
الملَّخص
يتعرَّض الكاتبُ في مقالتِه إلى دلالة الوكالة عن المعصومg على الوثاقة من عدمه، فبعدَ أنْ يذكرَ معنى الوكالة وثمرة البحث فيها، يتعرَّض إلى بعضِ الوكلاء الذين ورد فيهم ذمٌّ من المعصومg، ثمَّ في المبحث الثَّالث يذكر الأقوال الثلاثة في المسألة وبعض المناقشات الواردة، وفي المبحث الأخير يذكر الترجيح بين هذه الأقوال.
المقدَّمة
تنقسم التوثيقات في علم الرجال الإماميّ إلى قسمين: التوثيقات الخاصّة والتوثقات العامّة. فالأولى هي كلُّ توثيق لشخصٍ معيَّن أو أشخاصٍ معيَّنين، وأمَّا الثاني فهو كلُّ توثيق يكون تحت عنوان كلّي عام.
ولا يخفى على أحدٍ أنَّ الحالة النموذجيّة هي أن تكون كلُّ التوثيقات خاصّة وصريحة كشهادة المعصوم على وثاقة الراوي، أو إجماع الطَّائفة عليها، وألّا نحتاج أصلاً إلى التوثيقات العامّة التي تقوم غالباً بدور البديل للقسم الأوَّل.
لكن الحاجة إلى التوثيقات العامّة واقعيّة، فالشيعة مرُّوا منذ بداياتهم بظروف وأحوال صعبة اضطرّوا فيها إلى اللجوء إلى السريّة ككثير من الأقليّات الدينيّة قديماً وحديثاً، مضافاً إلى كونهم لم يحتاجوا فعلاً إلى علم الرجال إلّا لاحقاً بعد غيبة الإمامl كما هو معروف. ونتيجة لذلك وفي عصر تصنيف الكتب الرجالية المهمَّة للمتقدِّمين أصبح كثيرٌ من الرواة غير معلومين. وهذا خلاف ما حصل عند أهل السنة الذين كانوا يتمتَّعون بحريَّة أكبر، بل ودعم من السلطات، والحاصل أنّ كتبهم الرجاليّة أعمق بالتفاصيل والتوثيقات الخاصّة من غيرهم.
وفي بحثنا هذا، سوف نناقش دلالة الوكالة عن المعصومg على الوثاقة كتوثيق عام([1]) في علم الرِّجال الشيعي، وبالتَّالي السُّؤال المطروح هو: هل تدلُّ الوكالة عن المعصوم على وثاقة الرَّاوي؟
تعريف الوكالة
أمّا في اللغة فالوكالة: "مِنْ وَكَلْتُ الأمر إليه وكْلاً -من باب وعد-؛ أيْ فوّضته إليه، واكتفيت به. والوكالة -فتحاً وكسراً-: اسم من التوكيل، وهي مشتقَّة من وكَّل إليه الأمر، أي فوَّضه إليه، كما في مجمع البحرين. وفي المعجم الوسيط: الوكالة: أنَّ يعهد إلى غيره أن يعمل له عملاً"([2]).
وأمَّا في الاصطلاح فهي الوكالة عن الإمام المعصومg في الأمور الشخصية الخاصة أو العامة المالية أو الدينية.
والوكالة ظاهرة طبيعيّة، منتشرة وضروريّة في المجتمعات البشريّة لعدّة أسباب، فالشخص لا يمكنه أن يكون في أكثر من مكان في نفس الوقت، وقدراته ووقته محدودان في اليوم الواحد، فيضطرُّ إلى توكيل بعض أموره إلى أشخاص آخرين من الذين يضمن استطاعتهم وقدرتهم على فعلها. فعلى سبيل المثال الملك يوكِّل بعضَ أموره إلى أوليائه في أمصار مملكته، والمرأة قد توكِّل في بعض الأحيان شخصاً لإجراء عقد زواجها، وقد يوكّل شخص محامياً أو مستشاراً قانونياً لإجراء بعض أموره الإداريّة أو القانونيّة.
وهكذا كانت سيرة المعصومينi من أوّلهم إلى آخرهمi، فرسول اللهe كان يوكّل أشخاصاً لإدارة شؤون المدينة حينما كان يخرج منها، وكان يوكّل بعض الصحابة في مهمّات مختلفة، ومع انتشار الشيعة في جميع البقاع اعتاد الأئمةi تنصيب وكلاء - سواء أكانوا من نفس البلد أو أجانب عنها - في المناطق ذات الوجود الشيعي لاستلام الحقوق، أو للفُتيا، أو غيرها من المهمّات الأساسيّة للحياة الدينيّة والاجتماعيّة لمواليهم.
ويقع البحث في أربعة مباحث أساسيّة: ثمرة البحث، الوكلاء المذمومون، آراء العلماء في المسألة، ومن ثَمَّ مناقشتها.
المبحث الأوَّل: الثَّمرة العلمية من البحث
من المهمّ توضيح ثمرة البحث كي يتّضح الهدف العملي للمسألة، فنقول: من قال بدلالة الوكالة على الوثاقة فسوف يوثق كلَّ شخص وُصف أنّه وكيل([3]) بشرط ألَّا يرد دليل خاص يثبت عدم وثاقته، ومن قال بعدم دلالتها فلن يوثّق الوكيل بناءً على وكالته.
والثمرة تتَّضح في الأشخاص الذين وُصفوا أنَّهم وكلاء ولم يرد فيهم أيّ توثيق أو تضعيف أو أيَّة معلومة ذات أهميّة بالإطلاق غير كونهم وكلاء. ونعرض هنا مثالاً كي يتبيَّن المطلب.
مثال: يحيى بن أبي عمران الهمداني
ذُكر هكذا في بعض الكتب والأسانيد ويحيى بن عمران في بعضها الآخر بسقوط "أبي"، والظاهر أنّهما نفس الشخص. وقع في أسانيد بعض أحاديث الكافي، الفقيه، والتهذيب وغيرها من الكتب([4]). اكتفت الكتب الرجاليّة المتقدِّمة بذكر اسمه دون أيّة معلومة إضافيّة([5]).
نعم عرفنا أنَّه وكيل الإمام الجوادg من رواية في بصائر الدرجات: "روى الصَّفار، عن محمَّد بن عيسى، قال: حدَّثني إبراهيم بن محمَّد، قال: كان أبو جعفر محمَّد بن عليh كتب إليّ كتاباً، وأمرني أن لا أفكّه حتى يموت يحيى بن أبي عمران، وقال: فمكث الكتاب عندي سنين، فلمَّا كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن أبي عمران، فككت الكتاب فإذا فيه: >قم بما كان يقوم به< أو نحو هذا من الأمر. قال: وحدثني يحيى وإسحاق، ابنا سليمان بن داود: أنَّ إبراهيم قرأ هذا الكتاب في المقبرة يوم مات يحيى، وكان إبراهيم يقول: كنتُ لا أخاف الموت ما كان يحيى بن أبي عمران حياً"([6]).
والنتيجة هي أنَّ من اعتبر أنّ الوكالة كافية للتوثيق سيوثقه على هذا الأساس كما فعل المامقاني([7])، ومن رفض هذا التوثيق لن يوثقه على هذا الأساس كما ذهب إليه السيد الخوئي. طبعاً يبقى أنَّه من الممكن توثيقه بمعايير أخرى كوقوعه في بعض أسانيد تفسير القمي وغيرها من التوثيقات العامَّة عند من قبلها، لكنَّ هذا أمر آخر خارج عن بحثنا([8]).
المبحث الثَّاني: وكلاء الأئمة المذمومين
الإنسان من طبيعته يحبُّ السلطة، الوجاهة والمال، الأمر الذي يجرّ البعض إلى انحرافات عديدة بهدف الوصول إلى غاياتهم الدنيوية. وهذه الظاهرة تتضاعف في الشخص الذي له مكانة ومسؤوليّات اجتماعيّة، وتحت يدِه الأموالُ والأمانات خصوصاً إذا كان ضعيفاً أمام الدِّرهم والدينار وميّالاً إلى الطمع.
رأينا أنّه من المهمّ قبل طرح آراء العلماء أن نذكر بعض حالات الانحراف الأخلاقي والعقائدي لبعض وكلاء الأئمةi، فاخترنا أربع حالات على سبيل المثال لا الحصر كي تكون المسألة واضحة، وكي نفهم بشكل أوضح نقاشات العلماء حولها.
وكما سيتضح فإنَّ الكلامَ كلَّه يدور حول الوكالة ما بعد الإمام موسى الكاظمg فقبل عهده لم يعرف عن وكلاء الأئمةi في الأغلبً إلا الصَّلاح فلا حاجة في حالهم للبحث حول الوكالة كتوثيق عام كما أفاده السيِّد محمَّد جواد الشبيري الزنجاني في درسه([9]). أضف إلى ذلك أنَّ تطوُّر وتوسُّع مسألة الوكالة إنّما وقع في حياة الأئمة المتأخّرينi.
نعم توجد في سيرة الرسولe أمثلة لتوكيله بعض الأعمال والمسؤوليات لأناس نعلم حالهم كخالد بن الوليد والوليد بن عقبة مثلاً([10]) أو انتخاب بعض الناس كأولياء من قِبل الإمام علي أو الإمام الحسنi في زمان خلافتهم وقد خانوهما، لكن سياق وظروف ومعايير وطبيعة هذه التوكيلات والتنصيبات مختلفة اختلافاً جذريا على الصعيد الديني والاجتماعي والسياسي عن توكيلات الأئمة اللاحقينi، فالمقارنة والجمع بينهما في غير محلِّه.
1ـ الواقفة
الواقفة بالمعنى الأخصّ فرقة ظهرت بعد وفاة الإمام الكاظمg وتوقَّفت على إمامته([11]). ادّعت هذه الطائفة أنّه القائم وأنّه لم يمت بل أنّه في الغيبة، وكذّبوا من ادّعى الإمامة من بعده([12]). والمؤسِّسون لمذهب الواقفة هم جمع من وكلاء الإمام الكاظمg وعلى رأسهم عليُّ بن أبي حمزة البطائني، وزياد بن مروان القندي، وعثمان بن عيسى الرواسي([13]).
والسبب الأساسي في اتّخاذهم هذا الموقف هو العامل المالي؛ حيث أنّهم كانوا متولي أمور الشيعة في وقتِ حبسِ الإمام الكاظمg ومنها أخذ الحقوق المالية، فتوفيّ الإمام وبقيت عندهم مبالغ كثيرة، وهذا الأمر أوجد فيهم طمعاً فكان لا بدَّ لهم أن يضربوا بشرعية الإمام الرضاg كي يتسنَّى لهم الاحتفاظ بهذه الأموال فاختلقوا هذا المذهب([14]).
2ـ صالح بن محمَّد بن سهل الهمداني
من أصحاب الإمام محمَّد الجوادg، ذكرَه الطوسي في كتابه الغيبة من ضمن الوكلاء المذمومين ونقل الرواية التالية:
"فروى علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفر الثانيg إذ دخل عليه صالح بن محمَّد بن سهل الهمداني، وكان يتولَّى له فقال له: جعلتُ فداك، اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلٍّ فإنّي أنفقتها، فقال له أبو جعفر: >أنت في حلٍّ<، فلمَّا خرج صالح من عنده، قال أبو جعفرg: >أحدهم يثب على أموال حق[بيت] آل محمَّد وفقرائهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه، ثم يقول: اجعلني في حلّ أتراه ظن [بي] أنّي أقول له لا أفعل، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا."([15]).
أقول: إنْ صحَّت الرواية، فصالح بن محمَّد بن سهل الهمداني هذا أفضل من جهة من غيره من السرَّاق والفاسدين كالذين سنذكرهم في هذا الباب؛ فصالح هذا أتى إلى الإمامg معترفاً وطالباً العفو، لكن يبقى عمله شنيعاً، قبيحاً وخادشاً لأمانته ووثاقته، لأنه خان إمامه وخان الناس
وقد يفهم من ذيل الرواية أنَّ الإمام وإنْ جعله في حلٍّ من أمره -لأنّهمi ليست من عادتهم عدم قبول طلب أحد ما، أو لوجود مصالح وحِكم أخرى([16])- لكن يبقى أنَّ عملَه مستحقّاٌ للعذاب الأخروي أو المؤاخذة الإلهية يوم القيامة.
وهذه الرواية مهمّة جداً لموضوعنا كما سيتَّضح في البحث الآتي؛ فبعض من قال بقبول الوكالة كعلامة أو دليل للوثاقة مطلقاً قالوا بأنَّ الأئمةi كانوا يعزلون أيَّ شخصٍ غيرَ أمينٍ من الوكالة، ولكن هذه الرواية تثبت خلاف ادّعائهم.
3ـ فارس بن حاتم القزويني
لم ينصّ علماءُ الرِّجال المتقدّمين في كتبهم الرجاليّة حسب اطلاعنا بصراحة أنَّ فارس بن حاتم كان من وكلاء الإمام علي الهاديg لكن يُفهم ذلك بعدَّة أمور:
أولا: ذكرَه الطوسي في قائمة وكلاء الأئمة المذمومين في كتابه الغيبة([17]).
ثانيا: الرِّويات التي أوردها الكشّي في رجاله واضحة المضمون بأنَّ فارس بن حاتم كان من وكلاء الإمام، فمثلاً خلافُه مع الوكيل عليّ بن جعفر الهماني، أو سؤال أهل الجبال عن جواز الرجوع إليه، أو سرقته لأموال كان عليه أن يوصلها إلى الإمامg، أو وصفه بالخائن وهو أمر يشير إلى تولّيه مسؤوليات من قبل الإمامg ([18]).
انحرافه:
فارس بن حاتم هذا -كما يشير لقبه- قزويني الأصل، وقزوين مدينة في شمال بلاد فارس (منطقة كانت معروفة بالجبال وكان فيها وجود شيعي معتبر) إلّا أنّه كان يسكن العسكر؛ أي سامرّاء([19]). فالظاهر أنَّه كان يتواجد فيها كونها محلّ مسكن الإمامg وبصفته وكيلاً له، لكنَّ عمله كان متعلِّقا بأهل الجبل؛ حيث كانوا يرسلون له الأموال كي يوصلها إلى الإمامg، فهو كان كالواسطة. ومن المحتمل أيضاً أنّه كان يتنقل بين المنطقتين([20]). وهذه سياسة طبيعيّة عند العقلاء حيث إنَّ كلَّ قومٍ يثقون ويسكنون إلى من هو من الانتماء المناطقي نفسه.
وأخيرا هذا ما يمكن أن نستخلصه من رجال الكشّي([21]):
كان فارس بن حاتم وكيلاً إلى أن لاحت حوله اتّهامات السرقة أوّلاً، وعلامات الانحراف لاحقاً([22]). فإحدى الروايات مثلاً تخبرنا أنَّ قضية أصل خيانته هي أنَّ أحد الجبليين كتب يستفسر عن هدايا ثمينة وكثيرة قد أرسلها عبر فارس بن حاتم إلى الإمام الهاديg فأجيب بعدم وصول شيء إلى الإمامg([23])! وتوجد رواية أخرى تشعر بعزل فارس بن حاتم عن الوكالة، حيث كتب رجل جبليّ إلى الإمامg قائلا: أنّه يوجد خلاف بين فارس بن حاتم وعلي بن جعفر الهماني -والاثنان جبليّان، وكانا وكيلين معتبرين في المنطقة- ووقع بينهما الخلاف والناس حيارى، فأمرَه الإمامg باتباع علي بن جعفر وترك فارس بن حاتم([24]).
قتله:
مع أنَّ الإمامg كان يتبرأ منه فارس ويأمر الشيعة بذلك إلّا أنّه كان يأمرهم أيضاً بعدم إفشاء الأمر بذلك علانيةً([25]) ولعلَّ السَّبب هو أنّه كان يخاف أذى أو استغلال السلطة لهذا الصراع الداخلي. فالمرحلة الأولى كانت عزلُه من الوكالة وتحذير شيعة الجبل من فارس بن حاتم وأمرهم بلعنِه وتكذيبه والتبري منه ومقاطعته([26]).
وكما يشير لذلك الباحث ادموند هايس فإنّ الرسائل من هذا النَّوع تكاثرت من قِبل الإمام الهاديg، وهذا الأمر قد يشير إلى أنَّ فارس بن حاتم كانت له شعبيّة وتأييد في منطقته الأصليّة([27])، فاضطرّ الإمامg لإرسال عدّة رسائل شديدة اللّهجة.
ولكن بعد ذلك انتقل الإمام الهاديg إلى المرحلة الثانية، وأمر بقتل فارس بن حاتم حسب ما أورده الكشّي عن الموضوع:
"حدّثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدّثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمّي، قال: حدّثني محمَّد بن عيسى بن عبيد، أنَّ أبا الحسن العسكريg(والمقصود الإمام الهاديg) أمر بقتل فارس بن حاتم القزويني وضمن لمن قتله الجنّة فقتله جنيد. وكان فارسُ فتَّانا يفتن الناس، ويدعو إلى البدعة، فخرج من أبي الحسنg: >هذا فارس¬ يعمل من قِبَلي فتّانا، داعيا إلى البدعة، ودمُه هَدَرٌ لكلِّ من قتله، فمن هذا الذي يريحني منه ويقتله، وأنا ضامن له على الله الجنَّة<.
4ـ عروة بن يحيى الدّهقان
اتُّهم عروة بن يحيى الدهقان بالغلو([29]). والظَّاهر ممَّا أورده الكشّي أنَّه كان من وكلاء الإمام الحسن العسكريg، سرق من أموال الحقوق وحرق الباقي فلعنه الإمام، ودعا عليه وحذَّر الشيعة منه، قالg: >.. وقد علمتم ما كان من أمر الدهقان(لعنة الله عليه ) وخدمته وطول صحبته، فأبدلَه اللهُ بالإيمانِ كفراً حين فعل ما فعل، فعاجلَه اللهُ بالنقمة ولا يمهله، والحمد لله لا شريك له، وصلى الله على محمَّد وآله وسلم<([30]).
وروى الكشي أيضاً عن "محمَّد بن قولويه الجمّال، عن محمَّد بن موسى الهمداني: أنَّ عروة بن يحيى البغدادي المعروف بالدّهقان¬ -وكان يكذب على أبي الحسن علي بن محمَّد بن الرِّضاg وعلى أبي محمَّد الحسن بن عليg بعده-، وكان يقطع أموالَه لنفسِه دونَه، ويكذب عليه، حتى لعنه أبو محمَّدg وأمر شيعته بلعنه، والدُّعاء عليه لقطع الأموال¬، قال علي بن سلمان بن رشيد العطَّار البغدادي: فلعنه أبو محمَّدg، وذلك أنّه كانت لأبي محمَّدg خزانة، وكان يليها أبو علي بن راشد(J)، فسلَّمت إلى عروة، فأخذ منها لنفسه ثمَّ أحرق باقي ما فيها، يغايظ بذلك أبا محمَّدg فلعنه وبرئ منه ودعا عليه، فما أمهل يومه ذلك وليلته حتى قبضه الله إلى النار. فقالg: >جلست لربي ليلتي هذه كذا وكذا جلسة فما انفجر عمود الصبح ولا انطفى ذلك النَّار حتى قتل الله عدوَّه لعنه الله<([31]).
المبحث الثَّالث: آراء العلماء في المسألة
كان الوكلاء على قسمين: وكلاء لهم الممثليّة العامّة المطلقة عن الإمام كما هو الحال في السُّفراء الأربعة في الغيبة، ولا نقاش في هذا القسم؛ حيث إنّه واضح الدلالة على العدالة والوثاقة، بل على سموّ المنزلة والشأن الرفيع. أمّا القسم الثَّاني فهو يتمثَّل في الوكلاء الذين كانت لهم الممثليّة الخاصّة في مجالات معيّنة. وهذا القسم هو مورد نقاش العلماء([32]).
واختلف العلماء في المسألة إلى ثلاثة أقوال: القبول بالوكالة كدليل على الوثاقة مطلقاً، رفضها كدليل مطلقاً، والتّفصيل في المسألة، ونحن نطرح هنا أهمّ ما قيل في البحث بما يتسع له المجال.
القول الأوَّل: دلالة الوكالة على الوثاقة مطلقا
ذهب بعضُ العلماء إلى اعتبار الوكالة من قِبل المعصومg علامة ودليلاً لتوثيق الوكيل، بشرط أن لا يرد دليل خاصٌّ فيه بخلاف ذلك. اشتهر الشيخ عبد الله المامقاني بهذا القول حيث قال: "فإنّه من أقوى أمارات المدح بل الوثاقة والعدالة؛ لأنَّ من الممتنع عادة جعلهمi غير العدل وكيلاً، سيَّما إذا كان وكيلا على الزكوات ونحوها من حقوق اللّه تعالى..، نعم، من غيَّروه عن الوكالة وهم معروفون لا يعتمد عليهم..، وبالجملة فالأصل في الوكالة عنهم الثِّقة، بل ما فوقها، فيحتجُّ بها عليها الى أن يثبت الخلاف"([33]).
وذهب إلى هذا الرأي الشيخ الوحيد البهبهاني([34]) والشيخ محمَّد باقر الإيرواني([35]) والشيخ محمَّد طالب يحيى آل الفقيه([36]) وغيرهم([37]) بل نُسب لمشهور المتقدِّمين([38]).
واستدلَّ بعضُ المؤيِّدين لهذا القول بالآية القرآنية {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}(سورة هود: 113)، فقالوا: إنَّ الآية تنهى عن الركون إلى الظالمين، وتوكيلُ غيرِ العادل أو غير الثِّقة ركونٌ إلى الظالمين وهو حرام، والمعصومg لا يفعل الحرام([39]).
واستدلُّوا أيضاً برواية وردت في الكافي: "علي بن محمَّد عن الحسن بن عبد الحميد قال: شككتُ في أمرِ حاجز(اسم الوكيل)، فجمعت شيئاً ثمَّ صرتُ إلى العسكر فخرج إليَ:ّ >ليس فينا شكٌّ، ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا، ردّ ما معك إلى حاجز بن يزيد<"([40])
وردّ هذا الاستدلال السيد أبو القاسم الخوئي قائلاً: "بأنَّ الرِّواية ضعيفةٌ لجهالةِ الحسن بن عبد الحميد([41]) وأنَّ العبارة >يقوم مقامنا بأمرِنا<، تدلُّ على أنَّ المرادَ هنا هو خصوصُ سفرائِهم ونوَّابهم العامِّين فقط([42]).
وبعض أدلَّتِهم الأخرى سيتَّضح في القسم الآتي.
القول الثَّاني: عدم دلالة الوكالة مطلقاً على الوثاقة
ذهب قسمٌ آخر من العلماء إلى أنَّ الوكالة لا تدلُّ على التَّوثيق، ذهب إلى هذا القول السيد أبو القاسم الخوئي([43]) والشيخ عبدالنبي الجزائري([44]).
يتكوَّن الاستدلال الأساسي للسيّد الخوئي من مرحلتين، فهو:
أولاً: ينفي التلازم بين الوكالة والعدالة قائلاً أنّه يجوز توكيل حتى الفاسق -مع شرط كونِه أميناً إذا كانت الوكالة في الأمور المالية- وأنَّ حالات انحراف بعض وكلاء الأئمةi تدلُّ على إمكانيَّة الانفكاك بينهما،
وثانياً: ينفي التلازم بين الوكالة والوثاقة بردِّ الأدلة التي استخدمت لإثباتِه ومرَّ الكلام بها كرواية الكافي في أمرِ حاجز بن يزيد.
يقول السيد الخوئي والكلام هنا عن المرحلة الأولى:
"أقول: الوكالة لا تستلزم العدالة، ويجوز توكيل الفاسق إجماعا وبلا إشكال، غاية الأمر أنَّ العقلاء لا يوكِّلون في الأمور الماليّة خارجاً من لا يوثق بأمانته، وأين هذا من اعتبار العدالة في الوكيل؟ وأمَّا النَّهي عن الرُّكون إلى الظالم فهو أجنبي عن التوكيل فيما يرجع إلى أمور الموكّل نفسه. هذا وقد ذكر الشيخ في كتاب الغيبة عدَّةً من المذمومين من وكلاء الأئمةi، فإذا كانت الوكالة تلزمها العدالة، فكيف يمكن انفكاكها عنها في مورد؟ وبعبارة أخرى: إذا ثبت في مورد أنَّ وكيل الإمامg لم يكن عادلاً كشف ذلك عن عدم الملازمة، وإلّا فكيف يمكن تخلُّف اللّازم عن الملزوم. وبهذا يظهر بطلان ما قيل: من أنَّه إذا ثبتت الوكالة في موردٍ أخذ بلازمها وهو العدالة حتى يثبت خلافه"([45]).
وقد يقال ردّاً على هذا الكلام: أنّه لم يدّعِ أحدٌ الملازمة العقلية بين الوكالة والعدالة أو الوثاقة كي يقال: أنّ موارد انفكاكهم تثبت عدم الملازمة! بل قيل: إنّها عادة عقلائيّة التزم بها المتشرّعة وأصبحت عرفاً عندهم.
قال الشيخ مسلم الداوري: "فلا يمكن أن يولِّي الإمامg أحداً على ناحية من النواحي، أو في أمرٍ ديني أو نحو ذلك، وهو غير ثقة، وذلك للدليل العقلي، لكن لا من حيث الملازمة العقلية، بل من حيث الملازمة العادية؛ أي بمقتضى السيرة العرفيّة، وعادة العقلاء"([46]).
وقال الشيخ محمَّد طالب يحيى آل الفقيه: "إنَّ الملازمة العقليّة بين الوكالة والوثاقة ممّا لا يمكن الذهاب إليه، إلا أنَّ الملازمة فيما نحن فيه عاديّة عقلائيّة لما بيّناه"([47]).
ويقرِّب الشيخ الإيرواني الاستدلال بقوله: "السيرة العقلائيّة قد جرت على عدم توكيل شخص في قضيّة معينّة إذا لم يحصل الوثوق الكامل بصدقه وعدم تعمّده للكذب، وجرِّب ذلك من نفسك تجد صدق ما نقول"([48]).
وهذا الكلام وجيه؛ لأنَّه من البعيد جداً أن يوكِّل عاقلٌ شخصاً بوظيفة أو مهمَّة وهو غير ناظر إلى كون هذا الشخص ثقة أم لا، وينظر إلى أمانته!! بل قد يُقال: إنَّ الأمانة فرع الوثاقة. فعلى سبيل المثال كيف أُوكِّل شخصاً لبيع كتبي إن لم أضمن أنّه صادق ثقة يأتي لي بجميع المال ويصدق في قوله أنَّه باع فقط نصف الكتب؟ والنتيجة أنّه من المستبعد جداً أن لا يكون الأصلُ عند الأئمة^ اشتراط الوثاقة في وكلائهم.
أضف إلى ذلك أنَّ للأئمةi صورة مقدَّسة عند مواليهم، ومن الممكن أن يعتبر بعض الشيعة -على الأقلّ عوامهم- أنَّ شخصاً شرب من سؤر الإمام أو رُؤيَ ماشياً معه قليلاً أنّه من الفضلاء العظام الثقات المقرَّبين القريبين. وأعني بهذا الكلام أنّه توجد عملياً في إدراك العقل الشيعي نتائج يستنتجها من العلاقة (ولو البسيطة جداً) بين شخصٍ ما والإمام، فكيف لو وكَّل الإمامُ شخصاً واختاره من بين جمع من الشيعة في منطقته؟ أليس حينئذٍ الإمام مسؤول عن اختيار شخص صادق وثقة؟
ومن الأمور التي اُستدلَّ بها لعدمِ اعتبار دلالة الوكالة على الوثاقة وجودُ حالاتِ انحراف وذمّ لبعض وكلائهم كما هو واضح في كلام السيد الخوئي.
وقد رُدّ على هذا القول: بأنَّ الانحراف وقع بعد منحهم الوكالة، فحينما وُكلوا كانوا على استقامة، وأنَّهم عُزلوا من بعد([49]).
يُلاحظ على هذا الردّ أمران:
- ماذا نفعل بالرواية التي أوردناها عن صالح بن محمَّد بن سهل الهمداني، وهو لم يُعزل وبقي وكيلاً للإمام؟
- قد يُجبر الإمام -لعدَّة أسباب- أن لا يعزل وكيلاً منحرفاً. فعزل شخص عن الوكالة أمرٌ صعبٌ قد يكون فيه تبعات خطيرة لا بدَّ أن تُلاحظ من قِبل الموكِل ذات المنصب الديني الكبير في المجتمع، سواء كان إماماً معصوماً أو غيره، وكشاهد عملي نورد ما قاله السيد محمَّد رضا السيستاني نجل المرجع الأعلى: "ولكنَّ الإنصاف أنَّه لا سبيل إلى الاطمئنان بتمامية البيان المذكور، ولا سيَّما مع ما يُلاحظ من أنَّ الأئمّة كانوا يعيشون في ظروف صعبة يضطرّون بسببها إلى الإبقاء على وكالة بعض الخائنين، كما هو الحال بالنسبة إلى مراجع التقليد في هذا الزَّمان، فليتأمَّل([50])".
ولكن قد يقال بأنَّ الظاهر أنّ أغلب حالات تنصيب الوكلاء أو إبقائهم لم تكن من هذا نوع-أي قهريّة-، فيبقى الأصل في الوكالة الدلالة على الوثاقة.
القول الثَّالث: القول بالتَّفصيل
ذهب البعضُ إلى القول بالتّفصيل في المسألة، والمراد أنّه لا بدَّ من النَّظر في نوع الوكالة المُعطاة من قِبل الأئمةi كلاً على حدة، وأنَّه هل يستفاد منها الوثاقة أم لا؟ وهذا القول يمكن اعتباره محاولةً للإجابة عن جميع الإشكالات التي وردت في الرأيين السابقين. وقد اختلف القائلون بهذا الرأي حول المعيار الذي يفصل بين الوكالة الدالة على الوثاقة وبين غيرها.
فذهب الشيخ مسلم الداوري إلى أنّ الوكالة إذا كانت عامّةً أو كانت في الشؤون الدينيّة، فهي حينئذٍ تدلُّ على الوثاقة دون الوكالة في الشؤون الخاصّة([51]).
وذهب الشيخ جعفر السبحاني إلى عدم الملازمة بين الوكالة والعدالة والوثاقة والضبط إلا إذا كان الشخص قديماً في منصب الوكالة ولم يعرف منه سوء. يقول: "إذا كان الرُّجل وكيلاً من جانب الإمام طيلة سنوات، ولم يرد فيه ذمٌّ يمكن أنْ تكون قرينة على وثاقته وثبات قدمه؛ إذ من البعيد أنْ يكونَ الكاذبُ وكيلاً من جانب الإمام عدَّة سنوات ولا يظهر كذبُه للإمام فيعزله"([52]).
وذهب السيد محمَّد حسين الجلالي إلى أنَّ الوكالة العامَّة هي التي تفيد الوثاقة دون الماليّة، وذهب السيد حسن الصدر إلى عدم دلالة الوكالة على شيء إلا إذا كانت في جهة تؤخذ فيها العدالة ولعلًّ مراده القضاء والإفتاء وغيرها من الأمثلة([53]).
المبحث الرَّابع: مناقشة الآراء
القول الثاني -وهو عدم دلالة الوكالة على الوثاقة مطلقا- في رأينا المتواضع غيرُ صائب وإن كان قوياً ويحمل في طياته إشكالات مهمَّة على القول الأوّل. ومن الواضح من كلام السيّد الخوئي أنَّ منشأ رفضه للدلالة هو وجود وكلاء منحرفين كاذبين فاسدين سارقين لأموال غيرهم، ولا شكَّ في أنَّ هذه الصفات لا تجتمع مع الوثاقة.
والسيّد الخوئيS ملتفت إلى أمرٍ مهم. وهو أنّه تارةً يكون الانحراف بعد فترة من تعيين الشَّخص كوكيل، أي أنّه عُيّن وهو مستقيم ومن ثَمّ غرّته الأموال والشهوات فضلّ. لكن تارةً أخرى يوجد وكيل هو حين تعيينه في داخله إنسان غير أمين ولا ثقة إلا أنَّ هذا الأمر لم يظهر قطُّ حتى أصبح وكيلاً وجعلت الأموال تحت يديه، فهذا الانحراف في هذه الحالة إنَّما هو كاشفٌ عن عدم وثاقته من قبْلِ التنصيب. هكذا فهمنا كلام سيدنا الخوئيS.
لكن قد يقال بأنَّ هذا الموقف فيه مبالغة شديدة وذلك لأسباب:
أوّلاً: لأنَّ عدد المنحرفين المذمومين بين جميع الوكلاء هو عدد محدود لو قورن مع السواد الأعظم من الوكلاء الذين كانوا ثقاةً.
ثانياً: إنَّ اعتبارَ الوثاقة في تعيين الوكيل يعدُّ بلا شكٍّ من السيرة العقلائيّة وإلّا لما استقامت مصالح الناس قط!
وأمّا القول بالتفصيل فهو قول جيّد وحسن جداً نظريّاً؛ حيثُ إنّه يقوم بعرض موقفٍ متوازن بين الرأيين، وفيه حلول لعدَّة إشكالات عُرضت عليهما. لكن في مقام العمل لا نرى ثمرةً واضحة لهذا الرأي؛ حيث إنَّه يتطلَّب لتطبيقه معلومات كافية حول كلِّ وكيل في كتبنا كي تُعرف تفاصيل ونوع وكالته، وحسب تتبعنا فإنَّ أكثر من وُصفوا بأنّهم وكلاء لم يرد فيهم هذه التَّفاصيل! ومن المعلوم -كما قلناه- حينما تكلَّمنا عن ثمرةِ البحث أنَّ موضوعَ دلالة الوكالة على الوثاقة إنَّما تتَّضح فائدتُه في الوكلاء الذين لم يردْ أيُّ شيءٍ فيهم على الإطلاق في الرِّوايات أو الكتب الرجالية غيرَ أنَّهم "وكلاء"، فكيف نفصِّل فيهم؟
فيتَّضح من هذا الكلام كلِّه أنَّ أقوى رأي عملي هو الرأي الأوَّل؛ أيْ القول بأنَّ الوكالة تدلُّ مطلقاً على وثاقة الوكيل إن لم يرد دليل خاص بخلاف ذلك. فحينما يعيّن الإمام وكيلاً كي يفتي أو يقضي أو يستلم الأموال أو يوصل الرسائل، أو غيرها من الوكالات العامَّة فمن الواضح أنَّه ينتخب أناساً ثقاةً أصحابَ استقامةٍ حين توكيلِهم، على الأقلِّ حسب ظاهرهم والأمور لا تُدار إلا بالظواهر. نعم لو وكّل الإمام شخصاً لمهمَّة خاصَّة شخصيّة محضة كجعله بوَّاباً على بابه، أو خادماً في بيته، أو وكَّله بشراء جارية كما كان الحال كثيراً، أقول من الأكيد أنَّ هذه التوكيلات لا تستدعي الوثاقة. والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
([1]) أدرجها أغلبيةُ العلماء الذين اطلعنا على آرائهم في التوثيقات العامّة باستثناء الشيخ محمّد باقر الايرواني الذي اعتبرها من التوثيقات الخاصّة، ويمكن اعتبارها كذلك بلحاظ مختلف كما إذا لحظنا أنّ تعيين أو وصف شخص معيَّن كوكيل هل يفيد توثيقه أم لا؟ فاللحاظ هنا ليس حول كلية الوكالة بل الوكالة كوصف خاص لهذا الشخص. ونحن في بحثنا ذهبنا إلى أنّ الوكالة من التوثيقات العامّة بلحاظ اعتبارها كذلك أوضح وأنسب.
([2]) موسوعة أحکام الأطفال وأدلتها، جمعٌ من المحققين في اللجنة الفقهية، ج٦، ص417.
([3]) حينما يُطلق لفظ الوكيل على شخص في الكتب الرجالية في الأوساط الشيعية فمعناه وكيل للأئمة، لا لغيرهم كبني أمية، عُرف ذلك بقرائن عدة وبالعرف الشيعي، راجع: مقباس الهداية في علم الدراية، المامقاني، ج2، ص259.
([4]) معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، السيد الخوئي، ج21، ص29.
([5]) نعم ذكر الشيخ الطوسي في رجاله أنّه كان يونسي (أي من تلاميذ يونس بن عبد الرحمان) راجع: رجال الطوسي، في هامش ص369.
([6]) معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، السيد الخوئي، ج21، ص29.
([7]) تنقيح المقال في أحوال الرجال، المامقاني، ج3، ص308، ترجمة 12974.
([8]) يقول السَّيد الخوئي: "أقول: هذه الرِّواية تدلُّ على أنَّ يحيى بن أبي عمران كان من وكلاء أبي جعفرg، وأنَّه مات في حياته، وقد يستدلُّ بهذا على وثاقته. ولكن ذكرنا غير مرَّة أنَّ الوكالة لا تلازم الوثاقة. نعم، وقع في إسناد تفسير عليِّ بن إبراهيم، روى عن يونس، وروى عنه إبراهيم بن هاشم. سورة البقرة، في تفسير قوله تعالى: {ذٰلِكَ اَلْكِتٰابُ لاٰ رَيْبَ فِيهِ}. فهو ثقة، على ما التزمنا به." معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، ج21، ص28.
([9]) قال(باللغة الفارسية): "اين بحث توثيق عام با عنوان وکالت در زمان وکلای إمام کاظم به بعد ثمره دارد، چرا که وکلای ائمه قبل معروف به وثاقت وجلالت هستند ونيازی به توثيق عام وکالت ندارند". درس رجال، السيد جواد شبيری 68، موقع مدرسه فقاهت.
([10]) الإمام الرضا وفتنة الواقفة، الشيخ محمَّد صنقور، موقع حوزة الهدى للدراسات الاسلامية.
([11]) بحوث في الملل والنّحل، السبحاني، ج8، ص379.
([12]) الإمام الرضا وفتنة الواقفة، الشيخ محمَّد صنقور، موقع حوزة الهدى للدراسات الاسلامية.
([13]) كتاب الغيبة، الطوسي،ص352.
([14]) الإمام الرضا وفتنة الواقفة، الشيخ محمَّد صنقور، موقع حوزة الهدى للدراسات الاسلامية.
([15]) كتاب الغيبة، الطوسي، ص351-352، ورواها الكليني في الكافي، ج1، ص548
([16]) تكلَّم السيد محمَّد جواد الشبيري الزنجاني في بحثه عن هذه الرِّواية وقال إنَّ بحث إمكان عدم الوثاقة شيء وبحث الخيانة شيء آخر، وهذه الرواية تفيد أنَّ صالحاً كان خائناً للإمام ولكن لم يُعزل. ومن ثمَّ قال: إنّه يوجد مخرجين للرواية: الأوَّل أن نقول إنَّه عُزل، وهذا بعيد لأنَّه دون دليل وخلاف الظاهر، والثاني أن نقول بوجود مصالح أهم كالخوف من أن يفشي ببعض الأسرار بعد عزله. راجع: درس رجال67، السيد جواد الشبيري، موقع مدرسه فقاهت.
([17]) كتاب الغيبة، الطوسي، ص352-353.
([18]) اختيار معرفة الرجال، الكشّي، ج2، ص806-810.
([19]) رجال النجاشي، ص310.
([20]) نمايندگان ائمهi در إيران(از عصر امام صادق عليه السلام تا پايان غيبت صغری)، جباري، محمد رضا.
([21]) اختيار معرفة الرجال، الكشي، ج2، ص806-810.
([22]) وصفه الطوسي بأنَّه غالي، راجع: كتاب الغيبة، ص390.
وأكثر من رواية في رجال الكشّي تشير إلى ذلك، راجع الروايات رقم 1004، 1005، 1006، 1007، 1009 في اختيار معرفة الرجال، ج2، ص806-810.
([23]) اختيار معرفة الرجال، ج2، ص808.
([24]) في رجال الكشي: "كتبتُ إليه: جعلتُ فداك، قبلنا أشياء يحكى عن فارس، والخلاف بينه وبين علي بن جعفر، حتى صار يبرء بعضُهم من بعض، فإن رأيتَ أن تمنَّ عليَّ بما عندك فيهما وأيّهما يتولَّى حوائجي قبلك، حتى لا أعدوه إلى غيره فقد احتجت إلى ذلك، فعلتَ متفضلاً إن شاء الله. فكتبg: >ليس عن مثل هذا يسأل ولا في مثله يشك، قد عظَّم اللهُ قدرَ عليِّ بن جعفر، منعنا الله تعالى عن أن يقاس إليه. فاقصد عليَّ بن جعفر بحوائجك، واجتنبوا فارساً، وامتنعوا من إدخاله في شيءٍ من أموركم أو حوائجكم، تفعل ذلك أنتَ ومن أطاعَك من أهل بلادِك، فإنَّه قد بلغني ما تموه به على الناس، فلا تلتفتوا إليه إن شاء الله"، المصدر نفسه، ص807.
([25]) فعنهg: "لكن صونوا أَنفسكم عن الخوض والكلام في ذلك" المصدر السابق، ص806، وجاء في ص808: "ولا تتجاوز بذلك إلى غيرهم من المخالفين".
([26]) على سبيل المثال لا الحصر: "لا تحفلنَّ به وإن أتاك فاستخفَّ به"، و"كذِّبوه، وهتِّكوه، أبعدَه اللهُ وأخزاه، فهو كاذبٌ في جميعِ ما يدَّعي ويصف"، المصدر السابق، ص806.
([27]) Hayes, Edmund, “Smash His Head with a Rock”: Imāmic Excommunications and the Production of Deviance in Late Ninth-Century Imāmī Shīʿism, Al-Masāq, page 8.
([28]) اختيار معرفة الرجال، الكشي، ج2، ص807-808.
ونقل الكليني بسند صحيح في كتابه الكافي الحديث التالي: "الحسين بن محمد الأشعري قال: كان يرد كتاب أبي محمدg في الإجراء على الجنيد قاتل فارس، وأبي الحسن وآخر، فلمَّا مضى أبو محمدg ورد استئناف من الصاحب لإجراء أبي الحسن وصاحبه ولم يرد في أمر الجنيد بشيء، قال: فاغتممتُ لذلك، فورد نعي الجنيد بعد ذلك". الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1 ص524.
يقول المجلسي: "والإجراء: التوظيف والإنفاق المستمر، وفي الحديث: الأرزاق جارية؛ أي دارَّة مستمرِّة، واغتمامُه إمَّا لظنِّ موتِه بذلك، أو لوهمِ عدولِه عن الحقِّ كما مرَّ أنَّهg قطع عمَّن لم يقل بالولد". مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج6، ص198-199.
ويستنبط ادموند هايس من هذه الرواية ناقلاً القول عن حسين المدرسي أنَّ جنيداً كان يستلم نفقة مدى الحياة من الإمام لقتله فارساً، وهذا الكلام مع أنَّه ليس مصرحاً به بشكل واضح في الرواية لكن فيه وجه قوي.
Hayes, Edmund, “Smash His Head with a Rock”: Imāmic Excommunications and the Production of Deviance in Late Ninth-Century Imāmī Shīʿism, Al-Masāq, page 12.
([29]) رجال الطوسي، ص389.
([30]) اختيار معرفة الرجال، الكشي، ج2، ص816-817.
([31]) المصدر نفسه، ص842-843.
([32]) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية، الإيرواني، ص152.
([33]) مقباس الهداية في علم الدراية، المامقاني، ج2، ص258-259.
([34]) المصدر نفسه، ص259.
([35]) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية، الإيرواني، ص153-154.
([36]) سدرة الكمال في علم الرجال، محمد طالب آل فقيه، ص38.
([37]) بررسی مسئله وکالت امام در توثيقات عامّ رجالی، معارف، مجيد ودولت، محمد علي، ص14.
([38]) سدرة الكمال في علم الرجال، محمد طالب آل فقيه، ص35.
([39]) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية، الإيرواني، ص153-154.
([40]) الكافي، الكليني، ج1، ص521.
([41]) ولازمُ كلامِه كما فهمناه: كيف يُستند برواية ضعيفة السند لتأسيس قاعدة رجالية؟
وقال الشيخ محمَّد طالب يحيى آل الفقيه: "ويمكن أن يجاب عن الخبر بسقوطه السندي من جهة الحسن بن عبد الحميد؛ فإنَّه لا أثر له في كلِّ تراثنا أبداً، ولم يترجمه أحد من المتقدِّمين أو المتأخرين، فإنَّ كلَّ ما روي عنه هو هذا الخبر خاصَّة مع مجهولية حالِه، وعليه يسقط الخبر عن الاعتبار." سدرة الكمال في علم الرجال، ص36.
([42]) معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، الخوئي، ج1، ص72.
([43]) المصدر نفسه، 71-72.
([44]) مقباس الهداية في علم الدراية، المامقاني، ج2، ص259.
([45]) معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، الخوئي، ج1، ص71-72.
([46]) أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، الداوري، ص485.
([47]) سدرة الكمال في علم الرجال، ص38.
([48]) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية، ص153.
([49]) المصدر السابق.
([50]) انظر: منطق النقد السندي: بحوث في قواعد الرجال والجرح والتعديل، ج2، ص337. نقلا عن من كتاب السيد محمَّد رضا السيستاني "قبسات في علم الرجال".
([51]) أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، الداوري، ص486.
([52]) كليات في علم الرجال، السبحاني، ص345.
([53]) منطق النقد السندي: بحوث في قواعد الرجال والجرح والتعديل، ج2، ص340.
0 التعليق
ارسال التعليق