رجال البحرين "خير أهل المشرق" (القسم الأول)

رجال البحرين "خير أهل المشرق" (القسم الأول)

اللهم صل على محمد وآل محمد، الكواكب الدرية، لأهل البشرية، والحمد لله حمدا تستقبل به مواهبه، وتستمطر به نوائله السجية.

أما بعد، فهذه وجيزة في تعداد رجال الحديث البحرانيين الذين صدروا تاريخ الإسلام بالإيمان سابقين، والذين ورد ذكرهم في أسانيد الأخبار، وكتب الرجال، نكشف بها وجهاً لامعاً لأولياء العترة المحقة، وندحض بها شبهة المتأخرين من الناهبين لإرث أهل الفضل، والصدق، والقدم، والناسبين لنفسهم حقَّا.

وقد كنَّا أحصينا أسماء جمع غفير منهم، لو جُمِعوا في مؤلف لكان بلغ من السعة ما بلغ! إلا أنّا اقتصرنا على ما يناسب المقام من الاختصار، وترك التفصيل لغير موضع، قد يوفقنا الله له، أو يوفق غيرنا من الشيعة الأخيار، فإنه عمل فريد، ذو فوائد جمة، تعود على الحديث، والتاريخ، وأسراره طوتْهُ السنون، ونسته أهلُ الفنون، وغيَّبه المغيبون، ولم يبق إلا أن يكشف الغطاء عن السر، ويجهر بما هو مكنون.

مقدمة فيها عرض تاريخي مجمل:

ولزم التنبيه إلى أنَّ من نذكرهم من رواة هم المنتسبون لأهل البحرين القديمة، التي لها امتداد واسع، يستوعب كلَّ سواحل الخليج، وجزرها الشرقية، والجنوبية، وعليه فلا تسمع دعوى خروج أرض البحرين وجزرها الحالية عن تلك الأرض؛ فإنها إحدى جوانبها، وجزرها المهمة، التي أطبق المتقدمون -والمتأخرون- من المؤرخين على شمول التسمية لها، واشتراكها مع البحرين الكبرى في الخصائص النسبية، والعرقية، والمذهبية الباقية لهذا الزمان، بل تقاسمها لأغلب الوقائع الجارية عليها أغلب الفترات، بل إنَّ نفس الجزيرة ومدينتها الكبيرة كانت تسمى البحرين في القرن السادس الهجري على أقل التقادير.

قال الإدريسي (ت 560 هـ) في (نزهة المشتاق)، في أول الجزء السادس من الإقليم الأول:

«وهناك من بلاد شمال أرض البحرين: القطيف، والزارة، والأحساء، والعقير، والخرج، وبيشة، وجزيرة أوال، وسائر ما بين بلاد البحرين وعمان صحراء، تسكنها العرب، وهي قليلة الماء»(1).

ثم فصَّل القول فقال: «ومدن البحرين منها هجر، وحمص، والقطيف، والأحساء، وبيشة، والزارة، والخط التي تنسب إليها الرماح الخطية، وسميت البحرين بجزيرة أوال(2)؛ وذلك أن جزيرة أوال بينها وبين بر فارس مجرى، ومنها إلى بر العرب مجرى، وهي ستة أميال طولا، وستة أميال عرضا، ومنها إلى البصرة خمسمائة ميل وأربعون ميلا؛ لأنَّ أيضا من جزيرة أوال إلى جزيرة خارك مئتان وأربعون ميلا، وجزيرة خارك ثلاثة أميال في ثلاثة أميال، وبها زروع، وأرز كثير، وكروم، ونخل، وهي جزيرة حسنة، كثيرة الأعشاب، خصيبة.

وجزيرة أوال جزيرةٌ حسنة، بها مدينة كبيرة تسمى البحرين، وهي عامرة، حسنة، خصيبة، كثيرة الزروع، والنخل، وفيها عيون ماء كثيرة، ومياهها عذبة، منها عين تسمى عين بو زيدان، ومنها عين مريلغة، ومنها عين غذار(3)، وكلها في وسط البلد، وفي هذه العيون مياه كثيرة، نابعة، مترعة، دفاعة، تطحن عليها الأرحاء، فالعين المسماة عين غذار فيها عجب لمبصرها؛ وذلك أنها عين كبيرة قدرا، مستديرة الفم في عرض ستين شبرا، والماء يخرج منها، وعمقها يشف على خمسين قامة، وقد وزن المهندسون وحذاق العلماء علوَّ فمها، فوجدوه مساويا لسطح البحر، وعامة أهل البلاد التي في هذه الجهة يزعمون أنها متصلة بالبحر، ولا اختلاف بينهم في ذلك، وهذا غلط، ومحال، لا يشك فيه؛ لأن العين ماؤها حلو، عذب، لذيذ، شهي، بارد، وماء البحر حار، زعاق، ولو كانت كما زعموا لكان ماؤها ملحا كماء البحر.

وفي هذه الجزيرة أمير قائم بنفسه، وقد رضيه أهل الساحلين؛ لعدله؛ ومتانة دينه، ولا يلي مكانه إذا مات إلا من هو مثله في العدل، والقيام بالحق.

وفي هذه الجزيرة رؤساء الغواصين في البحر، ساكنون بهذه المدينة، والتجار يقصدون إليها من جميع الأقطار بالأموال الكثيرة، ويقيمون بها الأشهر الكثيرة، حتى يكون وقت الغوص، فيكترون الغواصين بأسوام أجر معلومة، تتفاضل على قدر تفاضل الغوص، والأمانة، وزمان الغوص في شهر أغشت، وشتنبر، فإذا كان أوان ذلك وصفا الماء للغطاس، وأكرى كل واحد من التجار صاحبه من الغواصين، خرجوا من المدينة في أزيد من مائتي دونج، والدونج أكبر من الزورق، وفي إنشائه وطاء، ويقطعها التجار أقساما، في كل دونج منها خمسة أقسام وستة، وكل تاجر منهم لا يتعدى قسمه من المركب، وكل غواص له صاحب يتعاون به في عمله، وأجرته على خدمته أقل من أجرة الغطاس، ويسمى هذا المعاون المصفي، ويخرج الغواصون من هذه المدينة وهم جملة في وقت خروجهم، ومعهم دليل ماهر، ولهم مواضع يعرفونها عيانا بوجودهم صدف اللؤلؤ فيها؛ لأن للصدف مراعي تجول فيها، وتنتقل إليها، وتخرج عنها في وقت آخر إلى أمكنة أخرى معلومة بأعيانها، فإذا خرج الغواصون عن أوال، تقدمهم الدليل، والغواصون خلفه في مراكبهم صفوفا، لا تتعدى جريه، ولا تخرج عن طريقه»(4).

ثم أسهب في ذكر تفاصيل صيد الصدف، واستخراج اللؤلؤ، وتقسيمه بعد رجوعهم.

قال الحموي في معجم البلدان:

«أوال، بالضم، ويُروى بالفتح: جزيرة يحيط بها البحر بناحية البحرين، فيها نخل كثير، وليمون، وبساتين، قال توبة بن الحمير:

من الناعبات المشي نعبا كأنما

                        يناط بجذع من أوال جريرها

 

وقال تميم بن أبي بن مقبل:

عمد الحداة بها لعارض قرية

                        فكأنها سفن بسيف أوال

 

وقال السمهري العكلي:

طروح مروح فوق روح كأنما

                        يناط بجذع من أوال زمامها

 

وأوال - أيضا - صنم كان لبكر بن وائل، وتغلب بن وائل»(5).

«شفار، بضم أوله، وآخره راء: يجوز أن يكون من شفر العين، أو شفرة السكين، وهي: جزيرة بين أوال وقطر، فيها قرى كثيرة، وهي من أعمال هجر، أهلها بنو عامر بن الحارث من بني عبد القيس»(6).

وكما أسلفنا، فإن أراضي البحرين -جزرها، وبرها- تربطها علاقة واحدة، وخصائص متحدة، أشار لبعضها كتاب التاريخ وغيرهم، فهذا الحموي عند ذكره لبُعاث -يصف نخلا كثيرا- يستشهد بشعر كثير عزة بن عبد الرحمن، فيه ذكر لسماهيج، وجواثا من أرض هجر:

كأن حدائج أظعاننا

                        بغيقة لما هبطن البراثا

 

نواعم عم على ميثب

                        عظام الجذوع أحلت بعاثا

 

كدهم الركاب بأثقالها

                        غدت من سماهيج أو من جواثا

 

وعند ذكره لسماهيج يذكر معها الخط، فيذكر قول الشاعر:

هوجاء ماجت من جبال يأجوج

                        من عن يمين الخط أو سماهيج

 

بل إن الأندلسي (ت 478 هـ) في (معجم ما استعجم)، ذكر سماهيج فقال: «سماهيج: بالبحرين، لعبد القيس، وكذلك جواثى»(7)، التي بني فيها أول مسجد بعد مسجد المدينة، وجمعت فيها ثاني جمعة بعد جمعة النبي(صلّى الله عليه وآله).

ولا يضر تسمية بعض جزر البحرين بأسامٍ فارسية، بعد أن تعلم أن كل الساحل الشرقي، وعمان، واليمن، وأغلب أراضي العراق إلى الهند، تحت النفوذ الفارسي -قبل الإسلام- دون أن تحكم منهم مباشرة، فهذه جزيرة سماهيج قد ذكر أن الفرس يسمونها: (ماش ماهي)(8)، وعرَّبها العرب إلى: (سماهيج)، رغم أنها منتسبة لعبد قيس، من لا يُشك أنهم عرب أقحاح.

وما هذا إلا مثال على ما ذكرنا من العلقة والاقتران بين الساحلين نسبا، وذكرا، ولتوسيع البحث فيه مجال للمتخصصين.

ثم إن هذه البلد الطيب قد سبقت إلى الإسلام من لحقها، ولحقها من الثناء ما سبَّقَها. رُوي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه لفت لهم قبل وصول وفدهم إليه، فقال لصحبه: «سيطلع لكم من هذا الوجه ركب هم خير أهل المشرق». ومدح قومها فقال: «خير أهل المشرق عبد القيس». و:«أنا حجيج من ظلم عبد القيس»(9).

بل قال الشامي في (سبل الهدى والرشاد): «ودلَّ على سبقهم في الإسلام ـ أيضا ـ ما رواه العقدي في (الجمعة) من طريق أبي جمرة، عن ابن عباس(رضي الله عنهما): (أن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله(صلّى الله عليه وآله) في مسجد عبد القيس، بجواثي من البحرين) - وجواثي: بضم الجيم، فواو، وبعد الألف مثلثة مفتوحة-، وإنما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم، فدلَّ على أنهم سبقوا جميع القرى إلى الإسلام»(10).

وأوصى (صلّى الله عليه وآله) العلاء لما بعثه من قِبَلِه إلى البحرين جابيا لا أميرا؛ إذ كان المنذر بن ساوى واليا منصوبا من قبله (صلّى الله عليه وآله)، ثم عزله بعد شكايتهم سوء فعله، وكانت شكايتهم يوم وفودهم على النبي (صلّى الله عليه وآله) بعد كتابه إلى المنذر بن ساوى، فاستعمل مكانه أبان بن سعيد، وهو ممن قفل إلى المدينة بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله)، وامتنع عن العمل لأبي بكر التيمي، قال (محمد أبو رية): «وكأنه أنف من أن يعمل تحت إمرة أبي بكر التيمي»(11)، فبعثَ العلاءَ واليا محاربا لمانعي الزكاة عنه، فخاض حروبا طاحنة، ومجازر، وحصارا شديدا لبني عبد قيس، وغيرهم في القطيف، وجزيرة تاروت، وساحل البحرين، استمرت إلى زمن عمر بن الخطاب، كلها تحت عنوان الردة، ومنع الزكاة، أجبرتهم على الهجرة عن موطنهم، حتى عزله، وولاّه البصرة في خلافته، فمات العلاء قبل أن يصل إليها، فاستخلف عمرُ عليهم قدامة بن مظعون، وهو أخ لأم عبد الله بن عمر زوجته، فشهد الجارود عليه بشرب الخمر عند عمر في المدينة، وذُكرَ أن أبا هريرة شهدَ بذلك أيضا، فعزله، وحدَّه بعد تلكؤٍ شديد، وولى أبا هريرة مكانه، ثم عزله بعد سوء تدبيره، وخيانته، وقاسمه ماله، وولى عنه عثمان بن أبي العاص.

ويقوى بعد التتبع أن هجرة جمع من البحرانيين لموطنهم هَجَر إلى البصرة -كما يأتي في ترجمة بعض رجالاتهم، كعمرو بن مرجوم الذي صحب أمير المؤمنين(عليه السلام)، وكان أول من أقدم بني عبد قيس البصرة- هي ما فعلته حروب رفض بيعة من تَنَصَّب بعد النبي (صلّى الله عليه وآله)، ومنعِهمُ الزكاةَ عن غير المستحق الشرعي لها، مع كون البحرين أهم مصدر لبيت المال في ذلك الزمان(12).

وقد اشتهرت البحرين برفض الحكم القائم بعد رحيل النبي (صلّى الله عليه وآله) قرون عديدة، حتى أنَّ الحموي ( 626 هـ) ذكرها مشيرا لاشتهار أمر تشيعها بين القرنين السادس والسابع على أقل التقادير، قال عند ذكره لعمان: «وأكثر أهلها في أيامنا خوارج إباضية، ليس بها من غير هذا المذهب إلا طارئ غريب، وهم لا يخفون ذلك، وأهل البحرين بالقرب منهم بضدهم، وكلهم روافض، سبائيون، لا يكتمونه، ولا يتحاشون، وليس عندهم من يخالف هذا المذهب إلا أن يكون غريبا»(13).

وبعد هذا الذي مهدنا وقدمنا به الكلام، ننبه مرة أخرى على أنا لم نأت على جملة أعلامهم، إلا أنَّها حوت -إن شاء الله- ما تقر به عين الطالبين لها. فنقول:

في ذكر من عاصر النبي(صلّى الله عليه وآله):

وجلهم ذُكِر في وفودات أهل البحرين على النبي (صلّى الله عليه وآله) وما حاطها من وقائع، ذكر ابن خلدون في تاريخه جملة منهم جاريا مجرى غيره من نقلة الأحداث، فقال:

«فأما عبد القيس، وكانت مواطنهم بتهامة، ثم خرجوا إلى البحرين، وهي بلاد واسعة على بحر فارس من غربيه، وتتصل باليمامة من شرقيها، وبالبصرة من شماليها، وبعمان من جنوبها، وتُعرف ببلاد هجر، ومنها القطيف، وهجر، والعسير، وجزيرة أوال، والأحسا، وهجر هي باب اليمن من العراق، وكانت أيَّام الأكاسرة من أعمال الفرس، وممالكهم، وكان بها بشرٌ كثير من بكر بن وائل وتميم في باديتها، فلمَّا نزل معهم بنو عبد القيس زاحموهم في ديارهم تلك، وقاسموهم في الموطن، ووفدوا على النبي بالمدينة، وأسلموا، ووفد منهم المنذر بن عائذ بن المنذر بن الحارث بن النعمان بن زياد بن نصر بن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن بكر، وذكروا أنه سيدهم، وقائدهم إلى الإسلام، فكانت له صحبة ومكانة من النبي، ووفد أيضا الجارود بن عمرو بن حنش بن المعلى بن زيد بن حارثة بن معاوية بن ثعلبة بن حذيمة، وثعلبة أخو عوف بن جذيمة، وفد في عبد القيس سنة تسع مع المنذر بن ساوى من بني تميم - وسيأتي ذكره -، وكان نصرانيا، فأسلم، وكانت له أيضا صحبة، ومكانة، وكان عبد القيس هؤلاء من أهل الردة بعد الوفاة، وأمروا عليهم المنذر بن النعمان، الذي قتل كسرى أباه، فبعث إليهم أبو بكر بن العلا بن الحضرمي في فتح البحرين، وقتل المنذر، ولم تزل رياسة عبد القيس في بني الجارود أولا، ثم في ابنه المنذر، وولاه عمر على البحرين، ثم ولاه على إصطخر، ثم عبد الله بن زياد ولاه على الهند، ثم ابنه حكيم بن المنذر، وتردد على ولاية البحرين قبل ولاية العراق»(14).

ويهمنا ما ذكره من الأعلام، ونذكر التفاصيل في الأثناء. فمنهم:

1) المنذر بن عائذ، وهو المعروف المشتهر بالأشج، وأشج عبد القيس، وأشج بني أعصر، وأشج بني عَصَر، والأشج العَصَري، والأشج العبدي، أو العَصَري العبدي، كما في (الإكمال في أسماء الرجال)(15)، أو: ابن عَصَر العَصَري، كما في (تهذيب التهذيب).

ونقل ابن سعد في الطبقات عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه، أن أشج عبد القيس اسمه: المنذر بن الحارث بن عمرو بن زياد بن عصر بن عوف بن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة.

ونقل عن الكلبي - أيضا - عن المدائني أن اسمه: المنذر بن عائذ بن الحارث بن المنذر بن النعمان بن زياد بن عصر، وعن العبدي عن شيخه أن اسمه: المنذر بن عائذ(16)، والثاني هو الأشهر.

سيد قومه من بني عبد القيس في وفد البحرين على النبي (صلّى الله عليه وآله) سنة تسع للهجرة(17).

لم يذكر في أمهات كتب أصحابنا ورجالهم، وعد في المجاهيل.

وفي (قاموس الرجال): «أنه يمكن القول بحسنه؛ روى سنن أبي داود عن زارع العبدي -وكان في وفد عبد القيس على النبي[ (صلّى الله عليه وآله)]- قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا، فنقبل يد النبي[ (صلّى الله عليه وآله)]، ورجله، وانتظر المنذر الأشج حتى أتى عيبته، فلبس ثوبيه، ثم أتى النبي[ (صلّى الله عليه وآله)]، فقال له: إن فيك خلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة. قال: أتخلق بهما؟ أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما. قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله»()، ولم يعلم دركه الفتنة»(19).

والمنذر بن عائذ مشهورٌ جدا في كتب العامة ورجالهم، موثق، لم يرد فيه ذمٌّ أو تضعيف.

حكى ابن سعد (ت 230 هـ ق) - في عداد من نزل البصرة من الصحابة- عن البحتري: أنه رجع إلى البحرين مع قومه، ثم نزل البصرة(20). وقال قبلها: «وقد اختلف علينا في اسمه»، ثم ذكر مجموعة من الأسماء، هي:

عبد الله بن عوف الأشج، والمنذر بن الحارث بن عمرو بن زياد بن عصر بن عوف بن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، والمنذر بن عائذ بن الحارث بن المنذر بن النعمان بن زياد بن عصر(21).

ويظهر مما ذكره ابن حجر (ت 852 هـ ق) في (الإصابة) كونه على النصرانية --كجمع من قومه- قبل الإسلام، وأنه أرسل ابن أخته يستظهر أمر النبوة، فأسلم بعدها، وكتم إيمانه، إلى أن وفد على النبي (صلّى الله عليه وآله) في ستة عشر رجلا -وفي غير مصدر في عشرين رجلا- سنة التاسع، أو سنة الفتح من الهجرة المشرفة.

قال في الإصابة بعد ما ذكرناه: «خرج في ستة عشر رجلا من أهل هجر، منهم من بني عصر عمرو بن المرحوم بن عمرو، وشهاب بن عبد الله بن عصر، وحارثة بن جابر، وهمام بن ربيعة، وخزيمة بن عبد عمرو، ومنهم من بني صباح عقبة بن حوزة، ومطر العنبري أخو عقبة لأمه، ومن بني عثمان منقذ بن حبان، وهو ابن أخت الأشج أيضا، وقد مسح النبي(صلّى الله عليه وآله) وجهه، ومن بني محارب مزيدة بن مالك، وعبيدة بن همام، ومن بني عابس بن عوف الحارث بن جندب، ومن بني مرة صحار بن العباس، وعامر بن الحارث، فقدموا المدينة، فخرج النبي(صلّى الله عليه وآله) في الليلة التي قدموا في صبحها، فقال: ليأتين ركب من قبل المشرق، ولم يكرهوا على الإسلام، لصاحبهم علامة. فقدموا، فقال: اللهم اغفر لعبد القيس. وكان قدومهم عام الفتح، وشخص النبي(صلّى الله عليه وآله) إلى مكة، ففتحها، ثم رجع إلى المدينة، فكتب عهدا للعلاء بن الحضرمي، واستعمله على البحرين، وكتب معه إلى المنذر بن ساوى، فقدموا، فبنوا البيعة مسجدا، وأذن لهم طلق بن علي»(22).

وقيل: إنه جد بكر بن أحمد بن إبراهيم بن زياد بن موسى بن مالك بن يزيد الأشج، أبي محمد، روى عن أبي جعفر(عليه السلام)، المتهم بالكذب، وله كتب، كما في رجال النجاشي(23).

أو أحمد بن محمد بن موسى العصري، الذي ضعفة ابن الغضائري، وقال: إنه يُزعم أنه من ولد الأشج، وأن أمره مظلم(24).

أو بكر بن أحمد بن زياد، كما في الفهرست، وذكر كتبه(25)، وكلهم واحد، وقد وقع الخطأ في تسمية الآباء؛ لاتحاد الكنية، وكتبه.

روى الصدوق في (العيون) بسنده إليه أنه قال: «حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا(عليهما السلام)، قالت: سمعت أبي عليا يحدث، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه وعمه زيد، عن أبيهما علي بن الحسين، عن أبيه وعمه، عن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، قال: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما»(26).

2) عمرو بن عبد قيس (ابن مرجوم): وهو عمرو بن عبد قيس الضبي ابن أخت أشج عبد القيس، أو: عمرو بن مرحوم العبدي، كما في رجال الشيخ(رحمه الله)(27)، أو: عمرو بن المرحوم، كما في (الإصابة) لابن حجر(28)، أو: عمرو بن مرحوم العَصَري، كما في (الغارات)(29)، أو: عمرو بن مرجوم العبدي، كما في كتاب (وقعة صفين) للمنقري(30).

وفي (الاشتقاق) لابن دريد: «سمي - أي عبد قيس- مرجوما لأنه نافر رجلا إلى النعمان، فقال له النعمان: قد رجمتك بالشرف. فسمي مرجوما»(31).

وفي حاشية محمد بن هارون عليه: «ورواية من رواه بالحاء خطأ»(32).

من أشراف عبد القيس في الجاهلية والإسلام، أول من أسلم من أهل البحرين قبل الهجرة على المشهور، وقيل: هو المنذر بن حبان الآتي ذكره، والظاهر وقوع الخلط بينهما، وهو المبعوث من قبل عمه وأبي زوجته: المنذر بن عائذ، أشج عبد قيس؛ ليستطلع حال النبي (صلّى الله عليه وآله)، والوافد على النبي (صلّى الله عليه وآله) بقيادة عمه، نزل البصرة كعمه، وكثير من قومه من بني عبد القيس، وبكر بن وائل، «وهو الذي أقدم عبد القيس البصرة»(33)، ونصر أمير المؤمنين(عليه السلام) في مواضع حروبه، كان رأسا من رؤوس جيشه، منافحا عن الولاية لإمامه.

روى المنقري (ت 212 هـ) في (وقعة صفين): «عن نصر، عن عمر بن سعد، عن يوسف بن يزد، عن عبد الله بن عوف ابن الأحمر، أن عليا لم يبرح النخيلة حتى قدم عليه ابن عباس بأهل البصرة، وكان كتب علي إلى ابن عباس وإلى أهل البصرة: أما بعد، فأشخص إليَّ من قبلك من المسلمين والمؤمنين، وذكرهم بلائي عندهم، وعفوي عنهم، واستبقائي لهم، ورغبهم في الجهاد، وأعلمهم الذي لهم في ذلك من الفضل.

فقام فيهم ابن عباس، فقرأ عليهم كتاب علي، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، استعدوا للمسير إلى إمامكم، وانفروا في سبيل الله خفافا وثقالا، وجاهدوا بأموالكم، وأنفسكم؛ فإنكم تقاتلون المُحلِّين القاسطين، الذين لا يقرؤون القرآن، ولا يعرفون حكم الكتاب، ولا يدينون دين الحق، مع أمير المؤمنين، وابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، والصادع بالحق، والقيم بالهدى، والحاكم بحكم الكتاب، الذي لا يرتشي في الحكم، ولا يداهن الفجار، ولا تأخذه في الله لومة لائم» - إلى أن قال -: «وقام إليه عمرو بن مرجوم العبدي، فقال: وفق الله أمير المؤمنين، وجمع له أمر المسلمين، ولعن المحلين القاسطين، الذين لا يقرؤون القرآن، نحن والله عليهم حنقون، ولهم في الله مفارقون، فمتى أردتنا صحبك خيلنا ورجلنا.

وأجاب الناس إلى المسير، ونشطوا، وخفوا، فاستعمل ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدؤلي، وخرج حتى قدم على علي، ومعه رؤوس الأخماس: خالد بن المعمر السدوسي على بكر بن وائل، وعمرو بن مرجوم العبدي على عبد القيس، وصبرة بن شيمان الأزدي على الأزد، والأحنف بن قيس على تميم، وضبة، والرباب، وشريك بن الأعور الحارثي على أهل العالية»(34).

لم يكن ممن يوالي عثمان كبعض أهل البصرة، وكان يجاهر بالدعوة لعلي(عليه السلام)، فقد روى الثقفي في غاراته أنه لما بعث معاوية ابن الحضرمي بكتابه إلى البصرة يستنصرهم، ويدعوهم للأخذ بثأر عثمان، وفسخ بيعتهم لعلي(عليه السلام)، قال ابن مرجوم: « أيها الناس، الزموا طاعتكم، ولا تنكثوا بيعتكم، فتقع بكم واقعة، وتصيبكم قارعة، ولا تكن لكم بعدها بقية، ألا إني قد نصحت لكم، ولكن لا تحبون الناصحين»(35).

وعدَّه الشيخ في رجاله ممن روى عن أمير المؤمنين(عليه السلام)(36).

ذكره ابن سعد في طبقاته، فقال: «من بني عامر بن عصر، وهو ابن أخت الأشج، وكان على ابنته أمامة بنت الأشج، وبعثه الأشج؛ ليعلم علم رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وحمَّله تمرا، كأنه يريد بيعه، فضمَّ إليه دليلا من بني عامر بن الحارث، يقال له الأريقط، وقال له: إنه بلغني أنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه علامة، فاعلم لي علم ذلك. فخرج عمرو بن عبد قيس حتى قدم مكة في عام الهجرة، فأتى النبي، وأتاه بتمر، فقال: هذا صدقة. فلم يقبله، فبعث إليه بغيره، وقال: هذا هدية. فقَبله، وتلطفَ، حتى نظر إلى ما بين كتفيه، فدعاه النبي(صلّى الله عليه وآله) إلى الإسلام، فأسلم، وعلمه الحمد، واقرأ باسم ربك الذي خلق، وقال له: ادع خالك. ورجع، وأقام دليله بمكة، فقدم البحرين، فدخل منزله بتحية الإسلام، فخرجت امرأته إلى أبيها نافرة، وقالت: صبأ - ورب الكعبة - عمرو، فانتهرها أبوها، وقال: إني لأبغض المرأة تخالف زوجها. وأتاه الأشج، فأخبره الخبر، فأسلم الأشج، وكتم إسلامه حينا، ثم خرج مكتتما بإسلامه في سبعة عشر(37) رجلا وفدا على النبي(صلّى الله عليه وآله) من أهل هجر، وقال بعضهم: كانوا اثني عشر رجلا. فقدموا النبي(صلّى الله عليه وآله)، فأسلموا»(38).

3) أمامة بنت الأشج: ابنة المنذر بن عائذ، أشج عبد قيس، وابنة خال عمرو بن مرجوم، ذكرت في قصة إسلام أبيها وإسلام زوجها المتقدمة.

4) الجارود: أبو غياث، أبو المنذر، والثاني أشهر: «واسمه: بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى، وهو الحارث بن زيد بن حارثة بن معاوية بن ثعلبة بن جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف بن أنمار»، كما في طبقات ابن سعد(39).

وفي (التاريخ الكبير) للبخاري (ت 256 هـ): «جارود بن المعلى»(40)، ولا تنافي بينهما.

وقيل: «الجارود بن العلاء، والأول أصح»، كما في أنساب السمعاني(41) (ت 562 هـ).

«سمي الجارود؛ لأن بلاد عبد القيس أسافت حتى بقيت للجارود شلية، والشلية هي: البقية، فبادر بها إلى أخواله من بني هند من بني شيبان، فأقام فيهم وإبله جربة، فأعدت إبلهم، فهلكت، فقال الناس: جردهم بشر، فسمي الجارود، فقال الشاعر:

جردناهم بالسيف من كل جانب

                        كما جرد الجارود بكر بن وائل

 

وأم الجارود درمَكة بنت رويم، أخت يزيد بن رويم أبي حوشب بن يزيد الشيباني، وكان الجارود شريفا في الجاهلية، وكان نصرانيا»(42).

«قدم على رسول الله في الوفد، فدعاه رسول الله إلى الإسلام، وعرضه عليه، فقال الجارود: إني قد كنت على دين، وإني تارك ديني لدينك، أفتضمن لي ديني؟ فقال رسول الله: «أنا ضامن لك أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه»، ثم أسلم الجارود، فحسن إسلامه، وكان غير مغموص عليه... وكان الجارود قد أدرك الرِّدة، فلما رجع قومه مع المعرور بن المنذر بن النعمان قام الجارود، فشهد شهادة الحق، ودعا إلى الإسلام، وقال: «أيَّها الناس، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده، ورسوله، وأكفى من لم يشهد»(43).

«شهد على قدامة بن مظعون أنه شرب الخمر، فعزله عمر عن اليمن، وحدَّه»(44)، وكان عمر قد ولَّى قدامة على البحرين.

استوطن وأهله البصرة بعد البحرين، كما هو حال جمع منهم، لم يدرك الخلافة الظاهرية لعلي(عليه السلام)، «ووجه الحكم بن أبي العاص الجارود على القتال يوم سهرك، فقتل في عقبة الطين شهيدا سنة عشرين، ويقال لها: عقبة الجارود»(45).

أبناؤه معروفون، مشهورون بولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) بحسب ظاهر المنقول عنهم، فمنهم:

«ابنه: عبد الله بن الجارود، وكان يلقب: (العضاد)؛ لقصره، وكان رأس عبد القيس، واجتمعت عليه القبائل من أهل البصرة والكوفة، فولوه أمرهم، وقاتلوا الحجاج، وظفر بهم، وأخذه الحجاج، وصلبه.

وابنه: المنذر بن الجارود، ولي إصطخر لعلي بن أبي طالب(رضي الله عنه).

وابنه: الحكم بن المنذر، سيد عبد القيس، وفيه يقول الكذاب الحرمازي:

يا حكم بن المنذر بن الجارود

                        سرادق المجد عليك ممدود

 

أنت الجواد بن الجواد المحمود

                        نبت في الجود وفي بيت الجواد

 

والعود قد ينبت في أصل العود(46)

                       

 

ومات في حبس الحجاج الذي يعرف بالديماس»(47)، ونحوه ما ذكره ابن قتيبة (ت 267 هـ) في (المعارف)(48)، وللحكم بن منذر بن الجارود موقف مع مصعب بن الزبير لما دخل البصرة، أهان مصعب فيه آل الجارود، ونسبهم لغير نسبهم، ثم أهان عبد الله بن فضالة الزهراني، فقال له: «ألست من أهل هجر، ثم من أهل سماهيج؟! أما والله لأردنك إلى نسبك»(49).

وفي طبقات ابن سعد: «وكان ولده أشرافا، كان المنذر بن الجارود سيَّدا جوادا، ولاه علي بن أبي طالب إصطخر، فلم يأته أحد إلا وصله، ثم ولاه عبيد الله بن زياد ثغرَ الهند، فمات هناك سنة إحدى وستين، أو أول سنة اثنتين وستين، وهو يومئذ ابن ستين سنة»(50). ولعل تولية ابن زياد له ثغر الهند نفيا له، وخوفا من نحوه مسلك بعض إخوته في حربهم للأموين، ولعله لغير ذلك.

5- منقذ بن حبان:أو: ابن حيان(51)، من بني عثمان(52)، أو: العبدي، كما عن ابن حجر(53)، أو: من بني غنم، كما في شرح النووي (ت 676 هـ) على صحيح مسلم(54)، وهو كعمرو بن مرجوم، «ابن أخت الأشج أيضا»(55)، عد في البصريين بعد البحرين.

احتمل التستري في قاموسه كونه (منقذ بن الأنقع)، أو: (الأبقع)(56)، الذي عد في الوجيزة من الممدوحين، والمنقذ بن الأبقع روى حديث تكلم السبع مع أمير المؤمنين(عليه السلام)، وكان «من خاصة مولانا علي بن أبي طالب(عليه السلام)» كما في كتاب (الروضة) لابن جبريل القمي (ت 660 هـ)(57).

وفي طبقات الواقدي: (قدم عليه منهم عام الفتح عشرون رجلا، رأسهم عبد الله بن عوف الأشج، ومنقذ بن حيان ابن أخت الأشج، وقال النبي[ (صلّى الله عليه وآله)] فيهم: «مرحبا بهم، نعم القوم عبد القيس، اللهم اغفر لعبد القيس، أتوني لا يسألوني مالا، هم خير أهل المشرق، - إلى أن قال: - ومسح النبي[ (صلّى الله عليه وآله)] وجه منقذ)(58).

لكن في هذا الخبر أن أمير المؤمنين(عليه السلام) قد ناداه: «أخا بني أسد»، ولقب فيه بالأسدي، وتقدم أنه من بني عثمان، أو من بني غنم، وقيل: عبدي من بني عبد قيس. إلا أن يكون بنو أسد فخذا من بني عبد قيس الكبيرة، والله أعلم.

قيل: إنه رأى النبي (صلّى الله عليه وآله) في المدينة بعد الهجرة، وأسلم على يديه الشريفتين، قال النووي في شرحه على مسلم في سبب وفود عبد قيس: (وكان سبب وفودهم أن منقذ بن حيان - أحد بني غنم بن وديعة - كان متجره إلى يثرب في الجاهلية، فشخص إلى يثرب بملاحف وتمر من هجر بعد هجرة النبي (صلّى الله عليه وآله)، فبينا منقذ بن حيان قاعد إذ مرَّ به النبي (صلّى الله عليه وآله)، فنهض منقذ إليه، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): أمنقذ بن حيان؟ كيف جميع هيئتك وقومك؟ ثم سأله عن أشرافهم، رجل رجل، يسميهم بأسمائهم، فأسلم منقذ، وتعلم سورة الفاتحة، واقرأ باسم ربك، ثم رحل قبَل هجر، فكتب النبي (صلّى الله عليه وآله) معه إلى جماعة عبد القيس كتابا، فذهب به، وكتمه أياما، ثم اطلعت عليه امرأته، وهي بنت المنذر بن عائذ - بالذال المعجمة- بن الحارث، والمنذر هو الأشج، سماه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) به؛ لأثر كان في وجهه، وكان منقذ(رضي الله عنه) يصلي، ويقرأ، فأنكرت امرأته ذلك، فذكرته لأبيها المنذر، فقالت: أنكرت بعلي منذ قدم من يثرب أنه يغسل أطرافه، ويستقبل الجهة - تعني القبلة -، فيحني ظهره مرة، ويضع جبينه مرة، ذلك ديدنه منذ قدم، فتلاقيا، فتجاريا ذلك، فوقع الإسلام في قلبه، ثم ثار الأشج إلى قومه عصر، ومحارب بكتاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقرأه عليهم، فوقع الإسلام في قلوبهم، وأجمعوا على السير إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)).

ثم كان في وفد عبد قيس عام الفتح، قال في الطبقات الكبرى: (كتب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى أهل البحرين أن يقدم عليه عشرون رجلا منهم، فقدم عليه عشرون رجلا، رأسهم عبد الله بن عوف الأشج، وفيهم الجارود، ومنقذ بن حيان، وهو ابن أخت الأشج، وكان قدومهم عام الفتح)(59)، وفي هذا الحديث وحديث ورود الأشج عليه تشابه من جهات، وتضارب، في زمان القدوم، وظروفه، وأسبابه.

قيل: إنه أول من أسلم من بني عبد قيس من البحرين. لكن المعروف المشهور غير ذلك، بل المروي في عدة مصادر متقدمة أن إسلام عبد قيس كان ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مكة قبل الهجرة.

والذي يقرب للأخذ غير ما ذكره النووي ومن تبعه من كونه أول من أسلم، بل لا يركن إليه مع الشهرة العظيمة؛ لإسلام أهل البحرين قبل الهجرة، وتقدم في ترجمة عمرو بن مرجوم أنه أول من أسلم من أهل البحرين قبل الهجرة بمكة، وكان من جملة وفد عبد قيس، وأما منقذ فقصته جرت في المدينة بعد الهجرة، ثم وفد على النبي (صلّى الله عليه وآله) بعدها، فوقع الخلط بينهما؛ إما لكون عمر ومنقذ زوجان لابنتي الأشج؛ أو لتعدد وفود عبد قيس على النبي الكريم (صلّى الله عليه وآله)، وهو - تعدد الوفود- مختار جمع من المعاصرين، منهم الميانجي،  قال في: (مكاتيب الرسول) (صلّى الله عليه وآله):

(أقول: الذي تحصّل - بعد الغور في وفودهم - أمور:

الأول: تعدد الوفود، كما ذكره الزرقاني، ولكن النصوص توحي إلى أن وافد عبد القيس (منقذ بن حبان) كان يتجر إلى المدينة، فأمره الأشج بالتحقيق عن أمر النبي (صلّى الله عليه وآله)، فلاقاه على تفصيل مر، وكتب النبي (صلّى الله عليه وآله) معه إلى عبد القيس.

وفي (الطبقات): أن الأشج بعث عمرو بن عبد قيس ابن أخته إلى مكة، فأسلم، ورجع، فأسلم منذر، ووفد، وظاهره كون وفود المنذر قبل الهجرة، (وراجع الإصابة في ترجمة صحار، وذكر 3: 577 في ترجمة نوح بن مخلد: أنه أتى النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو بمكة، فسأله ممن أنت؟..).

فيكون ما مر شاهدا على وفدتين: واحدة بمكة أو بالمدينة؛ للتحقيق، وأخرى بعده وهم مسلمون، واستشهد بعض (بخلو هذا الحديث عن ذكر الحج، إلا ما نقله أحمد) بكون أحدهما قبل وجوب الحج، وثانيهما بعد وجوبه، (أي: السنة السادسة، وبعدها)، وذلك ليس صحيحا؛ لأن الحديث صدر عنه (صلّى الله عليه وآله) مرة واحدة، فلم يذكر الراوي الحج في بعض النصوص، كما لم يذكر الصيام في بعضها الآخر، نعم، قولهم «وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحي كفار مضر.» يدل على كون وفودهم قبل إسلام هؤلاء، ولعل ذلك كان أوائل الهجرة كما مر تصريح الإصابة وابن سعد بكون الوفود في أوائل الهجرة، أو مكة، فيكون ثلاث وفدات)(60). ثم دلل عليه ببعض النصوص، فراجع.

والخلط - كما ترى - بين عمرو بن مرجوم ومنقذ قد وقع بين المتأخرين، أمثال النووي في شرحه على مسلم، والذي يقتضيه فصل الاشتباه بعد الانتباه هو أن قصة رجوع منقذ وإسلام قومه بعدَه قريبةٌ للاختلاق.

6- شهاب بن عبد الله بن عصر: عده ابن حجر في وفد عبد قيس(61).

7- المنذر بن ساوى، (عظيم البحرين): ابن الأخنس بن بيان بن عمرو بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي، كما في إصابة ابن حجر، أو العبدي، كما في ثقات ابن حبان (ت 354 هـ)(62).

أسلم في السنة التي بعث النبي (صلّى الله عليه وآله) العلاء إلى البحرين على المشهور، في السنة السابعة أو الثامنة، خصه النبي (صلّى الله عليه وآله) دون الملوك بالسلام في رسالة الدعوة، إذ قال: «سلام عليك»، وهو علامة إسلامه قبل وصول المكتوب كما قيل(63)؛ لأن بقية الملوك كان يبدأ خطابهم بقوله (صلّى الله عليه وآله): «سلام على من اتبع الهدى»، قال الرباني الشيرازي في حاشيته على البحار المحقق: «نقل عن كتاب إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين، شمس الدين بن طولون الدمشقي كتابه (صلّى الله عليه وآله) إلى المنذر، وهو هكذا:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا هو، أما بعد، فإني أدعوك إلى الإسلام، فأسلم تسلم، وأسلم يجعل لك الله ما تحت يديك، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر.

(محمد رسول الله)».

وقال الحلبي في سيرته: فلما وصل الكتاب إلى المنذر، فقرأه، قال العلاء بن الحضرمي رسول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا منذر، إنك عظيم العقل في الدنيا، فلا تقصرن عن الآخرة، إن هذه المجوسية شر دين، ينكح فيها ما يستحيى من نكاحه، ويأكلون ما يتكره من أكله، وتعبدون في الدنيا نارا تأكلكم يوم القيامة، ولستَ بعديم العقل ولا رأي، فانظر، هل ينبغي لمن لا يكذب في الدنيا أن لا نصدقه؟! ولمن لا يخون أن لا نأتمنه؟! ولمن لا يخلف أن لا نثق به؟! فإن كان هذا هكذا، فهذا هو النبي الأمي الذي والله لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به.

فقال المنذر: «قد نظرت في هذا الذي في يدي، فوجدته للدنيا دون الآخرة، ونظرت في دينكم فرأيته للآخرة والدنيا، فما يمنعني من قبول دين فيه أمنية الحياة وراحة الموت؟! ولقد عجبت أمس ممن يقبله، وعجبت اليوم ممن يرده، وإن من إعظام من جاء به أن يعظم رسوله».

فأسلم، وكتب إلى النبي (صلّى الله عليه وآله): «أما بعد، يا رسول الله، فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحبَّ الإسلام، وأعجبه، ودخل فيه، ومنهم من كرهه، فلم يدخل فيه، وبأرضي يهود، ومجوس، فأحدث إلي أمرك في ذلك» انتهى.

أقول: في كتابه (صلّى الله عليه وآله) ذلك ما يخالف سائر كتبه؛ لأنه (صلّى الله عليه وآله) ما كان يسلم سلام الإسلام على غير المسلمين، كما أن كتاب المنذر لا يبعد أن لا يكون جوابا لهذا الكتاب، ولعل كان بينهما مكاتبات، وكان كتابه (صلّى الله عليه وآله) ذلك بعدما استشعر منه الإسلام، وجواب المنذر ذلك كان بعدما أسلم، وورده كتاب منه (صلّى الله عليه وآله) في عرض الإسلام على رعيته، فكتب بذلك في الجواب»(64).

وقال ابن حبان في الثقات: «ثم صالح رسول الله(صلّى الله عليه وآله) المنذر بن ساوى العبدي، وكتب إليه كتابا مع العلاء بن الحضرمي:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم، إلى المنذر بن ساوى:

سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن كتابك جاءني، ورسلك، وأنه من صلى صلاتنا، ومن أبى فعليه الجزية، فصالحهم العلاء بن الحضرمي على أن على المجوس الجزية، لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم».

أقول: أمر إسلامه قبل ورود كتاب النبي (صلّى الله عليه وآله) يقويه تعبيره: «إني نظرت في هذا»، ووفود بني عبد قيس على النبي (صلّى الله عليه وآله) قبلها، ودعوتهم لهم للإسلام يهيء قبوله.

وأما السلام عليه بالخصوص، فقد رواه الزليعي (762 هـ) في نصب الراية هكذا:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى المنذر بن ساوى، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك إلى الإسلام، فأسلم تسلم، وأسلم يجعل الله لك ما تحت يديك، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر»(65).

ورأيت في المتاحف عدة رسائل - أو صور منها - من جلد رقيق، منسوبة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، إلى المنذر بن ساوى، فيها ردود على المنذر بشأن الجزية، والإيصاء بالعدل، والوعد بالتثبيت على ولاية البحرين، ولا أذكر أني رأيت رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام.

أقر النبي (صلّى الله عليه وآله) ولايته، وبعث العلاء على الجباية قبل أن يعزله، ويثبت أبان بن سعيد، قال في الطبقات عن محمد بن عمر:

«وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد كتب إلى العلاء بن الحضرمي أن يقيم بعشرين رجلا من عبد القيس، فقدم عليه منهم بعشرين رجلا، رأسهم عبد الله بن عوف الأشج، واستخلف العلاء على البحرين المنذر بن ساوى، فشكى الوفد العلاء بن الحضرمي، فعزله رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وولى أبان بن سعيد، وقال له: استوص بعبد القيس خيرا، وأكرم سراتهم»(66).

اختلف في وفوده على النبي (صلّى الله عليه وآله)، فذكر ابن خياط (ت 240 هـ) وفوده مع الجارود في سنة تسع للهجرة(67)، وأنكر الرشاطي ذلك فيما حكاه ابن حجر في الإصابة عنه(68)، وهو خلط بينه وبين الأشج العبدي، قال ابن الأثير (630 هـ) في أسد الغابة: (أبو سليمان، مولى المنذر بن ساوى، وفد على النبي(صلّى الله عليه وآله)، وأسلم، وكان ينزل حلب، روى إسحاق بن راهويه، عن سليمان بن نافع العبدي، سمع منه بحلب، قال: قال أبي: وفد المنذر بن ساوى من البحرين حتى أتى مدينة رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، ومع المنذر أياس، وأنا غليم لا أعقل، أمسك جمالهم، قال: فذهبوا مع سلاحهم، وسلموا على رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، ووضع المنذر سلاحه، ولبس ثيابا كانت معه، ومسح لحيته، وأتى النبي(صلّى الله عليه وآله)، فسلم عليه، وأنا مع الجمال، قال المنذر: قال النبي(صلّى الله عليه وآله): رأيت منك ما لم أر من أصحابك. قال: وما رأيت مني يا نبي الله؟ قال: وضعت سلاحك، ولبست ثيابك، وتدهنت. قلت: يا نبي الله، أشيء جبلت عليه؟ أم شيء أحدثته؟ قال النبي: لا، بل شيء جبلت...). إلى أن قال ابن الأثير: (قلت: هذا الذي فعله المنذر بن ساوى إنما فعله الأشج العبدي، وله قال النبي(صلّى الله عليه وآله): إنَّ فيك خلقين يحبهما الله. فقال الأشج العبدي: يا نبي الله، أشيء جبلت عليه؟ أم شيء أحدثته؟ قال: لا، بل شيء جبلت عليه. قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما»(69).

ومات(رحمه الله) في سنة وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله)، أو قريب منها(70)، وأمر وفاته -وما جرى بعده- فيه غموض.

وبهذا ينتهي القسم الأول، ويتبعه القسم الثاني بعون الله القدير، والحمد لله رب العالمين.

 

* الهوامش:

(1) الإدريسي، الشريف، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، ط 1، 1989، عالم الكتب، بيروت.

(2) مقصوده أن جزيرة أوال سميت البحرين؛ لأن بينها وبين فارس مجرى في البحر، وبينها وبين بر العرب مجرى آخر.

(3) يقصد عين عذاري.

(4) نزهة المشتاق 1: 386-390.

(5) الحموي، ياقوت، معجم البلدان 1: 274، دار الفكر، بيروت.

(6) الحموي، ياقوت، معجم البلدان 3: 353، دار الفكر، بيروت.

(7) البكري الأندلسي، عبد الله، معجم ما استعجم 4: 1282، ط3، عالم الكتب، 1983 م، بيروت.

(8) انظر صحاح الجوهري 1: 323، مادة (سمهج)، ط4، دار العلم للملاين، 1987، بيروت.

(9) انظر مسند أحمد 4: 206، الطبقات الكبرى 1: 314.

(10) الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدى والرشاد 6: 370، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1993 م.

(11) أبو رية، محمود، شيخ المضيرة أبو هريرة، دار المعارف، ط3، مطبعة الأعلمي.

(12) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 5: 563 (تسمية من كان بالبحرين من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)).

(13) معجم البلدان 4: 150.

(14) ابن خلدون، عبد الرحمن، تاريخ ابن خلدون 2: 359، دار القلم، بيروت، ط5، 1984.

(15) التبريزي، الخطيب، الإكمال في أسماء الرجال: 7 في (الأشج)، ط مؤسسة أهل البيت(عليهم السلام).

(16) الطبقات الكبرى: 5: 558.

(17) اختلف في سنة الوفود وعدد الوفاد، فقيل إنهم وفدوا مرتين، أو ثلاث، الأولى قبل الفتح، وذكر أن عددهم في أحدها بلغ أربعين رجلا، وأن ما ذكره الرواة هم رؤوس القوم، فراجع مكاتيب الرسول 3: 192، للميانجي، ففيه بحث مفصل واف.

(18) السجستاني، ابن الأشعث، سنن أبي داوود، ط1، دار الفكر، 1990 م.

(19) التستري، محمد تقي، قاموس الرجال 10: 244، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط1، 1422 هـ. ق.

(20) ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى 7: 86، دار الصادر، لا ط.

(21) طبقات ابن سعد 7: 85.

(22) ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة 3: 330، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415 هـ.

(23) النجاشي، أبو العباس أحمد، فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي): 109، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط5، 1416 هـ.ق.

(24) رجال ابن الغضائري 1: 44.

(25) فهرست الشيخ 1: 96/ رقم 128.

(26) الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 1: 75-76، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1984.

(27) رجال الشيخ: 77/ رقم 741.

(28) الإصابة 4: 544.

(29) الثقفي، إبراهيم، الغارات 2: 784، ط أوفست بهمن.

(30) المنقري، ابن مزاحم، وقعة صفين: 117، ط2، المؤسسة العربية الحديثة - منشورات مكتبة المرعشي، قم، 1403 هـ ق.

(31) الاشتقاق: 333.

(32) نفس المصدر السابق.

(33) الطبقات الكبرى 5: 563.

(34) وقعة صفين: 116-117.

(35) الغارات 2: 384.

(36) رجال الشيخ: 77/ رقم 741.

(37) تقدم أنهم ستة عشر.

(38) الطبقات الكبرى 5: 564.

(39) الطبقات الكبرى 5: 559.

(40) البخاري، إسماعيل بن إبراهيم، التاريخ الكبير 1 (ق2): 236 باب (جارود)، المكتبة الإسلامية، ديار بكر، تركيا.

(41) السمعاني، سعد بن عبد الكريم، الأنساب 4: 135، دار الجنان، ط1، بيروت.

(42) نفس المصدر السابق.

(43) الطبقات الكبرى 5: 560.

(44) ابن كثير، البداية والنهاية 7: 120، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1988 م، بيروت.

(45) الطبقات الكبرى 5: 561.

(46) لا يخفى على القارئ ركاكة الأبيات، وعدم انتظامها، وقد ورد بهذ النص.

(47) الأنساب 4: 138.

(48) ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، المعارف: 338، دار المعارف، القاهرة.

(49) تاريخ الطبري 5: 5.

(50) نفس المصدر السابق.

(51) الطبقات الكبرى للواقدي 1: 314.

(52) الإصابة 3: 410.

(53) الإصابة 6: 177.

(54) النووي، يحيى، شرح مسلم 1: 181، دار الكتاب العربي، ط 1987 م، بيروت.

(55) الإصابة 3: 331.

(56) قاموس الرجال 10: 257.

(57) القمي، شاذان بن جبريل، الروضة في فضائل أمير المؤمنين(عليه السلام)، تحقيق علي الشكرجي، ط1، قم، 1423 هـ.

(58) الطبقات الكبرى للواقدي 1: 314.

(59) الطبقات الكبرى 1: 315.

(60) الميانجي، الأحمدي، مكاتيب الرسول 3:، ط1، دار الحديث، طهران، 1419 هـ.

(61) الإصابة 3: 331.

(62) الثقات 2: 30.

(63) قاله الرباني الشيرازي في تعليقته على البحار ضمن تحقيقه له، البحار20: 369.

(64) البحار20: 369.

(65) الزليعي، جمال الدين، شرح بداية المبتدي مع نصب الراية 4: 243، دار الحديث، مطابع الوفاء، ط1، 1995م، القاهرة.

(66) الطبقات الكبرى 4: 360.

(67) العصفري، خليفة بن خياط، تاريخ خليفة بن خياط: 57، دار الفكر، بيروت.

(68) الإصابة 6: 170.

(69) أسد الغابة 5: 9.

(70) الإصابة 6: 170.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا