العرف ودوره في استنباط الحكم الشرعي (القسم الأول)

العرف ودوره في استنباط الحكم الشرعي (القسم الأول)

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلَّم على محمد وال محمد.

أهمية العرف

اتفقت كلمة المسلمين على شمول الشريعة لكل أفعال المكلفين، وأنه ما من واقعة إلا ولله فيها حكم، وهذا من أظهر خصائص شريعة الإسلام، ولهذا كانت هذه الشريعةَ الخاتمة، فقد وسعت العالمَ كلَّه، على امتداد أماكنه، وتنوع مشكلاته، واختلاف بيئاته وثقافاته وأعرافه. ومن أهم أسباب شمول الشريعة: جمعها بين الثبات والمرونة، ويتجلى ذلك واضحا في نصوصها التي تعتمد المبادئ الرئيسة، والأصول الكلية دون تعرض للتفاصيل والجزئيات التي تختلف من بيئة إلى أخرى، وتقتضيها المصالح العامة لكل مجتمع، ما أعطى سعة في التفريع والتفصيل والتطبيق بما يناسب كل أمة وظروفها. وللعرف في هذا الميدان صولات وجولات، فإنه لا يخفى ما له من دور في فهم الخطابات الشرعية التي على أساسها يستنبط الفقيه الأحكام الشرعية، يقول الإمام الخميني (قدّس سرّه) في معرض حديثه عن مقدمات الاجتهاد: «ومنها الأنس بالمحاورات العرفية وفهم الموضوعات العرفية مما جرت محاورة الكتاب والسنة على طبقها، والاحتراز عن الخلط بين دقائق العلوم والعقليات الرقيقة وبين المعاني العرفية العادية، فإنه كثيرا ما يقع الخطأ لأجله، كما يتفق كثيرا لبعض المشتغلين بدقائق العلوم -حتى أصول الفقه بالمعنى الرائج في أعصارنا- الخلطُ بين المعاني العرفية السوقية الرائجة بين أهل المحاورة المبني عليها الكتاب والسنة والدقائق الخارجة عن فهم العرف، بل قد يقع الخلط لبعضهم بين الاصطلاحات الرائجة في العلوم الفلسفية أو الأدق منها وبين المعاني العرفية في خلاف الواقع لأجله»(1). والعرف وإن لم يكن من مصادر التشريع ولا حجية ذاتية له عند الإمامية أعلى الله كلمتهم، إلا أنه له كثير دخالة في استنباط الأحكام، مكتسبا حجيته مما يسمى عند الأصوليين بدليل التقرير كما سيوافيك تفصيله. أما عند العامة فقد عد العرف من مصادر التشريع، يقول السرخسي في مبسوطه:«الثابت بالعرف كالثابت بالنص»(2)،وأما إمام الحرمين الجويني فيقول:«من لم يخرِّج العرف في المعاملات تفقها، لم يكن على حظ كامل فيها»(3). ومن ثم فقد ضبطوا له قواعد كثيرة، منها: العادة محكمة، استعمال الناس حجة يجب العمل بها، الممتنع عادة كالممتنع حقيقة، العبرة بالشائع الغالب لا النادر، المعروف عرفا كالمشروط شرطا...الخ.

هذا ولكننا لا نجد -خصوصا عندنا نحن الإمامية- أن مسألة العرف قد أشبعت بحثا من قبل الأعلام، ونلاحظ ذلك من خلال قلة ما كتب كبحث مستقل في العرف، فإن الموجود من مسألة العرف مبثوث في ضمن بقية البحوث أصولية أو فقهية، وحتى في هذا المقدار لا نجد تمييزا واضحا بين مبحث العرف ومبحث السيرة العقلائية، حتى أنك لتجد من النادر التفرقة بينهما في مباحثهما الجوهرية. ومن هنا حاولت أن أقف على المباحث الأساسية في مسألة العرف مستفيدا من كلماتهم هنا وهناك، ولا أدعي أني جئت بجديد في المقام، غير أني جمعت ما تناثر من كلماتهم رضوان الله تعالى عليهم. وسيلاحظ القارئ الكريم-جليا- أني حاولت جاهداً أن ألا أقع في شرك الخلط بين أحكام العرف والسيرة العقلائية ما وجدت إلى ذلك سبيلا.

تعريف العرف

ذُكرت للعرف تعريفات متعددة لا تسلم أكثرها عن الإشكال، فمما قالوا فيه أنه:

1) ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول(4). يقول الأستاذ أبو سنّة في شرحه لهذا التعريف: «ما» عام يشمل القول والفعل، قوله:«ما استقر في النفوس» يخرج عنه ما حصل بطريق الندرة، ولم يعتده الناس، فإنه لا يعد عرفا، وقوله:«من جهة العقول» يخرج به ما استقرت في النفوس من جهة الأهواء والشبهات، وما استقر بسبب خاص كفساد الألسنة، أو بسبب أمر اتفاقي كتفاؤل قوم من بعض الأعمال، فيتعارفون فعلها أو تشاؤمهم منها فيتعارفون تركها، وقوله:«تلقته الطباع» يخرج به ما أنكرته الطباع أو بعضها، فإنه نكرٌ لا عرفٌ(5).

2) الأمر الذي يتقرر بالنفوس، ويكون مقبولا عند ذوي الطباع السليمة بتكراره المرة بعد الأخرى(6).

وأشكل بأن الأعراف تتفاوت وتختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فأخذ شهادة العقول وتلقي الطباع له بالقبول في التعريف ليس بجيد، فإن العقول السليمة والطباع المستقيمة لا تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، مضافا إلى أن من أقسام العرف-كما سيأتي- العرف الفاسد، فهل هذا مما تقبله العقول والطباع السليمة(7). فتأمل.

3) ما تعارفه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك، ثم قال: ويسمى بالعادة(8). ولا يخفى، مضافا إلى أنه مبتل بالدور، فإن هذا التعريف لا يبين حقيقة العرف. ثم إن هناك فرقا بين العادة والعرف فإن العادة لا يفرق فيها أن الإلفة تحققت من فرد أو من جماعة، بينما العرف فهو مختص بالجماعة ولا يصدق على فرد، فالعادة أعم مطلقا من العرف. وقيل بالعكس، بل وبالتساوي أيضا(9).

والأولى تعريفه بأنه: الأمر المألوف والمأنوس نتيجة تباني الناس على سلوكه.... سواء كان ناشئا- ذلك التباني- عن ظروف موضوعية أو عوامل تربوية أو بيئية أو ما إلى ذلك(10).

العرف والسيرتان(11):

ولتحرير المسألة نذكر عناوين ثلاثة: «العرف» و«سيرة العقلاء» و«سيرة المتشرِّعة»، وهذه العناوين الثلاثة تشترك في جهة واحدة وهي: أن الفعل فيها يُضاف إلى جماعةٍ وإلى أكثر من واحد، بحيث لا يكون لذلك الفعل اختصاص بفاعل معيَّن بذاته؛ فـ«الفعل» قد يكون صادراً من واحد، وقد يكون صادراً من كثيرين، وهذه العناوين-«العرف وسيرة العقلاء وسيرة المتشرِّعة»- متقوِّمة بأن يكون الفعلُ فعلَ كثيرٍ لا فعل واحد، فهي عناوين بسيطة تُنتزع من صدور الفعل من كثيرين، هذا. ولكنها تختلف فيما بينها بأمور:

1) أما العُرف: فالملحوظ فيه صدور فعلٍ واحد من فاعلين كثيرين(12) على نحو التكرار؛ فصدور القتل الواحد من جماعةٍ مرَّة واحدة لا يُعد عرفاً، وإنما الذي يعد عرفاً هو صدور فعلٍ واحد من فاعلين متعددين على نحو التكرار، من دون أن يكون للتكرار حد.

والذي يميِّز «العرف» عن غيره- كسيرة العقلاء وسيرة المتشرِّعة-: أن الفعل ليس مما يقتضيه الشرع ولا النظام، على خلاف «سيرة العقلاء»؛ فإن الفعل فيها وإن اشترك مع العرف في صدوره من فاعلين -لا من فاعلٍ واحد، على نحو التكرار لا المرة- ولكنه يمتاز عن العرف في أن الفعل الذي هو مورد السيرة مما يقتضيه النظام- كما سيأتي تفصيله عن قريب، فانتظر.

ومثال العرف: اعتياد الناس في بلاد الجزيرة العربية في مناطق معينة منها على الاقتيات بالتمر أو الزبيب، واعتيادهم التحية بشكل معيَّن من قبيل المعانقة والمصافحة، واعتيادهم في الزواج على أشكال معيَّنة من الطقوس، فكل هذه أعراف؛ لأنها أفعال تصدر من فاعلين متعددين على نحو التكرار، وليس الفعل مما يقتضيه الشرع ولا حفظ النظام.

2) وأما سيرة العقلاء: فيُقصد بها صدور فعلٍ واحد من فاعلين كثيرين على نحو التكرار، مع كون الفعل مما يقتضيه النظام كما في البيع. أو لأن له طريقية للواقع بلحاظ غلبة مطابقته للواقع كما هو الحال في خبر الثقة.

بيان ذلك: أنه تارة يُتكلَّم عن العقل وأخرى يُتكلَّم عن العقلاء؛ أما «العقل» فقد يراد به النظري: وهي القوة الذهنية التي يُميِّز الإنسان بها بين الواقع وغير الواقع أو بين الحق والباطل، وقد يراد به العملي: وهي القوة التي يُميِّز الإنسان بها بين الصواب والخطأ والحسن والقبيح.

ومثال إدراك العقل النظري: القضايا النظرية كاليقينيات والمشهورات والقضايا المذكورة في صناعة المنطق، ومثال العقل العملي: إدراك حسن الصدق وقبح الكذب وقبح الظلم وحسن العدل.

وأما «العقلاء»: فهم الفاعلون الذين يصدرون في أفعالهم من جهةٍ خاصة في الفعل، وهي انطباق عنوان حفظ النظام عليه أو طريقيته للواقع كما أسلفنا، مثل: الحكم بصحة البيع والنكاح وسائر المعاملات العقلائية مما لا نجد للعقل النظري حكما فيه؛ فإنَّ العقل النظري لا يُدرك صحة البيع على حد إدراكه استحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما، كما أن العقل العملي لا يُدرك حسن إيجاد البيع ولا قبح تركه.

نعم، لما كانت حياة الناس موقوفة على التبادل بينهم في المنافع والأعيان اضطر العقلاء إلى تشريعٍ يُسهِّلون به تحقق هذه المصالح، ومن الواضح: أن حفظ النظام حسنٌ(13) وترك حفظ النظام قبيحٌ، وأن حفظ النظام يتوقف على تشريع البيع-مثلاً- فيكون تشريع البيع مصداقاً لهذا العنوان، وهو حفظ النظام، ويُقْدِم العقلاء عليه بما أنه حسن، لكن ليس كل فعل يكون مصداقاً لعنوانٍ حسن عند العقلاء فهو من موارد سيرة العقلاء، أي من الموارد التي يستند فيها إلى السيرة؛ فإنَّ الصدق-مثلاً- مصداق لعنوان الحسن وهو العدل والعرف يعملونه، ولكن مع ذلك لا يقال عن الصدق أنه من موارد سيرة العقلاء بالمعنى الخاص، إلا من جهة أن حفظ النظام يتوقف على تشريع حسن الصدق أو الالتزام بحسن الصدق.

وعلى كل حال، فالمقصود بسيرة العقلاء ليس كل فعلٍ يُضاف إلى أكثر من واحد من العقلاء من دون أن يقتضيه حفظ النظام، بل سيرة العقلاء مختصة بالأفعال التي يشرعها العقلاء وبغض النظر عن جهة الحسن والقبح إلا مع ملاحظة ما يقتضيه حفظ النظام.

إذن فالعرف هو اتفاق جماعةٍ من الناس، فالفعل الصادر منهم مضاف إلى جماعةٍ مخصوصة، فمن المعقول تعدد الأعراف لأن الجماعات متعددة، فيمكن أن يكون لكل جماعة فعل خاص؛ كاختلاف الأمم في كيفية التحية والاحتفال بالزواج والأزياء واختلافهم في اللغات والعادات والتقاليد، فلكل أمة وجماعة عرف خاص، ولم يؤخذ في العرف إلا أمَّة أو جماعةٍ على نحو التكرار. أما «سيرة العقلاء»: فيتقوَّم عنوانها بأن يكون الفعل صادراً منهم من حيث هم عقلاء، بأن لا يوجد منشأ يبعثهم نحوه إلا توقف حفظ النظام أو حفظ النوع(14) على إيجاد ذلك الفعل، ولا يُعقل اختلاف الناس المتصفين بهذه الصفة في أفعالهم(15)، لذلك نجد أن الأمم التي تتصف بالعقلائية متفقة على حكم البيع والنكاح وخيار الغبن وأمثال ذلك.

3) وأما سيرة المتشرعة: فيُقصد بها استناد فعلٍ واحد إلى كثيرين من الناس، مع عدم وجود ما يصلح أن يكون منشأ للفعل إلا التزامهم بالشرع، من قبيل ما ذكره الشهيد الأول (قدّس سرّه): من الفصل بين الأذان والإقامة بخطوة(16)؛ فإن هذا الفعل قد التزم به المتشرعة، ولا يوجد نص يدل عليه(17)، ولا هو من الأفعال التي تسند إلى العقلاء بما هم عقلاء، لأن إقدامهم على الفعل يكون بنية التعبد.

والحاصل: أن الفعل الذي يستند إلى جماعة من الناس، ويصدر منهم على نحو التكرار، ولا يكون له منشأ إلا التعبد بالشريعة، وهذا التعبد يستكشف من نحو فعلهم؛ فإن الأفعال التي تصدر من الناس تصدر بقصود معينة: فإذا كان المقصود بالفعل حفظ النظام أو الغرض الشخصي لم يكن هذا واقعاً على نحو التعبد، أما إذا جيء بالفعل تطبيقاً للشريعة والتزاماً بالدين فيقال لهذا الفعل أنه جيء به تعبداً.

فـ«سيرة المتشرعة»: هي عبارة عن سلوك جماعي يأتي به الناس التزاماً بالدين، وتذكر لذلك أمثلة: كالجهر في صلاة ظهر يوم الجمعة، وكالتسبيح والتعقيب بعد الصلاة، وكإقامة المآتم للإمام الحسين(عليه السلام) بكيفية معينة، فهذه سيرة متشرعية إذ لا يؤتى بالمأتم -مثلاً- حفظاً للنظام ولا إبقاءً للنوع، وإنما يؤتى به تعظيماً لشعائر الله تعالى(18).

العرف والإجماع(19):

يمكن التفريق بين العرف والإجماع من جهات عدة، فتارة يفرق بينهما بأنَّ الثاني لا يتحقق إلا باتفاق الأمة(20) أو مجتهديها أو مجتهدي مذهب معين(21) أو..... على اختلاف المباني(22)، ولو في عصر واحد على أمر من الأمور الدينية، فعنصر الاتفاق مأخوذ فيه، بحيث إن مخالفة مجتهد واحد قد تنقض الإجماع فكيف بمخالفة الأزيد(23)، في حين أن الأول يكتفى فيه بتوافق سلوك الأكثرية على قول أو فعل، فشذوذ بعض الأفراد عما عليه العرف لا ينقض العرف، ولا يحول دون اعتباره.

وأخرى بأن الإجماع لا مدخلية في تحققه لغير المجتهدين من تجار وعمال أو...، على العكس من العرف الذي يشترك في تكوينه المجتهد والعامي والقارئ والأمي.

وثالثة بأن الإجماع باعتبار الاستناد إليه في استنباط حكم شرعي(24)، فلكي يكون حجة يشترط فيه إسلام المجمعين جميعا، وأما العرف فيقوم على توافق أغلب المواطنين، مسلمين كانوا أم غير مسلمين.

أركان العرف(25):

مما تقدم يتضح أن للعرف ركنين أساسيين: مادي ومعنوي:

المادي: والعناصر التي تنظم هذا الركن هي: العمل فعلا كان أو تركا أو قولا أو تبانٍ(26)، وكونه إراديا لا غريزيا، والتكرار الكثير الذي يشمل أغلب الموارد، فإن حدوث الفعل مرة وغيابه مرات ينفي كونه عرفا، فإن المعاودة هي التي جعلت الأمر يتكرر عرفا.

المعنوي: وعناصر هذا الركن هي: قبول المجتمع، وهذه الخصوصية هي التي تحقق الإلزام بدرجة أو بأخرى، فإن الفعل يصير مألوفا ومأنوسا عند أغلب الناس، وهذه الغلبة تعبير عن الشعور بإلزاميتها(27) بحيث يسود اعتقاد بضرورة رعاية الفعل وتنظيم السلوك خارجا على أساسه بل واستنكار مخالفته.

تقسيمات العرف(28):

ذكرت للعرف تقسيمات كثيرة نقتصر على أهمها:

التقسيم الأول: وهو على أساس المظهِر له إلى:

1) العرف القولي: وهو الذي يعطي الألفاظ عندهم معاني خاصة تختلف عن مداليلها اللغوية، وعن مداليلها عند الآخرين من أهل الأعراف الأخرى، ويكون باستعمال لفظ في معنى معين لا تقول به اللغة واعتياد ذلك الاستعمال، بحيث يهجر المعنى الأول ويصبح اللفظ حقيقة في المعنى الثاني، وهذا يحدث في الأسماء المفردة وفي المركبات(29). فمن أمثلة العرف القولي في الأسماء المفردة: إطلاق لفظ الولد على خصوص الذكر بينما يطلق في اللغة على الأعم من الذكر والأنثى، وقد ورد في القرآن استعمالها في الأعم، كما في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ...}(30) وكذلك إطلاق لفظ اللحم على غير السمك مع أنه لحم لغة، وقد ورد في القرآن كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا}(31). ومن أمثلته في المركبات: قول القائل: «لا أضع قدمي في دار زيد»، فإن المعنى اللغوي لهذا التركيب عدم وضع القدم في دار زيد، لكنهم قالوا أن هذا الرجل يحنث إذا دخل دار زيد راكبا أو طائرا، لأن العرف يفهم من التركيب الأول الدخول، وليس وضع القدم فقط.

2) العرف العملي: وهو اعتياد الناس على فعل من الأفعال في أساليب معاشهم وأنماط معاملاتهم وأحوالهم، سواء كان متعلقا بالشخص كالأفعال العادية من طريقة الأكل والشرب واللبس، أو متعلقا بالجماعة كالمعاملات الحقوقية والمدنية بينهم. وأمثلة هذا القسم كثيرة كشيوع البيوع المعاطاتية، والسكوت عند طلب الإذن من الباكر في تزويجها، أو دفع جزء من المهر مقدما وتأجيل جزء...الخ.

3) العرف الارتكازي: هو الانطباع السائد بين الناس حول شيء معين تصورا وذهنا، ولا بد له من مبرز وإلا لم يحرز وجوده، كارتكازية اعتبار المالية في المبيع.

التقسيم الثاني: وهو على أساس العمومية والخصوصية وينقسم إلى:

1) العرف العام: ويراد به العرف الذي يشترك فيه غالبية الناس على اختلاف أزمانهم وبيئاتهم وثقافاتهم ومستوياتهم، فهو أقرب إلى ما أسموه ببناء العقلاء، بل قيل بعدم التقابل بينهما(32). وينتظم في هذا القسم كثير من الظواهر الاجتماعية العامة وغيرها، أمثال رجوع الجاهل إلى العالم، وعدم نقض اليقين بالشك، وعادة التدخين. ثم إن المقصود من العرف العام وإن كان هو المعنى الظاهر منه والذي قد يطلق عليه عرف الأعصار والأمصار إلا أنه قد يطبق أحيانا على عرف البلد في قبال عرف طائفة من طوائف البلد. وتجدر الإشارة إلى أن العرف العام قد يكون فعلا كالمعاطاة، وقد يكون قولا كاستخدام ألفاظ الشريعة في بعض الأفعال كالطلاق وما شابه ذلك، وقد يكون تركا.

2) العرف الخاص: وهو العرف الذي يصدر عن فئة من الناس تجمعهم وحدة معينة من زمان أو مكان أو مهنة أو فن، كالأعراف التي تسود بلدا أو قطرا خاصا، أو تسود أرباب مهنة خاصة أو علم أو فن، وقد نجده في كلمات الفقهاء بتعابير مختلفة كعُرف البلد أو العرف الشرعي، ويدخل في هذا القسم كثير من عوالم استعمال الألفاظ وإعطائها طابعا خاصا تميزه عند أهل ذلك العرف، وقسم من المعاملات التي يتميزون بها عن غيرهم من أهل الأعراف الأخر، كما ينتظم في هذا أنواع السلوك التي تتصل بآداب اللياقة وأصول المعاشرة.

التقسيم الثالث: وهو بلحاظ الصحة والفساد، فينقسم بكل أقسامه المتقدمة إلى:

1) العرف الصحيح: وهو ما تعارفه الناس وليست فيه مخالفة لنص ولا تفويت مصلحة ولا جلب مفسدة، كتعارفهم إطلاق لفظ على معنى عرفي غير معناه اللغوي، وتعارفهم وقف بعض المنقولات، وتعارفهم تقديم بعض المهر وتأجيل بعضه، وتعارفهم أن ما يقدمه الخاطب إلى خطيبته من ثياب وحلوى ونحوها يعتبر هدية وليس من المهر. والشرع المقدس راعى بعض أنواع هذا العرف كاشتراط الكفاءة في الزوج ووضع الدية على العاقلة.

2) العرف الفاسد: وهو الذي يتعارف بين قسم من الناس، وفيه مخالفة للشرع ومصادم له كتعارفهم بعض العقود الربوية، أو لعب الشطرنج، أو ارتياد الملاهي، وشرب المسكرات وغيرها مما علم من الشارع المقدس الردع عنه.

وهناك تقسيمات أخرى وأقسام كثيرة أعرضنا عنها روما للاختصار ولرجوع أكثرها- بنحو أو بآخر- إلى ما ذكرنا.

ضوابط وشروط العرف المعتبر(33):

يستفاد من كلمات الفقهاء  (أعلى الله مقامهم) أن ليس كل عرفٍ معتبراً، بل المعتبر منه ما كان واجداً لمجموعة من الشرائط منثورة في كلماتهم، ونحن ننقل بعض الشرائط مشفوعة ببعض كلماتهم فيها:

1) أن يكون العرف سابقا أو لا أقل مقارنا لإنشاء التصرف، قال صاحب الجواهر (قدّس سرّه) عند حديثه عن ماء البئر: «والحاصل أن الذي ينبغي النظر إلى حال العرف في مثل هذا الزمان، فما يعلم حدوثه لا يلتفت إليه، وما لم يعلم تعلَّق به الحكم لأنه به يستكشف العرف السابق...»(34). ونقل الشيخ الأعظم (قدّس سرّه) عن المحقق الثاني (قدّس سرّه) :«أن الحقيقة العرفية يعتبر فيها ما كان يعتبر في حمل إطلاق لفظ الشارع عليها، فلو تغيرت في عصر بعد استقرارها فيما قبله فالمعتبر هو العرف السابق، ولا أثر للعرف الطارئ»(35)(36).

2) أن يكون مطردا أو غالباً، ومن هنا قيل بأن العبرة باطراد العرف لا باضطرابه قال الشيخ الطوسي:«إذا وقف في المدة فاختار الفيئة، وقال أمهلوني، أمهل بلا خلاف، وكم يمهل؟ قال قوم يمهل ثلاثة أيام، وقال قوم آخرون يمهل على ما جرت به العادة، إن كان جائعا حتى يأكل، وإن كان شبعانا حتى يمرئه، وإن كان في الصلاة حتى يصلي وإن كان نائما حتى ينتبه، وإن كان ساهرا حتى ينام ويذهب سهره، وجملته أنه يصبر عليه بحسب ما لا يخرج عن العادة في الجماع على العرف المألوف...»(37).

3) أن يكون عاما لا خاصا، ولذا قيل بأن العبرة بالعام الشائع دون النادر يقول السيد محمد تقي الحكيم (رحمه الله): «ما يستكشف به حكم شرعي فيما لا نص فيه مثل الاستصناع وعقد الفضولي، وإنما يستكشف منه مثل هذا الحكم بعد إثبات كونه من الأعراف العامة التي تتخطى طابع الزمان...»(38).

4) ألا يكون مخالفا لنص شرعي من كتاب أو سنة. يقول الشيخ الأعظم (قدّس سرّه):«ثم إن منفعة النجس المحللة -للأصل أو للنص- قد تجعله مالاً عرفا، إلا أنه منع الشرع عن بيعه...»(39).

5) ألا يوجد تصريح بخلافه في متن العقد، وإلا لم تكن عبرة بما تعورف عليه، فإن الشرط تصريح لفظي وهو أقوى دلالة من العرف.

مناشئ العرف(40):

الإنسان كائن مفطور(41) على الاجتماع مع بني جنسه، يكمِّلهم ويتكامل بهم على مختلف الأصعدة، وهذا الاجتماع والاحتكاك بين بني البشر تمر به ظروف اجتماعية مختلفة يسلك الفرد تجاهها سلوكا يتكرر منه كلما واجهه ذلك الظرف، وقد يكون هذا السلوك منه مبتدعا، وقد يكون سلكه تقليدا لغيره بعد ملاحظة سلوك ذلك الغير عند مواجهته لنفس ظرفه، وبذلك يتحول من أسلوب فردي إلى جماعي يسلكه أفراد هذا المجتمع تجاه ذلك الظرف، ويستمر هذا السلوك منهم حتى يترسخ ليصير عرفا.

وقد ذكرت للعرف مناشئ أخرى منها:

1) العرف الناشئ من منشأ عقلائي، وهذا هو المعبر عنه بسيرة العقلاء مثل رجوع الجاهل إلى العالم والاعتماد على ظواهر الكلام والتملك عن طريق الحيازة.

2) العرف الناشئ من وجود مصلحة فيه اجتمع الناس عليها في زمن من الأزمنة كالبيع المعاطاتي وشرط كفاءة الزوج وكون الدية على العاقلة.

3) العرف الناشئ من قوة جبرية كإجبار السلطان أو الحاكم النساء على عدم لبس الحجاب، أو عدم توثيق أبناء الزوجة الثانية في الدفاتر الرسمية.

4) العرف الناشئ من مصلحة شخصية لمجموعة من الناس كالمعاملات الربوية أو التكسب بالحرام أو النجس. هذا ولا يخفى ما في بعضها من مناقشات(42).

مجالات العرف وحجيته(43):

تذكر للعرف غالبا مجالات ثلاثة:

1) صلاحيته للكشف عن الحكم الشرعي فيما لا نص فيه.

2) صلاحيته لتحديد موضوعات الحكم الشرعي.

3) صلاحيته لتحديد المراد من الخطابات الشرعية.

أما الأمر الأول: فالبحث عنه من جهتين:

الجهة الأولى: في أنَّ التعارف والتباني على شيء ولو من قبل جميع العقلاء هل يكون مناطاً لجعل الشارع حكماً مناسباً لذلك التعارف والتباني، بحيث يكون التعارف معبِّراً دائماً عن موافقة الشارع لما عليه العرف أو لا؟

المستظهر من كلمات بعض العامة أن الأمور المتعارفة تعتبر من مناطات الأحكام، بمعنى أن نفس التعارف على شيء يكون ملاكاً لجعل الشارع الحكم على طبقه، وهذا هو مبرِّر استكشاف حكم الشارع بواسطة الأمور العرفيّة وأن العرف دليل مستقل يمكن الاعتماد عليه في مجال استنباط الأحكام الشرعية، وأقاموا على دعواهم هذه مجموعة أدلة نستعرض أهمها:

1) رواية عبدالله بن مسعود الواردة في مسند أحمد بن حنبل،قال: «إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد (صلّى الله عليه وآله) خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته، ثم نظر إلى قلوب العباد بعد قلب محمد  (صلّى الله عليه وآله) فوجد أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيء»(44)، بتقريب أن استحسان المسلمين لفعل وتعارف البناء عليه بينهم يكون مناطاً لقبول الشارع لذلك الفعل وجعل الحكم على ما يتناسب مع المتعارف عندهم، فالعرف من أفراد ما رآه المسلمون حسنا، وكل ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وبهذا يثبت اعتبار العرف شرعا، وبذلك يثبت أن ما لم يثبت فيه نص شرعي فمرجعه إلى العرف الذي لا يعارض الشريعة، قال السرخسي في كتاب الوقف من مبسوطه:«والناس تعاملوا به من لدن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى يومنا هذا..... وتعاملُ الناس من غير نكير حجة»(45)، وفي موضع آخر منه: «... وهذا الأصل معروف أن ما تعارفه الناس وليس في عينه نص يبطله فهو جائز وبهذا الطريق جوزنا الاستصناع فيما فيه تعامل لقوله عليه (وآله) الصلاة والسلام:«ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن»....»(46)، وفي هبة مبسوطه قال:«ثم العادة الظاهرة بين الناس التصدق على الصبيان من غير نكير منكر وتعامل الناس من غير نكير منكر أصل من الأصول كبير...»(47). وكذا استدل بالحديث غيره من فقهاء العامة كابن نجيم(48) و السيوطي(49) وابن الهمام(50)... واستدلّوا أيضاً بمجموعة من الموارد التي تطابق فيها حكم الشارع مع ما هو متعارف عند العرب كوضع الدية على العاقلة وتحديد مقدار الدية بما هو محدّد عند العرب...الخ.

ويرد على هذا الاستدلال:

أولا: أن الرواية مقطوعة، ومن المحتمل أن تكون كلاما لابن مسعود لا رواية عن النبي (صلّى الله عليه وآله)، يقول ابن عابدين عند نقله قول العلاء إذ قال: لم أجده مرفوعا في شيء من الكتب أصلا ولو بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف والسؤال، قال:«وإنما هو من قول ابن مسعود (رضي الله عنه) موقوفا عليه أخرجه الإمام أحمد في مسنده»(51)، بل ادعى الحافظ ابن حجر عدم وجود مثل هذا النقل في المسند ووافقه عليه تلميذه السخاوي(52)، فهي لا تصلح للحجية. نعم بناء على حجية قول الصحابي يمكن الاستدلال بها، إلا أن الاستدلال بها سيكون حينئذ بقول الصحابي لا بالسنة الشريفة، وعندئذ يكون الدليل مبنائيا، فمن لا يرى حجية قول الصحابي لا يصلح هذا الدليل لإلزامه، وذلك لا يمثل طعنا في الصحابي الجليل ابن مسعود (رضي الله عنه)، إذ فرق بين عدالة الرجل وبين حجية قوله واجتهاده.

ثانيا: لا علاقة للعرف بعوالم الحسن لعدم ابتنائه عليها غالبا، وما أكثر الأعراف غير المعللة لدى الناس، والمعلل منها -أي الذي يدرك العقل وجه حسنه- نادر جدا، فالاستدلال-لو تم- فهو أضيق من المدعى.

ثالثا: حتى في هذه الحدود الضيقة، لا يجعله أصلا مستقلا وإنما يكون من صغريات حكم العقل لما مرَّ من أن هذا الحديث لا يزيد على كونه تأكيدا لحكم العقل.

 مضافا إلى أن حكم العرف لو سلم أو حكم العقل بحسن فعل كاشف عن حكم الشرع لا أنه مناط لجعل الشارع حكما على طبقه.

والتحقيق أنه يمكن أن يقال بأن الرواية أجنبية عن المدعى، بيان ذلك: إن الرواية تحتمل أكثر من معنى:

المعنى الأول: أنها تشير إلى حجيَّة المدركات العقليّة العمليّة والتي هي من قبيل ما يدركه العقل من حسن العدل وقبح الظلم، وهذا ما يمكن أن يُستظهر من قرينة التعبير بالرؤية والذي يعطي بأنَّ استحسانهم الذي يكون مقبولا عند الله تعالى إنما هو الاستحسان المدرك بواسطة العقل لا الاستحسان الذي يكون ناشئاً عن الأنس والإلفة والاسترسال كما يتّفق كثيراً.

إن قلت: إن هذا الاستظهار ممنوع بقرينة نسبة الرؤية للمسلمين والحال أنَّ المناسب لهذا الاستظهار هو نسبة الرؤية للعقلاء.

قلت:إن نسبة الرؤية للمسلمين إنَّما هو باعتبار سلامة فطرتهم، إذ غالباً ما يكون عدم التديُّن مانعاً عن اللجوء إلى ما يقتضيه المدرَك العقلي ومقتضياً لملاحظة المصالح الخاصة أو تلك التي تتّصل بالانتماءات، فيكون ذلك حائلا دون إدراك الحقائق أو موجباً للالتفاف عليها لو اتفق إدراكها، وحينئذ لا يكون من المناسب تصريح الشارع بقبول ما يدركه العقلاء، ليس لأنَّ ما يُدركونه بمحض عقولهم غير مقبول، بل إنَّ عدم التصريح ناشئ عن حيثيّة خارجيّة هي عدم توسُّل غير المتديّنين غالباً بالعقل للتعرف على الحقائق.

والمتحصّل أنَّه من الممكن أن يكون منشأ نسبة الرؤية لخصوص المسلمين هو ما عليه الواقع الخارجي لغير المسلمين، خصوصاً فيما يتّصل بالسلوك العملي والذي غالباً ما يكون الرجوع فيه لمقتضيات العقل العملي منافياً للمصالح الشخصيّة أو الفئويّة.

المعنى الثاني: أنَّها تشير إلى أنَّ الله تعالى شأنه غرس في جبلِّة الإنسان ما يتعرف به على موارد الفضيلة والرذيلة والخير والشرّ، فإذا أراد أن يتعرّف الإنسان على ما هو مرضي عند الله تعالى فليرجع إلى ضميره فإنّه دليل الخير والصلاح، وأمّا نسبة ذلك لخصوص المسلمين فلأنّ ضمائرهم على الفطرة لم تتغلَّف بحجب المعصية والضلال.

المعنى الثالث: إن لفظ المسلمين في قوله:«فما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن» ظاهر في العموم المجموعي أي ما رآه مجموع المسلمين، وحينئذ تكون الرواية أجنبية عن محل البحث، إذ أنها إنما تثبت حجية الإجماع لا حجية العرف الذي يختلف من زمان ومكان إلى آخر، على أنه لا يبعد أن يكون ذلك مختصا بالصحابة، حيث رتبت الرواية حجية ما يراه المسلمون حسنا على نظر الله  لا إلى قلوب العباد ووجدانه امتياز قلوب الصحابة على سائر قلوب العباد، إذ لا معنى لثبوت حجية العرف بين المسلمين بسبب أن قلوب الصحابة خير قلوب العباد، إذ لا ارتباط بين السبب ونتيجته مما يوجب استظهار أن الذي ثبت حجيته هو عرف الصحابة خاصة، فتكون الرواية أخص من المدعى، هذا لو بنينا على أنها بصدد إثبات حجية العرف، وإلا فهي أجنبية عن محل البحث، إذ هي بصدد إثبات حجية الإجماع.فالرواية ليست متصدّية للكشف عن أنَّ أحكام الله تابعة لرؤى المسلمين، بل من المحتمل أنَّها متصدّية للتعبير عن أنَّ ضمائر المسلمين أو الصحابة لما كانت على الفطرة لم تتغلف بحجب الضلال والكفر، أو أنها تخلصت منها بالإيمان والهداية لها أن تتعرف على موارد الفضيلة والرذيلة والخير والشر، إذ أن ضمير الإنسان إذا خلا من الكفر والعصبية فإنه يكون دليل الخير والصلاح، فضمائرهم صالحة للكشف عن مواطن رضا الله(عزّ وجلّ)، فهي إذن من الروايات الأخلاقية.

وكيف كان فالرواية لا صلة لها بالدعوى حتى لو لم يُقبل ما احتملناه، وذلك لأنَّ التعبير بالرؤية لا يساوق معنى العرف والإلفة والعادة، إذ كثيراً ما تكون الإلفة ناشئة عن مبرِّرات تتّصل بالظروف الموضوعيّة، فليست الرؤى والأفكار-كما تقدم في المناقشة الثانية- هي الخلاقة دائماً للأعراف بل كثيراً ما تنشأ الأعراف عن ظروف قاهرة تقتضيها الأجواء البيئيّة والتركيبة الاجتماعيّة والثقافات الموروثة أو التي فرضتها ظروف الحياة والمتغيّرات الناشئة عن التداخل بين الأمم مثلا، وليس شيء من ذلك يتّصل بالرؤية والفكر، وإذا كان لها دخل فليس هي العامل الأساسي أو الدائمي لانخلاق العادات والأعراف.

وعليه لو كانت رؤى المسلمين هي ملاكات الأحكام فإنَّ ذلك لا يساوق أنَّ ما عليه المسلمون من أعراف هي ملاكات الأحكام، إذ إنَّ معنى الرؤية لا يساوق معنى العادة والإلفة. ثم إن الرواية رتبت حسن ما يراه المسلمون على نظر الله لقلوب العباد ووجدانه قلوب الصحابة خير قلوب العباد، ومن الواضح أن القلب لا يكشف عن الحكم الشرعي، وإلا فما معنى اختلاف المسلمين في فتاواهم المعتمدة على العرف، إلا أن يقال إن قلب المسلم مشرع لا كاشف، وحينئذ يجب الالتزام بأن ما يوحيه قلب كل مسلم من حكم حجة عليه ولو لم يكن هذا المسلم مجتهدا، وذلك لأن الرواية لم تجعل هذه الصفة لمسلم دون آخر حتى تكون صلاحية ذلك منحصرة بالمجتهد، وهذا ما لا يلتزم به القائلون بحجية العرف.

وأما دعوى تبعيّة الأحكام الشرعيّة لرؤى المسلمين أو لاجتهاد المجتهد -كما قالوا- فهو خارج عن محل الكلام، وقد ثبت فساده لاستلزامه التصويب(53).

وأمّا ما قيل من مطابقة حكم الشارع مع ما هو متعارف عند العرب في مجموعة من الموارد(54) فيمكن النقض عليه بموارد كثيرة خالف الشارع فيها ما هو متعارف عند العرب، إما على نحو التخصيص أو على نحو التخصص، فمطابقة بعض الأحكام الشرعيّة لما هو متعارف عند العرب لا يُعبِّر عن أنَّ الأعراف هي مناط الأحكام الشرعيّة، إذ لا مانع من اتّفاق ما عليه العرف للواقع إلاّ أنَّ ذلك لا يلازم أنَّ كلَّ ما عليه العرف فهو مطابق للواقع.

ثمّ إنَّه بناءً على إناطة الحكم الشرعي بالعرف يلزم أن يكون للشارع في الواقعة الواحدة أكثر من حكم، وذلك لاختلاف الأعراف من مجتمع لآخر بل إنَّ الأعراف العربيَّة تختلف في بعض الأحيان باختلاف قبائلهم، على أنَّه ما معنى أن يناط الحكم الشرعي بالعرف، وما هو المصحّح لذلك؟!

فإن كان المصحّح هو الملازمة بين ما هو متعارف وبين المصالح والمفاسد الواقعيّة فهذا معناه عصمة الأعراف عن الخطأ، ولا أظنّ أحداً يلتزم بذلك.

وإن كان المصحّح هو أنَّ الأعراف دائماً تكون ناشئة عن المدركات العقليّة القطعيّة فهذا ما اتّضح فساده ممّا تقدم، ولو اتّفق ذلك في بعض الأحيان فهو لا يبرِّر إناطة الأحكام الشرعيّة بكلّ ما هو متعارف، على أنَّ ذلك لو كان هو المصحّح، لَما كانت الأعراف هي مناط الأحكام وإنَّما هي كاشفة عن اشتمال متعلقاتها على مناطات الأحكام وهو خروج عن الدعوى كما لا يخفى.

وأمّا لو كان المصحّح هو محض كون الشيء متعارفاً ومألوفاً فهو ما لا يقبل العقلاء الالتزام به فضلا عن الشارع المقدّس، إذ كيف يكون محض التعارف والإلفة مبرِّراً لجعل الحكم على وفقه. على أنَّ كلَّ هذه المحتملات منقوضة بموارد كثيرة حكم الشارع فيها على خلاف ما هو متعارف: فقد كان من المتعارف الزواج بأكثر من أربع، وعدم استحقاق المرأة للميراث، والزواج بزوجات الآباء وتبني غير الأولاد، وإلحاق أولاد الزنا بآبائهم العرفيّين، والتوارث بالولاية وبضمان الجريرة حتى مع وجود الطبقات.كلُّ ذلك كان مألوفاً ومتعارفاً، فلو كان محض كون الشيء متعارفاً هو مناط الحكم، فما معنى أن تكون الأحكام الشرعيّة الثابتة بالضرورة منافية لهذه الأعراف.

وأمّا احتمال أنَّ الشارع لاحظ الأعراف فوجد أنَّ غالبيتها مطابقة للشارع فهو بالإضافة إلى منافاته للدعوى، إذ إنَّ ذلك يُعبِّر عن أنَّ مناط الأحكام ليس هو العرف، وإنما هو كاشف، بالإضافة لذلك فهو منقوض بالموارد الكثيرة التي لو ادعينا أنَّ أكثر الأعراف التي كانت متداولة قد ردع عنها الشارع لما كان في هذه الدعوى مجازفة.

إلاّ أن يقال إنَّ المقصود هو الأعراف الناشئة بعد أن أصبح للمسلمين كيان، إلاّ أنَّ ذلك أيضاً لا ينفع، لأنَّ الأعراف التي نشأت بعد ذلك لو كانت متلقاة عن الشارع فهو خروج عن الفرض، ولو لم تكن كذلك فإنَّه يرد عليها ما ذكرناه آنفاً، بالإضافة إلى ما نشاهده من منافاة كثير من الأعراف الطارئة -بعد أن أصبح للمسلمين كيان- للأحكام الثابتة بالكتاب والسنة.

على أنَّ الأعراف لو كانت من مناطات الأحكام، لما كان ثمّة معنى لتصدي الشارع لبيان أحكام كثير من المعاملات التي كانت متداولة ومتعارفة، فنلاحظ أنَّ الشارع ألغى بعض الشروط المتعارفة وقال بأنَّ كلّ شرط حلّل حراماً أو حرَّم حلالا فهو باطل، وأنَّ كلّ شرط ينافي كتاب الله وسنّة نبيِّه(صلّى الله عليه وآله) فهو باطل، وأضاف شروطاً لم تكن متعارفة، وألغى بعض العقود والإيقاعات التي كانت متداولة بين الناس. كما نلاحظ أنَّ سيرة المتشرّعة والمتديّنين بل جميع المسلمين جارية على مراجعة الشارع في كلّ شيء حتى في الأمور المتّصلة بما هو متعارف ومألوف، فلو كانت الأعراف من مناطات الأحكام، لكان على الشارع أن يُحيل الناس عليها، ولَما كان من مبرِّر لتصدِّيه لبيان تفاصيلها، ولكَان ذلك من الوضوح بحيث لا يخفى على أحد لشدّة اتّصال الدعوى لو كانت ثابتة بعامة المكلّفين.

2) قولهم:«إن ما يتعارفه الناس من قول أو فعل يصير من نظام حياتهم ومن حاجاتهم، فإذا قالوا أو كتبوا فإنما يعنون المعنى المتعارف لهم، وإذا عملوا فإنما يعملون على وفق ما تعارفوه واعتادوه، وإذا سكتوا عن التصريح بشيء فهو اكتفاء بما يقضي به عرفهم، ولذا قال الفقهاء: المعروف عرفا كالمشروط شرطا. وقالوا: إن الشرط في العقد يكون صحيحا إذا اقتضاه العقد، وورد به الشرع أو جرى به العرف»(55).

وفيه: كون ما يتعارفه الناس يصبح من نظام حياتهم، لا يصلح دليلا لاستكشاف الحكم الشرعي منه، وليس عندنا من الأدلة ما يسمى بنظام الحياة، والذي نعرفه من أنظمة الحياة التي تعارف عليها الناس أن بعضها ممضى في الإسلام فهو حجة، وبعضها غير ممضى فهو ليس بحجة ولا يسوغ الركون إليه، وكم من العادات والأعراف التي كانت سائدة في الجاهلية قد استأصلت في الإسلام وبعضها مجهول الحال لعدم الدليل عليها نفيا أو إثباتا، ومثل هذا محكوم بالإباحة الظاهرية.

الجهة الثانية: هي أنَّه هل يكون التعارف والتباني على شيء كاشفاً عن الحكم الشرعي أو لا؟

نقول: إنَّ هذا التعارف إن كان بمستوى يُصحّح صدق السيرة العقلائيّة عليه فإنَّه يصلح للكشف عن الحكم الشرعي إذا أمكن إثبات معاصرة(56) هذا التعارف لزمن المعصومo وكان بمرأىً منه ومسمع ولم يكن ثمّة مانع عن الردع لو كان منافياً لأغراض الشارع، على أنَّه لا بدَّ من افتراضه سنخُ تعارف لو كان واقعاً منافياً لما عليه الشارع لكان مهدداً لإغراضه، كما لو كان التعارف جارياً على فعل شيء وافترض بناء الشارع على حرمته.

إذا تمّت هذه المقدّمات أمكن القول بأنَّ الشارع لم يردع عن هذا التعارف، وبعدم ردعه نستكشف الإمضاء.

ومن هنا يتّضح أنَّ الأعراف التي انخلقت بعد زمن المعصوم(عليه السلام) لا تصلح للكشف عن الحكم الشرعي، كما أنَّ الأعراف لو كانت من قبيل الالتزام بفعل، فإنَّ ذلك لا يُعبِّر عن بناء الشارع على وجوبه لاحتمال أنَّ الشارع يبني على راجحيّته أو إباحته، فعدم ردعه عن هذا التعارف لا يهدِّد أغراضه. نعم يمكن استكشاف عدم حرمة هذا الفعل الذي تعارف العقلاء على الالتزام به بواسطة عدم ردع الشارع عنه إذا تمّت بقيّة المقدّمات.

 

* الهوامش:

(1) الخميني، روح الله، الرسائل، مؤسسة مطبوعات اسماعيليان، قم ط3، 1410هـ.، 2 : 96.

(2) السرخسي، شمس الدين، المبسوط، دار المعرفة، بيروت، 1409هـ.، 30: 220.

(3) قوته، عادل عبدالقادر، أثر العرف وتطبيقاته المعاصرة في فقه المعاملات المالية، مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر، جدة ط1، 1428هـ.، نقلا عن نهاية المطلب 3: 110ظ.

(4) سلم الوصول ص317 نقلا عن الحكيم، محمد تقي، الأصول العامة للفقه المقارن، المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، لبنان، ط4، 2001م. ص 406.

(5) قوته، عادل عبدالقادر، العرف حجيته وأثره في فقه المعاملات المالية عند الحنابلة، المكتبة الكية، ط1، 1418هـ. ج1 ص 94، 95.

(6) م. ن.

(7) راجع الأصول العامة للفقه المقارن ص 405.

(8) خلّاف، عبدالوهاب، علم أصول الفقه وخلاصة التشريع الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996م ص 85.

(9) للمزيد راجع الحسني، نذير، نظرية العرف بين الشريعة والقانون، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، قم، ط1، 1427هـ. ص52 وما بعدها.

(10) علي، محمد صنقور، المعجم الأصولي، منشورات نقش، ط2، 1426هـ.، 2 : 315. بتصرف.

(11) للتفصيل راجع النمر، جعفر محمد تقرير بحثه في الأصول، فصل السيرة( غير مطبوع)، الأصول العامة للفقه المقارن ص 191، الساعدي، جعفر، دور العرف والسيرة في استنباط الأحكام، مجلة فقه أهل البيت، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل البيتq، قم، 1426هـ. العدد 37 ص 79.

(12) وإن ادعى بعض الأفاضل أنه يمكن لفرد واحد أن يكون هو العرف. راجع: آل عبيدان، محمد، قراءة في الرسالة العملية، طبع المؤلف، ص 37.

(13) بما أن المدرك للحسن والقبح هو العقل العملي فالسيرة العقلائية في المثال مرجعها إلى حكم العقل العملي، مضافا إلى أن مبنى المحقق الأصفهاني (قدّس سرّه) أن مرجع حكم العقل العملي إلى بناء العقلاء فلا فرق بين السيرة العقلائية وحكم العقل من هذه الجهة. والأمر سهل.

(14) والمقصود بالنظام: صلاح أمور المعيشة، والمقصود بالنوع: النوع البشري.

(15) نعم، قد يتصور الاختلاف من بين العقلاء جهة اختلاف الظروف والآليات والوسائل من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر، وإلا فإن أصل الفكرة ليست بمورد للاختلاف بينهم.

(16) العاملي، زين الدين، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، تحقيق مجمع الفكر الإسلامي، مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط3، 1427هـ.،1 : 198.

(17) م.ن.

(18) في هذه الأمثلة قد يقال بأن السيرة مما يحتمل استنادها للنصوص فلا حجية لها لاحتمال المدركية.

(19) راجع الأصول العامة للفقه المقارن ص 406، إمام، محمد كمال الدين، مقدمة لدراسة الفقه الإسلامي مدخل منهجي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 1416هـ. ص 156، السبحاني، جعفر، أصول الفقه المقارن فيما لا نص فيه، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، قم، ط1، 1425هـ. ص 302.

(20) في المسائل الولائية كالإمامة.

(21) في المسائل الفقهية.

(22) راجع للتفصيل الأصول العامة للفقه المقارن ص 241.

(23) على الخلاف بينهم في بحث الإجماع فراجع.

(24) هذا إن لم نقل برجوع الإجماع إلى السنة.

(25) المنصوري، خليل رضا، دراسة موضوعية حول نظرية العرف ودورها في عملية الاستنباط، مركز النشر -مكتب الإعلام الإسلامي، قم، ط1، 1413هـ. ص 54، وگلباني، سيد علي جبار، عرف از ديدگاه امام خميني، فارسي، مجله حضور، مؤسسة تنظيم ونشر آثار امام خميني، قم، زمستان 1383 هـ.ش. العدد 35 ص 54.

(26) فليس بالضرورة أن يكون العرف عملا، فقد يكون مجرد تبان ذهني كما في الانصراف العرفي من لسان الدليل، فإنه ليس عملا.

(27) قد يكون العرف إلزاميا وقد يكون استحسانيا كما في الآداب العرفية المعبر عنها بالمروءة.

(28) راجع الأصول العامة للفقه المقارن ص 406، ودراسة موضوعية حول نظرية العرف ودورها في عملية الاستنباط ص 55، نظرية العرف بين الشريعة والقانون ص 59، دور العرف والسيرة في استنباط الأحكام ص 81، رضواني، علي أصغر، اصول فقه مقارن، فارسي، ذوي القربى، ط1، 1387هـ.ش. ص295، أصول الفقه المقارن فيما لا نص فيه ص 302.

(29) يقصد بالعرف القولي في المركبات أن يكون للفظ عند تركيبه مع لفظ آخر معنى معين في اللغة، ولكن يستخدم في العرف في معنى آخر بحيث يهجر التركيب الأول.

(30) سورة النساء: 11.

(31) سورة النحل: 14.

(32) الخراساني، محمد على الكاظمي، فوائد الأصول، تقرير بحث الميرزا النائيني، تحقيق رحمة الله الرحمتي الأراكي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، قم، ط8، 1424هـ.، 3 : 192.

(33) نظرية العرف بين الشريعة والقانون ص 64، اصول فقه مقارن ص 298.

(34) النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، قم، ط1، 1417هـ.، 1 : 371.

(35) الأنصاري، مرتضى بن محمد أمين، كتاب المكاسب، تحقيق لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم، مجمع الفكر الإسلامي، قم، ط5، 1424هـ، 4 : 232.

(36) الظاهر أن هذا الشرط مختص بالعرف القولي.

(37) الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، تصحيح وتعليق السيد محمد تقي الكشفي، المكتبة الرضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران، 1387هـ.، 5 : 135.

(38) الأصول العامة للفقه المقارن ص 408.

(39) المكاسب 1 : 105.

(40) فوائد الأصول 3 :192، 193، دور العرف والسيرة في استنباط الأحكام ص 76، اصول فقه مقارن ص 296.

(41) وهناك نظرية أخرى تقول بأن الإنسان مجبور على الاجتماع لا مفطور عليه ولا يؤثر ذلك في مقامنا هذا.

(42) فراجع فوائد الأصول 3 :192، 193.

(43) دور العرف والسيرة في استنباط الأحكام ص 83 وما بعدها، الأصول العامة للفقه المقارن ص 408 وما بعدها، نظرية العرف ودورها في عملية الاستنباط ص 191، المعجم الأصولي 1: 114 و2 :316، اصول فقه مقارن ص 297.

(44) مسند أحمد بن حنبل، مسند المكثرين من الصحابة الحديث:3418، وقريب منه في كنز العمال 12: 138.

(45) المبسوط 12 : 28.

(46) المبسوط 12 : 45.

(47) المبسوط 12 : 63.

(48) ابن نجيم، زين العابدين بن إبراهيم، الأشباه والنظائر، تحقيق محمد مطيع الحافظ، دار الفكر، بيروت، ط1، 1403هـ.ص 93.

(49) السيوطي، جلال الدين، الأشباه والنظائر، تحقيق البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت،1 : 221.

(50) الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، عالم الكتب، بيروت،6 : 281.

(51) رسائل ابن عابدين 2 : 113، نقلا عن دراسة موضوعية حول نظرية العرف ودورها في عملة الاستنباط ص 191.

(52) العرف وحجيته وأثره في فقه المعاملات المالية 1 : 188.

(53) الصدر، محمد باقر، دروس في علم الأصول الحلقة الثالثة، إعداد و تحقيق لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر، مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، قم، ط2، 1424هـ. ص 24.

(54) استدل العامة على حجية العرف بمجوعة من الموارد التي تطابق فيها حكم الشارع مع ما هو متعارف عند العرب، كوضع الدية على العاقلة، وتحديد الدية بما هو متعارف عليه عند العرب. راجع: مقدمة لدراسة الفقه الإسلامي ص 151.

(55) ن م.

(56) وستأتي طرق إثبات معاصرة العرف للمعصوم.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا