلى المفعول به بلا واسطة ويحتاج إلى اللَّام لأجل أخذ مفعول له، وعدم ذكره والتَّصريح به في الكلام لا يعني عدم افتراض وجود ناظر، بل يُفهم الإطلاق والعموم.
ثانياً: لا نسلِّم أنَّ الإبداء يتغيَّر معناه في الحالتَين بل هو بمعنى الإظهار.
ثالثاً: لو سلَّمنا بذلك ولكن لا بدَّ من أخذ قيد الجملتين معاً:
فالقيد {إلَّا ما ظهر} تقييد لعدم الإبداء من جهة مواضع الإبداء باستثناء الوجه واليدَين.
وقيد {إلَّا لبعولتهن..} تقييد لعدم الإبداء من جهة الأشخاص، هذا هو مقتضى القاعدة في أخذ القيود في الآية ويكون المستظهر أنّ الآية في مقام بيان حكم واحد لا حكمَين.
ويتحصّل أنّه يجوز إظهار المواضع الظَّاهرة مطلقاً ولو لغير الأزواج.
ثالثاً: آية ضرب الخمار
قالa: {..وليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَیٰ جُيُوبِهِنَّ..}(النُّور: ٣١).
مفهوم ضرب الخمار:
خُمر جمع خِمار أصله (خمر) وهو أصل واحد بمعنى التَّغطية والمخالطة في السِّتر(34)، والخمار: ثوب تغطِّي به المرأة رأسَها(35). يقول صاحب كتاب التَّحقيق في كلمات القرآن: "أنّ الأصل الواحد في هذه المادة هو السِّتر بحيث يكون بطريق الاتِّصال والمخالطة.. وأمَّا الخمار فإنّه يستر الرَّأس وهو لباس للرأس وساتر له.."(36).
وجيوبهنَّ جمع جيب، وجيب القميص هو ما ينفتح على النَّحر(37)، فيكون معنى ضرب الخمار على الجيوب هو ستره وتغطيته.
وقد قيل إنَّ النِّساء في الجاهليَّة كنَّ يلبسن الخمار ولكن يسدلنه من ورائهن فتنكشف نحورهن ورقابهن ومقدار من الصَّدر فجاء الأمر بضرب الخمار وإسداله من أمامهنَّ لكي يتمُّ ستر هذه المواضع(38). والآية لم تأمر بإسدال الخمار وإلقاءه، بل بضرب الخمار وفيه مبالغة في الإلقاء وشدَّة الاستحكام فالتعبير بـ {وليضربن}: "إشارة إلى شدِّة السِّتر واستحكامه بأيّ طريق يمكن، بشدٍّ أو عقدٍ أو وصلٍ، حتى لا تزول الخُمر عن الجيوب<(39)، كما أنَّ إضافة الخمار إلى النِّساء فيه إشارة إلى كون الخمار لازم ثابت للنِّساء والمؤمنات لا ينفكُّ عنهنَّ، والآية ناظرة إلى تتميم السِّتر بستر منطقة الجَيب، أمّا ستر الرأس فهو أمرٌ مفروغ منه(40).
فحاصل الآية الأمر بإحكام الخمار وستر منطقة الجَيب وعدم الاكتفاء بالإسدال وهي تكشف بالأولويَّة القطعيَّة عن وجوب ستر تمام الرَّأس والأذنَين والرَّقبة والصَّدر، والظَّاهر أنَّ الحكم في الآية تأكيدٌ للنَّهي عن إبداء الزِّينة(41).
دلالة الآية على وجوب ستر الوجه:
قد يُستفاد من الأمر بضرب الخُمر على الجيوب ووجوب ستر الرَّقبة والصَّدر عدم وجوب ستر الوجه؛ لأنَّ الخمار يوضع على الرأس ويغطِّي الشَّعر والأذنَين فقط دون الوجه(42).
النُّصوص الروائيَّة:
جاء في شأن نزول الآية:
عَنْ سَعْدٍ الإِسْكَافِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍg قَالَ: >اسْتَقْبَلَ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ، وكَانَ النِّسَاءُ يَتَقَنَّعْنَ خَلْفَ آذَانِهِنَّ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وهِيَ مُقْبِلَةٌ، فَلَمَّا جَازَتْ نَظَرَ إِلَيْهَا ودَخَلَ فِي زُقَاقٍ قَدْ سَمَّاهُ بِبَنِي فُلاَنٍ فَجَعَلَ يَنْظُرُ خَلْفَهَا، واعْتَرَضَ وَجْهَهُ عَظْمٌ فِي الحَائِطِ أَوْ زُجَاجَةٌ فَشَقَّ وَجْهَهُ، فَلَمَّا مَضَتِ المَرْأَةُ نَظَرَ فَإِذَا الدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى صَدْرِهِ وثَوْبِهِ، فَقَالَ: واللهِ لآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه ِولَأُخْبِرَنَّهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ قَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِهَذِهِ الآيَةِ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكىٰ لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمٰا يَصْنَعُونَ}<(43).
وجاء في بعضِ مصادر العامَّة عن عائشة: "ما رأيتُ نساءً خيراً من نساء الأنصار، لما نزلت هذه الآية قامت كلّ واحدة منهنَّ إلى مِرطها(44) المرحل فصدعت منه صدعة، فاختمرن، فأصبحن كأنَّ على رؤوسهنَّ الغربان"(45).
رابعاً: آية الجلباب:
قوله تعالى: {يَٰأَيُّهَا لنَّبِیُّ قُل لِّأَزوَٰجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ لمُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدنَیٰ أَن يُعرَفنَ فَلَا يُؤذَينَ وكَانَ للَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}(الأحزاب:٥٩).
وهنا لا بدَّ من التعرُّض لمفهوم الجلباب أولاً، ثمَّ البحث عن سعة الحكم لجميع النساء، ثمَّ نتعرَّض لكونه إلزامياً أم لا.
مفهوم إدناء الجلباب عليهنَّ:
الجلابيب جمع جلباب من (جَلَبَ) وهو الإتيان بالشيء من موضع إلى موضع(46).
وقد ذكر للجلباب ثلاث معاني(47):
١. الخمار الَّذي تغطِّي به المرأة رأسها وصدرها وجيبها(48).
٢. الثَّوب الواسع الَّذي هو أوسع من الخمار ودون الرِّداء ويستر رأس المرأة ووجهها وكتفيها وصدرها وما دون ذلك بمقدار(49).
٣. ما تلبسه المرأة فوق الثِّياب وتغطِّي به جميع بدنها رأسها إلى أسفل قدميها. وقد عُبّر عن المتّصِف بهذه الخصوصيَّات بالملحفة والمُلاءة والرِّداء والكساء ونحو ذلك ممَّا تشتمل به المرأة جميع بدنها من فوقها إلى أسفلها.
واختار المعنى الثَّالث الشَّيخ عليّ أكبر السَّيفيّ المازندرانيّ(50) والشَّيخ محمَّد صنقور(51) والشَّيخ حسن مصطفويّ في كتابه (تحقيق كلمات القرآن) حيث إنّ المفهوم من لفظ الجلباب هو ما يدلُّ زيادة في معنى الجلب بعد تحقيق تماميَّة الجالب وهذا المعنى لا يصدق على ملابس السِّتر الأوليّ كالخمار والقميص.
يقول المصطفويّ: "فظهر بهذه القرائن أنَّ الجلباب هو ما قيل: إنَّه ما يغطّي الثياب، ويستر البدن والثِّياب معاً، والملاءة الَّتي يشتمل بها، والملحفة، والرِّداء الَّذي يستر تمام البدن ويُلبس فوق الثياب، فالجلباب بهذا المعنى هو الَّذي يقتضيه ويجلبه حجاب المرأة ومحفوظيّتها"(52).
أمَّا الإدناء فهو من الدُّنوّ أيْ القرب، وإدناء الجلباب بمعنى يقرِّبنَ الجلابيب منهنَّ(53) ويرخينها عليهنَّ ويغطينَ بها وجوههنَّ وأعطافهنَّ(54).
فمعنى الآية {يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ} أنَّ اللهa يأمر النَّبيّ بأنْ يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين أنْ يرخينَ جلابيبهنَّ ويتستَّرن بها ويغطين رؤوسهنَّ وصدورهنَّ.
معنى التَّبعيض في الآية:
وقع بحثٌ في معنى التَّبعيض {يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّ} -بعد الاتِّفاق على كون معنى {من} هو للتَّبعيض-، إمَّا بمعنى أنْ تدني بعض من الجلابيب الَّتي لديها في منزلها، فيكون لديها أكثر من جلباب أو أنَّ بعض الجلباب أي تلقي طرف وفضلة على وجهها وتغطي وجهها بها(55).
اختصاص الآية بالحرائر دون الإماء:
قد ذكر صاحب تفسير الكشَّاف ما يفيد اختصاص الحكم بالحرائر من النساء دون الإماء، قال:
"وذلك أنَّ النِّساء كنَّ في أوَّل الإسلام على هجيراهنّ في الجاهلية متبذلات، تبرز المرأة في درع وخمار لا فصل بين الحرّة والأمة، وكان الفتيان وأهل الشَّطارة يتعرّضون إذا خرجن بالليل إلى مقاضي حوائجهنّ في النَّخيل والغيطان للإماء، وربَّما تعرّضوا للحرَّة بعلَّة الأمة، يقولون: حسبناها أمة، فأُمرن أن يخالفنَ بزيهنَّ عن زيِّ الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه، ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهنَّ طامع، وذلك قوله {ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ} أي أولى وأجدر بأن يعرفن فلا يتعرّض لهنَّ ولا يلقين ما يكرهن"(56).
وبناء عليه يكون الخطاب مختصّاً بالحرائر دون الإماء، والحكمة من الأمر بالتَّستر بالجلابيب أنْ تكون أقرب للحفظ والصَّون والابتعاد عن إيذاء الفسقة من الناس.
ولكن يمكن المناقشة في هذا المعنى؛ حيث إنَّ الآية لم تخصِّص الخطاب بالحرائر، ويمكن القول إنَّ الحكمة من الأمر بإدناء الجلابيب أنْ يكون علامة ومؤشِّراً على كون المرأة من أهل العفاف والسِّتر وتتميَّز به عن الفاسقات المبتذلات، فلو كانت الآية ناظرة إلى خصوص الحرائر ومعنى المعروفيَّة في الآية {ذلك أدنى أنْ يعرفن} أنْ يعرفنَّ بأنّهن حرائر فلا يتعرضن للإيذاء كان توجيه الخطاب إلى نساء المؤمنين الشَّامل للإماء مستهجَن وغريب(57). وقد استقرب العلَّامة الطَّباطبائيّ هذا المعنى أيضاً(58).
ويمكن أنْ تُضاف قرينة سياقيّة -أشار إليها الفخر الرَّازيّ- فالآية السَّابقة {والَّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً عظيماً}(الأحزاب: ٥٨ ) لمّا نهت عن إيذاء المؤمن وحذَّرت منه وأنَّ من يرتكبه يحتمل بهتاناً عظيماً، تعرَّض لما يكون سبباً له وهو إيذاء النِّساء بالتَّعرُّض لهنَّ الَّذي يكون سبباً لإيذاء الرِّجال أيضاً، فإنَّ من ذكر امرأة بالسُّوء تأذَّت، وتأذَّى أقاربها أكثر من تأذيِّها، فأمرهنَّ بالتَّجلبب فهو أقرب أنْ يعرفن أنّهن غير مبتذلات، وهذا يشكِّل قرينة سياقية على كون الخطاب شامل للحرائر والإماء(59) فلا خصوصية للحرائر من جهة الإيذاء ومن جهة المعروفيَّة بالابتذال.
دلالة الآية على وجوب ستر الوجه:
ذكر صاحب كتاب إسداء الرُّغَّاب مجموعة من الأدلة لوجوب ستر الوجه منها آية الجلباب حيث قال:
"وفي هذه الآیة [آية الجلباب] دلالة على الأمر بستر وجوههنّ، وإليه أُشير في قوله: {یُدْنِینَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلابِیبِهِنَّ}، ثمَّ أکَّد الحکم بالتَّعلیل بقوله: {ذَلِك أدْنَی أنْ یُعْرَفْنَ فَلا یُؤْذَیْنَ} أی یُعرفن بسترهنَّ الوجوهَ أنّهنّ أهل العفَّة، لا أهل الرِّیبة، فلا یُطمع فیهنّ"(60).
ويمكن القول إنَّ الآية لو دلَّت على وجوبِ ستر الوجه بعموم إدناء الجلابيب، ولكنَّها قد خُصَّصت بقوله تعالى {إلَّا ما ظهر منها}(61) فتكون مخصِّصاً منفصلاً لهذه الآية ودالَّة على المراد الجِدِّيّ(62).
ونقل الشَّيخ جعفر السُّبحانيّ عن السَّيِّد البروجرديّ استدلاله على وجوب ستر الوجه بأنَّه يستفاد من دلالة إدناء الجلباب يلازم تغطية الوجه، ثمَّ ذكر مناقشة لاستفادة وجوب ستر الوجه من خلال هذه الآية، حاصلها:
أوَّلاً: بناءً على كون المراد التَّمييز عن الإماء، فالتَّمييز يحصل بستر الرأس والجيوب والصُدور خلافاً للإماء حيث يخرجن كاشفات الرُّؤوس والجيوب.
وثانياً: إنَّ إدناء الجلباب يتحقَّق بتغطيّة جزء من الوجه، بل يتحقَّق بإدنائه من فوق الرأس إلى بداية النَّاصية، ولا يتوقَّف على ستر تمام الوجه وإسداله إلى الذقن(63).
ولكن يمكن الدِّفاع عن دلالة آية الجلباب على وجوب ستر الوجه من خلال ما ذكرناه سابقاً من عموم الخطاب وعدم كون الغرض اختصاصه بالإماء، والتَّمسك بالتَّعليل الوارد؛ وأنَّ الحكمة من إدناء الجلباب هو الأقرب إلى العفاف، وصونها عن نظر الأجنبيّ وطمع من في قلبه مرض، وإنْ لم يمنعه ذلك، وعدم كف النَّظر عليه(64). ولكن يبقى الكلام في كون هذا الحكم لازماً أو كمال السِّتر، وهذا ما سوف نتعرَّض إليه.
ومن هنا يمكن أنْ يُجاب على ما قد يقال بأنَّ الحجاب وستر المرأة لا يشكِّل حاجزاً مانعاً عن النَّظر والإيذاء، بل لا بدَّ من أنْ يتوجَّه الخطابُ نحو الرِّجال الَّذين ينظرون بريبة إلى النِّساء، أو يتحرَّشون بهنَّ قوليّاً أو فعليّاً، وهو أنَّ هناك خطاباً موَّجه إلى الرِّجال ومرضى القلوب، وهناك معالجات طرحها الإسلام لذلك (من قبيل النَّهي عن النَّظر بريبة وشهوة، والأمر بالمعروف، وإقامة الحدود على بعض المحرَّمات)، ولكن حيث إنَّ المرأة هي عنصر الجذب والتَّوجُّه وهي المقتضي لتوجُّه نظر مرضى القلوب فعفافها وسترها وحجابها يشكِّل مقتضياً وجزءَ العلَّة، وحاجزاً عن الإيذاء لا أنَّه علَّة تامَّة وسبباً كافياً، وهذا يستفاد من الآية عندما تعبِّر: {ذَٰلِكَ أَدنَیٰ أَن يُعرَفنَ فَلَا يُؤذَينَ}؛ فهو الأقرب للعفاف والصون عن الإيذاء.
لزوميَّة الحكم من عدمه:
ذكر الشَّيخ محمَّد صنقور أنَّ الآية في مقام بيان كمال ما تتستَّر به المرأة بقرينة ذكر الحكمة من إدناء الجلباب، وهو دفع الأذى المتوقَّع، وليست في مقام بيان تحديد حدود الحجاب؛ فيكون الجلباب أوفق بالحشمة، وقد يكون لفئة أخرى ظروف أخرى تمنع من مناسبة لبس الحجاب لهنَّ كما لو فرضنا أنَّ عمل الإماء مثلاً لا يتناسب مع لبس ثياب طويلة، نعم هنَّ مخاطبات بالحدِّ الأدنى وهو ضرب الخمار على الجيوب، وعدم التكشُّف والتبذُّل ومراعاة بقية الأحكام حالهنَّ حال سائر النِّساء في ذلك(65).
وتمسَّك البعضُ بأنَّ لسان الآية ليس في مقام الإلزام؛ إمَّا لأنَّها في مقام تمييز الحرائر عن الإماء وإرشادهنَّ إلى طريق صَونهنَّ عن الإيذاء بناءً على مورد النُّزول، وإمَّا لأنَّ معنى إدناء الجلباب لا يدلُّ بالضَّرورة على لزوم ستر الوجه، نعم الآية تشمل الوجه بالإطلاق المستفاد من حذف المتعلَّق ويمكن أنْ تضاف قرينة التعليل {أدنى أنْ يعرفن فلا يؤذين} لاستفادة عدم اللزوم(66).
النُّصوص الرِّوائية:
جاء في تفسير القمِّيّ: "وأمَّا قوله {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فإنَّه كان سبب نزولها أنَّ النِّساء كنَّ يخرجن إلى المسجد ويصلين خلف رسول اللهe، وإذا كان بالليل خرجن إلى صلاة المغرب والعشاء والآخرة والغداة، يقعد الشُّبان لهنَّ في طريقهنَّ فيؤذونهنَّ ويتعرَّضون لهنَّ فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} إلى قوله {ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}"(67).
ويظهر أنَّها ليست منسوبة إلى أحدِ المعصومين فقد تكون من كلام صاحب التفسير نفسه، ولو نسبها لكانت مرسلة لا حجيَّة لها حتى نُخصِّص الآية بها، وبغض النَّظر عن هذه الجهة فمدلول الكلام لا يدلُّ بالضَّرورة على خصوص الحرائر(68) فتبقى الآية بلا مخصِّص من الرِّوايات.
الخاتمة:
من خلال الاستعراض السَّابق للآيات الَّتي تتعرَّض إلى أحكام السِّتر والحجاب يمكن استخلاص النتائج التَّالية:
١. أهمِّيَّة مسألة الحفاظ على العفَّة والحشمة في المجتمع الإسلاميّ وبين المؤمنين، والحفاظ على الحدود بين المؤمنات و الرِّجال الأجانب، والتَّشدُّد في السِّتر وعدم التَّساهل فيه، وهو مقتضى الإيمان ومن لازمه.
٢. مجموع الآيات تكشف عن أنَّ وجوب السِّتر شامل لجميع بدن المرأة عدا الوجه والكفَّين.
٣. الآيات عبَّرت بعدم إبداء الزِّينة وضرب الخمار وإدناء الجلباب، وتعدُّد التَّعابير كاشفٌ عن أهمِّيَّة الحكم، وشدَّة التَّشدُّد بأيِّ طريقةٍ كانت.
٤. إضافة إلى ضرب الخمار هناك مطلوبيَّة لإدناء الجلباب وترخيته، والأقرب أنَّه قطعة توضع فوق الثِّياب وتستر تمام البدن والرَّأس، وإنْ لم تصل المطلوبيَّة إلى درجة اللَّزوم، ولكنْ هناك حثٌ عليه، والتعليل بأنَّه مدعاةٌ للحفاظ على المرأة إيذاء بعض ضعاف النُّفوس.
٥. لم يتَّضح (في نظرنا القاصر) من خلال الآيات دليلٌ على وجوب ستر الوجه والكفَّين.
هناك مجال لمواصلة البحث في النُّكات الموجودة في الآيات الَّتي تتعرَّض إلى الحجاب المعنويّ، والحكمة من الالتزام بالعفَّة والحجاب لم يتَّسع الوقت للتطرٌّق إليها.
والحمد لله أوَّلاً وآخراً، والصَّلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الغرِّ الميامين.
(1) أبو الحسين، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللُّغة،ج٢، ص١٤٣، أبو نصر الجوهريّ الفارابيّ، إسماعيل، الصِّحاح تاج اللُّغة وصحاح العربيََّة، ج١ ،ص١٠٧.
(2) حسن مصطفويّ، التَّحقيق في كلمات القرآن، ج٢، ص١٦٧.
(3) معرفة، محمَّد هادي، التَّمهيد في علوم القرآن، ج١،ص١٧٠، (الأحزاب ترتيب نزولها ٩٠ والنُّور ١٠٣).
(4) انظر: أبو الحسين، أحمد بن فارس، مقاييس اللُّغة، ج٤، ص٣٨٣، أبو نصر الجوهريّ الفارابي، إسماعيل، الصِّحاح تاج اللُّغة وصحاح العربيَّة، ج٣، ص١٠٩٥.
(5) انظر الإيروانيّ، باقر، دروس تمهيديَّة في تفسير آيات الأحكام، ج١، ص ٣٧٣-٣٧٤.
(6) الطَّباطبائيّ، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج١٥، ص١١١.
(7) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق غوامض التَّنزيل، ج٤، ص٢٨٨.
(8) المحقِّق الأردبيليّ، أحمد بن محمَّد، زبدة البيان في أحكام القرآن، ص٥٤١-٥٤٢.
(9) فخر الدِّين الرَّازيّ, محمَّد بن عمر، التَّفسير الكبير، ج٢٣، ص١٨٣، وأيضاً اللَّکهنويّ الكشميريّ, السَّيِّد محمّد باقر، إسداء الرُّغَّاب في مسألة الحجاب،ج١، ص ١٠٩.
(10) انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص ٥٦٨، وانظر اللَّکهنويّ الكشميريّ, السَّيِّد محمّد باقر، إسداء الرُّغَّاب في مسألة الحجاب،ج١، ص ١٠٤.
(11) النراقيّ، أحمد بن محمَّد مهديّ، مستند الشِّيعة في أحكام الشَّريعة، ج١٦، ص٤٢.
(12) انظر: النراقيّ، أحمد بن محمَّد مهديّ، مستند الشِّيعة في أحكام الشَّريعة، ج١٦، ص٤٢، وفاكر مبيديّ، محمَّد،تفسير تطبيقيّ >غضِّ البصر<، مطالعات تطبيقى قرآن وحديث، ﭘﺎييزوزﻣﺴﺘﺎن ١٤٠٠ش - ﺷﻤﺎره ١٧، ص٢٤.
(13) انظر: الطَّباطبائيّ، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج١٥، ص١١١، صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣ ،ص٥٦٨، المحقق الأردبيليّ، أحمد بن محمَّد، زبدة البيان في أحكام القرآن، ص٥٤١.
(14) انظر: اللِّکهنويّ الكشميريّ, السَّيِّد محمّد باقر، إسداء الرُّغَّاب في مسألة الحجاب، ج١، ص ١٢١.
(15) الموسويّ الخوئيّ، السَّيِّد أبو القاسم، موسوعة الإمام الخوئيّ، ج٣٢، ص٢٥-٢٦.
(16) انظر: الإيروانيّ، باقر، دروس تمهيديَّة في تفسير آيات الأحكام، ج١، ص٣٧٣-٣٧٤،.
(17) انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٦٩ ، والسَّيفيّ المازندرانيّ، عليّ أكبر، دليل تحرير الوسيلة، أحكام السِّتر والنَّظر الإمام الخمينيّ قدس سرُّه، ص٦٣-٦٤، وفاكر مبيديّ، محمَّد، تفسيرُ تطبيقيٌّ >غضُّ البصر<، مطالعات تطبيقى قرآن وحديث، ﭘﺎييزوزﻣﺴﺘﺎن ١٤٠٠ش - ﺷﻤﺎره ١٧، ص١٩.
(18) الموسويّ الخوئيّ، السَّيِّد أبو القاسم، موسوعة الإمام الخوئيّ، ج٣٢، ص٤٢.
(19) الراغب الأصفهانيّ، حسين بن محمَّد، المفردات في غريب القرآن، ص٣٧٥.
(20) الطَّباطبائيّ، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج١٥، ص١١١.
(21) انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٧١-٥٧٣.
(22) المصطفويّ، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن، ج١، ص٢٣٦.
(23) أبو الحسين، أحمد بن فارس، مقاييس اللُّغة، ج٢، ص٤١، أبو نصر الجوهريّ الفارابيّ، إسماعيل، الصِّحاح تاج اللُّغة وصحاح العربيَّة، ج٥، ص٢١٣٢.
(24) المصطفويّ، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن، ج٤، ص٣٧٥.
(25) الموسويّ الخوئيّ، السَّيِّد أبو القاسم، موسوعة الإمام الخوئيّ، ج٣٢، ص٣٦، انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٢٣.
(26) الكلينيّ، محمَّد بن يعقوب، الكافي، الكلينيّ، ج٥، ص٥٢٠، ح١.
(27) انظر أبو عليّ الطَّبرسيّ، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج٧، ص٢٤١.
(28) الكلينيّ، محمَّد بن يعقوب، الكافي، الكلينيّ، ج٥، ص٥٢١، ح٣ وأيضاً ح١، ٢، ٤.
(29) القمِّيّ، عليّ بن إبراهيم، تفسير القمِّيّ، ج٢، ص١٠١، هذه الرِّواية ذكرت الثِّياب فتأيّد ما ذكره الشَّيخ صنقور من كون (ما ظهر) يراد به الثِّياب.
(30) القطب الراونديّ، سعيد بن هبة الله، فقه القرآن، ج٢، ص١٢٨، أيضاً الفاضل المقداد، كنز العرفان في فقه القرآن، ج٢، ص٢٢٢.
(31) ابن عاشور التُّونسيّ، محمَّد الطَّاهر، تفسير التَّحرير والتَّنوير، ج١٨،ص٢٠٨، وأيضاً الشَّيخ الطُّوسيّ، محمَّد بن الحسن، التِّبيان في تفسير القرآن، ج٧، ص٤٣٠، الفاضل الجواد، جواد بن سعيد، مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام، ج٣، ص٢٧٦، البيضاويّ، ناصر الدِّين أبو الخير البيضاويّ، عبدالله بن عمر، أنوار التَّنزيل وأسرار التَّأويل (تفسير البيضاويّ)، ج٤ ص١٠٥،
(32) الموسويّ الخوئيّ، السَّيِّد أبو القاسم، موسوعة الإمام الخوئيّ، ج٣٢، ص٤١-٤٢.
(33) السَّيفيّ المازندرانيّ، علي أكبر، دليل تحرير الوسيلة، أحكام السِّتر والنَّظر الإمام الخمينيّ¤، ص٤٧، أيضا انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٣٦-٥٣٧.
(34) انظر: أبو الحسين، أحمد بن فارس، مقاييس اللُّغة، ج٢، ص٢١٥.
(35) الفيوميّ، أحمد بن محمَّد، المصباح المنير، ج١، ص١٨١.
(36) المصطفويّ، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن، ج٣، ص١٤٢.
(37) الفيوميّ، أحمد بن محمَّد، المصباح المنير، ج١، ص١١٥.
(38) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق غوامض التِّنزيل، ج٤، ص٢٩١، وفخر الدِّين الرَّازي, محمَّد بن عمر، التَّفسير الكبير، ج٢٣، ص ٣٦٥.
(39) المصطفويّ، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن، ج٣، ص١٤٤.
(40) المصدر نفسه.
(41) انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٣٢-٥٣٣.
(42) المحقِّق الأردبيليّ، أحمد بن محمَّد، زبدة البيان في أحكام القرآن، ج١، ص٥٤١.
(43) الكلينيّ، محمَّد بن يعقوب، الكافي، الكلينيّ، ج٥، ص٥٢١.
(44) المِرط بالكسر: كلُّ ثوب غير مخيط، كساء من صوف أو غيره تلقيه المرأة على رأسها وتتلفَّع به.
(45) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق غوامض التَّنزيل، ج٤، ص٢٩١، صحيح البخاري، ج٦، ص١٠٦، ح ٤٧٥٨.
(46) أبو الحسين، أحمد بن فارس، مقاييس اللُّغة، ج١، ص٤٦٩.
(47) السَّيفيّ المازندرانيّ، عليّ أكبر، دليل تحرير الوسيلة، أحكام السِّتر والنِّظر الإمام الخمينيّ¤، ص٢٩، وأيضاً الإيروانيّ، باقر، دروس تمهيديَّة في تفسير آيات الأحكام، ج١، ص٣٨٥.
(48) العلَّامة الطَّباطبائيّ، السَّيِّد محمَّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج١٦، ص٣٣٩، ردَّد المعنى بين الثوب الَّذي يغطِّي جميع بدن المرأة والخمار الَّذي يغطي الرِّأس والوجه.
(49) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق غوامض التَّنزيل، ج٥، ص٩٧.
(50) السَّيفيّ المازندرانيّ، عليّ أكبر، دليل تحرير الوسيلة، أحكام السِّتر والنَّظر الإمام الخمينيّ¤، ص٢٩.
(51) صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٥٧.
(52) المصطفويّ، حسن، التَّحقيق في كلمات القرآن، ج٢، ص ٩٥-٩٦.
(53) المصدر نفسه، ج٣، ص٢٥٥.
(54) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق التَّنزيل، ج٥، ص٩٨.
(55) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق التَّنزيل، ج٥، ص٩٨، صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٥٨.
(56) أبو القاسم الزَّمخشريّ، محمود بن عمر، الكشَّاف عن حقائق التَّنزيل،ج٥، ص٩٨، راجع أيضا: أبو عليّ الطَّبرسيّ، الفضل بن حسن، تفسير جوامع الجامع، ج٣، ص٨٠-٨١، ومجمع البيان، ج٨، ص١٨١.
(57) راجع صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٦٠-٥٦١.
(58) الطَّباطبائيّ، السَّيِّد محمَّد حسين، تفسير الميزان ج١٦، ص٣٣٩.
(59) فخر الدِّين الرَّازيّ, محمَّد بن عمر، التَّفسير الكبير، ج٢٥، ص ٢٠٢-٢٠٣، راجع شرح آيات الأحكام ج٣، ص٥٦١.
(60) اللِّکهنويّ الكشميريّ, السَّيِّد محمّد باقر، إسداء الرُّغَّاب في مسألة الحجاب، ج١، ص ٢١٨-٢١٩.
(61) النُّور: ٣١.
(62) انظر: السَّيفيّ المازندرانيّ، عليّ أكبر، دليل تحرير الوسيلة، أحكام السِّتر والنَّظر الإمام الخمينيّ¤، ص ٣٠.
(63) انظر السّبحانيّ، جعفر، نظام النِّكاح في الشَّريعة الإسلاميّة الغرَّاء، ج١، ص٥٢-٥٣.
(64) انظر: السيفي المازندراني، علي أكبر، دليل تحرير الوسيلة، أحكام الستر والنظر الإمام الخميني¤، ص٢٩-٣٠.
(65) صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣، ص٥٦٣-٥٦٤.
(66) انظر: المحقِّق الدَّاماد، محمَّد، كتاب الصَّلاة، ج٢، ص٥٠-٥١.
(67) القمِّيّ، عليّ ابن إبراهيم، تفسير القمِّيّ، ج٢، ص١٩٦.
(68) انظر: صنقور، محمَّد، شرح آيات الأحكام، ج٣،ص٥٥٩.
0 التعليق
ارسال التعليق