صلاة ليلة الرغائب

صلاة ليلة الرغائب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد فقد لوحظ في السنوات الأخيرة اهتمام الكثير من المؤمنين أيدهم الله بالصلاة المعروفة بصلاة ليلة الرغائب، فيقومون بالإعداد والترويج لها قبل شهر رجب بفترة، ويُدعى بعض أهل العلم لأدائها في المسجد ليؤديها المؤمنون معه بالمتابعة، ونتيجة لذلك كثرت أسئلة المؤمنين عن هذه الصلاة وفضلها، وقد تكررت الإجابة منا شفاهاً على هذه المسألة كما قام بعض إخواننا من أهل العلم بالإجابة أيضاً، ولكن مع ذلك فالأسئلة لا زالت تترى في كل عام ولعل السبب عدم اطلاع الكثيرين على الإجابات الصادرة، فلذا اقترح بعض الإخوان أن نحرر الكلام في هذه المسألة بما يرفع عنها اللبس والإبهام.

صلاة ليلة الرغائب في مصادر العامة

الكثير من مصادر العامة أشارت لهذه الصلاة، وسنذكر بعضاً

من أقدم تلك المصادر التي عثرنا عليها:

الأول: ما أورده الغزالي(المتوفى سنة 505هـ) في كتابه المعروف (إحياء علوم الدين) حيث قال: "أما صلاة رجب فقد روي بإسناد عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) أنه قال: "ما من أحد يصوم أول خميس من رجب ثم يصلّي فيما بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثلاث مرات و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اثنتي عشرة مرّة، فإذا فرغ من صلاته صلّى عليّ سبعين مرة يقول: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله، ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، ثم يسجد سجدة أخرى ويقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل حاجته في سجوده فإنها تقضى، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لا يصلي أحد هذه الصلاة إلا غفر الله تعالى له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار. فهذه صلاة مستحبة، وإنما أوردناها في هذا القسم لأنها تتكرر بتكرر السنين وإن كانت رتبتها لا تبلغ رتبة التراويح وصلاة العيد؛ لأن هذه الصلاة نقلها الآحاد، ولكني رأيتُ أهل القدس بأجمعهم يواظبون عليها ولا يسمحون بتركها فأحببت إيرادها"(1).

الثاني: ما نقله الشيخ عبد القادر الجيلاني(المتوفى سنة 561هـ) حيث قال: "أخبرنا الشيخ أبو البركات هبة الله السقطي، أنا القاضي أبو الفضل جعفر بن يحيى بن كمال المكي، أنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الكريم بن محمد بن محمد الجزري بمكة في المسجد الحرام، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم الهمداني، انا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد السعدي البصري، أخبرنا أبي قال: أنا خلف بن عبد الله الصنعاني، عن حميد الطويل، عن أنس قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي. قيل: ما معنى قولك شهر الله؟ قال: لأنه مخصوص بالمغفرة، وفيه تحقن الدماء، وفيه تاب الله على أنبيائه، وفيه أنقذ أوليائه من يد أعدائه، من صامه واستوجب على الله ثلاثة أشياء، مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه، وعصمة فيما بقي من عمره، وأما الثالث يأمن من العطش يوم العرض الأكبر. فقام شيخ ضعيف فقال: يا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) إني أعجز عن صيامه كله. فقال: صم أول يوم منه وأوسط يوم منه وآخر يوم منه فإنك تعطى ثواب من صام كله فإن الحسنة بعشرة أمثالها ولكن لا تغفلوا عن أول ليلة جمعة في رجب فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لا يبقى ملك من جميع السموات والأرضين إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها، فيطلع الله عليهم اطلاعه فيقول: ملائكتي سلوني ما شئتم. فيقولون: ربنا حاجتنا أن تغفر لصوام رجب. فيقول الله: قد فعلت ذلك. ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): فما من أحد يصوم أول خميس من رجب ثم يصلّي ما بين المغرب والعشاء يعني ليلة الجمعة اثنتي عشر ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و{إِنَّا أَنْزَلْنَ اهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثلاث مرات و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}  اثنتي عشرة مرة ويفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة يقول: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم. ثم يسجد سجدة يقول في سجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. سبعين مرة، ثم يرفع رأسه فيقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت العزيز الأعظم سبعين مرة، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في الأولى يسأل الله حاجته في سجوده فإنها تقضى، والذي نفسي بيده ما من عبد ولا أمة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعدد قطر الأمطار وورق الأشجار وشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته، فإذا كان أول ليلة في قبره جاء ثواب هذه الصلاة بوجه طلق ولسان زلق فيقول له: يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل شدة. فيقول: من أنت فو الله ما رأيتُ رجلا أحسن وجهاً من وجهك، ولا سمعتُ كلاماً أحلى من كلامك ولا شممتُ رائحة أطيب من رائحتك. فيقول له: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها في ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا جئتُ الليلة لأقضي حاجتك وآنس وحدتك وأدفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور أظللتك في عرصة القيامة على رأسك فأبشر فلن تعدم الخير من مولاك أبدا»"(2).

الثالث: ما نقله ابن عساكر (المتوفى سنة 571هـ) في كتابه (معجم الشيوخ) حيث قال: "أخبرنا بدل بن الحسين بن علي أبو الحسن الحلواني الفقيه بقراءتي عليه بحلوان، قال: أبنا عبد الملك بن أحمد بن أبي المحاسن الحلواني، أخبرني الأديب أبو الفوارس بن بنجير القرماساني، قال: أبنا قاضي القضاة أبو منصور عبد الجبار بن أحمد، أخبرني الإمام أبو بكر محمد بن نصر الهمذاني، أبنا الشيخ الفقيه أبو منصور بن عبد الملك بن عبد الغفار، قال أبنا والدي أبو القاسم عبد الملك، أبنا أبو الحسن علي بن عبد الله فيما أذن لي بالرواية عنه، أبنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد البصير، حدثني أبي، ثنا خلف بن عبد الله الصغاني، عن حميد الطويل عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «رجب شهر الله تعالى وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي. قيل يا رسول الله ما معنى قولك شهر الله قال: لأنه مخصوص بالمغفرة فيه وتحقن فيه الدماء وفيه تاب الله على أنبيائه صلوات الله عليهم وفيه أنقذ أولياءه من بلاء عذابه... وذكر الحديث بطوله في صلاة الرغائب»"(3).

الرابع: ما أورده ابن الجوزي(المتوفى سنة 597هـ) في كتابه (الموضوعات) حيث قال: "صلاة الرغائب: أنبأنا علي بن عبيد الله بن الزاغوني، أنبأنا أبو زيد عبد الله بن عبد الملك الأصفهاني، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة، (حيلولة) وأنبأنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو الحصين علي بن عبد الله ابن جهيم الصوفي، حدثنا علي بن محمد بن سعيد البصري، حدثنا أبي حدثنا خلف ابن عبد الله وهو الصغاني، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي... ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): وما من أحد يصوم يوم الخميس أول خميس في رجب، ثم يصلى فيما بين العشاء والعتمة، يعنى ليلة الجمعة، اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات، وقل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة، ثم يقول: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله، ثم يسجد فيقول في سجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه فيقول: رب اغفر لي وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العزيز الأعظم سبعين مرة، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله تعالى حاجته، فإنها تقضى»"(4).

الخامس: ما أورده أبو القاسم عبد الرحمن بن اسماعيل المقدسي المعروف بأبي شامة المتوفى سنة 665هـ في كتابه (الباعث على انكار البدع) حيث قال: "ما أخبرنا به غير واحد عن الحافظ أبي القاسم سماعاً منه، قال: أنا أبو الفتح نصر بن محمد الفقيه، حدثنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد، أنا أبو سعد أحمد بن مظفر الهمداني، حدثنا أبو منصور محمد بن أحمد الأصبهاني، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهمداني بمكة حرسها الله تعالى، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد البصري، حدثني أبي، حدثنا خلف بن عبد الله الصنعاني، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فذكر الحديث في فضل صوم رجب، ثم قال: «لا تغفلوا عن ليلة أول جمعة فيه فإنها ليلة تسميها الملائكة الرغائب، ما من احد يصوم أول خميس في رجب، ثم يصلي فيها بين العشاء والعتمة اثني عشر ركعة... -فذكر صفة الصلاة- ثم قال إلا غفر الله له ذنوبه»"(5).

تنبيه مهم:

ورد في كتاب (مفيد العلوم ومبيد الهموم) المطبوع بمصر سنة 1906م والمطبوع مرة ثانية ببيروت سنة 2006م، وهو منسوب لأبي بكر محمد بن العباس الخوارزمي (المتوفى سنة 383هـ) ما نصه: "صلاة الرغائب في أول ليلة الجمعة من شهر رجب ما بين المغرب الى العشاء يصلي اثني عشر ركعة بست تسليمات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة القدر {إِنَّا أَنْزَلْناهُ} ثلاث مرات و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اثنتي عشرة مرة فإذا فرغ من الصلاة يصلي على النبي (صلَّى الله عليه وآله) سبعين مرة يقول اللهم صل على النبي الأمي محمد وآله ثم يسجد ويقول سبعين مرة سبوح قدوس رب الملائكة والروح ثم يرفع رأسه من السجود ويسأل الله حاجته وسميت صلاة الرغائب، لأن الملائكة ترغب في هذا الطول لشرفها. قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): «والذي بعثني بالحق ما من عبد ولا أمة يصلي هذه الصلاة الا غفر الله له ذنوبه ولو كانت بعدد نجوم السماء ورمل الأرض وزبد البحر وشفعه الله تعالى في سبعين من قبيلته ممن استوجبوا النار وإذا كانت الليلة الأولى التي يوضع فيها الميت في قبره يأتيه ثواب هذه الصلاة ويقول أبشر فإنك قد نجوت من هموم الدنيا وأنا مؤنسك ونور في قبرك وفي القيامة تكون في ظلي، ومن صلى هذه الصلاة خصه الله بثلاثة أشياء، يغفر الله له ذنوبه ويعصمه من المعاصي ويقضي حاجته»"(6).

ولكن يشكك البعض في نسبة الكتاب له، وقد ظهر لنا جليّاً بعد تصفح الكتاب عدم صحة نسبته للخوارزمي لعدة قرائن في متن الكتاب(7)، وقد صرح حاجي خليفة (المتوفى سنة 1067هـ) في كشف الظنون أن هذا الكتاب لبعض المغاربة المتأخرين(8)، وطبع في بيروت بتحقيق (محمد عبد القادر عطا) وكُتب عليه أنه من تأليف زكريا بن محمد بن محمود القزويني المتوفى سنة (682هـ) وهو الأقرب لعدة قرائن(9)، وبهذا يظهر أنه متأخر، وروايته مرسلة، فلم نعتبره من المصادر الأصلية لصلاة الرغائب في كتب العامة.

ملاحظات حول مصادر العامة:

1- تربط الكثير من المصادر بين صلاة الرغائب التي أشرنا لها وبين صلاة ليلة النصف من شعبان التي تُصلّى مائة ركعة بكيفية خاصة، حيث تربط بينهما سواء في الحكم أم في فترة الرواج.

2- تؤكد الكثير من المصادر أن هذه الصلاة انتشرت في أوساط السنة في القرنين الخامس والسادس الهجريين، حيث عمّت العديد من المدن والأقطار، وأن مبدأ انتشار هذه الصلاة على نطاق واسع كان في سنة 480هـ في بيت المقدس، وفي ذلك يقول محمد بن الوليد الطرطوشي (المتوفى سنة 530هـ) في كتابه الحوادث والبدع: "أخبرني أبو محمد المقدسي قال: لم يكن عندنا في بيت المقدس قط (صلاة الرغائب) هذه التي تُصلّى في رجب وشعبان، وأول ما حدثت عندنا في أول سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، قدم علينا في بيت المقدس رجل من (نابلس) يعرف بابن أبي الحمراء، وكان حسن التلاوة، فقام، فصلّى في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان، فأحرم خلفه رجل، ثم انضاف إليهما ثالث ورابع، فما ختمها إلا وهم في جماعة كثيرة، ثم جاء في العام القابل، فصلّى معه خلق كثير، وشاعت في المسجد، وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى وبيوت الناس ومنازلهم، ثم استقرت كأنها سُنّة إلى يومنا هذا. فقلتُ له: فأنا رأيتُك تصليها في جماعة؟ قال: نعم وأستغفر الله منها. قال: وأما صلاة رجب فلم تحدث عندنا في بيت المقدس إلا بعد سنة ثمانين وأربعمائة. وما كنّا رأيناها ولا سمعنا بها قبل ذلك"(10)، وقد بلغ اهتمام الناس في بيت المقدس بصلاة الرغائب حدّاً كبيراً خلال تلك الفترة، كما يؤكد ذلك الإمام الغزالي بقوله: "ولكني رأيتُ أهل القدس بأجمعهم يواظبون عليها ولا يسمحون بتركها فأحببتُ إيرادها"(11).

3- تباينت مواقف علماء العامة حول هذه الصلاة، على أربعة آراء أساسية:

الأول: من يرى استحبابها، حيث أورد بعض قدماء المحدثين روايتها في مؤلفاتهم من دون تعليق عليها مما يوحي قبولهم بها كالإمام الغزالي(12) والشيخ عبد القادر الجيلاني(13)، بل صرّح بعض المتأخرين من الصوفية(14) وغيرهم(15) باعتقاده ثبوتها.

الثاني: من لا يرى الاعتماد على الحديث المروي حول هذه الصلاة إلا أنه يرى مشروعية الإتيان بهذه الصلاة امتثالاً للعمومات الواردة حول الإكثار من الصلاة وأن الصلاة خير موضوع، ومن أبرزهم تقي الدين ابن الصلاح(16) ألف رسالة في مشروعيتها وقال فيها: "هذه الصلاة شاعت بين الناس بعد المائة الرابعة ولم تكن تعرف. وقد قيل: إن منشأها من بيت المقدس صانها الله- تبارك وتعالى- والحديث الوارد بها بعينها وخصوصها ضعيف، ساقط الإسناد عن أهل الحديث، ثم منهم من يقول: هو موضوع، وذلك نظنه، ومنهم من يقتصر على وصفه بالضعف، ولا يستفاد له صحة من ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في تجريد الصحاح، ولا من ذكر صاحب كتاب الإحياء له فيه، واعتماده عليه، لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف، وإيراد رزين مثله في مثل كتابه من العجب. ثم إنه لا يلزم من ضعف الحديث، بطلان صلاة الرغائب والمنع منها، لأنها داخلة تحت مطلق الأمر الوارد في الكتاب والسنة بمطلق الصلاة، فهي إذًا مستحبة بعمومات نصوص الشريعة الكثيرة، الناطقة باستحباب مطلق الصلاة"(17).

الثالث: من يرى حرمة الإتيان بها في جماعة، ولكن لا يرى بأساً أن يؤديها الرجل وحده سرًا(18) ومنهم من اختار كراهة الجماعة فيها(19).

الرابع: وهم جمهور علمائهم الذين يؤكدون على بدعية هذه الصلاة وحرمة الإتيان بها(20).

4- يلاحظ الباحث أن المصادر السنية القديمة لم تشر للرواية، وإنما وردت في مصادرهم المتأخرة، وقد أعقب ذلك تعليقات كثيرة أطلقت هنا وهناك، ولعل أقدم ما بأيدينا من المصادر التي نقدت الرواية هو معجم الشيوخ لابن عساكر (المتوفى سنة 571هـ) حيث أورد سند الرواية وشيئاً من أولها، ثم قال عنها: "هذا حديث غريب جداً وفي إسناده غير واحد من المجهولين"(21)، ويأتي من بعده كتاب الموضوعات لابن الجوزي (المتوفى سنة 597هـ) حيث ضعف الرواية وحكم عليها بالوضع قائلاً: "هذا حديث موضوع على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وقد اتهموا به ابن جهضم ونسبوه إلى الكذب"(22)، ثم نقل عن شيخه عبدالوهاب الحافظ(23) (المتوفى سنة 538هـ) قوله: "رجاله مجهولون، وقد فتشت عليهم جميع الكتب فما وجدتهم"(24)، ثم أعقبه ابن الاثير (المتوفى سنة 606هـ) حيث حكم بضعف الحديث(25)، ونقل ياقوت الحموي (المتوفى سنة 626هـ) عن الحافظ محمد بن ناصر السلامي(26) (المتوفى سنة 550هـ) أنه قال عن صلاة الرغائب: "فإنها أحدثت في زمني وعصري، وقد مضت برهة، ولا أرى أحداً يصليها، وإنما وردت من الشام، وتداولها الناس حتى أجروها مجرى ما ورد من الصلوات المأثورة"(27) ثم تتالت المصادر المضعفة له.

رجال السند في مصادر العامة:

وبملاحظة الأسانيد التي وصلتنا لهذه الرواية من المصادر السنية، نجد أنها أربعة أسانيد كما أسلفنا بيانها، ورغم أنها مختلفة في بدايتها، إلا أنها تعود لتلتقي بعد ذلك في علي بن عبد الله بن جهضم الهمداني، وتشترك في من بعده من الرواة إلى أنس بن مالك، فهذا المقدار لم تختلف فيه الأسانيد إلا اختلافاً يسيراً يرجع للتصحيف في الأسماء أو للاختصار في ذكرها بحذف أو إضافة الكنى والألقاب، ولهذا فالمهم ملاحظة هذا القدر المشترك من السند، فكل من جاء بعد علي بن جهضم الهمداني فقد أخذ عنه، وبملاحظة رجال السند بحسب المصادر السنية نجد أنهم كالتالي:

الراوي الأول: أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم بن سعيد الهمداني الصوفي (المتوفى سنة 414هـ) والمدفون بمكة المكرمة، مؤلف كتاب (بهجة الأسرار)(28)، وهو من كبار الصوفية، اختلف فيه، فنُقل عن شيرويه(29) قوله فيه: "كان ثقة صدوقاً عالماً زاهداً حسن المعاملة حسن المعرفة"(30)، وقال أبو موسى المديني(31) بعد إيراده لحديث صلاة الرغائب: "حديث غريب لا أعلم أني كتبته إلا من رواية ابن جهضم ورجاله غير معروفين إلى حميد"(32)، وذكر ابن الجوزي أنه متهم بوضع هذه الرواية، فقال: "هذا حديث موضوع على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وقد اتهموا به ابن جهضم ونسبوه إلى الكذب"(33).

ونقل الذهبي عن ابي الفضل بن خيرون(34) أنه قال في ابن جهضم: "تُكلم فيه. قال: وقيل: إنّه يكذب"(35).

ولكن مع ذلك ربما شكك البعض(36) في كون ابن جهضم واضع الرواية، وسبب التشكيك أن النووي قال: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي اثنتي عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب (قوت القلوب) و(إحياء علوم الدين) ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل"(37) وكتاب (قوت القلوب في معاملة المحبوب) من تأليف محمد بن علي بن عطية الحارثي المعروف بأبي طالب المكي المتوفى سنة 386هـ، وهو قد توفي قبل ابن جهضم بنحو ثمانية عشر سنة، فلا يمكن أن ينقل عنه عادة، فيثبت بذلك أن الرواية أسبق من ابن جهضم، فليس هو واضعها.

ولكن يرد عليه بأن النووي هنا أشار لصلاة الرغائب وصلاة ليلة النصف من شعبان، وظاهر كلامه أن كلتا الصلاتين قد ذُكرتا في كتاب (قوت القلوب) وكتاب (إحياء علوم الدين)، وهو صحيح بالنسبة للكتاب الثاني دون الأول، حيث أن كتاب (إحياء علوم الدين) أشار للصلاتين معاً، وأما كتاب (قوت القلوب) فلم يشر لصلاة الرغائب أصلاً، وإنّما ذكر خصوص صلاة ليلة النصف من شعبان فقط(38).

على أنه لا مانع من رواية المتعاصرين عن بعضهم، ويمكن القول أن أبا طالب المكي وابن جهضم متعاصران والفرق في الوفاة بثمانية عشر سنة ليس فارقاً مهما، وقد سكنا مكة في أواخر حياتهما، فما المانع أن يكون أبا طالب المكي قد أخذها من ابن جهضم.

الراوي الثاني: أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد البصري: هذا الراوي والراويان من بعده مجهولون كما صرح نقاد الحديث من العامة، وقد تقدم نقلُ ابن الجوزي عن شيخه عبد الوهاب الحافظ (المتوفى سنة538هـ) قوله عن رجال السند: "رجاله مجهولون، وقد فتشت عليهم جميع الكتب فما وجدتهم"(39)، وعلق عليه الذهبي بقوله: "بل لَعَلَّهُم لم يُخلقوا"(40)، وتقدم أيضًا كلامُ ابن عساكر (المتوفى سنة 571هـ): "هذا حديث غريب جدّاً وفي إسناده غير واحد من المجهولين"(41)، وكلام أبو موسى المديني (المتوفى 581هـ): "حديث غريب لا أعلم أني كتبته إلا من رواية ابن جهضم ورجاله غير معروفين إلى حميد"(42)، وقد كررتُ البحث كي أتأكد بنفسي فلم أجد من ذكر علياً هذا أو أشار لاسمه.

الراوي الثالث: والده، أي محمد بن سعيد البصري: رغم أن نقاد الحديث من العامة حكموا بمجهولية باقي الرواة كما تقدم نقل عبائرهم، إلا أني بحثت عن هذا الشخص لأتثبت بنفسي، فلم أعثر على ذكر له في المصادر(43).

الراوي الرابع: خلف بن عبد الله الصنعاني: وفي بعض المصادر (الصغاني) والظاهر أنه تصحيف، وحاله كسابقيه حيث لا وجود له في الرواة.

الراوي الخامس: حميد الطويل: بصري تابعي، يكنى أبا عبيدة مات سنة ثلاث وأربعين ومائة، وقد أكثر الرواية عن أنس بن مالك، وقيل أنه لم يسمع منه سوى 24 حديثاً وقيل بل 18 حديثاً والباقي دلسها، قال عنه ابن حبان: "يروي عن أنس بن مالك روى عنه الناس، وكان يدلّس، سمع من أنس بن مالك ثمانية عشر حديثاً، وسمع الباقي من ثابت، فدلس عنه"(44).

الراوي السادس: أنس بن مالك: هو أنس بْن مالك بْن النضر بْن ضمضم بْن زيد بْن حرام الخزرجي الأنصاري، خدم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في صغره، وعاش بعده عمراً مديداً، ولد في حوالي السنة العاشرة قبل الهجرة، واختلف في وفاته فقيل سنة90هـ وقيل سنة 93هـ وقيل غير ذلك، وقد أكثر الرواية عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وقيل: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دعاه ليشهد على حادثة الغدير فشهد(45)، وقيل: بل امتنع، فدعا عليه(46)، أراد الحجاج إذلاله فوسم على يده (عتيق الحجاج)(47).

صلاة ليلة الرغائب في مصادرنا:

إذا رجعنا إلى مصادرنا الروائية نجد أن جميع النقولات الواردة حول صلاة ليلة الرغائب ترجع إلى مصدرين أساسيين أو ثلاثة، والمصادر الأخرى إنما تنقل عنها:

الأول: ما ذكره السيد رضي الدين علي بن طاووس الحسني(المتوفى سنة 664هـ) في كتاب (إقبال الأعمال) الذي كتبه سنة 655هـ، حيث قال: "وجدنا ذلك في كتب العبادات مرويا عن النبي (صلَّى الله عليه وآله)، ونقلته أنا من بعض كتب أصحابنا (رحمه الله) فقال في جملة الحديث عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) في ذكر فضل شهر رجب ما هذ لفظه: «ولكن لا تغفلوا عن أول ليلة جمعة منه، فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض إلا يجتمعون في الكعبة وحواليها، ويطلع الله عليهم إطلاعة فيقول لهم: يا ملائكتي سلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا حاجتنا إليك أن تغفر لصوام رجب، فيقول الله تبارك وتعالى: قد فعلتُ ذلك.

ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): ما من أحد صام يوم الخميس أول خميس من رجب ثم يصلّي بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثلاث مرات، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اثنتي عشرة مرة فإذا فرغ من صلاته صلّى عليّ سبعين مرة، يقول: اللهم صلّ على محمد النبي الأمي وعلى آله. ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ثم يرفع رأسه ويقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم. ثم يسجد سجدة أخرى فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله حاجته في سجوده، فإنها تقضى إن شاء الله تعالى.

ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه، ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وعدد ورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النّار، فإذا كان أول ليلة نزوله إلى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول: يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كل شدة، فيقول: من أنت فما رأيتُ أحسن وجهاً منك ولا شممتُ رائحة أطيب من رائحتك؟ فيقول: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا، جئتُ الليلة لأقضي حقك وآنس وحدتك وأرفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور ظللتُ في عرصة القيامة على رأسك، وإنك لن تعدم الخير من مولاك أبداً»"(48).

الثاني: ما ذكره العلامة الحلي (المتوفى سنة 726هـ) في إجازته الكبيرة لبني زهرة الحلبيين والتي كتبها في سنة 723هـ، حيث قال: "ومن ذلك ذكر صلاة الرغائب روى صفتها الحسن بن الدربي، عن الحاج الصالح مسعود بن محمد بن أبي الفضل الرازي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قرأها عليه في محرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، قال: أخبرني الشيخ زين الدين ضياء الإسلام أبو الحسن علي بن عبد الجليل العياضي الرازي ببلد الرّي في أول شهر رجب من سنة أربع وأربعين وخمسمائة، قال: أخبرني شرف الدين المنتجب بن الحسن بن علي الحسني، قال: أخبرني سديد الدين أبو الحسن علي بن الحسن الجاسبي، قال: أخبرنا المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي بالري قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي، عن الحاج سموسم، قال: حدثنا أبو الفتح بن رجاء بن عبد الواحد الأصفهاني، قال: حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن راشد بندار الشيرازي، قال: حدثنا أبو الحسن الهمداني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد البصري، قال: حدثني أبي، قال: حدثني خلف بن عبد الله الصنعاني، قال: حدثني حميد الطوسي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي، قيل: يا رسول الله ما معنى قولك: رجب شهر الله؟ قال: لأنه مخصوص بالمغفرة، فيه تحقن الدماء، وفيه تاب الله على أوليائه، وفيه أنقذهم من يد أعدائه. ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): من صامه كلّه استوجب على الله ثلاثة أشياء مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه، وعصمة فيما بقي من عمره، وأماناً من العطش يوم الفزع الأكبر.

فقام شيخ ضعيف وقال: يا رسول الله إني عاجز عن صيامه كلّه. فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): صم أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثالها، وأوسط يوم منه وآخر يوم منه فإنك تعطى ثواب من صامه كله، ولكن لا تغفلوا عن ليلة أول جمعة منه، فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك إذا مضى ثلث الليل لا يبقى ملك في السماوات والأرض إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها، ويطلع الله عليهم اطلاعة فيقول لهم: يا ملائكتي سلوني ما شئتم. فيقولون: ربنا حاجاتنا إليك أن تغفر لصوّام رجب. فيقول الله عز وجل قد فعلت ذلك.

ثم قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ما من أحد يصوم الخميس أول خميس من رجب، ثم يصلّي ما بين العشاء والعتمة اثني عشر ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة، و{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثلاث مرات، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ} اثني عشر مرة، فإذا فرغ من صلاته صلّى عليّ سبعين مرة، يقول: اللهم صل على محمد وعلى آله، ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ثم يرفع رأسه فيقول سبعين مرّة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلى الأعظم، ثم يسجد سجدة أخرى فيقول فيها ما قال في الأولى ثم يسأل الله تعالى حاجته في سجوده، فإنها تقضى.

قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر، وعدد الرمل، ووزن الجبال وعدد ورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبع مائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار، فإذا كان أول ليلة في قبره بعث إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة فتجيئه بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول: يا حبيبي أبشر فقد نجوتَ من كل شدة فيقول من أنت؟ فوالله ما رأيتُ وجهاً أحسن من وجهك، ولا سمعتُ كلاماً أحلى من كلامك، ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك. فيقول: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتَها في ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا، جئتُك الليلة لأقضي حقك وأونس وحدتك وأدفع عنك وحشتك، فإذا نفخ في الصور ظللتُ في عرصة القيامة على رأسك فأبشر فلن تعدم الخير أبداً»"(49).

الثالث: الشيخ تقي الدين إبراهيم العاملي الكفعمي (المتوفى سنة 905هـ) حيث قال في كتابه (جنة الأمان الواقية وجنة الإيمان الباقية) المعروف بـ(المصباح) ما لفظه: "تتمة صلاة الرغائب المروية عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) اثنتي عشرة ركعة وصفة عملها أن يصوم أول خميس من رجب، ثم يصليها بين العشائين ليلة الجمعة، يقرأ في كل ركعة الحمد والقدر ثلاثاً والتوحيد اثنتي عشرة، ثم سلم وصل على محمد وآله سبعين مرة، ثم اسجد وقل سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم ارفع رأسك وقل: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي العظيم. سبعين مرة ثم اسجد أخرى وقل فيها ما قلته في الأولى، ثم يسئل الله تعالى حاجته في سجوده تقضى إن شاء الله تعالى"(50).

رجال السند في مصادر الإمامية:

من بين المصادر المشار إليها لم يرد سند لرواية صلاة الرغائب سوى السند الذي أورده العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة، ورغم أن العلامة ذكر سند الرواية وابتدأه بالحسن بن الدربي(51)، إلا أن العلامة لم يعاصره وإنما يروي عنه بواسطة شيخه السيد رضي الدين علي بن طاووس كما صرح بذلك قبل عدة صفحات(52)، ويظهر من ذلك أن السيد ابن طاووس يروي صلاة الرغائب عن الحسن الدربي أيضاً.

كما أن مراجعة سريعة للإجازة الكبيرة تظهر بجلاء أن العلامة يروي جملة من كتب العامة بواسطة الحسن بن الدربي، فمن ذلك كتاب صحيح مسلم، وكتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ومسند أبي يعلي الموصلي، وسنن أبي داود، وحلية الأولياء لأبي نعيم(53).

وبالتأمل في السند الذي ذكره العلامة الحلي يمكن تقسيمه لأربعة أقسام:

القسم الأول: وهم السبعة الأوائل في السند:

1- السيد رضي الدين علي بن موسى بن طاووس.

2- الحسن بن علي بن الدربي.

3- الحاج الصالح مسعود بن محمد بن أبي الفضل الرازي.

4- الشيخ زين الدين ضياء الإسلام أبو الحسن علي بن عبد الجليل البياضي الرازي.

5- شرف الدين المنتجب بن الحسن بن علي الحسني.

6- سديد الدين أبو الحسن علي بن الحسن الجاسبي.

7- المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي بالري.

وهؤلاء كلهم من علماء الطائفة المعروفين والمذكورين في كتب التراجم، وإن تفاوتت مراتب شهرتهم.

القسم الثاني: وهم الثلاثة الذين بعدهم:

1- أبو عبد الله الحسين بن علي

2- الحاج سموسم.

3- أبو الفتح بن رجاء بن عبد الواحد الأصفهاني.

وهؤلاء لم أجد لهم ذكراً في كتب التراجم، ولكن يبدو أن ثالثهم من العوائل العلمية السنية في أصفهان.

القسم الثالث: ويحتوي على الراوي التالي لهم أعني به:

أبو القاسم عبد العزيز بن راشد بندار الشيرازي، والظاهر أن اسم (راشد) هنا زيادة، والصحيح أن اسمه: أبو القاسم عبد العزيز بن بندار بن عليّ بن الحسن الشيرازي (المتوفى سنة 451هـ)(54) وقد ذكر الذهبي أنه ممن روى حديث صلاة الرغائب عن ابن جهضم(55).

القسم الرابع: ويحتوي على بقية رجال السند، وهم:

1- أبو الحسن الهمداني، والمقصود به هنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم الهمداني.

2- أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد البصري.

3- أبيه، أي محمد بن سعيد البصري.

4- خلف بن عبد الله الصنعاني.

5- حميد الطوسي، وهو تصحيف والصحيح (حميد الطويل).

6- أنس بن مالك.

ومن الواضح أنهم نفس الرجال الذين ذكرناهم سابقاً في سند الرواية في المصادر السنية، وهو ما يؤكد أن مصدر الرواية سواء في مصادر السنة أو الشيعة هو علي بن جهضم الذي اتهموه بوضع الرواية كما تقدم.

ملاحظات حول مصادر الرواية في كتب الإمامية:

1- هذه الرواية لم ترد في شيء من كتبنا القديمة كالكتب الأربعة، مع أنهم أوردوا فيها العديد من الصلوات المستحبة، وكذا بقية كتب الشيخين الصدوق والطوسي، مع أن من المناسب جدّاً بل من المهم أن تُذكر هذه الصلاة في مثل كتاب (مصباح المتهجد) للشيخ الطوسي المخصص لذكر الأدعية والصلوات، والأغرب أن الشيخ الصدوق لم يذكرها في كتابه (فضائل شهر رجب)(56) وهو مخصص للروايات الواردة في فضل شهر رجب، مع أنه أورد فيه العديد من الروايات الضعيفة وبعضها عن العامة، وهو ما يؤكد عدم وجودها في زمانه، حيث أنها أحدثت بعده؛ إذ لو اطلع عليها لما أعرض عنها في مثل هذا الكتاب، خصوصاً وأن الثواب الوارد فيها يجعلها من بين أهم أعمال شهر رجب.

والخلاصة أن هذه الرواية لا وجود لها في ما وجدناه من كتب الإمامية قبل السيد ابن طاووس المتوفى سنة 665هـ، وقبل تلميذه العلامة الحلي (المتوفى سنة 726هـ)، نعم أشار ابن طاووس إلى أنه نقلها عن بعض كتب أصحابنا، حيث قال: "وجدنا ذلك في كتب العبادات مروياً عن النبي (صلَّى الله عليه وآله)، ونقلته أنا من بعض كتب أصحابنا فقال في جملة الحديث عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) في ذكر فضل شهر رجب ما هذا لفظه: «ولكن لا تغفلوا...»" ولا يخفى أن قوله "ونقلته أنا من بعض كتب أصحابنا" يوحي بما ذكرناه من أن الرواية مصدرها الأصلي عامي وإن كان هو -أي ابن طاووس- قد نقلها من مصدر شيعي، ولعله نقله من كتاب لشيخه الحسن الدربي.

والملفت أن ابن طاووس يذكر أسانيده ومصادر نقله في كتاب الإقبال كثيراً كما يظهر ذلك في الموارد التي تتبعناها، ولكنه هنا لم يذكر اسم المصدر الذي نقل عنه الرواية.

2- واتضح مما تقدم أن مصادر العامة التي أوردناها كلها قبل هذا التاريخ، ونقاد حديثهم تكلموا عن الرواية قبل ورودها في مصادرنا بزمن، وسند الرواية الموجود في مصادرنا هو نفس السند الموجود في مصادر العامة مع إضافة أسماء من تأخر زمانه عن ابن جهضم، وهو ما يؤكد أنها تسربت لمصادرنا عن طريق العامة.

3- ثم لو فرض أن الرواية كانت موجودة وبمرأىً ومسمع من أصحاب الأئمة فلا بد أن يعطوها اهتماماً يناسب ما ورد حولها من ثواب كما هو الحال في مثل صلاة جعفر الطيار، حيث وردت الكثير من الروايات التي يسألون الأئمة فيها عن لزوم السور الخاصة، أو عن حكم من نسي التسبيح في موضع معين، أو جواز التفريق بين ركعاتها، مما يدل على اهتمام واضح بصلاة جعفر، والحال أننا لا نجد من ذلك عيناً ولا أثراً بالنسبة لصلاة الرغائب.

النتيجة:

ونحن بالالتفات لكل ما تقدم، وبعد ملاحظة متن الرواية وما ورد فيها من فضل عظيم، والذي على فرض صدوره ينبغي أن يشتهر كالشمس، وأن تتظافر به الروايات، فكيف يختص بنقله خبر آحاد من العامة وفي سنده ما فيه، وبالنظر إلى أن أحداً من الأئمة لم يذكره لأصحابه لينقلوه في كتبهم ومصادرهم على أهميته، من كل ذلك يحصل لنا اطمئنان تام بأنها رواية موضوعة لا مجال للاعتماد عليها في العبادات.

ثم لا يخفى أن المصادر المتأخرة(57) التي أشارت لصلاة الرغائب إنما اعتمدت على المصادر الثلاثة التي أشرنا لها، خصوصاً إيراد السيد ابن طاووس للرواية في كتاب الإقبال، فليست مصادر مستقلة في قبال المصادر الثلاثة، وحيث لم يلتفتوا للأمور التي بيناها فقد أخذوا بالرواية إما من باب التسامح في أدلة السنن، أو من باب رجاء المطلوبية.

صلاة الرغائب وحديث (من بلغه):

ورد في صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه»(58)، ومثله رواية محمد بن مروان عن الباقر (عليه السلام) قال: «من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه، وإن لم يكن الحديث كما بلغه»(59)، ومثله أيضا رواية المحاسن للبرقي(60) عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من بلغه عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له، وإن كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لم يقله»(61) ومثلها روايات أخرى في الباب.

وورد مثله في كتب العامة عن جابر بن عبد الله عن رسول الله  (صلَّى الله عليه وآله) أنه قال: «من بلغه عن الله شيء فيه فضيلة فأخذ به إيماناً بالله ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك»(62)، ومثله ما رووه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «من بلغه عن الله رغبة، فطلب ثوابها، أعطاه الله أجرها، وإن لم تكن الرغبة على ما بلغه، قُلتُه أو لم أقله فأنا قُلتُه»(63).

وتعرف هذه الروايات في كلمات علمائنا بروايات من بلغ، وقد اختلف الأعلام في مفاد هذه الروايات، وقد ذُكرت عدة وجوه محتملة في مفادها، منها:

الوجه الأول: مفادها إثبات الحجية للخبر المثبت للثواب على عمل ما وإن كان الخبر ضعيفاً في نفسه.

الوجه الثاني: مفادها أن بلوغ الثواب على عمل علة تامة لاستحبابه شرعاً بالعنوان الأولي.

الوجه الثالث: مفادها أن بلوغ الثواب على عمل علة لاستحبابه شرعاً، ولكن بالعنوان الثانوي، فالاستحباب هنا بعنوان أنه شيء بالغ فيه الثواب وبرجاء دركه.

الوجه الرابع: مفادها إرشاد لحسن الانقياد وحث عليه، وإثبات لترتب الثواب البالغ، فهي لا تثبت سوى ترتب الثواب على العمل الذي بلغ عليه الثواب عند الإتيان به رجاء إدراك الواقع، من دون أن يثبت استحباباً في المقام.

الوجه الخامس: مفادها أن ما ثبت استحبابه أو وجوبه بطريق معتبر ثم جاء خبر ضعيف دال على إثبات ثواب خاص له، ثبت الثواب الخاص لمن أتى به رجاء درك ذلك الثواب.

والمحكي عن المتقدمين(64) وصريح جملة من المتأخرين هو الوجه الأول، وهو ما يستفاد من تعبيرهم عن مؤدى النصوص بـ(التسامح في أدلة السنن)، إذ ظاهر هذا التعبير ثبوت الحجية لما ليس بحجة في نفسه، وقد ناقشه الشيخ الأعظم ومن تأخر عنه، ولعل أكثر المعاصرين على الرابع، وبعضهم على الثالث.

ويبدو أن هذه المسألة موجودة عند العامة أيضاً وإن لم تكن اتفاقية عندهم، قال النووي المتوفى سنة 676هـ معلقاً على حديث ورد في استحباب تلقين الميت: "والحديث الوارد فيه ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم"(65)، وقال ابن حجر المتوفى سنة 852هـ في مقدمة كتابه في (فضل شهر رجب) ما لفظه: "اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة"(66)، ومثله عن غيرهما(67).

أما بالنسبة لصلاة الرغائب ومفاد أحاديث (من بلغ) فلا يخفى أنه بناء على الوجه الخامس من الوجوه المتقدمة لا يبقى مجال للأخذ بحديث صلاة الرغائب؛ إذ إنه لم يثبت استحبابها بطريق معتبر، وأما على الوجوه الأربعة الأخرى فمع الاطمئنان بكونها رواية موضوعة -على ما تقدم- لا يبقى موضوع للوصول المشار إليه في نصوص من بلغ؛ إذ إن موردها لا يشمل الاطمئنان بالوضع، نعم من لم يحصل له اطمئنان بوضعها جاز له العمل بها بمناط الاستحباب الذاتي، أو الاستحباب الطارئ لكونه عملاً بلغ عليه الثواب، أو برجاء المطلوبية على التفصيل المتقدم في الوجوه الأربعة، ولا ينافيه حينئذٍ كون الرواية ضعيفة السند؛ إذ هو نحو وصول.

شمول أحاديث من بلغ لما في كتب العامة:

نعم يبقى ثمة إشكال قد يطرح حتى عند من لا يطمئن بكون الرواية موضوعة، إذ إننا بيّنا فيما سبق أن الرواية لا أصل لها في كتبنا الحديثية، وأنها وصلتنا وتسربت لكتبنا من طرق العامة ومصادرهم، وحينئذٍ قد يقال بأن أحاديث من بلغ تختص بما رواه أصحابنا في كتبهم، ولا تشمل ما نقله المخالفون في كتبهم ثم انتقل إلى كتبنا ومصادرنا، فإنه لا يصح التمسك بحديث من بلغ للعمل بمضمون تلك الأخبار، ولهذا قال العلامة المجلسي: "ثم اعلم أن بعض الأصحاب يرجعون في المندوبات إلى أخبار المخالفين ورواياتهم ويذكرونها في كتبهم، وهو لا يخلو من إشكال لورود النهي في كثير من الأخبار عن الرجوع إليهم والعمل بأخبارهم، لا سيما إذا كان ما ورد في أخبارهم هيئة مخترعة وعبادة مبتدعة لم يعهد مثلها في الأخبار المعتبرة"(68)، والمنقول عن المحقق الشيخ سليمان الماحوزي البحراني تأييده في ذلك(69)، ويبدو أنه اختيار المحدث البحراني في درره وحدائقه(70).

ولكن ظاهر أكثر الأعلام عدم التفريق بين ما وصل من طرقنا وما وصل من طرق العامة، تمسكاً بإطلاق النصوص الواردة، وهو ما يستفاد من كلام الشهيد الثاني حول صلاة الأعرابي حيث قال: "ولم يثبت لها طريق في أخبارنا، إلا أن أحاديث السنن يتسامح فيها"(71)، وهو اختيار السيد محمد المجاهد على ما في أصوله(72) والشيخ الأعظم في رسالته(73).

تنبيهات:

الأول: لو غضضنا النظر عن الإشكالات المتقدمة وبنينا على شمول حديث من بلغ لهذه الرواية، يبقى ثمة إشكال آخر ذكره السيد الخوئي عند تعرضه لصلاة الغفيلة، وهو بعينه جارٍ هنا وحاصله: هل يمكننا الخروج بهذه الرواية عمّا دلّ على النهي عن التطوع في وقت الفريضة، وعما دل على أنهم إنما كانوا يصلون بعد المغرب أربع ركعات؟ أم لا بد من حملها على التأكيد واتحادها مع نوافل المغرب؟

وقد أجاب بما حاصله أنه لو أتى بالنافلة الخاصة قبل الأربع ركعات التي هي نوافل المغرب.

ثم إنا لو تنازلنا عن ذلك وبنينا على أن الرواية الواردة في استحباب الغفيلة -بعنوانها- وبتلك الكيفية والخصوصية معتبرة بحسب السند فهل يمكننا الاستدلال بها على استحباب ركعتين أخريين زائدتين على أربع ركعات النوافل بين صلاتي المغرب والعشاء؟ وهل يمكننا الخروج بها عما دل على النهي عن التطوع في وقت الفريضة وعما دل على أنهم إنما كانوا يصلون بعد المغرب أربع ركعات؟ أو لا بد من حملها على التأكيد واتحادهما مع الأربع النوافل كما صنعناه في الأخبار الآمرة بركعتين ولو خفيفتين بين صلاتي المغرب والعشاء؟ الصحيح أن يفصّل بين ما إذا أتى بصلاة الغفيلة قبل الأربع، وما إذا أتى بها بعدها. لأنه إذا أتى بها قبل نافلة المغرب ولو بتلك الكيفية الخاصة حصل بها امتثال أمر النافلة، لأن الأربع المستحبة بعد صلاة المغرب مطلقة، وصلاة الغفيلة ركعتان مقيدتان بالكيفية المتعينة، ومن الظاهر أن المطلق يتحقق في ضمن المقيد، بمعنى أن مقتضى إطلاق المتعلق في نافلة المغرب وعدم تقيده بكيفية خاصة هو احتساب الركعتين -أعني صلاةالغفيلة- بكيفياتها من النافلة.

وبعد امتثال الأمر بالغفيلة يسقط الأمر بالنافلة أيضاً إذا فالإتيان بها -في الحقيقة- امتثال لكل من الأمر بالغفيلة، والأمر بالنافلة، وهذا بخلاف ما إذا أتى بها بعد النافلة لأنه بعد الإتيان بها وسقوط أمرها بالامتثال يبقى الأمر بالغفيلة أعني الركعتين بالكيفية الخاصة بحاله، لوضوح أن الأمر المتعلق بالمقيد لا يسقط بالإتيان بفرد من أفراد المطلق غير المشتمل على القيد. بل مقتضى إطلاقه مطلوبيتها ولو بعد الإتيان بنافلة المغرب فلا موجب لسقوطها بل هو يستدعي الإتيان بركعتين أخريين بالكيفية الخاصة ومعه يبلغ عدد الركعات المستحبة بعد المغرب إلى ست هذا. ولكن الإتيان بها حينئذٍ خلاف الاحتياط، لأنه من التطوع في وقت الفريضة والنهي عنه وإن حملناه على الكراهة، إلا أن الأمر بالغفيلة لما لم يثبت بدليل لم يسعنا الخروج فيها عن النهي أبداً. نعم لو كانت الرواية تامة بحسب السند لجعلناها مخصصة للنهي عن التطوع في وقت الفريضة، والتزمنا باستحباب الغفيلة بالتخصيص ولكنها ضعيفة كما مر، إذن الأولى أن يؤتى بها متقدمة على النافلة ومدرجة فيها بأن يؤتى بنافلة المغرب بصورة الغفيلة وخصوصياتها ليكون المجموع أربع ركعات ويمتثل بها كل من الأمر.

الثاني: في تحديد الوقت المذكور لصلاة الرغائب عند من يرى احتمالية الصدور، وهناك تحديدان لوقتها:

التحديد الأول: على ما قدمنا نقله من رواية هذه الصلاة عن السيد ابن طاووس والعلامة، وقد جاء تحديد وقت الصلاة في نصهما هكذا: «ثم يصلّي ما بين العشاء والعتمة اثني عشر ركعة»(74)، وهو الموافق لأكثر مصادر العامة(75).

التحديد الثاني: وهو ما تقدم نقله عن الشيخ الكفعمي، حيث حدد وقتها بقوله: "ثم يصليها بين العشائين ليلة الجمعة"(76)، وعبارته قريبة مما نقلناه من عبائر بعض العامة حيث قالوا: "ما بين المغرب والعشاء" كما في عبارة الجيلاني(77)، والنووي(78).

وتحرير المسألة يتوقف على بيان معنى العتمة، قال في الصحاح: "العتمة: وقت صلاة العشاء، قال الخليل: العتمة هو الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة الشفق. وقد عتم الليل يعتم. وعتمته: ظلامه"(79)، والعتمة في الأصل وقت اشتداد الظلمة في أول الليل(80)، أي وقت صلاة العشاء الممتد إلى ثلث الليل أو إلى نصفه، وأطلقت في كثير من روايات الفريقين على نفس صلاة العشاء فيقال لها صلاة العتمة، وإنما أطلق عليها ذلك باعتبار وقتها، ولكن ورد عند العامة النهي عن تسمية العشاء بصلاة العتمة.

ثم إنه بناء على التحديد الأول لوقتها (ما بين العشاء والعتمة) ينبغي أن يكون المقصود بالعشاء هنا أول الوقت بعد أداء فريضة العشاء، ويكون المقصود بالعتمة آخر وقتها أي ثلث الليل أو نصفه، وذلك لازم التغاير بين المبدأ والمنتهى وتحقق البينية.

إلا أن يقال بأن (العشاء) هنا مجاز أريد به صلاة المغرب، في حين قُصد بـ(العتمة) صلاة العشاء، فيكون المعنى أنها تُصلى بين المغرب والعشاء، ليشترك مع التحديد الثاني في المعنى، ولكن لا يخفى ما فيه من تكلف، ولهذا علّق على ذلك أبو القاسم المقدسي المعروف بأبي شامة بقوله: "وواضع هذا الحديث استعمل فيه أيضاً من الألفاظ ما كان يدل على وضعه ظاهراً وهو قوله (يصلي بين العشاء والعتمة) أراد بين العشاء والمغرب، فهذا بعيد من لفظ النبي، فإنه قد صح عنه أنه نهى أن يقال للمغرب العشاء ونهى أن يقال للعشاء العتمة، وهذا وجه حسن والله أعلم"(81).

الثالث: فيما يتعلق بكيفية هذه الصلاة فإن المستفاد من النصوص المتقدمة في بيان الكيفية هو لزوم أن يقرأ فيها سوراً خاصة، فيقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة، و{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثلاث مرات، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اثني عشر مرة، وكذا الإتيان بالسجدتين والأذكار الخاصة فيهما، ولكن العلامة الشيخ حسين آل عصفور أوردها في السداد منصصاً على كفاية قراءة أي سورة ومن دون إشارة للسجدتين والأوراد الخاصة حيث قال: "وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء بأي سورة كان فإذا فرغ من صلاته صلى على محمد صلى اللَّه عليه وآله وسلّم سبعين مرّة"(82)، وبحسب تتبعنا الطويل في المصادر لا نحتمل أنه عثر في المسألة على رواية لم نعثر عليها، والأقرب أنه رأى أن خصوصية قراءة السور والسجدتين والأذكار ما هي إلا قيود كمالية لهذه الصلاة من باب تعدد المطلوب، فهي من قبيل المستحب في المستحب، وهو وجيه لو فرض ورود دليل مطلق على استحبابها، ثم ورد دليل آخر على تقييد كيفيتها بهذه السور الخاصة، فنتمسك بإطلاق الدليل الأول ونحمل الثاني على الأفضلية والتفاوت في مراتب الفضل، ولكن حيث علمنا انحصار دليل هذه الصلاة بالرواية المتقدمة، وانعدام الدليل المطلق فلا محيص من القول بأنّ قراءة هذه السور دخيل في تحقق ماهية هذه النافلة الخاصة وليست شرط كمال لها.

الثالث: التعقيبات الخاصة الواردة عقيب هذه الصلاة جزء من مجموع العمل الذي بلغ عليه الثواب، ولكن بين الروايات اختلاف في بيان هذه التعقيبات، والأشهر في نصها ما تقدم نقله عن ابن طاووس والجيلاني: "فإذا فرغ من صلاته صلّى عليّ سبعين مرة، يقول: اللهم صلّ على محمد النبي الأمي وعلى آله. ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ثم يرفع رأسه ويقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم. ثم يسجد سجدة أخرى فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله حاجته في سجوده".

ورغم أن أكثر المصادر تذكر هذا النص ولكن ثمة اختلافين يلحظهما الباحث:

1- الاختلاف في بيان كيفية الصلاة على محمد وآله عقيب الصلاة، إذ فيها شيء من الاختلاف بين المصادر، ففي إجازة العلامة الحلي "صلّى عليّ سبعين مرة، يقول: اللهم صل على محمد وعلى آله"، ولفظه يختلف حيث حُذف لفظ "النبي الأمي".

وفي مصباح الكفعمي: "وصل على محمد واله سبعين مرة" من دون بيان الكيفية التي تشير إليها بقية المصادر.

وفي نسخة ابن الجوزي: "فإذا فرغ من صلاته صلّى علي سبعين مرة، ثم يقول: اللهم صلّ على محمد النبي الأمّي وعلى آله"، والظاهر زيادة كلمة (ثم)، بقرينة بقية النقولات.

2- الاختلاف في لفظ الدعاء الذي يقال بين السجدتين، فالمشهور هو ما أوردناه نقلاً عن ابن طاووس، ولكن في مصباح الكفعمي: "...إنك أنت العلي العظيم"، وفي إحياء علوم الدين: "...إنك أنت الأعز الأكرم".

وحيث إن الرواية واحدة بسند واحد ولواقعة واحدة، فلا مجال لإحراز الامتثال وموافقة الواقع المطلوب إلا بالجمع بين الكيفيات المختلفة وإن استلزم تكرار العمل؛ إذ إننا نحرز أن هذا الاختلاف إنما حصل نتيجة التصحيف في النسخ أو قلة الضبط عند بعض الرواة، فلا مجال لاحتمال التخيير من قبل الشارع هنا حتى تجري البراءة عن التعيين.

وربما يقال بأن القطع بوحدة الواقعة لا ينفي احتمال التخيير وجداناً؛ إذ من المحتمل أن يكون النبي (صلَّى الله عليه وآله) في مقام بيان الكيفية المؤكدة والكاملة في الاستحباب على نحو تعدد المطلوب، أي أن ما بينه هو الفرد الأفضل من أفراد المستحب، فمع هذا الاحتمال يكون احتمال التخيير وجدانياً وهو يقتضي جريان البراءة عن الشرطية.

ولكن يورد بما أفاده السيد الخوئي من أنه وإن كان الغالب في القيود الواردة في المستحبات أنها من باب المستحب في المستحب على وجه تعدد المطلوب لا التقييد، إلا أن ذلك خاص بما إذا ورد دليل مطلق على أصل العمل، ثم ورد دليل آخر عليه مقيداً بالسورة المعينة أو الذكر الخاص، فيحمل ذلك على اختلاف مراتب الفضل وتعدد المطلوب، وأما إذا لم يكن في البين إلا دليل واحد مقيد، فمقتضى القاعدة الاقتصار على العبادة المقيدة بتلك السورة أو الذكر، وكون الغالب في هذا الباب أنه من تعدد المطلوب وإن كان مسلماً ولكنه لا يجدي إلا الظن الذي لا اعتبار به، فلا جزم بالأمر بالفاقد. نعم لا بأس بالاتيان به رجاءً(83).

نعم لزوم التكرار في مقام الامتثال لأجل تحصيل الثواب الوارد مختص بما إذا لم يحصل للمكلف اطمئنان بتعين نص محدد لاحتفافه بقرائن خاصة كاشتهاره أو شذوذ ما قابله من لفظ، وهو غير بعيد في المقام بالنسبة لنسخة السيد ابن طاووس حيث توافقها أغلب النسخ.

الخامس: ذكر بعض الإخوة الأفاضل خلال مباحثة سابقة معه أنه حتى مع سقوط صلاة الرغائب عن الاعتبار نتيجة الإشكالات المتقدمة إلا أن ذلك مقتصر على هذه الصلاة ولا يشمل ما ورد في فضل تلك الليلة -يعني ليلة أول جمعة من رجب- وبقية أعمالها المستحبة.

إلا أن مراجعة الروايات المنقولة في المصادر -سيما مصباح الكفعمي ومفاتيح الجنان- تؤكد أن ما ورد في فضل تلك الليلة سواء بعنوان ليلة الرغائب أو بعنوان أول ليلة جمعة من رجب ينحصر مرجعه في هذه الرواية التي تقدم الحديث عنها ونقدها، ولم نعثر على أي رواية أخرى تتحدث عن فضل خاص لتلك الليلة، نعم لا شك أن كونها ليلة الجمعة بلحاظ ما ورد في الجمعة من فضل، وكونها من ليالي شهر رجب الذي استفاضت بفضله النصوص يعطيها مزيداً من الأهمية، إلا أنه لا تبقى خصوصية لكونها الجمعة الأولى أم غيرها من جمعات شهر رجب.

السادس: ويبقى ثمة إشكال آخر ذكره بعض الإخوة الأفاضل وهو أنه وبالنظر للإشكالات الكثيرة التي تثار حول هذه الصلاة ومصدرها حتى لو بقي لدى المكلف احتمال بصدور نص الرواية وأراد الاتيان بها برجاء المطلوبية إلا أن ما شاع مؤخراً في بعض المساجد من اجتماع المؤمنين لهذه الصلاة والدعوة والتحشيد لها بكيفية شعائرية مما ينبغي التوقف أمامه، إذ إنه يوحي للعوام بثبوتها وأهميتها وكأنها إحدى الشعائر الأساسية، بل ويرجحونها على المستحبات الثابتة عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بالنصوص الصحيحة والكثيرة كصلاة التسبيح المعروفة بـ (صلاة جعفر)، حيث لا نجد من أكثر الناس اهتماماً بها قياساً باهتمامهم بهذه الصلاة التي ليس لها مصدر سوى كتب العامة.

وما ذكره وجيه جداً؛ إذ إن الاهتمام بهذه الصلاة وبهذا الأسلوب وبالالتفات لما تقدم من كونها من روايات العامة، وضعفها بل وضعها شبه متسالم عليه بينهم، قد يوحي للآخرين بأن مذهب أهل البيت يفتقر للعبادات المعتبرة، مع أن في ما وصلنا عن طريق أهل بيت العصمة من أنواع النوافل الشيء الكثير، وعليه فالأولى توجيه المؤمنين لزيادة الاهتمام بالنوافل الثابتة التي أكد عليها الرسول (صلَّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وذكرها الفقهاء في رسائلهم العملية كصلاة جعفر وصلاة فاطمة، وبإمكان أهل العلم إيجاد الفاعلية لهذه الصلوات لدى المجتمع من خلال تعريفهم بها وسرد النصوص المتظافرة الواردة فيها.

تنويه:

ربما يتوهم البعض بأن هذه الصلاة حتى لو كانت روايتها ضعيفة أو ثبت كونها موضوعة إلا أن تعلق الناس بها في هذا الزمن وارتباطهم النفسي بها يجعل من اللازم غض النظر عن هذا الإشكال، حيث أن هذه الصلاة تمثل مدخلاً وتهيئة نفسية مناسبة للأشهر العبادية الثلاثة (رجب وشعبان ورمضان) والتهيؤ النفسي لهذه الأشهر له فوائده التي لا يمكن إنكارها، والمفروض أنه لا تترتب على إقامتها أي مفسدة تذكر، فما الداعي لإثارة هذا الإشكال والزوبعة؟

والجواب: أن تهيئة النفس للعبادة في هذه الأشهر لا يتوقف على هذه الصلاة، فهناك من الصلوات الواردة عن أهل بيت العصمة الكثير مما يخلو من هذه الإشكالات، ومنها صلاة التسبيح المشهورة بـ(صلاة جعفر) التي ورد في فضلها الشيء الكثير وبروايات صحيحة لا يعتريها شيء من تلك الإشكالات المتقدمة، فحتى لو تنزلنا وقلنا بعدم ثبوت كون صلاة الرغائب موضوعة -وأن أقصى ما ثبت هو كونها رواية عامية ضعيفة السند، وعليه فتكون مشمولة لحديث “من بلغ”- إلا أن الأجدى بلا شك أن نربط الناس بالروايات الثابتة عن أهل البيت (عليهم السلام)، والحال أنك لا تجد من أكثر المتحمسين لصلاة الرغائب معشار هذا الحماس لصلاة جعفر وأمثالها مما ورد عن طريق أهل البيت بالأسانيد الموثقة والصحيحة، وهو ما يقتضي أن يتوقف عنده المؤمن كثيراً.

ولعل من أسباب هذا الحماس الذي يبديه البعض لصلاة الرغائب كونها صلاة متعينة بزمان، بخلاف صلاة جعفر التي لم يخصص لها زمان خاص معين، ولذا أرى من المناسب أن نحث المؤمنين على تحديد أوقات خاصة في السنة لصلاة جعفر -لا بعنوان الورود والخصوصية- حتى تعطى حقها وتأخذ مداها المناسب في المجتمع.

تذييل:

وإتماماً للفائدة ولتذكير نفسي والمؤمنين أستعرض هنا رواية معتبرة صحيحة السند أوردها الشيخ الكليني في فضل صلاة التسبيح المعروفة بـ(صلاة جعفر):

روى الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) لجعفر: «يا جعفر ألا أمنحك؟ ألا أعطيك؟ ألا أحبوك؟ فقال له جعفر: بلى يا رسول الله. قال: فظن الناس أنه يعطيه ذهباً أو فضة، فتشرف الناس لذلك، فقال له: إني أعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كل يوم كان خيراً لك من الدنيا وما فيها وإن صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما، تصلي أربع ركعات تبتدئ فتقرء وتقول إذا فرغت: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) تقول ذلك خمس عشرة مرة بعد القراءة، فإذا ركعت قلته عشر مرات، فإذا رفعت رأسك من الركوع قلته عشر مرات، فإذا سجدت قلته عشر مرات، فإذا رفعت رأسك من السجود فقل بين السجدتين عشر مرات، فإذا سجدت الثانية فقل عشر مرات، فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قلت عشر مرات وأنت قاعد قبل أن تقوم، فذلك خمس وسبعون تسبيحة، في كل ركعة ثلاثمائة تسبيحة، في أربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميدة، إن شئت صليتها بالنهار وإن شئت صليتها بالليل».

قال الكليني: "وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عليه السلام): «تقرأ في الأولى إذا زلزلت، وفي الثانية والعاديات، وفي الثالثة إذا جاء نصر الله، وفى الرابعة بقل هو الله أحد.

قلت: فما ثوابها؟ قال: لو كان عليه مثل رمل عالج  ذنوباً غفر الله له، ثم نظر إلي فقال: إنما ذلك لك ولأصحابك»"(84).

***

 

* الهوامش:

(1) إحياء علوم الدين 1: 203.

(2) الغنية لطالبي طريق الحق 1: 238.

(3) معجم الشيوخ 1: 186، تسلسل 210.

(4) الموضوعات 2: 124.

(5) الباعث على انكار البدع والحوادث: 42.

(6) مفيد العلوم ومبيد الهموم(طبعة بيروت): 171، وفي الطبعة المصرية القديمة ص 116.

(7) وهي قرائن كثيرة، منها:

1- لم أجد من ذكر في ترجمته أن له كتابا بهذا الاسم، ولو كان لذكروه كما ذكروا كتاب (الرسائل).

2- أنه في ذكره لنوادر العلماء لم يستعرض سوى نوادر كلمات أئمة المذاهب الأربعة، وقد استعرض أيضًا جملة من مسائل الأحكام في تضاعيف كتابه ولم يعرض فيها لرأي أحد من خارج المذاهب الأربعة، مع أن حصر المذاهب في خصوص الأربعة لم يحصل إلا بعد قرابة القرنين، وقبلها كانت المذاهب الأخرى منتشرة مشتهرة.

3- ومنها أنه عند حديثه عن عجائب التاريخ (ص 542) قال: «أعجوبة أخرى عبر ألب أرسلان جيحون في أربعمائة ألف فارس فقتل هو وحده وعاد الباقون» مع أن عبور الب ارسلان لنهر جيحون ومقتله كان سنة 465هـ أي بعد وفاة الخوارزمي بما يزيد على الثمانين عامًا، فكيف كتب هذه العبارة.

4- أن المطالع في كتابه يجزم بتسننه، مع أن المستفاد مما كتبه ياقوت الحموي في (معجم الادباء 6: 2543) وذكره الصفدي والذهبي أيضًا في ترجمته أنه كان يتشيع، وله في ذلك شعر معروف، يقول فيه:

بآمل مولدِي وَبني جرير... فأخوالي ويحكي الْمَرْء خَاله

فها أَنا رَافِضِي عَن تراث... وغيري رَافِضِي عَن كلاله

فهذه القرائن وغيرها مما يطول المقام بذكرها، أوجبت لنا الاطمئنان التام والجزم بعدم صحة نسبة الكتاب لأبي بكر العباس بن محمد الخوارزمي، والأقرب أنه لزكريا بن محمد بن محمود القزويني.

(8) كشف الظنون 2: 1777.

ورجح (محمد عبد القادر عطا) أن يكون صاحب كشف الظنون استقى نسبة الكتاب لأحد المغاربة بسبب ما كُتب في آخر إحدى النسخ (كتبه محمد المغربي الدلال)

(9) منها:

1- التشابه الواضح بين أسلوب هذا الكتاب وأسلوب كتاب عجائب المخلوقات للقزويني.

2- أن الدميري المتوفى سنة 808هـ في كتابه (حياة الحيوان 2: 112) أشار لكتاب عجائب المخلوقات وكتاب مفيد العلوم ومبيد الهموم ونسبهما للقزويني.

(10) الحوادث والبدع: 132 – 133.

(11) إحياء علوم الدين 1: 203.

(12) إحياء علوم الدين 1: 203.

(13) الغنية لطالبي طريق الحق 1: 238.

(14) كأبي الفداء إسماعيل حقي الاستانبولي المتوفى سنة 1127هـ، حيث قال: «يقول الفقير دخل في أدبار السجود والنوافل مثل صلاة الرغائب وصلاة البراءة وصلاة القدر، فإنّ صلاة الرغائب تُصلّى بعد المغرب في ليلة الجمعة الأولى من شهر الله رجب، والثانية بعد العشاء في ليلة النصف من شعبان، والثالثة بعد العشاء أيضاً في ليلة القدر، وتلك الصلوات من مستحسنات المشايخ المحققين، لأنها نوافل أي زوائد على الفرائض والسنن، وهذا على تقدير أن لا يكون لها أصل صحيح في الشرع، وقد تكلم المشايخ عليها والأكثر على أنه× صلاها؛ فلها أصل صحيح، لكن ظهورها حادث ولا يقدح هذا الحدوث في أصالتها، على أن عمل المشايخ يكفي سنداً فإنهم ذووا الجناحين، وقد أفردتُ لهذا الباب جزءاً واحداً شافياً» انظر تفسير (روح المعاني 9: 142).

(15) كالمولى شمس الدين محمد بن حمزة الفناري المتوفى سنة 834هـ صاحب كتاب (مرشد المصلي)، الذي قال فيه باستحباب صلاة الرغائب، انظر كشف الظنون 2: 1655.

(16) هو تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الكردي الشافعي، ولد سنة 577هـ وتتلمذ على والده الملقب بـ(الصلاح) وألف العديد من الكتب، توفي سنة 643هـ، له رسالة في مشروعية صلاة الرغائب كتبها رداً على رسالة معاصره العز بن عبد السلام التي حرم فيها صلاة الرغائب.

(17) مساجلة علمية بين الإمامين 15 – 16.

(18) منهم: أبو عبد الله العبدري الفاسي الشهير بابن الحاج(المتوفى سنة 737هـ) في كتابه (المدخل: 310).

(19) منهم زين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم المصري المتوفى سنة 970هـ في كتابه الأشباه والنظائر: 141، حيث قال: «يكره الاقتداء في صلاة الرغائب وصلاة البراءة وليلة القدر، إلا إذا قال نذرت ركعة كذا بهذا الإمام بالجماعة».

(20) وهم كثيرون جدًا نذكر منهم:

1- العز بن عبد السلام(المتوفى سنة 660هـ) حيث الف كتاب(الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة وبيان ما فيها من مخالفة السنن المشهورة).

2- عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الملقب بأبي شامة(المتوفى سنة 665هـ)، في كتابه(الباعث على إنكار البدع والحوادث: 39).

3- محيي الدين النووي المتوفى سنة 676هـ، المجموع 4: 56.

4- بدر الدين محمود بن أحمد العيني الحنفي المتوفى سنة 855هـ، في كتابه (عمدة القارئ 4: 39)

5- قطب الدين محمد بن محمد الخيضري الشافعي المتوفى سنة 894 هـ، له كتاب (البرق اللموع لكشف الحديث الموضوع)، انظر كتاب كشف الظنون 1: 239.

6- جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ، انظر كتابه الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع: 134.

7- علي بن محمد بن خليل المعروف بابن غانم المقدسي نور الدين الحنفي، (المتوفى سنة 1004هـ)، من تصانيفه (ردع الراغب عن صلاة الرغائب) انظر كشف الظنون 1: 840، ولكن اسماعيل باشا البغدادي سماه (ردع الراغب عن الجمع في صلاة الرغائب) انظر هدية العارفين 1: 750.

(21) معجم الشيوخ 1: 186، تسلسل 210.

(22) الموضوعات 2: 125.

(23) هو الحافظ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن بن بندار الأنماطي الحنبلي البغدادي، كثير الرواية وهو من كبار شيوخ أبي الفرج بن الجوزي، ولد سنة 462هـ وتوفي سنة 538هـ.

(24) نفس المصدر السابق.

(25) مجد الدين ابن الأثير المتوفى سنة 606هـ في كتابه جامع الاصول في أحاديث الرسول 6: 154.

(26) هو الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر السلامي البغدادي، ولد سنة 467هـ وكان كثير السماع والرواية للحديث، وهو من مشايخ ابن الجوزي، توفي سنة 550هـ.

(27) معجم الأدباء 4: 1505، ضمن ترجمة عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب.

(28) لم أعثر على كتابه (بهجة الأسرار)، وقد خلط البعض بين كتابه هذا وكتاب (بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في ترجمة الشيخ عبد القادر الجيلاني) لعلي بن يوسف اللخمي الشطنوفي المتوفى سنة 713 هـ، والحال أنهما مختلفان، من حيث اسم المؤلف وموضوع الكتاب، فبين وفاة مؤلفيهما نحو ثلاثة قرون، وغاية ما يجمعهما أن كليهما من الصوفية، واختلط الأمر على جملة من الناس في ذلك، فنسبوا الكتاب الثاني لابن جهضم، والحال أنه للشطنوفي، وقد فصل الكلام في ذلك محمد عبد الحي ابو الحسنات اللكنوي الهندي في كتابه الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة 1: 66.

(29) هو الحافظ أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن فناخسرو الديلمي الهمداني، ولد سنة 445هـ وسمع الحديث فأكثر، ورواه عنه الكثيرون، ألف كتاب (فردوس الأخبار بمأثور الخطاب) وكتاب (رياض الأنس لعقلاء الإنس)، توفي سنة 509هـ.

(30) نقله عنه الذهبي في (تاريخ الاسلام 9: 238) وابن حجر في (لسان الميزان 5: 554).

(31) هو الإمام الحافظ أبو موسى محمد بن عمر بن أحمد الإصفهاني المديني الشافعي، ولد سنة 501هـ وكان من أئمة الحديث عندهم، له مصنفات منها: الأخبار الطوال، وأنساب المحدثين، ووظائف الأيام، ومجموع المغيث في علمي القرآن والحديث، توفي بأصفهان في جمادى الاولى سنة 581هـ.

(32) نقله ابن حجر في (لسان الميزان 4: 255) نقلا عن كتاب (وظائف الأيام) لابي موسى المديني، ولم أعثر على كتابه وظائف الأيام، وانظر أيضاً (ذيل ميزان الاعتدال 1: 162).

(33) الموضوعات 2: 125.

(34) أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغداديّ الباقلاني، ولد سنة 406هـ، لقي الكثير من شيوخ العامة وسمع عنهم، عارف بتواريخ الرواة، ويعدونه مرجعاً في الجرح والتعديل، توفى سنة 488هـ.

(35) تاريخ الإسلام 9: 238.

وقال ابن عساكر: «قرأتُ بخط أبي الفضل بن خيرون: وممن ذُكر أنه مات سنة أربع عشرة أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم الهمذاني بمكة صاحب كتاب بهجة الأسرار، وقد تُكلم فيه»، أنظر (تاريخ دمشق 43: 19).

(36) انظر كتاب تخريج أحاديث إحياء علوم الدين 1: 517.

(37) المجموع 4: 56.

(38) قال في قوت القلوب: «ويستحب إحياء خمس عشرة ليلة في السنة، خمس منها في شهر رمضان، وهي: وتر ليالي العشر الأخير منه، وليلة سبع عشرة من رمضان، هي صبيحة يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فيه كانت وقعة بدر، وكان ابن الزبير يذهب إلى أنها ليلة القدر، وأما التسعة الأخر فأول ليلة من شهر المحرم وليلة عاشوراء وأول ليلة من شهر رجب وليلة النصف منه وليلة سبع وعشرين منه وفيه أسري برسول الله (ص) ليلة المعراج وليلة عرفة وليلة العيدين وليلة النصف من شعبان وقد كانوا يصلون في هذه الليلة مائة ركعة بألف مرة: قل هو الله أحد عشراً في كل ركعة ويسمون هذه الصلاة صلاة الخير ويتعرفون بركتها ويجتمعون فيها وربما صلوها جماعة» انظر (قوت القلوب 1: 114).

(39) الموضوعات 2: 125.

(40) تلخيص كتاب الموضوعات: 185.

(41) معجم الشيوخ 1: 186، تسلسل 210.

(42) نقله ابن حجر في (لسان الميزان 4: 255) نقلاً عن كتاب (وظائف الأيام) لأبي موسى المديني، ولم أعثر على كتابه وظائف الأيام.

(43) عثرت على عدة أشخاص تنطبق عليهم التسمية (محمد بن سعيد) وينسبون إلى البصرة، إلا أن طبقتهم لا تناسب طبقة الراوي هنا، باعتبار أن ابن جهضم يروي عنه بواسطة واحدة، فمن هؤلاء:

أ- محمد بن سعيد بن الوليد الخزاعي البصري الملقب مردويه، توفي سنة 230هـ..

ب- محمد بن سعيد بن زياد الأثرم البصري، توفي سنة 231هـ، و(هو مضعف).

ج- أبو الفضل محمد بن سعيد بن السكن بن عبد الرحمن الكندى أبو الفضل البصري.

د- محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم التستري البصري، يعدونه في العاشرة، فيبعد جداً أن يروي عنه ابن جهضم بواسطة واحدة، مضافاً إلى أنه لم يعرف له ولد اسمه علي، ولم يعهد تلقيبه بالبصري في الأسانيد.

(44) الثقات لابن حبان 4: 148.

(45) روى الطبراني في (المعجم الأوسط 2: 369) بسنده عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر ناشد أصحاب رسول الله (ص): من سمع رسول الله (ص) يوم غدير خم يقول ما قال فيشهد؟ فقام اثنا عشر رجلاً، منهم: أبو سعيد، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله (ص) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه».

(46) رواه أبو نعيم الإصفهاني في (حلية الأولياء) عن الطبراني بنفس سنده السابق عن عن عميرة بن سعد، قال: «شهدت علياً على المنبر ناشد أصحاب رسول الله (ص) وفيهم: أبو سعيد، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وهم حول المنبر، وعلي على المنبر، وحول المنبر اثنا عشر رجلاً، هؤلاء منهم، فقال علي: نشدتكم بالله، هل سمعتم رسول الله (ص) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقاموا كلهم فقالوا: اللهم نعم. وقعد رجل. فقال: ما منعك أن تقوم؟ قال: يا أمير المؤمنين، كبرتُ ونسيتُ، فقال: اللهم إن كان كاذباً فاضربه ببلاء حسن، قال: فما مات حتى رأينا بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة»، انظر (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 5: 26).

وانظر أيضًا:

1- الأمالي للشيخ الصدوق: 184، التسلسل 190، المجلس السادس والعشرون.

2- نهج البلاغة 4: 74، التسلسل 311 من الحكم والمواعظ القصيرة.

3- المعارف لابن قتيبة: 580.

4- ربيع الأبرار للزمخشري 2: 372، الباب التاسع والعشرون ذكر الله، والدعاء والاستغفار تسلسل 144.

5- محاضرات الأدباء للراغب الإصفهاني 1: 490.

6- مفيد العلوم ومبيد الهموم للخوارزمي: 480.

(47) سير أعلام النبلاء 3: 404.

(48) إقبال الأعمال 3: 185.

(49) الإجازة الكبيرة للعلامة، (بحار الأنوار 104: 123).

(50) المصباح للكفعمي: 526.

(51) هو الشيخ الإمام تاج الدين أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الدربي، من أعلام القرنين السادس والسابع الهجري، روى عن محمد بن علي ابن شهرآشوب المازندراني وقوام الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله البحراني الشيباني وعربي بن مسافر، وروى عنه السيد رضي الدين علي بن طاووس والمحقق الحلي.

(52) الإجازة الكبيرة للعلامة، (بحار الأنوار 104: 106)

(53) الإجازة الكبيرة للعلامة، (بحار الأنوار 104: 107 و108 و109).

(54) انظر ترجمته في: تاريخ الإسلام 9: 709.

وقد ذكر في ترجمته أنه توفي سنة 448هـ، ولكن السمعاني ذكر في (الأنساب 8: 222) أنه توفي بعد 448هـ، وقد نصص عبد العزيز الكتاني في كتابه (ذيل تاريخ مولد العلماء ووفياتهم: 209) أنه توفي بمكة فِي شهور سنة إِحْدَى وَخمسين وأربعمائة.

(55) تاريخ الإسلام 9: 238.

(56) وهو مطبوع مع كتابيه الآخرين (فضائل شهر شعبان) و(فضائل شهر رمضان) ضمن مجلد واحد اسمه (فضائل الشهور الثلاثة) بتحقيق العلامة الشيخ غلام رضا عرفانيان.

 بعضهم أشار لها وبين كيفيتها والبعض الآخر أشار لها اجمالاً من دون بيان لكيفيتها، فمن هذه المصادر:

1- المقدس الاردبيلي المتوفى سنة 993هـ في مجمع الفائدة والبرهان 2: 43.

2- المحدث السبزواري المتوفى سنة 1090هـ في ذخيرة المعاد ج1 القسم الثاني: 204.

3- العلامة الشيخ حسين آل عصفور المتوفى سنة 1216هـ في سداد العباد: 216.

4- الشيخ زين الدين البحراني المتوفى سنة 1419هـ في كلمة التقوى 2: 96.

5- الشيخ عباس القمي المتوفى سنة 1359هـ في مفاتيح الجنان، (اعمال شهر رجب) العمل 21.

(58) وسائل الشيعة 1: 81، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 6

(59) وسائل الشيعة 1: 82، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 7

(60) عبر عنها جملة من الأعلام بالصحيحة، ولكن يمكن التأمل في ذلك باعتبار أن سند البرقي إلى هشام بن سالم وإن كان معتبراً، إلا أنه يمكن التوقف في صحة ما نقله صاحب الوسائل عن كتاب المحاسن للبرقي؛ لعدم إحراز تواتر نسخة المحاسن واشتهارها إلى زمن صاحب الوسائل، كما لا مجال للاعتماد على الطرق التي ذكرها في خاتمة الوسائل؛ لأنها ليست لأعيان النسخ كما أوضحنا ذلك في البحث الذي كتبناه سابقاً تحت عنوان (طرق المتأخرين إلى الكتب- صاحب الوسائل نموذجاً)، والذي نشر في العدد 47 من مجلة فقه أهل البيت (عليهم السلام).

ومما يؤكد أن طريق صاحب الوسائل ليس لعين النسخة، أن كتاب المحاسن يحتوي عدة كتب، والطريق الذي ذكره الحر العاملي شامل لجميع تلك الكتب على ما يستفاد من الفائدة الخامسة في الخاتمة، مع أنه صرح في الفائدة الرابعة من (وسائل الشيعة 30: 155) بما لفظه: «والذي وصل إلينا من المحاسن: كتاب القراين، كتاب ثواب الأعمال، كتاب عقاب الأعمال، كتاب الصفوة والنور والرحمة، كتاب مصابيح الظلم، كتاب العلل، كتاب السفر، كتاب المأكل، كتاب الماء، كتاب المنافع، كتاب المرافق. وباقي كتب المحاسن لم تصل إلينا».

(61) وسائل الشيعة 1: 81، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث 3.

(62) تاريخ بغداد 8: 293.

(63) شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن: 58.

(64) لم نعثر على من صرح به من المتقدمين، وأما المتأخرين فقد نُسب إلى الشهيد الأول المتوفى سنة 786هـ القول بذلك في كتاب ذكرى الشيعة، ولكن الموجود في (ذكرى الشيعة 2: 34) نقل لكلام النووي في روضة الطالبين، فقال ما نصه: «وقال صاحب الروضة: هذا التلقين استحبه جماعة من أصحابنا... والحديث الوارد فيه ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم»، ولم يظهر من الشهيد الأول تبني هذا القول، ولعل أول من تبنى هذا القول هو المحقق الكركي المتوفى سنة 940هـ في (جامع المقاصد 1: 440) حيث قال: «فكأنه لم يثبت عنده سندها، إلا أن روايات السنن مبنية على المسامحة، فيقبل فيها الخبر الضعيف، خصوصا إذا اشتهر مضمونه»، ثم تبعه الشهيد الثاني في (المسالك 10: 31، والمسالك 11: 330) ثم تبعهما الأعلام من بعدهما.

وربما نُسب لابن فهد الحلي دعوى الإجماع على التسامح في أدلة السنن، ولكنه في غير محله، فإنه في مقدمة كتابه (عدة الداعي: 10) كان في مقام الترغيب في العمل بما أورده في كتابه من آداب وأدعية، ولهذا أورد جملة من أحاديث من بلغ من طرق الشيعة ومن طرق العامة، من دون أن يبين ما يستفاد منها، ثم عقبها بالقول: «فصار هذا المعنى مجمعاً عليه عند الفريقين»، وهذا لا يدل على تبنيه لأي معنى من المعاني.

(65) روضة الطالبين 1: 655.

(66) تبيين العجب بما ورد في فضل رجب: 11.

(67) قال الحطاب رعيني في (مواهب الجليل 2: 574) ما لفظه: «وروي مرفوعاً وموقوفاً وكلاهما ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها».

(68) بحار الأنوار 2: 257.

(69) نقله عن المحدث البحراني في الدرر النجفية 3: 172.

(70) انظر كتابيه: (الدرر النجفية 3: 172) و(الحدائق الناظرة 4: 203).

(71) مسالك الأفهام 1: 138.

(72) مفاتيح الأصول: 350.

(73) انظر (رسالة التسامح في أدلة السنن) المطبوعة ضمن مجلد رسائل فقهية: 157.

(74) انظر: 1- اقبال الاعمال 3: 185.

2- الإجازة الكبيرة للعلامة، (بحار الأنوار 104: 123).

(75) انظر: 1- إحياء علوم الدين 1: 203.

2- الموضوعات لابن الجوزي 2: 124.

3- الباعث على انكار البدع والحوادث: 42.

(76) جنة الأمان، المعروف بالمصباح للكفعمي: 526.

(77) الغنية لطالبي طريق الحق 1: 238.

(78) المجموع 4: 56.

(79) الصحاح للجوهري

(80) وجاء في (بحار الانوار 38: 290) في قصة هجرة النبي (صلَّى الله عليه وآله) للمدينة ما نصه: «جاء جبرئيل إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله) فقال له: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فلما كان العتمة اجتمعوا على بابه يرصدونه».

(81) الباعث على انكار البدع والحوادث: 43.

(82) سداد العباد ورشاد العباد، ص131.

(83) شرح العروة الوثقى 14: 324 المسألة الخامسة في أحكام القراءة من شرح العروة.

(84) الكافي 3: 465.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا