خُمْسُ الهديّة (دراسة فقهيّة استدلاليّة)

خُمْسُ الهديّة  (دراسة فقهيّة استدلاليّة)

الملخَّص

(تعرَّض الكاتب في مقالته الاستدلالية في مسألة الخمس في الهدية إلى الأدلة الثلاثة، الكتاب العزيز مركزا على آية الخمس وعلى مفردة الغنيمة وما ورد فيها من أقوال لغوية واصطلاحية، مع ذكر هذه المفردة في بقية آيات القرآن الكريم وسياقاتها، ثم إلى الروايات الشريفة التي قسمها إلى أربع طوائف، ثم ختم بالإجماع مع كلمات الفقهاء في هذه المسألة)

 

مقدِّمة:

بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحَيْمِ.. 

وجوبُ الخمس من الأمور التي اتفق عليها المسلمون جميعاً، ولا خلاف في وجوبه في الشريعة الإسلاميّة، كيف والقرآن قد صرّح بوجوبه، حيث قال الله تعالى ﴿وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ﴾([1])، فالمنكر له يُعّد منكراً لضرورة من ضروريّات الدين.

نعم؛ وقع الخلاف بين الفرق الإسلاميّة في الأمور التي يتعلَّق بها الخمس سعةً وضيقاً، لاختلاف تفسير المراد من الغنيمة في الآية السابقة، فبعضهم خصّها بغنائم دار الحرب([2])، وبعضهم عمَّمها إلى الذهب والفضة([3])، وبعضهم إلى الرِّكاز([4])، وأمّا الإماميّة فذهبت إلى تعميمها لكل ما يطلق عليه غنيمةٌ وفائدة([5])، وعليه قالوا بتعلُّقه بأمورٍ سبعة وفقاً للرِّوايات الواردة عن أهل البيتi، فيُعدُّ هذا الحصر استقرائياً([6])، وهي: (ما يغنم من دار الحرب، والمعادن، والكنوز، والغوص، وأرباح المكاسب، والأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم، والحلال المختلط بالحرام)([7]).

ثمَّ إنَّ مرادهم من أرباح المكاسب، ما يفضل عن مؤنة سنة المكلَّف وعياله ممَّا يتكسّبه، ويحصل عليه بإزاء العمل من أرباح التجارات، وسائر التكسبات مثل الصناعات، والزراعات، والإجارات، وغيرها([8]). 

نعم؛ اختلفوا في تعلُّق الخمس بأرباح بعض ما يحصل عليه المكلَّف من قبيل الميراث، والهديّة، والهبة([9])، ويظهر من ابن إدريس في السرائر أنَّ المتسالم عليه عند فقهاء الإماميّة هو عدم وجوب الخمس فيها، حيث قال ما نصّه: "وقال بعض أصحابنا: إنَّ الميراث، والهديّة، والهبة فيه الخمس، ذكر ذلك أبو الصلاح الحلبي، في كتاب الكافي، الذي صنَّفه، ولم يذكره أحدٌ من أصحابنا إلا المشار إليه، ولو كان صحيحاً لنقل نقل أمثاله متواتراً"([10])، وعلى خلاف ذلك ما يظهر من عبارة المحقِّق الحلي في المعتبر حيث قال ما نصّه: "وقال أبو الصلاح الحلبي: الميراث، والهديّة، والهبة فيه الخمس، وأنكر قولَه بعضُ المتأخرين. وأطبق الجمهور على إنكار ذلك كلّه"([11])، فالظاهر أنَّ كلام أبي الصلاح هو الأصل في المسألة والمتسالم عند الأصحاب، فالمحقِّق نسب الإنكار إلى بعض المتأخرين، ثمَّ إنَّ مراده من إنكار الجمهور إنكارُ العامَّة، حيث أنكروا أصل وجوب الخمس في الأرباح، كما هو واضح.

وتُحاول هذه الدراسة معالجة مسألة تعلُّق الخُمس بالهديّة، فبعد تبيين محلِّ النزاع في المسألة، ستتعرض المقالة إلى أدلَّة وجوب الخمس في الهديَّة، تأييداً ونقضاً، بدءً من الكتاب العزيز، فالسنّة المطهّرة، ثمَّ الإجماع وملاحظة كلمات الأصحاب، وعليه سيكون الحديث في أمور ثلاثة: الأوَّل: الكتاب العزيز. الثاني: السنّة المطهَّرة. الثالث: الإجماع وكلمات الأصحاب.

الأمر الأوَّل: الكتاب العزيز

يمكن القول إنَّ الآية التي دارت عليها رُحَى البحث والتحقيق بين الفقهاء، والتي من خلالها أوجبوا الخمس في كلِّ غنيمة وفائدة إلا ما خرج بالدليل، هي قوله تعالى: ﴿وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾([12])، والكلام في الآية في عدَّة نقاط:

النقطة الأولى: بيان مفردات الآية

مَا: وصليّة بمعنى الذي. 

غَنِمتم: الغنيمة في اللغة الفائدة وستأتي مفصَّلاً. 

من شيء: (من) بيانيّة، فإمَّا المراد من كلِّ شيء، وإمَّا من أمور محدَّدة، ولا بدَّ في الثاني من تقديرٍ، أي من شيء مخصوص([13]). 

النقطة الثانيّة: بيان معنى الغنيمة في استخدام العرف العربي

قال صاحب معجم مقاييس اللغة في معنى الغُنْم والغنيمة: "إنَّ الْغَيْنُ وَالنُّونُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى إِفَادَةِ شَيْءٍ لَمْ يُمْلَكْ مِنْ قَبْلُ"([14])، فالغنيمة لغةً تدلُّ على مطلق الإفادة، ويؤيِّده ما ذكره بعد ذلك، "ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ مَا أُخِذَ مَنْ مَالِ الْمُشْرِكِينَ بِقَهْرٍ وَغَلَبَةٍ"([15])، فالاختصاص والتقييد فرع الإطلاق كما هو واضح، وعليه يتَّضح أنَّ المعنى اللغوي العرفي لـفقرة {أنّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ} في الآية بما هي هي، أي خارج سياقها، دالٌّ على مطلق الإفادة، وبعبارة أخرى سيكون المراد من الفقرة: إنَّ الذي أفدتموه مطلقاً من الأشياء، وسيكون لفظ (شيء) يدلُّ على العموم أيضاً؛ لأنَّ تقييده يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه في الآية، هذا كلُّه من الناحيَّة اللغويّة.

نعم؛ ذكر بعضُ فقهاء اللغة قيداً آخر للغنيمة وهو الفوز بالشيء في غير مشقة([16])، وهذا ربما يشير إلى معنى أصل المادة، فالمعلوم قطعاً صحَّة استعمالها حقيقيةً في غنائم دار الحرب التي فيها من المشقةِ ما فيها كما هو واضح.

لا تقلْ إنَّ الغنيمة لها معنىً مختلفٌ عن الغُنْم، فهي على وزن فَعيلة، وهو على وزن فُعْل، وزيادة المباني دالٌ على زيادة المعاني، لأنّا نقول إنّ الغَنيمة والغُنْم والمَغْنَم وَاحِد كما قال ابن دريد([17]).

ولا تقلْ إنَّ لفظ الغنيمة وإن كان عامّاً ولكنَّه نُقل واختُصَّ في اللغة بغنائم دار الحرب بعد نزول الآية مباشرةً، والدليل على ذلك قول ابن فارس السابق، لأنَّا نقول إنّه نُقِل عن النبيe-وغيره- في باب الرّهن وغيره، أنّه قال: >من له الغُنْمُ فعليه الغُرم<، فقوبل الغُنم بالغرم، والمقصود منه منافع العين وفوائدها([18])، فلو حصل تطورٌ يؤدِّي إلى نقل معنى الكلمة، فلن يكون في زمن الرسولe، أو الزمن الذي يليه مباشرة. 

نعم؛ يوجد احتمال في أنْ تكون الكلمة قد حصل لها نوع تخصُّصٍ بغنائم دار الحرب على مبانٍ فقهيّة معيّنة في الأزمنة التاليّة، لكثرة الاستعمال الفقهي فيها، ولكن هذا لا يضر بالمعنى اللغوي والمتبادر منها.

ويؤيّد ذلك، ما قاله الشيخ الطوسي عن معنى الغنيمة في التبيان، حيث قال: "ما أُخذ من أموال أهل الحرب من الكفار.. وعند أصحابنا الخمسُ يجب على كلِّ فائدة تحصل للإنسان.. ويمكن الاستدلال على ذلك بهذه الآية؛ لأنَّ جميع ذلك يسمى غنيمة" ([19])، والشاهد أنَّه أطلق الغنيمة على كلِّ فائدة.

ويؤيِّده ما ذكره الطبرسي أيضاً في مجمعه، حيث قال في معنى الغنيمة: "ويمكن أن يُستدلّ على ذلك [أي الغنيمة بالمعنى الأعم] بهذه الآية، فإنَّ في عُرف اللغة يُطلق على جميع ذلك اسم الغُنْم، والغنيمة"([20]).

والحاصل من ذلك كلِّه أنَّ المستفاد من الآية من الناحيَّة اللغويّة شمولها لكلِّ فائدة حصل عليها الإنسان سواء غنمها وحصلتْ له أو اغتنمها واكتسبها، إلا أنَّه يمكن أن يُقال إنَّ السياق الذي وردت فيه الآية يُضيِّق المعنى اللغوي العام ويجعله خاصّاً بغنائم دارِ الحرب([21])، وهو بمثابة القرينة المتصلة، وواضح أنَّ القرينة مقدَّمة على ذي القرينة؛ لذلك لا بدَّ من التعرُّض إلى سياق الآية.

النقطة الثَّالثة: استعمالات مشتقات كلمة غُنْم في القرآن الكريم، والسياقات الواردة فيها.

بعد أن عرفنا المعنى اللغوي للفظ الغُنْم والغنيمة والمغانم، لا بدَّ من استقراء المواضع التي ذُكِرت فيها في القرآن الكريم أيضاً، فقد يكون له استعمالٌ خاصّ فيها، بحيث إذا استَعملها القرآن فُهِم منها ذلك المعنى الخاص، فتصير كالمصطلح واللفظ المنقول، ولا بدَّ أيضاً من معرفة سياق الآيات أيضاً، خصوصاً آية الغنيمة المبحوثة في المقام؛ لأنَّه قد يخصّص المعنى اللغوي أو يبقيه على ما هو عليه أو يعمّمه.

يمكن القول إنَّ هناك ستّ آيات ذكر فيها مشتقات الغُنْم أعني مَغانِم وغَنِمتُم، وهي بترتيب السّور:

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنوا وَلا تَقولوا لِمَن أَلقى إِلَيكُمُ السَّلامَ لَستَ مُؤمِناً تَبتَغونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُّنيا فَعِندَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثيرَةٌ كَذلِكَ كُنتُم مِن قَبلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيكُم فَتَبَيَّنوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيراً﴾([22]).

﴿وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾([23]).

﴿فَكُلوا مِمّا غَنِمتُم حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾([24]).

﴿سَيَقولُ المُخَلَّفونَ إِذَا انطَلَقتُم إِلى مَغانِمَ لِتَأخُذوها ذَرونا نَتَّبِعكُم يُريدونَ أَن يُبَدِّلوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَن تَتَّبِعونا كَذلِكُم قالَ اللَّهُ مِن قَبلُ فَسَيَقولونَ بَل تَحسُدونَنا بَل كانوا لا يَفقَهونَ إِلّا قَليلاً﴾([25]).

﴿وَمَغانِمَ كَثيرَةً يَأخُذونَها وَكانَ اللَّهُ عَزيزاً حَكيماً﴾([26]).

﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثيرَةً تَأخُذونَها فَعَجَّلَ لَكُم هذِهِ وَكَفَّ أَيدِيَ النّاسِ عَنكُم وَلِتَكونَ آيَةً لِلمُؤمِنينَ وَيَهدِيَكُم صِراطاً مُستَقيماً﴾([27]).

والملاحظ في الآيات السابقة جميعها أنّها نزلتْ في مورد الحرب والجهاد، حيث إنّ:

الآية الأولى ولنسمها آية الضرب، موجّهةٌ للخارجين إلى الجهاد أو الأعمِّ منه ومن التجارة([28])، حيث أمرتهم بالتبيّن والتثبّتْ من حال مدعي الإسلام قبل قتله، والمقصود من {عَرَضَ الحَياةِ الدُّنيا} هو المال وغنيمة الحرب التي سيحصلون عليها بعد القتل([29])؛ لذلك علَّلت الآيةُ الحكم -التبيّن وعدم القول- بأنَّ {عِندَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثيرَةٌ}، والظاهر من السياق وقرينة التعليل بحرف الفاء ووصفها بأنَّها كثيرة أنَّ المغانم دالةٌ على المعنى الأعمِّ؛ أي مطلق الفائدة والثواب، وبعبارة أخرى: إنَّ ما عند الله من المغانم أفضل من مغانم الدنيا؛ لكثرتها وبقائها، فهي التي يجب عليكم أنْ تؤثروها([30]) ([31])؛ وبسبب ذلك يجب عليكم أن تتبيّنوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لستَ مؤمناً.

والآية الثانيّة تقع في سياق الحرب والجهاد أيضاً، وسيأتي عنها الكلام في المقام الرابع مُفصّلاً.

والآية الثالثة تقع في سياق معاتبة الله تعالى للمجاهدين الذين اخذوا الأسرى لأجل استرقاقهم أو أخذ الفداء من أهلهم، حيث إنَّ الواجب عليهم قَتْلُ المشركين، لا أسرهم، خصوصاً أنّ فرض الخُمس في الغنيمة لم يُشرّع بعدُ، حيث إنَّ بدر أوَّل معركة للمسلمين حصل فيها قتالٌ بينهم وبين المشركين، ثمَّ إنَّه لولا كتابٌ من الله يقتضي ألّا يعذبكم ولا يهلككم، فلأجله -والفاء فصيحةٌ- كُلوا مِمّا غَنِمتُم حَلالاً طَيِّباً([32]).

والآية الرابعة تقع ضمن سياق إخبار القرآن المؤمنين بأنَّهم سيُرزقون مغانم كثيرة في إحدى غزواتهم؛ لذلك أراد المخلّفون أن يسمحوا لهم بالالتحاق بهم؛ للظفر بتلك المغانم والغنائم([33]).

والآية الخامسة تقع ضمن سياق الامتنان من الله تعالى على المؤمنين، وأنّه سيُثيبُهم فتحَ خيبر، وسيرزقُهم مغانمها([34])([35]).

والآية السادسة فيها إشارة إلى وعد الله تعالى بالمغانم الكثيرة التي سيحصل عليها المؤمنون، وبالسياق، وعَطفِ التعجيلِ -الذي يشير لغنيمة واقعة خيبر- عليها يظهر أنَّها غنائم الحرب الأعمِّ من خيبر وغيرها([36])([37]).

والخلاصة من ذلك كلِّه أنَّ لفظ المغانم استخدمه القرآن الكريم في الأعمِّ من غنائم دار الحرب ومطلق الفائدة، ويُفهم المعنى المراد من السياق، والقرائن المحتفَّة به، وإن كان استخدامه له في غنائم الحرب أكثر.

الرابعة: بيان معنى غنمتم والغنيمة في سورة الأنفال

تقع الآية في سورة الأنفال النازلة بعد معركة بدر التي انتصر فيها المسلمون على كفَّار قريش، وتذكر مسائل تتعلَّق بالجهاد، والغنائم، والأنفال، وغيرها من الأمور([38])، والذي يهمُّنا الآن معرفة سياق الآية، والآيات المرتبطة بها.

بدأت السورة بالسؤال عن الأنفال، وهي الزيادة على الشيء، وتطلق على أمورٍ عدَّة منها غنائم دار الحرب، والذي يفهم من سياق الآية والتي تليها أنَّ السُّؤال كان موجَهاً إلى النبي محمَّدe لمعرفة حكم الأنفال وغنائم دار الحرب، بعد وقوع مخاصمةٍ بين السائلين في أنفال معركة بدر، والذي يدلُّ على ذلك التفريعُ بالفاء في قوله ﴿يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قُلِ الأَنفالُ لِلَّهِ وَالرَّسولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾، وهذا يدلُّ على وجود ارتكازٍ عند العرب بأنَّ غنيمة الحرب تُقسَّم على المقاتلين، خصوصاً أنَّ تشريع الخُمس فيها لم ينزل بعدُ؛ لذلك اختلفوا في كيفيّة التقسيم، ثمَّ أتاهم الجواب أنَّها ملكٌ لله تعالى وللرسول يتصرَّف بها كيف شاء([39]).

ثمَّ إنَّ السورة قد تعرَّضت للأنفال وغنائم غزوة بدر بعد ذلك مرَّة أخرى في آية ﴿وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾([40])، حيث إنَّ المقصود من الفرقان هو معركة بدر، والظاهر من الآية أنَّ الرسولe بعد أن ملَك الأنفال والغنائم قسَّمها على المقاتلين الحاضرين في المعركة، وكذلك على بعض من لم يحضر المعركة، وجعلَ خُمُسها لهe([41])، هذا كلُّه في سياق الآية.

ثمَّ إنَّه قد يُقال إنَّ وجوب الخمس فيها عامٌ يشمل الفوائد جميعها سواء كانت غنائم دار حرب أم غيرها، والقرينة على ذلك عدَّة أمور:

الأوَّل: غَنِمَ ترادف أفاد كما تقدَّم من الناحيّة اللغويّة، وهو عامٌ لغنائم دار الحرب وغيرها([42]).

الثَّاني: إطلاقُ الخطاب لعموم المؤمنين في آيات السورة؛ فليس المراد منها خصوص المقاتلين منهم قطعاً، كآية ﴿وَاعلَموا أَنَّما أَموالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظيمٌ﴾([43])، وآية ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجعَل لَكُم فُرقاناً وَيُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾([44])، يدّلُ على أنَّ الحكم في آية الغنيمة عام للمؤمنين جميعاً المقاتلين منهم وغير المقاتلين، وعليه سيكون معنى الغنيمة عاماً يشمل غنائم دار الحرب وغيرها من المكاسب([45]). 

وبعبارة أخرى: بواسطة مناسبات الحكم والموضوع، يمكننا أن نعمِّم حكم الخُمس إلى مطلق الغنائم، فموضوع الآية عامٌ يشمل المقاتلين وغيرهم، وذلك بالنظر للآيات الأخرى في السورة، وعليه لا معنى لكون حكم الخُمس في خصوص غنائم دار الحرب؛ لأنَّ غير المقاتلين لا معنى لإيجاب خمس غنائم دار الحرب عليهم؛ إذ لا غنيمة لديهم أصلاً، وحكم الخُمس الذي يناسب غير المقاتلين هو خُمُس مطلق الغنائم.

الثَّالث: التبادر العرفي للآية([46])، ونزول الآية في واقعة بدر لا يخصِّص لفظ الغنيمة في غنائم دار الحرب، فإنَّ المورد لا يخصِّص الوارد، فتشملُ مطلق الفائدة، -وهذا خلاف ما قالَه صاحب المدارك؛ حيثُ قال بالتبادر في غنائم الحرب خاصَّة([47])-، والذي يؤيِّد ذلك استدلالُ الفخر الرازي بأنَّ لفظ الغنيمة اختُصّ شرعاً بغنائم دار الحرب، ولازم كلامِه أنَّ المتبادر عرفاً من الغُنم في الآية هو مطلق ما يُستفاد، وعليه سيكون حكم الخمس لمطلق الفائدة؛ لذلك قال بأنَّ الغنيمة شرعاً مخصوصةٌ بغنائم الحرب على سبيل القهر([48])، ويؤيِّد ما ذُكر قول القرطبي في تفسيره أنّ عُرف الشَّرع قيَّد لفظ غنمتم([49]).

نعم؛ يمكن القول إنَّ مورد الآية وسبب نزولها، عقد لها نوعاً من الظهور الخاص بحيث لم يسأل المسلمون النبيe، بل الأئمةi إلى زمن الإمام الصادقg عن المراد من لفظ الغنيمة، هل هو غنائم دار الحرب أم الأعم، وهذا النوع من الظهور لا يُقيّد اللفظ والآية كما اتضح.

إلا أنَّه يمكن الجواب عن الثاني بأنَّ إطلاق بعض الآيات في السورة، وإنْ دلَّ على أنَّ آية الغنيمة عامَّة إلا أنَّها تبقى مخصوصة بالمقاتلين دون غيرهم.

وبعبارة أخرى: إنَّ مورد الآية لا يختصُّ بمقاتلي بدرٍ؛ ليكون حكم الخُمس مختصاً بهم، بل هو شاملٍ لكلِّ المقاتلين في بدرٍ أو غيرها من المعارك، وهذا ظاهر بمناسبات الحكم والموضوع في آية الغنيمة، أمَّا في الآيتين المذكورتين فبمناسبات الحكم والموضوع فيها فإنَّها تشمل المؤمنين جميعاً.

والذي يؤيِّد ذلك سيرة المسلمين إلى زمان الإمام الصادقg، بل إلى زماننا، بأنَّ غنيمة دار الحرب يجب فيها الخُمس، وإن اختلفوا في مصارفه.

بل لو كان الإطلاق في الآية واضحاً لما فات الخليفة الأوَّل والثَّاني، اللذَين حاربا على الزكاة والخراج، وبني أميّة كذلك، حيث يُعدّ خُمس مطلق الفائدة من الأمور التي ستملأ خزينة الدولة على الدوام.

بل يمكن أن يُقال أيضاً -كما تقدَّم- أنَّ التفريعَ بالفاء في قوله ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم﴾([50])، يدلُّ على وجود ارتكازٍ عند العرب بأنَّ غنيمة الحرب تُقسّم على المقاتلين، خصوصاً أنَّ تشريع الخُمس فيها لم ينزل بعدُ؛ لذلك اختلفوا في كيفيّة التقسيم.

ولا تقلْ إنَّ الأنفال أمرٌ مختلفٌ عن الغنيمة، لأنَّا نقول إنَّ "النَّفَلُ: الغُنْمُ، والجميعُ: الأَنْفال، ونفّلْت فُلاناً: أعطيته نَفَلاً وغُنْما، والإمامُ ينفِّلُ الجُنْد، إذا جعل لهم ما غَنِموا"([51]).

هذا، بل ممَّا قد يُجعل مؤيداً لما ذُكر ما قاله توفيق برو في تاريخ العرب القديم، نقلاً عن ابن خلدون، والشيخ محمَّد الحضري: "أنَّ من عادة رئيس القبيلة في أيام الجاهليّة أنْ يأخذ من غنيمة الحروب والغزوات نسبةً معيّنة له ليدير بها شؤونه وشؤون قبيلته"([52])، فسيكون المتبادر من الآية نفسها فضلاً عن السياق في زمن النزول هو غنيمة دار الحرب، بناءً على أنَّ النبي محمَّدe هو القائد لهذه الأمّة، فلو أراد الشارع أمراً آخر لبيّن ذلك، وإلا لكان مصداقاً لتأخير البيان عن مورد الحاجة وهو قبيح، وبه يتضّح الجواب عن الثالث.

نعم؛ يمكن أن يُقال: إنَّ المصلحة اقتضتْ تأخير الحكم إلى زمن الإمام الصادقg، ومن ثَمَّ قامg بأمر الناس بالخمس في الفوائد والمكاسب، وسيأتي عليه الكلام في المقام الثاني.

ويمكن الجواب عن الثالث أيضاً بأنَّنا نسلّم أنَّ قاعدة المورد لا يخصِّص الوارد، ولكنْ يمكن تطبيقها على مستويين؛

المستوى الأوَّل: عدم الخصوصيّة لمعركة بدر، بل شمول الحكم لكلِّ معارك المسلمين، فالمورد لا يخصِّص الوارد.

المستوى الثَّاني: القول -إضافةً على المستوى الأوَّل- بأنَّ الغنيمة شاملة لكلِّ فائدة. 

ويمكن القول: إنَّ الظهور الناتج من المستوى الأوَّل لا يوجد له معارض، بل هو الظاهر عرفاً بسبب إجراء القاعدة، وبسبب مناسبات الحكم والموضوع كما تقدّم.

والظهور الناتج من المستوى الثاني يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه، بل إنَّ الدليل قائمٌ على خلافه، كما اتضّح ممَّا تقدَّم أيضاً.

نعم؛ لو نوقش فيه، فسيبقى احتمالاً متعارفاً يُبطل الاستدلال بالقاعدة في هذا المورد، وعليه سنتمسّك بالقدر المتيقّن من الحكم وهو وجوب الخُمس في غنيمة دار الحرب.

والحاصل من المقام الأوَّل كلِّه، أنَّ لفظ غنتم في الآية دالٌ على مطلق الفائدة لغةً، الشامل لأربح المكاسب وغيرها، ما يُتكسّب له وغيره، إلّا أنّه مقيّدٌ بالدلالة السياقيّة وبمناسبات الحكم والموضوع في خصوص غنائم دار الحرب.

نعم؛ يمكن القول إنَّ هناك روايات واردة عن أهل البيتi في تفسير الآية، وأنّها تشمل مطلق الفائدة، وهذا ما ستتعرَّض له المقالة في المقام الثاني مفصَّلاً.

الأمر الثَّاني: السنّة المطهَّرة

يظهر من خلال مطالعة الروايات في كتاب الكافي، والفقيه، والتهذيب، أنَّ بحث الخُمس يحتاج إلى سبرٍ تاريخيّ، فضلاً عن البحث الروائي، فالقارئ للأحاديث يجد أنَّ هناك قرائن مفقودة في البين، توجب نحو إجمالٍ في الروايات، ولكي تتضح الفكرة أكثر سأطرح عدَّة نقاط عامَّة في المقام ولكنَّها تحتاج إلى استقراء ودراسة أكثر، وهي:

النُّقطة الأولى:

هناك نوعُ وضوحٍ -في الجملة- لحكم الخمس في زمن الإمام الصادقg، بل وزمن الأئمةi السابقين([53])، وهو في غنائم دار الحرب، والغوص، والكنز، والمعادن، حيث نجدها تُذكر في بعض الروايات على أنَّها مصاديق الخُمس الواجبة([54])، خصوصاً أنَّ بعض العامة يقولون بوجوب الخمس في الغوص والكنز والمعدن أيضاً كما تقدَّم.

ثمَّ إنَّ هناك مصداقاً آخر يجري مجرى الخُمس وهو الأنفال، وهي كلّها للنّبيe والإمامg، ولكنَّه جعل  فيها الخُمس إذا عُمل فيها بإذنه، فكلُّ من عمل فيها وزرع أو تاجر، فعليه الخُمس، قال الكليني: "وَأَمَّا الْأَنْفَالُ فَلَيْسَ هَذِهِ سَبِيلَهَا [أي مصرف الخمس في الآية] كَانَ لِلرَّسُولِe خَاصَّةً..، وَكَذَلِكَ الْآجَامُ‌ وَالْمَعَادِنُ وَالْبِحَارُ وَالْمَفَاوِزُ هِيَ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً، فَإِنْ عَمِلَ فِيهَا قَوْمٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَهُمْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ ولِلْإِمَامِ خُمُسٌ‌، والَّذِي لِلْإِمَامِ يَجْرِي مَجْرَى الخُمس، ومَنْ عَمِلَ فِيهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَالْإِمَامُ يَأْخُذُهُ كُلَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْ‌ءٌ"([55])، ثمَّ إنَّ من أراضي الأنفال أرض فدكٍ([56])، والبحرين([57])، وغيرهما.

والذي يؤيِّد ما ذُكر النص التاريخي في كتاب الفقه الرضوي: ".. ومال الفيء الذي لم يختلف فيه، وهو ما ادعي فيه الرخصة، وهو ربح التجارة وغلة الضيعة.."([58])، فترخيص الإمام سيكون في تسليم خُمس إفادة تلك الأراضي يوماً بيوم، سواء كانت بالتجارة أو بغلّات الأراضي.

والذي يؤيِّد ذلك ما ذكره الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه، حيث روى عن يونس بن يعقوب أنّه قال: "كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِg فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَمَّاطِينَ‌، فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الْأَرْبَاحُ، وَالْأَمْوَالُ، وتِجَارَاتٌ نَعْرِفُ أَنَّ حَقَّكَ فِيهَا ثَابِتٌ، وَإِنَّا عَنْ ذَلِكَ مُقَصِّرُونَ، فَقَالَg: >مَا أَنْصَفْنَاكُمْ إِنْ كَلَّفْنَاكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ<([59])، فالظاهر أنَّها أرباح وتجارات أراضي الأنفال.

النُّقطة الثانيّة:

من المتسالم عليه أنّ الخُمس في المكاسب بُيِّن في زمن الإمام الصادقg، ولم يكن معلوماً للمكلَّفين قبلها بشكلٍ واضح، والظاهر أنَّ تبيين حكم الأنفال وفوائدها كان تدريجياً، أي لم ينتشر الخبر لشيعة الإمام كافَّةً، لعدَّة أسباب؛ منها كبر البلاد الإسلاميّة، وانتشار الشيعة فيها، أمَّا في زمن الإمام الرضاg فكان الحكمُ واضحاً بالنسبة إليهم.

هذا، ويمكن القول إنَّ تعميم الحكم لمطلق الفوائد كان تدريجيّاً أيضاً، فلو لاحظنا الرواية العاشرة في الكافي المرويّة عَنْ حُكَيْمٍ مُؤَذِّنِ ابْنِ عِيسَى‌ أنّه قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِg عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبى}، ‌فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِg بِمِرْفَقَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: >هِيَ واللَّهِ الْإِفَادَةُ يَوْماً بِيَوْمٍ، إِلَّا أَنَّ أَبِي جَعَلَ شِيعَتَهُ فِي حِلٍّ لِيَزْكُوا<"([60])، فالظاهر أنَّ السائل كان في ذهنه ارتكازٌ ما، وهو أنَّ هناك مسألةً جديدة منتشرة في الوسط الشيعي؛ لذلك سأل الإمام عنها، وهي حكم الخُمس في أراضي الأنفال، وأنّه مختصّ بأهل البيتi فقط، لا كما أمر به الخليفة الثَّاني، والحكم بهذا التفصيل لم يكن معهوداً في زمن الخلفاء، بل وفي عهد دولة بني أميّة كذلك. 

أمَّا الرواية الحاديّة عشر التي عن الإمام الرضاg: "سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِg عَنِ الخُمس؟ فَقَالَ: >فِي كُلِّ مَا أَفَادَ النَّاسُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ<"([61])، فستكون ناظرةً لمطلق الإفادة، سواء كانت من أراضي الأنفال أو غيرها، والذي يدلُّ على ذلك لفظ (كلّ) الدَّال على العموم.

وكذلك الرواية الثانية عشر: "كَتَبْتُ: جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ، تُعَلِّمُنِي مَا الْفَائِدَةُ؟ ومَا حَدُّهَا؟ رَأْيَكَ أَبْقَاكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِبَيَانِ ذَلِكَ لِكَيْلَا أَكُونَ مُقِيماً عَلَى حَرَامٍ لَا صَلَاةَ لِي ولَا صَوْمَ؟ فَكَتَبَ: >الْفَائِدَةُ مِمَّا يُفِيدُ إِلَيْكَ فِي تِجَارَةٍ مِنْ رِبْحِهَا، وحَرْثٍ بَعْدَ الْغَرَامِ أَوْ جَائِزَةٍ<([62])، هذا من جانب الإفادة. 

والكلام السابق يمكن أن يُطبَّق على المؤونة كذلك، حيث إنَّ المؤونة في بعض الروايات دالٌ على مؤونة أراضي الأنفال، وفي البعض الآخر -بعد توسيع حكم الخُمس ليشمل مطلق الفوائد- دالٌ على مؤونة الرجل وعياله، وعليه ستكون الروايةُ الثالثة عشر من الصفحة نفسها: "كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍg: الخُمس أُخْرِجُهُ قَبْلَ الْمَئُونَةِ أَوْ بَعْدَ الْمَئُونَةِ؟ فَكَتَبَ: >بَعْدَ الْمَئُونَةِ<"، ناظرةً إلى مؤونة السنة له ولعياله، لا إلى مؤونة أرض الأنفال، خصوصاً أنَّ الإمام المسؤول هو أبو جعفر الثاني(الجواد)g.

والذي يؤيِّد ذلك، الارتكازُ عند السائل في الرواية الرابعة والعشرين التي عن الإمام الرضاg: "كتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِg:‌ أَقْرَأَنِي عَلِيُّ بْنُ مَهْزِيَارَ كِتَابَ أَبِيكَg فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَى أَصْحَابِ الضِّيَاعِ نِصْفُ السُّدُسِ بَعْدَ الْمَئُونَةِ، وأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ تَقُمْ ضَيْعَتُهُ بِمَئُونَتِهِ نِصْفُ السُّدُسِ ولَا غَيْرُ ذَلِكَ،‌ فَاخْتَلَفَ مَنْ قِبَلَنَا فِي ذَلِكَ؛ فَقَالُوا: يَجِبُ عَلَى الضِّيَاعِ الخُمس بَعْدَ الْمَئُونَةِ مَئُونَةِ الضَّيْعَةِ وخَرَاجِهَا، لَا مَئُونَةِ الرَّجُلِ وعِيَالِهِ؟ فَكَتَبَg: >بَعْدَ مَئُونَتِهِ ومَئُونَةِ عِيَالِهِ وبَعْدَ خَرَاجِ السُّلْطَانِ<"([63])، فالارتكاز يدلُّ على أنَّ أرض الأنفال يُستثنى منها مؤونتها، أو لا أقل توجد أقوال من الأصحاب تدلّ على ذلك، فقال له الإمام الرضاg الاستثناء على مؤونة الرجل وعياله([64]).

النُّقطة الثَّالثة: 

توجد بعضُ الرِّوايات التي ظاهرها لا ينسجم مع ما تقدَّم، منها:

ما جاء في التهذيب: قال أبو عبد اللهg: >على كلِّ امرئ غنم أو اكتسب الخمس ممَّا أصاب لفاطمةj ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة، يضعونه حيث شاءوا إذ حرم عليهم الصدقة، حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منها دانق إلا من أحللنا من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنَّه ليس من شيء عند الله يوم القيامة أعظمُ من الزِّنا؛ إنَّه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا<([65])، فالظاهر من الرواية أنَّ الاكتساب مطلقٌ فيشمل جميع الأمور المكتسبة، خصوصاً أنَّ الإمامg قال: حتى الخياط ليخيط..، والخياطة من الحرف والمكاسب.

ولكن يمكن أن يُقال: إنَّ مقصود الإمام من المكاسب هو خصوص المكاسب التي يحصل عليها الإنسان من أراضي الأنفال، بل خصوص أرض فدك؛ لذلك قال الإمامg إنَّ على كلِّ أمرئ غنم أي حصل عليها من دون مشقة أو اكتسب وحصل عليها بالاكتساب من الحق الذي لفاطمةj، ولمن يلي أمرها الخُمس، فهو للحجج خاصّة، وهذا يكون في الأنفال؛ لأنَّه مختصٌ بالإمام يفعل به ما يشاء.

وعلى كلِّ حالٍ، يمكننا أنْ نقسِّم الروايات الواردة عن أهل البيتi المرتبطة بوجوب الخُمس في الهديَّة إلى عدَّة طوائف:

الطَّائفة الأولى: ما دلَّ على وجوبِ الخمس في الهديَّة مطلقاً، بشكلٍ مباشر

منها ما ورد عن محمَّد بن يعقوب الكليني، "عن أحمد بن محمَّد بن عيسى، عن يزيد قال: كتبت: جعلت لك الفداء تعلِّمني ما الفائدة وما حدُّها؟ رأيك أبقاك الله أن تمنَّ علي ببيان ذلك لكي لا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم، فكتب: >الفائدة ممَّا يفيد إليك في تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام، أو جائزة<([66])، ووجه الاستدلال بها: أنَّ الإمام أوجب الخُمس في الهديّة بشكلٍ مطلق، سواء كانت خطيرة أم لا، ولو كان الواجب الخُمس في خصوص الخطيرة لبيَّنه الإمام للسائل، خصوصاً أنَّه يسأله عن حدِّ الفائدة وما هي، والظَّاهر من ارتكاز الرَّاوي عن الفائدة أنَّ المسؤول هو الإمام الرضاg أو من بعده من الأئمةi.

الطَّائفة الثَّانية: ما دلَّ على وجوب الخمس في الهديّة مطلقاً، بشكل غير مباشر

وهذه الطائفة توجب الخُمس في الفائدة التي يحصل عليها الإنسان بشكلٍ مباشر، وعليه سيَجِبُ الخُمس في الهديّة بشكل غير مباشر، أي بواسطة كون الهديّة من الفوائد، وهذه الطائفة أيضاً: 

إمَّا أن تكون ناظرةً أولاً وبالذات إلى تفسير كلمة الغنيمة الواردة في آية وجوب الخُمس المتقدّمة، وهي دالةٌ -مع استفاضتها([67])- على شمول الغنيمة لمطلق الفائدة، وعليه ستشمل مطلق الهديّة بشكل غير مباشر كما تقدَّم، ومن هذا القسم ما نقله الشيخ الطوسي، "عن حكيم مؤذن بني عيسى عن أبي عبد اللهg قال: قلت له: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فإنَّ لله خمسة وللرسول، قال: >هي والله الإفادة يوما بيوم إلاّ أنّ أَبيg جعل شيعتنا من ذلك في حلّ ليزكوا<"([68])، ووجه الاستدلال بها: أنَّ الهديّة تعتبر عرفاً من الإفادة والفوائد التي يحصل عليها الإنسان، فيجب فيه الخُمس.

أقول: ظهر ممَّا تقدَّم -في النقطة الثانيّة- عدم صحة الاستدلال بهذه الرواية بما هي هي في تفسير الآية على أنّها مطلق الفائدة، نعم؛ يمكن القول إنَّ الفائدة في الرواية وإن كانت ناظرة لفوائد إراضي الأنفال، إلا أنَّ المورد لا يخصِّص الوارد، فيمكن أن تشمل الفائدة جميعها، والذي يؤيّد ذلك الرواية المتقدِّمة في الطائفة الأولى.

وإمَّا أن تكون ناظرة إلى الفائدة ابتداءً من دون تفسير كلمة الغنيمة الواردة في الآية، ومن هذا القسم ما نقله الشيخ الطوسي، "عن محمَّد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثانيg أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطِّه: >الخمس بعد المؤونة<"([69])، ووجه الاستدلال بها: أنَّ المكاتبة دلَّت على وجوب الخُمس على ما يكون فائدة واستفادة للرجل، خصوصاً وأنَّ المسؤول هو الإمام الجوادg، سواء كان فيه نحو اكتسابٍ أم لا، قليلٌ كان أم كثيرٌ، بعد استثناء المؤونة، والهديّة فائدة عرفاً، وعليه يجب الخُمس فيها مطلقاً.

الطَّائفة الثَّالثة: ما دلَّ على وجوب الخمس في الهديّة الخطيرة، بشكل مباشر

وهذه الطائفة كالقسم الأوَّل من الطائفة الثانيّة، حيث إنَّها ناظرة لتفسير الغنيمة في الآية، ولكنّ الفرق بينهما أنّ هذه الطائفة صرّحت بأنّ الهديّة والجائزة من الفوائد والغنائم، ثمَّ أوجبت الخُمس في الهديّة الخطيرة فقط، ومن هذه الطائفة ما ورد عن الشيخ الطوسي "عن محمَّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمَّد وعبد الله بن محمَّد جميعاً، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفرg: >...فأمَّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلِّ عام؛ قال الله تعالى: ﴿وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾، والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء، والفائدة يفيدها، والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن<([70])، ووجه الاستدلال بها: أنَّ الإمام الجوادg جعل الهديّة الخطيرة من مصاديق الفائدة، فيجب فيها الخُمس، ولعلَّ تقييد الإمام بالخطيرة من باب أنَّ الهديّة المتعارفة لا تَفضُل لما بعد احتساب مؤونة الرجل وعياله([71])؛ لذلك قيَّدها بالخطيرة، وبهذا الاحتمال العرفي لن تصلح هذه الطائفة للاستدلال على أنّ الخمس في خصوص الهديّة الخطيرة، بل يمكن القول أنّ مع توسيع الإمام لموضوع وجوب الخُمس في الآية وجعله يشمل الفوائد بشكلٍ مطلق، يُدخِل الهديّة مطلقاً، وتمثيل الإمام بالهديّة الخطيرة بيانٌ لأبرز مصاديقها.

الطَّائفة الرَّابعة: ما يُشعر بوجوب الخُمس في الهديّة مطلقاً، إذا كانت من عند غير صاحب الخُمس

ما ورد عن الكليني "عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحسين بن عبد ربه قال: سرَّح الرِّضاg بصلة إلى أبي فكتب إليه أبي: هل عليَّ فيما سرَّحتَ إليَّ خمسٌ؟ فكتب إليه: >لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس<([72])، ووجه الاستدلال ما ذكره صاحب الحدائق: أنَّ الرواية مشعرة بوجوب الخمس في الصلة والهديّة التي يسرِّح بها غير صاحب الخُمس، والدليل على ذلك عدم قول الإمامg عليه السلام بأنّ المسرَّح لا يجب فيه الخُمس، بل قال بأنَّ المسرِّح إذا كان صاحب الخُمس فلا يجب في المسرَّح([73]).

والحاصل من الطوائف الأربعة السابقة أنّ الخُمس واجبٌ في الهديّة بشكل مطلق سواء كانت ذات خطرٍ أم لا.

الأمر الثالث: الإجماع وكلمات الأصحاب

تعتبر ملاحظة الإجماعات، وكلمات الأصحاب من الأمور المهمَّة لبيان القرائن المحتفَّة بالرِّوايات التي قد تَخفى بمرور الزَّمن، خصوصاً إذا كان هناك إجماعٌ على قرينةٍ خاصَّة، أو فهمٌ معيَّن للنَّص الديني، وعليه سيقع الكلام في نقطتين:

النُّقطة الأولى: الإجماع

عند ملاحظة من تطرَّق إلى وجودِ إجماعٍ في المسألة، نراهم تارةً يثبتون الإجماع على وجوب الخُمس في الهديّة، وتارة أخرى يثبتون الإجماع على عدم وجوبه. 

والذي يدلُّ على الأوَّل الظاهر من عبارة المحقق الحلي في المعتبر -المتقدمة- من أنّ كلام أبو الصلاح -المثبتِ وجوبَ الخُمس في الهديّة- هو الأصل في المسألة والمتسالم عند الأصحاب([74]). 

والذي يدلّ على ذلك أيضاً معقد إجماع الغنية([75])؛ حيث قال ما نصّه: "ويجب الخمس أيضا في الفاضل عن مؤنة الحول على الاقتصاد من كلِّ مستفاد بتجارة أو زراعة أو صناعة أو غير ذلك من وجوه الاستفادة أي وجه كان، بدليل الإجماع المشار إليه"([76])، حيثُ تدخلُ الهديَّة في وجوه الاستفادة.

بل قد يُستفاد ذلك من معقد إجماع التذكرة([77])، إذا قلنا بأنَّ الهديّة داخلة في الاكتسابات والاستفادات.

والذي يدلّ على الثاني الظاهر من عبارة ابن إدريس الحلي في السرائر -المتقدمة- حيث قال باتفاق الأصحاب على عدم وجوب الخُمس في الهديّة إلا أبو الصلاح الحلبي، وذكر النراقي في مستنده أنَّه الحقُّ المشهور([78]). 

وهذين الإجماعين المتعارضين يقلّلان من قيمة الإجماع وكاشفيّته عن وجود القرائن المحتفّة بالروايات؛ لأنَّ تعارضهما يؤدِّي إلى تساقطهما، وعدم حجيّتهما.

النُّقطة الثَّانيّة: كلمات الأصحاب في المسألة

أمّا بالنسبة إلى كلمات الأصحاب في خُمُس الهديّة، فمنهم من ذهب إلى وجوب الخُمس في الهديّة كالحلبي، والشهيد الأوَّل في اللمعة([79])، وغيرهم([80])، ومنهم من ذهب لعدم وجوبه كصاحب السرائر، وصاحب المستند([81])، وغيرهم([82])، ومنهم من أوجب الخُمس فيها احتياطاً([83]).

والظاهر أنَّ اختلاف كلمات الفقهاء في وجوب الخُمس في الهديّة تابعٌ لاختلافهم في تفسير المراد من الغنيمة، فالذي فسَّر الغنيمة على أنَّها مطلق الفائدة فقد أوجب فيها الخُمس مطلقاً، وبعضهم وإنَّ فسَّر الغنيمة على أنّها مطلق الفوائد إلا أنّه قيَّد الهديّة بالخطيرة، لوجود هذا القيد في بعض الرِّوايات كما تقدَّم.

وبعضهم فسَّر الغنيمة على أنَّها الفوائد المكتسبة، والمقصود منها التي قُصِدَ فيها تحصيل المال([84])، فلم يوجب الخُمس في الهديّة مطلقاً.

 والخلاف السَّابق راجع إمَّا إلى الروايات وقد تقدَّم بعضُها، وإمَّا راجع إلى كلمات الأصحاب كالشيخ الطوسي([85]) والسيِّد المرتضى([86]) مثلاً، حيث إنَّهما عبَّرا عمَّا يجبُ فيه الخُمس بما يفضل عن مؤونة السَّنة من المكاسب والتكسُّب، حيث إنَّ بعض الفقهاء فهم من المكاسب الفوائدَ سواء قُصد فيها تحصيل المال أم لا، والبعض الآخر فهم منها خصوص الذي قُصد فيه تحصيل المال.

نعم؛ يبقى التَّساؤل عن اختلاف الأصحاب في ادِّعاء الإجماع مشروعاً، حيثُ إنَّ الدعويين متضادتان، فلا بدَّ من توجيه أحد الدعويين لتتناسب مع الأخرى.

والحمد لله ربّ العالمين..


 


([1]) الأنفال: ٤١.

([2]) انظر: الهاشمي الشاهرودي، السيّد محمود، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، مؤسسة دائرة المعارف، قم، الطبعة الأولى، ١٤٣٧ قمريّة، ج٨، ص١٩٧-١٩٨.

([3]) المصدر السابق، ج٨، ص٢٠٧.

([4]) المصدر السابق، ج٨، ص٢٠٩.

([5]) المصدر السابق، ج٨، ص١٩٧.

([6]) مغنيّة، محمَّد جواد، فقه الإمام جعفر الصادقo عرض واستدلال، دار الجواد، بيروت، الطبعة الخامسة، ١٤٠٤ قمريّة، ج٢، ص١١٢.

([7]) الطوسي، محمَّد بن الحسن، المبسوط في فقه الإماميّة، المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة، طهران، الطبعة الثالثة، ١٣٨٧ قمريّة، ج١، ص٢٣٦-٢٣٨.

([8]) الطباطبائي اليزدي، السيّد محمَّد كاظم، العروة الوثقى، مؤسسة النشر الإسلامي (جماعة المدرسين)، قم، الطبعة الأولى، ١٤١٧ قمريّة، ج٤، ص٢٧٥.

([9]) الهاشمي الشاهرودي، السيّد محمود، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج٨، ص٢٢٠.

([10]) ابن إدريس الحلي، محمد بن منصور، السرائر، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانيّة، قم، ١٤١٠ قمريّة، ج١٠، ص٤٩٠. 

([11]) المحقق الحلي، جعفر بن الحسن، المعتبر في شرح المختصر، مؤسسة سيّد الشهداءo، قم، ١٤٠٧ قمريّة، ج٢، ص٦٢٣.

([12]) الأنفال: ٤١.

([13]) القطب الراوندي، سعيد بن هبة الله، مركز الأنوار في إحياء بحار الأنوار، قم، الطبعة الأولى، ١٤٣٧ قمريّة، ج١، ص٤٠٣.

([14]) ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، دار الفكر، بيروت، ١٣٩٩ هجريّة، ج٤، ص٣٩٧.

([15]) المصدر السابق.

([16]) الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثامنة، ١٤٢٦ قمريّة، ص١١٤٣، وابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤١٤ هجريّة، ج١٢، ص٤٤٥.

([17]) ابن دريد الأزدي، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٨٧ ميلاديّة، ج٢، ص٩٦٣.

([18]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤١٤ هجريّة، ج١٢، ص٤٤٥، والفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلميّة، بيروت، ج٢، ٤٥٤، لاحظ أيضًا الشافعي، محمد بن إدريس، كتاب الأم، دار الفكر، بيروت الطبعة الثانيّة، ١٤٠٣ قمريّة، ج٣، ص١٧٠، حيث قال: "وَغُنْمُهُ سَلَامَتُهُ وَزِيَادَتُهُ وَغُرْمُهُ عَطَبُهُ وَنَقْصُهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمَانَةً مِنْ مَالِكِهِ لَا مِنْ مُرْتَهِنِهِ"، ولاحظ أيضًا ما قاله في ج٤، ص١٤٦، حيث قال: "وَالْغَنِيمَةُ هِيَ الْمُوجَفُ عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ"، وهذا واضحٌ في استخدام الكلمة في المعنيين إلى زمان الشافعي، بل إلى الأزمنة الأخرى.

([19]) الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج٥، ص١٢٢-١٢٣.

([20]) الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، دار العلوم، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٦ هجريّة، ج٤، ص٣٤٥-٣٤٦.

([21]) الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤٢٠ قمريّة، ج١٥، ص٤٨٤.

([22]) النساء: ٩٤.

([23]) الأنفال: ٤١.

([24]) الأنفال: ٦٩.

([25]) الفتح: ١٥.

([26]) الفتح: ١٩.

([27]) الفتح: ٢٠.

([28]) الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ج١١، ص١٨٩.

([29]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلميّة، ج٥، ص٤١.

([30]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج٥، ص٤١.

([31]) الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ج١١، ص١٩١.

([32]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج٩، ص١٣٦-١٣٧.

([33]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج١٨، ص٢٨٠.

([34]) المصدر السابق، ج١٨، ص٢٨٥.

([35]) الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ج٢٨، ص٧٩.

([36]) المصدر السابق، ج٢٨، ص٨٠.

([37]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج١٨، ص٢٨٦.

([38]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج٩، ص٥.

([39]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج٩، ص٧-٨.

([40]) الأنفال: ٤١.

([41]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج٩، من كلمة وتوضيحه صفحة ٨-١١.

([42]) الخوئي، أبو القاسم، موسوعة السيّد الخوئي، كتاب المستند في شرح العروة الوثقى، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، الطبعة الرابعة، ١٤٣٠ قمريّة، ج٢٥، ص١٩٦.

([43]) الأنفال: ٢٨.

([44]) الأنفال: ٢٩.

([45]) الخوئي، أبو القاسم، موسوعة السيّد الخوئي، كتاب المستند في شرح العروة الوثقى، ج٢٥، ص١٩٦.

([46]) الطباطبائي، سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج٩، ص٩١.

([47]) العاملي، السيّد محمد بن علي، مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، ج٥، ص٣٨١.

([48]) الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، ج١٥، ص٤٨٤.

([49]) القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصريّة، القاهرة، الطبعة الثانيّة، ١٣٨٤ قمريّة، ج٨، ص١.

([50]) الأنفال: ١.

([51]) الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، دار ومكتبة الهلال، ج٨، ص٣٢٥، وراجع ابن دريد الأزدي، محمد بن الحسن، جمهرة اللغة، ج٢، ص٩٧١، وراجع الصاحب، إسماعيل بن عباد، المحيط في اللغة، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٤ قمريّة، ج١٠، ص٣٢٣، الجوهري، إسماعيل بن حماد، تاج اللغة وصحاح العربيّة، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤٠٧ قمريّة، ج٥، ص١٨٣٣، وراجع ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج٥، ص٤٥٥-٤٥٦.

([52]) برو، توفيق، تاريخ العرب القديم، دار الفكر، الطبعة الثانيّة، ١٤٢٢ هجريّة، ص١٩٧-١٩٨.

([53]) الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه، قم، الطبعة الثانيّة، ١٤١٣ قمريّة، ج٤، ص٣٦٥.‌

([54]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الرابعة، ١٤٠٧ قمريّة، ج١، ص٥٣٨-٥٣٩.

([55]) المصدر السابق.

([56]) المصدر السابق، ج١، ص٥٣٨.

([57]) الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، دار الكتب العلميّة، طهران، الطبعة الرابعة، ١٣٦٥ شمسيّة، ج٤، ص١٣٣.

([58]) ابن بابويه، علي، فقه الرضا، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم المشرفة، قم، الطبعة الأولى، ١٤٠٦ قمريّة، ص٢٩٤.

([59]) الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، ج٢، ص٤٤.

([60]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج١، ص٥٤٤.

([61]) المصدر السابق، ج١، ص٥٤٥.

([62]) المصدر السابق.

([63]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج١، ص٥٤٧.

([64]) فائدة: وعلى التفسير السابق ستكون الأرض التي اشتراها الذمي عليها الخُمس من جهة كونها أنفالًا، لا من صنفٍ آخرَ من الخُمس.

([65]) الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، ج٤، ص١٢٢.

([66]) الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج١، ص٥٤٥، وفي بعض النسخ عن أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد.

([67]) الأنصاري، مرتضى، تراث الشيخ الأعظم، كتاب الخُمس، الطبعة الأولى، ١٤١٥ قمريّة، ج١١، ص٧٥.

([68]) الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، ج٤، ص١٢١.

([69]) الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، ج٤، ص١٢٣.

([70]) الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج٩، ص٥٠٢، الحديث الخامس.

([71]) الأنصاري، مرتضى، تراث الشيخ الأعظم، كتاب الخُمس، ج١١، ص١٩٤.

([72]) الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج٩، ص٥٠٨، الحديث الثاني، ص٥٠٣.

([73]) البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة، منشورات جماعة المدرسين، قم، ج١٢، ص٣٥٢.

([74]) المحقق الحلي، جعفر بن الحسن، المعتبر في شرح المختصر، مؤسسة سيّد الشهداء عليه السلام، قم، ١٤٠٧ قمريّة، ج٢، ص٦٢٣.

([75]) الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة السابعة، ١٣٦٢ شمسيّة، ج١٦، ص٥٦.

([76]) ابن زهرة، السيّد حمزة بن علي، غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع، مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، قم، ج١، ص١٢٩.

([77]) العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، حسن بن يوسف، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، الطبعة الأولى، ١٤١٤ قمريّة، ج٥، ص٤٢٠-٤٢١.

([78]) الناراقي، أحمد بن محمد، مستند الشيعة في أحكام الشريعة، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٩ قمريّة، ج١٠، ص٥٢.

([79]) الأنصاري، مرتضى، تراث الشيخ الأعظم، كتاب الخُمس، ج١١، ص١٩١-١٩٢.

([80]) المصدر السابق، ج١١، ص٧٤.

([81]) المصدر السابق، ج١١، ص١٩١، وانظر الناراقي، أحمد بن محمد، مستند الشيعة في أحكام الشريعة، ج١٠، ص٥٢.

([82]) الأنصاري، مرتضى، تراث الشيخ الأعظم، كتاب الخُمس، ج١١، ص٧٥.

([83]) المصدر السابق، ص١٩٢.

([84]) المصدر السابق، ج١١، ص٧٧.

([85]) الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإماميّة، ج١، ص٢٣٦.

([86]) الشريف المرتضى، علي بن الحسين، الانتصار، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ١٤١٥ قمريّة، ص٢٢٥.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا