عاشوراء الحسين (ع)

عاشوراء الحسين (ع)

قبل قراءة أي قضية ودراستها لابد من تحديد المنهجية لهذه القراءة، فمع تعدد منهجية القراءة والنظر للهدف من هذه الدراسة يكون تحديد الفوائد المترقبة والثمار المجنية منها تبعا لمنهجية الدراسة إن كانت صحيحة أم لا، وإذا كانت صحيحة فهل هي الأصح والأفضل للوصول للنتائج الأفضل والأرقى درجة؟ فإن حدد منهجية ضيقة ولا تشمل كل الجوانب التي ينبغي التطرق لها فتكون القراءة جزئية وإلا فتكون عكس ذلك، فإذا رجعنا للقرآن الكريم الذي هو مترابط مع بعضه البعض وضممنا كل آية إلى الأخرى فلا يحدث خلل بل تتضح الصورة أكثر، وكذلك الثقل الثاني العدل للقرآن الكريم وهم العترة الطاهرة حيث لابد من ربط حياة كل معصوم عليه السلام بحياة الآخر لنحصل على معرفة أكثر وضوحا من دون تشويش، وكما هو أحد المناهج المتبعة في تفسير القرآن بالقرآن فإنه توجد منهجية لمعرفة المعصوم بالمعصوم وبذلك تكون المعرفة أدق وأشمل.

عاشوراء أنموذج:

فعلى سبيل المثال إذا أردنا التعرف على عاشوراء لابد من الرجوع للقرآن وقراءة عاشوراء من القرآن والرجوع للمعصوم وكذا ربط حياة المعصوم المعاصر لعاشوراء ومواقفه مع بعضها البعض وأخذ كل ما يتعلق بها، بل ضم حياة جميع الأئمة (ع) ومواقفهم بشتى الأساليب إلى بعضها الآخر فتكون بطريق مباشر أو غير مباشر متعلقة بعاشوراء، إذ ربما يتوهم بأن هناك من المواقف من قبل المعصوم لا تمتّ بصلة بعاشوراء ولكن مع التدقيق نجد أن كل تصرفات المعصوم (ع) هي تمثل الإسلام الصحيح وتطبق ما يهدف إليه جميع الأنبياء والرسل وإيصال الإنسان نحو الكمال عن طريق إتباع أوامر المولى، وكل ذلك يصب في مصب الإسلام العزيز والدين القويم، ولا شك أن كل ما جاء به القرآن وحياة كل معصوم قولا وعملا تمثل الإسلام سواء على الصعيد الديني أو الدنيوي المتعلق بالدين، وكذلك كما هو واضح مصب عاشوراء، فالدعاء متعلق بعاشوراء والأخلاق في عاشوراء والجهاد في عاشوراء والعلم في عاشوراء والعرفان في عاشوراء والصبر في عاشوراء وتطبيق حقوق الله وحقوق الخلق وحقوق النفس كان في عاشوراء وكذا عكسه كان موجودا في عاشوراء من الطرف المقابل كل ذلك كان في عاشوراء، بل حتى الغيبة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام هي امتداد لعاشوراء مع ما يخفى علينا من أسرارها إلا أننا نستمد ذلك مما جاء عنهم (ع).

كما ينبغي أن نربط أحداث عاشوراء مع بعضها لتكون لنا أوضح وأجلى مع جلائها فنبحر في كلمات وخطابات عاشوراء مع الغوص في الأخلاق السياسية لها وضم العلم المتدفق من جميع جوانبها والعاطفة المؤثرة على الأفئدة والعرفان الحقيقي والعقائد الراسخة والفكر السليم والحالة الاقتصادية لتلك الحادثة والحالة النفسية لشخصياتها وتركيبة مجتمعها والروحية العارجة من طرف والعبادة المتألقة وجميع العوامل والظروف المتعلقة بها، فبضم كل ذلك تتكون لدينا قراءة كلية فنتواصل معها بجميع أنواع التواصل، فكريا وعقائديا وعاطفيا وغيرها من أقسام التواصل الإيجابي، ولا نحجم عاشوراء في جنبة من الجنبات مع علوها في كل الجنبات أو نضيقها في جهة من الجهات في حوادثها والتفاعل معها فلا يخرج المجتمع واعيا للواقعة وبخصوص هذا الزمان الذي يختلف عن زمان الأجداد والآباء في عقيدتهم فكرهم.

وإذا ما نظرنا لعاشوراء بأنها جزء ضروري من الكون فوجودها ضرورة تكوينية (كونية) دعمتها الضرورة التشريعية وبعدم عاشوراء يكون الخلل المذموم في العالم التكويني مما يستلزم العبث، مع الالتفات إلى أن كل ذلك لا يستلزم الجبر نحو جهة من الجهات إذ القضية مع عواملها وأسبابها لا تضر بضروريتها وكل ذلك متعلق بعلم الله وحكمته جل وعلا.

ولنذكر مثال كي تتضح الصورة أكثر:

إن من الثابت في محله أن هناك من الصفات لواجب الوجود ما هو مختص بذاته بلحاظ، وهناك منها ما يتجلي بمخلوقاته من الأولياء والصفوة، وأبرز وأكمل مصداق للأولياء هم نبي الرحمة (ص) وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام وسيد الشهداء (ع) قد تجلت فيه هذه الصفات، فلو تأملنا في سيرة الحسين (ع) وحياته وشخصيته فلكي نستفيد الاستفادة المطلوبة قدر الإمكان لابد أن نضم هذه الصفات لبعضها الآخر، الرحمة في الله للشدة في الله والعفو في سبيل الله للغضب والعقاب في سبيل رضا الله والقوة في سبيل الله للرأفة في الله... وهكذا لنسد على كل من يدعي أو يتوهم أن هناك ثمة إشكال أو ملاحظة على واقعة عاشوراء أو جزئياتها التفصيلية ويكون توضيحا لمن يشتبه بأمر يدعي أن عقله لا يتقبله كما هو الرد على المشتبه في مقام توحيد الواجب وصفاته سواء في الأمور التكوينية أو التشريعية وسواء منشأ الإشكال هو شبة أم عنادٌ أو أي منشأ آخر مع اختلاف الأساليب، كما أن هناك فوائد لزيادة المعرفة وجلاء الرؤية الكونية لواقعة عاشوراء.

هذا مثال للتوضيح وهناك أمور أخرى أكبر أهمية على مستوى العقيدة والفكر وغيرها من الجوانب الرئيسة على الصعيدين العلمي والعلمي، وبذلك يتم تطبيق المنهجية التي تساهم في عموم الفائدة بعد توضيح نقاط أخرى ترتبط بذلك من آليات وقواعد وأهداف.

 


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا