
الملخَّص:
تعرَّض الكاتب إلى بيان حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنّه ليس مجّرد إنشائهما، بل هو الأعمّ منه ومن حمل المأمور والمنهيّ على مقتضاهما ما أمكن، وأنّه لا فرق بين إنكار المنكر والنهي عن المنكر، وأنَّ الإنكار الذي وردت به النصوص ليس أجنبيّاً عن بحث النهي عن المنكر. وذلك من خلال ثلاث مباحث، الأوَّل ذكر فيه الأقوال وهما اثنان، وفي المبحث الثَّاني ذكر أدلة القول الأوَّل وهو كون حقيقتها حمل المأمور على مقتضاهما ما أمكن وأنَّ هناك ثلاثة مراتب، واستدلَّ بظاهر حقيقتهما في كلام الشارع مفصَّلا، ثمَّ بالآيات الشريفة والروايات الكثيرة، ثمَّ في المبحث الثالث اختصر الحديث في أدلة القول الثَّاني.
المقدّمة
وقع كلامٌ بين العلماء في بيان المراد بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وهل هو مجّرد إنشائهما، أم هو الأعمّ منه ومن حمل المأمور والمنهيّ على مقتضاهما ما أمكن؟ وعلى الثَّاني هل هناك فرقٌ بين إنكار المنكر والنهي عن المنكر، وأنَّ الإنكار الذي وردت به النصوص أجنبيٌّ عن بحث النهي عن المنكر؟ والبحث في مباحث ثلاثة، ثمَّ الخاتمة.
المبحث الأوَّل: الأقوال في المسألة
أولاً: القول الأوَّل
وهو ما ذهب إليه المشهور، من أنَّ حقيقة الأمر والنهي هو حمل المأمور على مقتضاهما ما أمكن، وأنَّ للأمر والنهي مراتب ثلاث، وادّعى صاحب الجواهر عدم الخلاف فيه: "وكيف كان فمراتب الإنكار ثلاث بلا خلاف أجده فيه بين الأصحاب"([1]).
وأوضحN معنى الأمر والنهي المراد منهما بقوله: "إذ لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه من النصوص وغيرها أنَّ المراد بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر الحمل على ذلك بإيجاد المعروف والتجنّب من المنكر لا مجرّد القول، وإن كان يقتضيه ظاهر لفظ الأمر والنهي، بل وبعض النصوص الواردة في تفسير قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ}([2]) المشتملة على الاكتفاء بالقول للأهل.. لكن ما سمعته من النصوص والفتاوى الدالَّة على أنَّهما يكونان بالقلب واللسان واليد صريح في إرادة حمل الناس عليهما بذلك كلّه، بل هو معنى قولهg: >ما جعل اللّه بسط اللسان وكفّ اليد، ولكن جعلهما يبسطان معا ويكفّان معا<.. بل منه يُعلَم أنَّ المراد حينئذٍ من إطلاق الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر في الكتاب والسنَّة حمل تارك المعروف وفاعل المنكر على الفعل والترك بالقلب على الوجه الذي ذكرناه، وباللسان وباليد كذلك.."([3]).
وصريح كلامه أنَّ المراد بالحمل هنا عدم إجبار الطرف الآخر أو إكراهه على مقتضى الأمر والنهي، وفي نفس الوقت عدم سقوط التكليف بمجرَّد إنشائهما، وإنَّما ضرورة الاستمرار بشتّى الطرق الممكنة لدفع الآخر على الالتزام بهما.
نعم، قد يصل الحال إلى الحؤول دون وقوع المنكر وترك المعروف باليد في بعض الصور، وهذا ما ذكره الفقهاء، يقول السيد اليزدي في حاشيته: "إنَّ مجرّد الطلب الشرعي لا يقتضي جواز إجباره عليه، إلا من باب الأمر بالمعروف مع وجود شرائطه..، وأمَّا مجرَّد الوجوب الشرعي فلا يختصّ به، بل لكلّ واحدٍ من المكلّفين إجباره من باب الأمر بالمعروف"([4]).
وهو ما يذكره مشهور مراجعنا المعاصرين في رسائلهم العمليّة في بحث مراتب الأمر والنهي، حين البحث في المرتبة الثالثة (باليد) كالسيد الإمام الخميني والسيد الخوئي والسيد السيستاني على تفصيلٍ، وكذلك الشيخ الشهيدي، وغيرهم.
يقول السيد الإمامS في التحرير: "(مسألة 8): لو توقّفت الحيلولة على حبسه في محلّ أو منعه عن الخروج من منزله جاز، بل وجب مراعياً للأيسر فالأيسر والأسهل فالأسهل، ولا يجوز إيذاؤه والضيق عليه في المعيشة.
(مسألة 9): لو لم يحصل المطلوب إلّا بنحوٍ من الضّيق والتحريج عليه، فالظاهر جوازه، بل وجوبه مراعياً للأيسر فالأيسر.
(مسألة 10): لو لم يحصل المطلوب إلّا بالضرب والإيلام، فالظاهر جوازهما مراعياً للأيسر فالأيسر والأسهل فالأسهل، وينبغي الاستئذان من الفقيه الجامع للشرائط، بل ينبغي ذلك في الحبس والتحريج ونحوهما"([5]).
ويقول السيد الخوئيN: "الثَّالثة: الإنكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية"([6]).
يقول بعض المعاصرين: "وعلى هذا فيجب على كلِّ مسلمٍ السّعي في بسط المعروف وإشاعته وقطع جذور المنكر والفساد والسعي.. بقدر المكنة، غاية الأمر أنَّ وجود العمل فيما استلزم الجراح مشروطٌ بإذن الحاكم، فيجب الاستئذان منه وإيقاع العمل تحت إشراف حكمه؛ لئلّا يلزم الهرج والمرج والاختلال"([7]).
ثانياً: القول الثَّاني
ما ذهب إليه المقدّس الأردبيليN وتبعه بعضُ المعاصرين، من أنَّ حقيقة الفريضة هي مجرَّد إنشاء الأمر والنهي، وأنكروا المرتبة الثَّالثة وهي مرتبة اليد.
قال المقدَّسN في معرض ردّه على افتقار الأمر والنهي إلى الجرح والقتل: "هذا غير صحيحٍ لو سُلِّم وجوب المنع بمهما أمكن مع الشرائط، والدليل عليه غير واضحٍ، ودليل الأمر والنهي لا يدلّ عليه؛ لأنَّ الجرح والقتل ليسا بأمرٍ ولا نهي، ودلالة دليلهما على أكثر من ذلك غير ظاهر"([8]).
وقد سُئِل الشيخ التبريزيN عن المرتبة الثالثة فأجاب: "في دخول الضرب ونحوه في مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إشكال.."([9]).
وقال السيد القميN: "المستفاد من الدليل اللفظي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن شئت قلت: لا دليل على منع حصول المنكر في الخارج، بل الدليل إنَّما دلّ على الأمر والنهي، فلا بدَّ من الاقتصار عليهما، والزائد عنهما يحتاج إلى دليلٍ ولم نجده، فلا بدّ من إتمام المدّعى بالإجماع والتسالم بين الأصحاب إن تمّا"([10]). وقد علّق ثبوتها على الإجماع إن تمَّ.
وقال بعضُ المعاصرين: "في الفقه عناوين متعدّدة كالنهي عن المنكر، وإنكار المنكر، تغيير المنكر، دفع الفساد، رفع الظلم، الحدود، التعزيرات.. في بعض الكتب خلطٌ بين هذه العناوين في الشرائط والتفاصيل وقبول هذه الاشتباهات له آثاره، ويمكن القول بأنَّ أساسه عدم الدّقة الكافية في العبارات الموجودة في الروايات.. وكلمتا (الأمر) و(النهي) ظاهرتان في الجانب اللساني عرفاً ولغةً، ولا تشملان حالة فرض المعروف ومنع المنكر بالقوّة فضلاً عن العنف الجسدي"([11]).
وقال آخر مؤيِّداً ومعلِّقاً على سابقه: "وهذا الكلام لا بأسَ به، لا أقلَّ في طرف الأمر بالمعروف، لا يشمل هذا المفهوم صورة ضربه أو جرحه أو ما شابه ذلك بوصف هذا الفعل أمراً، فالمطلوب هو الأمر، وليس سوى طلب الفعل لا القهر عليه، والمطلوب هو والنهي، وهو طلب الترك أو الزجر اللساني عنه، وإن كان مفهوم النهي يمكن أن يُتصوّر شموله للنهي بالقوّة، بخلاف مفهوم الأمر، لكنّ مقتضى انصراف التعبير عرفاً إلى الجانب اللساني ما لم يبرز دليل على ما هو أزيد"([12]).
المبحث الثَّاني: أدّلة القول الأوَّل
الدليل الأوَّل: الظَّاهر من الأمر والنهي
لا بدَّ من البحث في هاتين المفردتين أولاً في كلام الشارع وهل يمكن أن تكون حقيقة شرعية؟ ثمَّ في الرتبة الثَّانية محاولة الوقوف على معناهما عرفاً، ثمَّ الرجوع للمعنى اللغوي.
ولكن قد يقال: إنَّ هناك أموراً تثبت كون مفردتَيْ (الأمر والنهي) حقيقة شرعية، أو إنّها على الأقل تُحدث اختلالاً في ظهور كلام الشارع، ولهذا لا يمكن أن يقال: إنَّ هاتين الكلمتين استُعمِلتا في السنّة بنفس معناهما العرفي أو اللغوي، ومن ذلك الإجماع والروايات الكثيرة المثبِتة لتعدّد مراتبهما.
وسنذكر خصوصياتٍ ثمان ذكرها الفقهاء في بحوثهم الأصولية والفقهية بصورة متناثرة لعنوان (الأمر) مع تحليلها تباعاً:
إنَّ الأمر هو: "فعلٌ خاصّ، من شخصٍ خاصّ، إلى شخصٍ خاصّ، بعملٍ خاصّ، بقالبٍ خاصّ، بإيصالٍ خاصّ، بداعٍ خاصّ، بفهمٍ أو دركٍ خاصّ"، وتفصيل الكلام فيها:
الخصوصيّة الأولى: فعل خاصّ
للعلماء مبانٍ ونظرات مختلفة في معنى كون الأمر (فعل خاص):
المبنى الأوَّل: حمل الطرف الآخر على العمل بالجبر والقهر.
وعلى هذا المبنى توصّلوا إلى نتائج، من جملتها: أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس واجباً على الله تعالى، وهو مبنى نادر، يحتاج إلى بحثٍ لتحقيقه.
المبنى الثَّاني: معناه: جعل ما يمكن أن يكون داعياً بالفعل (فعلاً).
يعني أنَّ المولى يفعل فعلاً (إنشاء، جعل، قول) حتى يوجِد في نفس المكلَّف الداعي نحو المأمور، وهو رأي المحقِّق الأصفهانيS.
وبناءً على هذا المبنى قال بـ(الواجب المعلَّق) وهو وجوب فعليٌّ وواجب استقبالي كـ: الحج مستحيلٌ؛ لأنَّ وجوب الأمر (قِف عند عرفات) قبل زمان عرفات ليس فيه إمكان داعويّة، وبناءً عليه التزم بالتوقّف؛ لعدم وجود أمرٍ من هذا القبيل.
المبنى الثَّالث: جعل ما يمكن أن يكون داعياً ولو مستقبلاً.
وفقاً لهذا الرَّأي، إن لم يكن في الزمان الحاضر إمكان داعوية، إلا أنّه بلحاظ المستقبل يمكن أن يكون فإنّه يتحقّق الأمر، وهكذا إذا كان الأمر بالعكس موجوداً حدوثاً، وليس موجوداً بقاءً، فإنَّ الأمر يتحقّق.
وهو خلاف رأي المحقِّق الأصفهاني الذي يقول: الأمر هو الذي يكون من زمن الحدوث آناً فآناً فله إمكان داعوية. وهذا الرأي منسوبٌ للمحقِّق العراقي. وعليه يمكن تصوير الواجب المعلَّق.
المبنى الرَّابع: جعل ما يقتضي الداعوية والعبث.
يعني أن يكون فيه اقتضاء الداعوية والبعث ولو لم يتحقَّق في أيِّ زمان -بسبب الموانع الخارجية- ولم يصل هذا الاقتضاء إلى متن الوجود. وكمثال عليه: أنَّ النَّار مقتضية للإحراق، لكن يمكن أن يكونَ مانعٌ من تحقِّق الإحراق، وفي مثال (قِف عند عرفات) وهو واجب معلّق، كذلك الأمر (قِف) لولا مانعية الزمان لكان اقتضاء الدّاعوية موجوداً.
وهذا الرَّأي مسلك صاحب المنتقى.
النتيجة:
يمكن القول بأنَّ المبنى الرَّابع هو الصحيح؛ لأنَّ صرف اقتضاء الداعويّة للأمر كافٍ. نعم، في مورد ما لو علم المتكلِّم أنَّ أمره مقترنٌ دائماً بمانع فإنَّ إصدار هكذا أوامر اشتباه ولغو، وهذان مطلبان مختلفان.
الخصوصيَّة الثَّانية: شخص خاص
وهنا أربعة آراء في كتب الأصول والفقه لهذه الخصوصيّة:
- 1. أن يكون لشخص الآمر عُلُواً على المأمور.
- 2. أن يكون لشخص الآمر استعلاءً على المأمور.
- 3. أن يكون له عُلُواً واستعلاءً.
- 4. أن يكون في الآمر أحد الأمرين، ولو استلزم توبيخ الآمر أحياناً، كالطفل إذا أمر مستعلياً لمن هم أكبر منه.
ومن بعض عبارات العلماء في ذلك: قال الفاضل المقدادN في شرح الباب الحادي عشر: "أقول: الأمر طلب الفعل من الغير على جهة الاستعلاء، والنّهي طلب التّرك على جهة الاستعلاء أيضاً"([13]).
وقال الإمام الخمينيS في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "مسألة 12: الأمر والنَّهي في هذا الباب مولوي من قبل الآمر والناهي ولو كانا سافلين، فلا يكفي فيهما أن يقول: إنَّ اللّه أمرك بالصلاة أو نهاك عن شرب الخمر إلا أن يحصل المطلوب منهما، بل لا بدّ وأن يقول: صلّ مثلا، أو لا تشرب الخمر، ونحوهما ممَّا يفيد الأمر والنهي من قبله"([14]).
النتيجة:
بناءً على هذا نتوقّف عند هذه النكتة التي كانت مورد توجّه العلماء أيضاً، وهي الفحص بين الأدلّة وإلى ماذا تسوقنا من نتائج.
الخصوصية الثَّالثة: إلى شخصٍ خاصٍّ
لا يمكن توجيه الأمر للجدار أو الميِّت..، وإنَّما يكون لمن يمكن انبعاثه، وهو من يمتلك الشعور وقابلية الانبعاث، فهو يشعر وينبعث.
الخصوصيّة الرَّابعة: عمل خاصّ
أن يكون متعلَّق الأمر عملاً ممكناً، وعليه فلا يتحقَّق الأمر بقوله: "طِرْ إلى السَّماء"؛ لأنَّه ليس ممكناً.
الخصوصيّة الخامسة: بقالبٍ خاصٍّ
هل المراد بالأمر والنهي اللفظي ويكون في هيئة وصيغة الأمر والنهي، أو أنّه يستفاد فيهما من مادة الأمر والنهي، أو أنَّها تكفي إن كانت في قالب النصيحة أو التخويف أو وضع اليد على البعد الثقافي من خلال عرض الأفلام والصور.. إلى أن تأخذه شيئاً فشيئاً إلى طريق المعروف أو الانزجار عن الحرام، كلّ هذا محلّ بحثٍ.
الخصوصية السَّادسة: بإيصالٍ خاصٍّ
هل يجب إيصال الأمر والنهي إلى كلِّ واحد من التاركين للمعروف أو مرتكبي المنكر، أو يكفي إيصاله من خلال الرسالة أو الصحيفة العامَّة الانتشار (التي تكون في متناول الجميع)؟ هذا محلّ بحثٍ.
الخصوصيّة السَّابعة: بداعٍ خاصٍّ
لا بدَّ أن يكون الأمر والنهي بداعي تنبيه الشخص المأمور أو المنهيّ وإرجاعه لطاعة الله تعالى، وإلا -في غير هذه الحالة- يعدّ إخباراً بالحكم الشرعي، لا أمراً ونهياً، ولهذا قال السيد الإمامS إنَّ الأمر والنهي في هذا الباب مولويٌّ لا إرشادي، وليس المراد بالفرق بين المولوي والإرشادي هنا من ناحية المستعمل فيه، وإنَّما في ناحية الدواعي، ومثاله:
قوله: (أعِد صلاتك) المراد بالمعنى المستعمل فيه شيء، إلا أنّه أحياناً يُقال بداعي الإخبار عن بطلان الصلاة (إرشاد)، وأحياناً أخرى بداعي البعث والتحريك والإتيان (مولوي).
الخصوصيّة الثَّامنة: بفهمٍ وإدراك خاصٍّ
ما هو ملاك كون الأمر والنهي وبحسب رؤية من؟ هناك آراء:
- 1. النَّظرة العرفيّة العامّة هي الملاك.
- 2. رؤية المأمور والمنهي هي الملاك.
- 3. نظر كليهما لازم([15]).
يقول السيد الإمامS: "مسألة 11: لا يكفي في سقوط الوجوب بيان الحكم الشرعي أو بيان مفاسد ترك الواجب وفعل الحرام، إلا أن يفهم منه عرفاً ولو بالقرائن الأمر أو النهي، أو حصل المقصود منهما، بل الظاهر كفاية فهم الطرف منه الأمر أو النهي لقرينة خاصَّة وإن لم يفهم العرف منه"([16]).
هل هناك فرقٌ بين النهي عن المنكر، وإنكار المنكر؟
قال بعضُ المعاصرين ما نصّه: "إنَّ إنكار المنكر والنهي عن المنكر مقولتان منفصلتان عن بعضهما، وإحداهما تكون على صيغة قولية وعملية لا مكان فيها للضرب والجرح، والأخرى التي هي إنكار المنكر يجب فيها حشد كلّ الإمكانات الرادعة بما في ذلك القلب واللسان واليد"، وقال في موضع آخر: "إنَّ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر مرتبط بمقام الدفع، في حين إنَّ إنكار المنكر مرتبط بمقام الرفع"([17]).
وينحلُّ كلامه لدعويين:
الدعوى الأولى: أنَّهما عنوانان مختلفان منفصلان.
الدعوى الثَّانية: أنَّ النهي رفع، والإنكار دفع.
ومع أنَّه لم يذكر شواهد على دعوييه سوى ما وجَّه به الروايات التي ذكرت عنوان الإنكار بكونها أجنبية عن بحث النهي عن المنكر، إلا أنَّنا سنحاول مناقشته فيهما ضمن مراحل:
المرحلة الأولى: الوقوف على المعنى اللغوي لمفردتي البحث
(إنكار): ثلاثيٌّ مزيدٌ من باب إفعال، وقد ورد معناه في كتب اللغة، منها:
جاء في الوسيط: "أنکر الشيءَ": جهله. وفي التنزيل العزيز: {فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ}([18])، "وأنکر حقَّه"، وفي التنزيل العزيز: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا}([19])، وأنکر علی فلانٍ فعْلَه: عابَه ونهاه([20]).
وفي الطراز الأوَّل: "أنکَره إنکاراً واستنکره: خلاف عرفه، جهله وأنکر نفسَه وبصرَه: وجد فيهما ضعفاً، أنکر دعواه: نفَی صحتَها، وأنکر حقَّه: جهِله. وأنکر عليه فعلَه: عابه ونهاه عنه، وفعل به فعلاً يردعه عن ارتکابه"([21]).
أقول: لا شكّ أنَّ المراد في الروايات ليس المعنى الأوَّل بمعنى جهل حقّه، وإنَّما المراد به المعنى الثَّاني وهو عابه ونهاه عنه.
المرحلة الثَّانية: الوقوف على الاستعمال العرفي
إنَّ الاستعمالات العرفيّة لا تخرج عادةً عن فلك المعاني اللغوية، ولفظ الأمر والنهي وإن كان لهما معنى خاصّ، إلا أنّه لا يراد منهما غالباً حاقّ اللفظ ومفاده الأوَّلي الضيق، والذي يختلف باختلاف الموارد والأشخاص والظروف والحالات في كثيرٍ من الاستعمالات، فكيف إذا كانت هناك قرائن واضحة على ذلك كما فيما نحن فيه ممّا سيأتي في بحث الروايات.
المرحلة الثَّالثة: دراسة الروايات
من خلال مرورٍ سريعٍ على روايات أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الستة الأولى في الوسائل يُلاحَظ تنوّع التعبير فيها، وبعد إحصاء كلّ واحدٍ من هذه التعابير يجد الباحث أنَّ تعبير (النهي) هو أكثرها وروداً، فقد ورد في 17 رواية على الأقل، بمختلف صيغه: >لتنهنّ، وانهوا، تنهوا، نهوا، نهى، لا ينهي، نهيتم..<، أمّا تعبير (الإنكار) فقد ورد في ثمان روايات، واختلف نقل الشيخ عن الكليني في إحداها من >إنكاره< إلى >له كاره< فهي سبعة كقدر متيّقن، وثلاث روايات ورد فيها >التغيير<.
وتُحتمَل وجوهٌ لتنوّع التعابير في هذه النصوص، منها:
- 1. الوجه الأوَّل: الحمل على كونهما معنيين متباينين منفصلين تماماً.
- 2. الوجه الثَّاني: الحمل على العام والخاص، وأنَّ النهي عام، والإنكار أو التغيير خاص.
- 3. الوجه الثَّالث: الحمل على كون الإنكار مرتبة، والنهي مرتبة أخرى، والتغيير مرتبة ثالثة.
- 4. الوجه الرَّابع: الحمل على التنوّع مع وحدة المعنى.
أمّا الأوَّل فإنَّه حتى لو سلَّمنا جدلاً بأنَّ المعنى اللغوي وحتى العرفي للإنكار يختلف عن النهي -وهو ليس كذلك كما عرفت- إلا أنَّه بمعونة الروايات صار لهما مفهوماً ومصطلحاً شرعيّاً أشبه بالحقيقة الشرعية، ومن البعيد جداً القول بالتباين التام بينهما؛ وذلك لعدّة شواهد من روايات أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما والتي منها:
أولاً: ذُكِرت المراتب الثلاث في كلا النحوين من الروايات: التي عبَّرت بالنهي والتي عبّرت بالإنكار([22])، وهذه قرينة على اتحاد المراد منهما، إذ لا معنى لاختلافهما مع اتحاد مراتبهما وشروطهما.
ثانياً: إنَّ تنوّع التعبير تارةً بالنهي وأخرى بالإنكار لا يلازم بالضرورة اختلاف المراد، ولهذا شواهد في الأبواب الفقهية المختلفة، بل إنَّ روايات الباب نفسها قرينة على وحدة المعنى؛ حيث ورد كلا التعبيرين في رواية واحدة كـ(الباب3 ح12/ الباب10 ح9)، فإنَّ ذيلها يفسِّر صدرها، ويؤيّد ذلك ما ورد من تطبيق سيد الشهداءg لهذه الرواية في حركته، رغم إعلانه مسبقاً بأنّه خرج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: >إنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدي رسول اللهe أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر<([23]).
ثالثاً: استعمل لفظ الإنكار في أكثر من رواية بمعنى الإنكار القلبي (الباب 3 ح1، الباب5 ح1،2،11)، وفي هذا إشارة واضحة إلى أنَّه رفع لا دفع كما ادُّعي، لأنّه لا يحصل إلا بعد حصول المنكر، وليس منعاً له قبل وقوعه.
رابعاً: استعمل كذلك الإنكار في إظهار الانزعاج أمام أهل المعاصي كما في نقل الشيخ لرواية أمير المؤمنين (الباب6 ح1).
أمّا بالنسبة للوجوه الثلاثة الأُخَر، فيمكن القول من خلال ملاحظة مجموع الروايات استفادة ظهور النهي في الأعمّ من الإنكار والتغيير في جلّ الروايات، وأنّها في الوقت ذاته عبارة عن مراتب للنهي، وأنّها لو أُطلقت لوحدها في نصّ فإنّه يراد منها النهي إمّا بالترداف بينها، ومعنى الترادف هنا ليس بالمعنى المصطلح -وهو المعنى الموضوع له- بل المقصود به أنَّ المستعمل فيها واحدٌ، إمّا بالاستعمال المجازي، وإمّا من باب الحقيقة الشرعية أو المتشرّعية بسبب كثرة استعمال الشارع أو المتشرّعة.
وبهذا يتّضح حال الدعوى الثَّانية؛ فإنَّ الإنكار في جلِّ النصوص هو مرتبة من مراتب النهي عن المنكر، وليس شيئاً غيره، وهو بهذا نحو من الرفع لا الدفع، نعم، ذُكِر تعبير الإنكار في كلمات العلماء على أنّه حالة معنويّة ملازمة للإيمان، ولا يشترط فيها اجتماع شرائط الأمر والنهي؛ لأنَّها ليست منه.
يقول الشهيد الثَّانيN في روضته: "(ويجب الإنكار بالقلب) وهو أن يوجد فيه إرادة المعروف وكراهة المنكر (على كلِّ حال) سواء اجتمعت الشرائط أم لا، وسواء أمر أو نهى بغيره من المراتب أم لا؛ لأنَّ الإنكار القلبي بهذا المعنى من مقتضى الإيمان، ولا تلحقه مفسدة، ومع ذلك لا يدخل في قسمي الأمر والنهي، وإنمَّا هو حكم يختصّ بمن اطّلع على ما يخالف الشرع بإيجاد الواجب عليه من الاعتقاد في ذلك، وقد تجوّز كثير من الأصحاب في جعلهم هذا القسم من مراتب الأمر والنهي"([24]).
الدليل الثَّاني: الكتاب الكريم
لو رجعنا إلى الكتاب العزيز لأمكن استفادة وجود مراتب للأمر والنهي، وثبوت المرتبة الثَّالثة -في بعض الأحيان-، وبيان ذلك في نقاط:
النقطة الأولى: أنَّ آيات الأمر والنهي قد ذُكِرت بتعابير وصياغات مختلفة {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾([25])، {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}([26])، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}([27])، وهذه الصياغات -مع ضمّ سياقها- لا يظهر منها مجرّد الإنشاء، بل هي صِيَغٌ يستفاد منها الأثر العملي الخارجي.
النقطة الثَّانية: ظاهر بعض الآيات التدرّج في الأمر والنهي، منها: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه}([28])، {وَٱلّلَٰاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِى ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}([29]).
النقطة الثَّالثة: التمسّك بظاهر بعض الآيات
الأولى: ظهور الآية المباركة: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾([30]) في ثبوت الولاية للمؤمن على أخيه في الأمر والنهي، ومقتضى الإطلاق شمولها لكلِّ ما يؤدّي لحمله على المعروف وترك المنكر، ولو كان باليد([31]).
الثانية: جعل القرآن الكريم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عِداد أهمّ الفرائض كالصلاة والزكاة والصوم والحج، وعبَّر عنه وهو الحجَّة، ولذلك جعلته الآية في حديثها عن الرسول أوَّل صفة له في التوراة والإنجيل: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾([32]).
الثالثة: قَرْن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإيمان بالله، بل قُدِّم عليه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾([33]).
النتيجة:
لم يظهر من القرآن الكريم التأكيد على فريضةٍ بعد الصلاة والزكاة والجهاد كتأكيده على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقتضى المدلول الالتزامي لمجموع هذه النصوص لحاظ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على نحو الطريقية لتحقيق المعروف خارجاً والحيلولة دون وقوع المنكر، وإلا فلو كان المنظور مجرّد بعث الداعي وإيجاد الزاجر لم يكن وجه لتظافر هذه الألسنة الدالَّة على الأهمية القصوى لمسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتأمَّل.
الدليل الثَّالث: الرِّوايات الشَّريفة
أمَّا الروايات فيمكن الاستدلال بها بأكثر من نحو:
النحو الأوَّل: استقراء مفردة الزَّجر فيها
من خلال ما تقدَّم تبيَّن أنَّ تعبير (النهي) هو أكثرها وروداً، فقد ورد في سبعة عشر رواية على الأقل، بمختلف صيغه (لتنهنّ، وانهوا، تنهوا، نهوا، نهى، لا ينهي، نهيتم..)، أمّا تعبير (الإنكار) فقد ورد في ثمان روايات، واختلف نقل الشيخ عن الكليني في إحداها من >إنكاره< إلى >له كاره< فهي سبعة كقدر متيّقن، وثلاث روايات ورد فيها >التغيير<.
إنَّ التعبير بلفظ الأمر والنهي لا يراد منه حاقّ اللفظ ومفاده الأوَّلي الضيق، وذلك لعدّة قرائن:
1. قرينة روايات الباب، حيث تنوّع فيها التعبير غير هذا التعبير وعدم اقتصارها عليه، كتعبير التغيير والإنكار والأخذ، والمعنى في الأولى أوسع بلا شك من مجرّد الإنشاء، والمعنى في الثالثة أصرح في الحمل على تحقيق الشيء، ويؤيِّد ذلك تصريح الزهراءj في خطبتها بذلك عندما قال: >وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة، لردّهم وحملهم عليها<([34]).
2. حتى لو قبِلنا بأنَّ المعنى العرفي للأمر المعروف هو مرتبة اللسان، إلا أنَّه بمعونة الروايات صار مصطلحاً شرعيّاً كحقيقة شرعية لها معناها الخاص الشامل للمراتب الثلاث.
النحو الثَّاني: ملاحظة تنوّع عناوين الأبواب في الوسائل الكاشف عن تعدّد المراتب:
وجود مراتب في الروايات دليلٌ على وجود اختلاف بينها، وإلا لكانت مرتبة واحدة، فنفس تسليم الفقهاء قاطبة -منذ عصر الغيبة على ذلك- دليلٌ على أنَّ المراد ببعض المراتب التغيير العملي وحمل الآخر على مقتضاهما، وكشاهد على ذلك عناوين أبواب الوسائل:
- الباب الثالث: بَابُ وُجُوبِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِالْقَلْبِ، ثُمَّ بِاللِّسَانِ، ثُمَّ بِالْيَدِ، وَحُكْمِ الْقِتَالِ عَلَى ذَلِكَ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ.
- الباب الخامس: بَابُ وُجُوبِ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِالْقَلْبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَتَحْرِيمِ الرِّضَا بِهِ، وَوُجُوبِ الرِّضَا بِالْمَعْرُوفِ.
- الباب السادس: بَابُ وُجُوبِ إِظْهَارِ الْكَرَاهَةِ لِلْمُنْكَرِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ فَاعِلِهِ.
- الباب السابع: بَابُ وُجُوبِ هَجْرِ فَاعِلِ الْمُنْكَرِ، وَالتَّوَصُّلِ إِلَى إِزَالَتِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ مُمْكِنٍ.
النحو الثالث: الروايات الدَّالة على ثبوت المرتبة الثالثة
الرِّواية الأولى: صحيحة عبدالله بن سنان
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ g قَالَ: >جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِe فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي لَا تَدْفَعُ يَدَ لَامِسٍ، فَقَالَ: فَاحْبِسْهَا، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: فَامْنَعْ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ قَيِّدْهَا، فَإِنَّكَ لَا تَبَرُّهَا بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ تَمْنَعَهَا مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ a([35])<.
ظاهر الصحيحة أنَّ المنع عن محارم الله هو إحسانٌ للممنوع وليس ظلماً له، وحيث إنّه ليس ظلماً فلا وجه لتحريمه، إذ إنَّ ضرب الآخرين بغير وجه حقٍّ ظلمٌ وحرام، وإلا لم يكن كذلك، كما لو ضربه لإسعافه؛ لئلا يصاب بسكتة قلبية، أو لإيقاظه وهو يقود السيارة؛ لئلا يتعرّض لحادث مميت، فهذه الرواية على وِزان ذلك تقول بأنَّك إذا ضربت شخصاً لئلا يرتكب محرّماً فليس من الظلم في شيء، بل هو إحسان له، ولا يحتاج لإذن الحاكم.
الرواية الثَّانية: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِg قَالَ: >أَيُّمَا نَاشِئٍ نَشَأَ فِي قَوْمِهِ ثُمَّ لَمْ يُؤَدَّبْ عَلَى مَعْصِيَةٍ- كَانَ اللَّهُ أَوَّلَ مَا يُعَاقِبُهُمْ بِهِ- أَنْ يَنْقُصَ فِي أَرْزَاقِهِمْ<([36]).
هذه الرواية يمكن قراءتها بإحدى صياغتين:
1- بصيغة المعلوم >يؤدِّب<، فيصبح المعنى: من كان في قومٍ وكان يعصي الله سبحانه ولم يقوموا بتأديبه عنها..
2- بصيغة المجهول >يؤدَّب< فيكون المعنى: من كان في قومٍ وكان يعصي الله بينهم ولم يعتنِ أحدٌ منهم بإصلاحه..
والأوَّل أنسب لتعبير >نشأ في قومٍ<، وتقريب الاستدلال:
إنَّ التأديب ليس منحصراً في القول فقط، فهو يشمل العبوس والتوبيخ، بل وإعمال اليد بالضرب والقوّة، وأنَّ معنى الأمر والنهي معنىً جامع له مصاديق واسعة.
الرواية الثالثة: صحيحة ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللهg: >ما قُدِّست أمَّةٌ لم يُؤخَذ لضعيفها من قويّها بحقّه غير مُتَعْتَع<([37]).
بتقريب: إنَّ قوله >يؤخذ< ظاهرٌ بل صريحٌ في النهي العملي، وليس فقط إنشاء الأمر والنهي.
الرواية الرابعة: قول أمير المؤمنينg: >مَنْ تَرَكَ إِنْكَارَ الْمُنْكَرِ بِقَلْبِهِ وَيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَهُوَ مَيِّتٌ بَيْنَ الْأَحْيَاءِ<([38]).
الرواية الخامسة: ما روي عن الإمام الحسن بن عليّ العسكريg عن آبائهi عن النبيe- في حديث- قال: >لقد أوحى اللَّه إلى جبرئيل وأمره أن يخسف ببلد يشتمل على الكفّار والفجّار، فقال جبرئيل: يا ربِّ، أخسف بهم إلّا بفلان الزاهد ليعرف ماذا يأمره اللَّه فيه، فقال:
اخسف بفلان قبلهم فسأل ربَّه، فقال: يا ربِّ، عرِّفني لم ذلك وهو زاهد عابد؟ قال: مكّنت له وأقدرته، فهو لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، وكان يتوفّر على حبّهم في غضبي، فقالوا: يا رسول اللَّه، فكيف بنا ونحن لا نقدر على إنكار ما نشاهده من منكر؟ فقال رسول اللَّه e: لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر أو ليعمَّنَّكم عذاب اللَّه، ثمّ قال:
من رأى منكم منكراً فلينكر بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فحسبه أن يعلم اللَّه من قلبه أنّه لذلك كاره<([39]).
الدليل الرَّابع: مقتضى مناسبات الحكم والموضوع
وهو ما ذكره في الجواهر من أنَّ أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كثرتها تبيِّن أنَّ المصحِّح لإيجابه التوسّل به لإيجاب المعروف وإعدام المنكر، وقد ذكرت آثاراً لهذه الفريضة -سلباً وإيجاباً- وهذه لا تتحقّق بمجرّد الإنشاء، وإنَّما بتحقّق الآثار ووجود تغيّر خارجي، وهو معنى كون وجوب الأمر والنهي طريقيّاً؛ إذ حقيقة الأمر هو أمر بالمأمور به كما قالوا: "الأمر بالشيء أمر بذلك الشيء".
"ولو لم يكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإلزام العملي، فهو لا يخلو: إمّا أن يكون من باب إلقاء الحجّة أو من باب الوعظ والإرشاد، والأوَّل تحصيلٌ للحاصل لفرض قيام الحجّة على المكلّف بإلزامه الأوَّل -أي الإلزام الشرعي-، والثاني مستحبٌ، وهو خلاف المفروض للإجماع والتسالم على وجوب هذه الفريضة الشريفة بالجملة"([40]).
وقد ناقش سيدُ المستمسك صاحبَ الجواهر بأنَّ غاية ما يظهر من لسان الأدلّة أنّ الغرض المنظور إيجاد الداعي للمعروف في نفس المخاطب وغرس الزاجر عن المنكر، ولذا لا يُكتفَى بمجرَّد الأمر والنهي مصحِّحاً لصدق الآمر والناهي عليه([41]).
إشكال وجواب:
الإشكال: تعارض الرِّوايات في ذيل آية الوقاية مع روايات تنويع مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قد أشار صاحب الجواهرN إلى الإشكال في طيّات كلامه الآنف الذكر، قال: "إذ لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه من النُّصوص وغيرها أنَّ المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحملُ على ذلك بإيجاد المعروف والتجنّب من المنكر لا مجرّد القول"، ثمَّ أشار له بقوله: "وإن كان يقتضيه ظاهر لفظ الأمر والنهي، بل وبعض النصوص الواردة في تفسير قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ والْحِجارَةُ} المشتملة على الاكتفاء بالقول للأهل افعلوا كذا واتركوا كذا<"، قال الصادقg في خبر عبد الأعلى مولى آل سام: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً} جَلَسَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْكِي، وَقَالَ: أَنَا عَجَزْتُ عَنْ نَفْسِي كُلِّفْتُ أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِe: >حَسْبُكَ أَنْ تَأْمُرَهُمْ بِمَا تَأْمُرُ بِهِ نَفْسَكَ وَتَنْهَاهُمْ عَمَّا تَنْهَى عَنْهُ نَفْسَكَ<، وخبر أبي بصير في الآية >فِي قَوْلِ اللَّهِ a: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً} قُلْتُ: كَيْفَ أَقِيهِمْ؟ قَالَ: >تَأْمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَتَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ، فَإِنْ أَطَاعُوكَ كُنْتَ قَدْ وَقَيْتَهُمْ، وَإِنْ عَصَوْكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ<، وفي خبره الآخر عن أبي عبد اللّه g: >فِي قَوْلِ اللَّهِ a: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً}، كَيْفَ نَقِي أَهْلَنَا؟ قَالَ: >تَأْمُرُونَهُمْ وَتَنْهَوْنَهُم<.
وأنَّ جواب النبيe على السائل الذي بكى بالاكتفاء بمرتبة اللسان فيه إلغاء للمراتب، وهو ما يتنافى مع روايات المراتب.
جواب الإشكال:
جواب صاحب الجواهر: حمل الظاهر على النّص:
أجاب صاحب الجواهر عن هذا الإشكال بحمل الظاهر على النّص بقوله: "لكن ما سمعته من النصوص والفتاوى الدالة على أنَّهما يكونان بالقلب واللسان واليد صريح في إرادة حمل الناس عليهما بذلك كلّه، بل هو معنى قولهg: >ما جعل الله بسط اللسان وكفّ اليد، ولكن جعلهما يُبسَطان معا ويَكُفّان معا<. فيمكن إرادة ما يشمل الضرب ونحوه من أمر الأهل ونهيهم، كما أنَّه صرَّح في النصوص أيضاً بالهجر وتغيّر الوجه وغيرهما ممَّا يراد منه الطلب بواسطة هذه الأمور، لا مجرَّد القول كما هو واضح بأدنى تأمُّل ونظر، بل منه يُعلَم أنَّ المراد حينئذٍ من إطلاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الكتاب والسنَّة حمل تارك المعروف وفاعل المنكر على الفعل والترك بالقلب على الوجه الذي ذكرناه، وباللسان وباليد كذلك"([42]).
ويمكن مناقشته:
إنَّ حملَ الظاهر على النَّص لا مانع منه في نفسه، إلا أنَّ الظاهر في مورد الكلام آبٍ عن الحمل على النَّص، لأنَّ الشخص -مورد الرواية- بكى لشدّة ثقل المسؤولية وصعوبة خروجه من عهدتها، ولذلك قال لهe: >حَسْبُكَ أَنْ تَأْمُرَهُمْ بِمَا تَأْمُرُ بِهِ نَفْسَكَ، وَتَنْهَاهُمْ عَمَّا تَنْهَى عَنْهُ نَفْسَكَ<([43])، ولهذا فإنَّ جمع صاحب الجواهر لا يتلاءم وما أراده النبيّe من التخفيف من ألم السّائل، فحمل الرواية >تَأْمُرُونَهُمْ وَتَنْهَوْنَهُمْ< على الأعمّ من اللساني والقلبي واليدي بهذا النحو ليس تامّاً.
والصحيح في الجواب: تخصيص هذه لتلك المطلقات.
ويمكن القول إنَّ تكليف الإنسان تجاه أهله -كالأوَّلاد والعائلة- يختلف عن الآخرين، فيقتصر الأمر والنهي فيهم على مرتبة اللسان، إذ لو أنَّ الأب بلغ إلى المرتبة الثالثة مع ولده قد يؤدّي ذلك لمردودات عكسية كقطع الولد علاقته بأبيه، أو هروبه من البيت، وهذا كلُّه يؤثّر على تربيته، لهذا أراد الشارع حفظ النسيج الأسريّ.
إذاً، حيث إنَّ هذا الاحتمال عقلائي فإنّنا نمنع الأوَّلوية لغير الأهل على الأهل، بل نجعل الخصوصيّة للأهل، والنتيجة أنَّ هذه الروايات في ذيل الآية -وهي الخاصّة بالأهل- أخصّ مطلقاً من روايات المراتب الثلاث، فنحمل المطلق على المقيِّد، والنتيجة: إنَّ مرتبة اليد واجبة في غير الأهل، أمَّا الأهل فحيث إنَّ فيها مفسدة أكبر فلا.
وهذا ليس بغريبٍ، فإنَّ بعض الفقهاء المعاصرين -من جملتهم السيد السيستاني([44])- ذهبوا إلى خصوصية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الوالدين، وأنّه لا يكون إلا بالكلام الليِّن؛ وذلك لأنَّ الشارع جعل لهما احتراماً خاصّاً، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنَّه وفقاً لروايات آية الوقاية فإنَّ الواجب في أمر الأهل ونهيهم هو خصوص مرتبة اللسان([45]).
المبحث الثَّالث: أدلَّة القول الثَّاني
خلاصة ما ذُكِر في طيَّات كلام أصحاب القول الثَّاني ثلاثة وجوه:
الوجه الأوَّل: لا يمكن التمسُّك بالعمومات والمطلقات الآمرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنَّها ليست في مقام البيان من ناحية آلياته وأساليبه، فلا يمكن الاستناد إليها لإثبات المرتبة الثالثة بمعنى الضرب.
الوجه الثَّاني: إنَّ كثيراً من روايات المرتبة الثالثة (اليد) ضعيفة السند بالإرسال.
الوجه الثَّالث: مع فرض ثبوت بعض الروايات، فإنَّه يمكن فهمها على أنَّ المراد باليد هي القدرة وممارسة القوّة على المستوى السياسي والاجتماعي بإقامة دولة العدل وإجراء قوانين الإسلام في الحقوق المدنية والجزائية والجنائية ونحو ذلك، أو الوقوف ضدّ حكّام الجور، وتغيير المنكر بالثورة عليه، وممارسة الجهاد ضدّ الكافرين والطاغين.
الخاتمة:
توصّلنا من خلال العرض المتقدّم إلى مجموعة من النتائج، أهمّها:
أولاً: لحاظ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على نحو الطريقية لتحقيق المعروف خارجاً والحيلولة دون وقوع المنكر.
ثانياً: يعني أن يكون فيه اقتضاء الدّاعوية والبعث ولو لم يتحقّق في أيّ زمانٍ -بسبب الموانع الخارجية- ولم يصل هذا الاقتضاء إلى متن الوجود.
ثالثاً: بملاحظة مجموع الروايات يمكن القول إنَّ ظهور كلمة النَّهي يعمّ الإنكار والتغيير في جلّ الروايات، وأنّها في الوقت ذاته عبارة عن مراتب للنهي، وأنّها لو أُطْلِقت لوحدها في نصّ فإنّه يُراد منها النهي إمّا بالترداف أو المجاز، أو من باب الحقيقة الشرعية أو المتشرّعية بسبب كثرة استعمال الشارع أو المتشرّعة.
رابعاً: إنَّ القول الأوَّل هو الصحيح، فبعد التسليم بعدم الخلاف بين الفقهاء في ثبوت المرتبة الثالثة، والإجماع عند جميع المسلمين على ذلك، والذي قد يرقى إلى مستوى الضرورة الفقهية، حيث ساقها بعضهم مساق الأمور الجزميّة الواضحة والمسلّمات القطعية الثابتة، فإنَّ هذا -وغيره من الشواهد- يورث الاطمئنان بل اليقين بثبوتها، خصوصاً بلحاظ ألسنة الآيات والروايات واستفاضة الروايات الشريفة المثبتة لها، وصحّة بعضها.
خامساً: لا وجّه للتكلّف في توجيه الآيات والروايات وطرحها مع صراحتها وتظافرها.
سادساً: لا يلزم من إعمال اليد أيّ محذورٍ؛ لأنّه مشروط -خصوصاً إذا ما أدّى للكسر والجرح- بإذن الحاكم الشرعي.
والحمد لله أولاً وآخراً، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الغرّ الميامين.
([1]) النجفي، محمَّد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج21: 377.
([2]) التحريم: 6.
([3]) النجفي، محمَّد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج21: 381.
([4]) اليزدي، حاشية على المكاسب ج1: 146، التعليقة (200).
([5]) الخميني، روح الله، تحرير الوسيلة ج1: 457.
([6]) الخوئي، أبو القاسم، منهاج الصالحين، ج1: 352.
([7]) المنتظري، حسين، دراسات في ولاية الفقيه للشيخ المنتظري ج2: 219.
([8]) الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان ج7: 542.
([9]) التبريزي، جواد، صراط النجاة ج3: 140.
([10]) القمي، محمَّد تقي، مباني منهاج الصالحين ج7: 157.
([11]) الصانعي، يوسف، الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: 15.
([12]) حب الله، حيدر، فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 485.
([13]) السيوري، المقداد، الباب الحادي عشر مع شرحيه النافع يوم الحشر ومفتاح الباب، النص: 57.
([14]) الخميني، روح الله، تحرير الوسيلة ج1: 465.
([15]) مستفاد من تقريرات درس الشيخ شب زنده دار، بتصرّف وترجمة.
([16]) الخميني، روح الله، تحرير الوسيلة ج1: 464.
([17]) الصانعي، يوسف، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 54، 48.
([18]) يوسف: 58.
([19]) النحل: 83.
([20]) مجمع اللغة العربية، الوسيط: 951.
([21]) الحسيني، السيد علي، الطراز الأوَّل ج9: 373، ماده نکر.
([22]) الباب3 ح4،8،9،10/ الباب5 ح11.
([23]) المجلسي، محمَّد باقر، بحار الأنوار ج44: 329.
([24]) العاملي، محمَّد بن مكي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج2: 417.
([25]) المائدة: 79.
([26]) المائدة: 63.
([27]) آل عمران: 104.
([28]) الحجرات: 9.
([29]) النساء: 34.
([30]) التوبة: 71.
([31]) انظر: شبكة المنير، محاضرة للسيد منير الخباز.
([32]) الأعراف: 157.
([33]) آل عمران: 110.
([34]) الطبرسي، أحمد، الاحتجاج ج1: 139.
([35]) العاملي، الحر، وسائل الشيعة ج28: 150.
([36]) العاملي، الحر، وسائل الشيعة ج11: 395.
([37]) العاملي، الحر، وسائل الشيعة ج11: 395.
([38]) العاملي، الحر، وسائل الشيعة ج16: 132.
([39]) العاملي، الحر، وسائل الشيعة ج 16: 134- 135.
([40]) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للمرحوم الشيخ طالب الخليل شهيد الانتفاضة الشعبانية: 154.
([41]) انظر: محاضرة بعنوان (مفهوم الإصلاح) في شبكة المنير، ولم أجد نصّه في عبارات المستمسك.
([42]) النجفي، محمَّد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج21: 381.
([43]) الطوسي، محمَّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج 6: 178 ح13.
([44]) منهاج الصالحين ـ العبادات (السيستاني) ج1: 421.
([45]) مستفادة من درس خارج فقه (فارسى) للأستاذ محمد مهدي شبزندهدار 96/10/04.
0 التعليق
ارسال التعليق