حقوق المرأة

حقوق المرأة

في هذه الأيام تكاثرت الوسائل المختلفة من الجرائد والمجلات والإنترنت والفضائيات تطالب بحقوق المرأة، وترفع شعار تحرير المرأة، والدفاع عن المرأة، ولكن قبل كل شيء نتساءل من الذي حرم المرأة من حقوقها؟! من الذي ظلم المرأة؟ هل الدين هو الذي ظلمها؟ أو هي المجتمعات والشعوب أو الحكومات؟ ونتساءل أيضاً من هو الذي له الحق في أن يتكلم ويدافع عن حقوق المرأة؟ مع الأسف الجميع فتح باعه، وصار يكتب ويتكلم حتى الذين لا يعرفون أبجديات حقوق المرأة، ولم يعرفوا أدنى فكرة عن الأشياء التي لا بد أن تتحلى بها المرأة، وعن الأمور التي لا ينبغي لها.

شعارات براقة جذّابة:

ومن شعاراتهم المساواة بين الرجل والمرأة، مسألة تعدد الزوجات، مسألة الميراث، مسألة مشاركة المرأة في القضايا السياسية والاجتماعية وغيرها، شعارات برّاقة جذابة، من صميم الواقع، يراد فيها في كثير من الأحيان عمداً أو سهواً إيجاد ضبابية حول المفاهيم، وصناعة المغالطات.

لماذا هذه الحملة الشرسة؟!

الإسلام لا يرفض تقدم المرأة، ولا يرفض مشاركة المرأة في جميع المجالات المختلفة السياسية والاجتماعية، أراد إلى المرأة أن تكون مشاركةً مع الرجل في جميع شؤون الحياة، وأن تكون امرأةً نموذجيةً ومثاليةً وحضاريةً، ولكن مع مراعاة عفتها وحشمتها وكرامتها.. قال رسول الله(ص): «استوصوا بالنساء خيراً»، وفرق بين وضع قيود للمرأة تتناسب مع طبيعتها وقابليتها، وبين إلغاء المرأة واحتقارها، والإسلام جرى مجرى الأول، ولأن الله خالق الإنسان وبما فيه الذكر والأنثى، فهو أعلم بما تقتضيه طبيعتها، ويا ترى من أرأف وأعرف وألطف وأعدل وأعلم بما تحتاجه طبيعة كل المخلوقات فضلاً عن الرجل والمرأة من الخالق جل وعلا؟! وهل الإسلام وهل الدين إلا منه جلا وعلا؟!

ولكن من الذي ظلم المرأة؟ ومن الذي احتقر المرأة؟ ومن الذي ضيع حقوق المرأة؟

تعالوا نرجع إلى العصور القديمة وبعدئذ نأتي ونعرف من هو الذي حرم المرأة حقوقها؟ إن المرأة قبل الإسلام كانت مضطهدةً بأنواع الاضطهاد، مثلاً في اليونان القديمة كانت المرأة تعد كالبضائع والسلع التجارية تباع وتشترى في الأسواق، ولا يحق لها الحياة بعد وفاة الزوج، والزوج هو مالكها. وقالوا: «المرأة هي الموجود ذو الشعر الطويل والعقل القصير»، «المرأة نقلة بين الحيوان والإنسان»، وأفلاطون يقول: «أشكر الله لأنني خلقت يونانياً لا غير يوناني، وأنني خلقت رجلاً لا امرأةً»(1)، وله أيضاً كلمات يقلل من مكانة المرأة.

وفي الهند كانت المرأة تحرق مع جثمان زوجها وهي على قيد الحياة كي تتخلص روح الزوج من العزلة والانفراد(2).

وفي الروم: إن المرأة ليست ذات روح إنسانية أساساً وأن الرجل وحده هو الذي يحمل بين جنبيه مثل هذه الروح دون غيره.

وفي الجزيرة العربية (أيام الجاهلية): {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ}، تدس الطفلة في التراب وهي حية، المرأة عندهم تكون ملك أبيها إذا قدر وعاشت ومن بعده إلى زوجها، وتحرم من الإرث، والشيء العجيب والملفت للنظر أن العلماء المسيحيين في أسبانيا كانوا يبحثون ـ حتى إلى الآونة الأخيرة ـ في أن المرأة هل تملك مثل الرجل روحاً إنسانيةً أم لا؟ وأن روحها هل تخلد بعد الموت أم لا؟ وقد وصلوا بعد مداولات طويلة إلى أن المرأة روح برزخية وهي نوع متوسط بين الروح الإنسانية والروح الحيوانية، وأنه ليس هناك روح خالدة بين أرواح النساء إلا روح مريم(ع).

المذهب الكاثوليكي الذي يعد المرأة مخلوقاً في المرتبة الثانية، الإسلام ماذا يقول؟ يقول: لا يختلف الرجل عن المرأة، {بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ}.

وفي القرن العشرين:

ظهر لأول مرة ما يسمى «حقوق المرأة» في مقابل حقوق الرجل، واعترفت أنجلترا لأول مرة في أوائل القرن العشرين بتساوي حقوق المرأة والرجل.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فاعترفت بالحقوق الإنسانية وصادقت عليه عام 1920م(3).

في فرنسا عقد اجتماع يبحث شأن المرأة ماذا كانت تعد إنساناً أو لا تعد إنساناً، وبعد النقاش قرر المجتمعون أن المرأة إنسانٌ ولكنها مخلوقةٌ لخدمة الرجل، فقد صدر قانون في فبراير سنة 1938م يلغي القوانين التي كانت تمنع المرأة الفرنسية من بعض التصرفات المالية، ويجيز لها لأول مرة في تاريخها بدون إذن القاضي أن تفتح حساباً جارياً باسمها في البنك وأن توقع بالتالي على شيكات الصرف، وأن تمضي العقود المالية وتستولي على الإرث(4).

وأخيراً أعلنت جمعية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في عام 1948م بعد الحرب العالمية الثانية الاعتراف بحقوق الإنسان وقيمة الفرد الإنساني وتساوي حقوق الرجل والمرأة، اتفقت شعوب الأمم المتحدة عليها(5).

وكما نعلم فإن جميع مواد لائحة حقوق الإنسان التي كانت جديدة على الأوروبيين كان الإسلام قد طرحها قبل ألف وأربعمائة عام.

ماذا قال؟

{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ}(6) يعني للرجل نصيبه مما اكتسبه من جهده وتعبه وهو يملكه ويعترف فيه ما يشاء، وأيضاً المرأة تملك مما اكتسبته وليس لأحد أخذه من عندها حتى الزوج أو أبوها.

المصادقة على إباحة اللواط بدلا من تعدد الزوجات:

الفيلسوف البريطاني السيد «رسل» يقترح على الحكومة البريطانية قائلاً: إن نظام الزوجة الواحدة مبتنى على افتراض تساوي عدد النساء والرجال في البلد فحين ينعدم التساوي يقع ظلم عظيم على أولئك الذين يعيشون حالة العزوبة، يقول «رسل»: في إنجلترا اليوم أكثر من عدة ملايين امرأة أكثر من الرجال في هذه الدولة؛ ولذا فهو يقترح حلاً ولكن أي حل؟! إنه ببساطة يقترح أن تمنح تلك النساء الحرية في اصطياد الرجال وإنجاب أطفال مجهولي الآباء قد لا يعشن الحرمان من الذرية، فيجب أن تقوم الحكومة مقام الآباء وتتكفل دفع المعونة المادية لمثل هؤلاء النسوة، ولكن إن الشعب البريطاني وقد حل مشكلته بنفسه دونما انتظار لأن يتخذ اقتراح السيد «رسل» صورته القانونية، وما فعلته الحكومة البريطانية كان على خلاف رأي السيد «رسل»، فإنها بدلاً من أن تحل مشكلة العازبات اعترفت بمنافسين لهن من جنس الرجال فزادت في حرمانهن وذلك بالمصادقة على قانون إباحة اللواط بعد نقاش دام ثمان ساعات(7)، وفي الوقت الحاضر تعدد الزوجات ممنوع في بريطانيا، أما اللواط فمباح، فإذا جاء الزوج بشريكة لزوجته من جنسها يكون قد ارتكب جريمةً وعملاً غير إنساني، أما إذا كان الشريك من جنس الرجال فقد قام بعمل مشرف وإنساني يتناسب مع العصر، إذا كانت الشريكة ذات شارب ولحية فتعدد الزوجات في هذا الحال أمر جائز، ليسمع أولئك الذين يدعون أنهم حضاريون وعصريون أن العالم الغربي قد وجد حلاً لمشكلاته الجنسية فعلى الأقلام المأجورة والأفواه الجارحة بدل أن تنتقد الإسلام في تعدد الزوجات فعليكم أن تناشدوا وتقترحوا على لجنة ما يسمى حقوق الإنسان وحقوق المرأة في منظمة الأمم المتحدة الاعتراف بتعدد الزوجات في ظل الشروط المنطقية التي سنها الإسلام كحق من حقوق الإنسان وأن يكون هذا الاقتراح باسم الدفاع عن الحقوق الحقيقية للمرأة إذا أرادوا أن يخرجوا من مستنقع الرذيلة.

لا مساواة بل عدل:

ينتقدون الإسلام على تقسيم الميراث والإرث بين الرجل والمرأة، جاءت هذه الأفكار نتيجة لعدم إدراكهم العلة والسبب من هذا التقسيم إذ قرر الإسلام {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}(8)، لماذا؟ نذكر بعض الأسباب: لأن المرأة معفاة من التكاليف المالية قبل الزواج وبعده، فقبل الزواج يلتزم أبوها بالإنفاق عليها وبعد الزواج يصير الإنفاق عليها وعلى أولادها مسؤولية الزوج، حتى يقول بعض الباحثين أن المرأة أوفر حظاً في الميراث من الرجل، فلئن تأخذ المرأة خمسة وتدخرها خير من أن يأخذ الرجل عشرة وينفقها.

الإسلام أعطى المرأة حقها ورفض حرمانها من الميراث كما في أيام الجاهلية التي تعتبر أن المرأة بأكملها ملك إلى أبيها وبعده إلى زوجها فضلاً عن أنها تملك نفسها، فشتان بين المرأة في عصر الإسلام وقبله.

المرأة والحجاب:

إن الغرب والمتغربين والذين معهم يطلبون وينتقدون النساء المحجبات، يقولون إن النساء يشكلون نصف المجتمع والحجاب يجعلهن في معزل عن المجتمع ويكون ذلك سبباً في تأخرهن في الأمور الثقافية والاجتماعية.

أولاً: من الذي قال أن الحجاب الإسلامي يعزل المرأة عن المجتمع؟ دعوى باطلة لا دليل عليها؛ لئن صعب علينا الجواب عن هذا السؤال في السابق فما نظن أننا بعد قيام الجمهورية الإسلامية المباركة والمجتمعات الإسلامية الأخرى في العالم نحتاج إلى دليل على نهضة المرأة نهضة كريمة ومشاركتها في تشييد المجتمع الإسلامي المنشود. خذ مثلاً واضحاً أن المرأة الإيرانية تراها تعمل في المراكز الصحية والمدارس والجامعات وفي الإذاعات والتلفاز والمصانع وأيضاً في شؤون الدولة والسياسة، وتعمل في الجيش والشرطة، بحسب الإحصائيات ـ وهي قديمة ـ 30% من موظفي الدولة الإسلامية، 50% في وزارة التربية والتعليم، 45% في وزارة الصحة، 35% في الكوادر العلمية في الجامعات الطبية، مع مساواتها مع الرجل في الأجرة(9).

يقول روح الله الخميني: «لسنا ضد تطور المرأة بل نحن ضد الفحشاء».

انظر إلى الذين يدعون الحرية والديمقراطية مثل فرنسا، أليس في قانونها وفي مواد الدستور أن للمواطن الفرنسي الحرية الفكرية والحرية الدينية ولكن حتى بمبادئهم وقوانينهم لا يلتزمون ولا يعملون بها وأنتم تعرفون أنه قبل أكثر من سنتين أو أقل صدر أمر يمنع ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية والأهلية، إذا كنتم تدعون الحرية لماذا تمنعون المسلمات من مواطنيكم ارتداء الحجاب؟! أليست حرية اللباس مكفولة؟! وأنتم لديكم مواطنون يعرون ويلبسون ما يشاؤون هذا أليس ممنوعا؟! وقطعة قماش توضع على الرأس ممنوع؟! هذه حريتكم؟! وهذه عدالتكم؟!

دنماركية فلسطينية الأصل قد تصبح أول نائبة محجبة بأوروبا:

ذكرت جريدة الوفاق الصادرة يوم الثلاثاء 15-5-2007م : «تثير أسماء عبد الحميد خمسة وعشرين عاماً جدلاً على الساحة السياسية ولدى الرأي العام الدنماركي منذ إعلان نيتها في الترشيح لمقعد نيابي لكونها امرأة ترتدي الحجاب وترفض مصافحة الرجال، وفي أول رد فعل على احتمال دخول امرأة إلى البرلمان وصف المتحدث باسم حزب الشعب الدنماركي (يمين متطرف) سورين كراروب الحجاب بأنه رمز استبدادي يشبه الصليب المعقوف النازي، وكذلك قال النائب في البرلمان الأوروبي موجينس كامري أن أسماء بحاجة إلى علاج نفسي، أما زعيمة حزب الشعب الدنماركي بياكييرسفارد التي بنت نجاح حزبها على رفض المهاجرين المسلمين فاعترضت على هذا الترشيح معتبرةً أن الحجاب غالباً ما يفرض على فتيات بريئات من رجال متسلطين. وقالت إنها تشعر بنوع من الشفقة على امرأة  تحاول أن تقنعنا بأن الحجاب يحررها»(10).

انظروا إلى هذه العقول المتحجرة والمتخلفة إلى أين وصل بها الأمر، قامت الدنيا ولم تقعد على امرأة مسلمة ترتدي الحجاب، قطعة قماش على الرأس تخيفكم؟! أليس هذا حقارة واستبداد واضح وجلي؟! كبار القوم في الدنمارك لا عقل لهم ولا حرية لهم، هؤلاء جامدون وجاهلون.

هذه حرب واضحة على الإسلام:

يقول السيد قطب في كتابه (هل نحن مسلمون؟): «فإن أحد الباباوات جمع كافة القساوسة في الفاتيكان وطلب منهم تقديم ما يقترحونه من أجل القضاء على الإسلام بأسلوب لا يكلف الفاتيكان والمسيحية الكثير من التكاليف فتشكلت اللجان لهذا الغرض وبادر الكل لإبداء وجهات نظرهم ومن بين جميع الآراء والنظريات حظي رأي واحد بموافقة البابا وسائر القساوسة، ومفاد هذا الرأي أن أمضى سلاح وأزهد سبيل للقضاء على الإسلام يتمثل في إخراج النساء المسلمات من ارتداء الحجاب وتعريضهن أمام الشباب والرجال سافرات في الأسواق والأماكن العامة والمنتزهات وصالات السينما والمراكز التجارية...»(11).

نعم المرأة عندهم سلعةٌ رخيصةٌ، جعلوا المرأة بضاعةً تجاريةً، جعلوها تتعرى لأجل دعاية شامبو ووضعوا صورتها على صابونة أو على أغلفة المجلات حتى تروج وتباع بصورة سريعة، هذا هو مستوى المرأة عندكم يا أصحاب الحضارة والثقافة؟! أين أنتم من حقوق المرأة؟!

فاطمة بنت محمد (ص) هي القدوة للمرأة المثالية:

ذكرت إحدى الصحف مقالاً عن فاطمة الزهراء(ع) وصاحب المقال يدعي أن الزهراء(ع) كانت امرأةً عاديةً بسيطةً من نساء المسلمين وأنه لم يعرف لها أي نشاط سياسي أو اجتماعي، ويتعجب الكاتب من كون الشيعة يحيطونها من التبجيل والقدسية بما لا تستحقه، ولكن هذا الكاتب لا يلبث وأن يدين نفسه بنفسه حين يعترف بأن الزهراء اشتركت في فتح مكة وأنها شاركت في حجة الوداع وشاركت في تشييع أبيها ودفنه، نتساءل فهل حجة الوداع وفتح مكة من الأحداث البسيطة العادية؟! أو أن الكاتب ينسى وقوفها يوم أحد مع رسول الله(ص) وقيامها بتضميد جراح والدها وزوجها(ع)؟! وكذلك ينسى خطبتها العظيمة أمام ذلك الرجل الذي ظلمها، تلك الخطبة التي جمعت فيها كل أركان العقيدة الإسلامية، وكل أبعاد الحضارة الإسلامية، وكذلك جلوسها في مسجد الرسول(ص) بعد وفاة النبي(ص) بحيث استطاعت أن تحرك قلوب المسلمين وتفتح عيونهم على ما يجري بين ظهرانيهم، ولكي نعرف أولئك الجهلة على مصادر السنة قبل مصادر الشيعة ليعرفوا من هي الزهراء وما هو فضلها عند الله ورسوله، فليقرؤوا أحاديث النبي الواردة في صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرها: «إن الله ليرضى لرضا فاطمة ويغضب لغضبها».

 

* الهوامش:

(1) نظام حقوق المرأة في الإسلام: 187.

(2) من صفحات الإنترنت.

(3) نظام حقوق المرأة في الإسلام: 151.

(4) من صفحات الانترنيت.

(5) نظام حقوق المرأة في الإسلام: 151

(6) سورة النساء: 4.

(7) نظام حقوق المرأة في الإسلام : 375- 376.

(8) سورة النساء: 11.

(9) المرأة ودورها في النهضة الإسلامية: 25 -26.

(10) جريدة (الوفاق) الإيرانية الصادرة يوم الثلاثاء 15-5-2007م.

(11) «هل نحن مسلمون؟» للسيد قطب (نسخة من الانترنيت).


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا