بحثٌ حول القبلة

بحثٌ حول القبلة

تمهيد:

كان تحديد جهة القبلة ولا زال موضع اهتمام المسلمين بمختلف طوائفهم وفرقهم، وذلك لما تترتب عليه من أحكامٍ وآدابٍ في مختلف أبواب الفقه، ونود هنا أن نتعرض لبعض المباحث المتعلقة بالقبلة، وجملةٌ من هذه المباحث قد أُهْمِلَتْ في كتب الفقهاء، أو تعرضوا لها بشكلٍ مختصرٍ أو ذكروها متفرقةً وغير مجموعةٍ في مكانٍ ليسهل الوصول إليها، أو ذكروها بأسلوبٍ لا يسهل فهمه على القارئ العادي، وهذا ما دفعنا إلى كتابة هذا البحث كمحاولةٍ لملأ هذا الفراغ، ولم نقصد فيه إلى استعراض البحوث الفقهية الصناعية بشكلٍ أساسيٍّ فقد أشبعها الفقهاء بما لا مزيد عليه، نعم ربما نُشير إلى بعض ذلك بصورةٍ عابرةٍ، وقد سعينا جهدنا في تسهيل العبائر، كما ذكرنا في آخر البحث أسماء بعض الكتب التي كُتِبَتْ حول القبلة.

القبلة لغة واصطلاحا:

القِبلة -بكسر القاف- لغةً هي الجهة أو الوجهة(1)، ومنها أُخِذَ الاستقبال وهي عكس (الدِبرة)(2)، وقد أشار بعض اللغويين إلى المعنى الاصطلاحي في القبلة ذاكراً أنها ناحية الصلاة، أو وجهة المسجد(3)، وعرفها بعض الفقهاء بأنها عبارة عما أمر الله تعالى بتولية الوجه إليها في الصلاة(4)، ومصطلح أهل القبلة يُرَادُ به من يصلي الصلوات الخمس أي عموم المسلمين لأنهم يتجهون إلى القبلة في صلاتهم.

ويعلق السيد الشهيد الصدر(ره) على ذلك بقوله:(وقد أصبحت الكعبة الشريفة - بفضل جعلها قبلةً للمسلمين- رمزاً لوحدة المسلمين، وأحد معالم شخصية الأمة الإسلامية، حيث تتجه كلّها وبمختلف مذاهبها واتجاهاتها إلى نقطةٍ واحدةٍ؛ تعبيراً عن وحدتها في الأساس والهدف)(5).

حادثة تحويل القبلة:

اختلف المفسرون والمؤرخون في القبلة التي كانت في بدو الإسلام، ولعل القول الأشهر هو أن المسلمين منذ بدأ الإسلام وإلى ما بعد الهجرة كانوا يتوجهون حال الصلاة إلى جهة المسجد الأقصى في بيت المقدس، ولكن هذا الحكم نُسخ بعد ذلك بآياتٍ من القرآن الكريم فتوجهوا إلى المسجد الحرام(6).

وهناك قولٌ آخر تبناه البعض وحاصله:إن الحكم في أول الإسلام هو التخيير في التوجه إلى أي جهةٍ، وقد اختار الرسول(ص) التوجه إلى بيت المقدس مع أنه كان له التوجه إلى أي جهةٍ، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(7) وذلك قبل نزول آيات النسخ التي فرضت التوجه إلى المسجد الحرام دون غيره، فتكون الآيات الأمرة بالتوجه للمسجد الحرام ناسخةً لهذه الآية التي تبيح التوجه إلى أي جهةٍ(8)، ولكن. الروايات حملت هذا الآية على غير هذا المعنى.

وسواءً أكانت قبلة المسلمين هي بيت المقدس على نحو التعيين، أم أنهم كانوا مخيرين في ذلك وقد توجهوا إلى بيت المقدس، فإن الآيات التي نزلت ونصت على نسخ هذا الحكم ولزوم التوجه إلى المسجد الحرام قد تسببت بحدوث بعض المجادلات ما بين المسلمين واليهود، إذ يبدو أن اليهود لم يكونوا على استعدادٍ لتقبل فكرة النسخ وفهمها، أو أنهم فهموها وحاولوا استغلالها لتشكيك المسلمين في دينهم، فطرحوا بعض الإشكالات من قبيل أن القبلة الأولى -أي بيت المقدس- إما أن تكون حقاً أو باطلاً، فإن كانت حقاً فلماذا غُيِّرَتْ؟ وإن كانت باطلاً فكيف أمر بها الرسول(ص) سابقاً واتبعها المسلمون؟ فهذا يعني أن صلاتهم وعباداتهم كانت كلها باطلةً، وفرّعوا على إمكانية النسخ بإشكالٍ آخر حيث قالوا:إذا كانت الأحكام الشرعية عرضةً للتغيّر ما الذي يضمن أن لا تتغير بعض الأحكام الحالية في المستقبل فيتضح لنا حينها بأنها باطلةٌ؟

وقد أجابهم الرسول(ص) ودحض إشكالاتهم بإجاباتٍ مفصلةٍ ترتكز على بيان حقيقة النسخ، وقد ذكرها المفسرون في تفاسيرهم(9) وأشار القرآن الكريم إلى هذا الموضوع في عدة آياتٍ من سورة البقرة منها قوله تعالى:{سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَّشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ*وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَّمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَّتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَّنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ*قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِيْ السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوْهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أوتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ*وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ}(10). ومنها قوله:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ*وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(11)، ويظهر من هذه الآيات ومما ذكره المفسرون أن اليهود رأوا هذا الموضوع بمثابة الفرصة الذهبية التي لا ينبغي تفويتها، ولهذا بذلوا قصارى جهدهم للاستفادة منها في تشكيك المسلمين وردهم عن دينهم، ولكن جميع محاولاتهم تلك باءت بالفشل حيث اتضح للمسلمين أن نسخ الأحكام لا يعني تغيّراً في علم الله، كما لا يعني أن الحكم الأول كان باطلاً، وإنما يعني ذلك أن المصلحة المؤقتة التي اقتضت صدور الحكم الأول قد ارتفعت، وحلت محلها مصلحةٌ أخرى تقتضي حكماً آخر، وأن الله عز وجل الذي شرع الحكم الأول كان عالماً منذ البداية أنه حكمٌ مؤقتٌ، إلا أنه صاغه بصيغة الحكم الدائم ليعطيه مزيداً من الهيبة في نفوس الناس، وإلا لكانوا يستهينون به.

القبلة وموضعها:

المعروف بين المسلمين أن القبلة هي الكعبة المشرفة، وهو ما نص عليه أكثر الفقهاء استناداً إلى مفاد الآية الكريمة {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوْهَكُمْ شَطْرَهُ}(12) ومفاد الكثير من الروايات، إلا أن هناك من الفقهاء من ذهب إلى أن القبلة تختلف بحسب مكان المصلي، فالكعبة قبلةٌ لمن كان في المسجد، والمسجد قبلةٌ لمن كان في الحرم، والحرم قبلةٌ لمن نأى عن الحرم، وقد صرح به المفيد(13) وسلار(14) والشيخ(15) وغيرهما، ولعلهم استندوا إلى ظاهر بعض النصوص(16)، إلا أن الظاهر ضعف هذه الروايات سنداً، مضافاً إلى أنها يلزم منها لوازم لا يمكن الالتزام بها، ولهذا فقد ناقشها الفقهاء وحملوها على معانٍ أخرى(17)، ونشأ خلافٌ أيضاً في أن الواجب بالنسبة للبعيد عن مكة هل هو التوجه إلى عين الكعبة أو يكفي التوجه إلى جهتها العرفية؟ ذهب بعضهم إلى كفاية التوجه إلى جهة الكعبة بالنسبة للبعيد مستدلاً على ذلك بأنه لو قيل بلزوم التوجه إلى عين الكعبة فذلك يقتضي الحكم بلزوم انحناء الصفوف الطويلة في صلاة الجماعة إذا زاد طولها عن طول الكعبة المشرفة، فإذا لم ينحنِ الصف حينئذٍ فلا محالة يخرج بعض المأمومين عن جهة القبلة فتبطل صلاتهم، وحيث أنه لا يمكن الالتزام بهذا اللازم فلا محيص عن القول بأن القبلة للبعيد هي جهة الكعبة دون عينها.

إلا أن الصحيح هو عدم تماميّة هذا الإشكال، وذلك لأننا نلتزم بلزوم انحناء الصفوف الطويلة إلا أن هذا الانحناء لابد وأن يتناسب مع بعدها عن الكعبة فكلما كانت الصفوف أبعد عن الكعبة كلما كان هذا الانحناء غير محسوسٍ للعين.

ولتوضيح ذلك يمكن أن نذهب إلى الكعبة المشرفة وننظر إلى الصفوف المستديرة حول الكعبة حال إقامة الصلاة، وسنجد أن الصفوف كلما اقتربت من الكعبة كلما زاد تقوسها، وكلما ابتعدت عن الكعبة كلما قَلَّ هذا التقوس بالنسبة للعين، فإذا ما ازداد هذا البعد ووصل إلى عدة أميالٍ مثلاً فإن هذا الانحناء والتقوس يكاد يتلاشى ويصبح غير محسوسٍ بالنسبة للعين نظراً لكبر الدائرة وتوسع حجمها، وهكذا كلما ابتعدنا عن الكعبة كلما انعدم الإحساس بالتقوس، نعم لو فرضنا مثلاً أن صفّاً للصلاة في العراق بلغ طوله 100 كيلومتر فهنا قد يكون هناك مجالٌ لانحناء الصف بدرجةٍ يسيرةٍ.

هذا والمعروف بين الفقهاء المعاصرين أن القبلة هي الكعبة المشرفة من غير فرقٍ بين القريب والبعيد في ذلك، نعم مع عدم التمكن من تمييزها تكفي الجهة العرفية، قال السيد الإمام الخميني(ره) في تعليقته على العروة:(وإن كان الواجب استقبال عين الكعبة مطلقاً، لكن إذا بعد المصلي عن مكة المعظمة مقداراً معتدّاً به لا ينفك استقبال العين عن استقبال المسجد عرفاً وحساً، وإذا بعد عنها جدّاً لا ينفك استقبالهما عن استقبال الحرم كذلك، ولعل أهل العراق وإيران يكونون في استقبالهم لمكة المعظمة مستقبلين لجميع الحجاز عرفاً، ألا ترى أن استقبالنا للشمس استقبالٌ لجميعها مع أن جميع الأرض ليس له قدرٌ محسوسٌ في مقابلها وذلك لبعدها...)(18).

الانحراف اليسير عن جهة القبلة:

هل أن تعمد الانحراف اليسير في التوجه للقبلة يضر أم لا؟

ذهب جملةٌ من الفقهاء المعاصرين إلى أن المكلف متى ما أحرز جهة القبلة فلا يجوز له الانحراف عنها حتى بالمقدار اليسير كبضع درجاتٍ، وخالف في ذلك البعض الآخر ببعض التفاصيل، حيث ذهب السيد الخوئي(ره) إلى أن الاستقبال الحقيقي له اتساعٌ بحيث يشمل مقدار سبع الدائرة(19)، وبما أن مجموع درجات الدائرة 360 درجة، فسبع الدائرة يعادل:51 درجة تقريباً مقسومةً على يمين المصلي ويساره، فيجوز الانحراف  -اختياراً- بمقدار 25 درجة لليمين أو 25 درجة لليسار، وهو لا يرى أن هذا يعد انحرافاً عن القبلة، وذلك لأن مناط الاستقبال عنده على قوس الجبهة التي هي مناط تحقق الاستقبال كما يقول، وحيث إن عرض الجبهة المتعارفة أربع أصابع ومجموع دائرة الرأس المتعارف ثمانٌ وعشرون إصبعاً تقريباً، فتكون النسبة هي السبع، ولهذا تجده يصرح قائلاً:(ومن هنا لو اتجه المصلي نحو هذا السبع من الدائرة المتضمن للكعبة ففي أي جزءٍ من أجزائه وقعت الكعبة كان متوجهاً إليها حقيقةً ومستقبلاً لعينها تحقيقاً)(20)، لاحظ الشكل رقم(1).

وذهب السيد الشهيد الصدر إلى جواز الانحراف عن عين الكعبة بتغيير موضع السجود إلى اليمين أو إلى اليسار بمقدار شبرٍ واحدٍ، وهو يرى أن هذا المقدار داخلٌ في الاستقبال العرفي للكعبة المشرفة، ونراه يصرح -بعد كلامٍ طويلٍ له- بالنتيجة التالية:(إن السهم المؤشر في البوصلة إلى القبلة لو وضعته على موضع سجودك لأمكنك أن تنحرف عنه يميناً أو يساراً بقدر خمس المسافة بين موضع قدميك وموضع سجودك، والمسافة هي خمسة أشبارٍ عادةً، فيمكنك إذن أن تنحرف عن السهم المؤشر شبراً إلى اليمين أو إلى اليسار)(21)، لاحظ الشكل رقم (2).

 

 

الشكل الأول

 

 

الشكل الثاني

 

أما بالنسبة لما ذكره السيد الخوئي(ره) فيمكن الإيراد عليه بأنه افترض أن المناط في تحقق الاستقبال والاتجاه نحو الشيء عرفاً على قوس الجبهة، ولا دليل على ذلك، إذ أن النصوص التي بأيدينا دلت على لزوم استقبال الكعبة المشرفة، وإذا رجعنا إلى العرف في هذه الخطابات نجده لا يتسامح بمثل الانحراف بزاويةٍ قدرها 25 درجة، فلو أُمِرَ شخصٌ باستقبال القمر، وكان القمر بارزاً ومحسوساً له، فانحرف عنه حتى بأقل من هذا المقدار فإن العرف لا يراه ممتثلاً.

فالذي ندعيه أن المدار في الاستقبال ليس على قوس الجبهة الذي قُدِّر بسبع الدائرة، بل على المسامتة العرفية، وهي أضيق من ذلك بكثيرٍ، إذ لا يتسامح العرف في الانحراف بما يزيد عن بضع درجاتٍ، ولا فرق في ذلك بين القريب والبعيد، غاية الأمر أننا كلما ابتعدنا عن الجهة المرادة كلما اتسعت نظير استقبالنا للشمس فهو استقبالٌ لجميعها مع أن الإنسان بل كوكب الأرض بأكمله لا يقاس بالنسبة إلى حجم الشمس، ونظير ما إذا استقبلتَ أحد النجوم في السماء فإنك لا محالة تكون مستقبلاً له ولعدة نجومٍ أخرى مما نراها بأعيننا وكأنها متقاربةٌ معه، والحال أن الفاصلة بينها قد تصل إلى مئات السنين الضوئية، وهذا بخلاف ما لو انحرفتَ عن هذا النجم بمقدار عشرين درجة فإن العرف لا يراك مستقبلاً له، والعرف لا يرى مدخليةً لقوس الجبهة في تحقق الاستقبال.

وأما ما ذكره السيد الشهيد الصدر(ره) فإن كان مرجعه إلى النظر العرفي -على ما قد يُفْهَمُ من بعض عبائره- فهو في محله، وحينئذٍ فيكون تحديده بمقدار خمس المسافة تشخيصاً منه، فإن وافقه العرف وإلا فالمرجع للنظر العرفي، وأما إن كان مرجعه إلى غير ذلك فلم يتبين لنا وجهه.

تحديد جهة القبلة حكمٌ أم موضوعٌ؟

مما لا شك فيه أن تحديد مفهوم الاستقبال وجهته من المسائل الاجتهادية التي يُرجع فيها إلى الفقيه، وأما تحديد جهة القبلة لكل منطقةٍ من المناطق ومقدار انحراف قبلة منطقةٍ ما عن نقطة الشمال أو الجنوب فهي من المواضيع الخارجية التي يشخصها كل مكلفٍ، وليس للفقيه -بما هو فقيهٌ- مدخليةٌ في هذا الموضوع، نظير ما لو شخص الفقيه أن هذا السائل مضافٌ وشخص المكلف أنه ماءٌ مطلقٌ، فلا يكون كلام الفقيه ملزماً للمكلف، بل الواجب على المكلف أن يعمل بتشخيصه فيصح له أن يتطهر بهذا الماء مثلاً. نعم في المقام يمكن الرجوع إلى الفقيه -لو فرض خبرويته في هذا المجال- لكن لا بما هو فقيهٌ بل بما هو خبيرٌ، وذلك فيما لو أوجب قوله العلم أو الاطمئنان بجهة القبلة، أو كان المكلف عاجزاً عن تحصيل العلم بالقبلة فيكفيه مطلق الظن.

ومن هنا فلو شخص الفقيه جهةً ما على أنها جهة القبلة، واختلف المكلف معه في هذا التشخيص، فلا يجوز للمكلف الرجوع إليه في هذا التشخيص، بل عليه أن يعمل بتشخيصه.

هل لكروية الأرض مدخلية في تحديد القبلة؟

ذكر الفقهاء أن جهة القبلة هي أقصر خطٍّ يوصلك إلى الكعبة المشرفة، ولهذا يقول الشهيد الصدر(ره):(فمن كان يبعد عن الكعبة ويقع في شمالها على نحوٍ تفصله عنها مسافةٌ بقدر ربع محيط الكرة الأرضية - مثلاً - إذا وقف إلى جهة الجنوب كان مستقبلاً، وإذا وقف إلى جهة الشمال لم يكن مستقبلاً؛ لأن الخط المنحني الذي يفصله عن الكعبة في الحالة الأولى يساوي ربع محيط الكرة، والخط المنحني الذي يفصله عن الكعبة في الحالة الثانية يساوي ثلاثة أرباع المحيط، فالخط الأول أقصر وبه يتحقق الاستقبال)(22).

كما وينبغي الالتفات إلى أن الكثير من الأخطاء التي قد تقع في تحديد جهة القبلة قد تنتج عن النظر إلى الخرائط المسطحة المرسومة والغفلة عن كون الأرض في الواقع كرويةً وليست مسطحةً، ولتوضيح ذلك نضرب مثالاً حيّاً على ذلك:

وجه البعض سؤالاً إلى أستاذ الفقهاء السيد الخوئي(ره) عن تحديد القبلة في أمريكا الشمالية، وقد أجاب بأنها تقع باتجاه الجنوب الشرقي(23).

والظاهر أن جوابه(ره) صحيحٌ لو لاحظنا مواقع البلدان من خلال الخرائط المسطحة المرسومة على الورق، ولكن إذا لاحظناها من على مجسمٍ كرويٍّ كالمجسمات المصنوعة والتي تمثل الكرة الأرضية فيختلف الأمر حينها حيث تكون القبلة إلى الشمال الشرقي في أغلب المناطق في أمريكا الشمالية، نعم في ولاية (آلاسكا) وما جاورها يختلف الحال، حيث تكون القبلة فيها على الشمال تقريباً، ولهذا نجد أن سماحة السيد الـگلبيگاني(ره) حينما وجه إليه سؤالٌ حول القبلة في أمريكا وكندا أجاب بأنها تقع إلى الشمال الشرقي(24)، كما أن السيد السيستاني(حفظه الله) حينما وجه إليه سؤالٌ حول القبلة في نيويورك أجاب بنفس الجواب أي قال بأنها تقع إلى الشمال الشرقي، واستدل على ذلك بأننا لو ربطنا بين موقف المصلي والكعبة المعظمة على الخارطة الكروية بخيطٍ مراعين استقامته وعدم انحرافه يميناً أو شمالاً لكان اتجاه الخيط هو الشمال الشرقي، ثم أردف ذلك قائلاً:(وأما ما يقال من أن مكة المكرمة تقع تحت خط عرض(22) ونيويورك تقع فوق خط العرض(40) ولازمه أن يكون الواقف في نيويورك إلى جهة الكعبة المشرفة متمايلاً إلى الجنوب دون الشمال.  فالجواب عنه إن هذا إنما يصح بالنظر إلى الخارطة المسطحة دون الكروية، بل إن تغير اتجاه الخيط المذكور في الخارطة الكروية إنما نشأ من اختلاف أجزائه الواقعة بين النقطتين إذا لوحظت بالقياس إلى قطبي الشمال والجنوب، والشاهد عليه أنا لو أغمضنا النظر إلى الجهات الأربع الثابتة للكرة ولم نأخذها بعين الاعتبار، وأدرنا الخارطة الكروية وجعلنا مكة المكرمة واقعةً في قمتها بمنزلة قطب الشمال، لاحظنا أن اتجاه الخيط المذكور هو نفس الاتجاه السابق الذكر من دون تغير، وأن الواقف في نيويورك إذا أراد التوجه نحو الكعبة المعظمة يلزمه الوقوف باتجاه هذه الخط لا منحرفاً عنه إلى جانب اليمين)(25).

الاعتماد على الآلات الحديثة:

الكثير من الناس قد يسأل:هل يمكن للمكلف أن يعتمد على الآلات الحديثة في تحديد جهة القبلة أم لا؟

والجواب الذي يذكره الفقهاء عادةً هو:إن هذه الآلات إن كانت توجب العلم أو الاطمئنان فيصح الاعتماد عليها، وأما في غير هذه الحالة فلا يصح الاعتماد عليها.

وعليه فالأمر يختلف من آلةٍ إلى أخرى، ولابد من أن يكون الشخص عارفاً بطريقة استعمال الآلة بشكلٍ جيدٍ وإلا لم يحصل الغرض المراد، ولاشك أن العلم قد قطع شوطاً كبيراً في هذا المجال، فاستحدثت الآلات الجديدة والـتي هي أكثر دقةً من سابقاتها، مما قد يساعد في تحصيل اليقين التام بالقبلة.

تنبيهٌ مهمٌّ يتعلق باستخدام البوصلة:

هناك نوعين من الشمال:

الأول- الشمال الحقيقي: ويسمى الشمال الجغرافي وهو مركز القطب الشمالي الذي هو ملتقى خطوط الطول التي ترسم على الخرائط، وهو مع القطب الجنوبي يشكلان المحور في دوران الأرض حول نفسها.

الثاني- الشمال المغناطيسي: وهو مركز القطب المغناطيسي الشمالي للأرض، وهو الذي تشير إليه الآلة المعروفة بالبوصلة، وفي مقابله في الطرف الجنوبي للأرض يقع القطب المغناطيسي الجنوبي للأرض، فالبوصلة -وعلى خلاف ما يتصور كثيرٌ من الناس- لا تشير إلى الشمال الحقيقي، بل تشير إلى شمالٍ آخر مركزه غير ثابتٍ بل يتغير ويتبدل مع مرور الزمان من مكانٍ لآخر ولكن بصورةٍ بطيئةٍ جدّاً، وفي عام 1970م كان مركز الشمال المغناطيسي بالقرب من إحدى الجزر في شمال كندا تسمى(PRINCE OF WALES)وبحسب خطوط الطول والعرض كان موقع الشمال المغناطيسي في تلك السنة على خط الطول 100 غرباً وخط العرض73 شمالاً.

هذا ويمكن معرفة الشمال المغناطيسي بالبوصلة، وأما الشمال الحقيقي فيمكن استخراجه برسم دائرةٍ ووضع عمودٍ مستقيمٍ في وسطها بحيث يكون متعامداً عليها وملاحظة ظل العمود حيث يبدأ الظل طويلاً في أول الصباح فيكون طويلاً ممتداً إلى خارج الدائرة، ثم يتناقص شيئاً فشيئاً كل ما ارتفعت الشمس، فمتى ما بدا الظل في التناقص ودخل إلى الدائرة فنضع علامة على مكان دخوله، ثم في وقت العصر يبدأ الظل في التزايد شيئاً فشيئاً إلى أن يبدأ في الخروج من الدائرة فنضع علامة على مكان خروجه، ونوصل بين العلامة الأولى والعلامة الثانية بخطٍّ، فيكون هذا الخط متجهاً من المشرق إلى المغرب حقيقةً، فإذا رسمنا خطاً آخر يكون متقاطعاً معه بحيث يشكلان أربع زوايا قائمةٍ فيكون الخط الثاني متجهاً من الشمال إلى الجنوب، وهذا الشمال هو الشمال الحقيقي الذي تكلمنا عنه.

ورغم قرب الشمال المغناطيسي من الشمال الحقيقي إلا أنهما لا يتطابقان، بل بينهما تفاوتٌ ملحوظٌ، وتختلف درجة هذا التفاوت من منطقةٍ إلى أخرى، ويرجع ذلك إلى وجود خطوطٍ أو مجالاتٍ مغناطيسيةٍ تصل بين القطبين المغناطيسيين في الجنوب والشمال، ويتأثر المجال المغناطيسي بعوامل عديدةٍ، يتغير على إثرها قيمة الجذب المغناطيسي الذي تخضع له كل منطقةٍ من المناطق، ففي بعض المناطق يكون الشمال المغناطيسي متمايلاً إلى اليمين قليلاً عن الشمال الحقيقي، وفي مناطق أخرى يتمايل إلى اليسار، وقد يتطابقان في بعض المناطق، وهناك خرائط خاصةٌ تبين زاوية انحراف الشمال المغناطيسي في كل منطقةٍ، على أن هذه الخرائط أيضاً ليست ثابتةً بل خاضعةٌ للتغير بحسب تغير المجال المغناطيسي، نعم التفاوت بين الشمالين في منطقة الخليج والعراق وإيران قليلٌ إلى حدٍّ كبيرٍ، ففي البحرين وما جاورها يتمايل الشمال المغناطيسي إلى الجهة اليسرى عن الشمال الحقيقي بمقدار درجتين تقريباً، وهو مقدارٌ غير مهمٍّ في الحساب العرفي.

إلا أن هذا التفاوت قد يكون فاحشاً في مناطق أخرى من العالم، كما أنه من المحتمل أن يزداد هذا التفاوت بمرور الوقت حتى بالنسبة إلى منطقة الخليج، ولذا ينبغي مراعاة هذه الفوارق، ومن غير المعلوم أن الحسابات والجداول المرفقة مع آلات البوصلة المخصصة لتحديد جهة القبلة والتي تباع في الأسواق قد روعي فيها هذا الأمر بشكلٍ دقيقٍ يمكن التعويل عليه.

تحديد القبلة بالشمس:

ذُكِرَتْ عدة طرقٍ لتحديد جهة القبلة عن طريق الشمس، ولكن بعض هذه الطرق تكتنفها صعوباتٌ معينةٌ، ولعل من أسهل هذه الطرق وأدقها الاعتماد على تعامد الشمس على مكة، ولتوضيح هذه الطريقة بشكلٍ علميٍّ مبسطٍ نذكرها في ضمن ثلاث نقاطٍ:

أ- إن الشمس -وبخلاف ما هو مرتكزٌ في أذهان الكثير من الناس- لا تتعامد على خط الاستواء بشكلٍ دائمٍ طوال السنة، بل تتعامد كل يومٍ على نقطةٍ معينةٍ فيما بين مدار السرطان(26) (وهو خط العرض 23. 45ْ شمالاً) ومدار الجدي(27) (وهو خط العرض23. 45ْ جنوباً) وتنتقل الشمس في كل يومٍ من أيام السنة إلى نقطةٍ أخرى فيما بين هذين الخطين، وينتج عن هذا أن الشمس تتعامد على جميع المدن والمناطق الواقعة بين مدار السرطان ومدار الجدي في أيامٍ محددةٍ في السنة، وأما المناطق التي هي شمال مدار السرطان أو جنوب مدار الجدي فلا تتعامد الشمس عليها أبداً.

ب- تقع مكة في ضمن المنطقة المشار إليها سابقاً، إذ أنها على خط العرض 21. 27ْ شمالاً، وهذا يعني أن الشمس تتعامد على مكة يومين في السنة، بحيث ينعدم الظل في مكة وقت الزوال بشكلٍ تامٍّ في ذينك اليومين، وذلك في يوم 28 أيار (مايو) وفي يوم 16 تموز (يوليو)(28) من كل عامٍ شمسيٍّ(29)، وهذا الأمر ثابتٌ لا يكاد يتغير.

ج- إذا عرفنا وقت الزوال بمكة (أي وقت صلاة الظهر في مكة) في أحد اليومين المذكورين وذلك متيسرٌ بحسب أجهزة الإعلام الحديثة المتوفرة حالياً في كل منزلٍ(30) التي تبث أذان مكة بثّاً حيّاً مباشراً، فيمكن من خلال ذلك تحديد جهة القبلة باعتبار أن الشمس في تلك اللحظة تكون متعامدةً على مكة المكرمة بشكلٍ تامٍّ، فينعدم الظل في تلك اللحظة في مكة المكرمة، فمن يستقبل الشمس حينئذٍ يكون مستقبلاً لمكة، ولذا يمكن لنا أن نلاحظ الظل الحاصل من أي عمودٍ مركوزٍ في الأرض (مثل أعمدة الكهرباء والإنارة وغيرها بشرط أن يكون موضوعاً على سطحٍ مستوٍ وبشكلٍ متعامدٍ تماماً) فتكون القبلة بعكس اتجاه ظل هذا العمود.

وهذه الطريقة رغم سهولتها ودقتها إلا أنها تعترضها بعض السلبيات، ومن أهمها:

1- إن هذه الطريقة لا يمكن تطبيقها في غير وقت الزوال وفي خصوص اليومين المحددين دون بقية أيام السنة، مما يقلل من فاعليتها بشكلٍ كبيرٍ جدّاً.

2- إن هذه الطريقة لا يمكن تطبيقها في بعض الأماكن البعيدة عن مكة والتي لا تكون الشمس مشرقةً فيها وقت الزوال بمكة مثل أمريكا وكندا وبعض المناطق في أمريكا الجنوبية، وكذا أقصى شرق آسيا وشرق أستراليا ونيوزيلندة والقطب الجنوبي(31).

علامات القبلة:

لاشك في لزوم تحصيل العلم بجهة القبلة عند إمكانه كما يذكر الفقهاء، وأما مع عدم إمكان تحصيل العلم فهناك بعض العلامات ذكرها الفقهاء لتحصيل الظن بجهة القبلة، وهذه العلامات على نحوين:

- علاماتٌ خاصةٌ ببلدانٍ معينةٍ كالرجوع إلى الشمس أو بعض النجوم لتحديد قبلة بلدانٍ معينةٍ.

- علاماتٌ عامةٌ.

ولا نريد أن نتعرض هنا للعلامات الخاصة، وذلك لأنها تختلف باختلاف البلدان، بل نريد الإشارة إلى خصوص العلامات العامة، وقد ذكر السيد اليزدي(ره) في كتابه (العروة الوثقى) بعض العلامات الخاصة ثم أشار إلى العلامات العامة بقوله:

(ومنها:محرابٌ صلى فيه معصومٌ.  فإن عُلِمَ أنه صلّى فيه من غير تيامنٍ ولا تياسرٍ كان مفيداً للعلم، وإلا فيفيد الظن.

ومنها:قبر المعصوم، فإذا عُلِمَ عدم تغيره وأن ظاهره مطابقٌ لوضع الجسد أفاد العلم وإلا فيفيد الظن.

ومنها:قبلة بلد المسلمين في صلاتهم وقبورهم ومحاريبهم إذا لم يُعْلَمْ بناؤها على الغلط)(32).

وقد أورد عليه بأنه يعتبر في المحراب الذي صلى فيه المعصوم(ع) - مضافاً لما ذكره من عدم تياسره أو تيامنه- أمران:

الأول: أن يتضح لنا أن المعصوم قد أعمل علمه الخاص في أمثال هذه الموارد، إذ من المحتمل أن يجاري بقية المكلفين في الأخذ بظواهر الشرع والعمل بالظنون والأمارات في تشخيص الموضوعات(33).

الثاني: أن نطمئن بأن هذا المحراب باقٍ على حاله منذ زمن المعصوم، ولم يطرأ عليه أي تغيير نتيجة الهدم أو التوسعة التي قد تحصل في الكثير من المساجد.

وأما بالنسبة إلى قبر المعصوم- فمضافاً إلى ما ذكره من لزوم العلم بتطابق الظاهر مع وضع الجسد- يمكن أن نضيف إليه الأمر الأول المتقدم حول جري الإمام وفق علمه أو الأمارات والظنون، كما يمكن أن نضيف إليه شرطاً آخر وهو ضرورة إثبات ما اشتهر من أن الإمام لا يلي أمره إلا إمامٌ مثله، وهو ما نصت عليه بعض الروايات الواردة عنهم(ع)(34).

الأحكام المرتبطة بالقبلة:

ذكر الفقهاء مجموعةً كبيرةً من الأحكام المرتبطة بالقبلة، بعضها أحكامٌ إلزاميةٌ، وبعضها غير إلزاميةٍ، ونحن ننقل ما ذكره السيد محمد كاظم اليزدي في كتاب (العروة الوثقى) ولكن بشيءٍ من الاختصار والتصرف، قال(ره):

(يجب الاستقبال في مواضع:

أحدها: الصلوات اليومية أداءً وقضاءً، وتوابعها من صلاة الاحتياط للشكوك، وقضاء الأجزاء المنسية، وكذا في سائر الصلوات الواجبة كالآيات، بل وكذا في صلاة الأموات، ويشترط في صلاة النافلة في حال الاستقرار لا في حال المشي أو الركوب.

الثاني: في حال الاحتضار بأن يوضع على وجهٍ لو جلس كان وجهه إلى القبلة.

الثالث: حال الصلاة على الميت يجب أن يجعل على وجهٍ يكون رأسه إلى يمين المصلي ورجلاه إلى يساره.

الرابع: وضعه حال الدفن على جنبه الأيمن بحيث يكون وجهه مستقبلاً للقبلة.

الخامس: الذبح والنحر بأن يكون المذبح والمنحر ومقاديم بدن الحيوان إلى القبلة، والأحوط كون الذابح أيضاً مستقبلاً، وإن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة2):يحرم الاستقبال حال التخلي بالبول أو الغائط، والأحوط تركه حال الاستبراء والاستنجاء.

(مسألة3):يستحب الاستقبال في مواضع:حال الدعاء، وحال قراءة القرآن، وحال الذكر، وحال التعقيب، وحال المرافعة عند الحاكم، وحال سجدة الشكر وسجدة التلاوة، بل حال الجلوس مطلقاً.

(مسألة4):يكره الاستقبال حال الجماع، وحال لبس السراويل، بل كل حالةٍ تنافي التعظيم)(35).

هذا هو ما أورده السيد اليزدي(ره) في كتاب العروة، وبعض الفروع التي ذكرها محل خلافٍ بين الفقهاء، أو أن استحبابها مبنيٌّ على قاعدة التسامح في أدلة السنن.

الانحراف في قبلة بعض المساجد:

قد نجد بعض المساجد تختلف قبلتها مع الاتجاه الصحيح للقبلة بحيث يكون محراب المسجد مائلاً إلى اليمين أو اليسار، وهذا الأمر قد يوجب شيئاً من البلبلة في وسط المصلين، فبينما نجد البعض ينحرف إلى الاتجاه الصحيح للقبلة والذي تؤكده الآلات الحديثة، نجد البعض الآخر يصر على استقبال الجهة القديمة التي بُني على أساسها المسجد، وفي وهذه الحالة تطرح عادةً عدة تساؤلاتٍ:

1- هل على المكلف الانحراف عن قبلة محراب المسجد إلى الاتجاه الصحيح للقبلة الذي تؤكده الآلات الحديثة؟ وهل هذه الآلات مما يمكن الاعتماد عليه شرعاً؟

2- ألم يُفْتِ الفقهاء بأن محراب المسجد علامة على القبلة؟

3- وما هو حكم الصلوات السابقة التي صلاها الناس منذ القدم في هذا المسجد؟

4- وفي بعض الحالات نعلم بأن بعض العلماء ممن لهم منزلةٌ وقدسيةٌ قد صلوا في هذا المسجد، وحيث نستبعد أن لا يلتفت هذا العالم الجليل لخطأ القبلة، فهنا نسأل:ألا تعتبر صلاته دليلاً على صحة قبلة المسجد وخطأ الآلات الحديثة؟

وفي مقام الجواب عن هذه التساؤلات نقول:

أما السؤال الأول والثاني: فيقول الفقهاء بلزوم الاتجاه إلى القبلة الصحيحة، ولا مانع من الاعتماد على الآلات الحديثة إذا أوجبت العلم أو الاطمئنان بجهة القبلة كما هو الغالب في مثل هذه الحالات، وأما محراب المسجد فإنما يجوز التعويل عليه مع عدم العلم بخطئه، وأما في صورة العلم أو الاطمئنان بخطئه فلا يصح الاعتماد عليه.

وأما السؤال الثالث: ففي المسألة خلافٌ بين الفقهاء في جزئيات هذه المسألة، فعلى المكلف أن يرجع إلى فقيهه في هذه المسألة، ولكن الرأي المعروف بين الفقهاء هو صحة تلك الصلوات بشرطين:

- أن يكون المكلف حين صلاته جاهلاً بجهة القبلة، أي غير ملتفتٍ إلى أنه غير متوجهٍ إلى القبلة.

- أن يكون مقدار الانحراف عن القبلة لا يبلغ مقدار اليمين أو اليسار، أي لا يبلغ مقداره تسعين درجة.

وأما السؤال الرابع: وأما صلاة بعض العلماء الأجلاء في مسجدٍ فلا تعتبر دليلاً على صحة قبلة هذا المسجد، وذلك لأن صلاة العالم في هذا المسجد تعود لواحدٍ من الاحتمالين التاليين:

الاحتمال الأول: أن يكون هذا العالم الجليل صلى في هذا المسجد جاهلاً بانحراف قبلته عن الوجهة الصحيحة، فصلى بناءً على أمارية المحراب، حيث ذكر الفقهاء بأن المحراب علامة على القبلة ما لم يُعلم خطؤه، فالعالم هنا عمل بتكليفه الشرعي، ولو كان يعرف بوجود هذا الانحراف لما ساغ له أن يصلي على تلك الجهة.

الاحتمال الثاني: أن يكون هذا العالم الجليل قد بذل جهده في تحصيل جهة القبلة، فاشتبه في تشخيصه واعتقد بأنها متوافقةٌ مع محراب هذا المسجد، فصلى فيه بناءً على هذا الاشتباه، فهو معذورٌ أمام الله لأنه بذل جهده في ذلك وعمل بتكليفه الشرعي.

وعلى كلا الاحتمالين لا يعتبر فعل هذا العالم دليلاً على صحة محراب هذا المسجد وخطأ الآلات الحديثة، خصوصاً المتطورة منها التي توجب الاطمئنان بل قد توجب اليقين بجهة القبلة في أغلب الحالات، وعليه فلا معنى لتركها بدعوى أن أحد العلماء الأجلاء صلى لهذه الجهة، والحال أنه برغم قدسيته إلا أنه ليس بمعصومٍ، ولذا قد يخطئ وقد يصيب.

ومن المناسب هنا أن نشير إلى ما وقع من الشيخ الجليل الشيخ زين الدين الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني(ره)(36) في مسألة قبلة مشهد أمير المؤمنين(ع) بالنجف الأشرف وذلك على ما نقله عنه تلميذه ابن العودي الجزيني، حيث قال هذا التلميذ:(قلت:مما أخبرني به من الكرامات بعد رجوعه من هذه الزيارة في صفر سنة ستٍّ وخمسين وتسعمائة أنه لما حرر الاجتهاد في قبلة العراق وحقق حالها واعتبر محراب جامع الكوفة الذي صلى فيه أمير المؤمنين(ع) ووجد محراب حضرته المقدسة مخالفاً لمحراب الجامع وأقام البرهان على ذلك وصلى فيه منحرفاً نحو المغرب لما يقتضيه الحال وقرر ما أدى إليه اجتهاده في ذلك المجال، وسلم طلبة العلم ذلك لما اتّضح الأمر لهم هنالك، وتخلّف رجلٌ عن التسليم أعجميٌّ يقال له الشيخ موسى، وانقطع عن ملاقاته لأجل ذلك ثلاثة أيامٍ، وأنكر عليه غاية الإنكار لما قد تردد إلى تلك الحضرة من الفضلاء الأعيان على تغاير الزمان خصوصاً المرحوم الشيخ علي -يقصد به المحقق الكركي- وغيره من الفضلاء الذين عاصرهم هؤلاء الجماعة، وهذا الموجب لنفورهم عما حققه الشيخ(ره).

فلما انقطع الرجل المذكور عنه هذه المدة رأى النبي(ص) في منامه وأنه دخل إلى الحضرة المشرفة وصلى بالجماعة على السمت الذي صلى عليه الشيخ منحرفاً كانحرافه، فانحرف معه أناسٌ وتخلف آخرون، فلما فرغ النبي(ص) من الصلاة التفت إلى الجماعة وقال:كل من صلى ولم ينحرف كما انحرفتُ فصلاته باطلةٌ.

فلما انتبه الشيخ موسى طفق يسعى إلى شيخنا(ره) وجعل يقبل يديه ويعتذر إليه من الجفاء والإنكار والتشكيك في أمره، فتعجب شيخنا من ذلك وسأله عن السبب فقص عليه الرؤيا كما ذكر)(37).

فنرى أن الشهيد الثاني(ره) لم يتوان في تصحيح قبلة حرم أمير المؤمنين(ع) بعدما تبين له خطؤها، ولم يتعذر بما قد يقوله عوام الناس أو ما قد يتخذونه من موقفٍ، وفي نفس الوقت نرى أن أفراد المجتمع رغم تسليم أكثرهم بصحة ما فعله الشهيد الثاني(ره) إلا أنه مع ذلك نجد البعض منهم بل ومن طلبة العلم- كالشيخ موسى- يلتبس عليه الأمر، فلا يسلم بصحة ما فعله الشهيد الثاني(ره) متعللاً بأن هذا المحراب صلى إلى جهته الكثير من الأجلاء وعلى رأسهم الفقيه المقدس الشيخ علي المعروف بالمحقق الكركي، المتوفى سنة 940هـ، صاحب المؤلفات الكثيرة والقيمة، وهو المرجع الأعلى للشيعة في زمانه، والذي لم يمضِ على وفاته آنذاك سوى ستة عشر عاماً، فكان تأثيره لا زال قوياً في النفوس، فاعتقد ذلك الشخص بأن صلاة المحقق الكركي(ره) في مشهد أمير المؤمنين(ع) دليلٌ على صحة محرابه، وغفل هذا الشخص عن أن المحقق الكركي عمل بوظيفته الشرعية حيث إن المحراب علامة شرعيةٌ على القبلة ما لم نعلم بخطأ بنائه.

الاختلاف في تحديد القبلة قديمٌ:

نظراً لكون تحديد جهة القبلة من المسائل الاجتهادية التي تختلف فيها الأنظار نتيجةً لاختلاف العلامات المعتمدة، لهذا فقد وقع الاختلاف في تحديد القبلة في الكثير من المناطق، خصوصاً قبل وجود الآلات والخرائط الحديثة التي اتسمت بكثيرٍ من الدقة قياساً بمثيلاتها من الآلات القديمة.

فمضافاً لما تقدم من قصة الشهيد الثاني(ره) والتي تشير لوجود اختلافٍ في جهة القبلة في حرم مولانا أمير المؤمنين(ع) يمكن الإشارة إلى ما حصل مع الشيخ حسين بن زعل البحراني الذي كان من علماء القرن الثاني عشر الهجري، وكان خلال فترة حياته قد تنقل بين عدة مناطق في إيران قبل أن يستقر أخيراً بالأهواز، وقد قال عنه السيد عبد الله الجزائري التستري:(وسكن أخيراً بالأهواز ببلدة رامهرمز ورأيتُه هناك، ثم انتقل إلى بهبهان والدورق وخلف آباد وغير محاريبها ومقابرها وأصرَّ على ذلك، ثم سافر إلى الحج وتوفي راجعاً في الطريق، وبلغني أنه لما نظر إلى البيت وتأمل وضعه وأركانه ومطلع الشمس ومغربها انكشف له خطأ اجتهاده وتصويب القبلة القديمة في البلاد المذكورة، واعترف بذلك وأشهد به أصحابه عند الوصية)(38)، ولعل أهم ما يُسْتَفَادُ من هذه القصة عدم التسرع في البت في أمثال هذه الأمور المهمة والحساسة، بل لابد من إعطاء النظر والتأمل حقه، وخيراً فعل هذا العلامة الجليل حيث أقرَّ بخطئه ولم يكابر بل وأوصى وأشهد على ذلك حينما حضرته الوفاة.

وعلى أي حالٍ فالاختلاف في تحديد القبلة قديمٌ، وليس جديداً كما قد يتصور البعض، وسببه في أغلب الأحيان -وكما أشرنا سابقاً- هو عدم دقة بعض الآلات القديمة أو عدم استعمالها بشكلٍ صحيحٍ، ولعل من المناسب هنا أن نذكر شيئاً مما يتعلق بقبلة البحرين، فقد أشار العلامة المحقق الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني (المتوفى سنة 1121هـ) إلى قصةٍ جرت له تكشف لنا عن وجود خلافٍ قديمٍ حول قبلة البحرين وعلاماتها، حيث قال في ضمن ترجمةٍ كتبها عن الشيخ أحمد بن عبد الله ابن المتوج البحراني(39).

(وله رسالةٌ وجيزةٌ فيما يعمّ به البلوى، ذكر فيها في بحث القبلة أنّ قبلة البحرين أن تجعل الجدي محاذياً لطرف الأذن اليمنى، وليس قبلتها كقبلة البصرة كما ظنّه بعض متفقهيّة زماننا، ومن غريب ما اتّفق في ذلك أنّه ورد في سنة 1108هـ على البحرين حاكمٌ اسمه (محمّد سلطان بن فريدون خان)، وأشكل عليه معرفة القبلة جدّاً، وادّعى أنّ أكثر محاريب المساجد منصوبةٌ على غير القبلة، وكان عنده الآلة المعروفة بـ(قبلة نما) في معرفة القبلة فسأل جماعةً من علماء البحرين المتفقّهة فذكروا له قبلتها كقبلة العراق وذكروا له علامة البصرة وما حاذاها فلم تقع في خاطره بموقعٍ وذكر أنّ (قبلة نما) لا تساعد على ذلك وكانت بيني وبينه كدورةٌ فاستمالني فلمّا زرته سألني عن قبلة البحرين فذكرت أنّها بحيث يحاذي الجدي طرف الأذن اليمنى، كما ذكر الشيخ جمال الدين في رسالته، وكان المتفقّهة المنكرون حاضرين فبيّنت لهم أنّ الشيخ جمال الدين وغيره قد بيّنوا ذلك فوقع ذلك من السلطان موقع القبول وساعدت عليه الآلة المذكورة)(40).

ولعله لأجل هذا الاختلاف نجد التفاوت الملموس في محاريب عددٍ من المساجد القديمة التي عايناها في بلادنا البحرين.

ما كتب حول القبلة:

استحوذ موضوع القبلة على اهتمامٍ واسعٍ لدى العلماء ولذا كثرت المصنفات التي كُتِبَتْ حوله، ولعل إطلالةً سريعةً على كتاب (الذريعة) للشيخ آقا بزرك الطهراني تعطي إلماحةً لمدى الاهتمام الذي أولاه العلماء في شتى العصور وفي مختلف البقاع لهذا الموضوع، وكخاتمةٍ لهذا البحث نذكر هنا نماذج من أسماء الكتب التي أوردها الشيخ في تضاعيف كتابه المذكور:

1- إزاحة العلة في معرفة القبلة من سائر الأقاليم -تأليف شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي، ألفها سنة 558هـ(41).

2- استحباب التياسر لأهل العراق تأليف -المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي(42).

3- الحاتمية في بيان خط نصف النهار ومعرفة القبلة -تأليف مظفر الدين بن محمد قاسم الجنابذي(43).

4- استخراج سمت القبلة -تأليف حسام الدين علي بن فضل الله سالار(44).

5- استخراج طول البلاد وعرضها وبيان مقدار انحراف قبلة البلاد -تأليف الشيخ محمد التستري(45).

6- تحفة الأجلة في معرفة القبلة -تأليف حيدر قلي خان سردار الكابلي(46).

7- رسالةٌ في القبلة -للسيد علي بحر العلوم(47).

8- الرسالة الحسامية في القبلة الإسلامية -تأليف السيد حسن بن السيد جعفر بن محمد رضا الجزائري(48).

9- دلائل القبلة -لأبي ريحان محمد بن أحمد البيروني(49).

10- كاشفة الحال في معرفة القبلة والزوال -تأليف السيد عبد الله بن نور الدين الجزائري.

11- رسالة تام المقالة في ترصيد جهة القبلة -تأليف السيد هبة الله الشاهميري الشيرازي(50).

12- رسالةٌ في سمت القبلة ومعرفتها من الدائرة الهندية -تأليف غياث الدين جمشيد الكاشاني المتوفى سنة 832هـ(51).

13- رسالةٌ في سمت القبلة -تأليف محمد بن محمد الفارسي(52).

14- الاثني عشرية في القبلة -تأليف الشيخ محمد بن محمد زمان الكاشاني(53).

15- جهة القبلة -تأليف الشيخ بهاء الدين العاملي(54).

هذا بعض ما أورده صاحب الذريعة، وقد تركنا الكثير مما أورده خوفاً من الإطالة، وفيما ذكرناه كفايةٌ، وأما بالنسبة لعلماء البحرين فقد تعرض صاحب الحدائق لهذه المسألة في ضمن كتابه الحدائق حينما بحث حول القبلة في الصلاة، وتعرض لمقدار انحراف القبلة في البلدان، والعلامات التي تعرف بها القبلة(55).

كما كتب الشيخ سليمان بن صالح آل عصفور الدرازي البحراني شرحاً كبيراً على الرسالة المشهورة بقبة الأقانيم، وقد تعرض فيه إلى مسألة القبلة بشكلٍ مفصلٍ(56).

وكذا فعل العلامة السيد محي الدين الغريفي البحراني حيث ألف كتاباً قيّماً في هذا الموضوع سماه (الوقت والقبلة في الفقه والهيئة) وقد طُبِعَ هذا الكتاب بتحقيق نجله (السيد محمد رضا الغريفي) وذلك في سنة 1423هـ.

 

 * الهوامش:

(1) كتاب العين للخليل الفراهيدي 4: 66، انظر (الوجهة).

والفروق اللغوية لأبي هلال العسكري : 153، (الفرق بين الجانب والناحية والجهة).

(2) القاموس المحيط 2: 26، انظر: (الدبرة).

(3) لسان العرب 11: 544، انظر: (القبلة).

(4) القواعد الفقهية للبجنوردي 1: 97.

(5) الفتاوى الواضحة: 346.

(6) التبيان في تفسير القرآن 2: 5.

(7) سورة البقرة: 115.

(8) نقل هذا القول عن بعض علماء العامة، انظر : التبيان في تفسير القرآن 1: 424.

وانظر: تفسير الطبري 1: 701

(9) انظر: التفسير المنسوب للإمام العسكري: 493.

(10) سورة البقرة: 142 – 145.

(11) سورة البقرة: 148 – 149.

(12) سورة البقرة: 144.

(13) المقنعة: 95.

(14) المراسم العلوية: 60.

(15) الاقتصاد: 257.

(16) وسائل الشيعة 4: 303، الباب 3 من أبواب القبلة، الأحاديث 1 و2 و3 و4.

(17) شرح العروة الوثقى للسيد الخوئي 11: 422.

(18) العروة الوثقى 2: 293، (فصل في القبلة).

(19) انظر: حاشيته على العروة الوثقى في بحث القبلة.

وصراط النجاة 2: 72، السؤال رقم 204

(20) شرح العروة الوثقى 11: 432. (الطبعة الجديدة)، بقي أن نشير إلى أن السيد الخوئي+ بعد أن ذكر هذا الكلام استنتج بأن الانحراف إذا زاد عن 26 درجة فيخرج حينئذ عن حد السبع، وما ذكره لا يخلو من مسامحة؛ إذ أن مجموع درجات الدائرة هي 360 درجة، فإذا قسمناها على سبعة نستخرج سبع الدائرة وهو 51.4 درجة ونصف السبع هو 25.7 درجة، أي أقل من الستة والعشرين درجة بثلاثة أعشار الدرجة، ولهذا فقد ذكرنا في المتن أن الزاوية هي 25 درجة تقريباً، فأضفنا قيد (تقريباً) تلافياً لذكر الأرقام الصغيرة التي يعسر ضبطها على عامة الناس.

(21) الفتاوى الواضحة: 350.

(22) الفتاوى الواضحة: 347.

(23) صراط النجاة 3: 60.

(24) إرشاد السائل: 32.

(25) فقه الحضارة: 145.

(26) وهو خط وهمي يحيط بالكرة الأرضية من الشرق إلى الغرب يقع شمال خط الاستواء متوازياً معه على درجة 23.45ْ شمالاً، وتجده مثبتاً في أكثر الخرائط.

(27) وهو خط وهمي يحيط بالكرة الأرضية من الشرق إلى الغرب يقع جنوب خط الاستواء متوازياً معه على درجة 23.45ْ جنوباً، وتجده مثبتاً في أكثر الخرائط.

(28) ذكر البعض أن التعامد يحصل قبل ذلك بيومين أي في يوم 14 تموز يوليو، إلا أن الأوفق بالقواعد هو ما ذكرناه ونقلته بعض المصادر أيضاً من حصول التعامد يوم 16 تموز يوليو.

(29) وهذا التاريخ الذي ذكرناه بحسب التاريخ المتبع في الكثير من البلدان، وأما بحسب شهور السنة الشمسية الفارسية المتبعة في إيران فيكون ذلك في يوم 7 خرداد ويوم 25 تير من كل عام.

(30) تشير بعض التقاويم التي راجعناها إلى أن وقت الزوال في مكة في يوم 28 مايو هو الساعة 12 و 18 دقيقة، وأما في يوم 16 يوليو فالزوال يكون في الساعة 12 و27 دقيقة وذلك بحسب التوقيت المحلي في السعودية، هذا إن لم يكن ثمة اشتباه في هذه التقاويم التي اعتمدنا عليها.

(31) من المعروف أن منطقة القطبين يستغرق الليل فيهما ستة أشهر كما يستغرق النهار فيهما ستة أشهر، وفي هذه الفترة من السنة (ما بين 21 مارس إلى 20 سبتمبر) تكون الشمس مشرقةً في القطب الشمالي، وتكون غائبةً في القطب الجنوبي، ويستمر الوضع كذلك لستة أشهر ثم ينعكس الحال في يوم 21 سبتمبر حيث تشرق الشمس على القطب الجنوبي وتغيب عن القطب الشمالي ويستمر الوضع كذلك إلى يوم 20 مارس من السنة التالية، وعليه فخلال هذين اليومين تكون الشمس غائبةً بشكل مطلق عن القطب الجنوبي.

(32) العروة الوثقى 1: 301، (المسألة:1 من فصل في القبلة).

(33) أورده الفقيه الهمداني، ونقله عنه السيد الخوئي في شرح العروة الوثقى 11: 450.

(34) رجال الكشي 2: 764، (ح883).

(35) العروة الوثقى 2: 312، (فصل فيما يستقبل به).

(36) هو الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الجباعي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني، ولد سنة 911هـ، ودرس على والده، وعلى زوج خالته العلامة الشيخ علي الميسي، وعلى العلامة السيد حسن بن السيد جعفر الحسيني العاملي، وعلى غيرهم من العلماء الأعلام، وصار مدرساً في المدرسة النورية ببعلبكَّ فكان يُدرّس الفقه على المذاهب الخمسة، وألف الكثير من الكتب القيمة منها كتاب الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية والذي لا زال مدار الدرس في مختلف الحوزات العلمية، وكتاب منية المريد، وكتاب مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام، وكتاب الدراية، وغيرها من الكتب الكثيرة، استشهد رحمة الله عليه في تركيا سنة 965هـ.

(37) روضات الجنات 3: 371.

(38) الإجازة الكبيرة للجزائري: 134.

(39) الشيخ أحمد بن عبد الله ابن المتوج البحراني، من أبرز علماء البحرين في وقته، تتلمذ على الشيخ فخر المحققين نجل العلامة الحلي، وألف العديد من الكتب منها: كتاب آيات الأحكام، وكتاب مختصر التذكرة، وكتاب مجمع الغرائب، وكتاب الآيات الناسخة والمنسوخة الذي طبع مؤخرا، وغيرها من الكتب، توفي سنة 820هـ، ودفن بالبحرين، وقبره معروف ومشهور يزوره الناس في جزيرة أكل المعروفة حالياً بجزيرة النبيه صالح (النبي صالح).

(40) نقل ذلك عنه الشيخ علي البلادي في كتابه (أنوار البدرين: 71).

(41) الذريعة 1: 527.

(42) الذريعة 2: 18.

(43) الذريعة 6: 4.

(44) الذريعة 2: 22.

(45) الذريعة 2: 22.

(46) الذريعة 3: 408.

(47) الذريعة 17: 21.

(48) الذريعة 7: 12.

(49) الذريعة 8: 252.

(50) الذريعة 11: 135.

(51) الذريعة 12: 230.

(52) الذريعة 12: 230.

(53) الذريعة 1: 118.

(54) الذريعة 5: 301.

(55) لاحظ ما أورده في الحدائق الناضرة 6: 368 وما بعدها.

(56) تاريخ البحرين للعصفوري: 124.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا