كُبْرى الْمَعاريفِ وَدَوْرُها في إِثْباتِ وَثاقَةِ الرَّاوي

كُبْرى الْمَعاريفِ وَدَوْرُها في إِثْباتِ وَثاقَةِ الرَّاوي

الملخّص:

تعرَّض الكاتب في بحثه إلى إحدى التوثيقات الرجاليّة العامّة التي تُستخدم في توثيق العديد من الرواة، ألا وهي قاعدة كبرى المعاريف، التي تُفيد بأنَّ من كان معروفاً ولم يَرد فيه قدح، يُبنى على وثاقته. وقد تطرَّق إلى مفهوم هذه الكبرى وتوضيح مفرداتها، ودورها في إثبات وثاقة الرُّواة، كما وتمّ التطرُّق إلى الأقوال فيها، والأدلّة المُساقة لإثباتها ونفيها، واختُتِم البحث بذكر بعض النماذج التطبيقيّة للكبرى.

 

المقدّمة

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمّد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

لا يخفى ما لوثاقة الراوي من دور مهم في اعتبار الروايات وإثبات صدورها، وهناك طريقان لتوثيق الراوي، الأول: توثيقٌ خاصٌ يرد فيه من قِبل الرجاليّين، بحيث يَتمُّ إثبات أو نفي وثاقة شخص معيّن بخصوصه، فيقال فلان ثقة، أو فلان ضعيف، والثاني: توثيقٌ عامٌ يدخل هذا الراوي تحته، بحيث تثبت وثاقته أو ضعفه لأجل اندراجه تحت عنوان عامٍّ وكبرى معينة، وتُذكر عناوين وتوثيقات عامّة عديدة، ككون الراوي من مشايخ الإجازة، أو كونه وكيلاً عن المعصوم، أو وقوعه في كتاب كامل الزيارات، وغيرها من التوثيقات التي وقع الكلام فيها، ومن ضمن التوثيقات العامة التي تُذكر هي قاعدة كبرى المعاريف، حيث إنَّها من الكبريات المهمة والمطروحة حديثاً، وهي من القواعد التي إذا ثبتت ستساعد في إثبات وثاقة عدَّة من الرواة، وبالتالي دخول مجموعة وافية من الروايات في دائرة الحجيَّة، وبهذا يتّضح دورها البارز في إثبات وثاقة الرواة.

إنَّ ما شجّعني للكتابة في هذا البحث -غير أهميَّته- أنّي لم أجد بمقدار بحثي المتواضع هذه القاعدة في بحث مستقل بحيث تتضح معالمها، فسعيت فيه إلى ما يمكنني جمعه -مما يتعلَّق بالقاعدة من بطون الكتب وتقريرات دروس الأعلام- من شتاتات تنفع في المقام، والغرض من ذلك جمع ما يمكن جمعه في مكان واحد.

وقد وقع البحث في هذه الكبرى في عدّة جهات:

الجهة الأولى: في توضيح مفاهيم هذه القاعدة، ودورها في إثبات وثاقة الراوي، ومن ثُمّ، تمّ التعرُّض لبعض المقدِّمات التي تساعد في الوصول إلى تصور هذه القاعدة والتي لها الأثر والدور والتعلق بالقاعدة.

الجهة الثانية: في حجيّة هذه الكبرى، ومقدماتها، والأقوال فيها، بالإضافة إلى أدلَّتها.

الجهة الثالثة: في طرح أحد أجزاء صغرى هذه القاعدة، وهو بيان طرق إثبات معروفيَّة الراوي ومشهوريّته.

ومن ثمّ، تمّ ذكر بعض النماذج التطبيقيَّة لهذه القاعدة، حيث يتّضح بهذه التطبيقات دور هذه الكبرى وأهميَّتها في إثبات وثاقة الرواة.

الفصل الأول: مقدّمات تمهيديَّة

المبحث الأول: توضيح المفاهيم المأخوذة في عنوان البحث

أولاً: الكبرى، لغةً واصطلاحاً

أمّا الكبرى في اللغة فهي تأنيث أكبر، وجمعها كُبَر وكُبرَيات([1])، وأمّا معناها في الاصطلاح، فالكبرى صفة لموصوف محذوف وهي القاعدة، واستُغني بالصفة عن الموصوف، وإحلال الصفة محل الموصوف أمر معروف ومستخدم في اللغة، كالآية القرآنية {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً}(الكهف: 82)، فالأصل وكان أبوهما رجلاً صالحاً، ومثل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (البقرة: 280)، فأصلها وإن كان رجلٌ ذو عسرة، وهكذا، ويدعِّم كونَ الموصوف المحذوف هي كلمة القاعدة، أنَّ من ضمن ما يُبحث في علم الرجال هو عن القواعد الكلية التي لها مصاديق متعدِّدة، وتنطبق على كثيرين، أمثال القاعدة التي نبحثها هنا.

ثانياً: المعاريف لغةً واصطلاحاً

وأمّا المعاريف لغةً فهي جمع تكسير لصفة معروف، على غرار مشهور ومشاهير، ويُقال أمرٌ معروف([4])، والمعروف ضدّ المنكر([5])، وأمّا المعنى الاصطلاحي، فالمراد من المعاريف لا يختلف عن المعنى اللغوي إلا أنَّها محدَّدة ومخصَّصة بالمعروفيَّة والمشهوريَّة للراوي بين الطائفة.

إذاً، نستطيع أنْ نستنج مما تقدم أنَّ كبرى المعاريف هي قاعدة رجاليَّة تُستخدم لتوثيق بعض الرواة الذين تنطبق عليهم شروطها -والتي ستأتي في طيّات البحث-، وهي من التوثيقات العامة التي لا تتعلق براوٍ معيّن بل بعنوان عامًّ ينطبق على بعض الرواة.

ثالثاً: دور كبرى المعاريف في إثبات وثاقة الراوي

عند تماميّة هذه القاعدة، سيتضح جلياً دورها في توثيق عدّة من الرواة الذين لم يرِد في حقِّهم توثيق خاصٌّ، أو لم تنطبق عليهم أيٌّ من التوثيقات العامَّة، وبالتالي ستكون جملة من الروايات، بل عدد كبير منها ذات حجيَّة، وداخلة في ما يُستدل به خصوصاً في الأحكام الفقهيَّة؛ وذلك لوجود عدد من الرواة الذين سينطبق عليهم هذا العنوان، وهم من الرواة الذين رووا الكثير من الروايات، ومصادرنا لا تخلو من أسمائهم.

المبحث الثاني: مفهوم العدالة

بعد بيان المراد من الكبرى والمراد من المعاريف ودور هذه القاعدة عند تماميّتها، نذكر مبحثين مهمَّين يُفيدان في المقام، وهما مفهوم العدالة، ودور حسن الظاهر في إثبات العدالة، فإنه سيتبيَّن من خلال البحث أهميَّة ذكرهما هنا.

أولاً: العدالة في اللغة

العدالة من العدل، ذُكِر في كتاب العين "العدل: المرضيُّ من الناس قوله وحكمه"([6])، وفي معجم مقاييس اللغة، "الْعَدْلُ مِنَ النَّاسِ: الْمَرَضِيُّ الْمُسْتَوِي الطَّرِيقَةِ، يُقَالُ: هَذَا عَدْلٌ، وَهُمَا عَدْلٌ، وَتَقُولُ: هُمَا عَدْلَانِ أَيْضاً، وَهُمْ عُدُولٌ"([7])، وفي لسان العرب أنّها تأتي بمعنى الاستقامة، قال: "العَدْل: مَا قَامَ فِي النُّفُوسِ أَنه مُسْتقيم، وَهُوَ ضِدُّ الجَوْر" ([8]).

ثانياً: العدالة في الاصطلاح

وأمّا المعنى في الاصطلاح، فقد اختلف الفقهاء في تعريف العدالة، فذهب بعض إلى أنّها عبارة عن حسن الظاهر([9])، وذهب بعض آخر إلى أنَّها هيئة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى بحيث لا تقع منه كبيرة ولا يصرّ على صغيرة([10])، وعرّفها السيد الخوئي بأنَّها الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة، وعدم الانحراف عنها يميناً وشمالاً([11]).

المبحث الثالث: دور حسن الظاهر في إثبات العدالة

أولاً: المراد من حسن الظاهر

اعتبر بعض العلماء أنَّ العدالة هي حسن الظاهر، واعتبر آخرون أنَّ حسن الظاهر هو طريق لإثبات العدالة، وعلى أيِّ حال، فإنَّ حسن الظاهر هو عبارة عن حسن ما يظهر من الفرد بعد الابتلاء والامتحان في الأمور التي يُبتلى ويُمتحن فيها([12])، أو هو عبارة عن عدم كونه معروفاً بشهادة الزور ونحوها من المحرّمات، وإن لم يتحقق لنا حاله بأزيد من ذلك، بحيث احتملنا ارتكابه المعاصي واقعاً([13])، أو غيره ممَّا ذكره الأعلام من أنَّ حسن الظاهر هو المعروفيَّة بعدم ارتكاب المعاصي والمحرّمات ظاهراً.

ثانياً: أدّلة كون حسن الظاهر طريقاً لثبوت العدالة

استُدلّ على كون حسن الظاهر طريقاً لإثبات العدالة بعدّة روايات، نذكر هنا بعضها، منها: ما رواه الشيخ الصدوقN بإسناده عن عبد الله بن أبي يعفور في حديث طويل: قال: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِg بِمَ تُعْرَفُ عَدَالَةُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: >أَنْ تَعْرِفُوهُ بِالسِّتْرِ وَالْعَفَافِ - وَكَفِّ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَالْيَدِ وَاللِّسَانِ‌، وَتُعْرَفُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ الَّتِي أَوْعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا النَّارَ مِنْ شُرْبِ الْخُمُورِ وَالزِّنَا وَالرِّبَا وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ سَاتِراً لِجَمِيعِ عُيُوبِهِ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ عَثَرَاتِهِ وَعُيُوبِهِ وَتَفْتِيشُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَيَجِبَ عَلَيْهِمْ تَزْكِيَتُهُ وَإِظْهَارُ عَدَالَتِهِ فِي النَّاسِ وَيَكُونَ مَعَهُ التَّعَاهُدُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إِذَا وَاظَبَ عَلَيْهِنَّ وَحَفِظَ مَوَاقِيتَهُنَّ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ‌ وَأَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي مُصَلَّاهُمْ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَازِماً لِمُصَلَّاهُ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْهُ فِي قَبِيلَتِهِ وَمَحَلَّتِهِ قَالُوا مَا رَأَيْنَا مِنْهُ إِلَّا خَيْراً - مُوَاظِباً عَلَى الصَّلَوَاتِ مُتَعَاهِداً لِأَوْقَاتِهَا فِي مُصَلَّاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجِيزُ شَهَادَتَهُ وَعَدَالَتَهُ‌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ..<([14]).

والرواية مرويَّة بطريقين، طريق للشيخ، وآخر للصدوق، أمّا بالنسبة لطريق الشيخ، فتكون الرواية ضعيفة لوجود محمد بن موسى الهمدانيِّ في سندها، حيث إنّه ضُعّف من قبل ابن الوليد وابن الغضائريِّ والشيخ الصدوق([15])، وأمّا بالنسبة لطريق الشيخ الصدوق، ففي سندها أحمد بن محمَّد بن يحيى العطّار، ولم يرد في حقِّه توثيق خاصٌّ، لكنَّه من مشايخ الشيخ الصدوق، وتكرَّر منه اعتماده والترضّي عليه كما في الخصال([16])، وهذا دالٌّ على حسن ظاهره وبالتالي عدالته ووثاقته، لكنْ يلزم من ذلك الدور؛ فإنَّنا نريد إثبات أنَّ حسن الظاهر مثبتٌ للعدالة، بالإضافة إلى أنَّ العلّامة الحلّي قد وثَّقه أيضاً([17])، فتكون الرواية معتبرة سنداً لو قلنا بحجيَّة توثيق المتأخِّرين.

أمّا دلالةً، فالرواية صريحة في أنَّ حسن الظاهر كافٍ لإثبات العدالة، وأنَّ ستر الذنوب والمواظبة على الصلوات يحققّان حسن الظاهر.

ومنها: ما رواه الشيخ الصدوقN أيضاً بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرg: قَالَ:‌ >لَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْنَا لَأَجَزْنَا شَهَادَةَ الرَّجُلِ إِذَا عُلِمَ مِنْهُ خَيْرٌ مَعَ يَمِينِ‌ الْخَصْمِ‌..<([18])، فالعلم بالخير من الرجل، الذي هو حسن الظاهر، يجيز شهادته، والشهادة لا تُقبل إلا من العادل، وإسناد الشيخ الصدوق للحسن بن محبوب صحيح، فالرواية صحيحة سنداً.

ومنها: ما رواه الشيخ الكلينيN، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللهg قَالَ: >مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ، كَانَ مِمَّنْ حُرِّمَتْ غِيبَتُهُ، وَكَمَلَتْ مُرُوءَتُهُ، وَظَهَرَ عَدْلُهُ، وَوَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ<([19])، فإنَّ هذه الصفات التي ذكرها الإمامg توجب حسن الظاهر، وهذا ما بيَّنه الإمامg بقوله >وظهر عدله<، والرواية معتبرة سنداً.

وغيرها من الروايات التي تبيّن ذلك، فحسن الظاهر أمارة على العدالة عرفاً وشرعاً، أمّا عرفاً فواضح؛ حيث إنَّ العقلاء يبنون على ذلك، وأمّا شرعاً، فلما تقدَّم من روايات مذكورة في أبواب الشهادات([20])، فإذا كان عادلاً فهو ثقة بالأولويَّة؛ إذ كل عادل ثقة، وبهذا يتّضح لنا دور حسن الظاهر في إثبات العدالة من كونه طريقاً لذلك.

الفصل الثاني: حجيّة كبرى المعاريف

المبحث الأول: كبرى المعاريف ومقدّماتها وأهمُّ الأقوال فيها

أولاً: الكبرى ومقدّماتها: 

إنَّ قاعدة كبرى المعاريف تنصُّ على أنَّ كون أحد مِن الرواة معروفاً ومشهوراً مع عدم ورود أي قدح أو جرح فيه، كاشفٌ عن وثاقته، حتّى لو لم يرد في حقِّه توثيق خاص.

وتقريب هذه القاعدة للتوثيق بما يلي: كونُ الراوي معروفاً ومشهوراً، ولم يرد فيه قدح ولو بطريق غير معتبر دليلٌ على كونه حَسن الظاهر، ومع كونه حَسن الظاهر فإنَّ ذلك كاشف عن عدالته عرفاً وشرعاً، وبالتالي وثاقته؛ لأنَّ العادة جرت على أنَّه لو كان في المعروف قدح أو عيب لذُكر على ألسن الناس.

ثمَّ إنَّ هناك أموراً وطرقاً تكشف عن كون هذا الراوي معروفاً أم لا، وسيتم ذكرها فيما يأتي.

ثانياً: أهمُّ الأقوال في المسألة

لمحة عامَّة:

لقد ذُكرت قاعدة كبرى المعاريف عند العامَّة، ولكنْ لم يذكروها بهذا المصطلح، وإنَّما ذُكرت على نحو ضابطة لإثبات الوثاقة، فقد ذكر ابن عبد البرِّ أنَّ كل من كان معروفاً ومشهوراً بأنّه من أصحاب الحديث فهو محمول في أمره على العدالة حتى يُجرح في حاله أو يكثر غلطه، واستَدلّ بهذا الحديث المروي عن النبيِّe الذي يثبت ذلك: >يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ<([21])، وتبعه على ذلك ابن الجزريِّ حيث قال: "إِنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ"([22])، والذهبيُّ حيث قال:

 "إنَّهُ حَقٌّ، قَالَ: وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَسْتُورُ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ بِالْعِنَايَةِ بِالْعِلْمِ، فَكُلُّ مَنِ اشْتُهِرَ بَيْنَ الْحُفَّاظِ بِأَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالْعِنَايَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ، ثُمَّ كَشَفُوا عَنْ أَخْبَارِهِ فَمَا وَجَدُوا فِيهِ تَلْيِيناً، وَلَا اتَّفَقَ لَهُمْ عِلْمٌ بِأَنَّ أَحَداً وَثَّقَهُ، فَهَذَا الَّذِي عَنَاهُ الْحَافِظُ، وَأَنَّهُ يَكُونُ مَقْبُولَ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ يَلُوحَ فِيهِ جَرْحٌ"([23]وغيرُهما([24]).

وفحوى هذه القاعدة مذكورة عند علمائنا أيضاً، نعم، ربما تحتاج أقوالهم إلى مزيد تأمّل في أنَّها تدلُّ على إرادتهم لهذه الكبرى، حيث إنَّ مقدِّماتها وما يدلُّ عليها هي المذكورة على لسانهم، فتجد الشيخ البارفروشيّ المازندرانيّN يذكر ذلك في كتابه نتيجة المقال حيث قال عند التعرُّض لمحمد بن إسماعيل النيشابوريّ المعروف ببندفر: "وكفاك في جلالته، إكثار الكليني رحمه اللّه عنه مع عدم تقييده بما يميّزه، وهذا يدلّ على غاية تعويله عليه، ونهاية شهرته، حيث لم يفتقر إلى مميّز، وهذا القدر يكفي في الوثوق والاعتماد عليه"([25])، فإنّ ما ذكره البارفروشي هو ما يثبت كون الراوي معروفاً أو فقل أنَّه ذكر ما هو طريق لإثبات المعروفية.

وتجد ما حُكيَ عن الشهيد الأول N عند التعرُّض لترجمة الحكم بن مسكين المكفوف أنَّه قال: "لمّا كان كثير الرواية، ولم يرد فيه طعن، فأنا أعمل على روايته"([26])، وهنا كـذلك حيث وثَّق الشهيد الأوَّل الحكم بن مسكين من باب كونه كثير الرواية وهو أحد طرق إثبات المعروفيَّة، كما سيأتي، لكنَّه يمكن أن يقـال بأنَّه N اعتمد على كثرة الرواية بما هي كثرة الرواية، لا أنَّها سبب وواسطة وطريق لإثبات المعروفية.

وكذلك أيضاً السيد البروجرديN عند التعرُّض لسند فيه أحمد بن محمد بن يحى يقول: "مع أنّ الظاهر أنّه يمكن استكشاف وثاقة الراوي من تلاميذه الذين أخذوا الحديث عنه، فإذا كان الآخذ مثل الشيخ أو المفيد أو الصدوق أو غيرهم من الأعلام خصوصا مع كثرة الرواية عنه لا يبقى ارتياب في وثاقته أصلاً"([27]).

إذاً، عند التأمُّل في كلامهم نرى مقدمات هذه الكبرى موجودةٌ عندهم، إلا أنَّه يمكن التأمُّل في دلالتها على إرادتهم كبرى المعاريف.

ثمَّ تجد بعض العلماء المعاصرين تبنّى هذه الكبرى وعمل على تنقيحها، لكنَّهم اختلفوا في بعض جزئياتها كما سيأتي، وبعضهم لم يقبلها، وإليك أهم أقوالهم:

القول الأول:

هو قول الشيخ التبريزيN، فهو من بدأ بتنقيح هذه الكبرى واعتمدها وعمل بها، وتبنّاها، ومفادها أنَّ معروفيّة الراوي مع عدم ورود قدح فيه ولو بطريق غير معتبر، كاشف عن وثاقته وإن لم يرد في حقه توثيق، باعتبار أنَّ مَن هذه صفته يكون حَسن الظاهر، وحُسن الظاهر كاشف عن الوثاقة بل العدالة عرفاً وشرعاً([28]).

وقد تبع الشيخ التبريزيَّ بعض من العلماء على هذا المبنى، وهذا ما يظهر من تقريرات دروسهم ومؤلفاتهم، منهم: تلميذه السيد منير الخباز([29])، وتلميذه الشيخ محمد تقي الشهيديّ([30])، وتلميذه الشيخ محمد مهدي شب زنده دار([31])، والشيخ حسّان سويدان([32])، والشيخ علي الصدديّ([33])، لكنَّهم اختلفوا معه في بعض الصغريات، وطرق إثبات معروفيَّة الراوي، وسيأتي التطرُّق لهذه الطرق في الفصل القادم في المبحث الأول.

القول الثاني:

قول السيد محمّد رضا السيستانيّ، فقد ناقش من قال بهذه الكبرى في عدّة مقدمات، منها عدم ورود القدح في الرواة، حيث لم يقبل السيد هذه المقدمة، وأورد عليها أنَّ عدم ورود القدح يتمُّ فيما إذا كانت المصنفات الموجودة في الممدوحين والمذمومين، -مثل بعض الكتب التي لم تصلنا ككتاب أحمد بن داوود القمّي، وكتاب أحمد بن محمد بن عمّار الكوفي وغيرها- وكانت خالية من طعن مَن يُعدُّ من المعاريف، ويكون حينئذ بالإمكان اعتبار كون الراوي ممَّن لم يُقدح فيه، وأمّا مع عدم وجود هذه الكتب وأمثالها، فلا مجال لهذا الكلام بالمرّة،([34]) فالسيد لا يقبل هذه الكبرى وليست تامّة عنده.

المبحث الثاني: أدلَّة الأقوال

أدلَّة القول الأول:

يُستفاد مما ذكره الشيخ التبريزي ثلاثة وجوه للاستدلال على هذه الكبرى:

الوجه الأول: أنَّ المجتمعات أو الطوائف -عندما يكون فيها شخصاً معروفاً- تسلّط الأضواء على هذا الشخص المعروف، وتنظر إليه، وترصد عثراته، وأخطاءه، وتجمع عيوبه ونقائصه، وهذا أمر يقع عادةً، فعند وجود شخص معروف، ورغم ذلك لم يُقدح ولم يُرصد عليه شيء، فهذا -أي معروفيَّته مع عدم وجود قدح- يكون كاشفاً ودليلاً على وثاقته عقلائياً، وهذا الأمر الكاشف عن الوثاقة حجَّة من الشارع لعدم الردع عنه([35]).

الوجه الثاني: ذكر السيد منير الخباز، مقرّباً آخر، وهو كون هذا الطريق طريقاً من طرق الاطمئنان، حيث قال: "إن مقتضى دليل حساب الاحتمالات ظهور العيب في الشخصية المعروفة بمقتضى كونها محطاً للأنظار، فعدم ظهور العيب مع المعروفيَّة موجبٌ للاطمئنان بالوثاقة، ومن الواضح أنَّ الاطمئنان الناشئ من منشئ عقلائيٍّ حجة"([36]).

الوجه الثالث: ما دلَّت عليه النصوص -التي منها ما تقدَّم في المبحث الثالث من الفصل الأول- وما ورد فيها من أنَّ حسن الظاهر طريق وأمارة عرفية وشرعية على إثبات العدالة التي هي أعلى مرتبة من الوثاقة، ومعروفية الراوي بين الطائفة بكونه من الأجلاء، وممَّن يروون عنه، وكونه من المشايخ مصداقاً واضحاً من مصاديق حسن الظاهر، وحيث إنَّ حسن الظاهر مع عدم المعارضة بالقدح والتضعيف كاشف شرعي عن العدالة فضلاً عن الوثاقة، فهو كاشف عرفي بين الرجال أيضاً([37]).

أدلَّة القول الثاني:

عدم ورود وبروز القدح بالنسبة إلى شخص بمعنى عدم ثبوت ضعفه فقط، وهو أعم من الوثاقة المشروطة في حجية الخبر، واعتماد بعض الأصحاب على روايات بعض من المعاريف، ليس من باب عدم وجود قدح، وإنّما اعتمدوها لوجود شواهد وقرائن جعلتهم يثقون بصدورها([38]).

وكذلك ما تقدَّم من أنَّ الكتب الرجاليَّة الموجودة حالياً، ككتاب النجاشي، وفهرست ورجال الشيخ، ورجال الكشيِّ، ورجال البرقيِّ، لم تختص بذكر المذمومين والضعفاء، وإنَّما ذكرت ذلك في موارد قليلة، وحيث إنَّ هذه الكتب ليس من اختصاصها ذكر المذمومين والضعفاء، فإنّ مجرد عدم ورود القدح لأحد المعاريف لا يدلُّ على أنَّه كان حسن الظاهر ليُتوصّل إلى توثيقه ([39]).

الفصل الثالث: طرق إثبات المعروفيَّة، وبعض تطبيقات المسألة

المبحث الأول: طرق إثبات معروفيَّة الراوي

ذكر القائلون بقاعدة كبرى المعاريف مجموعة طرق تثبت معروفية الراوي، وأنَّ هذه الطرق تدل على حسن الظاهر باعتبار كونها مساوقة له، وهي:

الطريق الأول: رواية الأجلّاء عن الراوي؛ فإنَّ الرواية عنه من قبل بعض الأجلّاء من أصحاب الأئمة i وبعض أجلّاء الطائفة أمثال الشيخ الصدوق، والشيخ الكلينيِّ، وتصدّيهم لأخذ الرواية عنه، دالٌّ على معروفيَّته ومشهوريَّته واعتمادهم عليه، وحسن ظاهره، وبالتالي وثاقته بل عدالته.

وهذا ما ذكره الشيخ التبريزيN: "أن تصدِّي جماعة من الرواة وبينهم الأجلاء لأخذ الروايات عن شخص يوجب كونه محط الأنظار، وإذا لم يرد فيه قدح ولو بطريق غير معتبر يكشف ذلك عن حسن ظاهره في عصره"([40])، وذكر الشيخ الصدديّ: "إلا أنّه ثقة؛ لوجوهٍ أوضحها أنّه من معاريف الطائفة قبل وقفه، ولم يرد فيه قدح؛ فقد روى عنه أجلَّة أصحاب الأئمّة i، منهم أحمد بن محمد بن أبي نصر وصفوان بن يحيى ومحمّد بن أبي عمير وجعفر بن بشير وعبد الله بن المغيرة وعليّ بن أسباط وعليّ بن الحكم وفضالة بن أيوب والنضر بن سويد ويونس بن عبد الرحمن"([41]).

الطريق الثاني: كثرة رواية الراوي عن الرجال، وروايتهم عنه؛ فإنَّ كثرة روايته توجب كون الشخص من المعاريف، وإلّا لم يكن الرجال قد قرأوا عليه الروايات، وأعطوها إياه، ولم يرووا عنه، وبالأخص إذا كان هؤلاء الرجال من الأجلّة.

فقد صرَّح بذلك الشيخ التبريزي عند التعرُّض لمجموعة من الرواة بذلك، منهم: محمّد بن عبدالحميد([42])، وأبو بكر الحضرميّ([43])، وغيرهم، وقد ذكر الشيخ حسّان سويدان ما نصّه: "أمّا عليّ بن محمّد بن قتيبة، فلا توثيق له، لكنّه كثير الرواية، سديد الرواية، أُكثرت عنه الرواية، فلا يبعد عدّه من المعاريف الذين لم نجد لأحدٍ طعناً فيهم"([44]).

لكنَّ السيد محمَّد رضا السيستاني ناقش في طريقيَّة كثرة الرواية لإثبات المعروفيَّة، وذكر أنَّ هذا الطريق غير تامٍّ؛ حيث إنَّ الرواية عن رجل كثيراً لا يعني أنَّ الراوي عنه قد عاشره، لأنَّ الرواية عن رجل يمكن أن تكون بطرق غير المعاشرة، وبغير المعاشرة لا يُحرز حُسن الظاهر وبالتالي لا تُحرز العدالة، سواء في هذا الطريق أو سابقه، فلا مجال للتمسك بهذا الوجه([45]).

الطريق الثالث: كون الراوي صاحب كتاب، فذِكرُ الرجاليين كونه كذلك دليل على معروفيته ومشهوريته وحسنه، فقد ذكر الشيخ التبريزيّ ذلك عند ذكر عبد الرحمن بن حماد([46])، وكليب الأسدي([47]) مثلاً.

وقد نوقش هذا الطريق أيضاً، فقد ذكر السيد منير الخباز أنَّ كبرى المعاريف تدلُّ على الوثاقة إذا كان الرواي معروفاً، بحيث يكون محلاً للابتلاء، ومحلاً للتنصيص على عيوبه، وهذا لا يتأتى بمجرد كونه صاحب كتاب، وسبب ذلك يعود إلى أنَّ كتب الرجال التي وصلتنا ليست موضوعة لبيان العيب والقدح في الرواة، واستثنى السيد ذلك الراوي الذي يكون محلّ الابتلاء لدى المصنفين والمؤلفين بحيث يكون محطَّ نظرهم، ولا يرد فيه أي قدح ولو استطراداً، فيكون ذلك كاشفاً عن وثاقته، لا كل صاحب كتاب([48]).

الطريق الرابع: ذكر اسم الراوي كشاهد، وتخصيص ذكر اسمه من بين جماعة دون الباقي، إنَّما يدلُّ ويفيد على كونه من المعاريف والمشاهير المعتمدين عليهم، وقد ذُكر في هامش مجمع الرجال للقهبائي من أنَّ تخصيص ذكر عبد الله بن محمد الحضرميّ ومن معه من قبل الكشيّ يظهر منه كونهم معتبَرين([49])، وأيضاً صرّح به الفاضل الخواجوئيّ في كتابه الفوائد الرجاليَّة، حيث قال: "إنّ تخصيص الكشيّ هؤلاء المذكورين من بين جماعة من أصحابنا بالذكر يفيد أنّهم من مشاهيرهم المعتمدين عليهم، ومن أعيانهم المعروفين بالصدق والثقة والصلاح الذين يقبل قولهم ونقلهم، ولا يقدح فيهم قادح، ولا ينكر نقلهم منكر، وإلّا لكان تخصيصهم من بينهم بالذكر لغوا لا وجه له، وهو خلاف المتعارف، فيدلّ على جلالة قدرهم، وكمال اعتبارهم في أبواب الروايات والنقول، حتّى يرتقي حالهم إلى سنام التوثيق"([50]).

الطريق الخامس: تجميع مجموعة من القرائن بحيث يحصل الاطمئنان على أنَّ الراوي من المعاريف والمشاهير، وممَّن تُعتمد رواياتهم، فإذا اجتمعت عدّة قرائن موجودة في أحد الرواة -مثل محمَّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ، فقد ذُكر كونه من مشايخ الإجازة، ومن مشايخ النجاشي([51])، وممَّن ترحَّم عليه([52])، وكونه ابن لأحد الأعلام والفقهاء([53])- التي وإن كانت لوحدها ربما لا تدل على المعروفيَّة لحصل الاطمئنان بكونه معروفاً ومشهوراً في زمانه.

المبحث الثاني: بعض تطبيقات المسألة

بعد بيان القاعدة ووضوح الكبرى وصغراها في ما مرَّ من المباحث، نصل الآن إلى تطبيقات هذه القاعدة، حيث سيتمُّ ذكر الراوي، وثمَّ هل تنطبق عليه صغرى القاعدة، ويكون من المعاريف والمشاهير؟ وهل يوجد في حقه جرح أو تضعيف؟ ومن ثَمَّ بعد انطباق ذلك على الراوي، تتمُّ هذه الكبرى في حقِّه ويتَّضح دورها في إثبات وثاقته.

ولأجل أن تكون التطبيقات واضحة وسلسلة في معاينتها ومتابعتها، سيتمُّ عرضها في الجدول التالي، وهذا الجدول هو مجرّد نموذج، ويمكن للباحث الرجاليِّ استقراء مجموعة أكبر من الرواة.

 

ثبوت الكبرى فيه

انطباق الصغرى عليه

اسم الراوي

 

ثابتة

تظهر معروفيته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه ومنهم القميّين المتشدّدين في نقل الرواية([54])، ولم يرد قدح فيه.

إبراهيم بن مهزيار

1

ثابتة

معروفيَّته واضحة بإكثار رواية الأجلّاء عنه، وروايته عنهم، ولم يرد في حقه جرح وقدح ([55]).

أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد

2

ثابتة

معروفيَّته واضحة بإكثار رواية الأجلّاء عنه، وروايته عنهم، ولم يرد في حقه جرح وقدح ([56]).

أحمد بن محمَّد بن يحيى العطار

3

غير ثابتة

مجرد كثرة رواياته([57]) لا تكشف عن معروفيَّته، فلا تنطبق الصغرى عليه.

إسماعيل بن مرار

4

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه مثل الحسن بن محبوب([58])، ولم يرد في حقه قدح وتضعيف.

الحارث بن محمَّد بن النعمان

5

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: ذكر مشهوريَّته من قبل النجاشي ومدحه([59])، ولم يرد في حقِّه قدح وتضعيف.

الحسن بن موسى الخشّاب

6

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([60])، ولم يرد في حقه قدح وتضعيف.

الحسين بن سيف بن عميرة

7

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه ومنهم القميّين المتشدّدين في نقل الرواية([61])، ولم يرد قدح فيه.

الحسين بن يزيد النوفلي

8

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه([62])، ولم يرد قدح فيه.

الحكم بن مسكين الثقفي

9

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([63])، ولم يرد فيه قدح.

حمزة بن حمران

10

غير ثابتة

ورد فيه تضعيف من قبل ابن الغضائري([64]) والعلاّمة([65])، فالصغرى لا تنطبق عليه، لورود التضعيف وإن لم يكن معتبراً.

صالح بن عقبة بن قيس

11

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([66])، ولم يرد فيه قدح.

عبد الرحمن بن حماد

12

ثابتة

تظهر معروفيته بذكر اسمه كشاهد، وتخصيص الكشيّ ذكره من بين مجموعة من الرواة([67])، بالإضافة لعدة قرائن أخرى تثبت ذلك([68])، ولم يرد في حقه قدح.

عبد الله بن محمَّد أبو بكر الحضرمي

13

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه([69])، ولم يرد قدح فيه.

عقبة بن خالد

14

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه مثل هارون بن موسى التلعكبري([70])، ولم يرد قدح فيه.

علي بن محمَّد بن الزبير

15

ثابتة

معروفيَّته واضحة بعدة قرائن منها: إكثار رواية الأجلّاء عنه، ولم يرد في حقه جرح وقدح([71]).

عمر بن حنظلة

16

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([72])، ولم يرد فيه قدح.

عنبسة بن مصعب

17

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([73])، ولم يرد فيه قدح.

القاسم بن عروة

18

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([74])، ولم يرد فيه قدح.

القاسم بن محمَّد الجوهريّ

19

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([75])، ولم يرد فيه قدح.

كليب بن معاوية الأسدي

20

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه([76]) بالإضافة لعدة قرائن أخرى تثبت ذلك (([77]، ولم يرد في حقه قدح.

محمَّد بن إسماعيل البندقيّ النيشابوريّ

21

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه([78])، ولم يرد فيه قدح.

محمد بن حكيم

22

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن منها: رواية الأجلّاء عنه([79])، ولم يرد قدح فيه.

محمد بن عبدالله بن هلال

23

ثابتة

تظهر معروفيَّته برواية الأجلّاء عنه مثل الشيخ الصدوق، وكونه أحد مشايخه الذين ترضى عليهم([80])، ولم يرد فيه قدح.

محمد بن علي بن ماجيلويه

24

ثابتة

تظهر معروفيَّته بعدة قرائن تقدَّمت([81]).

محمد بن هارون بن موسى التلعكبريّ

25

 

الخاتمة

وبعد هذا العرض المتقدِّم ومجموعة من تطبيقات الكبرى، تمَّ التوصُّل إلى مجموعة من النتائج أذكرها بإيجاز، ثمَّ أذكر بعدها توصيات على شكل نقاط:

أولاً: النتائج:

١. المراد من قاعدة كبرى المعاريف هو: القاعدة الرجالية التي تُستخدم لتوثيق بعض الرواة الذين تنطبق عليهم شروطها، وهي من التوثيقات العامَّة التي لا تتعلَّق براوٍ معيّن بل بعنوان عام ينطبق على بعض الرواة.

٢. إنَّ للقاعدة دوراً مهماً جداً في توثيق عدّة من الرواة الذين لم يرد في حقهم توثيق خاص، أو لم تنطبق عليهم أيّ من التوثيقات العامة، وبالتالي ستكون جملة من الروايات ذات حجية؛ وذلك لوجود عدد من الرواة الذين سينطبق عليهم هذا العنوان، كالشيخ أحمد بن محمد ين يحيى العطار، وغيره الذين رووا الكثير من الروايات، ومصادرنا لا تخلو من أسمائهم.

٣. إنَّ لحسن الظاهر دور في إثبات العدالة، بل هو مثبت لها؛ وهذا ما يراه الشرع والعرف، وبالتالي عند ثبوته وعدم وجود ما يخالفه من القدح والتضعيف تثبت العدالة، وهذا ما نصّت عليه مجموعة من الروايات.

٤. مفاد قاعدة كبرى المعاريف أنَّه عند كون الراوي معروفاً ومشهوراً، ولم يرد فيه قدح ولو بطريق غير معتبر دليل على كونه حسن الظاهر، ومع كونه حسن الظاهر فإنَّ ذلك كاشف عن عدالته عرفاً وشرعاً، وبالتالي وثاقته.

٥. إنَّ لهذه القاعدة جذوراً عند علماء الخاصة والعامة، وتطورها وتنقيحها مستمر إلى أنْ وصلت إلى ما هي عليه الآن.

٦. استُدلَّ على هذه الكبرى بوجوه يمكن تقريبهم في التالي:

أ. عدم ظهور العيب في الشخصية المعروفة كونها محطاً للأنظار، موجب للاطمئنان بالوثاقة، والاطمئنان الناشئ من منشأ عقلائيٍّ حجَّة.

ب. معروفيَّة الراوي بين الطائفة بكونه من الأجلاء، وممَّن يروون عنه، وكونه من المشايخ مصداق واضح من مصاديق حسن الظاهر، ومع عدم المعارضة بالقدح والتضعيف يكون ذلك كاشفاً شرعياً عن العدالة فضلاً عن الوثاقة.

٧. استُدلَّ على عدم القبول بهذه الكبرى بعدَّة أمور منها:

أ. عدم ورود وبروز القدح بمعنى عدم ثبوت ضعفه فقط، وهو أعمُّ من الوثاقة المشروطة في حجيَّة الخبر.

ب. الكتب الموجودة ليس من اختصاصها ذكر المذمومين والضعفاء، فإنّ مجرد عدم ورود القدح لأحد المعاريف لا يدل على أنه كان حسن الظاهر ليُتوصّل إلى توثيقه.

٨. من الطرق التي تدل على معروفيَّة ومشهوريَّة الراوي ما يلي:

أ. رواية الأجلاء عنه.

ب. كثرة رواياته وروايته عن الرجال.

ج. كونه صاحب كتاب.

د. ذكر اسمه بالخصوص كشاهد.

هـ. مجموعة قرائن مع ضمها لبعضها البعض تفيد لنا كونه معروفاً.

٩. بعد ثبوت الصغرى على مجموعة من الرواة في التطبيقات وبالتالي شمولهم ودخولهم تحت عنوان القاعدة، ستدخل الكثير من الروايات في دائرة الحجية.

ثانياً: التوصيات:

١. أتمنّى لو يتمَّمَ ما تمَّ عرضه في هذا البحث، ويُكتب بشكل أوسع وأعمق لتحصل الفائدة الأكبر منه،

٢. حبّذا بعد توضيح معالم هذه القاعدة ولو بشكل إجمالي، أن تُطبّق ويُحصى عدد الرواة الذين يمكن إدخالهم دائرة التوثيق ببركتها،

٣. أتمنّى من القارئ الكريم أن يُرشدني إلى موارد النقص في هذا البحث، حتى تحصل الفائدة لنا جميعاً.

أخيراً لا يسعني غير الشكر لله تعالى والحمد والثناء عليه أن وفقني لإتمام هذا البحث، وأسأله الرضا عني والقبول مني، وصلَّى الله على محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.


([1]) الجوهري، أبو نصر، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، ج2، ص802.

([2]) الكهف: 82.

([3]) البقرة: 280.

([4]) الفراهيدي، الخليل، العين، ج2، ص121.

([5]) الجوهري، أبو نصر، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، ج4، ص1401.

([6]) الفراهيدي، الخليل، العين، ج2، ص38.

([7]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج4، ص246.

([8]) الأنصاري، جمال الدين ابن منظور، لسان العرب، ج11، ص430.

([9]) النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج13، ص288.

([10]) الموسوي العاملي، السيد محمد، مدارك الأحكام، ج5، ص245.

([11]) الخوئي، السيد أبو القاسم، منهاج الصالحين، ج2، ص15.

([12]) البحراني، الشيخ يوسف، الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة، ج10، ص27.

([13]) الغروي، الشهيد الشيخ ميرزا علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى تقريراً لأبحاث السيد الخوئي، ج1، ص236.

([14]) الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن الحسين، كتاب من لا يحضره الفقيه، ج3، ص38.

([15]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج18، ص298.

([16]) الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن الحسين، الخصال، ج1، ص3، الحديث6.

([17]) الحلي، العلامة الحسن بن يوسف بن المطهر، رجال العلامة الحلي، ص275.

([18]) الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن الحسين، كتاب من لا يحضره الفقيه، ج3، ص55.

([19]) الكليني، الشيخ محمد بن يعقوب، الكافي، ج3، ص605.

([20]) راجع: وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي، ج27، الباب 41 من أبواب كتاب الشهادات

([21]) القرطبي، ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ج1، ص28.

([22]) السخاوي، شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، ج2، ص20

([23]) السخاوي، شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن، فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، ج2، ص20.

([24]) المصدر نفسه.

([25]) البارفروشي المازندراني، الشيخ محمد حسن بن صفر، نتيجة المقال في علم الرجال، ص577.

([26]) المامقاني، الشيخ عبد الله، تنقيح المقال في علم الرجال، ج23، ص409.

([27]) البروجردي، السيد حسين، نهاية التقرير في مباحث الصلاة، ج3، ص232.

([28]) التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني العروة (كتاب الطهارة)، ج3، ص292.

([29]) الخباز، السيد منير، تقرير درس الفقه، 13/11/2016م.

([30]) شهيدي، الشيخ محمد تقي، تقرير درس الفقه، 11/7/1397هـ.ش، وتقرير درس الفقه، 21/10/1400هـ.ش (فارسي).

([31]) شب زنده دار، الشيخ محمد مهدي، تقرير درس الفقه، 20/1/1396هـ.ش، وتقرير درس الفقه، 26/4/1397هـ.ش (فارسي).

([32]) سويدان، الشيخ حسان، تقرير درس الفقه، 26/11/1435هـ.ق

([33]) الصددي، الشيخ علي فاضل، مجموع الرسائل الفقهية، ص564.

([34]) السيستاني، السيد محمد رضا، قبسات من علم الرجال، ج1، ص237.

([35]) التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني الحج، ج3، ص24.

([36]) الخباز، السيد منير، استفسار منشور، موقع المنير، تاريخ النشر 11/3/2014م، الرابط:

https://www.almoneer.org/index.php?act=qa&action=view&id=51

([37]) التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني الحج، ج3، ص24.

([38]) السيستاني، السيد محمد رضا، قبسات من علم الرجال، ج1، ص322.

([39]) المصدر نفسه، ج1، ص237.

([40]) التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني الحج، ج3، ص24.

([41]) الصددي، الشيخ علي فاضل، مجموع الرسائل الفقهية، ص324.

([42]) التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني العروة (كتاب الطهارة)، ج3، ص51.

([43]) المصدر نفسه، ج3، ص292.

([44]) سويدان، الشيخ حسان، تقرير درس الفقه، 26/11/1435هـ.ق

([45]) السيستاني، السيد محمد رضا، قبسات من علم الرجال، ج1، ص238.

([46]) التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني العروة (كتاب الطهارة)، ج5، ص52.

([47]) المصدر نفسه، ج5، ص187.

([48]) الخباز، السيد منير، تقرير درس الفقه، 13/11/2016م.

([49]) القهبائي، عناية الله، مجمع الرجال، ج1، ص251.

([50]) الخواجوئي، محمد اسماعيل بن الحسين، الفوائد الرجالية، ص247.

([51]) الطهراني، آقا بزرگ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج8، ص424.

([52]) النجاشي، أبو العباس، رجال النجاشي، ص79.

([53]) فهو ابن هارون ابن موسى التلعكبري الوجه، الثقة، المعتمد الذي لا يطعن عليه، الجليل القدر، العظيم المنزلة... (راجع معجم رجال الحديث،ج20، ص259).

([54]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج1، ص278.

([55]) المعلم، الشيخ محمد علي صالح، أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق تقريراً لبحث الشيخ مسلم الداوري، ج2، ص342.

([56]) المصدر نفسه،ص338.

([57]) تقدمت مناقشة طريقية كثرة الرواية عند ذكر الطريق الثاني، ص18.

([58]) المامقاني، الشيخ عبد الله، تنقيح المقال في علم الرجال، ج17، ص215.

([59]) النجاشي، أبو العباس، رجال النجاشي، ص42.

([60]) المامقاني، الشيخ عبد الله، تنقيح المقال في علم الرجال، ج22، ص131.

([61]) المامقاني، الشيخ عبد الله، تنقيح المقال في علم الرجال، ج23، ص155.

([62]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج7، ص189.

([63]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج7، ص280.

([64]) ابن الغضائري، أحمد بن الحسين، الرجال، ص69.

([65]) الحلي، العلامة الحسن بن يوسف بن المطهر، خلاصة الأقوال، ص360.

([66]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج10، ص351.

([67]) الطوسي، الشيخ محمد بن الحسن، إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، ج1، ص44.

([68]) السيستاني، السيد محمد رضا، قبسات من علم الرجال، ج1، ص600.

([69]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج12، ص168.

([70]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج13، ص151.

([71]) المعلم، الشيخ محمد علي صالح، أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق تقريراً لبحث الشيخ مسلم الداوري، ج2، ص397.

([72]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج14، ص178.

([73]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج15، ص30.

([74]) المصدر نفسه، ص52.

([75]) المصدر نفسه، ص125.

([76]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج16، ص97.

([77]) السيستاني، السيد محمد رضا، قبسات من علم الرجال، ج2، ص472.

([78]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج17، ص37.

([79]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج17، ص267.

([80]) الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج18، ص59.

([81]) تقدمت في الطريق الخامس، ص21.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا